أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كرم - الحب اخترعه المترفون














المزيد.....

الحب اخترعه المترفون


محمود كرم

الحوار المتمدن-العدد: 1491 - 2006 / 3 / 16 - 12:30
المحور: الادب والفن
    


فجأة ً ومن دون سابق تخطيط خيّمت أجواءٌ من الرومانسية على جلستنا المسائية تلك والتي اتسمت بالدفء والشفافية وحميمية التحليق مع قصائد الشعراء الوجدانية في العشق والحب والغرام ..

بدأتُ بأبياتٍ لـ ( نزار قباني ) وكأني أريدُ أن أستحضر زمنا ً جميلا ً لم يعد موجودا ً اليوم :

أتحبني بعد الذي كانا
إني أحبك رغم الذي كانا

ماضيكِ لا أنوي إثارته
حسبي بأنكِ ها هنا الآنا

تتبسمين وتمسكين يدي
فيعود شكي فيكِ إيمانا

عاما ً مضى وبقيتِ غالية
لا هنتِ أنتِ ولا الهوى هانا

طفلين كنا في تصرفنا
وغرورنا وضلال دعوانا

فكم ذهبتِ وأنتِ غاضبة
ولكم قسوتُ عليكِ أحيانا

ولربما انقطعت رسائلنا
ولربما انقطعت هدايانا

مهما غلونا في عداوتنا
فالحب أكبر من خطايانا

قدرٌ علينا أن نكون معا ً
يا حلوتي رغم الذي كانا

أن الحديقة لا خيار لها
إن أطلعت ورقا ً وأغصانا

هذا الهوى ضوءٌ بداخلنا
رفيقنا ورفيق نجوانا

طفل نداريه ونعشقه
مهما بكى معنا وأبكانا

هاتي يديكِ فأنتِ زمبقتي
وحبيبتي رغم الذي كانا

فتنهد ( بو عزيز ) تنهيدة طويلة وقال هذا حب ولا ( بلاش ) وألهبت هذه الأبيات حماس ( بو علي ) الشعري لينشد لنا بصوتهِ الجهوري أبيات للشاعر ( سعيد حوماني ) هي قمة الحب في التفاني والتجرد والتضحية :

عشرون عاما ً والغرام يفتّني
وأبيتُ في بيت الغرام عفيفا

عشرون عاما ً لو بقيتُ على الطوى
من غير خبزكِ ما أكلتُ رغيفا

وفرشتُ للأطهار كل جنائني
وموانئي للعاشقين رصيفا

في نار حبكِ قد كتمتُ عواطفي
وبقيتُ عن كل النساء كفيفا


وما أن انتهى ( بو علي ) من إنشاد أبيات ( سعيد حوماني ) الشعرية تلك حتى بادرتهُ بسؤال ٍ مباغت :

ألا ترى يا صديقي أن هذا الحب يدخل في عِداد الحلم الخرافي ، أن يستمر عشرون عاما ً ولا يزال متوهجا ً مشتعلا ً مخلصا ً نابضا ً بدفق الحياة والاستمرارية ؟؟

ألا يمكن لنا أن نصنّف هذا الحب على أنه أحد الإنجازات الغرامية الاستثنائية من حيث سباقهِ الماراثوني مع الزمن ؟؟

لم يستطع ( بو علي ) معي صبرا ، فتركَ قهوته جانبا ً وارتشف قليلا ً من الماء المثلج ، وسحبَ سيجارة ً لم يشعلها بل اكتفى بصلبها بين شفتيه ، ثم أجابني :

وهل كنتَ تظن أن حبا ً عاديا ً يستطيع أن يفجّر في إنسان ٍ ما حلما ً يصمد بوجه السنوات العشرين العجاف ويظل محتفظا ً بتوهجهِ ونقاءه واشتعالهِ وسمّوه ..

ليس حبا ً عاديا ً وبالتأكيد ليس إنجازا ً عاديا ً ، وقد نختلف مع مفهومه للحب وقد لا نجد له مثيلا ً في واقعنا إلا نادرا ً ، ولكن علينا أن نؤمن بأن حبا ً كهذا باستطاعتهِ أن يكون متفردا ً في حلمهِ وفي خصوصيته وفي بقائهِ على قيد الحياة ..

الحب ، والكلام لم يزل لـ ( بو علي ) قاطرة ٌ فاتنة الجمال ملأى بعشاق ٍ مسكونين بالحلم ومُقبلين على الحب بروحية المتفائل وبصلابة المتيقن وبإصرار العنيد ، وحينما يجد الإنسان أن كل معاني الحب الجميلة تتجسد بالطرف الآخر الذي هامَ به حباً فإني على ثقةٍ بأن حبهُ سيكون متوهجاً بالخلود والديمومة ..

فقلتُ لهُ بعد أن رأيتُ بريقاً من الانتعاش يتراقص في عيون أصدقائي : كلامكَ جميل ورائع يا صديقي ، لا نملكُ إلا أن نحترم حبه ونحترم وجهة نظرك ..

وفي هذه الأثناء كان ( بو عزيز ) يريد التدخل ولكنه أجفلَ مفضلا ً أن يتدخل لاحقا ً ريثما يعاودُ ترتيب أنفاسه ، ولكنه ظلّ متربصا ً لفرصةٍ ملائمة ..

برهة صمت ..!!

ثم أردفتُ تدفعني غواية البوح الشيطاني : ربما الحب اقترفه إنسان ما في يوم ٍ ما في غفلةٍ من وجوده وحواسه ..!!
أو ربما في غفلة من القدر ..!!
أو ربما تواطؤا ً مع الصدفة ..!!

أو ربما اخترعتهُ ( حواء ) حينما رمت بالتفاحة في حضن ( آدم ) ..!!
أو ربما أصرَّ عليه ( آدم ) حينما هوى إلى الأرض ..

واسترسلتُ بالعزف على وتر الحب حينما وجدتُ أصدقائي منصتين لي بكثير ٍ من الحب :

ربما الحب اخترعه المترفون وحينما جربهُ البسطاء تعثروا به ..!!

وربما بدأ الحب ببكائية :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وربما هو كالوشم يولدُ مع الإنسان :

لخولة أطلال ببرقـة ثهمد
تلوح كباقي الوشم في ظاهر االيد

وربما هو قدرٌ مزروع في أطراف القلب وفي رؤوس الأصابع :

لقد رسخت في القلب منكِ مـودة ٌ
كما رسخت في الراحتين الأصابع

وربما هو كالقمر لا ينضج اكتمالا ً إلا عند منتصف الطريق ، وربما هو أكذوبة اخترعها الرجل وصدقتها المرأة ..!!

فقطع عليَّ ( بو عزيز ) تدفقي في الكلام عند العبارة الأخيرة ليقول بحماس ٍ ترافقه ابتسامة :

ليكن الحب أكذوبة ، ولكنه كذبٌ لذيذ ، كذب أبيض ، كذب مدعمٌ بتقنيات الاتصال الأثيري وتقنيات الهمس البريء ..!!

ليفاجأنا بعده ( بو عبد الله ) بطلبٍ غريب ، حيث طلبَ منا ( آلة حاسبة ) ، فقلنا له : لماذا ؟؟

فرد بنبرة مزاجية هادئة : لكي أعرف بالضبط متى يصل رصيدي إلى المليون لأصبح من طبقة المترفين وألعبُ في الحب كما أهوى وأشتهي ..

فبادلهُ مسرعاً ( بو علي ) الحب من أول نظرةٍ قائلا ً لهُ :
عقبال المليون الثاني ..!!



#محمود_كرم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون والعقلية الانفعالية
- المرأة وتجليات الأصوليين
- الفضاء تحت الوصاية الدينية
- كيف تراني ؟
- امتزاج الثقافات وضرورة الحوار
- نعم للبقصم لا للإرهاب
- فبراير وتجليات الذاكرة
- نقرأ القرآن ولا نقرأ الحياة
- الحسين في المزاد العاطفي والأسطوري
- حينما تصبح هويتنا الدينية رصيدنا الوحيد
- زبدة لوبارك تحت المقاطعة
- هل تسير شعوبنا في ركاب الإرهابيين
- متى انهزمنا لكي ننتصر ؟؟
- أين الشيطان ..؟؟
- أمة مريضة بثقافة الموت
- مسئولية العقل التفكيري تفكيك المقدس
- الانغلاقات الفكرية إحدى معضلات الفكر الديني
- ظاهرة التدين الشكلي
- حديث الأمكنة
- حركة التاريخ


المزيد.....




- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كرم - الحب اخترعه المترفون