|
ليبروإسلاميّات أُموميّة في رمضان
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5885 - 2018 / 5 / 27 - 21:14
المحور:
كتابات ساخرة
ليبروإسلاميّات أُموميّة في رمضان
الأحداث والشخوص السياسيّة في بلدي هي عبارة عن "أفلام" قصيرة بائسة ، سيّئة الإخراج والإنتاج والسيناريو والإعداد ، كثيرة الكومبارس ، وهابطة المحتوى. لهذا فأنا انشغلُ عنها في أوقات الفراغ الخانقة بمشاهدة أفلام أجنبيّة رصينة ، أحرِصُ على اختيارها بدقّة ، بحيث تكون ثريّة المحتوى، راقية الحوار، عذبة الوجوه ، وتكادُ روحي تلامِسُ السماء مع الموسيقى التصويريّةِ المُصاحِبةِ لكلِّ مشهدٍ فيها. و بطبيعة الحال لا تخلو هذه الأفلام من لقطات و مشاهد خادِشة للحياء العراقي العظيم ، ومنها (على سبيل المثال لا الحصر) تلكَ القُبلات السريعة الخاطفة المُدهِشة ، وتلك القبلات السحريّة الطويلة. ما يُعَكّرُ صَفْوَ مشاهدتي لهذه الأفلام .. هو أُمّي . فبعدَ ساعاتٍ من احتكارِها الراسمالي المُنفَلِت من كلِّ قيود رقابيّة على رغباتها الاحتجاجيّة ، وارادتها السياسية المُستقِلّة ، والسماح لها بحريّة الحوار مع كلّ وجهٍ وحدَثٍ تواجههُ على شاشة التلفزيون .. أطلبُ منها بخشوعٍ تامٍّ لا تشوبهُ شائبة ، أنْ تسمَحَ لي برؤيةِ فلمٍ واحدٍ من أفلامي المُفضّلة ، في اليوم الرمضانيّ الطويل . تُرَحّبُ أُمّي بمشروعِ القرارِ قائلةً : - إي يابه ، تعال اتفرَّج . إنته امبيّنْ عليك تعبان ومهموم ، وآني هَمْ ضِجِتْ ومَلّيتْ ، و هاي الخِلَفْ الزَفْرة فتّتْ كَلبي . تتمَتْرَسُ أُمّي أمام الشاشةِ معي ، فورَ أنْ يبدأ عرض الفلم . و هناك .. وإذا بلقطةٍ فيها قُبْلة .. وإذا بأمّي تصيح : - أويْ يابه شنو هذا "لِعبانْ النَفِس". ديرَه ابني ، ديرَه. أجيبها قائلاً: - وين اديره يُمّه ؟ . هذه القُبْلَة هي جزءٌ من ثيمة الفلم . وهي قُبلَة بريئة على أيّة حال ، ولا تخدِش "الحَياء" العائلي الخاص ، بدليل انّها قُبْلَة قصيرة جدّاً. تُجيبُ أُمّي: - يا بريئة هاي؟ ذولة كُفّار يابه . ما عدهُم حلال وحرام . إيْ متْكَلّي إحنه شجابنه عليهم. أقومُ بتقديم الشريط قليلاً ، فتختفي القُبلة . و ماهي إلاّ بضعة دقائق ، واذا بقُبلةٍ أخرى ، طويلةٌ جدّاً هذه المرّة. تعيطُ أُمّي: - الله يلَعِبّ نفِسْكُمْ .شنو إنتو متشبعون "بوس" . وإنته أشو ولا دايِر بال . هِسّه على الأقلّ ديره لخاطِر مَرْتَكْ وبناتك .. لو تريدهُمْ يسوّون مثلهم ؟!. هُنا ضاعًتْ عليّ ماهيّةُ المحتوى ، وانزياح الثيمة ، وسرديّة النصّ ، و تراتبيّة التَناصّ ، وطَفَحَ الكَيْلُ ، فصرختُ بدوري: - يعني يُمّة ، إنتي عِفْتي كل هذا "لِعْبانْ النَفِسْ" العايشين بي ، و مَلِعْبَتْ نَفْسِجْ غير من هاي "البوسات" ، اللي الله حارُمْنا منها دنيا وآخرة ؟!. في هذه اللحظة المفصليّة من الحوار ، أرادَتْ أُمّي أنْ تستأنفَ هجومها الوَعْظيّ عليّ (وهي لا تعرِفُ أباها عند استئناف هجومها على أيّة جبهةٍ مهما كانت منيعة ومُحَصَنّة) .. فقطعتُ عليها الطريقَ "عائِطاً" بشدّة : - وبعدين تعالي أكَلّجْ . إنتِ خَلّفْتي اثنَعَشْ واحد . سِتْ وِلِدْ ، و سِتْ بنات . يعني معقولة إحنه كُلنا جينا لهاي الدِنيا ، وماكو "بوسَة" وِحْدَة بيها "لِعْبانْ نَفِسْ" ، بينج وبين أبويه ؟؟. هنا وقفت أمّي بكاملِ جسدها المُهيب "الرُكُن" امامَ وجهي ، ورَكَلَتْ "القَنَفَةَ" التي أجلسُ عليها ركلةَ فَرَسٍ جامِحةٍ ، وصاحَتْ : - وِلَكْ إنْجَبْ أدب سِز . ولاتجيب طاري أبوك على لسانك . أبوك جان رجّال من صُدُك ، مو مثلكُم رجال قشامر "عارات" ، و يا "زعطوط" يجي يضحكْ عليكُم. سَوّد الله وجهك ، و لَعّبْ نفسَكْ مثل ما لَعّبِتْ نَفسي ، بجاه هذا رمضان . و واصلت أُمي هجومها الأموميّ – البطريركيّ - الكرِخيِّ الكثيف : - و شوف يَوّل .آني هاي الدكتوراه مالتك مال آخر وِكِتْ ، ما اشتريها بفلسين .. لأن إنته وِكَعِتْ من عيني ، وطِلَعِتْ فد واحد ما يستحي ، ويبيّن آني ما عِرَفِتْ أربّيك زين. و أردفَتْ أُمّي قائلةً (وهي لا تعرفُ أباها عندما تستردِف) : - تفو عليك يا كافر .. يا علماني .. يا مَدَني .. يا فاسِق .. يا ليبرو اسلامي .. يا زنديق .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كَيّاتْ و حِواراتْ و شُرْطَة في تقاطع الطُعْمَة الشهير
-
غسيل الأموال .. و تبييض الوجوه
-
ليسَ كما يجب
-
يا لها من سياسة .. يا لَهُ من عراق
-
رومانس الجوع والعطش
-
كثيرون .. كثيرون
-
لا بيتَ لك
-
التعليم في العراق : يا لها من مهنة .. يا لها من محنة .. يا ل
...
-
قصص انتخابيّة قصيرة جداً
-
هذا الخراب العميق
-
مولانا خام برنت
-
صندوق قلبي القديم
-
الطالب يتحرّى والأستاذ يشعر بالحَرّ !!!!!
-
لافتات انتخابيّة
-
حاضنات النكوص في المجتمعات المُهترئة
-
صيصان السياسة
-
عن السمسميّة العراقية و سمسميّة شيخ البزّوريّة السورية
-
قبلَ النومِ العظيم
-
ماذا سيحدث لو جاء السيّد كارلوس غصن ليعملَ في العراق؟
-
نماذج تعريفية بالمُرَشَّحين للدورة البرلمانية القادمة ، كما
...
المزيد.....
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|