أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل يفلت العقل من الحدود المنطقية التي يتبناها؟















المزيد.....

هل يفلت العقل من الحدود المنطقية التي يتبناها؟


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5862 - 2018 / 5 / 2 - 06:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الكثير من الناس وفي خضم هذه الإشكاليات الحياتية التي تبدأ من توفير لقمة العيش إلى تلمس الأمان في واقع مضطرب، إلى التيه الفكري والتشتت المعرفي المتسارع دوما مرورا بالمشكلات الإنسانية المزمنة، ينظر من خلال عين السؤال الى الفكر وما ينتج منه ويشير إليه بسؤال دائم وأزلي, ما دور العقل الإنساني في صنع الأزمات وما دوره في المعالجة الجادة لها, بمعنى أخر أنه دائما يضع العقل موضع التساؤل الأتهامي والتشكيكي حول دور ومشروعية وجدية العقل في إيجاد المخرج الذي يتناسب مع تفاقم المشكل البشري، دون أن يقترح أو يساعد على اقتراح صورة أو بداية لحل، سواء بالمبادرة الفردية أو بالمشاركة مع العقل الجمعي العام, دوما ما يطرح نفسه بريئا ويتهم العقل بالمسئولية ولكن هنا ايضا لا يحدد العقل المسئول ولا يبين حدوده.
هذا السؤال وإن كان مفتاح من مفاتيح الفلسفة التقليدية وسؤال العقل للعقل السائل ربما يشكلان بالحقيقة كل الإشكالية الكبرى التي يعيشها الإنسان، والتي نختصرها دوما بكلمة (( لماذا ))، هذا السؤال المحوري الذي تدور الفلسفة المعتادة في جزء كبير من اهتماماتها به في محاولة منها أن تقدم جواب تناظري جواب توفيقي يعكس وجهة نظرها هي، والتي بالتأكيد تمثل وجهة نظر العقل السليم فهي تسأل وتعيد السؤال لنفسها فتجيب نيابة وباسم العقل, هذه المحاورة الذاتية العقلية لا تخرج عن كونها حديث ذاتي بين العقل ونفسه حديث قائم على تقليل المسافة بين الواقع الحقيقي والواقع الاغترابي, ومهما حاول العقل أن يخرج من حدود الذاتية سيصطدم بحدوده هو التي كرسها إيمانه أن المحيط بحدوده الثلاثة لا يسمح أن يجعل من أجابته إلا مجرد تحسين وتلطيف من بشاعة الجواب الحقيقي, جواب (لماذا) الكامن في قصر التجربة على واقع العقل وليس على افتراض واقع خارجي متحرر.
واجب الفلسفة البعدية وهي التي تتناول موضوع اخر وإن كان نسقي مع الفلسفة، وهو قدرة العقل على الإفلات من الحدود المنطقية العقلية النظامية للعقل التقليدي، وبالتالي للفلسفة ذاتها بما فيها الفلسفة الإستشراقية المكبلة دوما بالمقولات التقليدية والأساليب الكلاسيكية التي تدرس فيها الفلسفة, يمكن لنا أن نحدد قيمة الفلسفة البعدية بطرحها نموذج انعتاقي يحررها من عوامل ومرتكزات أسر العقل ونتائجه، وإن كانت تبدو للبعض ضرب من الخيال الجنوني أو لربما شكل من أشكال التوهم اللا معقول، لكنها في النهاية هي الأقرب على الانتصار على كل الفلسفات والرؤى الفلسفية الراهنة، لأنها وليدة زمن متسرع يأخذ الواقع إلى مجاهل مستقبلية تبقى مجاهل عقلية ما لم يدرك العقل حاله ويتماهى مع حركة الزمن لاكتشاف هذا العالم، ولكن بوسائل مستجدة وسائل لا تنتمي للواقع المحدود المقيد بالأبعاد الأربعة.
من يقول أننا وضعنا العقل في أزمة بين واقع يبسط تأثيراته عليه وبين طموح بالتخلص من هذا الأسر، وبالتالي مجرد توريط العقل في هذه الأزمة إنما نضاعفها عليه كأزمة مركبة من حيث لا نسمح له أن يعطي ما يمكن من تصورات وحلول وينسب له جزافا الأزمة, أزمة عدم القدرة على التخلص من أسر الواقع وأسر المعرفة فالفلسفة غير مسئولة بالحقيقة عن أي شيء لأن العقل أساسا مأزوم, الطرف الأخر يرى أن الأزمة أساسا تتركز في جانب الفلسفة التي تطرح نموذج غير قابل للتمكن منه تحت الظروف الحالية ولا تستطيع هي أن تفعله خارج أطار العقل الذي يتناسب مع رؤيتها وبالتالي هي أساسا في أزمة, إنما العقل وسيلة لترتيب الرؤية الفلسفية وهندستها فكريا, أنا أرى أن الأزمة في خلاصتها هي أزمة الإنسان الذي يخشى المجازفة الإنسان المحافظ على سكونية وتراتيبية الإيقاع الطبيعي لمعرفته المحدودة, الإنسان الذي ما زال مقتنعا أن الجنة في الحقيقة حلم صعب المنال وأن العودة إليها مرتبطة بقوانين النص، لذا فالخروج عن قوانين النص هو ضياع وتضيع للفرصة, الإنسان الذي يمنح الجسد حدود تامة فاعلة غير قادر ان يخرج بعقله من مدارات الممكن والمعقول إلى الحلم الثائر، الحلم الذي كلما تسارع الزمن معه تسارعت فرص تحققه والعثور على الفردوس خارج واقع اصابه الترهل والشيخوخة.
سؤالي هنا هل وقع العقل في الشيخوخة المبكرة أم أن الفكر وبأعلى درجاته المنطقية هو من أصابته الشيخوخة في مقتل؟ الأجابة قد تكون الشيخوخة المبكرة عارض وقتي مرتبط بالواقع الذي بدأ يشيخ وتتعطل حركته فيما حولنا، فيما لو نظرنا له بعقلنا المحدود، أما الواقع الذي يعجل بسرعته في كل لحظة ليجرنا كبشر مفكر إلى فلكه لا يمكن أن تناله الشيخوخة المزعومة، بالتأكيد العلة فينا لا في الواقع فهو يخضع لتصوراتنا نحن وينخلق مجددا تبعا لنشاط العقل المتحرر من صورة الوهم التي تقيدنا وتقيد الواقع.
إذن الشيخوخة في الفكر لا بالأداة المفكرة ولا بالواقع الذي ينتظر أي حركة ما بأتجاه المسنقبل ليتحرك بها ومن خلالها، من هنا فأنا أتهم الفكر بأعلى درجاته بأنه متمارض بداء الشيخوخة أو يدع ذلك، وأنه يتعكز على المقولات التقليدية التي لم تعد تتناسب مع الزمن ولا مع حاجة الواقع للحركة، هذا الأتهام ليس أعتباطيا لو نظرنا إلى الجانب الأخر من المعرفة الإنسانية وهو العلم المجرد، هذا الجانب ولأنه يتعامل مع الوجود كله من خلال معادلات رياضية تتراكم وتتطور وتحدث نفسها بنفسها وتبني على ما كان ليكون، فإنها تخلصت سريعا من شيخوخة مفترضة وعادت تمارس طفولتها من جديد مع أفتراضات واسعة وخطوات لا حدود لها على الأبتكار والتجدد.
ربما هناك من يسأل إذا كان الفكر عموما والفلسفة التقليدية خصوصا قد أصابها العجز والتحجر وأمراض الشيخوخة المبكرة، فهل من داع أو ضرورة لأعادة الشباب لها، أو أعادة القدرة على التحرك من جديد بنيويا، ونحن في واقع يشهد جزءأ منه حركة تقديمية ثورية في كل شيء لا تتوقف ولا تنتظر ما سيسفر عنه تحرك الوعي العقلي بأزمة الوجود، بينما في جزء أخر يعاني من الموت السريري لفقدان القدرة على المجاراة والعجز في مواجهة مستحقات التحولات الكبرى، الجواب بكل بساطة هو أن الفكر والفلسفة يبقيان في المقدمة كمواجهة لحالة التشظي الواقعي والإنقسام بين عالمين مختلفين في أطار وجود واحد، وهنا كان على الفلسفة أن تستنهض روحها الأولى وجوهرها الدقيقي لتجد الحلول أولا لواقعها، ومن ثم الأنتقال بها إلى موقع الصانع والخالق الذي يحاول ردم الهوة والأنشقاق في عالمنا الواقعي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربات في مفاهيم التاريخية وحركة الزمن
- نداء إلى غريب في وطنه
- نظرية تكامل المعارف في صنع واقع الإنسان
- من أناشيد الفقر
- ولادة الإنسان الفطرية بين العقل والإيمان ح1
- ولادة الإنسان الفطرية بين العقل والإيمان ح2
- من مذكرات جندي على ساتر الحجابات....ح1
- أبتهالات في حضرة اليأس
- مسارات الصيرورة المجتمعية ودور القائد الملهم _ مجتمع المدينة ...
- الشخصية العربية وروح التنازع
- ما بين المقدس والمنجس ضاعت القيمة المعرفية للفكرة المثالية.
- الدين والتدين مفهوم دائر بين النكوص والتعارض ح1
- الدين والتدين مفهوم دائر بين النكوص والتعارض ح2
- قضية الحرية والأختيار في التدين ح2
- قضية الحرية والأختيار في التدين ح1
- إشكالية الإنسان بين النزوع الفطري وأستحكامات الوجود المادي ح ...
- إشكالية الإنسان بين النزوع الفطري وأستحكامات الوجود المادي ح ...
- هل الفكر الديني شموليا خارج حدود الزمان والمكان أم إنعكاس لر ...
- هل الفكر الديني شموليا خارج حدود الزمان والمكان أم إنعكاس لر ...
- شذرات فكرية


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل يفلت العقل من الحدود المنطقية التي يتبناها؟