أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الشويلي - قراءةفي قصة الجرس ل صالح جبار خلفاوي














المزيد.....

قراءةفي قصة الجرس ل صالح جبار خلفاوي


كاظم الشويلي

الحوار المتمدن-العدد: 5795 - 2018 / 2 / 22 - 10:36
المحور: الادب والفن
    


لا يكتب القاص والروائي المبدع صالح جبار خلفاوي قصصه لأجل رغبة عابرة أو متعة زائلة ، أنما يكتب لأجل هدف سام و إيصال رسالة إلى اوسع مساحة من المتلقين ، ومن الممكن أن نقرأ بعضا من أفكاره وتطلعاته من خلال مطالعتنا لقصة (الجرس)..
ان فكرة القصة تدور حول الفواجع والأرزاء التي ارتكبها الإرهاب ضد أبناء بلدنا ، هاهو القاص المبدع صالح جبار يتقمص شخصية مواطن كادح فقير يعمل ( جايجي ) ، ينقل لنا بسرد محكم ولغة رصينة همومه ومعاناته وبحثه عن رزق كفيف يملى المعدة الخاوية ويهرب من قرصات الجوع ، و يعرض لنا القاص شخصية بطل القصة وهو يتمنى الموت والخلاص من عذابات الفقر والخوف والإذلال والشيخوخة التي ترهق الكبير ، لقد استطاع القاص وببراعة ان يصور لنا نموذجا للطبقة الكادحة المترهلة بكل المعاناة ، نطالع : ( سرت نحو باب المنزل الموصد باستمرار .. للتأكد بأن جميع إفراد أسرتي لم يغادروا الدار فقد كنت أخشى عليهم , من هول الانفجارات المتلاحقة بتواصل مفزع ..ربما لايترك لديهم فرصة للنجاة , فنحن نعيش حياة من نوع أخر …عدت ثانية , حيث رائحة القهوة والشاي المعطر .. لطالما كنت اسمع كلمات الثناء والمديح على الشاي الذي اصنعه , استلم الإكراميات الصغيرة , لأجل ذلك , فأقوم بإخفائها في جيب سري لسروالي الأسود … لأني أعي أن زوجتي ستبحث في ملابسي, لتأخذ ما ادخرته .. وهي تصرخ : ( لم يعد الراتب يكفي .. لأن الدروس الخصوصية وأسعار الوقود .. تمتص المعاش) انتبهت للجرس المثبت على الجدار الأصم إمامي يرن … نهضت بلا اكتراث , تحركت مفاصلي , شعرت بها تتحرك وحدها في الفضاء بدون نقطة ارتكاز … والبلاطات تتمطى مثل بالونه منفوخة .. حاولت مد يدي نحو الباب المتراخي بإهمال واصل إلى الرتاج الذي يحمل بصمات الهدوء … دفعته , لم يصر منذ أن دهنته في الشتاء الماضي ,خفت صوته .. لكني أحس بصريره يصدر من مفاصلي الموجوعة .. ) . لقد استطاع القاص ان يرسم بكلماته المتينة لوحة من البؤس وطلبات العائلة ولم ينس ان يقارن بين صرير الباب وصرير المفاصل ، وكأن هذا النموذج من الطبقة الكادحة قد كتب عليها المعاناة والقسوة ، نطالع السرد المتقن والحبكة المنسجمة : ( أمور العمل لم تعد كما كانت في السابق , شحت الإكراميات , و البعض يعاملني بخشونة ما جعلني امتعض من أساليب المحيطين بي .. كنت اخفي اضطرابي وراء منظر وقور بسحنتي الداكنة .. نهرني صاحب العمل بشدة , تمنيت لو أنفذ بجلدي المسلوخ من الزاوية إلى غير رجعة , لااستطيع فعل ذلك, وخلفي( كوم لحم …) كما تردد زوجتي دائما … في الخارج صوت الرصاص يسمع بوضوح , تطلعت من النافذة , الناس يهربون بفزع موجع , جثة ملقاة على الجانب الأخر من الشارع .. شعرت بالخوف , أحسست بقرب نهايتي … مرة أخرى رن الجرس … ) . وبلغت الأحداث ذروتها ، وكأن الأقدار لم تكتف ان تصب غضبها على هذه الشريحة المعدمة ، بل ان الإرهاب كان العامل الأخر المنغص لحياة هذه الطبقة الكادحة ، لم تنته معاناة هذا الإنسان المعذب عند هذا القدر من مستويات العوز وهواجس الخوف والذلة من قبل مرؤوسيه بل ختمها في انفجار لعين جعلت الروح تحتضر ، وكأن القاص يشير ألينا ان هذه الطبقة الكادحة تتأرجح بين الحياة والموت ، نقرأ السرد البديع في تصوير لحظات احتضار الروح وسكوت النبض ومشاهداتها الأخيرة قبل مفارقتها الحياة : ( ازت بالقرب من راسي رصاصة , سمعت احدهم يصرخ بي , كان مختبئا خلف برميل القمامة … بعدها اهتز المكان بدويا مخيفا استلقيت على ظهري المحدودب الشقوق تخترق جلدي الممزق … لم اشعر بألم مفاصلي بحثت بأصابع مرتجفة , عن مساماتي التي أودعتها تحت الملابس , لم اعثر عليها , ارتدت يدي , تحمل سائلا لزجا , بلون الدم .. حل الظلام في عيني , سكن النبض في جسدي , سمعت أصوات أبواق متلاحقة .. شعرت كأني أطير بخفة عجيبة … تسألت : هل أحلم … حاولت فتح أحداقي .. لمحت نورا يأتيني من فوق جسدي المسجى , يلسع عيوني أعدت اغماظها … سمعت صوت باب يفتح , وهمهمات لم افهمها … عاودت بعناد , فتح أجفاني المغلقة , شاهدت من وراء ضباب عيوني أناس يحملوني بتؤدة لمحت خلفهم سيارة إسعاف… تساءلت مع نفسي : هل الجرس ما زال يرن .. ؟ دسست يدي في الجيب السري لبنطالي الأسود .. أتحسس نقودي ثم هدأت …
وبهذا السرد المتقن ارشف لنا القاص والروائي صالح جبار مرحلة عصيبة من تأريخ العراق الحديث ، والحق يقال ان هذه القصة القصيرة تتمتع بجمال السرد وعمق الموضوع وتعتبر من التحف الجميلة التي تسحر المتلقي وتشد ذهنه من السطور الاولى حتى نهايتها … فتحية للقاص القدير على هذا الانجاز الباهر والبديع ونشد على يديه ونبارك له إبداعاته المتميزة



#كاظم_الشويلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة لقصة الجرس للقاص صالح جبار خلفاوي
- مواسم الثلج والنار / 2
- رواية : مواسم الثلج والنار / 1
- القاصة فاتن الجابري تتألق في امرأة الريح
- قراءة في عشرات الحصى للقاصة بيداء كريم
- قراءة نقدية في الأيام العشرة للقاص راضي المترفي
- البراعة السردية للقاص رياض الاسدي
- ما بين السخرية والمرارة في بيبسي للقاصة بان الخيالي
- بقعة ضوء على الرؤوس المتطايرة للقاص حمودي الكناني
- الزيلفون
- الخيالات الصادقة للقاص أنمار رحمة الله
- نظرة سريعة لإبداعات القاص جعفر المكصوصي
- الوجوه البيضاء للقاص خزعل المفرجي
- أحلام القاص عبد الفتاح المطّلبي
- لمحة نقدية لقصص المبدعة سنية عبد عون رشو
- القاص جيكور ... عندما يتحفنا بروائعه
- الشاعرة رغد صدام ...وعلى الدنيا السلام
- قُتل الإنسان ما أكفره ....
- تايتانيك عراقية ...
- شتاء جهنم ..... قصة قصيرة


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الشويلي - قراءةفي قصة الجرس ل صالح جبار خلفاوي