أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أياد الزهيري - الثقافه بين الشفاهه والقراءه














المزيد.....

الثقافه بين الشفاهه والقراءه


أياد الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 5885 - 2018 / 5 / 27 - 22:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الثقافه بين الشفاهه والقراءه
مما لا ريب فيه أن شعوب الأرض يكون بينها الكثير من المشتركات لأسباب ليس هنا مقام ذكرها, وفي نفس الوقت هناك ما يميزها عن بعضها , مما يعطي لبعضها صفة التفرد عن غيرها , وهي غالبآ ما تكون سببآ لشهرتها . هذا التفرد لا شك له أسبابه , ومن هذه الأسباب هو أنه لكل شعب ومجتمع تجربته الخاصه , وثقافته المتميزه , وتاريخه المختلف, أي هناك لكل شعب تراكم تاريخي من كل هذه العناصر فخلق له خصوصيه مختلفه عن الآخر, نأخذ على سبيل المثال لا الحصر الجانب الثقافي وهو عنوان مقالنا ,فنشاهد هناك تلون , وتقاليد ثقافيه مختلفه بين الشعوب , فترى شعوبآ تتميز بالمثابره والعمل , وتعتبر العمل ذو قيمه عاليه في معيارها الاجتماعي, وكذلك الحال في المجال الثقافي فتراها شعوب شغوفه بالقراءه والتعلم ,حتى قلما تجد من يحمل حقيبه ولا يوجد فيها كتاب ,فتراهم حين تسنح لهم الفرصه لا يتوانون من القراءه, وهذا ما نشاهده في محطات القطارات , ومواقف الباصات , وفي الساحات العامه من مشاهد القراءه لأناس من مختلف الأعمار , رجالآ ونساء, كما هناك تقليد شبه عام عندهم وهو وجود المكتبات الخاصه في بيوتهم , وهذ يمكنك رؤيته من خلال نوافذ بيوتهم عند مسيرك في طرقاتهم . أنهم يمارسون الثقافه المقروءه , بعكسنا نحن سكان الشرق الأوسط فثقافتنا تتشكل بآليه أخرى , الا وهي ثقافة المشافهه. هذا النوع من التثاقف قبل أن نوصفه و نذهب قليلآ عن سبب ظهوره في مجتمعنا قديمآ وحديثآ . أن شيوع عدم القراءه والكتابه في مجتمعنا قديمآ أسهم في ظهور ظاهرة الحكواتي , وهو يتواجد في عالم الرجال والنساء على حد سواء . هذه الظاهره الحكواتيه تظهر خاصه في ليالي الشتاء البارده ,حيث يتجمع الناس وهم في غاية الشوق لمجيء الحكواتي لكي يقص عليهم قصص من أمثال عنتر وعبله , وقصص الف ليله وليله , وغيرها الكثير من القصص المجهولة المؤلف, وهذا يحدث في الريف كما يحدث في المدينه , فالمقهى مكان سرد القصه في المدينه , والديوان أو المضيف كما يسميه البعض في الريف. هذا النوع من الأدب ما يسمى بالأدب القصصي وغالبآ ما يكون أدب تسليه , يكون فيه للأسطوره سواء للحب او المعارك الحيز الكبير . كما بالأضافه الى ما ذكرنا هناك تثاقف من نوع أخر الا وهو التثقيف الديني , وهو أسلوب أتبع منذ مجئ الأسلام غايته الوعظ والأرشاد في شؤون الدين والدنيا وأستمر الى يومنا هذا, وهذا النوع ما يعرف بالخطابه ويمارسه حتى أتباع الديانات الأخرى من يهود ومسيحيين, أما المسلميين فيزيدونهم درجه من ناحية العدد , وأبناء الطائفه الشيعيه يمارسونه أكثر من أبناء الطائفه السنيه لأسباب معروفه الا وهي المناسبات الحسينيه وباقي مناسبات الأئمه الأثنا عشر. هذه الثقافه الشفاهيه فيها ما يميزها عن الثقافه المقروءه التي تتميز بالعمق والشمول , بينما الثقافه الشفاهيه فهي ثقافه غالبآ ما تكون ثقافه سطحيه ومقتضبه , وتلقينيه, هذا النوع من التثقيف تشترك فيه فقط حاسة السمع , كما أن الواعظ الذي يمارس الخطابه لا يقبل النقاش والنقد , لأن طريقة الألقاء لا تسمح بذلك , فهو يمنع الأسترسال , وقد لا يستسيغه الخطيب ذاته لأنه قد يعرضه الى موقف يهز منزلته أمام الحضور, كما يبرز عنده أحساس بالتنازع على السياده المنبريه من قبل السائل أو الناقد . كما أن الخطيب بهذا النوع من التثقيف يطرح فيه أسلوبآ يمالي فيه الجمهور ويداري فيه مشاعره أملآ في كسب وده وقبول رضاه لأنه هو مصدر رزقه وبوابة شهرته لأفاق أخرى تدر عليه رزقآ أوفر. بينما المحاضره التي يقوم بها الباحث يهمه الموضوع أن يكون عميقآ ومتماشيآ مع المعيار العلمي وما يرضي ضميره الأكاديمي سواء قنع المستمع ام لم يقتنع , وهو عادتآ ما يترك مجالآ بعد المحاضره للسؤال والأعتراض لأنه لم يمتلك ذهنيه مطلقه ونهائيه , عكس غيره الذي يعتقد بأنه يمتلك مسلمات لا تقبل النقاش . كما يمكن الأشاره الى أن الثقافه الشفاهيه يستخدم فيها أسلوب الألفاظ المزوقه والكلمات الملحونه وخاصه الأستشهاد في الشعر لأثبات الخطيب لمنطوقه وكأسلوب سهل في أقناع الجمهور لأنه كلام يتسلل عبر المشاعر عكس الباحث الذي يحاكي القوى الذهنيه للمستمع , وهي غالبآ ما تكون لغة الباحث لغه صعبه تتميز بالجفاف , بينما الخطيب تكون كلماته منغمه فتطرب مسامع المستمع , وأن ما يؤكد ذلك هو أن أول سؤال يسأله أصحاب المجلس هو نوعية صوت الخطيب , لأن صوته له درجه عاليه في سلم التقيم . الثقافه الشفاهيه غالبآ ما تكون ثقافه سطحيه لأن المستمع غير مستعد لأي نشاط عقلي والسبب هو طبعه التواكلي , وهي صفه تكاد تسود مجتمعنا اليوم والدليل عند سؤالك للكثير من المستمعين للمحاضره عما أحتوته المحاضره سيكون جوابه والله لا أذكر ماذا قال حتى أن البعض قد ينسى موضوع المحاضره خاصه عندما تكون زمنيآ طويله مما تبعث على الشعور بالملل والنعاس لدى المستمع.
هذا النمط الشفاهي من التثقيف قد وجه صفعه قويه للحياة الثقافيه لمجتمعاتنا الشرق أوسطيه , وهي السبب في عملية التسطيح الثقافي والعلمي للمجتمع , وهي ما جعلته ضحيه ولقمه سائغه لأمراء التشدد والأجرام من جهه وللتجهيل والخداع والتضليل من جهه أخرى والجمهور يتحمل القصد الأوفر من المسؤوليه في ذلك. هذا النمط من الثقافه سوف لا يساهم في بناء أي قوه دافعه الى الأمام في سلم الترقي الثقافي والأجتماعي والعلمي للمجتمع, وستبقى هذه الشعوب خامله لا تحرك ساكنآ . طبعآ لم أقصد أن أبعث اليأس في نفس القارئ , ولا هي سبه لأحد ولكن هو أشاره لواقع لا يكلفي كثيرآ أن أقيم الدليل عليه , فدوراننا الباعث على الغثيان يكفني برهانآ.
أياد الزهيري



#أياد_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرد مالهم وما عليهم
- النصر مخطوبة الجميع
- الأقتراع حق ومسؤوليه
- طائفيه سياسيه قادت الى طائفيه مذهبيه
- حروب ثقافيه بالنيابه
- عراقيوا الخارج وحس الأنتماء
- العراقي وحرب الدعايات الأنتخابيه
- الحروب والنزاعات من أختصاص دول الشرق الأوسط
- منابع الأرهاب
- طريق نحو التحديث
- الديمقراطيه والجمهور
- تماهي الأنتماء الديني والثقافي لأبناء الجاليه في الأخر البعي ...
- هل حكم الأسلام العراق
- أبعدوا الأعداء والخونه
- ديكتاتورية الأعلام
- لكي يكون لنا وطن
- ذوات فجرت واقعنا
- هل تصنع مدارسنا رجال مستقبل
- النجيفي السياسي العاق
- الدين وهم أم ىحقيقه


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أياد الزهيري - الثقافه بين الشفاهه والقراءه