أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - عبدالناصر وورقة التعددية














المزيد.....

عبدالناصر وورقة التعددية


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5848 - 2018 / 4 / 17 - 11:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في مثل هذه الأيام العصيبة التي تمر بالعالم العربي، وفي سوريا خصوصاً، نستعيد ذكرى الوحدة بين مصر وسوريا (الجمهورية العربية المتحدة) التي قامت عام 1958. لقد جسّد ذلك الحدث مثالاً ذا أهمية مرموقة بالنسبة للبلدين. فالكيان الوحدوي الجديد مثّل تحولاً استراتيجياً بالنسبة لهما وللعالم العربي عموماً. لم يدم ذلك الحدث طويلاً، لكنه شكّل درساً عميق الدلالة للبلدين.

ورغم أن الوحدة بين مصر وسوريا أتت، فإنها لم تأت بالحكمة السياسية التي تنقذ الوطن الموحّد وتسهم في لملمة المشكلات واحتواء الأخطاء. لقد كان الخطأ الأكبر هو إلغاء الحياة السياسية العامة، حيث بدأت الأخطاء الأخرى تفعل فعلها إلى أن تكوّن تيار كبير معارض للوحدة نفسها، استغلته التحركات المضادة داخل الجيش السوري.

كان عبد الناصر رجلاً وطنياً بلا منازع، لكنه اعتقد أن الحياة السياسية الحزبية تمثل وسيلة لتفكيك الوحدة، ما جعله يقف ضدها، مما كلّف الكثير، وكان من نتائجه بعدئذ ظهور «الدولة الأمنية».
لقد كانت خسارة كبرى للجمهورية العربية المتحدة، حيث أخذ التاريخ حقه مع تفكيك الوحدة عبر تعاظم الاستبداد بما أنتجه من فساد وإفساد، وإهمال شنيع لحقوق الوطن والشعب، ما أسس لعودة دولة الفساد والإفساد، إضافة إلى تأسيس عوامل الانقلابات العسكرية التي انتهت معها الحياة السياسية وتوَّجها «نظام التوريث» الذي حوّل سوريا إلى مُلكية خاصة أو بنية عصبية مغلقة على المبدأ الأساسي للنظام الجمهوري، وهو مبدأ «التداول السلمي للسلطة».

في هذه الوضعية المعقدة، يكثر دعاة الانغلاق حيال «الحكمة السياسية»، التي قد تؤسس لمبدأ «حل المشكلات حسب قاعدة الممكن المحتمل»، لكن من طرف آخر، نلاحظ أن هناك من يعتقد بأن الحل يكمن في التغيير السياسي على أساس ذلك «الممكن المحتمل»، الذي يحفظ للجميع أدوارهم.

وفي هذا السياق تبرز أهمية التوافق الوطني الحكيم، متمثلاً في مبدأ تحقيق الأهداف، وفق «الممكن المحتمل»، الذي يحافظ على وحدة الوطن وعلى شمله معقوداً، ضمن أفق تاريخي مفتوح وباعث على الأمل.

إن المطلوب في هذا السياق لا يتمثل في التطلع دائماً إلى الحدود التامة الناجزة في وقت ما، بل ما يمكن أن يتطور ويتوسع لاحقاً، بمعنى أن المطلوب مرتبط بعمل قادم قد يأتي متأخراً في صيغته التامة، لكنه يأتي وفق منطق تدرّجي سليم.

وهنا قد يتضح أحد أسباب إصرار الزعيم ناصر على عدم الإقرار بوجود سياسات حزبية تامة، لما رآه من أخطاء وقعت فيها المجموعات الاجتماعية في سياق نشاطها السياسي.

وهذا يمكن النظر إليه كحالة أو درجة أولى من الحقيقة السياسية، خصوصاً في ما كنّا ننظر إليه كنتاج لأوضاع اجتماعية عالمثالثية.

إن الوضعية التي واجهها عبد الناصر، وتمثلت في اضطراب بنية الحياة السياسية، في مصر وسوريا معاً، جعلته يشكك في إمكانية بناء وحدة بين البلدين على أساس تعددي، قادته إلى رفض الحياة السياسية عموماً، ما جعله يفرط في ذلك الرفض.

لقد كان فصلاً من فصول العمل المشترك بين القطرين، عبر إخراج معادلة التوحيد بينهما من موقع الاحتمال في حينه: لم يكن النظر إلى المسألة في احتمالاتها القادمة المفتوحة، ما قاد إلى التفريط بالمسألة السياسية ككل.

إن مثل ذلك الموقف يبدو قائماً الآن من خلال عدم الإقرار باحتمال تغير الأوضاع في سوريا إلى الأمام، وحيث يكون الأمر كذلك، فإنه يمكن أن يقود إلى التفريط بوجود احتمال ديمقراطي للخروج من الإشكال السياسي!



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعادلة الاستشراقية قلباً وعقلاً
- معادلة الشرق والغرب
- مواجهة جديدة بأساليب قديمة
- القانون العصيُّ للنهوض
- الإسلام وتاريخ أوروبا
- سوريا عصية على التقسيم
- أوهام الاستعمار والصهيونية
- حلف الفضول ومنظومة التسامح
- ثورة عالمية ضد الإرهاب
- «الإرهاب الديني».. تأسيس تاريخي
- الإرهاب وأوهام العقل الغربي
- الخطاب الطائفي.. من القمقم إلى العلن
- القضية الفلسطينية.. والانتفاضة الثالثة
- الثورة السورية والحكمة الوطنية
- العصر أو القبر مرة أخرى
- مفترق طرق أمام السوريين
- العلمانية في السياق الفكري العربي
- الديموقراطية والتنوير والحداثة
- «الكفر» في حلب!
- العولمة وتفكيكات العصر


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - عبدالناصر وورقة التعددية