أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - زهير الخويلدي - الاستحقاق الفلسطيني في القدس















المزيد.....

الاستحقاق الفلسطيني في القدس


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5870 - 2018 / 5 / 12 - 14:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


" هناك تساوي مطلق بين الكرامة والسيادة. إن الشعب الذي يتمتع بالكرامة هو الشعب الذي ينعم بالسيادة. وان الشعب الذي يتمتع بالكرامة هو الشعب الذي يتحمل المسؤولية"،
- فرانز فانون ، معذبو الأرض. ترجمة الدروبي والأتاسي، دار الفارابي ، طبعة 2004ص214.

تحترم الشعوب عواصم دولها احتراما كبيرا وذلك من أجل دورها المحوري في تاريخها المتجذر وموقعها المركزي على الصعيد الجغرافي والاقتصادي وتعتز كذلك بمختلف مدنها الرئيسية وتعتبرها من المناطق الحضرية والمجالات الحيوية التي تمتلك العراقة والمدنية والتطور بما يؤهلها للتمكن من التصدي للتوحش والبداوة بالتقدم العمراني والرد على التأخر بالترقي والانتصار على التشتت والتعثر بالتنظم والعقلنة.
من البديهي أن تعد القدس من المدن الفلسطينية المهمة في تاريخ الشعب الفلسطيني وتحتل مكانة أساسية في وجدان أفراده وذلك من جهة العراقة في التاريخ والموقع الاستراتيجي على الصعيد الجيو-سياسي بالنظر إلى كونها عاصمة الدولة الفلسطينية ولأنها أرض الإسراء والمعراج من منظور التجربة النبوية وثاني القبلتين وثالث الحرمين للمسلمين والموضع المقدس الذي زاره الخلفاء ومر به معظم الأنبياء. لكن كيف نجعل من القدس في الذكرى السبعين للنكبة بلد سلام بعدما تحولت إلى ساحة نزال سياسي واحتراب ديني وتصارع إرادات دولية؟ وكيف يمكن استرجاع السيادة عليها وهي بصدد التحول إلى عاصمة لكيان غاصب؟ من أين يمكن للشعوب التائقة نحو الانعتاق أن تشعر بكرامتها وأرضها محتلة؟
يوجد إجماع لدى الشعوب من مختلف الديانات والأعراق والثقافات وبالخصوص المُحبَّة لقيم الخير والحق والعدل على أن القدس هي حق فلسطيني راسخ وأنها أرض عربية وعاصمة رمزية ونبراس هادي للكيان الحضاري وكل الدعاوي المخالفة والمزاعم المعاكسة لذلك هي مجرد أكاذيب تريد التملك والاستحواذ.
لقد تضمن تاريخ المدينة المقدسة في مختلف الأوقات وبالخصوص في الملة المحمدية فترات طويلة من التعايش السلمي والتسامح المدني والسلام الأهلي بين مختلف الطوائف والمذاهب والمجاميع والعائلات ولقد انعكس ذلك ايجابيا على معالم الحياة العامة للناس وأدى إلى ازدهار الثقافة والفنون والرخاء المادي.
بيد أن الانتداب البريطاني الذي حل مكان الحماية العثمانية جلب معه الغموض والالتباس والمصير المجهول وتحول الإشراف الدولي على المدينة إلى كابوس ونفق مظلم لم يخرج منه سكان المدينة إلا بالانتقال من وضعية الاستعمار الغربي إلى مأزق الاستيطان الصهيوني وما ترتب عنه من اجتياح للأرض وتشريد للسكان ومصادرة للممتلكات وافتكاك للثروات واحتلال للمنازل وسيطرة أمنية وتقسيم للمدينة ومحاصرة للمساجد والكنائس وعزل للعائلات ومراقبة للأفراد وعسكرة لمختلف مرافق الحياة.
لقد تغير وضع القدس من زهرة مدائن الشرق وقبلة كل زائر من العالم ومدينة السلام إلى فضاء للصراع ومنطقة نابذة لسكانها الأصليين وموضع خلاف بين القوى العظمى ونقطة تجاذب بين الدول الإقليمية. والعدو الإسرائيلي وكل القوى الغربية والأنظمة المحلية الداعمة له في السر والعلن تتحمل مسؤولية هذا الانقلاب الخطير في الموازين ضد العرب بشكل عام وضد إرادة الفلسطينيين في الحياة الكريمة خاصة.
في مواجهة هذا المارد انطلقت تجارب بطولية من أبناء فلسطين بغية الدفاع عن القدس وتكونت أحزاب وجبهات ومنظمات من أجل التحرير وتطورت لكي تصير هيئات مدنية وفصائل مناضلة وجمعيات ثقافية تشترك في مهمة مقاومة الاستيطان ورد العدوان وتتمسك بالثوابت الوطنية والحقوق التاريخية للشعب.
لكن كيف يمكن إنقاذ القضية الفلسطينية من التفويت القانوني والتلاعب بالذاكرة الوطنية والتنصل العربي؟ ومن أين بدأت المسألة الفلسطينية؟ ومن كان المتسبب فيما حصل للفلسطينيين من تشريد ولجوء وانقسام؟ وهل يكفي الولاء لفلسطين ومحبة شعبها من أجل المساهمة في رد العدوان عليها وتقديم العون للتحرير؟ وأي موقع للقدس في القضية الفلسطينية؟ ولماذا تعتبر مدينة القدس أكثر الملفات الخلافية بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ وما طبيعة الصراع على القدس؟ هل هو تنافس سياسي حقوقي أم صراع ديني عقدي؟ ولماذا تعذر الحسم العسكري بالقوة المادية للخلاف؟ وكيف يساعد النضال الحقوقي والمقاومة الثقافية في توضيح الإشكال وتنوير الرأي العام الدولي والداخلي على نقاط الاتفاق والاختلاف؟ وما قيمة الانتفاضة الثالثة في تحيين المطالب الفلسطينية وتثبيت حق العودة على طاولة الاستحقاقات؟ وكيف يمكن بناء إيتيقا مدنية للتحرر؟ ومتى يتم التخلي عن النظرة الذاتية إزاء الواقع الموضوعي ويتم إقامة ثقافة وطنية تتجاوز المطمح التوفيقي ومشكلة اللحاق بحركة الأمم وتخلق ديناميكية تخرج من اللاّتميز وتجمع بين الكرامة والسيادة؟ والى أي تسمح سلطة الثقافة وقوة الإعلام والتزام الفن بما تعثرت فيه السياسة والقوة العسكرية؟
في هذا الإطار يمكن التفكير في هذه الاحراجات ضمن السجلات التالية:
- سجل يجمع بين البعد المادي التاريخي للشعب والإطار الجغرافي البشري للمدينة.
- سجل يؤلف بين العناصر القانونية والرمزية الوجودية والمادة الحقوقية والشيم الأخلاقية للقضية.
- سجل يتنزل ضمن اللاهوت السياسي والحوار بين الأديان وحسن الضيافة بين الطوائف على الأرض.
- سجل يجدد المقاومة المدنية السلمية ويسمح للثقافة والفن في الدعاية بالقضية وانتشارها في سماء العالم.
ماهو في الميزان ليس إلغاء الوعود التأسيسية للشعب الفلسطيني ضمن رؤية تطبيعية مع واقع الحصار والانقسام بل إيجاد أفضل الخيارات المتاحة في سبيل سد الفراغات التي تدفع إلى التنازل عن المقدرات والاستسلام وإعادة التفكير جذريا في بناء مشروع سيادي للذات الحضارية ضمن رؤية استئنافية شاملة.
لقد وقف العالم بأسره مبهورا أمام الملحمة الكفاحية الكبيرة التي يخطها الشعب الفلسطيني بأنامل أيادي أطفاله وبأجساد شبابه وعقول كهوله وعزيمة شيوخه وإرادات ناشطيه على تحدي الغطرسة وتصميمهم على التخلص من براثن الاستيطان والتبعية وأشادت المنظمات الدولية بالقدرة الفلسطينية في غزة والضفة على ابتكار الوسائل السلمية للمقاومة والطرق النضالية الحضارية في الدفاع عن النفس والتشهير بالظلم.
والحق أن الفلسطينيين لن يقفوا لوحدهم في الدفاع عن القدس ضد القرارات الجائرة الصادرة عن بعض الدوائر الغربية والقاضية بالإلحاق والضم والإدماج بل انضم العالم بأسره في مساندتهم والقوى العادلة والشعوب المحبة للسؤدد والحرية والهيئات المنتصرة لمبادئ الإنسان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها. في الواقع لا مغنم حقيقي للسكان العرب من نقل مقر سفارات الدول الكبرى الممثلة في الكيان المزروع من تل أبيب إلى القدس بل المصلحة الفعلية والكلية هي للاسرائليين وعلى حساب حقوق الفلسطينيين وكرامتهم وسيادتهم. فمتى يدرك وكلاء العولمة أن فلسطين ليست للتفويت وأن القدس مدينة لا يجوز التنازل عنها أو استبدالها؟ وماهي شروط الإمكان الثقافية والفكرية والفنية والإعلامية التي يجب أن تتوفر لكي يتم إعادة المشروعية للقضية الفلسطينية وتفتك حضورها في الملتقيات العلمية ودوائر النقاش العمومي في الفضاء التواصلي؟ ومتى يمسى الوطن الفلسطيني السليب حرا ويرحل محتليه دون رجعة؟
المرجع:
1- فرانز فانون ، معذبو الأرض. ترجمة الدروبي والأتاسي، دار الفارابي ، طبعة 2004ص214.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ العلوم بين التجربة العفوية والتجربة الحاسمة
- تعقل بنية العالم الراهن طرف ألان باديو
- استطالة الأزمة وضرورة استدعاء البداية
- سياسة المعرفة مابعد الحديثة بين الاشتراكية والهمجية
- النزعة الانسانوية وفنومينولوجيا الكلام بين سارتر ومرلوبونتي
- نومادولوجيا الحدث وغراماتولوجيا الفرق بين دولوز ودريدا
- ميشيل فوكو بين أركيولوجيا المعرفة وميكروفيزياء السلطة
- فنومينولوجيا الحياة الدينية عند مارتن هيدجر
- راهنية الاقتصاد التعاوني وتبعاته الاجتماعية
- إسهام العمل النقابي في المجهود التنموي
- الكون صار بلا عالم في الكونيات
- شمس الفلسفة التحليلية مرئية بالنظارات الفنومينولوجية
- أسباب ظهور السلوكيات اللاإنسانية في الإنسان
- الفلسفة تنتصر لأنوار العلم ضد ظلام الجهل
- الفلسفة السياسية على نحو مختلف
- شروط الانعطاف المعرفي من الحس المشترك إلى الفهم السليم
- بماذا تطالب الفئات الاجتماعية المنتفضة؟
- مهنة الفيلسوف بين التعالي والمحايثة
- عواصف سنة 2017 ومنعطفاتها
- أغراض سياسة السرد


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - زهير الخويلدي - الاستحقاق الفلسطيني في القدس