أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - معادلة الشرق والغرب














المزيد.....

معادلة الشرق والغرب


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5835 - 2018 / 4 / 4 - 13:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الاستشراق تبرز الصيغة التالية بين الغرب والشرق بمثابتها ضابطاً للعلاقة بين العقل والقلب، فكأنما الأول (الغرب) معادل للعقل، والثاني (الشرق) معادل للقلب. ولعلّه يعني ما يجسده هنا القلب بما قد يعنيه من اللاعقلانية، والغرب الذي يجسده العقل الموازي للقلب والمختلف عنه معنى ومنهجاً.

فهي ثنائية العقل واللاعقل، الثنائية التي تحكم آلية الحياة وقواعدها ونتائجها.


تلك هي الفكرة المحددة بحدود الاستشراق الغربي، وقد ألّف عنها إدوارد سعيد كتابه «الاستشراق: المعرفة، السلطة، الإنشاء». وقد تناول ذلك الكتاب مثقفون ومفكرون تناولاً نقدياً، انطلاقاً من فكرته الرئيسية، والتي يدافع عنها المؤلف على نحو يشي بالعلاقة التي يقوم عليها ذلك الاستشراق «الغربي»، أي علاقة الاستشراق بثنائية «الشرق والغرب» كعلاقة حدية بين القلب والعقل، والتي يأخذ بها الاستشراق الغربي، مع التشديد على أن «القلب» ها هنا مساو -حسب المؤلف - لـ«الشرق»، فيما يساوي «العقل» هنا «الغرب»، أي حامل «العقل» ومنتجه. وهنا تتبلور ثنائية «العقل» و«القلب» من حيث هي -حسب إدوارد سعيد- ضبط لماهية كل منهما.
إن نظرة أو تحليلاً أولياً لذلك المركب من المصطلحات يشي بدلالاته التي، والحال كذلك، لا تخرج عن نظرة أخلاقية دونية، يبرز فيها «الشرق» من حيث هو هذا «الشرق» الجغرافي الذي يرتبط بنظرة دونية في ذاته، كما بالنسبة إلى الآخر، وبعدئذ تأخذ التحديدات التاريخية والجغرافية والعقلية والنفسية والفردية والجماعية، لذلك «الشرق» سماتها الخاصة والفطرية.

ونخلص من تلك المقارنة وفي ضوء الموقف بعمومه إلى ضبط العالم كله، في سابقه وراهنه، كما في احتمالاته الأخرى القادمة، دون تغيير. وهنا تبدو الملاحظة التالية واردة للإشارة إلى أن تغييراً ما قد يحدث، لكن في ما لا يمس البنية الحاسمة في واحديتها، إن لم نقل أبديتها. وبالتعبير المنهجي، يعني ذلك أن تغييراً ما لا يحدث في بنية القلب المحدد الأول بالاعتبار الوجودي والإبستيمولوجي، أي بالاعتبار الذي يؤسس منهجياً بنيته غير القابلة للتغيير.

وعلى الطرف المقابل، يقف القطب الآخر بكل جبروته وأبديته، وهو «العقل»، الذي يؤسس لـ«الغرب» مقابل «الشرق»، حيث يوجد العقل منفتحاً على التحديات الكبرى والصغرى، خصوصاً على عالم الآخر، وهو بذلك يسطر تاريخ العالم في سيره الإبداعي المفتوح، ويضع البشرية أمام خطوات لا تكتمل بخطوات أخرى من نسقها، بل في التغيير الجمعي الذي يفضي إلى مراحل التاريخ الكبرى وما تنتجه من تحولات نوعية تفتح للتاريخ البشري أبواباً بعد أبواب وانتصارات بعد انتصارات.

لقد أخطأ المفكر إدوارد سعيد، حين رنا إلى التغييرات الكبرى والصغرى «في مراحل تاريخية»، ونظر بدهشة عجلى إلى «هنا» و«هناك». لقد أخذ بالتغييرات العظمى التي عاشها الغرب خصوصاً في القرن التاسع عشر وصد عينيه عن مشاهد وطنه، والذي عاش مراحل مريرة لاسيما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية. وقد كان هذا المصير الذي أفضىَ إلى «العالم الأول» (الغربي) بكل تقدمه وتعاظم اكتشافاته، مقابل «العالم الثالث» وما عاناه من تراجع وذل وبؤس.

لقد جاء ذلك المصطلح، ليقود الفكر العربي إلى ما لم يعد عالماً ثالثاً مفتوح الحدود والاختراقات. إن ذلك التطور أفصح عن أخطر خطواته متمثلة بـ«العالم الثالث» نفسه، وإن الأمر ما زال مستمراً في تلك الحالة الدونية التي أفصحت عن نفسها خلال السنوات المنصرمة، متجسدة في تدمير ما أنجزته البشرية في سوريا. ولما كانت سوريا هي العالم الذي اكتشف كيف يكتشف نفسه ويبنيها، فإن هذه الأيقونة ستظل قادرة على استعادة شبابها، وهنا الدرس الأول للبشرية وحينذاك، سنحيي القديم السائر نحو جديد.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواجهة جديدة بأساليب قديمة
- القانون العصيُّ للنهوض
- الإسلام وتاريخ أوروبا
- سوريا عصية على التقسيم
- أوهام الاستعمار والصهيونية
- حلف الفضول ومنظومة التسامح
- ثورة عالمية ضد الإرهاب
- «الإرهاب الديني».. تأسيس تاريخي
- الإرهاب وأوهام العقل الغربي
- الخطاب الطائفي.. من القمقم إلى العلن
- القضية الفلسطينية.. والانتفاضة الثالثة
- الثورة السورية والحكمة الوطنية
- العصر أو القبر مرة أخرى
- مفترق طرق أمام السوريين
- العلمانية في السياق الفكري العربي
- الديموقراطية والتنوير والحداثة
- «الكفر» في حلب!
- العولمة وتفكيكات العصر
- العولمة في حلب!
- جدل الهوية والتاريخ


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - معادلة الشرق والغرب