أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمانة القروي - من لايعرف ماذا يريد ( رؤيا نقدية حول رواية سميرة المانع الاخيرة)















المزيد.....

من لايعرف ماذا يريد ( رؤيا نقدية حول رواية سميرة المانع الاخيرة)


جمانة القروي

الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 16:52
المحور: الادب والفن
    


من لا يعرف ماذا يريد) رواية (
د. جمانة القروي
رواية الكاتبة العراقية المبدعة سميرة المانع الصادرة عن دار المدى للنشر والثقافة في 2010، 191 ص.
قبل بضعة اسابيع تجولت في معرض المدى للكتاب في اربيل ، وكعادتي اتجــــــــه دائما الى رفوف الرواية والقصة القصيرة، لمتابعة الاصدارات الجديدة منها، فهذا النوع من الفن يستهويني .. من بعيد استرعى انتباهي غلاف فيرووزي اللون، وما ان قرأت اسم الكاتبة حتى اصبح ضمن مجموعة الكتب التي اشتريتها ..
منذ زمن وانا اتابع الروائية سميرة المانع، ومن حسن حظي اني قرأت جميع رواياتها السابقة، كـ (القامعون)، و(شوفوني شوفوني) .. و(حبل السّرة) .. وغيرها
كنت ما ازال اتصفح اوراق الرواية الجديدة (من لايعرف ماذا يريد )، حينما اتصل بي احد الاصدقاء الشباب مَمن ولد وترعرع في ظلم النظام السابق الذي اسدل ستائره المعتمة على المثقفين العراقيين في المهجر، وحجب ابداعهم، سواء على صعيد القصة او الرواية او الفنون الاخرى.. لم استطع اخفاء فرحتي بالرواية الجديدة ، فقلت لصديقي الشاب المهتم هوالاخر بالادب والادباء باني كنت محظوظــــة بشراء النسخة الاخيرة من رواية سميرة المانع الجديدة .. فما كان منه إلا ان فاجأني بقوله: " مَن سميرة المانـــع ، وهل هذه اول رواية لها "؟
كم تأسفتُ وتألمت حينما سمعت ذلك من رجل مهتم بالادب ومتابعة كاتبيه بان روائية عراقية ومنذ عقود مثل الكاتبة سميرة المانع لايعرفها ابناء وطنها الذين كانوا ومازالوا وفي جميع رواياتها همهـــــا وشغلها الشاغل، حيث انها عالجت الكثير من قضاياهم وشخوصهم بضمنها امراض المجتمع العراقي في كل رواياتها وقصصها تقريبا .وقد رأيت من واجبي الكتابة عن هذه الرواية التي امتعتني متمنيةً على الجميع قراءتها ..
أن القاسم المشترك في جميع روايا ت الاديبة المبدعة سميرة المانع هو توغلها في النفس البشرية وبالذات العراقية منها، حيث استطاعت بلغتها الجميلة الخالية من الحذلقة والتعقيدات اللغوية الوصول الى مكامنها فعكست بشكل واضح اغوارها.. كما حاكت روايتها الاخيرة الواقع العراقي المعاصر بكل تفاصيله مستغلة الفلاش باك ، ومستخدمة ايضا الامثلة العامية المتداولة في مجتمعنا مما اضفى الكثير من المصداقية والعمق لشخوص الرواية كلاٍّ على حدة، وجعلت لكل شخصية نكهتها الخاصة بها ..
لقد اعتمدت الروائية اسلوب وتقنية اظهار المشاعر والافكار عن طريق المنلوج الداخلي للشخصيات وبطريقة عفوية، بالاضافة الى اسلوب التسلسل العفوي، او اسلوب الشئ بالشئ يذكر ، حيث ينطوي على جوهر هذا الاسلوب الفني، ما أن يذكر احد الامور حتى يتداعى العقل اليه بشكل الجذب، سواء ما يحبه الفرد او يكرهه..بالاضافة الى انها استخدمت في اسلوب رواياتها عامة وبالذات ( من لايعرف ماذا يريد) العلاقات والسلوكيات التي سبقتها دوافع ونوازع متعددة ، وماترسب في دواخل الانسان وهذا ما يسمى بـ( تيار الوعي) ، وهو من الاساليب العصرية في الرواية الحديثة في القرن العشرين ومن اهم رواده فرجينا وولف وجيمس جويس... وقد استخدمت سميرة المانع تيار الوعي بشكل واضح جدا حينما أخذت تنقل بتروٍّ ماتفكر به الصديقتان ، وما تتحدثان به بصمت كما لو انهما تتحدثان مع بعضهما وهذا كثيرا ما يحصل لنا جميعاً.
لم يقف ابداع الكاتبة عند ذلك فقط ولا عند تشريح شخوص القصة، ودواخلهم بل تعداه إلى اشراك المتلقي في النشاط الابداعي .. فهناك الكثيرمن صفحات الروايــة التي يجب التوقف عندها، والامعان في كيفية وصف الروائية للشخصيات بشكل واقعي وقريب جدا من حقيقة دواخل الانسان، واهم تلك الشخصيات ، وصفها للموظف المتعجرف في وزارة التربية والتعليم واسلوبه في التعامل مع الاخر لمجرد ان افكاره تتعارض او لاتتفق معـــه.. وهذا بالضبط مايجري حاليا وبالماضي في العراق ، وللاسف فما تزال دوائر الدولة مملوءة بمثله و تعاني ممن يمارسون ذات الاسلوب غير الحضاري في التعامل مع الاخر، يدفعه لذلك اختلافـــــه معهم في الرأي او العقيدة ..
كما عكست وضع العراق الحالي ما بعد سقوط نظام صدام حسين الدكتاتوري ، وكيف تعيش المرأة العراقية الان والتي هي نصف المجتمع، وقد نجحت بتقديري نجاحا باهرا في مقارتنها مع اختها العراقية في سنوات الخمسينات والستينات وحتى بدايــــة السبعينات من القرن الماضي وما نالته المراة من حقوق تنازلت عنها في ظل ظروف حكم استبدادي شمولي ظالم ، مذكرةً بالجرائم التي ارتكبت بحق المرأة العراقية ابان ذلك النظام ( كقتل النساء بالسيف بتهمة الدعارة )!! وعالجت باسلوبها الفني الجميل كيف ان المراة تعودت الخنوع والاضطهاد والارتداد والتقهقر .. ( وذلك من خلال الحديث الذي دار بين الصديقتيين العائدتين من توديع جثمان صديقتهمـــا الثالثة الى مثواها الاخر )! وحينما ربطت بين الماضي والوعي السائد انذاك والحاضر في المجتمع العراقي فيما يخص المرأة مع بدايات القرن الواحد والعشرين ، وكيف ان المجتمع عاد الى التزمّت بالاعراف والتقاليد البالية التي لم تعد تناسب او تنسجم وعصرنا الحالي، وعودة المجتمع العراقي الى الوراء، فنسبة عالية من النساء والفتيات محرومات من التعليم، بالاضافة الى الحجاب المفروض عليهن وكذلك العودة الى تزويج الفتيات في سن مبكرة جدا وفقدان الكثير من حقوقهن التي اكتسبنها عبر نضالهن لسنوات طويلة والتي ذهبت هباء منثورا . عالجت الكاتبة في اكثر من صفحة في روايتها الردة الثقافية والاجتماعية الحاصلة في بعض انحاء عالمنا العربي والاسلامي، سيما فيما يخص المرأة وعودة الافكار القديمة التي كانت قد تحررت منها منذ عقود من الزمن . كما مرت الكاتبة بتاريخ العراق منذ اكثر من اربعة عقود مضت ، حيث انها سلطت الضوء على الكثير من الاحداث المهمة التي مر بها الوطن خلال تلك الحقبة من الزمن.
لم تغفل المبدعة سميرة المانع وصف الاماكن والشوارع مما حول شخوص الرواية إلى نماذج حية بشكل دقيق وجميل يجعلنا نحس وكأننا نسير في تلك الشوارع الماطرة ، او نجلس في بيوتها، او نتخيل وجوه شخوصها او ملابسهم وحتى سيارتهم، وفي احيان اخرى نشعر باننا من تلك الشخصيات.. عكست بشكل صريح وجميل، وباسلوب يدخل إلى العقل والقلب مباشرة روح المرأة العراقية المغتربة ونفسيتها المنقسمة بين ما تربتْ عليه في بلادها وبين ماتعيشه في وطن فرض عليها العيش به ، ويجب عليها التأقلم معه، وحنينها الصامت الى وطنها الام بشكل منطقي وقريب جدا من الواقع.
لم تنس الكاتبة أيضا تلك المشاعر الانسانية حينما وصفت حب نهى لخطيبها ومعاناتها في الانتظار الطويل له لعودته من الحرب وكيف انتهت قصة حبهما بموته ، فهذا كان حال الكثيرات من العراقيات اللواتي فجعن بازواجهن او احبائهن ، نتيجة الحروب المتتالية التي قام بها نظام صدام.
في اكثر من مناسبة وصفحة في الرواية عكست الخوف العراقي لدى الشعب أثناء الحكم الدكتاتوري، وحتى استمرار ذلك الخوف عند أناس كثيرين بعد خروجهم من تلك البؤرة.


من خلال روايتها ( من لايعرف ماذا يريد)عكست نفسية العراقيين المغتربين ومعاناتهم كذلك بصدق من خلال حضور تعزية وفاة صديقتها القادمة من بغداد للعلاج التي تحدثت عنها بطلة الرواية لمياء ، وقد نقلت عبر كلماتها المتناسقة تصرفات واسلوب تعامل العراقيين في الغربة مع بعضهم البعض، بشكل واقعي وحقيقي . كما عرضت في روايتها حال المهاجرين المختلفين في بريطانيا وكيفية تقبل المجتمع لهؤلاء بكل ما يحملونه معهم من تخلف ( حكاية المرأة الافغانية التي لاتأكل لحم الخنزير، وزوجها يأكله لانه رجل وله الحق في كل شئ ، لكنها امرأة لاتملك هذا الحق كما تدعي ، ص 33)! جعلتنا الكاتبة نقرأ ما بين وخلف السطور ونقارن وان لم يكن ذلك في حسباننا بين المجتمعات المتطورة وبين المجتمعات المتخلفة .
كما انها سردت اهم الاحداث العالمية، في امريكا واليونان وافغانستان مركزة على المنطقة العربية وبالذات على العراق باسلوب قصصي بديع دون ان تدع الضجر يتسرب الى نفس القارئ .
كان لتداخل كلمات بعض الاغاني القديمة المحببة لمختلف الشرائح من الناس والتي سمعت لاول مرة منذ سنوات طويلة إلا ان موسيقاها ونغماتها مازال عالقا في الذاكرة بين سطور نص الرواية فاضيفت نكهة ومصداقية خاصة جدا .
تتسم رواية (من لايعرف ماذا يريد) بطابع شعبي جميل سلس مفهوم وعميق من قبل كل الناس على اختلاف مستوياتهم وباعتقادي هذه غاية من الصعب الوصول اليها او تحقيقها، مما يزيد من جاذبية الرواية فتصبح مقروءة من قبل الجميع ، كما يسودها ذلك النفس العراقي الاصيل والذي تغلب على معظم صفحات الرواية.
في هذه الرواية ، طرقت المانع باب العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة ، وباعتقادي انها عكست حالة انسانية بشكل جميل جدا خالٍ من الاثارة الرخيصة عندما ذكرت العلاقة الحميمة بين البطلة وزوجها ووصفت بدقة التلاحم بينهما بحبكـــــة جريئة ،وهنا اختلفت عن رواياتها السابقة حيث لم تكن تذكر هذا الجانب ابدا.
عالجت ايضا من خلال السرد القصصي لحياة البطلة لمياء المجتمع حين يستخدم الاحتيال بطريقة حضارية كاذبة مثل اليانصيب ، و في موضوع فتاة من افريقيا ترسل لها رسالة الكترونية على الكومبيوتر تطلب منها مساعدتها على الاحتفاظ بثروة والدها، الذي اغتيل في بلدها، في المصرف عندها بلندن ثم تحويل المبلغ لها بعدئذ، وهذه من الامور المعروفة في التزوير والخداع الالكتروني اليوم سيما في ظل ثورة المعلومات والتكنلوجيا.
في فصل ( ترى بورا) عكست الكاتبة النفس العراقية المغتربة وما يخالجها من قلق وهموم بشكل واضح وقريب جدا من واقع الانسان العراقي .من خلال سردها لاحداث كثيرة مرت بالعراق خلال السنوات الماضية بعد الاحتلال الامريكي اعادت الى الذاكرة امورا كثيرة ربما غابت عن الكثيرين باسلوبها القصصي المشوق جدا والذي لا يحس معه القارئ بالملل ابدا. لقد غُبن حق الروائية سميرة المانع كونها احد اعمدة الرواية العراقية المعاصرة، وكونها كاتبة شديدة الحساسية بمعاناة شعبها ووطنها الام ..
وحبذا لو تلتفت وزارة التربية والتعليم لمثل الاديبة المبدعة وجعل قصصها ورواياتها من ضمن المناهج التعليمية ، فيتعلم منها النشء تاريخنا الذي ُطمست معالمه ..



#جمانة_القروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة بعنوان الزنابق البيضاء
- قصة قصيرة - القرار..
- مبدعون عراقيون في المنافي ( 5 ) [ الدكتور رشيد الخيون ]
- الفنانة ناهدة الرماح - حب الناس هو النور لعيونها .. وبذاك تل ...
- السمفونية الأخيرة
- مبدعون عراقيون في المنافي الدكتور صلاح نيازي
- مبدعون عراقيون في المنافي ...الحلقة 2
- مبدعون عراقيون في المنافي
- زينب .. رائدة المسرح العراقي
- سنبقى نذكرك يا أرضا رويت بدمائنا وحبنا
- من زوايا الذاكرة ...القميص


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمانة القروي - من لايعرف ماذا يريد ( رؤيا نقدية حول رواية سميرة المانع الاخيرة)