أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أشرف حسن منصور - الدولة الرأسمالية بين فوضوية السوق ودكتاتورية المصنع














المزيد.....

الدولة الرأسمالية بين فوضوية السوق ودكتاتورية المصنع


أشرف حسن منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5833 - 2018 / 4 / 2 - 04:43
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الدولة الرأسمالية بين فوضوية السوق ودكتاتورية المصنع
إن الواقع الفعلي للمجتمع الرأسمالي يتمثل في كيانين اثنين أساسيين: السوق والمصنع، أما الدولة فهي كيان وسيط يقع بين الاثنين. وكل الخيارات السياسية المتاحة أمام الدولة الرأسمالية تقع على خط واحد متصل، منحصر بين طرفين متناقضين، فوضوية السوق ودكتاتورية المصنع. بمعنى أن الدولة باعتبارها الكيان الوسيط، إما أن تقف بجانب السوق، أي رأس المال المالي وتميل للفوضوية، وهو ما يتمثل حالياً في الليبرالية الجديدة، أو تميل إلى جانب المصنع، أو رأس المال الصناعي، وتصبح خياراتها دكتاتورية، أو فاشية، وهو ما حدث بالفعل في تاريخ الرأسمالية من ظهور للنازية والفاشية، وميل نحو اليمين القومي أو الديني المتطرف لدى الكثير من حكومات الغرب في فترات تاريخية متفرقة.
السوق في النظام الرأسمالي فوضوي، والسبب في ذلك يرجع إلى أنه متروك لقوانينه العمياء التي يخضع لها المجتمع دون إرادة ودون وعي ودون تحكم أو سيطرة عقلانية. مجال السوق الرأسمالي هو مجال الفوضى: صعود وهبوط مستمر للأسعار، تغير دائم في العرض والطلب، أزمات مستمرة تتراوح بين الكساد وفرط الإنتاج والتضخم، بطالة مستمرة وتهديد دائم بفقدان الوظائف، تحميل الفرد مسئولية الفشل البنائي للنظام. هذه الفوضوية تسمى حرية، وتسمى ليبرالية، بدون وجه حق.
أما المصنع فهو على النقيض التام من السوق. فهو مجال الانضباط الشديد والدقة المتناهية والسيطرة التامة على الآلة وعلى مشغلي الآلة من البشر، وهو مجال تطبيق العلم والتكنولوجيا، أي المنطق الصارم والحتمية الآلية. وهذا هو ما يجعله مجالاً للقرار الاستبدادي وللتحكم الدكتاتوري. ومن داخل المصنع جاءت التايلورية والفوردية، وهي نظم في الإدارة والتنظيم والعمل بالغة الدقة والصرامة (انظر مشهد شارلي شابلن على خط التجميع)، مما جعل المصنع أكثر اضباطاً من الجيش. إنه منبع الدكتاتورية. ولذلك فإن الدول التي لم تحدث بها ثورة صناعية تلقائية وأرادت التصنيع، لجأت إلى أنظمة سياسية دكتاتورية لفرض التصنيع على المجتمع.
وبين فوضوية السوق ودكتاتورية واستبداد المصنع توجد الدولة الرأسمالية، وهي تتوسط بينهما، بمعنى أنها تعالج الآثار السلبية لكل منهما بالميل تجاه الجانب الآخر: تحاول علاج فوضوية السوق بشيء من التدخل الاقتصادي الذي إذا زاد عن حده تحول إلى استبداد ودكتاتورية، وتحاول علاج دكتاتورية المصنع بالميل إلى فوضوية السوق.
التناقض الطبقي الأساسي في المجتمع الرأسمالي ليس بين الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة، بل بين طبقة رأس المال المالي Finance Capital وطبقة رأس المال الصناعي Industrial Capital، أي بين أصحاب رؤوس الأموال السائلة ورواد الصناعة، أو بين المستثمرين والصناعيين. والصراع الحالي هو الصراع بين هاتين الطبقتين، بعد أن خرجت الطبقة العاملة من المعادلة تماماً. حتى ستينيات القرن العشرين كانت القوة المسيطرة في أمريكا هي التحالف الصناعي العسكري The Military-Industrial Complex، الذي حذر منه آيزنهاور. أما الآن فإن وول ستريت هي المسيطرة، الممثلة للبنوك وشركات الاستثمار النقدي المسيطرة على الاقتصاد الأمريكي، والعالمي أيضاً.
والسبب في انحصار الاختيارات السياسية بين هذين القطبين المتناقضين، هو اختفاء المجتمع وتغييبه، وتغييب البشر أنفسهم بعد أن تمت السيطرة التامة عليهم. في ظل غياب السيطرة الاجتماعية الديموقراطية الواعية على السوق وعلى المصنع، يغيب التخطيط العقلاني الرشيد، ويفقد المجتمع سيطرته على موارده واقتصاده وثروته، فتسود المصالح الطبقية وتسيطر. ويتخذ النظام السياسي الشكل الذي يناسب الطبقة المسيطرة، فإذا كانت فوضوية السوق تناسب الطبقة المسيطرة، سادت الليبرالية الجديدة، وإذا كانت دكتاتورية المصنع هي التي ستحافظ على سيطرة الطبقة السائدة، مال النظام السياسي إلى الدكتاتورية، التي تتخذ الآن شكل الشعبوية الجديدة وصعود اليمين بكل أشكاله، الدينية والعرقية والقومية.



#أشرف_حسن_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الترجمة ونظرية التناسخ
- القضايا الأساسية في النظرية الماركسية - 2) 2) ديناميات التغي ...
- القضايا الأساسية في النظرية الماركسية (2) - 1) الأساس الاقتص ...
- الوجوه المتعددة لهابرماس
- القضايا الأساسية في النظرية الماركسية
- حقيقة الناسخ والمنسوخ في القرآن
- الأشاعرة وكلام الله النفسي
- نحو تصحيح المفاهيم حول مبادئ الشريعة الإسلامية
- خلق العالم بين التوحيد والثنائية الأنطولوجية للروح والمادة
- كيف تملكت أوروبا فلسفة ابن رشد؟
- كيف يصير المرء رأسمالياً – المحددات البنائية للفاعلين الاقتص ...
- كيف تصير النصوص أصناماً؟
- ماذا قال ماركس عن محمد علي؟
- الحداثة والدين وتمايز مجالات القيمة
- كولريدج والجاسوس الفضولي
- هل يستطيع الإله التواصل مع البشر بطرق أخرى غير النبوة؟
- لمحات من فكر المعتزلة - 1) هل القرآن دليل على وجود الله؟
- حول إعادة النظر في تصنيفات الإسلام السياسي
- عصر التنوير ونقد الفكر الديني. هولباخ نموذجاً
- وهم تعظيم الربح


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أشرف حسن منصور - الدولة الرأسمالية بين فوضوية السوق ودكتاتورية المصنع