أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سالم المرزوقي - تونس الفسفاط الغنيمه















المزيد.....

تونس الفسفاط الغنيمه


سالم المرزوقي

الحوار المتمدن-العدد: 5793 - 2018 / 2 / 20 - 21:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أزمة قطاع الفسفاط وسكان الحوض المنجمي لن تجد طريقها للحل ما دامت تعالج بشكل خاطئ من جميع الأطراف،سلطة ومحتجين ونقابات وأحزاب حاكمه ومعارضه ولأني من عمال هذا القطاع ومطلع على الكثير من تفاصيله سأحاول أن أدلي بآرائي المتواضعه لعلي أصيب في تصويب طريقة تحليل المعضله وتعقيداتها.
إن معالجة الأزمه دون العودة لتاريخ شركة فسفاط قفصه والمجمع الكيميائي ومجتمع الحوض المنجمي،لن يفضي إلا لمزيد التجاذبات وتعقيد العقد فمن حق سكان الحوض المنجمي الحياة الكريمه والشغل والتنميه ومن حق الدولة استخراج الفسفاط وتصنيعه واستثماره مركزيا لأنه ثروه وطنيه لجميع التونسيين،وإذا ظلت كل أطراف الصراع تتعامل مع الفسفاط كغنيمه ستتفاقم الأزمه وربما تدخل مرحلة خارجه عن السيطره وخطيره على أمن البلاد والعباد وهو ما تدفع نحوه عصابات سياسيه ومافيات ماليه واحتكارات أجنبيه كلها تعمل على مزيد التعكير لتضع يدها على هذه الثروة الهائله.

تاريخ الفسفاط والحوض المنجمي:

من اليوم الأول الذي دخل فيه المستعمر الفرنسي لتونس كانت عينه على المناجم الهائله الكامنه تحت جبال وهضاب مقفره وخاليه من السكان الحضريين ولا تقطنها غير تجمعات صغيره من البدو المشتغلين بالرعي والفلاحة البدائيه البسيطه،وكان لا بد من تأسيس حضري ما لتوفير اليد العامله لشركة الفسفاط الناشئه والتي ستصبح عملاقا اقتصاديا في بلاد فلاحيه متخلفه،فباشرت الشركه ببناء السكن وتوفير متطلبات العيش وشق الطرق والسكك الحديديه نحو البحر للتصدير وأطلقت حملة لجلب اليد العامله من تونس وحتى من خارجها من الجزائر وليبيا والمغرب ومالطا وغيرها ووفرت متطلبات التوطين وهكذا ولدت مدن الحوض المنجمي متاخمة للدواميس المتمدده تحت الأرض بحثا هذا التراب البني الثمين،ومع كل منجم جديد يتطور الانتاج وتتراكم الأرباح ويزداد عدد الوافدين الجدد وظلت سياسة شركة فسفاط قفصه تتحمل أعباء المجتمع الذي صنعته حتى بعد خروج المستعمر الفرنسي سنة 1956 على الأقل في حدوده الدنيا من ماء وكهرباء وصحه وتعليم ونقل وتعاضديات توفر المواد الاستهلاكيه المدعمه وقد بلغ عدد العمال قرابة 17 ألف عامل وإطار تصرف أجورهم في المدن المنجميه لكن وكنتيجه لهذه الأعباء الاجتماعيه التي توسعت وتضخمت نتيجة تضاعف عدد السكان وتوسع المدن والتي لا يمكنها الصمود إقتصاديا إلا بالتأسيس لتنميه موازيه واستثمارات جديده للتخفيف من اسنزاف شركة الفسفاط ومواردها وإصلاح هيكلي لمؤسساتها للحد من الفساد واللصوصيه وإنقاذها من الافلاس ،لكن ما حصل بعد 7 نوفمبر من حلول لانقاذ قطاع الفسفاط كان كارثيا على سكان ومدن الحوض المنجمي وجنة للفساد واللصوصيه والصمصره بثروة البلاد وهو ما لم يدركه غالبية المثقفين التقدميين والنقابيين ومناضلي المجتمع المدني إلا بعد عقدين أي سنة 2008 عندما برز البؤس والفقر والبطاله والتي توجت بانتفاضة الحوض المنجمي.

إنقاذ قطاع الفسفاط على حساب المواطن:

بمجرد أن تمكن زين العابدين بن علي والمحيطين به من السلطه وإزاحة بورقيبه سنة 1987 باشر مباشرة بإعادة هيكلة شركة فسفاط قفصه ودمجها في قطب صناعي موحد مع شركات تحويل الفسفاط ليولد المجمع الكيمائي التونسي وذلك بهدف السيطره المركزيه عن مجمل قطاع الفسفاط وأغلق كل انتداب جديد وسرّح آلاف العمال والإطارات مستعملا الاغراء بفتاة التعويضات ورشوة النقابات والوجهاء المحليين بالمال والمناصب وحتى ننصف الحقيقه فإن قيادات كثيره من الاتحاد العام التونسي للشغل تورطت في تمرير مشروع بن علي التدميري لأهالي الحوض المنجمي مقابل منحهم امتيازات خاصه ،كذلك استعمل بن علي الضغط والقمع لكل نفس معارض ،بعد هذا الانقاذ المشوه بلغ تعداد عمال شركة فسفاط قفصه 5 آلاف بعد أن كان 17 ألف عامل وإطار وتزامنت هذه الخطوات مع حمله دعائيه مكثفه بالوعود المزيفه حول إنقاذ الاقتصاد والنمو والازدهار ونجح في تمرير مشروع إعادة الهيكله والتي هي في جوهرها تخلي الشركه نهائيا عن مسؤولياتها التنمويه والاجتماعيه الموروثة من زمن التأسيس وتوطين السكان ومرّر انسحاب الدوله وتخلصها من التزاماتها نحو مواطنيها وتركتهم لمصيرهم بخدعة إنقاذ قطاع الفسفاط من الافلاس ،لتنطلق ماكينة امتصاص الأرباح فأطلقت أيدي الشركات الخاصه عبر المناوله والصمصره والمناقصات واللصوصيه وتراكمت الأرباح بتطوير طرق الانتاج حيث وقع التخلي عن حفر المناجم في الأعماق (الداموس) و فتحت المناجم وأصبحت مقاطع خارجيه ليقفز الانتاج من 4 ملايين طن في السنه الى 8 ملايين طن سنة 2010 وبعثت شركات جديده للتحويل لمزيد اسنزاف هذه الثروة الهائله ،كل هذا مقابل إهمال كلي لسكان الحوض المنجمي الذين فقدوا سند الشركه مع انسحاب الدوله.

النضال الطبقي والشعبي:

من المفارقات "الغريبه" في نضالات الحوض المنجمي حالة التشرذم والانفصام وربما التناقض بين الطبقه العامله الأصليه المستقره في شركة الفسفاط والمصانع وبين الفئات والشرائح المهمشه والفقيره،حيث أصبح غالبية العمال تنأى بنفسها عن النضال خشية فقدان مورد رزقها جراء نضالات البطالين والمهمشين المعطله للانتاج ما يهدد بإفلاس الشركات وغلقها ،وقد بدأ التململ يظهر على شرائح كثيره من الشعب التونسي جراء الفوضى والاضرابات العشوائيه لتبدأ بعض الأصوات منادية بعسكرة الحوض المنجمي وهي دعوة مبطنه للقمع في غياب تام لصوت القوى التقدميه (ربما بسبب نقص ثقافتها وشعبويتها السياسه) وهي التي بإمكانها وحدها عقلنة النضالات وتوحيدها،لأن تلك التحركات الشبابيه محقة ومشروعه من حيث الجوهر أي النضال ضد الفقر والبطاله والتهميش وانسحاب الدولة وتخليها عن مواطنيها،ولكنها خاطئه من حيث الشكل من قطع الطرقات وغلق المصانع والمناجم ما جعل هذه الاحتجاجات فريسة سهلة لتوجيهها نحو العنف والفوضى والتوظيف من طرف لوبيات الفساد والأحزاب الرجعيه والعميله التي تطمع في الاستيلاء على هذه الثروة الوطنيه وتحويلها من ملكيه عامه تحت تصرف الدوله الى القطاع الخاص.

الخلاصه:

طالما ظل قطاع الفسفاط غنيمة تتصارع حولها عدة أطراف منها الداخلي ومنها الخارجي وطالما كل هذه الأطراف تتخفى بالمصلحه الوطنيه وطالما غابت القوى التقدميه والنخب المثقفه وأهل الاختصاص عن موقع الصراع المعقد في الحوض المنجمي ستظل حيتان الفساد واللصوصيه تتبادل الأدوار داخل منظومة الحكم في الحكومه والبرلمان وعلى الأرض عبر التحريك والتبريد حتى تتمكن من الاستيلاء ثروة الشعب التونسي والتصرف فيها بيعا ولصوصية،وعلى القوى الوطنية الفاعله كالاتحاد العام التونسي الشغل ومنظمات المجتمع المدني التقدميه أن تتخلى عن سلبيتها وشعبويتها وتتحرك بفعالية لعقلنة الاحتجاجات وصهرها في النضال الوطني العام ومنعها من الفوضى والعنف وترميم علاقتها بالطبقه العامله داخل المصانع والمناجم لأن من مصلحة كل هذه الشرائح والطبقات بقاء هذه الثروة الفسفاطيه عموميه،أما إذا تواصل هذا الفراغ وشعبوية التضامن والمسانده التي هي هروب من الواجب الوطني فلن يستغل هذا العجز إلا أعداء الوطن والشعب.



#سالم_المرزوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضلاع التجاره البينيه وصماصرة السياسه والدين
- يعيش المثقف على مقهى ريش
- الشرق الأوسط بين الحرب والسلم
- -مطر حمص- في أيام قرطاج السينيمائيه
- القيمه الفنيه في الشعر الشعبي من خلال شاعر تونسي
- 18 أكتوبر خديعه لليسار التونسي
- رساله مفتوحه في تشظي اليسار وفقره الثقافي
- قراءة خطاب السيد حسن نصرالله
- قطوف تزهر في الصحراء
- سيريزا اليوناني،يسار تونس:العقم المشترك
- رساله مفتوحه الى سلامه كيله،دفاعا عن اليسار التونسي
- النقد والأدب والثوره
- حزب النهضه الاخواني: المقاربه بين الوحدة والبقاء أو التشظي و ...
- أمريكا ترامب والاندفاع المغامر
- الحرب على دمشق قادمه....الفاشيه تكشر عن أنيابها
- حركة النهضه الإخوانيه وعقدة الفشل في تونس


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سالم المرزوقي - تونس الفسفاط الغنيمه