أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أشرف حسن منصور - كيف تصير النصوص أصناماً؟














المزيد.....

كيف تصير النصوص أصناماً؟


أشرف حسن منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5704 - 2017 / 11 / 20 - 09:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كيف تصير النصوص أصناماً؟
نجح الإسلام في تحطيم الأصنام، لكن صنع المسلمون لأنفسهم أصناماً جديدة، وهم غير واعين بأنها أصنام من الأصل، ولذلك لن يستطيعوا تحطيمها، فصنميتها غائبة عن إدراكهم. هذه الأصنام الجديدة هي نصوص بشرية، كتبها بشر، ثم قدسوها، وهي ليست كذلك. وتقديس ما هو بشري هو تحويله لصنم.
ليس شرطاً في الأصنام أن تكون أشياء مادية أو تماثيل، بل يمكن أن تكون كلمات وعبارات وجُمَل يتم تبجيلها والاستسلام لها، وبذلك تكتسب سلطة طاغية على عقليات الناس وحياتهم. من السهل للغاية تحطيم الصنم المادي، لكن الصنم المعنوي، الصنم اللفظي المكون من كلمات، من الصعب للغاية تحطيمه، لأنه ينتشر في الهواء، وتتناقله الألسنة. تتحول نصوص رجال الدين، القدامى والمحدثين، إلى أصنام، وتعتم على فهم الناس لحقيقة دينهم، وتشكل حاجزاً بينهم وبين هذا الفهم، وهم يعتقدون أنهم لن يفهموا دينهم إلا من خلال رجال الدين، في حين أن هؤلاء الرجال ليسوا من الدين، بل هم صانعوا الأصنام الجديدة.
إن الصنم المادي هو رمز لشيء، وهو وسيط بيننا وبين هذا الشيء، هو دال Signifier يشير إلى مدلول Signified. والصنمية Fetishism هي اتخاذ الرمز أو الوسيط أو الدال بديلاً عن الشيء الحقيقي أو المدلول. فيتم إلغاء الأصل والتمسك بصورته الرمزية أو انعكاسه الدلالي. وهذا ما يفعله المسلمون في نصوصهم البشرية التي يعتبرونها مقدسة. وهنا يتحول التقديس إلى تصنيم.
حلل ماركس حالة الاغتراب في المجتمع الرأسمالي على أنها حالة من صنمية السلع Fetishism of Commodities، حيث تتحول السلع إلى غاية في ذاتها، وحيث يتعامل الناس مع بعضهم عن طريق السلع، وحيث يضفي الناس معنى على حياتهم عن طريق السلع، وحيث تتحول العلاقات الاجتماعية بين الناس إلى علاقات اقتصادية بين سلع. أما المجتمع الإسلامي فإن اغترابه يتمثل في صنمية النصوص، إنه مجتمع نصوصي، يتحول النص فيه إلى صنم.
ويتحول النص إلى صنم عندما يتخذه البشر وسيطاً بينهم وبين حياتهم الفعلية، وعندما لا يستطيعون فهم واقعهم ولا التعامل معه ولا مع بعضهم البعض إلا من خلال النصوص. عندئذ يصير التعامل بالنصوص بديلاً عن التعامل مع الواقع، وتصير النصوص حاجزاً بينهم وبين الواقع، وتتحول إلى أصنام. إنهم لا يتمكنون من أداء أي شيء ولا يستطيعون الإقدام على أي شيء إلا من خلال النصوص، ولا يستطيعون التفكير إلا بالنصوص، وتنظم النصوص تفاصيل حياتهم اليومية، حتى أنها صارت تراقبهم، وتحولت إلى مقياس أفعالهم؛ صارت النصوص حية وهم أموات، وعاشت النصوص عليهم. لم تعد لديهم إرادة حرة، فالإرادة هي إرادة النصوص، وما هم سوى انعكاسات باهتة لهذه النصوص، صاروا هوامش لهذه النصوص، قابلة للحذف في أي لحظة.
كما صارت النصوص وسيلة للقتل. الخلاف حول النصوص أصبح نقطة صراع، وصار المسلمون يقتلون بالنصوص، ويقتلون دفاعاً عن نصوص. وعندما تصير النصوص وسيلة وهدفاً للقتل، تصبح خطورة صنميتها أشد بكثير من الأصنام القديمة. إنها صارت قادرة على نزع الحياة من الإنسان، وعلى سلبه لحريته، وإخضاعه واستعباده، بطريقة لم يسبق لنا أن عرفناها مع الأصنام القديمة.



#أشرف_حسن_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا قال ماركس عن محمد علي؟
- الحداثة والدين وتمايز مجالات القيمة
- كولريدج والجاسوس الفضولي
- هل يستطيع الإله التواصل مع البشر بطرق أخرى غير النبوة؟
- لمحات من فكر المعتزلة - 1) هل القرآن دليل على وجود الله؟
- حول إعادة النظر في تصنيفات الإسلام السياسي
- عصر التنوير ونقد الفكر الديني. هولباخ نموذجاً
- وهم تعظيم الربح
- الليبرالية بين تراثها التقليدي ودلالاتها المعاصرة
- نظرية أُميِّة الشريعة لدى الإمام الشاطبي
- موقف هيجل وهوسرل من العلاقة بين المذهب الفلسفي وتاريخ الفلسف ...
- فلسفة التأويل عند ريكور وأصولها الهيجلية
- فلسفة سارتر ومسلماتها الهيجلية
- المنهج الفينومينولوجي عند هوسرل
- أنطولوجيا الوجود الإنساني بين هيجل وهايدجر
- دلالات إضراب موظفي جامعات مصر
- مهام المرحلة المقبلة من الثورة المصرية
- إضراب عام حتى تسليم المجلس العسكري السلطة لمجلس رئاسي مدني
- هيلاري كلينتون المتحدثة الرسمية باسم المجلس العسكري المصري
- الحرب الطبقية في مصر


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أشرف حسن منصور - كيف تصير النصوص أصناماً؟