لماذا اهمل مشروع الشيخ علي الشرقي الاصلاحي ؟؟

سلمان رشيد محمد الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 5792 - 2018 / 2 / 19 - 23:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

قليلون قد يعرفون ان للشيخ والكاتب والاديب علي الشرقي (1892-1964) مشروعا اصلاحيا وتنويريا رائدا , تميز بالصراحة والجراة والتنوع والشمولية في طرح الاشكالات السياسية والاقتصادية والثقافية التي يرزح تحت ظلها المجتمع العراقي . وقد ادرج مشروعه هذا للاسف في مقالاته في الصحف البغدادية في العشرينات والثلاثينات ولم يجمع في كتب مستقلة , الا في نهاية الثمانينات من القرن العشرين الماضي من قبل الكاتب موسى ابراهيم علي الكرباسي تحت عنوان (موسوعة الشيخ علي الشرقي النثرية) وهى بثلاثة اقسام طبعت بكتابين فقط , و هما الكتاب الاول : وفيه القسم الاول فقط بعنوان (الالواح التاريخية) وادرج فيها (39) لوحة تاريخية . والكتاب الثاني وفيه القسم الثاني بعنوان (النوادي العراقية) وادرج فيها (32) حلقة والقسم الثالث وهو بعنوان (بيت الامة وطبقاتها) وعددها (11) مقالة . ولانريد الدخول في تفاصيل ومتبنيات هذا المشروع ومساراته السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية لان هذا يحتاج الى دراسة مفصلة (دونتها مع الدكتور عبد الرسول شهيد عجمي في كتاب مستقل ومخطوط) الا ان هذا المشروع لم يطرح للاوساط الثقافية - او لم يعطى حقه من الدراسة - رغم ريادته واسبقيته التاريخية - بل وجراته - واعتقد ان من اهم اساب تهميش مشروع علي الشرقي واراءه الاصلاحية هو :
1 . اتهام الشيخ علي الشرقي بالمساهمة غير المباشرة بافشال الثورة العراقية الكبرى عام 1920 والمعروفة بثورة العشرين , بعد الفتور الذي حصل في جبهة الغراف والمنتفك , والادعاء بانه وراء تحريض الشيخ خيون العبيد شيخ عشيرة العبودة في الشطرة بعدم جدوى المشاركة فيها, وبما ان اغلب المثقفيين المؤدلجين عندنا مصابين بعصاب الغرب , فقد اعتبروا تلك التهمة خطيئة لاتغتفر وعملا فظيعا لاينسى , فيما ان الصحيح تاريخيا هو ان الشيخ الشرقي ليس له اي دور بذلك , وان عدم مشاركة الشيخ خيون العبيد هو لاسباب شخصية وذاتية خاصة به .
2 . الخلاف مع الاخوين محمد رضا ومحمد باقر الشبيبي . رغم ان الشائع ان الخلاف الذي بدا في الشطرة بين الشرقي ومحمد باقر الشبيبي كان شخصيا (وذكر هبة الدين الشهرستاني ان الخلاف متعلق بالتنافس على الحقوق الشرعية) فان الامر اتخذ ابعادا وطنية او مبدئية , فقد اتهم الشبيبي الشيخ الشرقي بالتهاون مع الانكليز والضغط عليه لتسليم نفسه للحاكم العسكري البريطاني ابان اختفائه في الشطرة بعد فشل الثورة , وبما ان ال الشبيبي كان لهم النفوذ والسطوة في المسار الثقافي والسياسي خلال العهد الملكي , فقد اخذ بعض الكتاب في التملق لهم على حساب الشيخ الشرقي والاساءة له والترويح لعبارات وومواقف ليس لها اي اساس من الصحة .
3 . احتساب الشيخ الشرقي على رجالات العهد الملكي الذي وصفه الثوريون العراقيون بالعمالة والرجعية والاقطاع وغيرها . ورغم ان الشرقي لم يحصل سوى على عضوية مجلس الاعيان ومنصب وزير بلاوزارة (حتى سخروا منه شعرا بقولهم : قل للوزير بلاوزارة .... ذهبت حياتك في خسارة) الا انه احتسب على هذا النظام ومولاته , الامر الذي شكل ايضا مادة للتهميش والاقصاء لمشروعه الاصلاحي .
4 . انتقاد الشرقي لبعض رجال الدين في العراق - او النجف تحديدا - من التقليديين والمزيفين وتدوين ذلك شعرا في قصائد عديدة , الامر الذي جلب له استعداء الخطباء واصحاب المنابر والشيوخ منها قوله :
في رمال التاريخ اثـــــار اقدام رفاق تخـــــــطت التاريخا
نفخت في الجراب دهرا وولت فورثنا جرابـــــها المنفوخا
واذا بي ما بين اجربة تمشـــي على الارض سادة وشيوخا
وقوله ايضا :
يا رؤوس في شيبها والشــباب كقشور ما تحتها من لباب
كل كور كأنه البصـــل اليابس رأس مكـــــــون من ثياب
5 . خطاب التعرية والتفكيك والتحليل للانساق العراقية الفاعلة الذي تميز به الشيخ الشرقي . فمن المعروف ان الشرقي هو الرائد عراقيا في عرض تلك الانساق ونقدها والسخرية منها في العصر الحديث . (ينظر مقالنا- الانساق العراقية الفاعلة) وادرج ذلك في مقالاته ومؤلفاته واشعاره , ومن يطلع على ديوانه الشعري – على الاخص - يجده حافلا بقصائد النقد والتعرية لتلك الانساق والانماط الاجتماعي والسياسية والثقافية العراقية . وهذا الخطاب للاسف غير مستساغ حتى الان عند الانتلجنسيا العراقية التي تفضل بدلا عنه خطاب التمجيد والتبجيل والمراوغة لتلك الانساق , وترسيخا لاسباب شخصية وسياسية وايديولوجية محددة . والشيخ الشرقي سبق حتى الدكتور علي الوردي بهذا الخطاب المتميز , وربما تاثر به الاخير شخصيا (وقد فصلنا ذلك في مقالنا في موقع الحوار المتمدن – هل تاثر علي الوردي بالشيخ علي الشرقي؟).

#سلمان_رشيد_محمد_الهلالي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل