|
..!لا تبخلوا بظهوركم كي تكونوا سعداء
فاتن نور
الحوار المتمدن-العدد: 1486 - 2006 / 3 / 11 - 09:28
المحور:
حقوق الانسان
ما السعادة؟ أهي المال.. الجاه..الصحة..الشهرة..الإيمان..القناعة والرضى.. المعرفة والعلم.. الحب والمحبة.. الخ..؟ هل هي مزيج من كل هذا وذاك؟
الواقع يدلي بدلوه ليجهربـ -لا-.. فليس كل الإغنياء سعداء ،وليس كل اصحاب الجاه والشهرة سعداء..وليس كل الإصحاء سعداء ..وهذا ينطبق على بقية المعايير المطروحة وما شاكلها.. كما انه ليس كل من يجمع بين تلك المعايير ويحتويها،يحتوي سعادته بالتمام والكمال،.. فما السعادة اذن ومن هو السعيد؟
لنرى ما يقوله احد الحكماء في هذا الشأن...علنا نجد سر السعادة بمعيار مختلف تماما....
ذهب فتى اشقاه الدهر الى حكيم الحكماء ليسأله عن سر السعادة التي يفتقدها ومنذ هبوطه على الأرض من رحم انثى... وقف بين يدي الحكيم وادلى بالسؤال بلا مقدمات:ما السعادة ايها الحكيم؟..
التقط الحكيم ملعقة طعام ووضعها بين يدي الفتى..ثم ملأها بالزيت وطلب من الفتى ان يجول في انحاء القلعة التي يسكنها ، وكانت قلعة كبيرة اشبه بمتحف زاخر بكل انواع الفنون التي تجذب البصر وتلهم البصيرة..رغم استغراب الفتى وعدم فهمه إلا انه رأى ان يستمع وينفذ ويلزم الصبر مبتعدا عن الثرثرة وحتى يصل الى مرامه بلا مداخلات،كما ان فضوله في الإطلاع على مكنونات القلعة الفخمة سهل عليه الصمت والإستكانة لطلب الحكيم.. راح يجول في انحاء القلعة وملعقة الزيت بيده..صاعدا نازلا من والى طوابق القلعة المتعددة وسراديبها المذهلة وعبرسلالم حلزونية من الرخام .. هاله ما رأى.. كل ما في القلعة من بناء ونقوش وموجودات يرتقي فوق الوصف ويأخذ اللب والبصر... بعد ان اتم جولته عاد ثانية ليقف بين يدي الحكيم متسائلا: ها قد عدت ..هل لك ان تجيبني الآن عن سؤالي ؟... نظر اليه الحكيم وقال: اغفر لي شيخوختي يا بني فقد نسيت السؤال ،هل لك ان تكرر.. فبادره الفتى ثانية بالسؤال: ما السعادة يا حكيم..؟
ابتسم الحكيم واشار عليه بالنظر الى الملعقة والتي ما زالت بين يدي الفتى..... نظر الفتى الى الملعقة فوجدها فارغة تماما... ثم نظر الى الحكيم مستغربا وقال: انها فارغة وهذا طبيعي فقد امرتني بالتجوال فصعدت ونزلت مرارا ، لا سيما ان ما في القلعة يلفت النظر ويشتت الخطى، ولكن ما علاقة الملعقة والزيت بسؤالي؟.. اجابه الحكيم: .. .. العلاقة متينة يا بني فهي سر السعادة التي جئتني سائلا عنها.. ارتبك الفتى وأزداد عجبه من نوع الحكمة التي يحاول الحكيم الإدلاء بها، وطلب منه الإيضاح.. فاجاب الحكيم بثقة موضحا: السعادة يا بني هي ان تنظر لما حولك كيفما تشاء بشرط ان تحتفظ بما بين يديك... لم يفهم الفتى، واعتبر ما يقوله الحكيم مجرد هراء ومن جنون الحكمة!، فعاد متسائلا وبسخرية: وما بين يدي يا حكيم الحكماء؟.. الفراغ والخواء هو كل ما امتلك فانا فقير معدم ،جاهل ابكم، شريد طريد الذل والـ.... وهنا قاطعه الحكيم قائلا:.. مهلا ايها الفتى مهلا.. يبدو لي انك جاهل فعلا لما هو بين يديك، يا بني لا تبخس ثمن ما تمتلك..... غضب الفتى وعاد يسأل بنبرة إمتعاظ وإستهزاء ملوحا بيديه امام وجه الحكيم : لعلك اعلم مني بما امتلك.. هلاّ اوضحت لي كيف يُبخَس العدم بين هاتين اليدين... ابتسم الحكيم قائلا: ما بين يديك يا بني هو .."انت".. أنت كأنسان.. فزن نفسك كـ "أنسان"، ولا ترضى او ترتضي ابدا بمن يزنك بغيرهذا الميزان، الرضى في حالة كتلك سيسحق ما بين يديك.. انسانيتك يا بني وذاتك.. وهذا كل ما تمتلك فاسعى اليها ولها مجاهدا فهي سرالسعادة........
خرج الفتى مزهوا بنفسه وقيمته فقد فهم وبعد تفكير طويل عمق المعنى ،وراح يردد: السعادة هي انا.. انا الأنسان...انسانيتي هويتي بين يديّ..تبا لمن يمسخها الى خواء ،ويحا لمن يمسها او يقترض منها بذريعة او خديعة، سحقا لمن يضعني في الميزان كشريحة لحم او رطل من طحين او رقم في قطيع لأحتساب ميزانية العلف... سحقا لمن يستعبد الإنسان وخزيا لمن يرتضي.... ما بين يديّ هو" انا".. وهذا كل ما امتلك من ثروة ولن ابددها بعد اليوم، فما هي إلا فراغ وعدم بين يدي كل جبان..!!.. .... هل في قول الحكيم اية حكمة؟ ما رأيكم بوزن حكمته بميزان الرواة وما نقلوه من احاديث عن الرسول!!؟ سأكتفي بحديثين من صحيحي مسلم والبخاري كعينة :
قَال الرسول :" اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ ".
قال الرسول:" يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ " .. قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَال: " تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ " .
هل ترون معي (ووفقا لميزان النقل) بأن حكيم الحكماء فاسق مرتد وقد افسد الفتى وما بين يديه بحكمته تلك!!! هل عرفتم بأن سوط الأمير وظهر البعير هو سر من اسرار السعادة الألهية المنقولة الينا عن لسان الرسول وعبر اقلام الرواة الأمناء!
فلا تبخلوا بظهوركم كي تكونوا سعداء... فوالله ميزان النقل- بزبيب العبد الحبشيّ- قد غلب ميزان العقل والحكمة وقضى على عبودية الإنسان!!!
فاتن نور 06/03/10
#فاتن_نور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
..!في يوم المرأة العالمي.. صورة من وحي الخيال
-
! -الخطاب الديني المعاصر و- شوف حبيبي
-
يشهد الله انه قد ضاق صدري..!
-
ايه ياعراق وماذا بعد الضريحين
-
تسبيحات امرأة من هناك!...
-
مولاتي..بغداد..قومي..
-
بين الفن الكاريكاتوري والفن التطبيري...
-
شقيّة انتِ ..
-
! فهمت مؤخرا ما السر وراء تخلفنا.. الحداثة الجنسية
-
آواه..انها اليوغا!..
-
..رحماك ربي
-
حميّة مدرسية وصور...
-
صرخة..حول محاكمة قلم
-
همسات من طين..
-
محروقات وثرثرة
-
وخرج والدي من قبره!
-
مطبات وتواصل ...
-
اغيثوني ..مَن انتخب؟
-
المرور بجسد المرأة..هو الحل!..
-
مقتطفات من بلد الغلابة والثراء..مصر
المزيد.....
-
الأونروا: بعض العائلات بشمال غزة تتناول رغيف خبز كل 3 أيام
-
لماذا الكيان الاسرائيلي قلق من انتشار المجاعة في غزة؟
-
اعتقال -أفريقي- بحوزته 11 كيلو -كوكايين- وتاجر -كريستال ومار
...
-
بعد قرار حظر الاحتجاجات.. فضّ مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في أم
...
-
ماليزيا تجهز لمعركة دبلوماسية ضد إسرائيل داخل الأمم المتحدة
...
-
غزة على شفا المجاعة.. والمنصات تفضح صمت المجتمع الدولي
-
منظمات دولية تطالب بإعلان المجاعة رسميا في شمال قطاع غزة
-
حظر الأونروا.. محاولة جديدة لتكريس سيطرة الاحتلال على القدس
...
-
وزير خارجية إسرائيل يدعو لتعزيز العلاقات مع الأقليات في الشر
...
-
مقتل و اعتقال عدة عناصر إرهابية جنوب شرق ايران
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|