عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 5865 - 2018 / 5 / 5 - 19:14
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إنّ ثقافة ألفرهود في مختلف المجتمعات ومن ضمنها المجتمع العراقي لم تكن وليدة الصدفة، ولم ترتبط بمكان وزمان معيّنين، بَل لها جذورها ألتاريخية وألعوامل ألمسـببَة لها وتأثيرها ألعام حسب وعي ألإنسان.
وتشترك ألعلوم ألتالية ( ألإجتماع، ألإجتماع السياسي، تاريخ مراحل ألتطور ألإجتماعي – ألإقتصادي، ألتنمية ألبشرية، ألتنمية ألمستدامة، ألتنمية ألمعرفية) في رصد ودراسة ظاهرة الفرهود من منظار كل إختصاص على حِدة.
لا داعي للرجوع إلى العهود الغابرة وألخوض في متاهاتها، بَل من ألأفضل وألواجب ألتركيز على بعض صوَر تلك ألظاهرة ألتي تعكس سلوكية ألناس في عراق ألقرنين العشرين وألحادي وألعشرين. ففي عام 1914 حينما وصلَت قوات ألإحتلال البريطاني إلى البصرة قادمة من الهند، تصدّى لها بألمقاومة ألمسلحة بعض رموز المرجعية الدينية في النجف مع بعض عشائر الجنوب بحجة مقاومة ألإحتلال ألبريطاني ودفاعاً عن الحكم ألإسلامي في العراق آنذاك/ وكأنّ الحكم ألعثماني ليس إحتلال/ ... وهذا يعني، أنّ ألذين رفعوا السلاح ما كانت تدور في خلدهم فكرة – ألتحرر الوطني من أي إحتلال أجنبي.
بعض صوَر ألفرهود:
1 - بعد أن سيطرَت القوات البريطانية على جنوب العراق ثمّ لاحقاً زحفت إلى بغداد، كانت تحمل مشروع النهوض بألواقعين التعليمي والصحي/ ليس حباً برفع الوعي لدى المواطن، بَل من أجل هيمنة ألثقافة السياسية ألبريطانية على ألعقل ألعراقي وجعله تابعاً يدور في فلك التاج البريطاني وجزء من مستعمراته. حينما زار الجيش ألإنكَليزي إلمدارس في مدن جنوب ألعراق، وجدَ أنها فارغة من المقاعد ألدراسية – ألرحلات، وشبابيك ألصفوف قد إنتُزِعت من الجدران، وألذين قاموا بعملية ألنهب هم من أبناء عشائر تلك المناطق.
2 – قيام سكان القرى المحيطة ببابل ألأثرية بهدم شواخص ألآثار ألبابلية وإستخدام طابوقها لبناء بيوتهم!.
3 – ألفرهود بحق ممتلكات أليهود ألعراقيين، ألذين هُجِّروا قسـراَ إلى إسرائيل في أربعينات ألقرن ألماضي.
4 – ما بعد دخول قوات ألإحتلال ألامريكي في عام 2003 مباشرةً، جرى إقتحام المصارف ألحكومية وسُرِقتْ ألأموال، ونُهِبتْ آثاث وموجودات دوائر الدولة، وسُرِقت آثار المتحف ألعراقي، وأحرِقَت ألمكتبات العامة ألتي كانت تحتوي على نفائس ألكتب وألمخطوطات، كل ذلك الفرهود حصلَ على مرأى ومسمع المحتل ألأمريكي.
5 – بعد تأسيس مجلس ألحكم ألإنتقالي، ثمّ تبعه ألمجلس الوطني والجمعية الوطنية ومجلس النواب لثلاث دورات، إتخذت ظاهرة الفرهود شكلاً أكثر تحضراً، والمقصود هنا إنتشار الفساد ألمالي وألوظيفي بحماية ألأحزاب ألمتنفذة في ألسلطة مع غياب إستقلالية ألقضاء.
إنّ اُس ألمشكلة يكمن في تكوين وصيرورة ذهنية أولئك ألمتشبعين بثقافة ألفرهود... فهل يمكن إعادة بناء عقولهم، أم نحتاج إلى سنوات طويلة لخلق جيل جديد عن طريق إحداث تغيير جذري في مناهج ألأساليب ألتربوية إبتداءً من مرحلة ألطفولة – رياض ألأطفال ومروراً بجميع مراحل ألتعليم ألمدرسي وألجامعي؟.
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
إضافة إلى المفضلة
للاتصال بالكاتب-ة
