أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - أيام على شط السوارية... ذكريات لا تنسى














المزيد.....

أيام على شط السوارية... ذكريات لا تنسى


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5866 - 2018 / 5 / 6 - 11:27
المحور: الادب والفن
    


شط السوارية فرع كبير من شط المشخاب الأكبر والمتفرع أصلا من نهر الفرات العظيم، ويشكلان معا المشخاب والسوارية شكل حرف تي بالأنكليزية يقسم المدينة إلى ثلاثة أقسام رئيسة الولاية القديمة بحاراتها وشوارعها وسوقها سوق العرب والنزيزة والشارع العام (الجادة) المتجه منها للقضاء أبي صخير، وراك الحصوة بجانبيه ومنها إلى شلال والناظم وإلى مضيف عبد الواحد أل شكر الغافي بجلاله على ضفة النهر، والجزء الثالث سكلة السمج وأل بو منيجل والخزاعل ودرب القادسية ومنه إل الطبر والرمل وأم البط وصولا لناحية القادسية،على شط المشخاب كان هناك جسر أبو الدوب وذكريات لا تنسى عن الطراد والمراكب التي كانت تمر محملة بالتمر أو الشلب ويقطع لها الجسر ويرفع من جانبيه ليمر المركب بسلام، مركز الشرطة والمحكمة والفندق وحمام سيد جميل ومحطة الكهرباء وأخيرا نادي الموظفين كانت كلها على الضفة الغربية من شط المشخاب ترنو يوميا إلى راك الحصوة ببيوته المنفردة والمتباعدة خاصة بعد مدرسة كنده ومديرها العتيد سيد جواد.
على ضفتي السوارية وأبتدأء من الحدة وهي زاوية التقاطع مع الشط الأم حيث أتذكر تماما كم من طفل غرق فيها خاصة في أوائل أيام الصيف لتتكرر نفس الحكاية في كل عام، يبدأ الحديث والتأويلات والقصصعمن غرق وكيف غرق وهو ينتظرون جماعات وأفراد أن تطفو جثة الغريق لتنتهي فقط معاناتتهم من مراقبة النهر، أما بعد ذلك فهين، على طرف الحدة الغربي سوق العرب وعلوة حجي جاسم ومقهى أبو سامي وصولا للسوق الرئيسي وجاسم الكببجي وكامل شندل ومقهى نجاخ ومنشرة أل عبد عون ووكفة النسوان، نزولا مع مسير النهر مقهى مردان ومجلات عبد علي الحداد وسعيد أل عمران المنافس ثم مقهى عبد الرضا وصولا ألى ركبة الجسر ومقهة عويز ومحل أرحيم الدنكجي لبيع النفط ومشتقاته ثم تتجه شمالا لوسط المدينة، ركبة الجسر ومقهلا عويز نقطة أنطلاق ووصول لكل الريف الشرقي والجنوبي ومن وإلى ناحية القادسية وأم عردة والقصر، هنا تتجمع النسوة بياعات وشريات التمن والدجاج وردة وكنطاره وأم رزاق، بتخذن من ركبة الجسر مكانا للبيع والشراء بيض تمن دجاج وأحيانا حتى العشرة أربعطعش تتم هنا.
من ركبة الجسر نزولا مع مجرى النهر هناك دكان الشيخ عبد السادة الشاعر ثم الدبات ثم بيت عبد نجم وصولا إلى القصر في طريقنا إلى أم عردة بعيدا، هنا من القصر تبدا الذكرى حيث تجمر الناس في أحد أيام السبعينات أمام قصر عبد العباس أل مزهر في عراضة تداعت لها العشائر من كل مكان، إنها التعزية التي تقدمها العشائر عادة بوفاة أو لوفاة شخص مهم، والغريب أن المتوفي اليوم هو السيد محسن الحكيم المرجع الأعلى للشيعة في العراق، فالمعزى به والمعزي هما ذاكرة شعب وأعتقاد مجتمع سيد وشيخ وما بينهما أصوات وأهازيج وبنادق تطلق في الهواء رصاصها الحي أكثر مما أطلقه العرب جميعا في حرب الـ 67 مع إسرائيل!، حتى وصلت العراضة إلى منطقة الهبنة في طريقها إلى دار العالم السيد جعفر بحر العلوم وكيل المرجع في المشخاب وسط المدينة في شارع السيد حيث تسكن عوائل أل بو شيخ محسن جميعا.
مرت العراضة من قبال دربنا المطل على النهر ونحن نتحاشى الرصاص بوقوفنا جنب الحيطان الطينية أو بعض الجدران المبنية بالطابوق وهي القليلة نستمع بالمظهر ولا نعرف ماذا يقول المهوسون من أشعار سوى صوت الرصاص وأزيزه الذي يملأ الجو، مرت وبقينا نحن نجمع البوش حتى أمتلأت حضن دشاديشنا منها، يا وليهم كم كانوا مرعبين وهم يطلقوا النار بأتجاه السماء كأنهم يعترضون على أمرها أو لعلهم يصيبوا ساكنها برصاصة في مقتل أنتقاما لموت الرجل، كان التجمع أمام دار السيد كبيرا ثم تفرق الجميع منهم من واصل الرحلة إلى النجف بما تيسر من سيارات في كراج المدينة وهي من طراز عنجه مارسيدس أو بعض سيارات الأجره وعددها لا يزيد عن أصابع اليد لواحدة والتي يمكنها أ تذهب وتعود للنجف بسلام.
سمعت من نساء المنطقة أن الأرض هذا اليوم قد رجت وأهتز المكان لموت السيد، لم أعرف بالضبط كيف أهتزت ومتى وأين ولماذا تهتز وترج، ولكن النساء أكدن ذلك بل أن أحداهن أقسمت أنها شعرت بثلاث هزات وليس واحدة وأنها كادت لتقع من أثرها، المهم أن الأرض شاركت في الأحتجاج والخشية من هذا الحدث الجلل فالأمر ليس هينا ولا يمكن أن يمر مرور الكرام، في اليوم التالي وأنا أخرج من محل جدي المجاور لمقهى عويز سمعت نفس الحديث بل أن المتحدث يقسم أنه كان في النجف ساعة الوفاة وأن الأرض أهتزت سبع مرات وأن الناس وهم بعد لم يعلموا بخبر الوفاة تنبؤا أن السيد قد حدث له شيء ما، قال الأخر ليس غريبا فالسيد كان الثاية التي ترتكز عليها الدنيا فلما أنكسرت تضعضع وضع الأرض، الغريب أن الجميع كان مؤمنا أن الأرض رجت وأن ما حدث كان حقيقيا فلقد فقدت الأرض عمودا من أعمدتها التي تتكئ عليها.
مرت سنين وسنين وأنا أرسم في بالي كيف حدث كل ذلك ولماذا تهتز الأرض في النجف التي لا تبعد غير نصف ساعة عن شط السوارية سبع مرات وفي النزيزة ثلاث مرات وفي وسط المدينة القديمة مرة واحدة، حتى فاجأت جدي يوما بسؤال، قالها ببساطة الحكيم ودراية العاقل (لا تصدق ما لم تهتز الأرض من تحت أقدامك فهل شعرت بها أو أحدا ممن تثق به)، قلت له أنت ثقتي فقد أكون غير واعيا للحظتها، قال كنت في باب المحل وقتها وأتابع أخبار لندن كما كل صباح، لم يحدث ذلك البتة أبدا، شعرت براحة عميقة وذهبت لجارتنا التي أقسمت أنها شعرت بالرجفة ثلاث مرات، أنكرت أنها شعرت بها ولكنها سمعت أن ذلك حدث في دار المله أم حسين حيثت تجمعن النساء حولها لتعقد أول مجلس عزاء للسيد في بيتها وهن يتصارخن على رجل يسمعن باسمه ولم يعرفن تماما من هو أو سمعن كلامه أو تقيدنا به.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان التجمع المدني الديمقراطي للتغير والأصلاح
- ملاحظات على الفتوى الصادرة من مرجعية النجف حول موضوع الأنتخا ...
- تجريد العقل كأداة للتوافق بين الدين والعلم
- إشكالية تحرير الفكر الإنساني من الزمان والمكان
- طريق الفلسفة طريق الإنسان للكمالات العقلية
- الفلسفة بين ماضيها ومستقبل مفتوح على اللا حدود
- هل يفلت العقل من الحدود المنطقية التي يتبناها؟
- مقاربات في مفاهيم التاريخية وحركة الزمن
- نداء إلى غريب في وطنه
- نظرية تكامل المعارف في صنع واقع الإنسان
- من أناشيد الفقر
- ولادة الإنسان الفطرية بين العقل والإيمان ح1
- ولادة الإنسان الفطرية بين العقل والإيمان ح2
- من مذكرات جندي على ساتر الحجابات....ح1
- أبتهالات في حضرة اليأس
- مسارات الصيرورة المجتمعية ودور القائد الملهم _ مجتمع المدينة ...
- الشخصية العربية وروح التنازع
- ما بين المقدس والمنجس ضاعت القيمة المعرفية للفكرة المثالية.
- الدين والتدين مفهوم دائر بين النكوص والتعارض ح1
- الدين والتدين مفهوم دائر بين النكوص والتعارض ح2


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - أيام على شط السوارية... ذكريات لا تنسى