أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمانة القروي - رحيل صامت














المزيد.....

رحيل صامت


جمانة القروي

الحوار المتمدن-العدد: 5859 - 2018 / 4 / 28 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


المشهد الاول..
في مساء صيفي من عام 1978 ،اضطررنا انا و والدتي وخالتي حين وجدنا المصعد قد تعطل لارتقاء سلم القسم الداخلي لطلاب الهندسة بمدينة براتسلافا في جمهورية سلوفاكيا،الذي يتحول الى سكن للسواح القادمين من جميع انحاء العالم في ذلك الفصل الجميل. و حتى ابدد ضجرهما من صعود تلك السلالم بدأت اغني لهما اغاني عراقية قديمة! يبدو ان صوتي كان مرتفعاً ومسموعاً، حيث رايته يظهر فجأة من احدى الممرات وبالكاد التقط انفاسه وهو يسألنا:" انتم عراقيون؟" اجبناه بنعم، اصر على دعوتنا لشرب شاي والاستراحة في غرفته، فشكرناه لاننا كنا متعبين. عرض علينا بخجل وصوته بالكاد يسمع ان يساعدنا في الترجمة اذا احتجنا لذلك ! اخبرته باني ادرس في تلك المدينة واستطيع التفاهم بلغتهم،استغرب لاننا لم نكن قد اجتمعنا او تعارفنا سابقا!
هكذا التقيت الشهيد نعمة عباس لاول مرة.
المشهد الثاني..
ربما مر يومان عندما راينا نعمة ينتظرنا عند استعلامات القسم. ما ان لمحنا حتى دنا منا وبلهجته الجنوبية المحببة قال لوالدتي وهو يخفض بصره الى الارض:" خالة لازم تتفضلون عندي تشربون جاي"! لم نستطع الا ان نلبي دعوته. لما كنا نحتسي الشاي معه وبحضور طلبة عراقيين اخرين واثناء تبادل مختلف الاحاديث سألته والدتي :"من اي مدينة انت؟" اجابها باقتضاب:"الكوت"، ثم سرح بعيداً، لعله عاد يمشي في شوارعها وازقتها ويقف امام سدتها، ويسبح في مياه نهرها ويلتقط رغيفاً ساخناً من يد امــه !
المشهد الثالث..
صباح احد ايام السبت من ربيع عام 1980 سمعت طرقاً خفيقاً على باب غرفتي، عندما فتحته رايت نعمة امامي وعيناه الى الارض(كما هي عادته دائما)! وقتئذ كان مسؤولي الحزبي وقد استغربت مجيئه المبكر! شعرت خلال الوقت الذي امضاه في ضيافتي انه أتى لامر ما، فأستبد بي القلق والريبة. يحتمل ان يكون هناك تكليف او توجيه حزبي وهو محرج من طرحه! لعل شيئأ ما حدث في الحزب او التنظيم ! لما اخذت الظنون مأخذها مني، بادرتـــه قائلة:" لماذا لاتقول ما جئت من اجله "؟ بعد قليل وهو يستنشق الهواء بعمق قال لي: " احد زملاءنا عمل عملية كبيرة وهو يرقد في المستشفى، حبذا لو تكوني معنا لتقديم باقة ورد له بمناسبة سلامته "!
المشهد الرابع ..
التقيته بالصدفة وانا في طريق عودتي للبيت بعد انتهاء يوم العمل بمكتب الجريدة التي كنت اطبق فيها. دعاني لكي نذهب معا الى مطعم قريب من هناك. كان سخياً وكريماً جداً ومحباً لزميلاته ويعتبرهن كأخواته، مازحته قائلة " لو ان عزيمتك كانت على سمك كوتاوي، لن ارفضها ابداً "! نظر لي مستغرباً وسألني ان كنت يوما في مدينته ؟ فاخبرته بان والدتي ذهبت للاشراف على عمل رابطة المراة هناك،يومها كنت طفلة صغيرة فاخذتني معها. عندما اصابني الملل بادرت احدى الرابطيات لاخذي الى سدة الكوت للنزهة، حينئذ كان الماء يتدفق كشلال هادر من بين ابواب السدة التي فتحت مغالقها، رايت كيف تقافزت مئات الاسماك في النهركانها ترقص طرباً، منظر لن انساه ما حييت .
لا ازال اتذكر رغم مرور الزمن تلك الدموع التي ترقرقت حينها في مقلتيه !
المشهد الخامس
ادبرت الايام مسرعةً وتوالت فصول السنة، حل ربيع عام 1982 وقتئذ دعاني نعمة الى حفلة تخرجه وحصوله على شهادة الماجستير في هندسة البناء. كانت البهجة و الفرح تغمرانه ونحن نحتفي به. سالته عن وجهته،تطلع إليّ بتعجب و دون ان يفكر ولو للحظة واحدة اجابني"انا شـــيوعي وسانفذ شعارالحزب الــــذي كان ( التفوق العلمي والعودة الى الوطن )"!
المشهد السادس ..
قبل سفره الى كردستان نظم الطلاب العراقيون سفرة الى احدى المنتجعات القريبة كان نعمة حاضراً فيها، اتذكر اننا خرجنا جميعا في نزهة بين تلال وغابات المنطقة، تعب بسرعة ولم يستطع مواصلة السير وصعود وهبوط التلال والروابي التي صادفتنا، علق احدهم مناكفةً " كيف سيكون الحال في كردستان وهناك الجبال والوديان " لم يرد عليه سوى بكلمة "ساتعود "!
المشهد السابع ..
مع بداية العطلة الصيفية عام 1983 .. جلسنا في الحفل التابيني الذي رتبته ودعت له المنظمة الحزبية في مدينة براتسلافا. حيث تصدرت القاعة صورة الشهيد نعمة موشحة بالسواد ومؤطرة بالزهور الحمراء فقد بلغنا نبأ استشهاده في مجزرة بشت اشان فـي 1/ ايار/



#جمانة_القروي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصرخة
- ضمأ
- ابريق الشاي
- اكفان خضراء
- الفقدان
- الخباز
- قصة قصيرة بعنوان الكنز
- قصة قصيرة عناقيد العنب
- قمقم الذكريات
- الاقحوان الحزين
- شبح الغربة
- الضرس
- الغول الاحمق
- من لايعرف ماذا يريد ( رؤيا نقدية حول رواية سميرة المانع الاخ ...
- قصة قصيرة بعنوان الزنابق البيضاء
- قصة قصيرة - القرار..
- مبدعون عراقيون في المنافي ( 5 ) [ الدكتور رشيد الخيون ]
- الفنانة ناهدة الرماح - حب الناس هو النور لعيونها .. وبذاك تل ...
- السمفونية الأخيرة
- مبدعون عراقيون في المنافي الدكتور صلاح نيازي


المزيد.....




- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمانة القروي - رحيل صامت