الشيخ حسن نصر الله: ثورية غيفارا أو ملالي عاشورا!

فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1491 - 2006 / 3 / 16 - 12:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    

يزداد الاهتمام يوماً عن يوم بحزب الله وزعيمه الشيخ حسن نصر الله, وذلك نتيجة الدور الذي يلعبه الحزب و"ميليشياته المسلحة", ورغم أنني للآن لم أتطرق لأي شأن لبناني خاص, على أساس أن اللبنانيين يدركون واقع بلدهم أكثر, ولنتركهم يقررون ما يرونه مناسباً وبدون استشارات ونصائح وفتاوى الأشقاء!!
لكن ما أثار فضولي وحرّضني على ملامسة موضوع الشيخ حسن نصر الله, ما قرأته في الأيام الأخيرة وفي أكثر من موقع انترنت, ووصفه البعض بغيفارا لبنان والمنطقة, وما لمسته من تلميع قد يكون غير دقيق برأيي!
وأنا لن أدخل بتفصيلات الشيخ وحزبه وأسلحته وكيفية الحصول عليها ـ من الصديق أو من غير الصديق ـ
وقد يكون آخرون أدرى فيها وبتفصيلاتها,

سأتناول مختصراً قضية مقارنة ثورية الشيخ بثورية غيفارا!!
وقبل رجمي وتخويني ـ من البعض ـ أقول أنني قدّست غيفارا سنوات طويلة, لكنني أعتبر تجربته فاشلة!
تجربة لم تجلب سوى ذكرى ثوري أراد التغيير والثورة في بعض دول أميركا اللاتينية مع مجموعة من المقاتلين,
وبدون استيعاب للظروف الموضوعية, وبدون قاعدة وبرنامج دقيق.
ولا أكون ظالماً لثورية غيفارا وصدقه ونضاله إن قلت أن غيفارا لم يكن أكثر من ثوري متهوّر!

لا أعتقد أن الذين شبّهوا الشيخ حسن نصر الله بغيفارا يريدون فشل تجربة وظاهرة حسن نصر الله!
لكن فشل ظاهرة حزب الله وقواته المسلحة ـ باعتقادي ـ سيكون بسبب ارتباطه السياسي بملالي طهران والنظام السوري!
ولا يخفى على الكثير أن الاحتماء بأنظمة كهذه لا يجلب الخير والسمعة سواء داخل لبنان أو خارجها!

ورغم الدور البارز الذي لعبه حزب الله في تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي,
إلاّ أنه يبقى حزب ديني وطائفي! والطائفية في هذا العصر لا تستطيع بناء وطن يتسع لغيرها على ما أعتقد!
وماذا يكون رد أنصار الشيخ حسن نصر الله على الطوائف الدينية والأقليات العرقية في لبنان إن أقدموا على تشكيل ميليشيات مسلحة كما كان سابقاً!

من المفيد التروي وعدم التسرع بإعطاء حكم نهائي لمستقبل الشيخ نصر الله السياسي ودوره اللبناني,
وأعتقد أن ذكاء الشيخ وحنكته قد يقوده قريباً لتصحيح في سياسته, أو يقود بعض أعوانه للقيام بحركة تصحيحية وبعيدة عن الحركة التصحيحية السورية!!
وإذا دعته الحاجة سيكون عنده الشجاعة للتراجع والتأقلم مع الظروف التي تعصف بالمنطقة,
وقد يخفف ارتباطه بالنظام السوري والإيراني,
وسيعمل من أجل تغيير رأي الأكثرية عنه وعن حزبه على أنه امتداد لملالي طهران ووريث للنظام السوري في لبنان!
وإذا كان ملالي طهران غير قادرين ـ ولن يستطيعوا ـ حل مشاكل بلدهم, فمن غير المحتمل أن تكون وصفتهم قادرة على حل مشاكل لبنان, أما الحديث عن النظام السوري .... والذي يحتفل بثورته ويعدد إنجازاته وانتصاراته!....

وقد يضطر ملالي طهران وحكام دمشق التخلي عن الشيخ وحزبه وعسكره, أو يكون تخلي بتراضي الفرقاء المعنية سوية!
وقد يكون للشيخ وحزبه دور رئيسي في حرب أهلية لبنانية جديدة قد تطيل عمر النظام السوري قليلاً ـ كما يظن البعض ـ

ورغم احترامي للشيخ حسن نصر الله, لكنني على قناعة تامة أن الدين والاعتماد على الدين قد يكون قادراً على هدم نظام سياسي ما, لكنه غير قادر على بناء بلد ومستقبل أي بلد كان!

ما أريد قوله وخصوصاً للسوريين ـ وكوني سوري ـ أن نترك اللبنانيون يفكرون ويقررون ما يروه مناسباً لبلدهم وشعبهم ووطنهم!
وأخشى أن يكون بعض السوريين المهتمين بالشؤون السياسية والذين يعتبرون أنفسهم من المعارضة, أو قريبين منها,
ـ وأنا لا أشكك بحسن نية احد ـ أخشى أن تكون نصائحهم وممارساتهم شبيهة بنصائح وممارسات النظام السوري للبنانيين!!
وبكل تأكيد يعرف اللبنانيون بلدهم وأوضاعه وظروفه أكثر من غيرهم, وهم المعنيين بما يخصهم!

لا أعتقد أن حسن نصر الله غيفارا لبنان والمنطقة, وأعتقد أنه مؤسس حزب طائفي ديني وناضل من أجل تحرير الجنوب, وأعتقد أنه أكثر المدافعين عن سياسة النظام السوري في لبنان ـ وهذه من كبار أخطائه بنظر الشعب اللبناني ـ,
وأعتقد أنه امتداد لسياسة ملالي طهران السيئة الصيت!

لكن الشيء الأكيد أن غيفارا كان الأبعد عن رجال الدين وعن الفكر الغيبي,
ولو كان غيفارا حيّاً لكان الأبعد عن حسن نصر الله!
لو كان غيفارا حيّاً لكان قام بالثورة على الملالي, وعلى نظام الأسد الغالي!
ولو كان حيّاً غيفارا, رمى النجمة الحمراء وأدمى نفسه بعاشورا!!

ومن أجل دمج الشيخ حسن نصر الله مع غيفارا, يجب على الشيخ اعتناق الماركسية
أو على غيفارا ترك الشيوعية من أجل الشيعية!!

ما يجمع حسن نصر الله وغيفارا اللحية والباقي شيء ثانوي!
لكن بعد وفاة كاسترو ـ عمر طويل ـ سيكون البديل شيخ سنيّ!

وقريباً سيظهر الشيخ حسن نصر الله, امتداد لثورية غيفارا, أم امتداد لملالي عاشورا!

بودابست 15 / 3 / 2006, د. فاضل الخطيب

#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات