أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أفنان القاسم - إيران والشرق الأوسط الحديث النص الكامل















المزيد.....



إيران والشرق الأوسط الحديث النص الكامل


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5790 - 2018 / 2 / 17 - 13:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأعمال الكاملة
الدراسات (15)


د. أفنان القاسم


إيران
و
الشرق الأوسط الحديث



إيرانيات













































إلى عهد التميمي وعبد الله مطلق القحطاني ورائف بدوي
رموز الحرية












































المقدمة






































أنا فوق كل إيديولوجيا!

بقول كهذا أؤسس لطريقة في الممارسة أقطع بها الطريق على كل طريقة في التفكير، التفكير السياسي خاصة، طريقة يسير بها كافة السياسيين إلى الفشل، وتحت إمرتها يخضع كافة الاقتصاديين، وكافة التكنولوجيين، وكافة الماليين، وكافة الصناعيين، وكافة الزراعيين، وكافة الثقافيين، وكافة، وكافة، وكافة... إنها كارثة التفكير التي بلينا بها كنظام ألفي على أساس "قل لي إلى ما تنتمي أقل لك من أنت!" بينما أنا لا أنتمي إلى أي تيار، أنا لا يمين ولا يسار ولا وسط، أنا لا إيمان ولا إلحاد ولا شطط، أنا لا جبة وعمامة ولا قميص وبنطلون ولا عقال وحَطط. لهذا، عندما التزمت بإيران كمن يلتزم بِقَسَم، التزمت بها تحت أبعاد ثلاثة، البعد الجغرافي، والبعد الاستراتيجي، والبعد البراغماتي. هذه الأبعاد الثلاثة هي إيران بالنسبة لي، هي الملالي، وهم بالصدفة الملالي، لأن بالإمكان، في ظرف آخر، وفي مكان آخر، أن يكون غيرهم. لهذا كذلك، عندما قاتلت من أجل إيران كمن يقاتل كل الأمم، قاتلت بما ينضاف إلى أبعاد إيران الثلاثة وحكامها من تاريخية الصدفة التي تفرض نفسها عليّ كتفكير كوني، والتي تفرض نفسها على الواقع كنظام إنساني. وفي كلتا الحالتين، ليس هناك على الإطلاق من طرح هذا فارسي أو هذا عربي أو هذا غيره، وهذا شيعي أو هذا سني أو هذا غيره.

قوس قزح فوق كل مؤسسة!

ترسم الجمعية العمومية الخطوط العريضة لبناء الشرق الأوسط الحديث، ودافعها قوس قزح كبديل مصداقي لعصر ما بعد داعش، وتتفرع عن الجمعية العمومية مجالس خمسة على علاقة بالعواصم الخمس الفذة: مجلس تكنولوجي، مجلس مالي، مجلس صناعي، مجلس زراعي، مجلس ثقافي. يمثل هذه المجالس مجلس الاقتصاد، على غرار مجلس الأمن في هيئة الأمم المتحدة. مجلس الاقتصاد هذا يتم تنفيذ قراراته طواعية لأنها في مصلحة كل الأطراف، فليس هناك أحد محسوب على أحد، كما يجري في مجلس الأمن، وبالتالي الصراعات، وبالتالي عدم تنفيذ القرارات، وبالتالي الأزمات. لهذا قلت قوس قزح كمؤسسة هي فوق كل مؤسسة، إضافة إلى كونها مؤسسة خاصة ذات أبعاد عامة.

العلمانية فوق كل نظام!

بالحلول السلمية تَحِلُّ المعضلات السياسية والعسكرية نفسها بنفسها وكل المعضلات الأخرى.

سوريا: بإقصاء أسد الأب نجمع كل الأطراف تحت لواء أسد الابن، دونما حاجة إلى احتلال عفرين أو إحراق الغوطة أو إفناء إدلب، تجتمع كل الأطراف للتنفيذ، على أساس النظام العلماني، كشرط للتنفيذ منه وفيه.

العراق: بإعادة إعمار النظام السياسي نعيد إعمار العراق، فيقصي الحكام اللصوص أنفسهم بأنفسهم عن الحكم، ويسلم العراقيون منهم ومن شرورهم.

اليمن: بالتناوب بين الحوثيين والهاديين على تطبيق النظام العلماني نبني اليمن الحديث، وليس بالتناحر على تطبيق هادا سني وهادا شيعي.

لبنان: باحتفاظ حزب الله بكل قواه العسكرية، هذا شيء جوهري، باندماجه في النظام العلماني كطرف من أطرافه السياسية، هذا شيء جوهري آخر.



























































الورقات





















































الورقة الأولى: إيران سلامًا

إيران لا ترى الأشياء كما نراها

فهل يعني ذلك ألا نرى إيران؟ ألا نمد يدنا إليها؟ ألا نعمل معها؟ ألا ندافع عن حقنا وحقها؟ ألا نتكلم لغتها المكتوبة بلغتنا؟ ألا نفكر في مستقبل أطفالها وأطفالنا؟ ألا نضع نُصْبَ عينينا تاريخها وتاريخنا؟ تاريخنا واحد مذ كان التاريخ، تاريخنا الصائب لا تاريخنا الكاذب، فالكاذب من تاريخنا صنعته السياسة لِتُبْعِدَنا، لتكون السياسة، والسياسة تكون بالمَبْعَدَة. لهذا، القادم من تاريخنا ستصنعه الحكمة لِتُقْرِبَنا، لتكون الحكمة، والحكمة تكون بالمَقْرَبَة.

بالنظام العلماني الذي سنؤسسه في السعودية

إيران هي الكاسبة الأولى، لأن فصل الدين عن الدولة يعني أول ما يعني تساوي المذاهب في العبادة مع اختلافها في الشعائر، والحال هذه لا حاجة للشيعة إلى السيطرة على السنة ليقودوا العالم الإسلامي، والعكس بالعكس، لا حاجة للسنة إلى السيطرة على الشيعة ليقودوا العالم الإسلامي. هذا الصراع زائف، صراع سياسي لا ديني، فالدين في دولة فاتيكان مكة والمدينة دين كل العباد على اختلاف مذاهبهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية التي يتمتع بها كل مذهب، خصوصية نحترمها، ونتركها تحافظ على نفسها بنفسها بكل حرية.

بالنظام العلماني الذي سنؤسسه في دول الخليج

إيران هي الكاسبة الأولى، لأن هذا النظام ينظر إلى إيران كدولة بنظامها لا كنظام بدولته، إذن شرعية الدولة الإسلامية من شرعية الوسط إضافة إلى شرعية الله.

بالنظام العلماني الذي سنؤسسه في دول الهلال الخصيب

إيران هي الكاسبة الأولى، لأننا في سوريا سنُبقي على نظام التوريث، ونحل المسألة السورية في خمس دقائق، عندما يتنازل الأب أسد للابن أسد، والباقي يقر الرأي عليه بحسب القول الشعبي "لا غالب ولا مغلوب". لأننا في العراق سنعمل على استقلال أماكن العبادة تحت علم مدني بدون "الله أكبر"، ما أضافه صدام حسين لغاية سياسية لا دينية، بينما غايتنا نحن إنسانية. لأننا في لبنان سنلغي الطائفية، فيهتدي حزب الله بكلام الله وباقي الأحزاب كل حزب بكلام ربه، وتكون هديتنا لهم جميعًا الإيديولوجيا في كفنها والأديان في معابدها، بما في ذلك الشيوعية، فالشيوعية دين كباقي الأديان. لأننا في الأردن وفلسطين وإسرائيل سنجعلهم متحدين في الألم ضد ألمهم، فيمكننا الإبقاء على القدس موحدة بمعابدها وإرادة المؤمنين لا السياسيين تحت علم بلديتها لا أعلام الأعداء، ويمكننا حل مشكلة اللاجئين من الطرفين بالتعويض والسكن والعمل بالفعل أينما أريد وبالاعتراف الفعلي لا بالأحلام، وكذلك يمكننا حل مشكلة المستوطنين بالجنسية المزدوجة لا بإضافة الأوجاع إلى الأوجاع.

بدعم إيران لمشروعنا ماديًا

نكون لها قنبلة سلمية تفوق قوتها ألف مرة قنبلتها النووية، فالعالم أجمع يريد نزع الأسلحة النووية، وطهران تريد اقتناء قنبلة نووية لن تفيدها في شيء اللهم سوى لهط الروس لأموالها، واستنزاف الغرب لقدراتها، فلا يكون لإيران دخولها في الحداثة ولا حتى من بابها الضيق. العصر عصر الطاقة المتجددة، والمفاعلات النووية تُغْلَق أو يُخَطَّط لإغلاقها، فهل ستكون إيران على شفا جرفٍ هاوٍ، ومن اليأس يومًا "عليّ وعلى أعدائي يا رب" تقول؟ إسرائيل التي تملك عشرات القنابل النووية لم تقل، لن تقول، وإلا كان فناؤها. إذن ما فائدة صنعها قنبلتك النووية، يا ابنة الفرس؟ فلنكن قنبلتك السلمية! قنبلة سلمية يمكنها تقويض العروش كلها، عروش الرؤساء قبل عروش الملوك، بينما إيران مهما فعلت وأيةً كانت لن يمكنها. قنبلة سلمية ترغم أمريكا (والغرب) على الرضوخ، ورضوخ أمريكا –بحسب مفهومنا- لا يعني شيئًا آخر غير معاملة مواطنينا معاملتها لمواطنيها، معاملة أحرار، معاملة متحضرين، معاملة بشر يستحقون الحياة، لنعاملها المعاملة الجديرة بالعملاق الاقتصادي، ولنعاملنا المعاملة الجديرة يالقنبلة السلمية، بقنبلة السلام، فننقذ إيران والعالم العربي وأمريكا والعالم.

شرطنا

ألا تتدخل إيران في شئوننا، أن تفتح كفها لنا عن دراية، فلا نستدر الأكف. حكامها أدرى الناس بعملنا للإنسان أيًا كان، أينما كان. وعندما نخدم الإنسان، نخدم إيران، الشعب الإيراني، نخدم العالم العربي، الشعوب العربية، نخدم العالم، شعوب العالم.



الورقة الثانية: قوس قزح

قوس قزح

اسم مؤسستنا العالمية، قوس المطر والشمس، الخصب والضوء، الخصب صفة والضوء صفة توجزان أداءنا، وألوان طيفه ألواننا، نحن لسنا من لون واحد، نحن من كل الألوان، وإن كان هدفنا واحدًا، سعادة الإنسان.

للمؤسسة مواقع ثلاثة رئيسية

في باريس ولندن وواشنطن، عواصم الوصل والفصل في العالم، مقرها سيكون أقرب ما يكون من مقرات أصحاب القرار، الإيليزيه، الداون ستريت، البيت الأبيض. المكان أهم شيء، للاعتبار والهيبة، ولكن كذلك للتأثير والنفوذ. ستكون للمؤسسة فروع في جميع عواصم العالم، فروع متواضعة لكنها فعالة بالمسئولين عنها. سبق لنا نشر الأسماء على حلقتين، هذا لا يعني أن اختيارنا نهائي.

للمؤسسة مواقف ثلاثة رئيسية

ثقافية واقتصادية وسياسية، تجمع نخبة من الخبراء في الميادين الثلاثة، وعددًا من المترجمين إلى عدة لغات، وعددًا آخر من التقنيين الذين ينقلون مواقفها إلى حاسوبات العالم وتلفزيوناته. سنثبت للعالم أننا طليعيون في الرواية والمسرحية والقصيدة والدراسة، فيبدأ عملنا بمرحلة أولى، ترجمة أعمالي إلى كل لغات العالم. لماذا أعمالي؟ لسبب بسيط ألا وهو كونها جاهزة للترجمة، لا تحتاج إلى عملية انتقاء عويصة وطويلة محورها كل الكتاب العرب، الكتاب الشبان، في مرحلة ثانية. من الستين عمل التي لي هناك اثنان وثلاثون ترجمت إلى عدة لغات، سبب آخر للبدء بها، وخاصة تحويل بعضها إلى أفلام في هوليود، نعم، في هوليود، كيلا نضرب في حديد بارد، وبعضها الآخر إلى مسرحيات في أهم مسارح باريس ولندن ونيويورك. ليعرف الغرب أننا ننافسه في الإبداع، وفي الثقافة نتفوق عليه، أحيانًا. هذه النقطة أساسية عند تعاملنا معه وتعامله معنا، أن يتعامل الغرب معنا بعين الإعجاب، نصف الطريق إلى تحقيق أهدافنا السياسية والاقتصادية. سياسيًا سنتصرف كحكومة مؤقته للفيدرالية بشكل غير رسمي، واقتصاديًا سنؤسس على مستوى العالم للديمقراطية الجديدة التي ستعمل فروعنا في عواصم الكون على إنشاء نواتها، منظمات المجتمع المدني.

القنبلة السلمية

التي هي نحن ستكلف غاليًا، لكن أرخص بكثير من مفرقعات في سوريا، أو أسلحة تصدأ في المخازن. إيران الكاسبة الأولى عالميًا، لأنها ستكون في قلب إعادة تشكيل العالم، هذا التشكيل الذي سيقع بها أو بدونها، ولأنها ستجني من واجباتها نحونا اليوم ثمار غدها، وذلك بكونها الطرف الأساسي في الكونفدرالية التي نقترحها.





























الورقة الثالثة: إمبراطورية إعلامية

في الوقت الذي يسيطر فيه

الأفعوان الخرافي جوجل إيبل فيسبوك أمازون على العالم –كما تقول الجريدة الفرنسية لبراسيون- بأيها يمضي دَفْق المعلومات؟ من يراقب شبكات المعرفة؟ تستخدم الدول كل الوسائل التكنولوجية لتعمل ما عملت دومًا، التجسس على بعضها. العالم ليس مثاليًا، الفصل بين السلطة والعلم ليس تاريخيًا. رأسملة المعرفة، عولمة الإعلام، زرددة المعلوماتية، والعمل الدؤوب لجمع المعلومات، كل هذا يجعل من العلم قريبًا من الجاسوسية. في هذا السياق من نصدق؟ ماذا نصدق؟ المصداقية هي الجواب بمعناها المزدوج –كما يرى الكاتب الإنجليزي سيمون شيفر- المالي والأخلاقي، في مجتمع إمبراطورياته هي التحكم بدَفْق الإعلام، بالتكنولوجيات، بوسائل الاتصال. وبالتالي، التحكم بالنظام السياسي، النظام الاجتماعي، وبالتحكمين، في الغرب، يكون تطوير الرأسمالية. العلم، في علاقته الوثيقة بالسلطة، يجعل من معرفة الطبيعة "قوة ناعمة" soft power، أداة مركزية للتوسع الإمبراطوري.

خيارنا إذن لبناء إمبراطوريتنا الإعلامية

اختير عنا، لكننا نستطيع التصرف على هوانا في فضاء يجمعنا مع غيرنا على غير ما نفكر فيه، عندما نمثل ارتقاء العقل في العالم، فيض الألوان كقوس قزح اسم مؤسستنا، فيضنا نحن في تعددنا وتعدد رؤانا، أهمية أماكننا، من الخليج الفارسي الخليج العربي إلى المحيط العربي المحيط البربري، أهمية حِذْقِنا، أهمية قدرتنا على الإقناع، فالعلوم تبني العالم بالقدر نفسه الذي تعاينه فيه، وهي تبنيه ليس بانقطاعها عن السياسة، ليس بانقطاعها عن الأدب، ليس بانقطاعها عن الفنون، ليس بانقطاعها عن النقود، ليس بانقطاعها عن التجارة، ليس بانقطاعها عن الاستثمار. باختصار، ليس بانقطاعها عن دينمو عالمنا الذي هو رأس المال.

لهذا ستكون لإمبراطوريتنا الإعلامية إستراتيجيتان

إستراتيجية خاصة على علاقة وطيدة بأعضاء الكونفدرالية الخمسة، العالم العربي والولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل وإيران. ستتكلم وسائل إعلامنا البصرية والسمعية والورقية للفرنسيين عن إصلاح كود العمل مثلاً الذي يشغل بالهم اليوم، وللأمريكيين عن الأعاصير، وللإسرائيليين عن يهودية الدولة، وللإيرانيين عن المفاعل النووي، وللعرب عن الأزمة القطرية. لكل بلد همومه الخاصة به، ولكل البلدان همومها المشتركة. من هنا تأتي إستراتيجيتنا العامة، الحديث عن الإرهاب بلغة واحدة للجميع، عن الفقاعة المالية القادمة، عن النفوذ الجيوسياسي، عن تضافر الجهود، عنا كقنبلة سلام. لن ننقل الخبر دون تدقيق –كما هو دأب الإعلام السائد- إن كان صحيحًا أم غير صحيح، وبفضل الآي فون، سنجعل من كل واحد مراسلنا المباشر. سنحلل الحدث، فلا نلقمه أو به نسمل العين. سنطلق سراح الروح، ونعمق الحس النقدي. عمليًا ستكون لمؤسسة قوس قزح فضائية متعددة الجنسية تعدد لغات الكونفدرالية، مكانها لندن. ومن لندن، سندبج جريدة إلكترونية وورقية بالإنجليزية توزع هذه مجانًا على شاكلة "مترو"، ومن يقل مترو يفهم الدعاية عمادًا.

موقع الحوار المتمدن سيبقى موقعنا الأم

منه نستمد طاقتنا الإعلامية، وعنه نمتد، بتأسيس موقع خاص بقوس قزح مؤسستنا، نمد يد العون إليه مثلما مد يد العون إلينا.

آنساتُ "أفينيون"
لنتركْ أقدامَنَا في السرير
ونبعثْ بصدورِنَا إلى البحر
لِنُعَلِّقْ خصورَنَا
على جدارِ الوقت
لنلقِ خصورَنا
في الوحل
لنعطِ ظهورَنَا لنا
ونعتدلْ في جلساتِنَا

من قصيدتي "بيكاسو"



الورقة الرابعة: العظماء معنا

الصراعات

لا بد من الصراعات، لن نضع حدًا لها، ولن نرى عالمنا تدور ماكينته دونها، وإلا كنا ساذجين وطوباويين. حقًا للصراعات وجه دميم، الحروب، الدماء، المجاعات، الأثداء المقطعة في الأحلام المرعبة، ولكن، كذلك، للصراعات وجه جميل، التكنولوجيا، الفيراري، الجيت سيت، الرغيف الفرنسي الذي اسمه "العصا"، وأحلام المراهقين. للصراعات وجهان إذن، وجهها الوحشي ووجهها الإنساني، ونحن نريد استغلال هذا الوجه، الوجه الإنساني، بعبقرية مشروعنا التنويري.

تخيلوا

هتلر وستالين وتشرشل وروزفلت أصدقاء، والصداقة مجردة دومًا من كل إيديولوجيا، لكانت الحرب العالمية الثانية لم تقع، ولكان لكل منهم حصته من تورتة العالم، لا كما هو مرسوم في برنامج كل منهم، لا كما تمليه على كل واحد منهم إيديولوجياه، لكن حتمًا لكان كل واحد منهم راضيًا، وَلَنَقَلَ كل واحد منهم الصراع بينه وبين الآخر إلى مستوى أعلى من مستويات التطور، وفي أسوأ الأحوال لكانت الحرب العالمية الثانية خفيفة الوطأة، محدودة، قليلة، وعذابات البشر بكثير أقل. وقس على ذلك الكثير من الأمثلة، غاندي والملك جورج الخامس، هوشي منه وكنيدي، عرفات وبن غوريون. كلنا على علم بالبنيتين الفكرية والتحتية، تواشجهما، امتداداتهما، تداخلهما، جدلهما، وأبدًا عندما تكون الصراعات إلا التناقض بينهما، وليس هذا فحسب بل التناقض في البنية الفكرية نفسها على حساب البنية التحتية، تدميرها، فكل المآسي التي تنتج عن هذا التدمير إنتاج للفكر، فكر نسميه الفكر الغلط الذي هو الإيديولوجيا.

من فهمنا العلمي هذا للصراعات الدائرة

سنستثمر الوجه الإنساني فيها على طريقتنا، فنحول أو نؤجل أو نقلل من تراجيديات زمننا، وذلك عندما نجعل من قوس قزح، مؤسستنا، فضاء للصداقة والسلم لكل عظماء العالم من سياسيين ومثقفين واقتصاديين، يخلعون فيه معاطفهم الإيديولوجية، ويعودون كما كانوا دومًا إنسانيين، لبعض الوقت على الأقل، الوقت الذي يلتقون فيه، ليس على غرار الجي 5 أو الجي 7 أو الجي ما لست أدري، حيث يأتي قادة الدول الأقوى في العالم بكل إيديولوجيا العداء لبعضهم وللعالم، ليناقشوا مصير دمار البشرية. ترامب وماكرو وميركل وبوتين وشي جينبنغ ليسوا في ثياب الحداد على المصالح والنفوذ، بل في ثيابهم العادية. طبعًا هؤلاء العظماء ليسوا أملنا البراغماتي، أملنا البراغماتي الرؤساء الذين لم يعودوا رؤساء، أوباما، ساركوزي، محمد خاتمي، لأنهم من خارج الحكم سيؤثرون، من خلالنا، على من هم في داخل الحكم. وكذلك العظماء الآخرون في ومن كل المجالات، ثقافة، اقتصاد، علم اجتماع، علم نفس، علم كيمياء، علم إنسان، إلى آخره إلى آخره إلى آخره، جوائز نوبل في المقدمة.

سنعطيهم مكافآت لجهدهم المثمر

مكافآت سخية، وسندخلهم أو نعيد إدخالهم في فضاء الإنسان.


آنساتُ "أفينيون"
تعالي معي لِنُقَطِّعَ الرسام
لِنُنْقِِذَهُ
لِنَمْنَعَهُ من الانتحار
بينَ سيقانِكُن
سيقانُكُنَّ الإجرام
لَذَّةُ العالمِ على حلمةٍ مُقَطَّعَةٍ إلى مُكَعَّبَيْنْ
لنجعلَ منهُ مجرمًا إنسانيَّا
على شاكلتِكُن

من قصيدتي "بيكاسو"







الورقة الخامسة: إيران كلماتي الأخيرة

نحن لن نكون فقط القاعدة السياسية العالمية

لفيدرالية الدول العربية ولكونفدراليتنا مع إيران، نحن سنكون كذلك في السياسة العالمية طليعيين، وفي الثقافة العالمية، وفي التجارة العالمية، وفي أهم الأهم العلاقات العالمية. العلاقات العالمية: سنكون في كل مكان من نوادي "الجت ست" بكل أناقة سفرائنا، فالجت ست أقصر الطرق إلى ملء "كارنيه" كل واحد بصداقات الحكام الفعليين للعالم. التجارة العالمية: لما يمتلئ كارنيه علاقاتنا سيسهل علينا عمل صفقات تدر الأموال، فَهِم هذا بذكاء نادر ياسر عرفات، فنافس من هم الأدهى في العالم -الإسرائيليون- في أفريقيا، ذهب ونحاس وماس وحتى يورانيوم، وبسلطة المال الذي جاء به هذا التنافس الخلاق كان يدفع ميزانيات دول كدولة مالي، وكلامي هذا لا يأتي من فراغ، أخي المحامي أيمن كان الثاني في السفارة. الثقافة العالمية: ممثلونا وممثلاتنا كلهم مثقفون منهم الأفذاد، يكفي أن أذكر ممثلنا الفذ عبد الحسين سلمان في الفاتيكان، فهو بدراسته للمخطوطات العربية التي لا تعد ولا تحصى مع الحبر الأعظم ولدراسته سيؤسس مؤسسة للمؤسسة التي هي مؤسستنا، وقس على ذلك في كل سفاراتنا، فنكون شجرة المعرفة للمعرفة ولإيران.


السياسة العالمية:

أنا أكثر من يفهم كيفها السياسة في الغرب، "دواليبها"، الفريق الذي سيعمل معي، فريق متخصصين أفذاذ كذلك، سيقوم بشرح وعرض وتفنيد كل المسائل السياسية التي هي على علاقة بقضايا الشرق الأوسط واضعًا بعين الاعتبار مصلحة الغرب فبل مصلحتنا، هذه المصلحة التي هي القلب للغرب، لتكون المؤسسة العقل للغرب. على سبيل المثال الإرهاب، كملف عويص، والاستثمار، كملف يسيل له اللعاب، الوهابية، وبالتالي ضرورة إسقاط النظام السعودي، النفطية، وبالتالي ضرورة استغلال التعاون التكنولوجي، الكونفدرالية، وبالتالي ضرورة إفهام الغرب أن إيران معنا مكسب سياسي للغرب ومكسب اقتصادي ومكسب حضاري وقوة سلام لا قوة عداء واعتداء... إلى آخره. ولتمرير كل هذا، إذ لا تكفي كتابة التقارير وإرسالها، سأذهب بسيارتي الفيراري -نعم الفيراري يا رب الأرباب! بالفيراري سأحيِّد الغرب وأحيِّد العالم فافهموها يا بشر العقلاء وغير العقلاء- سأذهب بسيارتي الفيراري لأقابل كل المسئولين، ابتداء من رئيس الجمهورية مرورًا برئيس الوزراء وليس انتهاء بهذا الوزير أو ذاك، وفي الفنادق الخاصة التي سأشتريها في باريس ولندن وواشنطن -نحن نقول شفافية إذن فلنقل على مسامع الجميع- سأقيم الحفلات التي ستنتهي دومًا بأقواس النار، والتي أدعو فيها أكبر رأس سياسي وأكبر رأس اقتصادي وأكبر رأس رأسمالي، وسأكون ليس صديقًا بل واحدًا منهم وفيهم.


طبعًا كل هذا يلزم أن يصاحبه "اختراق"

على مستوى العالم، فالعالم بشماله المتطور وجنوبه اللامتطور تحكمه آلية صنعتها أجهزة المخابرات والأجهزة الرأسمالية، آلية عمادها استراتيجية دعائية مهولة سنكون جواها في صميمها عندما ننتج رواياتي أفلامًا في هوليود، عندما نترجم كتبي إلى كل اللغات وننشرها ونوزعها في جميع مدن العالم، عندما تشدو البلابل بأشعاري، وتصفق الأيدي لمسرحياتي، عندما تعمل تلفزيونات الغرب من مسلسلاتي مسلسل "رعب" مثلاً أول، مسلسل "إرهابيون" مثلاً ثانيًا، مسلسلات لجمهور مشاهديهم. إذن الدخول في الاستراتيجية الدعائية الغربية ليس لبيع دشادش السعودية أو الأحجبة السوداء، الدخول إبداعي، يتعلق بالقيمة الإبداعية، ويبرهن على أن تلفزيوناتهم مسلسلاتها قمامة، على أن أدبهم العظيم وبعضه عظيم بالفعل ليس وحده عظيمًا، وكذلك عندنا، ليس هناك أفنان القاسم واحد أو اثنان أو ثلاثة، عندنا هناك أفذاذ شبان، الشيوخ كلهم سنلقي بهم في صناديق القمامة، سنذهب بشباننا إلى جوائز الأوسكار، سنشجعهم بجائزة تضاهي قيمتها المادية جائزة نوبل، لماذا جائزة نوبل هي نوبل؟ لقيمتها المادية، ريالات إيرانية كثيرة كثيرة.


بعد أن نكون جزءًا لا يتجزأ من ماكينتهم الدعائية

الإعلامية السياسية الاقتصادية الثقافية ماكينتهم الرأسمالية، بعد ذلك فقط، وكي ننجح في الخطوة الجبارة التالية، سنقوم بالترويج لإيران، ليس تزويقها، فالتزويق ليس من مبادئنا، الترويج اللي يستحق الترويج، الترويج غير المخادع، الترويج اللي ما بكذب، الترويج الصادق، فالغرب ليس غبيًا، الغرب ليس من الممكن الضحك عليه، الغرب قوة دعائية عالمية من ورائها أقوى الأجهزة، أجهزة تسحقك هي بترويجها ضدك، وكيلا تسحقنا في ملف الترويج الإيراني، على إيران أن تمهد لذلك، وتقوم بإجراءات في عقر دارها: تكنيس الشوارع والمكاتب من كل اللحى، فلا عبادة للحاكم، العبادة لله، روحاني وباقي الملالي الذين أحترمهم، يكفي أن يعرض التلفزيون الغربي صورهم، وعماماتهم تسحل عن جباههم، فيطعنوا المشاهد الغربي في خياله. وأنا، هنا، أطالب الحكام الإيرانيين بصورة جديدة دون عمامة ودون جبة ومع لحية خفيفة جميلة إن لم يشاؤوا حلقها، الصورة أهم الأهم. وبعد ذلك، أن يسمحوا باللامسموح للشبان والشابات، أن يبعثوا بالمعتقلين السياسيين عندنا، تحريرهم الأول، وبعد ذلك نبعثهم إلى بلدهم، تحريرهم الثاني، كل هذا ليس الآن، بعد عام من بدئنا...


أو بعد عامين ثلاثة أربعة خمسة عشرة

الملالي أحرار فيما يفعلون، سنتناقش أنا وهم، وسأقنعهم أو لا أقنعهم، هم أحرار. ومن طرفنا، هذا ليس تدخلاً في شئونهم، أنا أضعهم في الجو، وأوضح لهم ميكانزم لا يمكننا أن نحقق شيئًا دون الدخول فيه، دون لعب لعبته، دون أن نكون طرفًا في لعبته، دون أن يكون لنا دور في لعبته. يقال عن حق لا ممارسة صح بلا نظرية صح، وأنا أقول لا ممارسة صح بلا ممارسة صح، بمعنى ممارسة حسب شروط تُملى عليك، والشطارة كيف تحتويها... بعد كل ما عرضت وكل ما أوضحت كل ما اجترحت من معجزات تصب في مصلحتنا، مصلحة المصالح مصلحتنا، إن لم يقتنع الإيرانيون، فهم أحرار... أنا سأتغيب عن باريس ابتداء من 28 الشهر الجاري ولشهر، يمكننا أن نلتقي قبل هذا التاريخ في بيت بناتي، أو في لندن، كذلك في بيت بناتي.



الورقة السادسة: إيران في قلب الزمان

حوار الطرشان

حوارنا كان في الماضي مع الدول العربية ودول العالم، في الوقت الحاضر تحول حوارنا إلى تحاور بيننا وبين إيران، كشريك نتوجه إليه بالكلام دون أن يرد علينا، حقًا، لكنه يقرأنا، ويصغي إلينا، وهذا، في حد ذاته، مَكْسِب جديد من مكاسب إستراتيجيتنا هو من الأهمية بكثير. لهذا نبذل قصارى جهدنا على أن يكون كلامنا نافعًا، وأن يستحق الاهتمام، أن نضع في مقدمة اهتمام إيران نظرتنا المشتركة إلى ما يجري من أحداث يتوقف عليها مصيرنا المشترك.

التكالب العالمي على إيران

أمر مفروغ منه، فصراع المصالح والنفوذ في الشرق الأوسط يصيب إيران في صميم قلبها، وليس على خطأ منها ردود فعلها الفعلية أو الخطابية، لأنها ردود فعل كل من يقع في الشَّرَك، ينصبون لها كمينًا تلو كمين، ويكيدون لها مكيدة تلو مكيدة، فتفعل بلا إرادة ما يريدون أن تفعل، أو، بإرادة، ولكن ضمن ما تخطه الرياح على الرمل، المفاعل النووي الأهم، كورطة وطنية جميلة، وتعلق بأهداب الأمل. وها نحن نشاهد أمريكا وأذنابها في المنطقة، كيف يستدرجون إيران إلى التصعيد، فلا تتنفس الصُّعَداء، لتحقيق مآربهم التي أهمها اليوم لأمريكا أن تقول لأذنابها حسنًا فعلتم بشراء أسلحتي بمئات مليارات الدولارات، وهذه إيران تهددكم، وأن تقول كذلك دوني لن يمكنكم مواجهتها، فساعدوني في مواجهة صعوباتي المادية الكبرى بعد الأعاصير كي أقدر على مواجهة صعوباتكم الإيرانية الكبرى بعد كل ما تتخذه من تدابير.

إذن الابتزاز من الناحية العربية

والاستنزاف من الناحية الإيرانية، وكان أجدى نفعًا لو تجاهلت طهران الأمر، لكنها زقت نفسها بنفسها فيما لا طائلة تحته، فالتقط الغرب والشرق تصريحات حسن روحاني، ليتشعلقا بها، وأمام الرأي العام ليبررا كل مقولاته عن ابنة فارس. هذه التصريحات العدائية يمكن تسويقها داخليًا في الزمن القديم، اليوم بسيكوليجية الإيرانيين لم تعد تحتمل أكثر مما احتملت، وتغطية الكشف عن الأسباب الحقيقية لقبول إيران الاتفاق النووي، الخلل الذي أصاب مفاعلها، هذه التغطية لم تعد تستر شيئًا، بعد أن اعتاد الناس على السيء والحسن، وحري بالتصديق الانخراط في طريق جديد، الطريق كما نراه، وكما نقترح.

تجسد مؤسسة قوس قزح العالمية

هذا الطريق الجديد، وذلك بالعمل على مستويين رسمي وجماهيري. الرسمي، عندما تفند بتقاريرها العلمية وأشغالها الميدانية حجج كل القوى المعادية للسلم في العالم، وفي مقدمتها أمريكا وأذنابها. الجماهيري، عندما تكشف للرأي العام، عن طريق وسائلها الإعلامية، خبايا هذه القوى، فتكف هذه القوى، بالطبع، عن الخب والدوران، ونرغمها على التحاور معنا ثم التعامل حسب شروطنا.

هكذا يمكن للدولة التي دون أرض

للأرض التي دون دولة أن تقوم بمهماتها التاريخية تجاه حليفتها الاستراتيجية إيران أول ما تقوم، وبعدها تجاه العالم.




















الورقة السابعة: رائف بدوي كلمات خيالية

عندما

يرفضُ النايُ البكاء، فهذا يعني أنَّ الحريةَ لم تعدْ تَعْرِفُ الحزنَ على رائف بدوي، وأنَّ زِنزانتَهُ لم تعدْ تُصِرُّ عليهِ النومَ في أحضانِها.

عندما

يرفضُ الطائرُ الفضاء، فهذا يعني أنَّ السماءَ لم تعدْ تُغطي بالغيمِ رائف بدوي، وأنَّ ذراعَهُ لم تعدْ شيئًا آخرَ غيرَ البرقِ في أنامِلِها.

عندما

يرفضُ الكأسُ كلَّ شيءٍ غيرَ الماء، فهذا يعني أنَّ الشِّفاهَ لم تعدْ تظمأُ الظمأَ الذي لم يَرْوِهِ رائف بدوي، وأنَّ قُبُلاتِهِ لم تعدْ بجفافِ بئرٍ في بَيْدائِها.

عندما

يرفضُ السوطُ العَناء، فهذا يعني أنَّ الظلالَ لم تعدْ تَخْضَعُ لإرادةٍ أخرى مِنْ غيرِ إرادةِ رائف بدوي، وأنَّ شمسَهُ لم تعدْ بسوادِ الذَّهَبِ في نهارِها.

عندما

يرفضُ الجلادُ الدماء، فهذا يعني أنَّ النِّرْجِسَ والياسَمِينَ والفُلَّ الأحمَرَ لم تعدْ بيضاءَ ولا خضراءَ في حديقةِ رائف بدوي، وأنَّ وُرُوُدَهُ لم تعدْ تضحكُ من أشواكِها.

عندما

يرفضُ المَلِكُ الانحناء، فهذا يعني أنَّ العروشَ لم تَعُدِ العروشَ ومليكُها رائف بدوي، وأنَّ جلالتَهُ صاحبٌ لنا نحنُ البسطاءُ في صَرْحِهِ لا في قُصُورِها.

كيف

إذن لا يكونُ رائف بدوي مليكَ القلوب؟

كيف

إذن لا يكونُ رائف بدوي قهقهةَ الحدائق؟

كيف

إذن لا يكونُ رائف بدوي حريرَ السوط؟

كيف

إذن لا يكونُ رائف بدوي ماسَ الكأس؟

كيف

إذن لا يكونُ رائف بدوي جَناحَ الفكرة؟

كيف

إذن لا يكونُ رائف بدوي رَقْصَ الناي؟

ستحلِّقُ

النايُ جناحًا ويغدو الجناحُ كأسا

سيعتذرُ

السوطُ عنِ الأوجاع

وتبقى

الحدائقُ مورقةً في الشتاء

مورقةً

ستبقى الحدائقُ تحتَ المطر

وَمِنِ

المطرِ سنبني حُلْمَ العالم























































الورقة الثامنة: العلم السعودي

منذ يومين

في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، احتفلت المملكة العربية السعودية بيومها الوطني، فما علاقة علمها في رمزه ككل علم بالوطنية؟

يقال

إن لونه الأخضر لون الإسلام، والشهادة شريعة الدولة، والسيف رمز العدل، فهل للعدل سيف؟ وهل للدولة شريعة؟ وهل للإسلام لون؟ عدل السيف لعبد العزيز بن سعود عندما كان أميرًا للدرعية ظلم سيف إخوان من أطاع الله لمد فتوحاته إلى إمارة الحجاز وإمارة جبل شمر. وعدل سيف دواعش الأمس هؤلاء كان من الفظاعة بحيث أغرقت أفعالهم الهمجية جزيرة العرب في بحار من الدموع والدماء، وكان ابن سعود وابن عبد الوهاب، العَرَّابان السياسي والديني لما يسمى بالمملكة العربية السعودية اليوم، يدفعان أولئك البرابرة إلى ارتكاب أكثر مما ارتكبوه في الإمارتين المنكل بهما من جرائم ضد الإنسانية، في جدة ومكة، ليكافئاهم على حسن صنعهم، فإخوان من أطاع الله هم طوع يديهما كجيش وكعقيدة. علمهم الأسود الملطخ بكلمة التوحيد البيضاء آنذاك –تمامًا كالعلم السعودي الأخضر اليوم أو العلم الداعشي الأسود- أسوده يدل على إجرام الحكم بالسيف، وأبيضه يدل على إجرام الحكم بالشريعة.

ومثلما

للدواعش اليوم دور يلعبونه في تقطيع العراق والعالم العربي، كان لإخوان من أطاع الله دور في تقطيع سوريا الكبرى، بعد خروجهم على "وطنية" ابن سعود "الموحِّد" لجزيرة العرب، وانتشارهم في العراق وذبح أهله، وفي الكويت وذبح أهلها، ثم رجوعهم إلى السعودية وذبح أهلها. عند ذلك، أضاف ابن سعود إلى علمه السيف ليعاقبهم، وتم له ذلك بدعم الإنجليز العسكري عام 1929 بقتل ثلاثين ألفًا منهم.

إذن

السيف على العلم السعودي هو سيف القتال، سيف القتل، والشهادة هي شهادة السلطان، شهادة التسلط. للتسلط والقتل وعدٌ للسعوديين في آخرتهم، جنان النعيم، ما يرمز إليه اللون الأخضر، كما لو يقال لهم، اقعدوا في دنياكم "عاقلين"، فالعدل ليس على الأرض، العدل في السماء.

وبما أن العدل في السماء

سيترك العباد حكامهم يفعلون ما يشاء حاكمهم الفعلي، أمريكا، تحت راية السيف والشهادة. السيف الذي كان في الماضي للتوحيد والتجميع، سيكون اليوم للتفريق والتقطيع، ودائمًا بمباركة الوهابية، رمز الشهادة في هذا السياق لا رمز الإسلام. بدأ التفريق والتقطيع في الأمس القريب بشن الحروب في اليمن، وغدًا في قطر –يتكلمون عن حل سلمي ولا شيء-، وبعد غد في السعودية نفسها، إعادتها إلى ما كانت عليه من إمارات. وغاب عن كل المحللين السياسيين أن من جزيرتي تيران وصنافير اللتين ستقدمهما السعودية لإسرائيل -الطامعة بهما منذ زمن طويل- هدية سيكون إنهاء التقطيع، الإنهاء على السعودية. وكل ذلك، بمباركة العلم الإرهابي، العلم السعودي.

لن يقف الأمر عند هذا الحد

مع استدراج إيران، واستنزافها، وتوريطها، ومحاصرتها من الشرق والغرب والشمال والجنوب، بداية بقطر، ثم بباقي دول الخليج، ثم بالروهنجيا، ثم بكردستان، حدودها تشهد على ذلك. فَمَنْ مِنْ وراء أزمة قطر؟ العلم السعودي. مَنْ مِنْ وراء أزمة الخليج؟ العلم السعودي. مَنْ مِنْ وراء أزمة الروهنجيا؟ العلم السعودي. مَنْ مِنْ وراء أزمة كردستان؟ العلم السعودي الراكع في ظل العلم الأمريكي.

الإيرانيون

لازم يشتغلوا معنا قبل أن يسبق السيف العذل، لم يعد الوضع يحتمل البيروقراطية أكثر مما احتمل، فليضربوا الحديد وهو ساخن.

السعوديون

لازم ألا يشتغلوا لا معنا ولا مع غيرنا، لازم نمنعهم بعد اليمن من ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بسيف عَلَمِهِم المصدي في بلدهم وبشهادة مجرمة شهادة وهابيتهم. كي نرفع عما قريب علم الحجاز 1920-1926 بألوانه الزاهية، ألوان العلم الفلسطيني، على قمم السواري وقمم القلوب.








































































الورقة التاسعة: كردستان

منذ بعض الوقت

أعطيت حلاً للمسألة الكردية على طريقة حلي للمسألة الفلسطينية، آه! ما أسهله وما أبسطه وما أروعه. في كلتا الحالتين، الفلسطينية والكردية، أن نُبقي كل شيء على الأرض كما هو، وبتصريح صغير يخفف من العبء النفسي، ويرضي الرغبة القومية، نعلن قيام الدولة، فننهي بجرة قلم شعور الأكراد بالدونية (قرأت في مقال بالفرنسي منذ قليل ما قاله أحدهم "لا نريد أن نبقى خدمًا لبغداد!")، وفي نفس الوقت يَبقى الأكراد العراقيون، كما كانوا دومًا، معًا وباقي إخوتهم، تحت سقف العراق، بيتهم الكبير وعزتهم كبلد بلا حدود متساوين في الواجبات والحقوق. وعلى الخصوص، كجزء لا يتجزأ من الكيان الإنساني قبل القومي.

غير أن السياسة ابنة كلب

خاصة عندما تكون لمآرب مافيوية محلية وإقليمية ودولية، وبعقلية القرون الوسطى. عندئذ، تحت البرقشة في الكلام عن حرية الأكراد واستقلالهم، يستخدم برازاني وعصابته أفراد شعبه، كما استخدم هتلر الألمان، لتنفيذ أجندة خسيسة ومريبة هدفها تقطيع العراق وإشعال المنطقة وإكمال ما بدأته داعش، بينما برازاني كالكلب راكع، بشماخه الدميم، عند قدمي الإسرائيليين أسياده وناكحيه! التقاء عقلية متحجرة من القرون الوسطى كعقلية نتنياهو مع عقلية سرسرية ولصوصية وكذلك متحجرة من القرون الوسطى كعقلية برازاني، التقاء كهذا لا شيء فيه غير دمار الأكراد وتدمير العراق.

فها هي الدول الجارات

الدول الشريكات في تاريخها وأرضها وحلمها، تركيا وإيران وسوريا تغلق حدودها، وترمي بجيوشها، وهذا بالضبط ما تريده العصابتان الحاكمتان في إربيل وتل أبيب، أن تزج هذه البلدان في مغامرة حربية تدميرية، مغامرة من جهنم، لسائر الأطراف، لا أول لها ولا آخر، مغامرة جهنمية لم يكتبها دانتي في كوميدياه الإلهية، لأنها بكل بساطة تراجيديا الإله والإنسان.

إذن

نتائج الاستفتاء المعروفة سلفًا يجب تجميدها، ويجب تحويلها إلى ورقة كردية من أوراق المستقبل، مستقبل الأكراد ككل، ومستقبل الأكراد في العراق، ومستقبل العراق، في إطار الفدرالية التي نقترح بين العراق وباقي الدول العربية. وبعد ذلك، في إطار الكونفدرالية بين الدول العربية ودول المنطقة. أقاليم الأكراد في تركيا وسوريا وإيران تتحدد كجزء لا يتجزأ من هذه البلدان جغرافيًا، وحتى ثقافيًا، وحتى سياسيًا، وحتى حُلميًا، رغم شعور الأكراد السَّلبي نحوها، فالأكراد حلقة وصل، يكفيهم هذا فخرًا، وقنطرة، نقطة التقاء بين شعوب المنطقة وثقافاتها وسياساتها وأحلامها. أكثر من هذا، الأكراد كوكبة أنوار فضاؤها كل هذه الدول، وليس العكس، كما يتصوره القومجيون والعصابتيون. حدودها خيالية، أي بلا حدود، وهي إنتاج للعلاقات التاريخية القائمة بين الأكراد كأمة والباقين كأمم. إنه مفهوم الشخصية لا التقزم والانطوائية، وأمر الانفتاح علينا لا العداء وفَرِّق تسد، فالعالم يسير باتجاه تعميم السلام وتوحيد الشعوب. إنه قانون التقدم لا التخلف والبربرية، وأمر التكنولوجيا علينا لا السي آي إيه والموساد، فالتطور يجتاح الماضي ويجعلنا واحدًا في البرتغال أو ماليزيا أو المكسيك أو تكساس أو كندا. وإذا كانت المصالح، المصالح الأمريكية خاصة، كبيرة وكثيرة، على حساب النعرات العرقية والطائفية، فهي أكبر وأكثر عند التعامل مع الإنسان كإنسان أولاً وقبل كل شيء وأينما كان.




















الورقة العاشرة: فشل إيران

نحن لن نتدخل

في شئون أصدقائنا وإخواننا الإيرانيين، لكننا نسمح لأنفسنا بقول ما نراه، وما لا يراه حكام طهران، أو ما يتجاهلونه لأسباب يقال عنها تكتيكية تارة، وتارة أخرى إيديولوجية، فالمصارحة نصف الدين، والدين هنا ليس الفرائض والمناسك، الدين هنا العمل الذي نرمي إلى أن يكون عمل الشراكة، بإملاء من متطلبات العصر، متطلبات الحداثة، ومتطلبات العيش على أرض واحدة. ودفعة واحدة نقول للملالي مع فائق احترامنا، أما إذا كان تفكيركم من لحاكم، فلن يكون بيننا أي تعاون ولا أي أمل في التغيير عندكم قبل عندنا، لن يكون هناك أي أمل في الاحتفاظ بكرسي الحكم عندكم أو عندنا، لن يكون هناك أي أمل في التأسيس لإيران الغد، إيران المستقبل، إيران الدين لله والعلم للجميع، وعالم عربي المستقبل، عالم عربي العلم للجميع والدين لله، بمعنى مستقبل العالم العربي وإيران الواحد، وإن اختلف الطريق.

لقد فشلتم

في استغلال النعرات المذهبية والطائفية في العراق، وها هو استفتاء الأكراد نسوقه كأقوى دليل. لقد فشلتم في سوريا، وها هي حروبها المدمرة تدور منذ سنين. لقد فشلتم في لبنان، وها هو حسن نصر الله يجعل من الدين غير إصغاء للعقل، فالله عقل وليس للقتال التشريع. لقد فشلتم في اليمن، وها هم الحوثيون، الذين قضيتهم قضيتنا، باسمهم كحوثيين يفرضون على اليمنيين حربهم وحرب حلفاء الشر مع السعوديين. لقد فشلتم في فلسطين، وها هي حماس المباول تحاصر شعبًا برمته وتجوعه وتذله، حماس المشاخخ لا إسرائيل. لقد فشلتم في كل مكان ذهبتم إليه، وأول مكان في عقر داركم، داركم ودارنا الحبيبة إيران، لأنكم بعنترية الحاضر والماضي أردتم لشعوبكم تنفيد سياسة من زمن آخر، وبإغراءات روسية خسيسة أوقعتم أنفسكم بأنفسكم في فخ المفاعل النووي، بينما مفاعل إيران الحديثة مفاعلها المعادل لعشرات المفاعلات النووية هو التكنولوجيا، ليست التكنولوجيا التي تستوردها، بل التكنولوجيا التي يصنعها ذكاء أبنائها الخارق.

هناك واجبكم الشرعي

الذي نحترمه، ولكن هناك كذلك واجبكم كسلطة ابنة زمنها لا فوق زمنها لا فوق مكانها، سلطة ليست ميتافيزيقية قوامها الدولة المتحضرة، نعم المتحضرة، حتى بلباس الإمام، فالإمام حضارة في زمننا، وإلا ما كانت هناك، في زمننا، لا حضارة ولا إمامة، وإلا ما كان هناك، في زمننا، غير الاقتتال الذي انسقتم من ورائه في العراق وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن، ولا سمح الله في إيران نفسها، وها هم الأمريكان يزحفون حولكم رويدًا رويدًا، في كردستان تحت، وفي الروهينجيا فوق، وفي قطر على الجانب، بكلام وزير خارجيتهم أمس "للتصدي لإيران". كلام كهذا هو للتسويق ربما، لكن الأمريكان في السياسة يلعبون على عشرة حبال!

أنتم يا حكام طهران

قادرون على رفع شأو وطنيتكم في الوطن وخارجه بطريقة جديدة بعد أن فشلت طريقتكم القديمة، وذلك بالتعامل مع كياناتكم الإيرانية والكيانات الدولية على أساس العدل الشيعي، كدت أقول العدل الشيوعي، فمنذ نعومة أظافري، وأنا أماثل الشيعة بالشيوعيين، لتقارب المفردتين، ولكن خاصة للعدل الذي يتصف به مذهبكم، لتطوره الإنساني، وللأخوَّة التي لا تفرق بين شيعي وآخر غير شيعي، لهذا كان إعجابي. إذن التقطيع بعيد عن مذهبكم، لا التقطيع، ولا التدليس، ولا انتهاز الفرص، ولا الخداع، ولا التعصب، ولا التخويف، خاصة التخويف، الذي تمارسه كيانات في الغرب تقول عن نفسها متحضرة لقمع شعوبها والسيطرة عليها.

أسد نكتة بائخة

أبكتنا، وأبكتكم، فالعلويون لا يريدونكم حسب استطلاع للغرب، يخافون منكم، إنها ثيمة التخويف دائمًا المفرِغة للإنسانية والمشلة للفكر والتي لا مستقبل معها لا في سوريا ولا في العراق ولا في لبنان ولا في اليمن ولا في إيران الحبيبة نفسها. بينما الحل كما نرتأيه من أسهل وأجمل الحلول، ابن أسد محل أسد، وانتخابات ديمقراطية شرطها العلمانية، وانتهى الإشكال.

برازاني نكتة سمجة

مقرفة، لكنها إسرائيلية، يعني جهنمية، يعني شيطانية، فنتنياهو ابن كلب، أنا هنا لا أسبه، أنا أعلق على صدره نيشان تقدير، نتنياهو وعصابته أولاد كلاب، بدعم الأمريكان، دعمهم القذر للقذرين دائمًا، سيدعسون على رأس برازاني وكل الأكراد بعد الاستقلال، وسيأتونكم ليدعسوا على رؤوسكم لا سمح الله. أنا لا أقول هذا لتعدوا العدد، كما فعلتم مع صدام، أنا أقول هذا لتشيدوا السلام، فتكنسوا الأرض تحت أقدام شيعة العراق الذين شجعتموهم لدوافع مذهبية على أن تكون لهم دولتهم التي دون دولة.

حسن نصر الله نكتة قديمة

أكل الدهر عليها وشرب، لكني أفهم كيف ولماذا تدعمونه؟ أفعاله لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالشيعة كمذهب شيوعي عادل ومسالم، وليس مهمًا لديه أن يضحي بكل أفراد مذهبه، ليس مهمًا لديه أن تحرق إيران المليارات، ليس مهمًا لديه أن ينهي على الأخر –الآخر بالمفهوم الفلسفي- وفي ظنه أنه يرضيكم ويخدم مشروعكم، بينما هو يقلب نفوذكم الحضاري كما أرى إلى نفوذ كره وعداء، أنتم الذين هم أقدر الناس على خدمة الناس، عندما تبنون –إمكانيات ينائكم لا تعد ولا تحصى- عندما تسيطرون بالسلام لا بالقوة، عندما تفتحون أفئدة الناس، وتضعون أنفسكم فيها، عندما تعيدون إلى الناس حقوقهم التي أهمها حق العِلم وحق الحق، لا حق الجهل والإضعاف.

الحوثيون نكتة النكت

في بلد يُرثى له كاليمن، بلد خارج من طيز التاريخ، أو ربما داخل، ما الفرق بين أن يحكمه حوثي أو هادي أو صالحي أو طالحي؟! طيب تحالف الشر وقلنا أذناب يأتمرون بأمر أسيادهم الأمريكان، وأنتم ما دخلكم؟ ما ذنب ملياراتكم لتحرقوها؟! لماذا أنتم يا شيوعيي الدين تفكرون كستالين؟ الله أكبر! المتصارعون في اليمن كالكلاب التي تتصارع فيما بينها، فاتركوها تنهش لحم بعضها. أم أنه صراعكم الأزلي مع كلاب الرياض؟ حرب مواقع النفوذ التي لا تجدي نفعًا هو فشلكم بعد أن كان خطأكم.

حماس ليست نكتة

حماس ضرطة، حاشا السامعين! وأنتم بدعمها لا تواجهون إسرائيل، لا تقاتلون "الإمبريالية" الإسرائيلية، ولا تردعون قيد أنملة "الإمبريالية" الأخرى، "الإمبريالية الغربية". إن كنتم بالفعل تفعلون ما تقولون، فابعثوا بجيوشكم إلى غزة بدل دمشق، احرقوا ملياراتكم على إشي بسوى! إسرائيل عليها أن تقعد عاقلة بتحييدها دوليًا، وتحييدها دوليًا لن يكون إلا بالسلم لا بالحرب، السلم الذي فَرْضُهُ عليها واجب مبدئي وأولي لمؤسستنا قوس قزح. وليس على إسرائيل فقط، بل على كل دول المنطقة، على كل دول العالم، فرض السلم حسب أصول سبق لنا عرضها أكثر من مرة، لكم قبل غيركم.

نفوذكم السلمي الذي هو نفوذنا

في المنطقة وفي العالم لن يقوم على شعارات أثبتت فشلها منذ أربعين عامًا، فمشروعكم الذي نقدره تمام التقدير، مشروع الوحدة الإسلامية، نراه كمشروع للوحدة الإنسانية. عندئذ، لن يقوم هذا المشروع –هو على كل حال لم يقم ولن يقوم حسب ما اتبع من نهج حتى اليوم- على الحروب بين المسلمين، سيقوم على الاستثمار الاقتصادي في ديار المسلمين. وبعد ذلك، بشكل أوتوماتيكي، سيقوم على بناء المكونات الوطنية العربية-الفارسية. وسيقوم، أهم ما يقوم، على الشراكة بيننا وبين أسياد الحضارة، الغربيين الذين في مقدمتهم الأمريكيون، وليس على الاستقلال عنهم، أو وضعهم في المريخ هم وحداثتهم، ووضعنا في زحل نحن ومفاعل نووي لا إيران ولا الإنسانية جمعاء في حاجة إليه والإنسانية تدخل في عصر الطاقة المتجددة. نفوذ إيران في العالمين العربي والإسلامي ليس نفوذًا مذهبيًا ولا سياسيًا، نفوذها –كنفوذ الغرب كشريك- بتقدمها الذي هو تقدم لنا كلنا، وبذكائيها الاقتصادي والمعرفي، باستثماراتها الجبارة من المحيط العربي إلى الخليج الفارسي، وبثقافتها مهد ثقافتنا، ثقافة الإنسانية، لا ثقافة هادا شيعي وهادا سني! لا ثقافة النفط، الله يخليكم يا غرب ويا شرق اشتروه منا! لنحرق بثمنه سوريا وكردستان، فننسى القدر الأمريكي القذر المهين لصدام، ولشعب العراق، ننسى قدر الإيرانيين الذي لا نريده مهينًا، الذي نريده مشعًا.

فشلكم

يضعكم في صميم مأزق تاريخي يهدد وجودكم كنظام سياسي، فلن تكونوا قادرين على الإمساك بدفة الحكم، التي ستفلت منكم بعد عجزكم عن مواكبة شروط بلدكم الداخلية، شروط دولتكم الوطنية، ولن تكونوا قادرين على "إدارة" التقطيع الدائر على حدودكم في قطر وكردستان وبورمانيا، والحبل على الجرار. تذكروا ما قاله سكرتير الدولة الأمريكي أمس "سنتصدى لإيران"، وهذا الأمريكي الخرع لا يمزح وإن أوهمكم أنه يمزح! وافهموا أنكم لرحمة من عند الله وجدتم واحدًا مثلي، هذه هي أفكاره الكونية، لتكون أفكاركم، وهذه هي مشاريعه التنويرية، لتكون مشاريعكم. افهموا أو لا تفهموا، أنتم أحرار!


































































الورقة الحادية عشرة: نحن وإيران والغرب

كل مشاكل الشرق الأوسط

لماذا لم تجد إلى اليوم حلاً؟ لأن النظر إليها من عين السياسة، وبما أن السياسة هي سياسات إيديولوجية، لا يمكن التوصل إلى نقطة التقاء بينها. نفي الإيديولوجيا كما نقترح ليس كافيًا لتحقيق الحل الشامل والوافي، فنحن لن نصنع من الملالي أناسًا على شاكلتنا، نكون معًا، لكن تبقى لكل منا رؤاه، يكمل بعضنا البعض، لكن يداوم كل منا على الاحتفاظ بسماته. الأمر كذلك عندما يتعلق الأمر بنا وبإيران وبالغرب، بأمريكا، كل شي يفرقنا في السياسة، الإيديولوجيا من ناحية، والمصالح من ناحية، خاصة المصالح، ومهما تكلمنا عن الشراكة في كل شيء، في البيت، وفيما في البيت، يشك الغرب، تشك أمريكا، فيما نقول، ويترك الغرب، تترك أمريكا، كل شيء مزروعًا في حقل المحتمل، وكالناقد عند تحليله للنص، يفتح الغرب، تفتح أمريكا، عند التطبيق، باب اللامحتمل، واللامحتمل في السياسة يعني إبقاء الأمور على ما هي عليه حتى "يفرجها ربنا"، كما يقول المصريون.

كل مشاكل الشرق الأوسط

تجد حلاً اليوم قبل الغد، عندما يكون النظر إليها من عين الاقتصاد، وبما أن الاقتصاد هو اقتصادات غير إيديولوجية، اقتصادات متداخلة، يمكن التوصل إلى نقطة التقاء بينها، رأس المال، لنجد أن الحدود (تحت كل المعاني السياسية كل المعاني الإيديولوجية) بين الغرب والشرق تزيل نفسها بنفسها، وبين الشرق والشرق، البلد العربي والآخر، البلد العربي وغير الغربي، إيران أولاً وقبل كل شيء، كشقيقة وكحليفة، فتتحقق ضمنيًا الفدرالية بين الدول العربية، نقول ضمنيًا أي دون أي إكراه، دون أي انقلاب، وكل ما يتطلب ذلك من إجراءات ديمقراطية يفرضها النظام المالي، والشيء نفسه الكونفدرالية مع إيران أولاً وقبل كل شيء، مع الغرب، مع أمريكا... إلى آخره.

أسوق بعض الأمثلة العملية

التي ستتفرع عن قوس قزح مؤسستنا، بعد أن شرحت بالتفصيل أدوارها السياسية، أدوار جبارة نخترق بها السلطة في الغرب والعالم، أشرح في السطور التالية دورها الاقتصادي، دورها الجبار، في بنية رأس المال الغربي نفسه، لنكون وإيران جزءًا من هذه البنية، وبالتالي ضرورتنا كضرورة وجود وذوبان، على شاكلة ضرورة وجود وذوبان الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى في بعضها، لتواجه متطلبات العصر وتطوراته، وليمكنها الاستمرار والبقاء. فالعملقة بين إيران والدول العربية وأمريكا والغرب عليها أن تمضي بالذوبان الاقتصادي فيما بينها، والأمثلة التي سأعرضها في هذا الاتجاه قليلها من كثيرها، وصغيرها من كبيرها، أمثلة من الممكن تعميمها في كل الميادين، وعلى كافة المستويات.

كل مرة أكون في لندن

ألاحظ أشياء ثلاثة، الشيء الأول الناس الذين يأكلون ويأكلون ويأكلون في كل الأوقات، وكأن لندن في مجاعة دائمة. أول استثمار لقوس قزح مؤسستنا سيكون في غذاء البطون، وذلك بإنشاء سلسلة من المطاعم بخصوصية ليست مثلها أخرى، عندما تجمع سلسلة المطاعم هذه خمسة أطباق يحبها البريطانيون في مطعم واحد بدلاً من طبق واحد في خمسة مطاعم: فرنسي طلياني إسباني أمريكي لبناني. الاختيار هائل، والنجاح أكبر من هائل! سنبدأ بلندن، وبعد ذلك بباريس، ثم بنيويورك، وبعد بعد ذلك بالعواصم الغربية كلها. طبعًا في ميدان غذاء البطون كذلك، من الممكن غزو إنجلترا بعصا الخبز الفرنسية "الباغيت"، فالخبز الإنجليزي لا يؤكل، والعكس بالعكس، من الممكن غزو فرنسا "بالفيش آند شبس" اليريطاني، وهلمجرا...

الشيء الثاني الذي ألاحظه

في عاصمة بلد شكسبير ما لا علاقة له بشكسبير، برامج قنواته وإنتاجاتها التي دون الصفر. شيء مروع أن يكون التخلف الثقافي في بلد يقول عن نفسه متحضرًا في أدنى درك، وغذاء العقول قمامة في قمامة. ستكون لقوس قزح مؤسستنا قناتها الإنجليزية (إضافة إلى قنواتها الأخرى الفارسية والفرنسية والعربية) التي ستغطي بإنتاجاتها وبرامجها القنوات الأخرى بمجموعها، فترفع من القيمتين الإبداعية والإعلامية، وتلتقي مع إنتاجاتها في هوليود، كما أوضحنا بالتفصيل في مكان آخر، بالاقتصاد الثقافي في الغرب بعد الاقتصاد الغذائي، لتجد لها مكانًا مريحًا في الرأسمالين العالميين.

الشيء الثالث الذي ألاحظه

في لندن متخلفة بالفعل بالمقارنة مع باريس ووسائل نقلها الهائلة، "تيوبها" (المترو أو القطار التحت الأرضي) أنت تأخذه لتمرض لضجيجه وقرقعته وضيقه! قوس قزح مؤسستنا بما ستحققه من أرباح طائلة في مجالات أخرى، ستساهم في تحديث تيوب لندن، ستساهم في أكثر من مشروع بريطاني، وستعمل كل ما في وسعها على أن تكون جزءَا لا يتجزأ من البنية الاقتصادية للبلد الذي خروجه من الاتحاد الأوروبي فرصة ذهبية لن نتركها تضيع سدى، أن نكون جزءًا لا يتجزأ من البنية المالية، ليس على شاكلة إخوتنا في الدين (؟) أبناء سعود، بوضع أموالنا في البنوك، وإنما بتشغيل أموالنا كشركاء يتمتعون باستقلالهم، وكأصحاب كلمة نافذة لا تابعة أو مدعوسة.

مشاريع قوس قزح

لن تقف عن الحد الذي حددناه كرأسمال وكجزء من الرأسمال الغربي، وبالتالي كقاعدة اقتصادية موسعة للغرب تشمل إيران والبلدان العربية وضمنيًا كقاعدة سياسية (إسرائيل مع علاقتها بالغرب بأمريكا هي هذا ومع علاقتها بنا في المستقبل ليسها إسرائيل من الفرات إلى النيل شعارًا للتهويل يخفي حقيقتها الاقتصادية الأساسية) حيث يكون من الطبيعي آنذاك قيام الكونفدرالية. مشاريع قوس قزح مؤسستنا في إيران والبلدان العربية سنبدأ بأهمها، مشروعها الجبار "الأورينت ستار"، القطار الرابط بين الرباط وطهران، على غرار القطار الرابط بين باريس ولندن "الأوروستار". ربما ظن البعض أن ما أقوله محض خيال، بينما ما أقوله واقعي. قيل عن الأوروستار شيء من هذا القبيل، ومع ذلك ساهمت فرنسا كإنجلترا بجزء قليل من نفقاته، والكثير الباقي تم حصاده عن طريق بيع الأسهم، فتحقق الحلم. لا طهران ولا الرياض ولا باقي عواصم الخليج ولا الجزائر ولا بغداد بإمكانها وحدها تمويل مشروع جبار كهذا على الرغم من ثرائها، لا المشروع الجبار هذا ولا المشاريع الجبارة الأخرى التي ستغير وجه المنطقة، لكن بالإضافة إلى الأسهم المفتوحة لكل من يريد شراءها في العالم، مع ملاحظة أن الغرب هنا، أن أمريكا هنا، تقف ويقف في قلب كل المشاريع الجبارة، المشروع السككي الحديدي أولها، الغرب وأمريكا كبناة للمشروع، ولكن خصوصًا كجزء لا يتجزأ من بنية اقتصادية عندنا، مثلما كنا كجزء لا يتجزأ من بنية اقتصادية عندهما.

وكما وَحَّدَ القطار الولايات المتحدة

في أواسط القرن التاسع عشر (كم نحن متأخرين يا رب!)، سيوحد الأورينت ستار بلاد العرب في الفدرالية المرتجاة، ثم بلاد العرب وغير العرب في الكونفدرالية المرتجاة، وضمنيًا سيوحدها اقتصاديًا، سيوحدها ثقافيًا، وأخيرًا سيوحدها سياسيًا، نقول التوحيد السياسي والحل السياسي وباقي الحلول في الأخير، على عكس كل الفطاحل والأمخاخ من المنظرين والسياسيين العرب، حاشا السامعين، في الأخير، منطق التحرر السياسي بعد التحررين الاقتصادي والثقافي، من خلال الآلية التي قمنا بعرضها بالتفصيل. عند ذلك، وعند ذلك فقط، تدخل بلاد المشرق في عصر الحريات، وتأخذ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة في دولة المواطنة طريقها الضمني ولكن العملي إلى التحقق.
























الورقة الثانية عشرة: السعودية تنتفض!

للتغطية على الانتفاضة، والتقليل من أهميتها، أقام الوهابيون عرض موضة للملابس النسائية، الأول من نوعه في العربية السعودية. كان الأمراء من بين أوائل المدعوين والموظفون الكبار، وكانت المفارقة أنهم لم يصطحبوا نساءهم. كان عرض الموضة للنساء، ولم تكن أية امرأة موجودة في القاعة. كان كل الحاضرين من الرجال، كلهم كانوا رجالاً، وكانوا ينتظرون بفارغ الصبر ظهور العارضات لأول مرة في تاريخ جزيرة العرب. الحدث كان مهولاً، وكل قنوات العالم تركت المنتفضين ينتفضون ما شاء لهم الانتفاض، وجاءت لتغطي الثورة النسائية في بلد يطالب رجال الدين فيه المرأة بالتزلج على الويب مع محرم. خفف تقني الحفل الأضواء في الوقت الذي انطلقت فيه الموسيقى، موسيقى جنائزية إذا لم تخطئ الآذان، وبدأت العارضات الملتفات بأحجبة سوداء، كلها سوداء، تضيق أو تتسع، تطول او تقصر، تنغلق أو تنفتح، بدأت العارضات الملتفات بالأحجبة السوداء يتواردن تباعًا. كان خليفة عبد الرحمن، مدير مكتب هنا العالم في العربية السعودية يعلق على المشهد همسًا، وكأنه في معبد، والكاميرا الذكية للمصور المرافق له تنقل كل شيء بأدق التفاصيل، وتلح على حركة الردفين لدى العارضات، والابتسامات الرجولية، ابتسامات تتراوح بين التعجب والتمتع. وفي لحظة من اللحظات، توقفت الموسيقى الجنائزية لتحل محلها موسيقى الهيب هوب، وإذا بالعارضات يأخذن بالرقص، وشيئًا فشيئًا يخلعن أحجبتهن ليظهرن كلهن شقراوات من أوكرانيا، وكانت قمة قمم العرض لما أخذن يخلعن ثيابهن الداخلية، ليكتشف الحاضرون ومشاهدو هنا العالم كتابات على أجمل أجساد نساء العالم تندد بعبودية المرأة السعودية، وتطالب بتحررها. اقتحم رجال الشرطة القاعة، ورموا الكل، أمراء وغير أمراء، بين القضبان.
لكن فعلاً ناريًا كهذا ضاعف من تأجيج الانتفاضة التي انتقلت من حي الجبس في الرياض، هذا الحي الفقير، إلى باقي أحياء عاصمة بلد الألف بئر نفط وبئر، وبعد عرض الموضة الجريء، بلد الألف نهد دم ونهد، فجاء فرانك لانج ليشارك في صنع الحدث بشخصه، وليس فقط بصوته أو بصورته. كان الحدث من الجسامة بقدر ما يستحقه من اهتمام، وكان من الأصالة بقدر ما يفرضه من خَلق. في بلد توقف التاريخ على أردافه منذ عشرات السنين بل مئاتها، كان للشمس ضوء آخر، وكان لليل قمر آخر، وكان الرمل يتنفس كالجسد الذي مات، وعادت تنبض في عروقه الحياة. هل نقول للأنبياء ما لم يقولوه، وللآلهة أن ينزلوا بيننا؟ هل نشرب الماء من أكف جبال السراة، ونسقي القوافل؟ ماذا لو عادت البحار إلى بطونها لتولد بين أذرعنا؟ هل الغضب غضبنا أم غضب العواصف؟ وكل الماضي، مذ كان هناك ماض، كيف نتركه يمضي في سبيله؟ سنحتفل بدين جديد نصنعه بأيدينا، دين ليس وهمًا. سيكون دين الحق لا دين الوهم، سيكون دين الحق والحقيقة، الحقيقة بين حقائق، ولن نحلق وحدنا تحت سماء لنا، ولكن مع غيرنا، تحت سماء لنا ولغيرنا. سنحلق كالطير، وننصت إلى خفق أجنحتنا وأجنحة السنونو. لِمَ الهرب من الرغبات، والأسماك لا تهرب؟ ولِمَ قمع الرغبات غير المستحيلة يوم تستحيل كل رغبة؟ سنبكي بعد أن نضحك، لأننا نخاف من الضحك كثيرًا، هكذا نمارس حرية البكاء، ونفهم معنى الحرية. لن نتركهم يمارسون علينا حرية الاستفزاز، فمن خارج التهويم نسعى، بعد أن كان الحلم هاجس كل يوم. كالمرضى كنا بأحلامنا، في أحلامنا، لا نحتمل من خارجها غيرها، منذ احتلم الصبي والصبية، وهما بين يدي الله لأول مرة، ورأيا في عجزهما قوة الآيات. لم نخرج عن الآيات، فهل كنا نستطيع الخروج؟ لنخرج من جوف البحر كان علينا الدخول من الشواطئ، دخلنا، ولم نستطع الخروج. لهذا كان من الصعب علينا الغرق في قطرة ماء جعلناها تكبر حتى غطت الكون. لف الكون الظلام، وكان الظلام سعادتنا. الظلام سعادتنا كان. كان الظلام سعادتنا، وكانت سعادتنا الظلام. إلى الأبد. كانت سعادتنا الظلام. رفضنا كل سعادة أخرى. رفضنا حتى سعادة الضوء. كانت سعادتنا الظلام، لأننا لم نفهم سواها. سعادة الظلام. لم نشأ سواها. قاومنا كل سعادة غيرها. كل سعادة غير سعادتنا. كل من لهم سعادة غير سعادة الظلام، فتحاشانا الفلاسفة والمجانين والأنبياء. سعادة الظلام، حرية الظلام، متعة الظلام. الظلام. الظلام. الظلام. هل نهمل الاستفزاز لِنَهَمٍ في نفوسنا إلى شيء آخر غير التقوى؟ النور ليس خبزنا، ولا أفخاذ النساء. فاغنر ليس نبينا، ولا موزارت. المريخ ليس بيتنا، ولا القمر المحاق. كان علينا أن نبدأ من هنا، أن تكون البداية على أعتاب قصر متروك للرمال. كان علينا أن نموت، فما الحياة، والحياة ثعبان الجهل، وثدي بين أنياب الذئاب؟ كان علينا أن ندخل على أختنا عارية في الحمام، ونرفع ما بين فخذيها على أسنة الرماح. كان علينا أن نغزو أجسادنا بعقولنا ونقيم لها قوانين أخرى غير قوانين الاستمناء. كان علينا أن نؤسس لمكة ثانية كلندن باريس نيويورك أو شتوتغارت. كان علينا أن نبدأ بمحو صورنا كاريكاتورات للعبث في كل مكان وزمان، وكان علينا... وكان علينا... وكان علينا...
قال فرانك لانج لأحد الشبان المنتفضين، النازعين لألثمتهم، تحت أسوار القصر الملكي، والعالم كله يسمع:
- ليس التعصب حافزًا على التغيير.
- التعصب الأعمى تعني.
- التعصب الأعمى.
- التعصب الديني.
- التعصب الأعمى.
- التعصب السياسي.
- التعصب الأعمى.
- التعصب الرياضي.
- التعصب الأعمى.
- التعصب الطائفي.
- التعصب الأعمى.
- التعصب النسائي.
- التعصب الأعمى.
- التعصب الدعائي.
- التعصب الأعمى.
- التعصب الذئابي.
- التعصب الأعمى.
- التعصب الكلابي.
- التعصب الأعمى.
- التعصب الملائكي.
- التعصب الأعمى.
- التعصب الشيطاني.
- التعصب الأعمى.
- التعصب الأعمى ضروري لحركتنا، في هذه المرحلة على الأقل، مقابل التعصب الوهابي.
- وهل ستتركون الأمور لغيركم كما ترك زملاؤكم المصريون مثلاً الأمور لغيرهم؟
- نحن لا يوجد غيرنا.
- أنتم قيادة أنفسكم؟
- نحن قيادة أنفسنا، نعرفنا قبل كل شيء كما يقول الفيلسوف: اعرف نفسك بنفسك تعرف الله والكون.
- الحكام السعوديون لم يعرفوا أنفسهم بأنفسهم؟
- ولم يعرفوا الله والكون. كل حركتنا لنجعلهم يعرفون أنفسهم، فتكون نهايتهم.
- الأرباح النفطية الأخيرة التي لا تقدر أبعدتهم إذن عن معرفة أنفسهم، وأنتم، ألا تخشون من جهل أنفسكم لما يصبح الحكم بين أيديكم؟
- نحن لسنا قططًا سمينة. القطط السمينة في الليل تبدو أُسودًا، كما هي عليه في السعودية أو في الأراضي المحتلة.
- في السعودية أو في الأراضي المحتلة؟ ما العلاقة؟
- العلاقة هي الاحتلال.
حصلت انفجارات مفاجئة مزقت أجساد العديد من المنتفضين، فذهب محدث فرانك لانج ليرى، وضاع في الدخان. على الرغم من وحشية الحرس الملكي، تمكن الشبان من تحطيم بوابة القصر، واختراقه، فترك صاحب هنا العالم الميكروفون لزميله خليفة عبد الرحمن. زوده الطاقم التلفزي بكاميرا مخفية، وعجل الدخول إلى عالم الحاكم السعودي، عالم الحاكم الأبدي، كما كان القابضون من الأئمة يتشدقون، وأفراد مجلس الشورى الذين لا شورى بينهم يشيرون، واللوطيون ممن يمارسون المتعة على أجهزة تحركها الحركات الاهتزازية يدللون. كان القصر يبدو متروكًا من حراسه، وكلما توغل رجل التحري الخاص السابق في ثناياه كلما تبدى مفتوحًا لكل من يريد الدخول فيه. أخذ بعض الشبان يعودون بسرقاتهم الثمينة، وكأنهم يعودون بأعمارهم. وفي القاعة الملكية لم يكن أحد هناك، أو هكذا خُيل لفرانك لانج، إذ ما لبث أن سمع صوتًا لكهل يوبخ رجلاً، وهو يعطيه ظهره، لأنه لم يقاتل في سبيله. خاف فرانك لانج على نفسه، لمّا أخذ الكهل يهدد بمسدس، ويتوعد، فأخرج مسدسه من صدره، وفي اللحظة ذاتها، جاءت عيناه في عيني الرجل الذي خر راكعًا على قدمي الكهل مرددًا: عفوك، يا مولاي! مغفرتك، يا سيدي! رحمتك، يا ملك الإنسانية! خادمك إلى الأبد يرجو عفوك ومغفرتك ورحمتك! وليحول صاحب أكبر محطة تلفزية في العالم دون ارتكاب ملك الإنسانية لجريمته الإنسانية، أطلق الرصاص عليه، وقتله. مات الملك، وفي الحال، تناول الخادم مسدس جلالته، وأطلق الرصاص على فرانك لانج، وقتله. مات فرانك لانج، والعالم أجمع يتابع من الكاميرا المخفية باقي المشهد لمّا قَلَب الخادم الملك بحذائه، وبصق عليه، ثم غادر المكان بخطى ثقيلة.



القسم الأخير من رواية "هنا العالم"


الورقة الثالثة عشرة: أريد ملياري من قطر!

حطت الطائرة الخاصة بفرانك لانج في مطار الدوحة، وجاءت سيارة أميرية حتى سلم الطائرة لحمله إلى قصر الشيخة لوزة، زوجة شيخ قطر. وهو في الطريق، كان ينظر من النافذة المموه زجاجها للحقيقة، فيرى جِمالاً تسير على أرصفة ناطحات السحاب، وبدوًا يسوقون سيارات الفيراري والبوغاتي والرولس رويس. رأى المصلين خارج المساجد عراة، الرجال من جهة، والنساء من جهة. مدينة فاحشة كانت الدوحة، مخلة بالحياء، للوراعة فيها رائحة الدعارة. وكانت تصل إلى الأذن، من ناحية البحر، صرخات أناس تقضم أجسادهم أسماك القرش. لم يكن يبدو على السائق أنه يسمع شيئًا، كان مكفنًا بكوفيته البيضاء وثوبه الأبيض. كان كل شيء في الدوحة مكفنًا بالأبيض، كل شيء حي، وكانت أضخم المراكز التجارية في العالم تبدو كالمقابر. قطب رجل التحري الخاص السابق، وفكر في أبولين دوفيل، ماذا كانت ستقول لو لم تزل على قيد الحياة؟ يلعن دين، فرانك. كانت السيارة الرسمية تخترق به الواقع، وكأنه كابوس من الكوابيس، على عكس ما اعتاد المرء عليه. كل ذلك بإرادة النقود، قال فرانك لانج لنفسه، لم يقل بإرادة الذهب الأسود، فالذهب الأسود بعد أن يتحول إلى نقود يصبح شيئًا آخر، وما كان يراه فرانك لانح هو هذا الشيء الآخر. كأثرى الواجهات في العالم. شانيل وإيف-سان لوران وكارتييه. هذا الشيء الآخر الفاحش على طريقته. كأكبر البنوك في العالم. كأهم الشركات في العالم. كأضخم الوكالات في العالم. كأعظم المؤسسات في العالم. كأرقى الجمعيات في العالم. كأرفع النوادي في العالم. كأندر البارات في العالم. كأفرد الملاهي في العالم. كأحمم الكرخانات في العالم. ككل أفعل تفضيل لهذا الشيء الآخر في العالم. رفع فرانك لانج رأسه إلى إعلانات دعائية عملاقة، وقرأ: لعبة الموت. خيول تعدو، وملء أعينها الرعب، وسيارات تطارد الخيول، ورمال تتهدم أعمدتها الرافعة للكون.
عندما دخل فرانك لانج قصر الأميرة لوزة، كاد ينسحق لفخامته. كان قصرًا من قصور بابل، بطوابقه المتداخلة، وأدراجه المتلولبة، وتماثيله المتتالية. ظن التماثيل لا تقف، والأدراج لا تتوقف، والطوابق لا تتطابق. كان كل شيء يتحرك بدقة عقرب ما فوق الحياة، فكل شيء في القصر لم يكن عصرًا، كل شيء في القصر كان لوثًا. حتى الأرائك، حتى الستائر، حتى الثريات. كل شيء في القصر كان طيشًا. حتى اللوحات، حتى السجاجد، حتى الزخارف. كل شيء في القصر كان خرقًا.
دخل فرانك لانج على الشيخة لوزة، والكُتاب العرب يقبلون باطن قدميها، ويكتبون بألسنتهم القصائد عنها والقصص. طردتهم لما رأته، ونادته ليجلس إلى جانبها. كانت امرأة في الخمسين ذات جمال امرأة في العشرين، الشيخة لوزة، وكانت ضحكتها ترن رنين المعادن الثمينة.
- هذا لطف منك، فرانك، همهمت الأميرة، وفرانك لانج يقبل يدها.
- كل الشرف لي، سموك، همهم صاحب أكبر قناة في العالم.
- تعال، قالت الشيخة لوزة، وهي تسحبه من يده.
- لولا وجودك في هذا القصر لما كان القصر قصرًا، همهم فرانك لانج من جديد.
- أنت رجل غَزِل ككل فرنسي، همهمت الأميرة من جديد، وهي تقهقه.
- شكرًا، سموك.
- لهذا أنا فخورة بك، أنا فخورة بكل ما تفعل.
- ما أفعل؟ "هنا العالم" بفضل سموك.
- وأنا أيضًا فخور بكل ما تفعل، فرانك، ألقى شيخ قطر، وهو يخترق الصالون الحلمي من باب جانبي.
- سموك يغدق عليّ من عطفه ما لا يقدر بثمن، قال رجل التحري السابق، وهو ينهض.
- ابق جالسًا، فرانك، طلب الأمير، فعاد فرانك لانج إلى الجلوس. تعازيّ الحارة بخصوص أبولين.
- وأنا أيضًا، تعازي الحارة، فرانك، سارعت الأميرة إلى القول.
- هل ستقيم دعوى؟ سأل القطري الأول.
- ضد من؟ السلطة؟
- لا أحد فوق القانون.
- لا أحد فوق السلطة.
- حتى عندكم؟
- حتى عندنا. ما عدا...
- ما عدا ماذا؟
- الثورة أو الجحيم.
- حتى عندكم؟
- حتى عندنا. ما عدا...
- ما عدا ماذا؟
- الإعداد لكل شيء.
- هذا ما ينقصنا، ومع هذا...
- هذا ما ينقصنا دون "ومع هذا".
- لأنكم ذوو باع طويل، علمتكم أول ثورة في التاريخ ما لم تعلمنا. ثم لزوجته: لوزة، هل نسيت لعبة الموت؟ سأل الأمير، وهو يشعل الجهاز التلفزي الضخم.
- لم أنس.
- لعبة الموت؟ سأل فرانك لانج.
- إنها إحدى ألعابنا الشعبية هنا في قطر، أجاب الأمير، ألم تسمع عنها؟ رئيس هنا العالم لم يسمع عنها؟
- لأن لا أهمية لها عندهم، "أول"، بررت الأميرة جهل فرانك لانج باللعبة.
- كل شيء عندنا لا أهمية له عندهم. ما عدا...
- سموك يبالغ بعض الشيء.
- فعلاً، أنت تبالغ، "أول"، قطر اليوم على ثغر القريب والبعيد.
- وغدًا؟
- فرانك لانج هنا من أجل هذا، "أول".
- سموك لن يقلق ابتداء من هذه اللحظة، قال فرانك لانج، وهو يخرج شيكًا من جيبه. العشرة المليارات أعيدها شاكرًا بعد النجاح المهول لقناتي.
وفي نفس اللحظة، دخل شاب في الخامسة والعشرين من عمره، كئيب الطلعة، ممرور الفؤاد، نحيل القوام، وقال:
- بابا، لم أعد أحتمل البقاء في هذا البلد يومًا واحدًا أكثر.
- تعال، يا حبيبي، تدخلت الشيخة لوزة، تعال أقدمك لأعظم رجل تحر خاص في الوجود.
- أعظم رجل تحر خاص في الوجود سابق، صحح فرانك لانج، وهو يبتسم، ويعيد الشيك إلى جيبه.
- ستبقى أعظم تحر خاص في الوجود بالنسبة لي، فرانك، أكدت أميرة قطر. هذا فرانك لانج، وهذا ابننا حمد.
- بابا، هل تسمعني؟ عاد الشاب إلى القول متجاهلاً فرانك لانج.
- أسمعك.
- متى ستسمح لي بالسفر؟
- كل ما أفعله لك، وتريد...
- بابا، اسمح لي بالسفر.
- أسمح لك بالسفر.
- شكرًا بابا، همهم حمد قبل أن يخرج.
- حمد ابننا مشكل آخر سنتكلم عنه فيما بعد، فرانك.
- لا تشركه في همومنا الشخصية، "أول".
- إذا كان باستطاعتي أن أفعل شيئًا، فلن أتأخر لحظة واحدة.
- لعبة الموت بدأت، هتف أمير قطر، وهو يرفع الصوت، والمعلق يصف بحماس ما يجري: الرهانات وصلت المليار على هذا الحصان أو ذاك، وها هي السيارات تعدو من وراء الأحصنة. بدر البدور سيكون الفائز على التأكيد... إنه حصاني المفضل، عاد القطري الأول يهتف.
- كم كان رهانك، "أول"؟
- مليون، "أولى".
- أنت مجنون ما في شك، "أول"!
- بدر البدور، صاح شيخ قطر، وبعد أن تفادى بدر البدور صدم السيارة له: هذا هو الحصان العربي الأصيل! لكن حصانًا آخر تمزق تحت عجلات سيارة أخرى ترافقه صرخات المقدّم الهائلة. بدر البدور، بدر البدور، صاح شيخ قطر من جديد، آه، كاد قلبي يسقط من الخوف. هذا هو الحصان العربي الأصيل! وفي الوقت ذاته، حطمت إحدى السيارات ساقي أحد الخيول. بدر البدور، بدر البدور، بدر البدور، كان "أول" يصرخ دون أن يمسك نفسه لما حاصرت سيارتان الحيوان المسكين، واخترقتاه، وهما تصطدمان، والدخان ينبعث من محركيهما. بدر البدور، بدر البدور، بدر البدور، بدر البدور، كرر أمير قطر محزنًا، والدمع يكاد ينبثق من عينيه. خلصته الشيخة لوزة "التيليكوماند"، وأطفأت الجهاز التلفزي.
- وتريد لهذه لعبة بربرية أن يهتموا بها عندهم، "أول"؟
- بدر البدور، "أولى"!
- المليون، "أول"!
- على كل حال... ماذا كنا نقول، فرانك؟
- ابنكم حمد، سموك.
- لا، ليس هذا.
- العشرة المليارات، قرضكم من أجل تأسيس "هنا العالم"، قال فرانك لانج، وهو يعيد إخراج الشيك من جيبه، ويعطيه للقطري الأول.
- لا، ليس هذا.
- لم نقل بعد شيئًا، "أول".
- فرانك، باختصار، نفط قطر يعاني من نقص مضطرد، قال أمير قطر بلهجة جسيمة، عشر سنين، خمس عشرة، وستجف آبار نفطنا كما جفت آبار مائنا. مع "هنا العالم" وتأثيرك العالمي، نريدك أن تضغط على أهم بنك في العالم "غولدمان ساكس" ليقول بنقص النفط عامة كما قال بنقص الزنك والألمنيوم، فترتفع الأسعار، ونجنى المنافع لخمسين عامًا. خمسون عامًا أفضل بكثير من عشرة أو خمسة عشر، فرانك.
- ولكن هناك نقص نفطي بالفعل، عارض فرانك لانج، إذن لماذا نضغط؟
- هناك نقص نفطي بالفعل في قطر، أوضحت الشيخة لوزة، وليس في باقي البلدان المصدرة لهذه الثروة السوداء.
- الكشف عن نقص نفطي في قطر وحدها لن يرفع الأسعار، شرح أمير قطر، وعلى العكس سيكون من وراء خفضها، لأن البلدان النفطية الأخرى ستضاعف من إنتاجها لتعوض هذا النقص، أو على الأقل سيكون من وراء ثبات هذه الأسعار، وهذا ما ليس في صالحنا.
- وماذا في صالح غولدمان ساكس؟ همهم رجل التحري الخاص السابق.
- غولدمان ساكس يمتلك من النفط في خزاناته ما يغرق العالم لعشرين ثلاثين عامًا على الأقل، إنها المادة الأولية الأولى التي تدر عليه من المال ما لا يقدر.
- هذا يعني أنكم تريدون من غولدمان ساكس أن يقوم بكذبة حقيقية.
- فيما يخص قطر، وليس فيما يخص باقي البلدان.
- وما الذي يضمن ألا تُكذب باقي البلدان الكذبة؟
- ارتفاع الأسعار، من مصلحة باقي البلدان ألا تُكذب الكذبة.
- الأسعار مرتفعة، وتريدون أن ترتفع أكثر، ستكون النتائج وخيمة علينا وعلى العالم.
- سياسيوكم دومًا ما وجدوا الحل المناسب لكل شيء.
- هذه المرة لن يجدوا، وسيخسر بركاتي كاراكوما الانتخابات الرئاسية القادمة لصالح سوزان ماك كوفر. بركاتي كاراكوما الذي تدعمه "هنا العالم".
- قطر أم العالم؟ إنه السؤال.
- خراء هذا السؤال، سموك. خراء لأنه يعارض كل مبادئي، كل مبادئ قناتي، كل مواقفي، إذ بدلاً من مواجهتي لأكبر بنك أخطبوطي في العالم، غولدمان ساكس، بدلاً من العمل على إسقاط مرشحة الإف بي آي، تريدون مني أن أعمل على نجاحها وضخ الأموال في خزائن بنك مليئة بالأموال.
- لعبة الموت هي هذا، فرانك. وأنت، ستكون الرابح الأول، أنهى القطري الأول الحديث، وهو يمزق شيك العشرة المليارات الذي أعطاه إياه رجل التحري الخاص السابق منذ قليل. كان ذلك بمثابة اتفاق ما بينهما. أسدل أمير قطر الستائر، وأشعل الأضواء الخافتة الملونة. أخرج مفتاحًا ذهبيًا صغيرًا من جيب صدارة تحت عباءته، وجعل أميرة قطر تراه، وقبل أن يغادر الصالون، أعاد المفتاح الذهبي إلى جيب الصدارة، وهو يطبطب عليه، ويبتسم ابتسامة ماكرة، بينما فرانك لانج لا يفهم شيئًا.
قبلته "الأولى" من كل وجهه، ومن كل جسده، وهي تخلع له ثيابه، وتخلع لها ثيابها، لكنه فوجئ بقفل ذهبي بين فخذيها، ومرة ثانية، فوجئ بنسخة من المفتاح الذهبي مخبأة في رافعة نهديها.
في المساء، خصه "الأول" بلعبة للموت من نوع خاص، كان عدد من الخدم الباكستانيين يقومون بدور الخيول. اندمج فرانك لانج باللعبة كغيره ممن كان معه، وراهن بمليون على أحدهم استطاع أن يركض كأحسن حصان، فكان الفائز.

*

اصطحب فرانك لانج حمد، ولي العهد القطري، إلى نيويورك، دون أن يبدل ذلك من كآبته. جعله يرافقه إلى أرباب البنك الذي يحكم العالم، فكان حضوره برهانًا على مصداقية ما يطلب. استمع غيلان غولدمان ساكس إليه، وكلهم آذان صاغية، ورأوا أن عشرات المليارات بل مئاتها ستضاف بالفعل إلى مئات المليارات التي لديهم إذا ما ارتفعت أسعار النفط بعد بيع ما في خزاناتهم منه، لكنهم اشترطوا أن تكون لهم ربع أرباح قطر لعشر سنين، وبعد أخذ ورد مع القطري الأول على الهاتف المحمول، تم الاتفاق على عشرين بالمائة منها لخمس سنين. قالوا لا بد من ظروف تبرر إجراء كهذا، وانتظروا أن تلعب قناة هنا العالم الدور المطلوب لدى العامة في أركان المعمورة لتسويغ ذلك.
للاحتفال بما تم الاتفاق عليه، دعا فرانك لانج الشاب القطري إلى أفخم مطعم في نيويورك، "السعدان الجائع"، فلم تسعد الحزين المكتئب أشهى الأطباق وأغلاها. ذهب به إلى أكبر علبة ليل في العالم، "هكذا ترقص النجوم"، فلم يرفع ذلك من معنوياته، على الرغم من مراقصته لأجمل شقراء أمريكية. اصطحبه وخمس شقراوات أخريات في الليموزين التي اكتراها إلى كازينو "الدبين الأبيضين"، كازينو لا يدخله سوى أكبر أثرياء الكون، وخسر من أجله الملايين دون أن يؤثر ذلك في لونه الباهت. في فندق الخمس النجوم، "سوفيتيل"، الذي ينزلان في أحد أجنحته، أقام من أجله مع الشقراوات حفل سكر وعربدة كان من نتائجه السيئة لم يكن يدري أم الحسنة أن ابن "الأول" و "الأولى" قد تناول في الحمام جرعة مخدرات أكبر مما يجب أودت بحياته. غطت هنا العالم الحدث على اعتبار أنه انتحار، وكانت مناسبة غير منتظرة لتعميم على مستوى العالم أن للانتحار سببًا، وسببه عجز أمير قطر عن تسديد فواتير ابنه أثناء إقاماته السابقة في أوروبا واللاحقة في أمريكا: قطر تعاني من نقص نفطها.
بعد عدة أيام من موت ابن أغنى دولة في العالم، لأن هذه الدولة كانت بصدد الإفلاس لتناقص ثروتها الوحيدة، كما توجب الكذبة الصحيحة، رتب غيلان غولدمان ساكس مصرع القنصل السعودي، ودائمًا السبب، حسب هنا العالم، النقص النفطي. وقبل نهاية الشهر، لم تعمل كوابح سيارة السفير الإماراتي، وهو يتجول في شوارع ميامي، فاكتملت كل شروط الإعلان عن نقص النفط في العالم، وإذا بأسعاره تلتهب محرقة العالم.

*

- هنا العالم، هنا فرنسا، هنا باريس، النفط الذي سيحرق الكون. إيزابيل موندي.
- هنا العالم، هنا قطر، هنا الدوحة، بلد صغير يهدد العالم. عبد الواحد المطلق.
- هنا العالم، هنا أمريكا، هنا واشنطن، على خلفية جنون أسعار النفط، سوزان ماك كوفر إلى البيت الأبيض؟ بيل جون.
- هنا العالم، هنا ليبيا، هنا طرابلس، النفط الليبي أجود نفط وأغلى نفط في العالم. محمد الكوني.
- هنا العالم، هنا إسبانيا، هنا مدريد، الناس يتركون سياراتهم في قلب الشوارع. خوليو ثاباتيرو.
- هنا العالم، هنا نيجيريا، هنا أبوجا، الدولة الإفريقية السوداء العظمى بفضل ذهبها الأسود. جوزيف تيف.
- هنا العالم، هنا اليابان، هنا طوكيو، للتكنولوجيا ثمن فادح: النفط. هيرودوتو كازاواكي.
- هنا العالم، هنا جزيرة العرب، هنا الرياض، المنتفضون يطالبون بحصتهم من أرباح النفط الخيالية. خليفة عبد الرحمن.
- هنا العالم، هنا أمريكا، هنا نيويورك، غولدمان ساكس يتجاوز البيت الأبيض ويهدد "بكراش" لم يعهده العالم من قبل. سوزان فورد.
- هنا العالم، هنا ألمانيا، هنا برلين، ألمانيا كاليونان عجز مالي بسبب ارتفاع أسعار النفط. كاتارينا فاسبندر.
- هنا العالم، هنا الهند، هنا بومباي، استخلاص النفط من الشمندر للتحكم بالنفط. إنديرا نهرو.
- هنا العالم، هنا البرازيل، هنا ريو دو جانيرو، النفط ثم النفط ثم النفط. فالنتينا دو باهيا.
- هنا العالم، هنا قطاع غزة، هنا غزة، ينابيع غزيرة للثروة النفطية تحت أنفاق البؤس. حسن سويلم.
- هنا العالم، هنا روسيا، هنا موسكو، سيبيريا بئر نفط لا تنضب. جوزيف فلاديمير.
- هنا العالم، هنا كندا، هنا مونتريال، على طريق النفط القطري. جوانا ماكجيل.
اجتمعت صور المراسلين الخمسة العشر على الشاشة، تحت أرقام من واحد إلى خمسة عشر، وكل صورة لها عدادها بأعداد تتزايد أو تتناقص حسب اختيار المشاهدين الذين كبسوا على أزرار أجهزتهم الرقمية من أجل هذا الحدث أو ذاك، والتي كان أكثرها، ما يزيد عن المائة مليون مشاهد في كافة أنحاء العالم، من نصيب بيل جون الذي عاد ليتصدر الشاشة.
- شكرًا لاختيار أكثر من مائة مليون مشاهد لنا، النفط إذا كانت أسعاره تلتهب في قطر والعربية السعودية ونيجيريا وإيران، فالفاتورتين السياسية والاقتصادية، وخاصة السياسية هنا في أمريكا، يتم دفعهما على حساب عشرات الملايين من العاطلين عن العمل وعشرات الملايين الآخرين من ذوي الدخل المتواضع. أما النتائج فيما يخص الانتخابات الرئاسية، فستكون لصالح مرشحة الجمهوريين، سوزان ماك كوفر، وللحقيقة مرشحة الإف بي آي، هذا الجهاز الذي لم يتردد لحظة واحدة عن تعريض الولايات المتحدة لخطر "الكراش" من أجل المجيء بالغبية في السياسة والاقتصاد، سوزان ماك كوفر. وهكذا ستكون له اليد الطولى في البيت الأبيض، ومن يقول البيت الأبيض يقول مصالح اللوبيّات التي تحكم بالفعل أمريكا، والتي يريد المكتب الفدرالي التحكم بها ليقدر على مواجهة غولدمان ساكس. سنطرق الباب على سوزان ماك كوفر. يطرق، وينادي: سوزان ماك كوفر! وإذا بالباب ينفتح، وتقفز منه ثلاثة كلاب شرسة، تأخذ بعض بيل جون، وبيل جون يحاول الهرب منها دون أن ينجح. لم يجرؤ أحد من الطاقم المرافق على التدخل لوحشية الحيوانات التي نهشت المقدم/المحقق تحت بصر العالم وسمعه، وأدمته حتى أسلم الروح.

*

انتخبت سوزان ماك كوفر رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية في وضع اقتصادي دولي متدهور جعل دولة صغيرة كقطر تملي شروطها الاستراتيجية على عملاق كبير كأمريكا: الحد من التسلح النووي، الحد من التدخل العسكري، الحد من نهب الثروات، الحد من التلاعب بأقدار الشعوب، الحد من التآمر وتمرير سياسة فرق تسد أو سياسة اللغة المزدوجة، الحد من تصدير الثقافة المزبلة، الحد من فبركة الإرهاب، الحد من الادعاء الآخر: القاعدة، الحد من فبركة البؤر الساخنة، الحد من الدعم المباشر واللامباشر للإسلاميين، الحد من الدعم المباشر واللامباشر للإسرائيليين، الحد من الدعم المباشر واللامباشر للصائدين، الحد من... الحد من... وبالمقابل، وَعَدَ القوي الجديد بدعم أمريكا اقتصاديًا على حساب دعم أوروبا اقتصاديًا، أوروبا التي عاد إليها صاحب أكبر قناة في العالم، وهي تحتضر. ذهب في سيارة سيلين كاديه لإخراج فرانك الصغير وأبولين الصغيرة من المستشفى الأمريكي، كان من أسعد الرجال، وهو يحمل ابنته، وكانت الصحفية من كله من أسعد النساء، وهي تحمل ابن حبيبها. مرا على مقبرة بير-لاشيز لوضع باقة من الزهور الحمر على ضريح المرحومة، ضابطة الدي جي إس إي السابقة. ذهب فرانك لانج بالباقة وحده، بكى على الضريح، وعندما عاد، وجد سيلين كاديه، وهي تلقم نهدًا لكل طفل. ابتسم للسمراء الساحرة، وقبلها من فمها، ثم همس في أذنها:
- سنتزوج، سيلين.
تفجرت دموع سيلين، فلم يعرف من الفرح تفجرت أم من الترح.
بعد أسبوعين، كان العالم أجمع يرقص على أنغام الهيب هوب، كانت فرصة من الفرص النادرة في حياة شعوب النفط الناقص حسب بنك غولدمان ساكس ومحطة هنا العالم.


القسم الثاني من "هنا العالم"






















































الورقة الرابعة عشرة: قطر القذارة!

قطر أقذر دولة في العالم

دول تحالف الشر دول قذرة، لكن قطر الأقذر. الإرهاب لا يصف الواحدة والأخرى، بل القذارة. الإرهاب في حالاتها لا شيء، أمام القذارة. الإرهاب مديح للقذرين، لأن القذرين يعملون، وهم في ثيابهم القذرة، بينما يعمل الإرهابيون، وهم في ثيابهم النظيفة، فكيف يعمل القذرون في قطر؟

دولة كقطر فيها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية

وأكبر قاعدة مخابراتية أمريكية، لن تتصرف كالكلاب الغير الطائعة، ستتصرف بإملاء وعنجهية وغطرسة سيدها في البنتاغون، أو الآخر، سيدها السادي المازوخي، المجرم في الإنسانية، الرابض بن فخذيها، سيدها والماسك بروحها في السي آي إيه. بمعنى كنعل قذر في حذاء ضخم! دعمها لما قيل إنه الإرهاب، لأن أمريكا الدماء والبراز تريده، وقطر الغاز والبصاق لم تفعل شيئًا آخر غير تنفيذ ما تريده أمريكا السحق اللذيذ لحشراتها، وكأن قطر الحشرات تدعم مشروعًا من مشاريعها، ليكون الإرهاب إرهابًا بالصدفة. إذن من السهل على قطر الحشرات إثبات براءتها في أعين قضاتها، وهي هنا كنظام نعل، بعدها كدولة حشرة، أثبت قدرته على الدعس.

بما أن قطر كدولة حشرة في شِباك أمريكا

كنظام نعل في حذاء أمريكا، لماذا إذن كل هذه "الشوشرة" بين قطر النعل قطر الحشرة وبين دول التحالف النعال دول التحالف الحشرات؟ ندخل هنا في عمق الاستراتيجية الأمريكية الماخورية، فلتحريك النعال على الطريق الجيوسياسي للنفوذ الأمريكي الماخوري، لسحقها كحشرات وتحطيم أنفها وتكسير أسنانها، ليس بالضرورة أن يكون هناك تقطيع للمنطقة كما يخيل للكثير، للتلويح بالتقطيع ربما، ولكن بواقعية أكثر، لإبقاء الأمور على ما هي عليه، تحت حذاء أمريكا، لتثبيت دول المنطقة بين حدودها، لتدعيم جلاوزتها، مع شحنة من التوتر لازمة لزوم ما لا يلزم، دخول إيران على الخط، ولِمَ لا تركيا، ولِمَ لا كردستان، ولِمَ لا ميانمار، شوية ملح وبهار!

إذن

إيران لا يهددها شيء، لأنها في الأساس لا تهدد أحدًا، بل على العكس، إيران تأخذ أهميتها كطرف مهم يهاب جانبه. لهذا، عندما صرخنا بها محذرين خشية عليها ضحكت علينا!

في الواقع

أجهزة المخابرات الإيرانية-الأمريكية-العربية على علاقة معلوماتية وطيدة رغم كل ما تشيعه وسائل الإعلام من خصام أو وئام بين أنظمتها، إلا في حالات نادرة، عندما تدور من وراء ظهرها أشياء تجهلها، كاتفاق السفير الإماراتي العتيبة وبعض صقور الكونغرس ضد إيران، فكان تسريب المعلومة كما حصل عندي، وإعادة الأمور إلى نصابها.

قطر وما أدراك ما قطر

سياسيًا هي هذا، حشرة في شِباك البنتاغون، نعل في حذاء السي آي إيه، وذلك عندما نتحدث عن أزمتها الأخيرة. إعلاميًا هي هذا، حشرة في شِباك البنتاغون، نعل في حذاء السي آي إيه، وذلك عندما نتحدث عن أهداف قناتها الجزيرة قناة العائلة المالكة في نهاية المطاف في الترهيب والترهيب. رياضيًا هي هذا، حشرة في شِباك البنتاغون، نعل في حذاء السي آي إيه، وذلك عندما نتحدث عن شرائها لأكثر من نادٍ أوروبي انهار بعد أن فقد غالبية مؤيديه. دبلوماسيًا هي هذا، حشرة في شِباك البنتاغون، نعل في حذاء السي آي إيه، والموساد، والدي جي إس آي، والإم اي، و... و... و... باختصار كل الوحوش المفترسة في السيرك العالمي، وذلك عندما نتحدث عن أزمات الغرب السابقة واللاحقة. كرخانيَا هي هذا، حشرة في شِباك البنتاغون، نعل في حذاء السي آي إيه، وذلك عندما نتحدث عن التعريص النسائي كالتعريص المالي. وقس على ذلك كل شي، قطر كالسعودية كبلدان الخليج واحدة واحدة، قطر خاصة، قذارتها كحشرة، قذارتها كنعل، تفوق كل قذارة.




الورقة الخامسة عشرة: قطر العمالة!

أنتم الآن لن تقولوا لي

إن قطر ليست عميلة، وهي منذ مولدها في خدمة أمريكا، فما خلعت أمريكا أبا حمد، جد تميم، ونصبت حمد، أبي تميم، إلا لتكون قطر نعلاً أبًا عن جد لحذاء أمريكا. القاعدة العسكرية المخابراتية الأمريكية في قطر اليوم أليست أقوى برهانًا على ذلك؟ عمالة النظام إذن من جوهره، قُلْ قطر تعنِ العمالة.

قطر جاهزة لكل شيء بأمر أمريكا

بنوك على وشك الإفلاس، شركات على وشك التصفية، نوادٍ على وشك الانهيار، هذا النائب أو ذاك، أو حتى الوزير، أو حتى الرئيس، تحت شرط أن تأخذ الإذن من أمريكا. قطر بأمر أمريكا فتحت أبوابها لإسرائيل، وأجرت التطبيع معها بدون أي مقابل سياسي. كان شيمون بيريس كل يومين في الدوحة، والفاشيون في الحكومة الإسرائيلية يرددون "قطر مربط خيلنا!" قطر بأمر أمريكا ضخت أموالها في بنوك فرنسا أيام الرئيس ساركوزي لتحول دون فقاعة مالية تذهب أمريكا في ستين داهية ضحيتها، وها هو تميم في زيارته الأخيرة لفرنسا منذ عدة أسابيع يعرض خدماته على ماكرو التي أهمها ملء كل الصناديق السوداء، إضافة إلى شراء المزيد من الأسلحة، فهل لسواد عيون القطريين قامت فرنسا بمناورات مشتركة مع تميم؟ قطر بأمر أمريكا وأمر إسرائيل مولت وتمول حماس التي تحاصر الغزيين، المجرمة حماس التي تحاصر الغزيين، وتذلهم في عيشهم، وتخنقهم بإيديولوجيا التغريب. وبأمر أمريكا أسست داعش، مع الحقيرين السعوديين طبعًا وغير السعوديين من نعال امريكا. وبأمر أمريكا أنفقت الأموال الطائلة على حركات الإسلاميين في العالم العربي والعالم، واستقبلتهم كلاجئين سياسيين على أرضها، أو كوعاظ٫أو كمرشدين ساسيين، وبأمر أمريكا، وبأمر أمريكا، وبأمر أمريكا...

لهذا عندما يتهم تحالف الشر

تحالف الإرهاب قطر بالإرهاب تحت عيون أضخم قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط وأكبر قاعدة مخابراتية أمريكية، حتى الغبي سيقول الجرة فيها وما فيها. أمريكا لا حاجة لها من أجل طرد تميم ورب تميم إلى تهمة منفضحة تهمة مضحكة كهذه، ومدافع أساطيلها تخترق نوافذ قصر تميم، وبالأساس لا حاجة لها إلى أية تهمة. وفوق هذا، الإرهاب القطري السياسي والإعلامي والاقتصادي أمريكا ربه، لا حاجة لها إلى دولها الحشرات دولها النعال لتنقلب على دولة حشرة دولة نعل مثلها. إذن وراء الأكمة ما وراءها!

بكل بساطة

أمريكا تريد إرسال رسائل إلى الصين والهند فوق وإلى روسيا وأوروبا تحت، تريد أن تقول لخصومها الاستراتيجيين، منطقة نفوذي تمتد من أفغانستان (حدود الهند والصين) إلى قطر وجزيرة العرب وباقي الشرق الأوسط (حدود روسيا وأوروبا)، وجود مصر في تحالف الشر ليس محض صدفة. لهذا، لم يكن هدف أمريكا، كما ظننا في البداية، تقطيع المنطقة، كان هدفها تلصيق المنطقة، وتمتين ركائز أنظمتها. للتوصل إلى ذلك، اخترعت أزمة قطر، وراحت تتلاعب ببيادقها، هذا التلاعب الذي لا بد أن يضي بخلط الأوراق جزءًا من التكتيكية الأمريكية لتمرير أهدافها.

لا بد إذن من سيناريو

السعودية والإمارات والبحرين ومصر من ناحية، قطر وإيران وتركيا من ناحية. لاحظوا أن منطقة النفود الجغرافية السياسية الأمريكية المتمثلة بهذه البلدان مرسومة على أكمل وجه! لكن ما لا يلاحظه المرء تقارب إيران من أمريكا عن طريق قطر، أمريكا التي صواريخها في القاعدة العسكرية القطرية تصيب طهران بثوان. إيران في قطر تؤدي خدمة لأمريكا، وتؤدي خدمة للسعودية، فهي تغطي السعودية وحلفاءها في اتهام قطر، في نفس الوقت الذي تؤكد فيه لواشنطن أنها جزء لا يتجزأ من منظقة نفوذها، فهل إيران مجنونة لتغامر بدعم قطر إلا إذا كان هناك ضوء أخضر من أمريكا؟ تركيا الحلف الأطلسي الشيء نفسه لكن بأمر أمريكي، حلف أطلسي يا رب الأرباب! لتقديم خدمة لأمريكا، لتبرير التدخل الإيراني "الشيعي" بتدخل تركي "سني"، لتوهم أمريكا بالتوازن. كل هذا طبعًا ليس مجانًا، كل هذا بمقابل. صفقة الغاز بسعر زهيد لخمس سنين التي وقعت عليها تركيا مع قطر، والتفاهم الضمني الإيراني الأمريكي على الكثير من الملفات العالقة بين البلدين والتي أهمها المفاعل النووي. إضافة إلى أهم الأهم بالنسبة لكل أطراف اللعبة: تثبيت أقدامها في الأرض كأنظمة. بعد القلاقل، سيقول الناس بخصوصها "ليس هناك أفضل مما كان!"، فتنتهي الزعزعة، ويكون الاستقرار، استقرار يتطلب بالطبع الهدوء في كل مكان من منطقة النفوذ الجيوسياسي الأمريكي، والذي شرطه الإنهاء على داعش، وباقي البؤر الملتهبة، وهذا ما يجري.

إذن قطر استُخدمت على أحسن وجه

كنظام عميل، كنظام نعل في الحذاء الأمريكي، ونجح الأمريكان في تبديل صورته من نظام عميل طوال عمره إلى نظام وطني والشعار الممجوج "عدو عدوي صديقي" أو "عدو عدوي حليفي"! نظام عميل منذ مولده صار عدوًا للسعودية أخته الكبرى في العمالة، وصار له مؤيدوه، في داخل بلده وفي خارج بلده. في خارج بلده، الأمر عابر، فالناس سيفتحون أعينهم على الحقيقة، وهم يفتحونها بهذا المقال. في داخل بلده، الأمر غير عابر، فالنظام يغطي عمالته بملء الجيوب وملء البطون. الفلوس بالمليارات، قليلها على البلاد كثيرها. وفي الواقع، كثيرها في البنوك السويسرية. لهذا يقولون وهم لا يدرون آه! ما أحلى قطر، وحلاوة قطر مرارة، من غيض فائضها حلاوتها. طعم بؤسها حلو، هذا كل ما هنالك. الباقي، تخلف في تخلف. قل لي أين الكاتب؟ أين المثقف؟ أين العالِم؟ الدواب كُتَّاب في قطر ومثقفون وعلماء! لأن نظام كهذا يقمع الناس في بطونهم وجيوبهم لن تجد عقولهم وإن بحثت عنها فوق السرير أو تحته، عقولهم بيعت للشيخ تميم، عفوًا، لتميم المجد! كلها له عميلة، فكيف العميل لغيره يجعل من كل شعبه عميلاً له؟ بفضل الهندسة الاجتماعية النازية عى الطريقة القطرية. قطر العمالة، شيء واحد استطاعت إنتاجه في القرن الحادي والعشرين، أن تكون ذات أهلية تاريخيًا كي تُلقى في مزبلة التاريخ.
















































الورقة السادسة عشرة: الإجراءات الأولى

إيران

ممولتنا، وبدون حساب. فلتتركنا نعمل فقط، ماكينتنا لا تعمل بالنفط، ماكينتنا تعمل بالمال. إذن، الإجراء الأول هو المال، بدون المال لن نتقدم في مشروعنا خطوة واحدة، لن نحقق هدفًا واحدًا. المال الإيراني لن يكون ببلاش، سننفق منه الكثير على تأسيس قوس قزح في مقراتها الثلاثة، باريس ولندن وواشنطن، عند أقرب مكان من مقرات أصحاب القرار، وسننفق منه الكثير كذلك على فروعنا في عواصم العالم، لأننا سننطلق على غرار دولة عرفات كدولة بدون دولة. أموال التأسيس سيكون مقابلهاأموال الاستثمار في المجال الثقافي والمجال الاقتصادي والمجال التجاري، وفي المجالات الثلاثة هذه سنضرب ضربتنا الرابحة، وذلك باختراق البنيات الثلاث في الغرب، فنأتي بالأموال، ولا تكون هناك حاجة لنا إلى المزيد من دعم الشقيقة الكبرى المادي لنا، ونحن غير بعيدين عن تحقيق أهدافنا التي جئنا من أجلها في المجال السياسي.

قوس قزح

مؤسستنا، مقرها في لندن سيكون المقر الرئيسي مع مقرها في باريس ومقرها في واشنطن. طاقمها اللندني المكون من اختصاصيين سياسيين واقتصاديين وثقافيين سيرسم الاستراتيجية التي سينفذها مقرانا في واشنطن وباريس على مستوى أصحاب القرار في الولايات المتحدة وفرنسا، إضافة إلى دور المقر الرئيسي في لندن على مستوى أصحاب القرار في بريطانيا العظمى، بينما سيعمل ممثلونا في عواصم العالم على تعميم هذه الاستراتيجية وعلى إقناع المجتمع الدولي بمشروعينا الفدرالي والكونفدرالي. وبعد الإقناع، التوصل إلى رسم مشترك لمعالم عالم الغد، عالم بلا حروب، الرأسمال فيه إنساني، لا يغمط حق الرأسمالية في الربح كَسِمَة بنيوية، ولا يغمط حق الإنسانية في المشاركة في هذا الربح كَسِمَة بنيوية كذلك، فيكون الاستغلال المالي استغلالاً للسلم في الوقت نفسه، لأنه اضطرارنا إلى ذلك لمواجهة التفجر الديموغرافي الذي لن يوفر أحدًا شمالاً وجنوبًا، شرقًا وغربًا، عربًا وفرسًا، عربًا ويهودًا.

عربيًا

سيلعب ممثلونا في العواصم العربية دورًا ديناميًا بارزًا، وذلك بإفهام أصحاب القرار في الأنظمة العربية أننا لا نرد أن نعمل انقلابات عليهم، وإنما نريد أن نحملهم على أكتافنا كلهم وننقلهم من نظامهم إلى نظامنا، من نظام مافيوي بائد ومنهار لم يعد يناسب عصرنا إلى نظام علماني عادل ومتناسق كبديل وحيد تفرضه التكنولوجيا كعلاقة إنتاج، وذلك إن شاء أصحاب القرار في الأنظمة العربية أم لم يشاؤوا، ونحن بمشروعنا السياسي نقدم لهم أكبر خدمة، بإبقائهم في الحكم تحت شكل دستوري جديد نفصل فيه الدين عن الدولة، ونوصل فيه الدولة بالدولة في حضن فدرالية ضامنة لكل الحريات ولكل الحقوق، المستقبل فيها وفي العالم لدول المواطنة التي دونها لن تقوم الدول في القرن الحادي والعشرين، وبقوة دول الكرامة لا العمالة تكون الشراكة مثلما تكون الاستثمارات التي تعود بالفائدة على الجميع. هذا ما تفرضه التكنولوجيا كعجلة سريعة إن لم تلحق بها سحقتك دون أن تفرق بين كونك أمريكيًا إيرانيًا أو عربيًا.

أمريكيًا

لن نمس استراتيجية واشنطن في منطقة نفوذها عندنا لا من بعيد ولا من قريب، بل سنجعل من مصالحها مصالحنا، وكل ما نطلبه من أمريكا، كطرف في الكونفدرالية، أن تبدل نسقها من تكتيك إلى تكتيك، وذلك بالتعامل معنا كشركاء كأناس لا كنعال كحشرات، كدول محترمة، كأنظمة ذات كرامة، خاصة كأفراد ذوي كرامة، لهم طموحاتهم الشرعية في التحضر والتقدم والاستفادة كالإفادة من وفي مكاسب التكنولوجيا. حماية اقتصاد أمريكا (والغرب) تقوم على أكتاف قوس قزح مؤسستنا، إذ من بين إجراءاتها الأولى، حتى وهي دولة بدون دولة، أن تعمل من مشاريع التنمية الأمريكية (والغربية) مشاريعها، فتساهم في الحد من البطالة، الحد من التضخم، الحد من الديون، الحد من الكوابيس، الحد من الأزمات القادمة. بعد ذلك، لن يقوم اقتصاد أمريكي (وغربي) على الاستغلال، خاصة على الاستعمال، استعمال الأصابع المحلية ذات الأظافر السوداء. ومن ناحتنا، اقتصاد أمريكا (والغرب) سيقوى بالاستثمارات الجبارة من المحيط العربي إلى الخليج الفارسي، والتي أولها قطار الأورينت ستار العملاق الواصل بين الرباط وطهران.

إيرانيًا

سيكون للشقيقة الكبرى إيران كل ما تريد اقتصاديًا وتجاريًا وثقافيًا خاصة سياسيًا، فالإجراءات الأولى في كل هذه المجالات تشملها، وذلك باقتسام المردودات المادية والمعنوية، و "تعويضها" عن كل ما قدمته لنا، وبذلته مشكورة من أجلنا، لأن قوس قزح لها قبل أن تكون لنا. إيران تبذل الغالي والرخيص ماديًا، ونحن نبذل الغالي والرخيص على الأرض، في كافة الميادين، لتحقيق الحلم المشترك حلمنا. مفهوم الشراكة بيننا وبين الشقيقة الكبرى هكذا نحن نفهمه، بالاقتسام على كافة المستويات السياسية والثقافية والتجارية والاقتصادية، فهي لن ترمي فلوسها في البحر، ولن تراهن بفلوسها على الأسماك. وعندما يتحقق مشروعها في الوحدة الإسلامية كما ترى، الوحدة الإنسانية كما نرى، ستحقق بذلك ما عجزت عن تحقيقه منذ نشأتها، منذ أربعين عامًا، وما أحرقت من أجله أو أنفقت المليارات التي أضاعتها سدى. معنا، إيران وأمريكا اليوم وفي الحال مؤسِّسَتان مع العالم العربي للكونفدرالية، وغدًا وليس بعد غد إسرائيل والاتحاد الأوؤوبي. معنا، إيران بدلاً من أن تماشي أمريكا والغرب، نحن نجعل منها شريكة لهما وحليفة، وبدلاً من أن تعادي السعودية والعرب، نحن نجعل منها صديقة لهما، بل شقيقة.


























































الورقة السابعة عشرة: بسم الله الرحمن الرحيم

وسائل الاتصال

كانت وسائل الاتصال ولم تزل وسائل اتصال بين الثقافات، والقرآن كالإنجيل كالتوراة، عند الحديث عن الأديان، وسائل اتصال ليست معزولة عن غيرها من وسائل الاتصال الإنساني، كالرواية والقصيدة والمقالة وباقي الأجناس الأدبية. تتناقل المجتمعات عبرها عاداتها وتقاليدها، وتتطور بعاداتها وتقاليدها بأفعالها كأفراد تصارع من أجل العيش، وتتصارع. وعندما أقول المجتمعات تتناقل عبر وسائل الاتصال أعني أن كل ما نقرأه عبارة عن بحث عن "دلالة الفعل الإنساني"، مثلما يؤكد عالم السيميائيات الروسي بروب، عبارة عن بحث عن معنى الفعل الإنساني، عن القصد الكامن من ورائه، والقرآن، في هذا السياق، المشتق كمفردة من فعل اقرأ، خير مثال. بناء على ذلك، سأقوم بتحليل سردي لسورة الفاتحة، وكيف تمت بَنْيَنَتُهَا حول معناها.

بنية سورة الفاتحة

تُبنى سورة الفاتحة حسب مستويين، مستوى "الحمد" (الحمد لله رب العالمين) ومستوى "الهداية" (اهدنا الصراط المستقيم). إذن للسردية هناك لحظتان متعاقبتان، لا فصل بينهما، فالحمد لأجل الهداية. لكن ما يبدو وصلاً هو في الوقت نفسه فصل بين مطلب الحمد من أجل الهداية، هداية الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم، وبين مطلب الحمد من أجل اجتناب صراط المغضوب عليهم والضالين، وبفضل الفصل هذا، بين مطلبين هما في أصلهما واحد، تصبح للحمد قيمة التمني، وللتمني صورة الذي منه نتمنى وله نحمد، الله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. وهي صورة لسلطة عبرت عنها هذه المنطوقات، وإن شئت هذه الآيات، لتحدد واجب وفعل العباد المتمثل بمنطوقة إياك نعبد وإياك نستعين. لهذا، عن طريق الفصل بين مطلب الحمد ومطلب الهداية يتم تحديد المؤمن غير المغضوب عليه وغير الضال من غير المؤمن المغضوب عليه والضال، ومع التحديد يكون التحويل في السورة: الإسلام تحت استعارة الصراط المستقيم، واليهودية فالنصرانية تحت استعارة المغضوب عليهم والضالين، ومن حول ثيمة الذين أنعمت عليهم ، تدور كافة آيات سورة الفاتحة، وكأن سورة الفاتحة عبارة عن برنامج للفعل الإنساني في حمد الله وعبادته والاستعانة به والتنعم بإرادته.

البرنامج السردي لسورة الفاتحة

سارد السورة هم العباد، وهم بسردهم ينقلوننا إلى عالم خيالي، لنقل إلى عالم سماوي، عالم الله رب العالمين، فيقيمون تقييمهم للوجود حسب مبدأ التعارض بين شخصية الله الكلي العلم الكلي الوجود وبين العالَم (العالمين) الذي هم جزء منه. لهذا، العالم في مفهومهم ليس العدم، وإلا أطاحوا بمطلب الهداية، وأعدموه. ولهذا، اتسموا بصفة مشتركة فيما بينهم وبين أنفسهم، عبادة الله (إياك نعبد)، وفيما بينهم وبين الله، الاستعانة بالله (وإياك نستعين)، وذلك لأجل تضمين بنيوي هائل، الله قادر على هدايتهم قدرته على الذين أنعم عليهم (صراط الذين أنعمت عليهم)، وفي هذا تأكيد لشخصية الله في عالمه السماوي، وبالتالي وجود هذا العالم، في نفس الوقت الذي فيه تأكيد للشخصية الجماعية للمؤمنين، بكلمات أوضح للمسلمين من عباده، وبالتالي لشخصيتهم في عالمهم الأرضي، وبتالي التالي لوجود هذا العالم الأرضي المرتبط بوجود العالم السماوي، وفي هذا يكمن التحريك الأساسي لبرنامج سورة الفاتحة السردي، القائم على العلاقة الهرمية بين المرسل (الله) والمرسل إليه (العباد)، الله كفاعل أعلى للفعل والإرادة (يرحم يملك يهدي ينعم) والعباد كفاعل أدنى للفعل والواجب (يحمدون يعبدون يستعينون يهتدون)، مما يعني الطاعة الفعالة، أشدد على الفعالة لا العمياء.

البرنامج السردي المضاد للسورة الكريمة

يكون البرنامج السردي المضاد في سورة الفاتحة بكون المغضوب عليهم والضالين، وعلى عكس ما يتوقع المرسل إليه، أي المؤمن، أي المسلم، اليهود والنصارى هنا هم شخصيات فاعلة، تُدَيْنِمُ (من دينامية) النص، وجودها ليس لطبيعة عنصرية، لطبيعة عدائية، وجودها لطبيعة دلالية، تعمق من ثيمة الحمد والهداية، وتجعل منها شخصيات حيوية، لأن شخصيات الخير وشخصيات الشر تتعارضان بين الذين أنعم الله عليهم والذين لم ينعم الله عليهم، وهنا تمتد الرقعة امتداد الإنسانية بمن فيها المسلمون أنفسهم، وليس بالضرورة حصرها بنصارى ويهود.

النظرة التعددية إلى المقروء المقدس وغير المقدس

للتوتر الموجود في النص الفاتحي صفة التوتر في الاتصال الإنساني، في الدال اللغوي قبل المدلول، لتعقيد العالم الذي نعيش فيه ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًأ. لهذا، تجدني أؤكد تأكيد عالم السيميائيات الفرنسي غريماس أن الفرد منا فرد دلالي، لأن عليه المشاركة في بناء معنى الحياة اليومية. وتجدني أرى ما تراه الباحثة الكندية ماريا لورد آرس أن الكلمات، الأفعال اليومية، الصور، الهندسة، كل هذا عليه أن يكتسب معنى مشتركًا بدءًا من علاقاتنا، في سياق محدد، في حالة محددة، وليس في سياق منعزل، في حالة منعزلة، ليس في شكل منعزل، فكل شيء محكوم ببنى تكون، تساعد على إعطاء معنى. القرآن كبنية، وعلى التحديد سورة الفاتحة كبنية، حاولت من خلال تحليلي السيميائي تحديد مجموعة القوانين التي تحكمها، والتي هي، أي القوانين، تشكل فيها جزءًا من العنصر الأساسي لحياتنا اليومية، إلى جانب قوانين أخرى في بنى أخرى لنصوص أخرى. بهذه الطريقة التعددية في النظر إلى المقروء المقدس وغير المقدس نعمق معنى العالم، ونقوي دورنا فيه.



مقطع سردي كبير اول

لسورة العلق منطق سردي يميزها بتسلسل آياتها، وتداخلها، كل آية تلي أخرى، وتطور ما قبلها: اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علَّم بالقلم. علَّم الإنسان ما لم يعلم. الآية الأولى تبدأ باقرأ، وتنتهي بخَلَق. الآية الثانية تبدأ بما انتهت إليه الآية الأولى، بخَلَق، وتنتهي بعَلَق. الآية الثالثة تعيدنا إلى بداية الآية الأولى اقرأ، وتنتهي بأكرم. الآية الرابعة تبدأ بالذي، أي الرب الأكرم، ما انتهت إليه الآية الثالثة، وتنتهي بالقلم. الآية الخامسة تبدأ بعلَّم، بما تحدده الآية الرابعة بالقلم علمًا، وتنتهي بيعلم. إنه التقسيم إلى مقاطع متقاطعة، مقاطع صغيرة، تبني في مجموعها مقطعًا سرديًا كبيرًا أول من السورة، وهو يُبنى حسب لحظات ثلاث: اللحظة الأولى تمثل حالة الأمر "اقرأ"، اللحظة الثانية تمثل حالة التحول "خَلَق"، اللحظة الثالثة تمثل حالة الختام "عَلَّم". حالة الختام هذه من ميزتها نقصان ما يلزم علمه، المتمثل ب "علَّم الإنسان ما لم يعلم"، بما لم يعلمه الإنسان. لهذا، كانت حالة الأمر "اقرأ" كعنصر محرض طَبَعَهُ التحول من فعل الأمر "اقرأ" إلى الفعل الماضي "خَلَقَ" أو "عَلَّمَ"، وذلك لقطع التوازن بين حالة الأمر "اقرأ" وحالة التحول "خَلَقَ". إعادة التوازن بين الحالتين يستدعي تفاصيل ذات دلالات تمثل، أي التفاصيل، المقطع السردي الكبير الثاني من السورة.

مقطع سردي كبير ثانٍ

يقوم هذا المقطع مقام الشلال بآياته المتعاقبة لقلب حالة الأمر "اقرأ"، والذهاب بنا من حالة الأمر "اقرأ" إلى حالة النهي "كلا" في الآية: كلا إن الإنسان ليطغى. لقلب حالة التحول "خَلَقَ"، والذهاب بنا من حالة التحول "خَلَقَ" إلى حالة الاستغناء "استغنى" في الآية: أن رآه استغنى. ولقلب حالة الختام "عَلَّمَ"، والذهاب بنا من حالة الختام "عَلَّمَ" إلى حالة الرجوع "الرجعى" وفي الوقت نفسه الرجوع إلى حالة النهي "يَنهى" كما في الآيتين: إن إلى ربك الرجعى. أرأيت الذي يَنهى. لكن نفي القراءة، وبالتالي العلم، عن الإنسان، في حالة النهي الأولى، ليس نفسه نفي الصلاة، وبالتالي الهدى والتقوى، في حالة النهي الثانية، في الآيات: أرأيت الذي يَنهى. عبدًا إذا صلى. أرأيت إن كان على الهدى. أو أمر بالتقوى. أرأيت إن كَذَّبَ وتولى. هنا أبو جهل من ينهي الرسول عن الصلاة، وهناك الله من ينهي أبو جهل عن العلم، ليكون الربط بين النهيين، عن طريق تصعيد التوتر الدرامي: طغيان الإنسان، والإنسان هنا أبو جهل، لما ينهي عن الصلاة، لما يكذِّب بالدين، لما يتولى عن الإيمان. نهي، وتكذيب، وتولٍ، دلالات التولي والتكذيب والنهي، كل هذه الدلالات تتداخل بنيويًا، للتوتير الدرامي، مع دلالات العبادة التي تميز بها الرسول، والهداية، والتقوى، ولرفع التوتير بالسؤال: ألم يعلم بأن الله يرى؟ يتبع هذا السؤال "كلا" في الآية التالية: كلا لئن لم ينته لنسفعًا بالناصية. ليكون نهي النهي، وذلك بأخذ أبي جهل من ناصيته (مقدمة رأسه) إلى نار جهنم. ولا بد من تبرير فعل كهذا في أبي جهل من جهله في الآية: ناصية كاذبة خاطئة. ليس في رأسه سوى الكذب، ليس في رأسه سوى الخطيئة، باختصار، ليس في رأسه سوى الجهل، ليصل التوتر الدرامي إلى أقصاه بالتحدي في الآيتين: فليدعُ نادِيَه. سندعو الزبانية. نادي أبي جهل أعوانه، وزبانية الله خَزَنة النار الملائكة، فأين هم أعوان أبي جهل من ملائكة الله؟ لا بد هنا من "كلا" أخيرة، هادمة لبنية التوتر، لمرحلة فيها شر للرسول، وبانية لبنية التعبد، لمرحلة فيها خير للرسول، فلا يقطعه أبو جهل عن الصلاة، عن السجود لله والاقتراب منه: كلا لا قطعه واسجد واقترب.

بنية العلم بالله والعلم بالقلم

يقترح عالم السيميائيات الفرنسي غريماس محور اتصال بين المرسِل والمرسَل والمرسَل إليه، وفي سياقنا بين الرب والعبادة والنبي. يكلف الرب (المرسِل) محمدًا (المرسَل إليه) بمهمة العبادة (المرسَل)، فهو بهذه الآيات رسول الله، وعليه أن ينجح في رسالته التي شرطها العبادة، وشرط العبادة العلم، العلم بالقلم، والعلم بالله، بدون العلمين لن تكون هناك عبادة، وبدون العبادة لن تكون هناك رسالة. بكلام اليوم، العلم بالقلم، علوم العقل، علم الآداب كعلم التكنولوجيا، والعلم بالله، علوم القلب، علم الأخلاق كعلم اللاهوتيات. إذن على الرسول (المرسَل إليه) أن يمتلك العلمين كموضوع يعطيه لله، وضمنيًا ينجح في رسالته، ورسالته بالكلام السيميائي هي المرسَل الذي أُرسِل َ من أجله. وهو بذلك كان القوة الخلاقة لآيات الله، أليسه رسول الله؟ مقابل القوة الخلاقة لله، أليسه من العلق يخلق الإنسان؟ الله يخلق الإنسان، والرسول يؤكد علم الله للإنسان بالقلم وبالله، فليس من باب الاعتباط أن يكون اسم الفاعل المضاد أبا جهل، وبفضل الرسول كفاعل عالم أقيم التوازن بين حالة الأمر "اقرأ" وحالة التحول "خلق".



التحليل السردي تحليل مرن، لا يكلف النص أكثر مما يقترح، ومنفتح، لا يجعل منه تحليلاً أوحد، قراءته للنص قراءة بين قراءات، لأن رواية النص رواية بين روايات، فالمعنى هو المعنى الذي تقترحه كل رواية، كيفية سردها، وأثرها على القارئ. انطلاقًا مما سبق، سأحلل سورة المسد: تَبَّتْ يدا أبي لهب وتَبْ. ما أغنى عنه ماله وما كسب. سيصلى نارًا ذات لهب. وامرأته حمالة الحطب. في جيدها حبل من مسد.

الوقائع

هلاك أبي لهب في الآية الأولى. الوضع الاجتماعي لأبي لهب في الآية الثانية. الوضع العقابي لأبي لهب في الآية الثالثة. الوضع الشخصي لامرأة أبي لهب في الآية الرابعة. الوضع العقابي لامرأة أبي لهب في الآية الخامسة.

التقديم

يبدأ التقديم بالدعاء على أبي لهب في الآية الأولى، ثم يصف التقديم وضعه الاجتماعي من زاوية التقليل من أهميته في الآية الثانية، في محور الحاضر. في الآية الثالثة، يضع النص أبا لهب في محور هلاكه، وكيف سيكون، في محور المستقبل. في الآية الرابعة، ينتقل التقديم إلى امرأة أبي لهب واصفًا إياها بحمالة الحطب، وصف هو في الوقت نفسه تبرير لمصيرها، مصير زوجها. في الأية الخامسة، تفاصيل هذا المصير.

الكلمات والصور

الكلمات هي في الوقت نفسه الصور، كلمة تَبَّتْ هي صورة الهلاك، في الآية الأولى. كلمة أغنى هي صورة الغنى، في الآية الثانية، وكلمة كَسَبْ صورة الكَسْب. في الآية الثالثة، الشيء نفسه بخصوص يَصلى. في الآية الرابعة، كلمة وصورة حمالة تتحددان بالإضافة، إضافة الحطب، بينما كلمات الآية الخامسة بمجموعها ترسم الصورة.

سرد الوقائع

تُسْرَد الوقائع بطريقة لا حيادية، فالشخصيتان أبو لهب وامرأة أبي لهب مدانتان منذ الكلمة الأولى "تَبَّتْ"، وتُسْرَد هذه الوقائع من عيني السارد، ومن عيني السارد نرى وضعي الشخصيتين الاجتماعي والشخصي، ونرى المصير الذي ينتظرهما. زد على ذلك، لا يترك ما يرويه السارد أيَّ مجال للسارد إليه (للقارئ) كي يُقَدِّر الوقائع بنفسه، ويُصدر الحكم، فالحكم ينطق السارد به منذ الكلمة الأولى "تَبَّتْ"، ولا يعطي السارد إليه (القارئ) أقل فرصة للحكم. لكن يتميز السارد، كمفهوم في الأدب، عن المؤلف الحقيقي، عن المؤلف التاريخي، وفي القرآن، عن الله. إنه جبريل، السارد الملائكي، تحت صوت المجهول، تمامًا كما هو عليه السارد الأدبي، السارد الكلي العلم، السارد الذي يعلم كل ما يسرد، بخصوص الشخصيات، أفعالهم، أفكارهم، مصائرهم، يعلم كل ما يسرد حتى بخصوص الله. غير أن السارد الملائكي يقدم للقارئ كل ما يجعله يفهم من سرد يسرده، فلا يشك القارئ فيه، ولا يظن أنه يخدعه.

السارد والسارد إليه

لا يشك السارد إليه، أي القارئ، في السارد، منذ الكلمة الأولى للآية الأولى "تَبَّتْ"، فهو يدعو بالهلاك، ب "تَبَّتْ"، وينفذ الدعاء ب "تَبْ"، دون أن يترك أي مجال للشك. منذ الآية الأولى، يجد السارد إليه (القارئ) نفسه في عالم السارد، الذي هو عالم الشخصية الرئيسية أبي لهب، وينغلق باب هذا العالم عليه. للوقوف على أبعاد هذا العالم، يعرض السارد الوضع الاجتماعي لأبي لهب من زاوية "التحدي" الذي يغدو تحديًا للسارد إليه (للقارئ)، في الآية ما أغنى عنه ماله وما كسب. يكتفي السارد بملامسة وضع أبي لهب الاجتماعي ملامسة للثقة المتبادلة بينه وبين المرسل إليه (القارئ)، وللرؤية الواحدة، فلا يدخل في تفاصيل الصراع بين وضع عم الرسول الاجتماعي وبين وضع الرسول الاجتماعي، ولا يدخل خاصة في تفاصيل الصراع بين دين أبي لهب وبين دين ابن أخيه، كل شيء محسوم سلفًا، كل شيء مُسَلَّم به سلفًا، لا نعرف عن دين أبي لهب غير ما نعرفه في أدبيات أديان الجاهلية، فتفعل معرفة التلقين فعلها في معرفة اليقين. لهذا، ما ينقله السارد في الآية الثالثة عندما يسرد قائلاً سيَصلى نارًا ذات لهب، لا يُبقي لدى السارد إليه (لدى القارئ) أقل شك فيما يسرد، وقد انتهى الأمر بالسارد إليه (بالقارئ) إلى اليقين، ولتأكيد اليقين باليقين جاءت الآيتان الرابعة والخامسة عن امرأة أبي لهب. هنا، السارد إليه (القارئ) ككل سارد إليه (ككل قارئ) لن يكون سلبيًا، وإلا لما أمكن السارد أن يسرد، ولبقي السرد في كلماته ميتًا. لكن ما يختلف بين السارد للنص الديني وبين السارد للنص الروائي، كل استراتيجية التوصيل لدى السارد للنص الديني ليست ذات فائدة إذا لم يثق به أحد، إذا لم يعتبره أحد دليل فهمه للآيات. بالكلام السيميائي، فهم السارد إليه (القارئ) لسورة المسد (ولكل سور القرآن) هو فهم يساق إليه بإشارات يتركها السارد في الآيات، وهذه الإشارات على السارد إليه (على القارئ) أخذها بعين الاعتبار إن هو أراد الدخول في عالم النص القرآني، وجَعْل قيم النص القرآني قيمه.



















































الورقة الثامنة عشرة: عزف على أوتار سنطور إيراني قديم

السنطور

آلة موسيقية تشبه القانون، لها مائة وتر، وكل أربعة أوتار تطلق صوتًا واحدًا، يُنْقَر عليها بِمِضربين خشبيين. أخذ الفرس السنطور عن أهل بابل الذين عزفوا عليه ملحمة كلكامش، وله في المقام العراقي مكان إيقاعي كبير. من الصعب العزف عليه، لكنني سأحاول، فلا شيء مستحيل في القاموس الموسيقي، تحت مترادفات السياسة والاقتصاد والثقافة.

الخوف من الثقافة

السنطور الإيراني قديم قدم الزمان، غنت حضارات المشرق عليه، وتغنت، بابل وفارس وقصور هارون الرشيد وحتى اليوم بغداد. غير أن طهران تنظر إلى السنطور نظرتها إلى القديم من آلات الطرب، فلا تضعه في محور الجديد، وفي ظنها أنه لا يطرب أحدًا سواها، بينما السنطور، ككل الآلات الموسيقية، آلة كونية، العزف عليه يشنف الآذان، ككل عزف متقن، حتى ولو كان العزف صعبًا، والقديم من آلات الطرب، كالجديد، أثره على الروح واحد، وفعله في النفس كبير، يساهم في بناء شخصية منفتحة على الآخر، لتفهمه، ويفهمها. لكن خوف طهران من عدم فهم الآخر لها، لأن آلتها الموسيقية قديمة، جعلها تنغلق على نفسها، ودفعها إلى التعامل مع موسيقاها، وعبر موسيقاها ثقافتها، كل ثقافتها، تعاملها مع الظلال في الزوايا المعتمة. وبالتالي، استسلامها لمقولة تنضح الكأس بما فيها، بينما ماء الحياة في الكأس، والثقافة في مركز شمس العالم، والمشكل، كل المشكل، هو أن إيران، بسنطورها القديم، لا تعرف الطريق إلى هذا المركز.

الخوف من الاقتصاد

دائمًا الخوف من عدم فهم الآخر هو المحرك للاقتصاد في طهران، فتبقى الأمور على ما هي عليه، كما كانت في عهد الشاه، حتى ولو كان عهد الشاه متطورًا في وقته. اقتصاد الريع هو المهيمن، وبالتالي النظام الكمبرادوري. هذا يعني أن حضارة الباطون الخليجية هي حضارتها، بينما إيران قادرة على منافسة الحضارة الغربية تحت، أو، فوق، جبب ملاليها، فالحضارة الحديثة ليست ما نغطي به البدن، الحضارة الحديثة هي ما نغطي به العقل، ونعري للآخر قدرتنا على الإبداع في كل شيء، وأول شيء الاقتصاد الذي عماده الاستثمارات، بدءًا من عندنا، وليس انتهاء بعند غيرنا، لأن العولمة توجب اقتصادًا منفتحًا على باقي اقتصادات العالم، مندمجًا فيها، وليس منغلقًا على نفسه، كما هو حاله في إيران، اقتصاد همه الأول والأخير "التعكيز"، فإلى متى ينقذ الخوف العصا التي يتعكز عليها ملالي طهران من الانكسار، وإلى متى يديرهم الخوف، ويدور بهم، في اقتصاد ينهار، لا يرفده شيء آخر غير اقتصاد السلاح، وهو اقتصاد روسي خسيس، نفعه لموسكو خسارة لطهران.

الخوف من السياسة

الخوف من عدم فهم الآخر في السياسة يؤدي إلى رعب إخوتنا الملالي، والرعب، كصراع نفسي، يؤدي إلى التخبط في كل مكان تحشر طهران أنفها. نظرة واحدة إلى موقع فضائية العالم بلغتها الركيكة (سيقول من يخدع رأس السلطة هذا بسبب اللغة!) تُريك ورطات إيران التي لا نهاية لها في سوريا ولبنان والعراق و... و... و... وكأن السياسة كوابيس متواصلة، بل هي كوابيس متواصلة، تُحَوِّل الخوف من عدم فهم الآخر إلى تخويف الآخر، والبحث، فقط البحث، عن تخويفه، الإبقاء على تخويفه، وبشتى الطرق العسكرتارية، وقد غدا منطق العسكرة المنطق الوحيد للسياسة، بينما المنطق المعاكس، المنطق السلمي، ممكن مع "قوس قزح"، ومن أسهل ما يكون، لتحقيق الغايات نفسها، إن لم يكن أحسن منها، وبأقل التكاليف. نعم، بأقل التكاليف، خاصة وأن أعلى مرجعية شيعية تفكر كما أفكر. السيستاني ينادي بنظام علماني في العراق كحل وحيد للعراق والعراقيين، وهو ضد الطائفية، ضد العرقية، ضد المحاصصية، ضد التقسيمية، ضد العزف على أربعة أوتار من مائة أوتار السنطور السياسي، بمعنى ضد الصوت الواحد، فهل ألوذ بالسيستاني لتحقيق مشروعي الكونفدرالي؟ للخروج من منطق الخوف من السياسة، لا بد من منطق الشجاعة في السياسة، وفي الاقتصاد، وفي الثقافة، والانخراط فيه، تمامًا كالانخراط في المنطق النقيض، المنطق العسكرتاري، المدمر للآخر وللذات، المفقد للصواب. يكفينا البدء معًا، الخطوة الأولى، آه! ما أسهلها وما أصعبها في آن. أعرف أن الاتصالات بأمريكا لم تنقطع منذ قيام الدولة الإسلامية، اتصالات لا تفعل غير الإبقاء على الأمر الواقع، بينما من المفترض تجاوز الأمر الواقع إلى أمور الواقع، أمور واقع جديد فيه فائدة، أعظم فائدة، للجميع، فالعزف على مائة وتر خير، أعظم خير، من العزف على أربعة.
الورقة التاسعة عشرة: ماذا تنتظر إيران؟

عند أواخر حكم أوباما

سرَّب "المزدوج" في صفحتي معلومة عن المخابرات الأمريكية مفادها أن أمريكا وإيران تتفاوضان حول إعادة ترتيب أوضاع الشرق الأوسط على حساب السعودية ودول الخليج، فلم آخذ هذه المعلومة الهامة والتي لا تقدر بثمن على محمل الجد. أمام سلبيتي التي لا تغتفر، عاد "المزدوج"، بعد عدة أسابيع، إلى إثارة الموضوع ثانية، ولم يكن رد الفعل من طرفي على مستوى الحدث الذي تتضح معالمه اليوم، بعد دخول ميليشيا الحشد الشعبي، أداة إيران الأمنية، كركوك، خاصة كركوك، وبعض كردستان.

عشية أزمة قطر

سرَّب "المزدوج" في صفحتي معلومة للقيادة الإيرانية عن هجوم وشيك للتحالف على قطر، وحثها على إرسال قوة بحرية دفاعًا عنها، على الرغم من وجود قاعدة عسكرية أمريكية فيها، بمعنى تحت عيون الأمريكان. بعد ذلك، يعرف الكل كل التطورات التي ربطت قطر بإيران، والدور الذي لعبته أنا، لطلب عاجل من "المزدوج"، في الدفاع عن قطر، ودون أن أعلم في الدفاع عن وجود إيران في قطر، ووجود قطر نفسه.

عشية أزمة الروهنجيا

سرَّبت المخابرات الإيرانية في صفحتي معلومة على شكل تعليمات، لرجالها في الداخل والخارج، لدعم السُّنة المغدور فيهم وفي بنيهم، ولتثمين الموقف الإيراني من قضيتهم.

ثم

عاد "المزدوج" إلى تحذير القيادة الإيرانية من "تآمرات" السفير الإماراتي في واشنطن وبعض أعضاء الكونغرس على طهران، مما يدل على: إما الجهل بما آلت إليه المفاوضات الأمريكية الإيرانية أيام أوباما، وإما الطمع في قسم من "التورتة"، وهذا شيء طبيعي في نظام الابتزاز الأمريكي.

اليوم بعد كركوك

يتضح كل شيء، المفاوضات بين إيران وأمريكا لم تكن حول إعادة ترتيب أوضاع الشرق الأوسط، كانت حول إعادة ترتيب أوضاع نفط وغاز الشرق الأوسط، تحت هيمنة إقليمية (طهران) وهيمنة عالمية (واشنطن)، فإيران هي المؤهلة، لمكانتيها الاستراتيجية والجغرافية، لا العسكرية، كما يظن البعض. لهذا، تم افتعال أزمة قطر لتكون في قطر، وتم افتعال أزمة كردستان لتكون في كردستان، وتم افتعال أزمة الروهنجيا لتكون على حدود الصين. قبل ذلك، تم إدخالها من باب غزة، حيث أنابيب نفط وغاز سيناء إلى إسرائيل. وقبل قبل ذلك، هي في لبنان، وهي في سوريا، إذا ما ذكرنا خط الغاز العربي بين مصر والأردن وسوريا ولبنان.

إذن

كل ما تم افتعاله من أزمات في الشرق الأوسط، قديمها وحديثها، لأجل وضع اليد الأمريكية على الغاز والنفط تحت عين إيرانية، بدءًا من خط أنابيب إيران باكستان الهند الذي لن ينافس، بعد الدعم الأمريكي لإيران في كركوك، خط أنابيب تركمستان أفغانستان باكستان الهند، هذا الخط الأمريكي، لتحقيق الاستقرار في أفغانستان، وفي نفس الوقت، للحد من نهم الصين في آسيا الوسطى، وجعل أمريكا، تحت الثوب الإيراني، طرفًا أساسيًا في استراتيجية البحار الأربعة (البحر الأسود، البحر الأبيض المتوسط، البحر العربي الذي هو الخليج العربي وبحر قزوين)، هذه الاستراتيجية النفطية الغازية التي محورها دمشق ورابطها: هل تعرفون الآن لماذا كل هذه الحروب في سوريا؟ إيران في دمشق إذن، وفي كركوك، وفي قطر، وفي... وفي... وفي... كضامن لوصول الغاز والنفط إلى أوروبا، فتدفأ في الشتاء، وكمعرقل لوصولهما إلى الصين، فتبرد في الصيف، وللتقليل من الاعتماد على روسيا في أوروبا وغير أوروبا.

الآن

وقد تم لأمريكا كل ما تريد، بإيران سيتم إرساء دعائم الاستقرار في المنطقة، وتوطيد النفوذ السياسي الذي لن يكون إلا بتوطيد النفوذ الاقتصادي والنفوذ الثقافي. والحال هذه، لا بد من أداة ثقافية واقتصادية وسياسية قوية تعمل على تحقيق النفوذات الثلاثة، أداة سلمية، مؤسستنا، بعد أن انتهى عصر داعش، وبدأ عصر قوس قزح.








































































الورقة العشرون: شيوعيو الدين

تفاجأت

وأنا أدرس العقيدة الشيعية، من كونها عقيدة ديكارتية قبل ديكارت، أبي الفلسفة الحديثة، بمئات السنين، فهي، كما يرى ديكارت، لا تقبل ما هو حسن وما هو قبيح إلا عن طريق هذا وذاك من خلال العقل، فالقبيح قبيح في ذاته، والحسن حسن في ذاته، وهذا هو لديهم مبدأ العدل الإلهي. بكلام ديكارت، هم لا يقبلون شيئًا على أنه حق، ما لم يعرفوا بوضوح أنه كذلك، أي ما لم يميزوا بين حسنه وقبحه. لهذا، هم يجتنبون التسرع في الحكم أو التشبث بالأحكام المسبقة (هذا هو حال "قوس قزح" معهم). ولهذا كذلك، حسب ديكارت، هم لا يُدخلون في أحكامهم إلا ما يتمثل لعقلهم بوضوح وتميز يزول معهما كل شك.

تفاجأت مرة ثانية

وأنا أفحص مفهوم المهدي لدى الشيعة، من تماهيه ومفهوم غودو لدى بيكيت، أبي مسرح العبث، منذ مئات السنين، فهم يؤمنون بولاية الأكثر علمًا بالدين وبالحكم، حتى ظهور المهدي، الذي سيكون ولي الله على الأرض، فينقذ أهلها مما هم فيه من مآسٍ، ويكون، مثل غودو، أملهم في الحياة، الأمل في حياة خالية من كل معاناة، وهذا الأمل هو الذي يدفعهم إلى الخلق تارة، وإلى الصبر تارة، لأنهم، على عكس غودو، الذي لن يجيء، فيكون الأمل الخائب للغرب، والعبث من الانتظار، لأنهم، على عكس غودو، الذي لن يجيء، يؤمنون بمجيئه، ليعيشوا في غربة أقل من غربة الغربيين، الذين يعانون من الانتظار. أنا، بدوري، ركزت على هذه المعاناة، في روايتي "وصول غودو"، وكشفت عن المعاناة في الغرب بغودو أو بدونه، لأن المعاناة في الغرب سببها العلاقات الاجتماعية، وبالتالي، إن كانت هناك معاناة في إيران، فالعلاقات الاجتماعية من ورائها.

تفاجأت مرة ثالثة

وأنا أدرس المنهج الفكري الشيعي والفلسفي، من اتباعه المنهج السردي، منهجي في التحليل الناراتيفي، قبل هذا المنهج بمئات السنين، فعقل الشيعة الفلسفي الأكبر، صدر الدين الشيرازي، مبتكر مدرستهم الفكرية التي يدعونها "الحكمة المتعالية"، يجمع في الحكمة المتعالية بين مدرسة المشائين لابن سينا والفلسفة الإشراقية للسهروردي والمدرسة الصوفية لابن عربي، وينتهى صدر الدين الشيرازي إلى استنباط فكره من القرآن والبرهان والعرفان، استنباطي الفكري، وما أثبته من تنوع المصادر وتعددها، عند تحليلي السردي لسورة الفاتحة، من أجل فهم معاني الحياة، القرآن الكريم أحد مصادر "الملا صدرا"، والكافي للكليني، كذلك الاستبصار، وتهذيب الأحكام للطوسي، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق.

نحن وإيران إذن

عندما نكون على نفس الخط الفكري، كل واحد منا حسب طريقته، سنخلق وضعًا جديدًا مع منظمات المجتمع المدني، وسنصل بالإنساني في المنطقة إلى ما يريد بريجنسكي الوصول إليه بالطائفي والعرقي، خاصة بعد الفشل الذريع الذي مني به الأمريكان في مشروعهم الجيوسياسي، لأن فشلهم ينبع من عندهم، فمأزق الرأسمالية والديمقراطية يوجب إجراء تغييرات في النظام العالمي عمادها مشروعي الجيواستثماري. بهذا المشروع الجيواستثماري، نخلق الشروط الثقافية والاقتصادية للفدرالية بين كيانات ثقافية واقتصادية عربية يهودية تركية فارسية، لا كانتونات قومية تثير الرعب في مخيلة بريجنسكي، مخيلة تمثل الانحطاط الأخلاقي والانحطاط السياسي في أحسن صورهما، لا علاقة لها البتة، وهي ابنة الأكثر من أربعة عقود، بالتكنولوجيا شرطًا لزمننا، بل بإيديولوجيا الكاوبوي الرأسمالي العالمي. نعم، للفدرالية بين كياناتنا الثقافية والاقتصادية، نعم، للكونفدرالية مع أمريكا، فالكونفدرالية، كالكومونة في وصف ماركس لها، الشكل السياسي المرن إلى أعلى درجة.










الورقة الحادية والعشرون: العالم في عينيك الزرقاوين


LE MONDE DANS TES YEUX BLEUS

A Oscar, mon petit-fils

Laisse-moi regarder le monde dans le grand bleu
Laisse-moi, mon petit
Laisse-moi te ---dir---e ce que disent les vagues aux vagues
Laisse-moi, mon chéri


Pour quoi m’abandonnerais-je à l’infini,
Si ce n’est que pour ta loi ?
Pour quelle raison m’accrocherais-je à la vie,
Si ce n’est que pour ta foi ?

La liberté que j’ai toujours chérie,
De ta bouche, l’humanité chantera
L’amitié que j’ai toujours prémunie
De tes doigts, tu la protégeras

La haine est l’amour des épines,
Ta haine est l’amour des lilas
L’avenir est l’aile d’un oiseau des mille et une nuits,
Ton avenir est le sourire des papas

La tristesse que j’avais jadis,
Avec toi, elle devient joie
Le noir que j’allumais à minuit,
Par toi, il est blanc, il est turquoise, il est audace, il est arc, il est cri, il est menthe, il est pistache, il est conte et trois navires de rêves revenant du lointain

Les images riaient pour me rendre ivre
Et elles pleuraient quelquefois
Les larmes et les rires au goût de l’impossible
C’étaient mon armure, ma parade, ma défaite poignante, mon poignard

Le ciel était orange dans mes livres
Et sans étoiles
Le soleil naissait d’un matin pourri
D’or et de gloire

Je t’aime beaucoup, mon petit loup
Oui, mon grand
Je t’aime plus que le dieu de l’amour
Demande-le à ton miroir

Moi,
C’est l’hier d’aujourd’hui
Toi,
C’est l’aujourd’hui des rois


Laisse-moi regarder le monde dans le grand bleu
Laisse-moi, mon petit
Laisse-moi te ---dir---e ce que disent les vagues aux vagues
Laisse-moi, mon chéri


العالم في عينيك الزرقاوين

إلى أوسكار، حفيدي


دعني أنظر إلى العالم في البحر
دعني، يا صغيري
دعني أقول لك ما يقوله الموج للموج
دعني، يا حبيبي


من أجل ماذا أستسلم للامنتهى
إن لم يكن من أجل قانونك؟
لأجل أي سبب أتعلق بالحياة
إن لم يكن لأجل إيمانك؟

الحرية التي أهيم دومًا بها
ستغنيها الإنسانية من ثغرك
الصداقة التي أتعلم دومًا حروفها
ستحميها بأصابعك

الحقد حب الأشواك
حقدك حب الليلك
المستقبل جناح طائر من ألف ليلة وليلة
مستقبلك ابتسام الآباء

الحزنُ الذي كان لي فيما مضى
معك يغدو الفرح
الأسودُ الذي كنت أوقده عند منتصف الليل
بإرادتِكَ الأسودُ أبيض، أزرق، إقدام، قوس، صياح، نعنع، فستقٌ حلبيّ، حكاية، وثلاثُ بواخرِ أحلام عائدة من مكانٍ قصيّ

كانت الصور تضحك لتثملني
وكانت أحيانًا تبكي
الدموع والضحكات بطعم المستحيل
كانت درعي، دفاعي، هزيمتي الماحقة، خِنجري

كانت السماء برتقالية في كتبي
بلا نجوم
وكانت الشمس تولد من صباحٍ يأسنُ
بالذهبِ وبالمجد

أحبك كثيرًا، يا ذئبي الصغير
نعم، يا كبيري
أحبك أكثر من إله الحب
اسأل عنك مرآتك

أنا،
أمسُ اليوم
أنت،
يومُ الملوك


دعني أنظر إلى العالم في البحر
دعني، يا صغيري
دعني أقول لك ما يقوله الموج للموج
دعني، يا حبيبي




















الورقة الثانية والعشرون: لعبة أمريكية في السعودية

النظام السعودي

من المستحيل إصلاحه، فهل يصلح القمع الماخور الوهابي؟ هل تصلح الاعتقالات بيوت دعارة آل سعود؟ هل تتحرر المرأة السعودية بقيادة السيارة؟ هل ينهض الرجل السعودي بالذهاب إلى دور السينما؟ هل تزول من الرؤوس عقود من القهر الديني؟ والشيوخ والأئمة وباقي رجال الدين، تلك الحشرات الاجتماعية التي تتغذى من دم السعوديين باسم الدين، هل من الممكن سحقها بقدم المصلحين الذين هم بدورهم حشرات اجتماعية تتغذى من دم السعوديين باسم الدين؟ إنها الحلقة المفرغة في بلد كالجحيم أو هو الجحيم.

النظام السعودي

من اللازم اقتلاعه من جذوره، كالشجرة النخرة التي من اللازم اقتلاعها من جذورها، فلا ثمرًا تعطي، ولا ظلًا تأخذ، قانون الأخذ والعطاء، قانون الحياة، لم يعد قانونها، قانونها قانون الموت، فالنظام السعودي ميت اجتماعيًا، النظام السعودي ميت سياسيًا، النظام السعودي ميت اقتصاديًا، وما يجري اليوم من لعبة أمريكية في السعودية يتم على أساس كيف يُدار موت هذا النظام اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا.

اجتماعيًا

إجراءات الدكتاتور الصغير ستخفف من التذمر الشعبي، ستؤجل الهبة الشعبية، ستزعزع المخالف في الرأي، لكنها لن تؤجل كثيرًا التغيير الفعلي الذي يصبو السعوديون إليه.

سياسيًا

وعود الدكتاتور الصغير بسعودية معتدلة على صورته اللامعتدلة، أيعقل هذا؟ ستوهم التغيير، لكنها صورة توهم الظن مؤقتًا في القطيعة مع الإسلام الوهابي السرطاني، وفي الواقع ما يجري هو تبديل احتكار سياسي لحكم مطلق عجوز على صورة سلمان باحتكار سياسي لحكم مطلق شاب على صورة ابن سلمان.

اقتصاديًا

هنا نصل إلى بيت القصيد، مع برامج التسييب الاقتصادي، والتي تتراوح بين التخصيص (تحويل ما هو من القطاع العام إلى القطاع الخاص) والتخفيض (تخفيض مساعدات الدولة)، الآرامكو من ناحية، والنفقات من ناحية، فيقع اقتصاد السعودية تحت رحمة الرأسمال الأمريكي، الرأسمال العالمي، عندما نعلم أن عدد المشاركين في المؤتمر الاقتصادي "دافوس في الصحراء" 2500 صاحب قرار في العالم.

سياسة الإنهاك بالتدريج

سياسة أمريكية في السعودية منذ عهد بعيد، مع محمد بن سلمان، تدخل مرحلة أخيرة لاستنفاد السعودية من نفطها على أبشع وجه. وبالمقابل، لاستنفاد إيران من نفطها ومن نفوذها على أبشع وجهين، فما يجري حاليًا في لبنان خير مثال، ولتذكير إيران أن مناطق نفوذها (وضمنيًا نفطها الذي يضطرها الأمريكان إلى إنفاقه سدى بالمليارات) تبقى مناطق نفوذ أمريكية.

بينما

سياسة السلم كما نرى واقتصاد الاستثمار كما نجد، فيهما فائدة للجميع، للأمريكيين وللسعوديين وللإيرانيين ولباقي شعوب المنطقة، تحت شرط إسقاط النظام السعودي القديم، وتأسيس النظام العلماني الجديد، نظام كافة الحريات، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.































الورقة الثالثة والعشرون: الشرق الأوسط الحديث

تطرقت

في مقال سابق إلى مشاريع قوس قزح الثقافية والاقتصادية والسياسية، وربطت هذه الحقول الثلاثة ببعضها جاعلاً منها ركائز نشاطات المؤسسة في باريس ولندن وواشنطن، لتكون قوة متكافئة مع غيرها من القوى في هذه المجالات، ذات قدرة على العمل من داخل البنى التحتية في الغرب، متأثرة بها ومؤثرة فيها. إضافة إلى ذلك، أسهبت في شرح ناحية "البزنس" بقدر ناحية "البوليتيك" للمؤسسة وفروعها في العالم، كيلا أجعل من إيران بقرةً حلوبًا على دأب زوائدها ونواقصها ممن تدعم. لكني في هذا المقال سأتكلم عن بلدان الشرق الأوسط في علاقاتها بالعصر الحديث، والأدوار التي ستعمل قوس قزح على أن تلعبها هذه البلدان كشريكة لأمريكا (عندما أقول لأمريكا أعني للغرب) وكفاعلة، منها تستمد قوتها وتمدها، فيكون شرط هذه البلدان من شرطها، وبالتالي قدرها قدر التقدم للجميع والرفاهية.

طهران وادي السيليكون

الشرق الأوسط الحديث كمفهوم جيواستثماري يعني ورشات عمل جديدة تضاف إلى ما هو موجود من ورشات عمل في وادي السيليكون جنوب مدينة سان فرانسيسكو، يكفي أن نتخيل التغيير العملاق الذي سيجتاح المنطقة، وما يتطلبه هذا التغيير في المجال التكنولوجي من تقنية عالية المستوى، ستكون طهران المؤهلة لذلك بوصفها امتدادًا صناعيًا لوادي السيليكون، ومجالاً استثماريًا للولايات المتحدة، فأمريكا في بلدها تمثل التكنولوجيا ثلث عائداتها الاستثمارية، ومن المفترض ثلثًا ثانيًا في الشرق الأوسط.

الرياض مكة المال

نحن لا نريد أن نسحب أصول السعودية وباقي بلدان النفط من البنوك الأمريكية أو ما يسمى "المؤسسات المالية النظامية العالمية الهامة"، نحن نريد أن نكون واحدًا منها واحدًا من جواها، بنكًا عالميًا يضاف إليها، وبدءًا من أصول جديدة تشمل كل عائدات النفط في الشرق الأوسط الحديث، بنك الرياض العالمي، فنحول دون تدهور نسبة "الكور تيير 1"، ونقيم التوازن بين الأصول التي لنا والتي لأمريكا، والأهم من هذا وذاك نساهم في تنقيص ديونها بقوتنا المالية المتنامية، في الوقت الذي نحمي فيه شركات نفطنا التي في مقدمتها شركة آرامكو، فلا حاجة بعد ذلك إلى بيع أسهم منها في الوول ستريت. الإبقاء على آرامكو عبر هذا الأفق المالي التبادلي الفعال فيه دعم كموني متواصل للنظامين الماليين الأمريكي والعربي الإيراني الشرق أوسطي.

تل أبيب عاصمة صناعة الصناعة

ستتمحور كل الصناعات الثقيلة والخفيفة في تل أبيب، أي مكننة الشرق الأوسط، من الإبرة حتى الفيل! استعارتي هذه تشمل المشاريع العملاقة كقطار الأورينت ستار رابط الدار البيضاء بطهران والمشاريع العملاقة الأقل كصناعة الإلكتروميناجيه والهوت ديفينيسيون. ورشات الصناعة هذه تستوجب الذوبان في ورشات الصناعة الأمريكية على شاكلة ما يفرضه العصر التكنولوجي بوثباته من ذوبان الشركات العملاقة فيما بينها لتكون على مستوى متطلبات السوق قبل طلباته وعلى قدر المنافسة كمًا ونوعًا.

القاهرة عاصمة صناعة الزراعة

فهي درة وادي النيل، وأجدني لا أبالغ عندما أقول إن أراضي النيل الخصبة ستطعم وحدها المليار شرق أوسطي إذا ما تمت مكننة الزراعة ونقلها من الحمار الذي يجر محراثًًا إلى التراكتور والحاصدة الآلية والقاطفة الآلية و و و... إضافة إلى ذلك، ستعمل مصر على إدخال المنطقة في عصر الطاقة المتجددة. هذا هو الشرق الأوسط الحديث كما أرى، لا الشرق الأوسط الجديد كما تراه كوندليزا رايس، سود الله وجهها! وهذه هي الأعمال الخلاقة، لا الفوضى الخلاقة!

الرباط عاصمة صناعة الثقافة

أعيد، صناعة الثقافة، نعم، لمن لم يفهمني، لأنني أقصد صناعة الأفلام، فنجعل من الرباط هوليود ثانية، لأنني أقصد صناعة الكتب، فنجعل من الرباط غاليمار ثانية، لأنني أقصد صناعة المسارح، فنجعل من الرباط برودواي ثانية، لأنني أقصد صناعة الجرائد المجلات كل أنواع المنشورات الدعائية كل أنواع الأبحاث العلمية باختصار كل أنواع أغذية العقل.

قوس قزح

تبقى المنظومة الشرق أوسطية مثلها مثل المنظومة الأوروبية، العين واليد والحضن للعواصم الفذة الخمس، الدولة التي بدون دولة، بينما تكون تركيا الخلفية الهادئة لأنابيب النفط والغاز الذاهبة إلى أوروبا. في الماضي الذي لم يعد قريبًا والذي لم يزل غير بعيد، قال أحدهم: "لا يمكن الحكم إلا بالقوة"، فكانت الضحايا بالملايين. اليوم، أقول: "لا يمكن الحكم إلا بالسلم"، فلا تكون هناك ضحية واحدة.




































































الورقة الرابعة والعشرون: البنيوية والثورة الروسية

كل ما يُكتب

عن ثورة أكتوبر الروسية ينتمي إلى علم الوراثة، وكأننا بالكُتَّاب يفحصون جيناتها ليفسروا ما وقع من أحداث، أو ليعيدوا ترتيبها، فهم لم يتخلصوا من نظرتهم إلى التاريخ نظرة من يؤكد هذه الحقيقة أو تلك، ومن ينفي تلك الحقيقة أو هذه، ولم يُخَلِّصوا التاريخ من السياسة التي تأخذ عندهم في هذا الحدث الهائل مكان الدين، لهذا نجدهم لا يملون من الحديث عن وقائع لم تعد لها أية غاية، ولم تعد لها أية دلالة.

المؤرخون

الذين يفهمون سطوري القليلة السابقة، سيتركون كل هذه المعلومات السطحية عن ثورة أكتوبر، بكلام آخر، سيتركون حركة التاريخ السطحية، ويذهبون بحثًا عما هو أعمق في اللاوعي الجماعي، لتكون لكتاباتهم مضامين ذات معنى، فما وراء الحدث هناك البنى التحتية، الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية، الإعلامية، النفسية...

هذا المنهج

في علم التاريخ ليس وليد اليوم، لكن إلى اليوم لم تُقطف بعد كل ثماره، فالصعوبات تزداد كثرة في عصرنا، عصر المعلوماتية، عصر اختلط فيه الحابل بالنابل، ولم يعد يُعرف الكاذب من الصادق، فهل التاريخ هو تاريخ وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي أم تاريخ المؤرخين؟ وتاريخ المؤرخين، هل هو التاريخ الرسمي، ومن يقل الرسمي يعنِ الكاذب، أم التاريخ بلا بهارات، التاريخ كما هو عليه، التاريخ بلا زيادة ولا نقصان؟

والحال هذه

يصبح البحث عن حركة التاريخ في اللاوعي الجماعي كالبحث في العتمة، وبما أن الحدث تركناه فوق لنغوص في البنى التحتية، يغدو التاريخ ساكنًا والمؤرخ عاجزًا. التاريخ وقد أصبح علم اجتماع الماضي –مجلة "آنال" مجلد 19 عدد 2 صفحات 374 و 375- لم يعد ما يهمه وما يفهمه سوى المتواصل منه والمستمر، فيتخلى بذلك عن توضيح غموض التحولات الفجائية، العوالم التي بصدد الموت، المجتمعات التي تتغير، الاضطرابات الثورية، هذه الاضطرابات التي كانت ثورة أكتوبر أقرب إليها من الانقلابات "كتهمة" تلصق بها، وإن كانت هذه الثورة، في كلتا الحالتين، حالة الاضطراب وحالة الانقلاب، عملاً جبارًا أطاح بنظام قانوني بائد، ليقيم نظامًا قانونيًا جديدًا. من هذه الناحية، ناحية إقامة نظام قانوني جديد، يصبح تاريخ ثورة أكتوبر تاريخ ثورات من كل نوع، ثورة صناعية، ثورة زراعية، ثورة ثقافية، ثورة شعورية، ثورة سلوكية، ثورة فكرية... ومن هذه الناحية، ناحية كونها ثورات يمكن تقييم ثورة أكتوبر، وإلا كان طرحها كثورة، كأحداث وقعت، كأحداث يعاد ترتيبها، يبقى سطحيًا.

ثورة أكتوبر كثورات

يضعنا هذا التصور في قلب احتمالات أحداث الثورة، عوارضها، ما يعتبره كلود ليفي-ستراوس "مجموعاتها البنيوية"، فيصبح التاريخ، بالتالي، حاصل تداخل الأبعاد البنيوية لمستويات هذه الأحداث المختلفة، وحِدَّتها، وزمنيتها. عند ذلك، يتجسد الحدث كبنية، من اللازم إعادة بنائها في ذاتها، وفي علاقاتها ببنى أخرى مختلفة.

















الورقة الخامسة والعشرون: إيران فلنتحاور!

من الكياسة بمكان

أن تتحاور إيران معي، أو، على الأقل، أن تنظر بالطَّرْفِ إليَّ، فرُبَّ طَرْفٍ أفصحُ من لسان. للمفكرين هنا، في فرنسا، قَوامٌ رفيع الشأن، ينزلون منزلة "الآلهة" من نفوس الحكام، فيصغون إلى نصائحهم، وغالبًا ما يعملون بها. وكأنني بإيران لا تعرف إلى اليوم من أنا، ليس كشخص، ليس كمفكر، ليس كأديب، ليس كسياسي، ليس كصاحب حلم ورثته عن شهرزاد وابن المقفع وابن سينا، ولكن كصاحب مشروع للوجود، الوجود تحت معناه الفلسفي، والوجود الذي هو وجودنا على أرض واحدة عربًا وفرسًا. أنا لا أطلب منها دعوتي كوزير "مصدي" من قطر، لأنني لن أقابل خامنئي أو روحاني إلا بعد أن تقطف مؤسستي قوس قزح أولى ثمارها، وأنا لا أطلب منها اعتباري كرسول "سري" من أمريكا، لأنني لن أمارس أية لغة مزدوجة، بدأت كل شيء على المكشوف على أنترنت، وسأنهي كل شيء على المكشوف على أنترنت.

خير الأمور عاجلها كما يقال

لكن إيران تفضل استنزافها البطيء، فلا ترى كيف تحتضر رويدًا رويدًا، لا ترى كيف تحفر الأمم من حولها ضريحها، لا ترى ولية أمرها كيف تلعب "الغميضة" مع السعودية تحت جلبابها، لا تقرأ ما يُكتب عنها، لا تدرك كره الناس لها، لا تبالي بحب أهلها. إيران كالأعمى الذي فقد عصاه، وعصاه قوس قزح، كالمريض الذي رفض دواه، ودواه قوس قزح، كالكتاب الذي أغلقه الأمريكان، ومفتاحه قوس قزح. الاتفاق النووي حشرها في زاوية تخريبها وتخريب غيرها من بلدان المنطقة، أنا أحدس بنوده السرية، فهل فاتت الفرصة على إيران؟ هل إيران لا يمكنها رفع رأسها؟ فرنسا، وهي تحت الاحتلال النازي، رفعت رأسها بمشروع ديغول "فرنسا الحرة" من لندن، وإيران تحت الاحتلال الأمريكي، ترفع رأسها بمشروعي "قوس قزح" من لندن وباريس وواشنطن، فهل حكامها الذين تورطوا في كل مكان دفعتهم إليه أمريكا دفعًا من اليمن إلى لبنان لا يتحركون إلا بأمر أمريكا أم يبقى بعض أمرهم على أنفسهم؟

في السياسة لا شيء اسمه "نهائي"

يجب على إيران أن تتحرر من سطوة الأمريكان عليها بنفس طريقتهم معها: لسياستهم في المنطقة سهمان، باتجاههم وباتجاه السعودية. إيران، كذلك، على سياستها في المنطقة أن يكون لها سهمان، باتجاه الأمريكان وباتجاه قوس قزح كدولة بدون دولة. أمريكا لن تقدر على فعل شيء عندما تجد نفسها مدفوعة دفعًا من طرف حكام طهران وقد تبدلت الأدوار –الله ما أجمله!- إلى ما فيه بالفعل مصلحتها ومصلحة إيران ومصلحة باقي دول المنطقة. نعم، يجب على إيران أن تتحرر، يجب على إيران أن تتبدل، يجب على إيران أن تبدل نظرتها إلى الأشياء، فترى ما نرى، ويراها الناس بعين الصديق والشقيق لا الأثيم والشرير، يراها الناس بعين العصر، بعين الحداثة، بعين الحرية، بعين أخرى.



























الورقة السادسة والعشرون: الحرب الباردة بين السنة والشيعة

كل ما يدور

من حرب باردة بين السعودية وإيران يهدف كل ما يهدف إلى توطيد المكاسب الاستراتيجية الأمريكية والروسية، خاصة المكاسب الأمريكية، في المنطقة، على حساب اقتصاد هذين البلدين. كل ما يفعله العملاقان العالميان، خاصة العملاق الأمريكي، عند التلويح بالحرب بين إيران والسعودية، يرمي إلى خنق إيران والسعودية اقتصاديًا -وَطُرُق الخنق كثيرة ليست أولها شراء الأعتدة الحربية ولا آخرها بيع خمسة بالمائة من أصول شركة الآرامكو أو بناء المفاعل النووي- التلويح بالحرب بين إيران والسعودية يرمي إلى خنق السعودية وإيران اقتصاديًا لتثبيت نفوذ روسيا وأمريكا، وبالتالي نهب ثروات هذين البلدين وباقي بلدان المنطقة. تمرير النهب يتطلب أن تلعب أمريكا وروسيا، خاصة أمريكا، على الحبلين، لتُنهكا "بسيكولوجيا الجماهير" عندنا، وتجعلاها في حالة من الذعر الدائم. في الوقت نفسه، لتمسكا بخناق شعوبهما، وذلك بتهويل ما يجري، فتخترقا "بسيكولوجيا الجماهير" عندهما، وتجعلاها في حالة من التهديد الدائم. عندنا كل مشاكل الوجود تزول أمام الذعر، ولا يبقى إلا مشكل واحد أحد: العداء بين السنة والشيعة! وعند الأمريكان والروس، خاصة عند الأمريكان، ومن يقل الأمريكان يعنِ الغرب برمته، كل الأزمات الاقتصادية تزول أمام التهديد، ولا يبقى إلا مشكل واحد أحد: الصراع مع الإسلاميين!

أمام وهم اندلاع الحرب

فالحرب لن تندلع، أمام وهم انتصار الواحدة على الأخرى، تحاول السعودية كإيران أن تدير قوتها إعلاميًا وعلى الأرض، الحملات الإعلامية يعرفها الكل، وعلى الأرض تم افتعال المشكل القطري البارحة، واليوم المشكل اللبناني. صحيح هناك الاعتقالات المبرَّرة بالفساد في بلد ربه الفساد التي لم تكن مفتعلة، وصحيح هناك استقالة الحريري المبرَّرة بالضغط السعودي على إمَّعة من الإمَّعات التي لم يُرغم عليها، فهي تحصيل حاصل، لكن على هامش الحرب الباردة بين السعودية وإيران تحصل "استثناءات" تُستغل استغلالاً قذرًا من طرف العملاقين العالميين وأذيالهما في المنطقة، فما تصريحات ترامب عن الذين "أدموا البلد" إلى جانب نيرون الرياض ضد الشعب السعودي، وما تصريحات ماكرو عن التغيير على يد الدكتاتور الصغير بانتهازية لا تصدق على مرأى ومسمع السعوديين المهتوكين في مالهم وعرضهم، وخاصة ما تصريحات الطغمة الحاكمة العدوة للشعب اليهودي في إسرائيل إلى جانب سعودية محمد بن عبد الوهاب أقذر إسلامي على وجه الأرض ضد إيران، ما التصريحات كلها تسير إلا في هذا الاتجاه القذر لاستغلال هذه "الاستثناءات"، لأن مجرد أن يتدخل بطل الشعبويين في العالم إلى جانب أقذر نظام في العالم، مجرد أن يتفق بوتين رئيس المافيا الحاكمة في روسيا وترامب حول عدم جدوى الخيار العسكري في سوريا –يا سلام سلم! أقول يا سلام سلم لأن الصراع بين الأمريكان والروس صراع كاذب صراع هو في حقيقته "لاصراع" راح ضحيته الشعب السوري-، مجرد أن تتدخل الطغمة العسكرتارية الحاكمة في إسرائيل إلى جانب هذا الطرف أو ذاك، يعني كل ذلك التأزيم أكثر للأزمة، وكل هذا مدروس في استراتيجية المكاسب الأمريكية والروسية.

بينما الزمن لم يعد يتكرر

الزمن يتغير، وللزمن اليوم شروطه على الغرب والشرق هي التي ستمشي، على أمريكا وعلى روسيا وعلى السعودية وعلى إيران، فخروج الشرق الأوسط من حربه مع نفسه، الحرب المصطنعة بين سنة وشيعه، والحرب الدامية مع داعش، هو نفسه خروج اليابان من الحرب العالمية الثانية، وخروج ألمانيا من جحيم النازية، وقبل هذا وذاك، في القرن التاسع عشر، خروج أمريكا من حروبها الأهلية، لتدخل أمريكا وألمانيا واليابان من باب التقدم العريض، دون الإخلال باستراتيجية المكاسب، بل على العكس امتدت استراتيجية المكاسب لتغطي العالم، وشعت أنوار عصر الأولوية للشعوب التي شعوب الشرق الأوسط جزء لا يتجزأ منها، لكنها –أي شعوب الشرق الأوسط- لم تزل تعيش تحت سماء الشمس الغاربة للحضارة.

نعم لاقتصاد الرفاه

هدف تسعى إليه قوس قزح اعتمادًا منها على النظريات الاقتصادية التي تدرس الإمكانيات المؤدية إلى توزيع الدخل الوطني على جميع الأفراد، شيء غير مستحيل في استراتيجية المكاسب، السلم شرطه الأول، والجيواستثمار شرطه ليس الأخير. قوس قزح التي اعتدت أن أسميها دولة بدون دولة، لأنها النفي للدولة بالمعنى التقليدي وقد فات أوانها، النفي للكتل وقد حل محلها الأفراد، النفي للأحزاب وقد تجاوزتها منظمات المجتمع المدني، ولأنها البديل الكوني في الإدارة والحكم، وما يجري في لبنان اليوم يدفع لبنان إلى نفي نفسه بنفسه كنظام، بانتظار نفي باقي الأنظمة العربية بدفعة صغيرة من يد قوس قزح.


الورقة السابعة والعشرون: أعترف بإسرائيل دولة يهودية وبإيران دولة فارسية

في سبعينات القرن الماضي

عندما كان الاعتراف بإسرائيل يعتبر خيانة، وبدافع حلمي الإنساني الكبير بالعيش معًا والعمل معًا والبناء معًا من أجل سائر البشر، كنت من بين أوائل الذين اعترفوا بإسرائيل كدولة من دول الشرق الأوسط، في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تهيج الحرب الطائفية في لبنان، لتسويغ وجودها كهوية دينية وكيان عرقي. وبعد لبنان، فبركت إسرائيل "حماس" في القطاع، كما يفبرك السمكري المزراب المثقوب عن عمد وإصرار، ونجحت في تكريس الدين كهوية والعرق ككيان. وها هي إلى اليوم نجدها تسير على نفس الطريق، الذي هو في الأساس طريق أمريكي استغلته إسرائيل أحسن استغلال، والذي هو في هلوساتها التي منها تصورها التخيلي الخادع طريق خلاصها. وذلك عن خطأ استراتيجي لن تقوم منه إن هي داومت عليه، أوقعتها فيه المطامع الأمريكية في المنطقة، فجعلها هذا الخطأ الاستراتيجي جزءًا لا يتجزأ من هذه المطامع، بعد أن ألبستها وسائل الإعلام العالمية والمحلية ثوب "البعبع" ذي البراثن التي تطول حتى على القمر في سماء العرب، بينما إسرائيل، في الواقع، بين براثن الاحتكار الرأسمالي العالمي، الحمل الوديع. ليست إسرائيل فقط، بل إيران كذلك، قبل الخميني، وهي تسير في نفس الاتجاه، وبعد الشاه، لتحقيق نفس الأهداف في إيران كهوية دينية لم يكن الشاه متأهلاً لها، وهو "المودرن"، الغربي، البهلوي، صاحب "تخت جمشيد" (بيرسيبوليس عاصمة الإمبراطورية الفارسية الأرشمينيدية)، ولم يكن متماشيًا والمشروع الديني الكبير في التصور الجيوسياسي لواشنطن في منطقة نفوذها الأهم في العالم. لتحقيق نفس الأهداف في إيران كهوية دينية إذن وككيان عرقي يتجاوز حدود إيران إلى باقي العالم العربي، إلى الخليج بذهبه الأسود –رب المشاكل يلعن ربه!- وإلى لبنان، وإلى سوريا، وإلى اليمن، وخاصة إلى العراق، بلد ديمقراطية بريمر الكاذبة في ثوبها الديني، لأن مثل هذه الديمقراطية في ثوب ديني هي كاذبة. ولإخضاع هذين البلدين، إسرائيل وإيران، الدائم، لشهوات أمريكا في المنطقة، جعلت الإدارة الأمريكية من اغتصاب فلسطين واغتصاب الأهواز كابوسًا مؤرقًا كابوسًا أزليًا يظل مطاردًا حكام تل أبيب وطهران، كي يبقوا في حالة دائمة من اللااستقرار، وبالتالي، في حالة دائمة من الاستمرار تحت إمرتها.

إذن

قيام قوس قزح يكون بضوء أخضر من أمريكا، لتقبله إيران، لتقبله إسرائيل، لتقبله السعودية، عِلمًا بأن ما يمشي على إسرائيل وعلى إيران يمشي بشكل تلقائي على السعودية، لأن السعودية حجر شطرنج لا أكثر. والضوء الأخضر من أمريكا، يتوقف على إقناعها بأهداف قوس قزح في المنطقة وفي العالم، أهداف أنا لا أفرضها، أهداف تفرضها المستجدات السياسية والاقتصادية والثقافية، والتي تجعل من هذه الأهداف ضرورات استراتيجية لتواجه أمريكا، وبالتالي إيران وإسرائيل والسعودية (وباقي دول المنطقة)، ونحن على شفا جُرْفٍ مالي هاوٍ، الأزمة المالية القادمة، أزمة أكثر خطورة مما عصف بالنظام الاقتصادي العالمي عام 2008 (أنا لا أمارس فن التهويل هذا ما يقوله المحللون الاقتصاديون العالميون الذين أولهم سمير أمين وليس آخرهم). والحال هذه، اقتناع أمريكا بأهداف قوس قزح، والعمل على تطبيقها، يجعلانها تحول دون أزمة مالية عالمية جديدة، ليس بنهب ثروات المنطقة، وإنما بالاستثمار فيها، ليس بالاحتكار التكنولوجي، وإنما بالمشاركة فيه، ليس بالسيطرة على السوق المالي العالمي، وإنما بالانفتاح على الأسواق المالية المحلية، ليس بتفجير الحروب من أجل تشغيل مصانع الأسلحة، وإنما بنشر السلم، ومن يقل نشر السلم يعنِ تكييف الإنتاج العسكري إلى إنتاج سلمي، وما يعني اليعني تنويع الإنتاج الذي سيؤدي إلى لاتقييد الإنتاج، وخلق فرص العمل، والإنعاش الاقتصادي.

للحيلولة دون أزمة مالية عالمية جديدة

هناك الاستراتيجية الجيواستثمارية الجيوسلمية التي تقترحها قوس قزح كنقيض للاستراتيجية الجيونهبية الجيوعسكرية التي تمارسها الرأسمالية العسكرتارية، واستراتيجية قوس قزح هذه عمادها الشراكة في كل المشاريع البنيوية الجبارة التي ستجتاح الشرق الأوسط، مقابل المشاركة في التكنولوجيا، وإدخال المنطقة، كما هو جدير بباقي المناطق المتقدمة في العالم، من باب الحداثة الواسع. الحداثة وحدها هي التي لا تحث على العنف، الحداثة وحدها هي التي تضع حدًا للإرهاب، الإرهاب المفبرك، والآخر، الإرهاب الذي يُغَض النظر عنه، الحداثة وحدها هي التي تجعل من الدولار رب الأرباب في أمريكا، وفي كل مكان، وهذه ماليزيا كبلد مسلم خير مثال؟

هذا التطمين الاقتصادي باتجاه أمريكا

سيقابله تطمين سياسي باتجاه السعودية، وباتجاه إيران، وباتجاه إسرائيل، وذلك بالاعتراف بيهودية إسرائيل العبرية، وبشيعية إيران الفارسية، وبسنية السعودية العربية، في نظام علماني يحترم باقي المذاهب والأديان وحقوق الأقليات.
الورقة الثامنة والعشرون: عن الدين

"الدين أفيون الشعب"

قالها ماركس في الدين من الناحية الاجتماعية وماذا عن النواحي الأخرى؟ السؤال الأول. هل يغفو وعي المخدر بالدين خدر شارب الأفيون بشكل دائم أم بشكل وقتي يدوم دوام تأثير الجرعة عليه؟ السؤال الثاني. هل تنعدم في الدين كل الخواص الإيجابية كيلا تبقى فيه إلا الخواص السلبية؟ السؤال الثالث.

طرحي للأسئلة الثلاثة السابقة

يزعزع القطع في الحكم على الدين كأفيون، ويدفع إلى تقرير، على شاكلة مذهب النسبوية الذي يقرر أن المعرفة نسبة بين العارف والمعروف، أن العبادة نسبة بين العابد والمعبود. حسب هذه النظرة، نعطي للدين فحوى أكثر ايجابيًا.

فورباخ من جهته

يقدم نقدًا ماديًا للدين عندما يرى ألا وجود للإلهي خارج الإنساني، وما الإلهي سوى إسقاط خيالي للإنسان على صورته. في الله يعيد الإنسان إنتاج نفسه، ويثري خصائص الكمال، لكنه لا يعي أن وعي الله هو وعي الإنسان.

حسبما أرى

فورباخ بموقفه هذا يفسر موقف ماركس بموقفه ذاك. ما يدعوه ماركس بأفيون، عند حديثه عن الدين، يدعوه فورباخ بعدم وعي الله، الذي هو في أساسه وعي للإنسان، فيغدو الله للإنسان وهمًا يؤمن به، وبالتالي يصبح وعيه مستلبًا.

ما معنى ذلك؟

معنى ذلك أن الإنسان يُسلب ككائن لصالح كائن آخر، كائن خيالي. بكلام آخر، يفكر الإنسان أنه هو نفسه، لكنه يفكر ككائن آخر غير نفسه.

المسيحية لفورباخ

أكثر الأديان استلابًا للإنسان وآخر الأديان، حتى ولو جاء الإسلام بعدها، لأن مفهوم الإنسان-الإله يسلب الإنسان تمامًا من وعيه بوضعه الحقيقي كإنسان لصالح تمثيل خيالي عن نفسه.

لماذا المسيحية آخر الأديان

لأنها تعلن عن الطبيعة الحقيقية للدين، باسم الأب والابن والروح القدس، طبيعة إنسانية بحتة، أب، ابن، روح. في سياقنا، هذه الطبيعة الإنسانية لا علاقة لها البتة بالمثل الإنسانية التي تغالي التبشيرية ومن لف لفها في استعمالها محملة على كاهل المسيح ما لا طاقة على حمله، وإنما بالإنسان خالق الإنسان-الإله.

أخيرًا وليس آخرًا

للرد على قول ماركس "الدين أفيون الشعب" أقول كما قال غيري من الذين يحترمون الأديان: إن طبيعة الإنسان ليست سيئة! وبشكل متعارض، لكي يتجسد الله بأسمائه الحسنى تجسيدًا نحن في أشد حاجة إليه، يجب على الإنسان أن يكون سيئًا، سيئًا جدًا، أكثر ما يكون عليه السوء، كما هو عليه اليوم.











الورقة التاسعة والعشرون: أمريكا أقل

المعلومة

التي سربها "المتقاعد" في موقعي الفرعي أمس عنوانها: خطب كبير سيقع في السعودية! ونصها: إذا قلص الأمريكان تواجدهم العسكري قبل الدبلوماسي قريبًا فسيقع! الخطب معناه في القاموس: الأمر العظيم المكروه، ويتوقف حدوثه القريب في السعودية على تقليص تواجد الأمريكان العسكري أولاً ثم تقليص تواجدهم الدبلوماسي ثانيًا في المنطقة تحت شرط وقوعهما. دراستي الدقيقة للمعلومة جعلتني أصل إلى التالي: لن تكون لإيران لا يد سفلى ولا يد طولى في الأمر، لأننا، أنا والمزدوج، نؤيد إيران، والمعلومة تحذر من مصاب عام يطال السعوديين. فهل تكون إسرائيل؟ حكام إسرائيل والسعودية لهم يد واحدة، فلن تسعى الدولة العبرية بيديها ورجليها لتحقيق هدف يقدر عليه حلفاؤها. إذن الخطب الذي سيقع في السعودية، حال تقليص التواجدين الأمريكيين، خطب بأمر حكامها على أبنائها.

للمعلومة

صياغة سياسية نادرة، فهي بكلماتها القليلة تلخص الاستراتيجية الأمريكية في مناطق نفوذها من ناحيتها الإيجابية، وهذا لأول مرة في التاريخ الجيوسياسي. صحيح أن القوة العسكرية الأمريكية هي هنا أو هناك للدفاع عن المصالح الأمريكية، لكنها كذلك، بقوة الأشياء، للدفاع عن المصالح الإقليمية، بل وأكثر، للدفاع عن المصالح المحلية، كما يجري في السعودية، مع السلم الأمني فيها، السلم الأمني إلى حد مشكوك فيه، لكن معلش، فلنقل السلم الأمني بشكل مؤقت. والحال هذه، يتبدل مفهوم الإمبريالية، ليحل محله مفهوم "المتروبولية"، وهو مفهوم قديم يعني الدولة بالنسبة لمستعمراتها، لكن يتم تحديثه، ليعني في السياق العولمي واشنطن عاصمة العالم.

إذن

ما أن ترفع أمريكا يدها، أكثر: ما أن تقلص أمريكا من وجودها في هذا الجزء أو ذاك الجزء من العالم، حتى يختل التوازن، وينتهي الأمن، ويُسَن قانون الغاب الذي لأول مرة في تاريخ أمريكا الجيوسياسي بعد العراق وأفغانستان والسودان و و و لم يعد قانونها بل قانون أية دولة ضد جاراتها، وقانون أية دولة ضد مواطنيها.

لكن

السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا تقلص أمريكا وجودها العسكري ووجودها الدبلوماسي في منطقة الخليج، وتترك الشعب السعودي لقمة سائغة في فم نيرون الرياض؟ وهل الديكتاتور الصغير في حاجة إلى مثل هذا الفعل ليفعل فعلته المجرمة في شعبه وسوابقه تشهد في اليمن على فعلاته الأكثر من مجرمة؟ المتروبولية كمفهوم تقلص من سياسة "ترك الحبل على الغارب" الأمريكية، وتملي على واشنطن سلوكًا أخلاقيًا مغايرًا في عين الرأي العام الأمريكي والرأي العام العالمي. إضافة إلى ذلك، بعد إعادة توزيع الأوراق التي تمت بين بوتين وترامب في سوريا وفي المنطقة: روسيا تتكفل بسوريا ما بعد الحرب، وإيران في العراق وفي لبنان وفي اليمن، تفضل أمريكا أن يكون تواجدها أقل، وهي بذلك ترمي عصفورين بحجر واحد: إرضاء المارينز وإرضاء الرأي العام. عندنا كذلك في حالة إذا ما وقع "الخطب" المعلن في السعودية: مو أنا ومو أوامري.

في ألمانيا

بعد الحرب العالمية الثانية، وفي اليابان، وفي كوريا الجنوبية، اتبعت أمريكا السياسة نفسها، كان ذلك في إطار الهيمنة الأمريكية على أجزاء من العالم، سياسة دمغت ذلك الزمن تحت ثوب الإمبريالية لا تحت ثوب المتروبولية في زمننا، والاحتكار الرأسمالي يسيطر على العالم. رافقت سياسة آنذاك خطة إعادة بناء ليس على أساس مهدم، كما تنوي أمريكا فعله في العراق، وشعارها "البناء مقابل النفط"، بل على أساس اقتصادي وأساس ديمقراطي وأساس ثقافي دونها لم تصل ألمانيا ولا اليابان ولا كوريا الجنوبية إلى ما وصلت إليه. أين هذه الأسس الجوهرية و"الترتيبة" البوتينية-الترامبية في الشرق الأوسط؟ وهل ستفيق إيران من خدرها والطرفان يتلاعبان بها؟ هل سيقتنع الأمريكيون والروسيون والإيرانيون بما تطرحه قوس قزح من مشاريع خلاقة ليكون الغد في شرقنا الأوسط كالغد الألماني أو الغد الياباني وأخيه الجنوب الكوري مشرقًا؟ غد لا يخيف أحدًا، وفي صالح الجميع. خاصة وأن غد الجيوتقدم والجيواستثمار والجيوبناء هو الغد الوحيد الذي سيوقف خطبًا ربما سيقع في السعودية عما قريب، تذهب ضحيته الآلاف من الوطنيين السعوديين.


الورقة الثلاثون: الاقتصاد الإيراني كيفه مع قوس قزح

لا تفرح إيران كثيرًا

عندما يقدر المختصون دخلها القومي، بعد رفع الحظر عنها، ب 412 مليار دولار للعام 2016، ويحلم ملاليها بقوتهم الاقتصادية الثانية في الشرق الأوسط بعد السعودية، فاقتصادها يبقى في معظمه اقتصاد الريع، عماده الغاز والنفط والخدمات، ودون الدعم الذي تقدمه الدولة لمعاملها –لا أجرؤ على قول مصانعها فلا مصانع حقيقية لديها- ولمؤسساتها المالية، لما كانت هناك معامل، ولما كانت هناك مؤسسات مالية. اقتصاد كهذا، النفط والغاز رباه الأعليان، يظل اقتصادًا هشًا، حتى وإن كان البلد الثاني في العالم كاحتياطي غاز، والرابع في العالم كاحتياطي نفط.

صحيح أن للملالي

خطة إصلاح وتطوير على عشرين سنة، أهدافها خلال الخمس السنوات القادمة إصلاح المؤسسات العامة، إصلاح القطاع المالي، إصلاح التوزيع الريعي. صحيح كذلك أن هذه الإصلاحات ساهمت في تنشيط الاقتصاد، وتفعيل النفقات، وتخفيض المعونات، لكن كل هذا لم يمنع البطالة من الازدياد لتلامس حوالي ثلاثة مليون ونصف مليون عاطل عن العمل، أكثر من 40 بالمئة من اليد العاملة. ومع تخفيض المعونات، ارتفع معدل الفقر، رغم تحسين قوة الشراء، وتجميل النمو العام.

في العام 2016

تَحَسَّنَ الرصيد الخارجي وَتَوَازَنَ المال العام، بفضل الصادرات النفطوغازية التي ازدادت بعد رفع الحظر عنها، بمعنى أن هذا التحسن وذاك التوازن يبقيان هشين، وأن النمو يتطلب أول ما يتطلب دخول إيران في الاقتصاد العالمي، كما قلت وأعدت القول آلاف المرات: بنوك تبادلات استثمارات. ليس بإعادة العلاقات مع البنوك الدولية عن طريق وضع الأصول فيها بل بتمكين البنك المركزي الإيراني ورفعه إلى مستواها. ليس بتضخيم التبادلات التجارية على حساب المنتجات المحلية (هل هناك منتجات محلية؟) بل بتنويع التبادلات التي منها التجارية والعلمية والتقنية (هل هناك اختراق علمي عالمي واختراق تقني كوني؟). ليس باستثمارات نصف الكُم (نصنع عندنا ونُرَكِّب عندكم!) كتلك التي تم التعاقد عليها مع مصانع السيارات الفرنسية بل بالاستثمارات العملاقة التي تعيد بناء البنى التحتية وتحول هذه البنى إلى قوى استثمارية عالمية.

وهذا هو بالضبط دور قوس قزح

كدينمو من خارج إيران لاقتصاد إيران، وإلا كان الأسوأ، حسب توقع الاقتصاديين العالميين، رغم النمو بمعدل 4 بالمئة بين 2017 و 2019، فليس بوضع خطة للإصلاح نصلح ما لا يمكن إصلاحه، الإصلاحات بنيوية تكون أو لا تكون، فهل سيكون مشروعي مفتاحًا للحلول، أم يفضل الملالي الانتظار حتى يصبح عدد العاطلين عن العمل ضعف ما هو عليه خلال السنتين القادمتين، كما تقول الجريدة الفرنسية "ليبراسيون"؟ تحقيق ما يدعوه الملالي "النمو المشتمِل" يتطلب نموًا سنويًا بقدر 6 بالمئة ولسنوات طويلة، لن يكون هذا النمو السنوي وإيران عينها على سوريا ويدها في لبنان وقدمها في اليمن، النمو المشتمِل سلميًا يكون أو لا يكون.






















الورقة الحادية والثلاثون: إيران وأمريكا وقوس قزح

منذ عدة أيام

في 28 نوفمبر الماضي، أرسل لي معهد دراسات الأمن الوطني في تل أبيب مقالاً بالإنجليزية كتبه موشي يعلون عنوانه "سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. الحاجة إلى استراتيجية كبيرة"، أقل ما يقال عن صاحبه إنه يعيش في كوكب آخر غير كوكبنا، فهو ينظر إلى الفوران السياسي في منطقتنا، وبالتالي إلى التغيرات التي يفرضها هذا الفوران، بعين الماضي البائد، ويجعل من قلمه أداة من أدوات الخطاب السائد، خطاب عماده العداء الدائم، لم يعد له مكان في الأدبيات السياسية الشرق أوسطية التي تتمتع بالمسئولية.

حسب هذا الكاتب

بعد عام على ترامب في البيت الأبيض، لم يف الرئيس الأمريكي بوعده الانتخابي الخاص بتحديد التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط وفي غير الشرق الأوسط من بقع العالم، ولم تختر إدارته سوى الاستمرار في لعب دور "شرطي العالم" لحماية المصالح الأمريكية، فهي لن تسمح لنفسها بنقض تعهداتها. وفقًا لذلك، على الإدارة الأمريكية أن توضح أهدافها –كما يطلب الباحث الإسرائيلي-، وأن ترسم استراتيجية تكون قادرة على مواجهة العناصر المتطرفة، وذلك بتقوية حلفائها في المنطقة، حلفاء يمكنهم أن يخدموها، كقوى متعددة، ضد تلك العناصر الراديكالية.

الكلام السابق

يناقض فكرة دوخونا بها عن إسرائيل (هم يقولون الصهيونية، أنا أقول البعبعية) وقوة إسرائيل وخطط إسرائيل وهيمنة إسرائيل على أمريكا والعالم، فلو كان الأمر بالفعل هو كذلك، لعمل البيت الأبيض على تحديد تدخلاته، وذلك بتسليم أمر الدفاع عن مصالحه إلى حلفائه الذين أولهم إسرائيل، بينما الإلحاح على هذا المطلب، من طرف أحد باحثي معهد دراسات الأمن الوطني في تل أبيب، الأمن الوطني (!) هل يتابعني القارئ؟ يؤيد أطروحتي بهامشية إسرائيل كغيرها من البلدان العربية.

الكلام السابق

يدور حول مواجهة العناصر المتطرفة باستراتيجية أمريكية جديدة، مع تجاهل تام لعصر ما بعد داعش، مع تجاهل تام لليد الأمريكية التي بأمرها تكون هذه العناصر، مع تجاهل تام لأدوار الحلفاء. على راسي وعيني أقول، بهذا الخصوص، نعم، دور إسرائيل كبير بالمقارنة مع أدوار غيرها من البلدان العربية، فكلهم طراطير، وإسرائيل أقلهم. لهذا السبب، يلح موشي يعلون على ما سيفعله حلفاء أمريكا –خاصة إسرائيل- في المنطقة إلى جانبها، وفي الخط الحربجي دومًا.

بينما

الخط السلمي هو الخط الوحيد، بعد كل المآسي، القابل للتطبيق في الحال، الخط الوحيد الحامي للمصالح الأمريكية قبل المصالح الشرق أوسطية، أو، بعدها، هذا لا يهم، طالما أنه خط سلمي للجميع. خط لا يتوافق والنفس القصير الأمريكي، الربح بأسرع ما يكون وأكثر ما يكون، لكنه خط أقل تكلفة وأكثر منفعة، وهو خط يفرض نفسه على الجميع بشروط المنطقة الجديدة كاستراتيجية قادرة على مواجهة كل تحديات التعمير والتعصير، فلا استغناء للواحد عن الآخر، ولا استمرار للواحد دون الآخر، وبالتعصير والتعمير تزول كل أسباب ما يدعوه الباحث الإسرائيلي ب"العناصر المتطرفة".

للتعمير والتعصير

لا بد من أداة حرة خاصة خصوصية محايدة ابنة زمنها تنهل من شروط بيئتها الشرق أوسطية وبيئتها العالمية وتفرض شروطها: قوس قزح! أمريكا لن تتدخل، قوس قزح ستتدخل، فيفي ترامب بوعده الانتخابي. إيران لن تفرض نفسها، قوس قزح ستفرضها، فيحقق الملالي بوجوههم الصديقة لا العدوة مطامحهم. المطامح الإيرانية تغدو، مع قوس قزح، مطامح كل بلدان المنطقة، فالمرء لا يأخذ إلا بقدر ما يعطي، والعمل الغير العادي لا يُبَرَّرُ إلا بعمل غير عادي. على راسي وعيني أقول، بهذا الخصوص، نعم، إعلاء المصلحة العامة هَمّ من هموم طهران، لكن منطق الوهم، حسب كانط، خطير وخطير جدًا، بينما قوس قزح، في استدلالاتها، تعتمد المتناقضات وتفاوت الأفكار لتصل إلى تحقيق كل عملياتها السحرية.





الورقة الثانية والثلاثون: عقلنة مفهومي تصدير الثورة وتصدير الأمركة

احترامي

للخميني العالم العلامة كبير، فهو مثقف من الدرجة الأولى، خاصة في الرياضيات والفقه والفلسفة، وهو مثلي غزير الإنتاج، كتب أربعين كتابًا. لكن الخميني أولاً وقبل كل شيء مشروع سياسي مطهم بالدين، اضطرته إلى ذلك محاربته للشاه الذي كان بلا دين، ومواجهته لآل سعود الذين كانوا الأخوة الأعداء، فعمل من مذهب الشيعة مقابل مذهب السنة أساسًا بنى عليه نظريته في ولاية الفقيه، هذه النظرية التي جعلته يصل إلى مفهوم تصدير الثورة الإسلامية. لم يكن هذا المفهوم وليد إرادة الخميني الفردية، وإنما نتيجة جملة من العوامل التاريخية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية: تاريخيًا الإطاحة بالشاه، اجتماعيًا "الأيرنة"، أو البحث عن الذات والرفع من شأنها، ثقافيًا الفارسية كلغة وتراث وقوام للشخصية صمدت أمام الغزو العربي على مدى مئات السنين، اقتصاديًا النفط والغاز المن والسلوى.

إذن

مفهوم تصدير الثورة الإسلامية في زمنه، وهذه هي سياقاته الأربعة، كان مفهومًا بالفعل ثوريًا، يرمي إلى تحقيق الكثير من القيم خارج إيران كداخلها، خاصة وأن الإمكانيات المادية كبيرة. هذه القيم التي أخذت شكل الدين في المشروع السياسي الخميني، كانت في الواقع قيمًا اغترفها روح الله من المذهب الشيعي، أنا شخصيًا لا يزعجني فعل كهذا، طالما أن هذه القيم للخير هي، أما لغيري من الخصوم، في الصراع السياسي، هذه القيم للشر هي. وهكذا يصبح مفهوم تصدير الثورة الشيعية هو الأرجح، والقابل للتفزيع الشعبي من خارج كل سياق، ومن داخل كل زمان.

بناء على ما سبق

تصدير الثورة الإيرانية بعد أربعين عامًا على وقوعها شيء غير ممكن بسبب هذا التفزيع الشعبي الذي يستمد من واقعٍ سرمديٍّ قوته، إضافة إلى أن السياقات الأربعة التي وقفنا عليها هي غيرها اليوم: تاريخيًا إيران في العراق وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن بقوة ميليشياتها لا بقوة قيمها، اجتماعيًا "الأيرنة" دومًا "الأيرنة" ولكن بدلاً من البحث عن الذات والرفع من شأنها، فرض الذات على الآخر والتقليل من شأنه، ثقافيًا الفارسية معادل للشوفينية مسعى الشاه الدائم بدلاً من كونها معادلاً للكونية، اقتصاديًا النفط والغاز دومًا لكن ليس المن والسلوى، فالحصار أثبت هشاشة مثل هذا اقتصاد، وعلى كل حال مليارات هاتين الطاقتين لن تحول دون مضاعفة عدد العاطلين عن العمل، ولن تذهب بالبلد إلى مصاف البلدان المنبثقة، ملياراتهما للحروب بالأحرى.

قبل الخميني

فشل تروتسكي في تصدير الثورة، وعندما نشر الاتحاد السوفياتي تكاياه، أي الأحزاب الشيوعية، عندما نشرها في العالم، أخفق، لأن التصدير الإيديولوجي كالتصدير العسكري مصيره الفشل. فشل ماو في تصدير الثورة، وعندما اخترع نظرية القفزة الإجباربة فشل، تمامًا كالخميني ونظريته الومضة الإلهية، رغم الفارق الكبير في التطبيق. فشل عبد الناصر في تصدير الثورة، وعندما قامت الوحدة بين مصر وسوريا على أساس إيديولوجيا العروبة وبناء صرح القومية، أخفق الرئيس المصري، ولم تدم الوحدة أكثر من عدة أشهر. لماذا نبتعد كثيرًا والأخوة الأعداء في السعودية قاموا بتصدير الوهابية والإرهابية والزلطية وفشلوا فشلاً ذريعًا. اليابان فهمت أن التصدير الإيديولوجي كالتصدير العسكري كارثة الكوارث، فعلقت القيم الكونفوشيوسية في الخزانة لأنها لم تعد قيم زمننا، لم تعد تناسب تكنولوجيا عصرنا، لم تعد تنافس تكنولوجيا عصرنا. القيم الخمينية ربما كانت قيم الإنسان، فلنتركه يغترف منها ما يشاء، لكنها لم تعد قيم العصر.

ومع ذلك

سأعمل على تصدير الثورة الإسلامية بشكل عقلاني إرضاءً للملالي، وأحقق أمنية هذا الرجل العظيم بنظري الذي اسمه الخميني بطريقتي العملية البراغماتية التي يعرفها القاصي قبل الداني: الحل هو فاتيكان مكة والمدينة الذي كتبت فيه عشرات الصفحات، والذي سيكون فاتيكان مكة والمدينة والنجف والكوفة! بهذا الصرح الشامخ، يتم تصدير الثورة إلى كل مكان من بلاد العرب وغير العرب بلاد الإسلام وغير الإسلام، إلى مليار مسلم في العالم، تحت إدارة مجلس من فقهاء الشيعة وفقهاء السنة، يتبادلون الرئاسة عليه، وانتهى الإشكال.

*

مثلما عملت

على تصدير الثورة الإسلامية إلى مليار مسلم بعد عصرنتها، سأعمل على تصدير الثورة الأمريكية إلى المليار المسلم هذا انطلاقًا من شعوب الشرق الأوسط، فما ينطبق على الخاص ينطبق على العام، بروح البراغماتي التي لي، والتي هي روح الأمركة. لن أشط عن الموضوع على شاكلة كبار اللسانيين في الغرب، عندما يتكلمون سياسة، من أمثال تودوروف وتشومسكي، فيرقعوننا خطابًا –كدت أقول خطبة- في الأخلاق عن الديمقراطية، كيف كانت، وكيف تكون، وكيف ستكون، تحت هيمنة الأمركة، أو الأمريكانية، وكل هذا إنشائية في إنشائية. ولن أترك نفسي نهب الهموم النفسية والإسهالية التي تسببها الأمركة للمفكرين العرب، وكأنها كارثة الكوارث، ونهاية النهايات، بل سأفحصها بعين من كان على بصيرة مما يرى، كنظام قائم، بل وأكثر، كطريقة حياة، وبكل بساطة، يجب التعامل معها، دون أي شطط للسلوك أو للمخيلة.

أولاً

الأمركة، شئنا أم أبينا، ستكون نمط العيش الذي تفرضه سُنَّة الوسط المرافق للتطور. هذا لا يعني الاعتداء على القيم في جوهرها، كالقيم الدينية مثلاً، أو القيم الأخلاقية، أو القيم الإنسانية، أو غيرها، القيم المسيحية في أمريكا خير مثال على ذلك، كالقيم الإسلامية في ماليزيا، البلد الإسلامي الأول الذي ينط إلى أعلى درجات التطور التكنولوجي، والذي سينافس في هذا المجال مع العام 2020 أمريكا نفسها. القيم الأخلاقية تحميها الأسرة بروابطها الوثيقة، في أمريكا، في أوروبا، في اليابان، خاصة في اليابان، الياباني الذي علق كونفوشيوس في الخزانة، وارتدى الجينز، وأكل الهمبرغر، وشرب الكوكا كولا. القيم الإنسانية تبقى متجذرة في سلوك الأمريكان، في رؤى الفرنسيين، في أحلام الإنجليز، على الرغم من نمط العيش الذي يتحكم فيه اقتصاد السوق، قيم إنسانية تضاف إليها القيمة النقدية، والقيمة المادية، والقيمة الجنسية، إلى آخره، إلى آخره، إلى آخره، لكنها لا تلغيها.

ثانيًا

الأمركة، شاءت أم أبت، ترى العالم بعين الثروات العديدة، والأيدي الرخيصة، والأسواق الكثيرة، ولا علاقة هنا البتة بالتفوق الأمريكي على العربي أو الفارسي أو غيرهما، التفوق هو بالصدفة أمريكي، وكفى. الدليل على ذلك، التفوق الصيني، أو التفوق الهندي، أو التفوق الروسي، أو التفوق الفرنسي، إلى آخره، إلى آخره، إلى آخره، تفوق موجود، وهو تفوق يبقى في حدود المنافسة، ومن يقل المنافسة يعنِ تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ. ما أرمي إليه هو العمل من داخل هذه المنافسة، التي غدت جزءًا لا يتجزأ من مجتمعاتنا، وإن كنا نقف خارجها، وندفع لغيرنا الثمن باهظًا. والحال هذه، إذا كان "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان"، أريده أن يكون، أي الإنسان، ذئبًا نافعًا لأخيه الإنسان. هنا أعيد ما قلته مرارًا: الجيواستثمار هو الحل! بالجيواستثمار نضفي إلى الأمركة بعدًا اقتصاديًا جديدًا –لاحظ أنني لا أتكلم كباقي المتشدقين العرب وغير العرب فأقول "بعدًا إنسانيًا جديدًا" ويا هلا بالنشامى!- بالجيواستثمار إذن نضفي إلى الأمركة بعدًا اقتصاديًا جديدًا، وبعدًا ماليًا هائلاً: بتكنلجة الشرق الأوسط ستضاعف الشركات الأمريكية المتعددة الجنسيات أرباحها التي تبلغ 2000 مليار دولار في العام، وذلك في خطط عشرية ربما تدوم نصف قرن، فلا مصانع الأسلحة، ليس في أمريكا فقط بل في العالم أجمع، تأتي بِعُشرها، ولا مناجم الرعب من العربي أو الفارسي أو غيرهما، في أمريكا وفي الغرب، يلزم الحفر فيها للاتقاء بنيران فحمها من وحشيتنا الفطرية وهيمنتنا المتوَهَّمة، لأن خَيْرَ حامٍ للجميع تطورنا. وأنا هنا، لن أسوق ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية مثالاً، ولا اليابان، ولا كوريا الجنوبية. الصين التي نعرف اليوم نهضت على أكتاف الاستثمار الغربي، ولولا الصين التي نعرف اليوم لما كانت مديونية أمريكا بعشرات آلاف المليارات، بفضلها اليوم تعيش، وبفضلنا غدًا ستعيش، بعد أن تمحوها.

ثالثًا

الأمركة، يشاء التطور التكنولوجي لها -لأنها تجني ما زرعت يداها- أن تخضع لمتطلبات العصر في بلدها وفي بلدان نفوذها، وذلك بتأسيس الديمقراطية عندها وأينما تضع قدمها. بدون الديمقراطية، لن تكون هناك تكنولوجيا، وبالتالي لن تكون هناك أمركة، لن تكون هناك حركة كونية لصادراتها ووارداتها. لن تصدر نفسها بالإرهاب الذي جربته وفشلت، بالأنظمة القمعية التي جربتها وفشلت، بالحروب التي جربتها وفشلت. الديمقراطية التي أقصد، ليست "أبصق في لحيتك، واضحك في عبك!" الديمقراطية هي ديمقراطية الاقتصاد قبل ديمقراطية الإنسان، وبما أن الاقتصاد في يومنا هذا عماده التكنولوجيا، فالتكنولوجيا في أيدينا عامل ازدهار في أيديكم. ما أقوله ليس فذلكة في الكلام، إنه حتمية مِنْ صُنْعِ الأمركة. الأمركة كنمط إنتاج تفرض "الأيرنة" كنمط إنتاج، ليس بالضرورة على شاكلتها، لكن من الضروري أن يكونا هنا، أن يرفد أحدهما الآخر، أن يتكاملا.

*

ختمت القسم السابق بالجملة التالية: "الأمركة كنمط إنتاج تفرض "الأيرنة" كنمط إنتاج، ليس بالضرورة على شاكلتها، لكن من الضروري أن يكونا هنا، أن يرفد أحدهما الآخر، أن يتكاملا"، فكيف يتكامل هذان النمطان؟ كيف يرفد أحدهما الآخر؟ كيف يكونا هنا؟ لا بد لهما من ماكينة جبارة: قوس قزح. منذ أن بدأت أحكي عن قوس قزح إلى اليوم شهور طويلة مضت، نضجت خلالها في رأسي أفكار كثيرة حولها، أكثر موائمة لعصرنا، وللعصور القادمة، وأكثر فعالية، فهي ما أن تقوم حتى تقوم، نشاطاتها من نشاطات زمنها الذي لا ينفك عن التطور والتجدد.

مجموع أنظمة قوس قزح

يجب التفريق بين قوس قزح كمؤسسة خاصة وقوس قزح كمنفعة عامة. كمؤسسة خاصة يديرها مجلس خاص، وكمنفعة عامة يديرها مجلس عام. المجلس الخاص أنا على رأسه وأفراد أسرتي على شاكلة الأسرة الإيطالية "ميديسيز" في عصر النهضة، والمجلس العام على شاكلة كل المجالس العامة، يتشكل من عشرة أعضاء، يُنتخب رئيسٌ من بينهم، وهؤلاء الأعضاء العشرة، خمسة منهم يمثلون العواصم الخمس الفذة، طهران، الرياض، تل أبيب، القاهرة، الرباط، والخمسة الباقون يُختارون حسب كفاءاتهم العلمية بشكل دوري من ممثلينا (ممثلاتنا). سينبثق عن المجلسين، المجلس الخاص والمجلس العام، مجلس ثالث يجمعهما: المجلس المشترك. مجلس مخول بالبت في كافة المسائل التي تكلفه بها الجمعية العمومية. سيكون أعضاء الجمعية العمومية عند التأسيس ممثلينا (ممثلاتنا) في العالم، وبعد التأسيس بعض نواب في كل بلد من بلدان الشرق الأوسط، يتم انتخابهم حسبما جاء في ورقتي "الديمقراطية الجديدة". لن أنسى الإشارة إلى أن التعيين الفوقي التأسيسي لممثلينا (لممثلاتنا)، سيتحول إلى تعيين ديمقراطي دوري من لدن المجالس النيابية.

آلية عمل قوس قزح

لن تتعامل قوس قزح مع فدرالية أو كونفدرالية، كما كنت أقول في الماضي، بل ستحافظ كل دولة على استقلالها وخصوصيتها. ستتعامل قوس قزح مع مشاريع عامة تغطي كل الدول، فيكون الاتحاد ما بينها اتحادًا في المشروع الذي يشملها جميعًا، مع ترك حرية التصرف لكل دولة في الكيفية التي تنفذ بها هذا المشروع العام أو ذاك. أجد هذه الفكرة عبقرية جدًا، ومعاصرة جدًا، تتجاوز البيروقراطية التي يرزح تحت ثقلها الاتحاد الأوروبي، وأكثر من هذا، تحول دون صراع دائم بين سلطتين، سلطة الاتحاد الخارجية وسلطة الدولة الداخلية، كما أنها بذكاء حاد تترك المشاريع الخاصة بكل دولة شأنًا من شئونها الداخلية. المشاريع الجبارة من مهمات قوس قزح، هي من تنفذ قرارات الجمعية العمومية بخصوصها. تنفيذ يذهب باتجاهين، اتجاه المستثمرين في العالم، واتجاه الحكومات المحلية. لهذين الاتجاهين شرطان: المال والديمقراطية. المال نعرف من أين نأتي به، الديمقراطية ستكون، أول ما تكون، بقيام النظام العلماني في كل الدول العربية باستثناء إيران. لماذا أستثني إيران؟ لأن إيران سترى النجاح الذي نحرزه في العراق، فالسيستاني، أعلى مرجعية شيعية، لا يرى أي مانع هناك. وكذلك، عملاً بشعار قوس قزح الذي اقتبسته عن مؤسسة "ميديسيز": أَسْرِعْ ببطء! الاستثمار سيكون هو كذلك عامًا وخاصًا، هناك استثمارات خاصة "تخص" كل بلد، وهناك استثمارات عامة "يختص" بها كل بلد: تصدير التكنولوجيا في طهران إلى كل بلدان الشرق الأوسط، تصدير الرأسمال في الرياض إلى كل بلدان الشرق الأوسط، تصدير الصناعة في تل أبيب إلى كل بلدان الشرق الأوسط، تصدير الزراعة في القاهرة إلى كل بلدان الشرق الأوسط، تصدير الثقافة في الرباط إلى كل بلدان الشرق الأوسط. الكيفية ستشرف عليها دولتنا التي بدون دولة، لتكون كل هذه الانتاجات البنيوية التحتية كقدح الزند، فندشن بذلك جسرًا جديدًا خلاقًا كنظام إلى ما بعد مرتين الحداثة!

آلية عمل ممثلي قوس قزح

لسفرائنا (لسفيراتنا) في البلدان العربية مهمة كبرى، ألا وهي تأسيس النظام العلماني بالتعاون مع النظام القديم، وبانتظار كتابة قوس قزح لدستور عام للجميع، تضاف إليه البنود الخاصة بكل بلد، تشرف عليها لجنة قانونية يرأسها ممثلنا (ممثلتنا). من مهمة ممثلينا (ممثلاتنا) كذلك، تأسيس منظمات المجتمع المدني التي ستكون الأساس لانتخابات حرة بدون أي ضغط إيديولوجي أو أي تحريك إعلامي، كما جاء في ورقتي "الديمقراطية الجديدة"، وهذا لأول مرة في التاريخ الحديث. لسفرائنا (لسفيراتنا) في بلدان العالم مهمات عديدة إعلامية، استثمارية، اختراقية -أستعمل هذا المصطلح بمعناه الإيجابي- في اقتصادات البلدان التي هم فيها. بخصوص أمريكا والغرب، فتح حدودنا لهما، تحت كافة المعاني. أعني بذلك، بوضوح أكثر ما يكون عليه الوضوح، ألا نصبح كابوسًا للغرب ولأمريكا كالصين نموذجًا منافسًا لأمريكا وللغرب في عقر دارهما، بل أن نكون نموذجًا متكاملاً والنموذج الأمريكي والغربي، وهمنا، إن كان هناك استغلال، ولا بد أن يكون هناك استغلال ليكون هناك ازدهار، أقولها بعين المحلل الموضوعي وقد غدا الاستغلال شرًا لا بد منه! إن كان هناك استغلال، أن يكون استغلالاً أقل. كان نابليون يقول، وهو يحرق أوروبا بحروبه: أريد لأوروبا الازدهار! وأنا المتواضع المسالم السلمي الذي لا يؤذي نملة أقول: إذا ما كانت هناك حرب أشنها في الشرق الأوسط من أجل ازدهاره، فهي حرب ضد البؤس، حرب ضد التخلف، حرب ضد الجهل، من أجل مجد العالم.





























































الورقة الثالثة والثلاثون: ماخور

في روايتي "النقيض"

كانت أمي عاهرة، تتزوق كل ليلة، وتتعطر، وترتدي أجمل الثياب، فنقف على باب بيتها، أنا وإخوتي، لنستقبل زبائنها من الأوغاد والأشراف. كانوا يدخلون عليها واحدًا واحدًا، فيقبلون قدمها، ويخرجون. لم تكن الدنيا خرابًا كما هي عليه اليوم، وفي الماخور هذه هي حال أمي، ولم تكن أنت، أيها القارئ المقرن، خراب نفسك كما أنت عليه اليوم، وفي الماخور هذه هي حالك. كان من بين زبائنها حكام العالم الذين تركلهم أمي بقدمها، وكان من بين البين الرئيس كندي الذي كان يريد أكثر من قدمها، فرجها، بطنها، ثديها، ولم يكن يفلح. الرئيس ترامب اليوم نجح في تغيير الوضع، عندما نقل بيت البغاء الذي كان لأمي إلى القدس، وجعل منا، أنا وأخوتي، قوادين لنا حقنا في حياة عادية، وعندما لم يكتف بتقبيل قدم أمي، بل بقذف منيه على وجهها، وشتمها، وضربها، كما كان يفعل أبي، كلما كان يدخل عليها، ونحن نسمع صرخات نكاحها، ونطأطئ الرأس أذلاء صاغرين.

اليوم

السفارة الأمريكية هي بيت البغاء الذي لأمي، والقدس الشريف هي ماخور العالم، فأين الشرف وكل القذرين هم الأشراف والأوغاد، أولهم الحكام العرب الذين هم البرهان القاطع على الجوهرية الماخورية. ولمن لا يعرف ما هي الجوهرية، الجوهرية نظرية فلسفية تقر أن الجوهر يسبق الوجود، فالحكام العرب، جوهرهم السافل يسبق وجودهم السافل، ولولا جوهرهم السافل لما كان وجودهم السافل، لما كان الرئيس ترامب رئيسًا يتحكم في عجلة ثقوبهم، لما كان البصاق أغلى من قذفه على وجوههم، لما كانت البربرية كريمة قبلهم، وشحيحة بعدهم، جميلة قبلهم، وشنيعة بعدهم، رفيعة قبلهم، ووضيعة بعدهم، خلاقة، تواقة، قوادة أكثر منا أنا وإخوتي، ونحن نُدخلهم واحدًا واحدًا على أمنا في السفارة الأمريكية، ليس بعيدًا عن الحرم القدسي.

هذا يعني

أن الأمر مع بيغاليتهم انتهى بهم نهاية طبيعية، وأن كلامي لا يبالغ في وصفهم، ولا يبقى كلامي في حدود اللغة، فالبدائل السياسية والاقتصادية والثقافية تطرح نفسها بحدة أكثر من أي وقت مضى. وهذا يعني أننا اليوم نعيش لحظتين تنفي إحداهما الأخرى، وتؤشران في آن واحد إلى الزمن الجديد الذي ينبثق من مشروعي الوجودي.

قرار الرئيس الأمريكي

بمثابة قصف الرعد الذي سيقصم ظهره، فما أن يزول الدوي حتى يتواصل التحقيق الجاري لخلعه. الشيء نفسه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في قضايا الفساد التي تلاحقه كأي مجرم، فما أن يجرف الموج الرمل تحت أقدام البرابرة القدامى كالجدد حتى يلقى بهم في السجون، ويشخ التاريخ عليهم. كل ما يدور لتأجيل الاستحقاق، ومسألة القدس تبقى عالقة إلى الأبد، كعاصمة أبدية، أو، كعاصمة بيغالية، أقول عالقة إلى الأبد مسألة القدس، مسألة القدس تبقى مسألة الشعبين المقدسة، مسألة الشعب الفلسطيني أولاً وقبل كل شيء، مسألة زيتون البلاد على جبل الزيتون، وصحون الحمص والفول في شارع صلاح الدين، ومشاويري أنا وأبي في أزقتها القديمة يوم كان منفيًا فيها، مسألة القدس تبقى القرار الذي تتخذه هي، فهي على الأرض بيهودها وعربها اتخذت قرارها، لأنها عاصمة الدولتين، لو شاء البيت الأبيض أم أبى، والبيت الأبيض بقوس قزح سيشاء.




















الورقة الرابعة والثلاثون: أمريكا وإيران فلنتكلم اقتصاد

لنقل السفارة الأمريكية

إلى القدس أسباب سياسية تغطي الأسباب الاقتصادية التي يغفل الكثير، إن لم يكن الجميع، عنها. بعد انتهاء الحرب في العراق، وانتهاء الحرب في سوريا، وانتهاء الإرهاب، وقد تم الإنهاء على داعش، فأين الذرائع؟ وعما قريب انتهاء الحرب في اليمن، وفي ليبيا، وحتى في الصومال، تعمل الإدارة الأمريكية على إيهام العالم بأن التوتر لم يزل في الشرق الأوسط، وبالتالي عدم الاستقرار، وعدم الاستقرار يعني تهديد المصالح الأمريكية، وليس المصالح الأمريكية فقط بل والمصالح العالمية، وما يعني اليعني، أزمة مالية على وشك الوقوع، فكان افتعال أزمة قطر، ثم افتعال أزمة الحريري، واليوم افتعال أزمة السفارة الأمريكية، وكل هذه الحملة الإعلامية العالمية عن ردود الفعل في شرق الشرق الأوسط وغربه وشماله وجنوبه وفي قلبه ما هي إلا لخدمة الهدف الأمريكي، وكل هؤلاء الغاضبين عن حق وحقيق الذين يريدون إعادتنا إلى زمن الانتفاضات اللامجدية ما هم –عن علم أو جهل وغالبًا عن جهل- إلا لخدمة الاحتياطي الفدرالي.

على الرغم من تجارة السلاح

يبقى العجز التجاري الأمريكي ضخمًا، وبعد انتهاء الحروب الشرق أوسطية، وانحسار تجارة السلاح، سيزداد هذا العجز، وسيجد الاحتياطي الأمريكي نفسه مضطرًا إلى رفع سعر قيمة الفوائد، بما أن هناك أزمة سيولة، وفي الأفق انهيار العقود الاشتقاقية، وتخلف المستدينين بدين متغير عن الدفع. لهذا، نقل السفارة الأمريكية في هذا الظرف بالذات، وفي هذا الجو العربي-الإسلامي "المهدد" للمصالح الأمريكية والمصالح العالمية، سيكون التمويل بين البنوك، وهي تعلق سياسة التكتل بين بعضها ضد بعضها تحت رداء التنافس، وذلك للحيلولة دون نقص قيمة الأصول، ودون انهيار قيم الوول ستريت، وخاصة دون اضطرار الاحتياطي الأمريكي إلى رفع سعر قيمة الفوائد ليحافظ على العجز التجاري، وإن استطاع تخفيضه.

لنلاحظ أن آلية التمويل

يمكن أن تمضي دون آلية التهويل، لكن الازدهار الاقتصادي الخجول لن يغطي التمويل، وشبح الركود الاقتصادي الذي يتجول في الأسواق بكل حرية، والسيولة المالية مع انخفاض القيم، وضعف قيمة النقود، ليس في الولايات المتحدة فقط بل وفي العالم، وليس في مجال اقتصادي فقط بل وفي كل المجالات الاقتصادية. التهويل إذن سيدفع البنوك إلى التمويل ما بينها، إلا أن هذا التمويل لن يكون إلا بتمويل –إذا أحسنت القول- وهذا هو الوضع الاقتصادي الأمريكي كما وصفت، فيستدير الأمريكان نحو مناطق نفوذهم، منطقة النفط أولاها، ولا بد من نهبها أن يمضي بعدم استقرارها السياسي (نقل السفارة الأمريكية)، وعدم استقرارها الاقتصادي (تخفيض سعر النفط)، عدم استقرار إيران قبل السعودية قبل باقي بلدان الخليج المصدرة للنفط. ستكون الخطوة التالية ليس حل المشكل الفلسطيني-الإسرائيلي بالتي هي أوسخ، بل نسف أسعار البترول، فتدفع البنوك الأمريكية أقل لتكسب أكثر. وعند ذلك، يكون بإمكانها إنجاز التمويل ما بينها، لإنجاز ما كان يختفي من وراء كل هذا المسرح الترامبي: تخفيض العجز التجاري.

بينما تخفيض العجز التجاري الأمريكي

يمكن أن يتم ليس بتمويل البنوك ما بينها، بل بفصل بنوك الحسابات عن بنوك الاستثمار، بتأميم بنوك كل يوم، وتنشيط بنوك كل نقد، تحت قيادة الورقة الخضراء. هذا التنشيط، أو، التفعيل، يكون بالتكامل الاقتصادي الذي يدعو إليه مشروعي الشرق أوسطي، بين أمريكا وإيران وباقي دول المنطقة. بكلام آخر، بقيام اقتصاد بالفعل لا بالقوة، اقتصاد غير افتراضي وغير مضارباتي، اقتصاد غير مهدِّد وغير مهدَّد، وبسياسة حقيقية ليس عمادها التهويل، ليست عمادها المناورة، نقل سفارة، أو، هدم عمارة، ليس عمادها التلاعب بضمائر الناس، بمشاعرهم، بأمانيهم.












الورقة الخامسة والثلاثون: الاتفاق الاقتصادي والتجاري بين إيران وأمريكا

الاندماج في الاقتصاد العالمي

يجسد الاتفاق الاقتصادي والتجاري الالتزام المشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية ودول الشرق الأوسط لصالح التجارة الحرة والعادلة ضمن شراكة ديناميكية تركز على المستقبل. إنه اتفاق التجارة الحديثة التجارة التقدمية الذي من شأنه تعزيز النشاطين التجاري والاقتصادي، ولكن أيضًا تعزيز قيمنا الكونية والدفاع عن مفاهيمنا المشتركة حول الحكم في المجتمع. فالاتفاق الاقتصادي والتجاري يفتح صفحة جديدة للتعامل بين الدول، يوجب فتحها وقتنا بكل طموحاته وأمانيه، كما ويخلق فرصًا جديدة لا تعد ولا تحصى في التجارة والاستثمار ينعم بها المواطنون الإيرانيون والأمريكيون وسائر شعوب المنطقة، فضلاً عن إحلال القيم الأساسية التي نعتز بها محل قيم الطائفية والعنصرية والدينوية وباقي آفات مجتمعات القرون الوسطى. ونود على وجه الخصوص أن نُذَكِّر بما يلي:

إن الاندماج في الاقتصاد العالمي هو مصدر الرخاء لمواطنينا، وإيمانًا منا بذلك، نحن ملتزمون التزامًا مكينًا بالتجارة الحرة والنزيهة التي يجب أن تعم فوائدها لتشمل فئات واسعة من مجتمعاتنا بقدر الإمكان. وتتمثل أهدافنا في زيادة رفاه الإيرانيين كرفاه الأمريكيين وسائر شعوب المنطقة من خلال دعم الوظائف وخلق نمو اقتصادي دائم -تعترف إيران وأمريكا ودول الشرق الأوسط بأهمية الحقوق المدنية والقوانين التي تخدم المصلحة العامة والمسجلة في الاتفاق– كما ويجب أن تكون الأنشطة الاقتصادية في إطار قوانين واضحة وشفافة، وتقوم على قواعد لا تقل وضوحًا وشفافية، تحددها السلطات العامة.

لذلك، ستحتفظ إيران ودول الشرق الأوسط وأمريكا بالقدرة على تحقيق أهدافها السياسية العامة المشروعة التي تحددها مؤسساتها في مجالات كثيرة مثل الصحة العامة والخدمات الاجتماعية والتربية والتعليم والسِّلم المدني والبيئة والأخلاق العامة وحماية الحياة الخاصة وحماية الحريات، فضلاً عن تعزيز التنوع الثقافي وحمايته. سيقوي الاتفاق الاقتصادي والتجاري من معاييرنا ولوائحنا فيما يتعلق بسلامة الأغذية، وسلامة المنتجات، وحماية المستهلك، أو الصحة، أو البيئة، أو حماية العمل. كما يجب على السلع المستوردة، وعلى الموردين والخدمات والمستثمرين، كل هذا وذاك، أن يستمر في الامتثال للمتطلبات المفروضة على الجميع، بما في ذلك القواعد والقوانين والأنظمة المعمول بها. إيران ودول الشرق الأوسط من جهة، وأمريكا من جهة أخرى، تثمن من جديد الالتزامات التي قطعتها على نفسها في التدابير الاحترازية بموجب الاتفاقات الدولية. وهذا الاتفاق يحدد بوضوح ودون لبس موقف الموقعين عليه، كما جاء في المادة 31 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، وذلك بخصوص تأثير الاتفاق الاقتصادي والتجاري في قدرة حكومة إيران وباقي حكومات الشرق الأوسط والإدارة الأمريكية على تنظيم المصلحة العامة، فضلاً عن الأحكام المتعلقة بالحمايات والاستثمار، وتسوية النزاعات، والتنمية الدائمة، وحقوق الإنسان والعمال، وحماية البيئة.

يحافظ الاتفاق الاقتصادي والتجاري على قدرة إيران ودول الشرق الأوسط وكذلك الولايات المتحدة، واعتماد وتطبيق قوانينها وأنظمتها الخاصة بها لتنظيم الأنشطة الاقتصادية من أجل المصلحة العامة، لتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة، والأهداف الداخلية العامة، مثل حماية وتعزيز الصحة العامة، والخدمات الاجتماعية، والتعليم العام، والسِّلم المدني، والبيئة، والأخلاق العامة، والضمان الاجتماعي، وحماية المستهلكين، وحماية الخصوصية الفردية، وحماية حرية الرأي، وكذلك تعزيز التنوع الثقافي وحمايته.

حقوق والتزامات

يوفر الاتفاق الاقتصادي والتجاري بين إيران وأمريكا كل ما يلزم لتسهيل التعاون بين سلطات البلدين، والهدف من ذلك هو تحسين الجهاز الإداري وجودته، وزيادة كفاءة استخدام الموارد الإدارية. وسيكون هذا التعاون على أساس طوعي، كما يجوز لسلطات البلدين اختيار التعاون بكل حرية دون أن تكون إيران مقيدة أو أمريكا، ودون أن تضطر الواحدة أو الأخرى إلى التنفيذ عن إجبار بل عن اختيار، وذلك حسب البنود التالية:

(أ) تؤكد إيران ودول الشرق الأوسط وأمريكا على حق الحكومات، وذلك على جميع المستويات، في دعم الخدمات التي تعتبرها خدمات عامة، وفي مجالات عديدة مثل الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والإسكان وتعميم الكهرباء وتوزيع المياه إلى آخره.
(ب) لن يمنع الاتفاق الاقتصادي والتجاري الحكومات من تحديد وتنظيم أحكام هذه الخدمات التي تخدم المصلحة العامة. كذلك لن تجبر الوكالة الدولية للطاقة النووية الحكومات على الخصخصة، ولن تمنعهم من توسيع نطاق الخدمات التي تقدمها للجمهور.
(ج) لن يمنع الاتفاق الاقتصادي والتجاري الحكومات من تقديم خدمات يوفرها موردون من القطاع الخاص، كما أنه لن يقيدهم أو يربطهم بالقطاع العام، فليس هناك شيء اسمه لا رجعة فيه في مجال الخدمات التجارية.

قواعد الاستثمار

(أ) يضع الاتفاق الاقتصادي والتجاري نصب عينيه قواعد الاستثمار الحديثة التي تحافظ على حق الحكومات في إدارة بلدانها من أجل المصلحة العامة، وذلك عندما يتعلق الأمر بالاستثمار الأجنبي، مع ضمان مستوى عال من حماية الاستثمار، وتوفير إجراءات عادلة وشفافة ترمي إلى تسوية النزاعات. لن يؤدي الاتفاق الاقتصادي والتجاري إلى معاملة المستثمرين الأجانب معاملة أكثر موائمة من المستثمرين المحليين، فالاتفاق الاقتصادي والتجاري لن يرغم أحدًا على اللجوء إلى محاكم الاستثمارات القضائية التي سينشئها، لأن المستثمرين أحرار في اختيار محاكمهم الوطنية.
(ب) ينص قانون التجارة الدولية على أن للحكومات حق تعديل تشريعاتها، شرط ألا تكون لهذه التعديلات آثار سلبية على الاستثمار أو على توقعات الربح للمستثمر. بالإضافة إلى ذلك، يحدد الاتفاق الاقتصادي والتجاري، بخصوص أي تعويض، استناد المستثمر إلى القرار الموضوعي الذي تتخذه المحكمة، وإلى كون التعويض لن يكون أكبر من الخسارة التي يتكبدها المستثمر.
(ج) تضع اللجنة الأمريكية للتجارة الدولية معايير محددة بوضوح لحماية الاستثمار، بما في ذلك المعاملة العادلة والمنصفة ومصادرة الملكية، وتوفر المحاكم لتسوية النزاعات بتوجيهات واضحة في هذا الموضوع، كيف ينبغي تطبيق هذه التوجيهات، وحسب أية معايير.
(د) بموجب الاتفاق الاقتصادي والتجاري، يجب أن تكون للشركات علاقات اقتصادية حقيقية باقتصاد إيران أو اقتصاد الولايات المتحدة للاستفادة من الاتفاق. وبخصوص الشركات التي أنشئت في إيران وأمريكا قبل الاتفاق، لا يمكن للمستثمرين من بلدان أخرى، في حالة ما كان هناك خلاف ما معها، رفع دعوى ضد أمريكا أو إيران –ومن يقل إيران يعن دول الشرق الأوسط- بل تكون المقاضاة ضد هذه الشركات نفسها. هذا ويطلب من إيران وأمريكا أن تدرسا، بشكل منتظم، مضمون الالتزام بتوفير معاملة عادلة ومنصفة من أجل ضمان أن يكون ذلك وفقًا لنواياهما (خاصة كما هو مبين في هذا الاتفاق) ووفقًا لرغباتهما.
(ه) أن تحترم المحاكم، في جميع الظروف والأحوال، نوايا كافة الأطراف المعنية، فالاتفاق الاقتصادي والتجاري يحتوي على أحكام تأذن لكافة الأطراف بإصدار مذكرات تفسيرية ملزمة، وتتعهد إيران وأمريكا ودول الشرق الأوسط بتطبيق هذه الأحكام.
(و) يدير الاتفاق الاقتصادي والتجاري ظهره للنهج التقليدي في تسوية النزاعات على الاستثمارات، وينشئ محاكم مستقلة ونزيهة ودائمة في هذا المجال، مستوحاة من مبادئ النظم القضائية العامة في الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وكذلك من مبادئ الهيئات القضائية الدولية مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. نتيجة لذلك، سيكون لأعضاء هذه المحاكم المؤهلات المطلوبة في بلديهم لتعيينهم في وظائفهم، ولفترة يحددها البلدان. هذا وسيتم الاستماع إلى القضايا من قبل ثلاثة أعضاء يتم اختيارهم دون محاباة، حسب معايير أخلاقية صارمة، غايتها الاستقلال والنزاهة، وعدم وجود أية تضارب في المصالح أو أي تحيز أو حتى أي إظهار للتحيز. ستبدأ الولايات المتحدة وإيران فورًا بالعمل على تحديد قواعد السلوك لضمان نزاهة أعضاء المحاكم، وأسلوبهم، ومستواهم، ومكافآتهم، والعملية التي يتم فيها اختيارهم، وذلك قبل أن يبدأ تنفيذ الاتفاق الاقتصادي والتجاري.
(ز) الاتفاق الاقتصادي والتجاري بين واشنطن وطهران هو الاتفاق الأول لتوفير آلية الاستئناف القضائي، وهو الاتفاق الذي يكفل اتساق قرارات المحكمة الابتدائية.
(ح) تتعهد أمريكا وإيران وضمنيًا الدول الشرق أوسطية بالعمل بجميع قواعد الاستثمار هذه، وبالحرص على معالجة أي خلل في الوقت المناسب، أو أي قصور في المستقبل، وبالبحث عن سبل تحسينها بشكل دائم.
(ط) يمثل الاتفاق الاقتصادي والتجاري تغييرًا كبيرًا ومثيرًا في الاستثمارات وتسوية النزاعات، فهو يضع الأساس لنهج في العمل متعدد الأطراف، والهدف هو تطوير هذا النهج الجديد في تسوية النزاعات، عن طريق إنشاء محكمة استثمار متعددة الأطراف، وستعمل الولايات المتحدة وإيران بسرعة على إنشاء هذه المحكمة ذات النظام الواحد للبلدين، لتحل فورًا محل الأنظمة الثنائية، وتكون مفتوحة تمامًا للانضمام من قبل أي بلد يريد المشاركة في مبادئ المحكمة الأساسية.

التعهدات والضمانات

(أ) في إطار الاتفاق الاقتصادي والتجاري، تتعهد أمريكا وإيران وباقي الدول الشرق أوسطية بتحسين تشريعاتها وسياساتها، وذلك لضمان مستويات عالية من حماية العمال، فهي لا يمكنها التساهل في هذا الأمر، من أجل تحفيز التجارة وجذب الاستثمار. بالتزامها هذا، يمكن للحكومات معالجة كافة الانتهاكات، سواء كانت لها آثار سلبية أو لم تكن على استثمارات المستثمر والأرباح المتوقع الحصول عليها. وللتنويه بأهمية الاتفاق الاقتصادي والتجاري يجدر الإشارة إلى أنه لا يغير شيئًا من حقوق العمال عند التفاوض، وعند تنفيذ الاتفاقات الجماعية، أو عند اتخاذ الإجراءات الجماعية.
(ب) في إطار الاتفاقية الدولية للتجارة الحرة، تتعهد إيران ودول الشرق الأوسط وأمريكا بالتصديق على الاتفاقيات الأساسية وتنفيذها على نحو فعال في إطار منظمة العمل الدولية.
(ج) يوفر الاتفاق الاقتصادي والتجاري للولايات المتحدة الأمريكية وإيران –ومن يقل إيران يعن الشرق الأوسط- الإطار اللازم للتعاون بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك من خلال مشاركةِ منظمة العمل الدولية، وللحوار الدائم مع منظمات المجتمع المدني، وذلك لضمان تحفيز الاتفاق الاقتصادي والتجاري والتجارة والاستثمار بطريقة تفيد العمال وتدعم التدابير اللازمة من أجل حماية العمل.

التجارة والاقتصاد

دعم المشاريع الصغيرة الحجم والمتوسطة، ليكون بمقدورها تلبية طلبات الزبائن، وستكون تكاليف هذا الدعم بمثابة التحدي المستمر، بينما يقدم الاتفاق الاقتصادي والتجاري الجواب لحل هذه المشكلة كما يلي: عن طريق السماح لجميع السلع المصنعة بتصديرها معفاة من الرسوم الجمركية؛ عن طريق تقليل أوقات المراقبة على الحدود والتفتيش، مما يجعل حركة البضائع أرخص وأسرع وأكثر فاعلية وأكثر كفاءة؛ عن طريق إنتاج المنتجات حسب المعايير الأمريكية والإيرانية والعكس بالعكس. إضافة إلى ذلك، تسهيل عمل ممثلي الخدمات أمثال العاملين على افتكاك العقود والمهنيين المستقلين والزوار من المستثمرين الذين يقومون برحلات عمل قصيرة، بحيث يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة تلبية المزيد من طلبات زبائنها، وبالتالي تحقيق زيادة كبيرة في مشاريعها الصغيرة الحجم والمتوسطة، سواء كان ذلك على مستوى المشتريات الحكومية أو على مستوى المشتريات المركزية وشبه المركزية والمحلية. ولسوف يستفيد المزارعون أيضًا من سهولة الوصول إلى الأسواق، ومن استغلال أفضل فرص المبيعات، بما في ذلك المنتجات ذات الجودة المحددة. التركيز على المشاريع الصغيرة الحجم والمتوسطة أفقيًا في البنى الاقتصادية أهم من ضروري لنجاح المشاريع العملاقة عموديًا في التحديث الشامل الذي سيحرث إيران حرثًا برمتها والشرق الأوسط من أقصاه إلى أقصاه، عن طريق التكامل الاقتصادي بين إيران والشرق الأوسط وأمريكا، وذلك بالاندماج الاقتصادي الكامل، وإحلال مفهوم النفوذ الجيو استثماري محل مفهوم النفوذ الجيو سياسي أو الجيو عسكري، مما يعني أننا لا نعرف أين يبدأ "التوريش" وأين ينتهي، فبالتوريش نبني مستقبل الشرق الأوسط من نيويورك، ونحول دون أزمة مالية ساحقة تهدم ناطحات سحابها من طهران.











































الورقة السادسة والثلاثون: كلماتي إلى جان نصار

أوهمتني القدسُ بكونِكَ لم تزلْ حيا

مدينةُ الخداعِ هي القدس

الثعالبُ فيها صورٌ عنها

مدينةُ الوداعِ والخراب

الموتُ فيها كائنٌ يسعى

سفينةٌ بلا شراع

نورسٌ بلا جناح

سمكُ قرشٍ بلا ذراع

موجةٌ تنوح

موجةٌ تجوع

موجةٌ تعض

البحرُ فيها حجرٌ أعمى

خِنْجَرٌ يطعنُ الرياح

التاريخُ فيها مومسٌ أغلى

من كلِّ الأديان

من كلِّ الظلال

التي خانتها أجسادُها

خيانةَ جسدِكَ لِظِلِّك

الباقي معي

فلا يترُكُني الابتسام

بعدَ آخرِ ضحكة

لم تزلْ تقضُمُ حَلَمَةَ امرأةٍ حبلى

منكَ ومني

حبلى المرأةُ من كلينا

لتغارَ القدسُ

لتغادرَ بَدَلَكَ إلى الجحيم

القدسُ في الجحيمِ أحلى















الورقة السابعة والثلاثون: المظاهرات في إيران هذا ما توقعت!

مدينة مشهد

تشهد على ما قلته للأشقاء الإيرانيين: عظمة إيران في اقتصادها لا في حرابها، عظمة إيران في استثماراتها لا في حروبها، عظمة إيران في تصدير ثروتها لا في تصدير ثورتها، في بلد خارج من إست التاريخ اسمه سوريا أو في ثان اسمه لبنان ليس موجودًا على الخارطة أو في ثالث اسمه العراق منذ حمورابي لم يجد هوية أخرى غير دجلة والفرات بين أفخاذ نسائه. هذه البلدان نريدها أن تقف على أقدامها نعم اعتمادًا منها على إيران معاصرة بأتم معنى الكلمة في بلدها، وليس على إيران يتظاهر مواطنوها احتجاجًا على ارتفاع أسعار رغيف الخبز والبندورة والخيار، فما بالك كنادر الأولاد ووسائل النقل والكافيار! هل يُعْقَلُ أن يفكر إيراني واحد أنه فقير في بلد هو ثاني أكبر مُصَدِّر للنفط والغاز في العالم؟ هل يحلم الخيام بألا يجد أقرانه عملاً في القرن الحادي والعشرين؟ هل يكون الحاكم عند حسن الظن به وفي الليل يسهر المرضى دون دواء؟ روحاني تراجع عن إصلاحاته المدنية لأنه من بين ما يريد، وما يريد لا يريده الإيرانيون، إعادة الكهرباء إلى سوريا، تريليون سيدفع، مقابل تريليون سيدفعها بوتين، كيف والحال هذه لا يصرخ الإيرانيون "انسحبوا من سوريا وفكروا فينا"!

سياسة

مواقع النفوذ التي توارثها الغرب منذ "مالطا" وأورثنا إياها سياسة لم تعد تماشي عصرنا، سياسة اهترأت كأساس للاقتصاد، اليوم الاقتصاد كأساس للسياسة، لهذا جئت بمشروعي الجبار "قوس قزح"، لتغيير وجه الشرق الأوسط، لتغيير وجه العالم. باستراتيجية الجيو استثمار ننهض بإيران، وننهض بأمريكا، وننهض بباقي دول المنطقة والعالم. بتأسيس محاور العواصم الخمس الفذة (طهران للتكنولوجيا، الرياض للمال، تل أبيب للصناعة، القاهرة للزراعة، الرباط للثقافة) نبني الشرق الأوسط والعالم، وندشن لطريقة جديدة في إدارة شئون العالم، تحت إشراف قوس قزح بمشاريعها الاستثمارية الجبارة، وقد حل الاقتصاد محل السياسة، فانظروا بالله عليكم هيئة الأمم التي اهترأت، والتي لم تعد على "الموضة" اليوم. الموضة اليوم تتطلب مؤسسة اقتصادية دولية، تحل مشاكل العالم الاقتصادية، مشاكله الاقتصادية التي هي مشاكله المصيرية، قوس قزح بممثليها في سائر عواصم العالم، وبوفود عواصم العالم لديها في مقرها الأساسي في لندن.

ابنتي الصغرى

موجودة الآن في طهران للمعالجة، فانظروا عندما تكون طهران قِبلة للصحة، بنورها تطفئ باريس، لندن، نيويورك! ابنتي الصغرى أبدت ملاحظات ثلاث: إيران نظيفة ليست كالجزائر قذرة، على الرغم من كون الاثنتين بلدًا ليس متطورًا. نساء إيران يرمين على رؤوسهن الوشاح، ويتركن الحرير كالحور ينثال على أكتافهن انثيالاً. الإيرانيون حَفِيُّون كرماء من أطيب الناس، أحرار في رؤوسهم، قادرون على أن يكونوا للحضارة ركنًا. إنها الطاقة الكامنة الأخرى التي لإيران، البشرية، فماذا ينتظر حكامها؟

قبل أن أبدأ

بتطوير "مشروعي الإيراني"، وأنخرط في سلك أسلاكه، كنت أعتقد أن إيران هي التي تركض من ورائي، وبالتالي، كنت أعتقد أن عملنا أمر مفروغ منه، كنت أعتقد أن هناك قناعة بما أرسم على أعلى المستويات، وإذا بي أجدني أنا الذي أركض من وراء إيران! فإلى متى؟ اعتقال المتظاهرين لن يمنع غيرهم من التظاهر، واتهام طرف ثالث سلاح الضعيف، كما أن في الحديث عن "محاولات الأعداء" اعتداء على الذكاء الإيراني! الإيرانيون يريدون "إيران أولاً"، ليس بالمعنى الشوفيني كما هو لدى ترامب، بالمعنى الحياتي، معنى، المستقبل فيه، لا نريده أسود لأطفالنا، وهو سيكون أسود إن لم يفعل القادة الإيرانيون شيئًا آخر غير "الترغيب أو الترهيب"، طريقة لم تعد تنفع، وإن نفعت، فلوقت قليل. الشيء نفسه فيما يخص استراتيجية إيران في المنطقة، المحور الحربجي كارثة لن تقوم إيران منها بسلام. الذين يخدعون القادة الإيرانيين من أساطين الخطاب السائد المهترئ والمضلل يقولون "محور المقاومة" –يا سلام سلم!- التهويل ليس عادة من عاداتي، الترويع ليس أداة من أدواتي، الحلول نعم عادة من عاداتي وأداة من أدواتي، حلول خلاقة يجب أن تكون سريعة راديكالية غير عادية، ما أريده العمل على كل الجبهات التي نسيها أو شطبها أو أهملها أساطين التدليس، فأنا ومن هم معي جاهزون للعمل حالاً، وبشكل سريع.







الورقة الثامنة والثلاثون: إيران وهيئة أمم انتهى زمنها

المناقشات البيزنطية الفارغة

في مجلس الأمن حول إيران وما يجري فيها تؤكد وجهة نظري التي طرحتها في مقالي السابق حول هيئة الأمم المتحدة التي اهترأت وترهلت وغدت تنتمي إلى زمن غابر لا علاقة له بتاتًا بزمن حاضر، الاقتصادُ في صميمه، والسياسةُ على هامشه، يتصرف إمعاتها، حتى ولو كان الإمعات ممثلي دول عظمى، تصرف الذئاب في مأدبة اللئام، يَدَّعون التكلم بلغة العصر، بينما لا ينطقون بمنطقه، ولا يخضعون لقانونه، فمنطق عصرنا البناء، الاستثمار، إطعام العقول قبل الأفواه، وقانون عصرنا التحديث، التصنيع، إدراك الحقيقة قبل إدراك العين.

بسبب هذه القيمة الباطنة

قيمة يستمدها العصر من طبيعته الخاصة، على السياسة أن تتراجع إلى أبعد مكان تكون فيه السلطات الدولية، لتتقدم المعرفة التي قوامها الاقتصاد في المقام الأول والعلم والثقافة، ولتنشأ بحكمها وأحكامها علاقات دولية جديدة، تلتغي وإياها الصراعات "الديكية" بين الدول، وتزول معها مناطق النفوذ، فلا يبقى غير نفوذ المناطق، في حقول الاختصاص، كما قلت أكثر من مرة بخصوص الشرق الأوسط، عندما قمت بتقسيمه إلى خمس عواصم فذة: طهران للتكنولوجيا، الرياض للمال، تل أبيب للصناعة، القاهرة للزراعة، الرباط للثقافة. وكذلك، لا يبقى غير نفوذ هذه المناطق كمركز للعمل على مستوى العالم، فيندمج اقتصاد الشرق الأوسط اندماجًا كاملاً في الاقتصاد الأمريكي الذي لن يعود يشكل جدارًا بينه وبين اقتصاد الشرق الأوسط أو بينه وبين اقتصادات أخرى أوروبية أم روسية أم صينية أم غيرها.

بناء على ذلك

تكون قوس قزح التعبير الأكثر ملائمة لما يغله العصر، فهي بممثليها غير السياسيين في العالم، وبوفود دول العالم إلى مقرها الأساسي في لندن، وبالدور الدينامي لمقريها الفرعيين في باريس وواشنطن، سوف لا تعمل على حل المشاكل الاقتصادية في العالم بتطوير النظريات الاقتصادية فحسب، بل ستساهم مساهمة فعالة في خلق فرص الاستثمار والتوريش والتحديث والتعمير والبناء، فترقى بالدول بقوانين الاقتصاد المتطورة وأخلاقه الإنسانية لا بقوانين السياسة المتقهقرة وأخلاقها الحيوانية، أخلاق اقتصاد براغماتية ذات اتجاهين، اتجاه الخمسمائة أغنى أغنياء العالم والذين هم الحكام الفعليين للعالم، واتجاه الإنسانية جمعاء والتي هي البقرة الحلوب الفعلية لأغنى أغنياء العالم، فيغترف المستغَلُّونَ في صفقات المغبونين من "طنجرة" التقدم ما يكفي حاجتهم من "طبيخ" تكنولوجي، كحق تفرضه سُنَّة التقدم بقوة الأشياء لا بقوة الفقر والانتماء إلى دول. ونحن بذلك، نعود بالإنسانية إلى عهد الإمبراطوريات الاقتصادية، وقد جددنا هذا العهد بجديد الاقتصاد، وجديد الحريات، حرية التبادل التجاري أولى الحريات وحرية التنقل، وجديد الأنوار والألوان.

إنه الزمن الجديد

بما يفرض من تعامل جديد يستدعي تأسيس مؤسسة دولية جديدة، قوس قزح، قوس الألوان والأنوار، المال الإيراني سيكون بمثابة الدم الذي يتفجر في عروقها، لأجل الاقتصاد الإيراني أول اقتصاد، ولأجل باقي اقتصادات المنطقة، فاقتصادات العالم، كل اقتصاد فيما بعد بماله، وليس بالمال الإيراني فقط، عندما يتم التوصل فيها –أي الاقتصادات- وبها إلى إرساء دعائم عمل دولي جديد لحل مشاكل إيران والمنطقة والعالم، فلا يحتاج هذا العمل إيران إلى رفع ميزانية دفاعها إلى ستين بالمائة للعام 2018، تحرقها في الحروب، ولا يحتاج هذا الأداء دول المنطقة والعالم إلى ممارسة الخسة في السياسة ما بينها، على حساب الشعوب، على حساب آبار النفط والغاز والماء، على حساب الأحلام.















الورقة التاسعة والثلاثون: ملاحظاتي إلى حكام إيران

الملاحظة الأولى

تؤمن قوس قزح بالإصلاحات، بينما لم يعد الإيرانيون يؤمنون بها، فروحاني نفسه لا يؤمن بها، روحاني يؤمن بسوريا رغمًا عنه، شأنه شأن بطل موليير "مريض رغمًا عنه"، وقد وقع النظام في ورطتها، فأعطى الرئيس الإيراني ظهره للإصلاحات، بعد أن فرغت حُقَّةُ النقود إنفاقًا عليها، فكيف يتركها بعد كل هذه التضحيات؟ لكن خامنئي، أبا كل قرار في إيران، سيفهم بذكاء المرشد الأعلى المعهود أن التضحيات الإيرانية في سوريا ليست كبيرة رغم ضخامتها، لأن الخيار اليوم بين التضحية بالمليارات أو التضحية بإيران.

الملاحظة الثانية

تقنن قوس قزح الحركات النسائية والبيئية والعمالية والطلابية والقومية في التغيير الاقتصادي الكامل للبلد، تقنين هو جزء لا يتجزأ من بنيتها، بعد أن تمتد إيران سلميًا باقتصاد "ثوري" في الخارج يستجيب لطموحاتها الإقليمية، وبعد أن تلتفت إيران إلى نفسها سلميًا كذلك باقتصاد "ثوري" في الداخل يستجيب لمطالبها الشعبية. من التحول التكنولوجي سيكون التحول السياسي في الخارج، وسيكون التحول الاجتماعي في الداخل، فيقوى النظام بهذين التحولين أقوى ما يكون عليه، يقوى من تحت لا من فوق، من تحت بتغيير البنية التحتية لا من فوق بتغيير البنية الفوقية، لا بالترهيب والترغيب كوسيلة من وسائل القرون الوسطى، بينما إيران تقف على أعتاب القرن الحادي والعشرين، واضطرارها إلى دخول العصر الحديث من أبوابه الواسعة اضطرار يفرضه الزمن عليها، أيًا كان رداؤها، الجبة والعمامة أو البنطلون والقميص.

الملاحظة الثالثة

قوس قزح للإيرانيين العمل والسكن والحريات منه وفيه، لأن طهران سيليكون فالي الشرق الأوسط ستوفر بشكل آلي وسائل العيش الكريم للجميع، النظام أقوى بها، وشعارات مثل "الأمة تشحذ"، "ارحلوا عن بلادنا"، "الموت للدكتاتور"، لن تتعدى معناها المجازي، لأن حقوق المواطنة مع التطور منه وفيه، وبالتطور الجمهورية الإسلامية هي الحريات بكل معنى الكلمة.

الملاحظة الرابعة

في الظروف الراهنة، تتحول قوس قزح إلى ضرورة لا بد منها، وتفرض نفسها كبديل لمؤسسات محلية وإقليمية ودولية تنهار أو على وشك الانهيار، تحل محل الفعل الاجتماعي، لأنها تسعى سلميًا إلى تحقيق أماني الجميع، وتحل محل الفعل السياسي، بشكل ضمني لا بشكل فعلي، فهي للنظام في بيته، لأنها تسعى اقتصاديًا إلى تحقيق اختياراته فيما يخص سن القوانين (في فرنسا يجري تعديل وتبديل القوانين كل يوم تبعًا لمستلزمات الوقت ومستجداته)، فيما يخص وضع المرأة، فيما يخص وضع الرجل، فيما يخص برامج التعليم، فيما يخص المؤسسات الدينية، فيما يخص الشفافية، فيما يخص "الأيرنية" التي تتجاوز التعصبية والطبقية والانتمائية إلى كتل وأحزاب ومذاهب وأقليات، إلى آخره، إلى آخره، إلى آخره.

الملاحظة الخامسة

تركز قوس قزح على الاستثمار، على الاقتصاد، كثيرًا، لكن أكثر على الثقافة، فالثقافة موتور التحول الاجتماعي. الفعل الثقافي يسبق الفعل الاجتماعي، "الفرسنة" لقوس قزح جزء من ثقافة الكون، انفتاح على ثقافات الشرق الأوسط الأخرى، العربية واليهودية والتركية والكردية، انفتاح على ثقافات العالم. الفرسنة، حسب هذه الرؤية، هي تبدل الإنسان، تحوله، وتحول فضائه، تبدل الإيراني، تحوله، وتحول إيران. بالفعل الثقافي يجعل الإيراني لحياته معنى، يفهم نفسه، يفهم حكامه، يفهم وضعه، ويرقى بهويته بين الأمم. اليوم، الفعل الثقافي في إيران لا يتعدى الخوف مما يسمع عبر شبكات التواصل الاجتماعي –كما تقول ابنتي الصغرى التي لم تزل تتعالج في طهران- ومما تنقله وسائل الإعلام، فيقع فريسة "الفيك نيوز"، لجهله الثقافي. والفعل الاجتماعي، على الرغم من صدق المطالب الاجتماعية، يُسَيّره رفع أسعار البيض على هواه، فالإيراني يريد أن يأكل، ثقافته ثقافة الجائع، وكما هو الأدب في وضع صحي صورة الأخلاق، الاجتماع في وضع مريض صورة الثقافة. قوس قزح هي الأداة "الثورية" بيد الأشقاء لرد الأشياء إلى نصابها، فيعاد الحق إلى نصابه، وفي نصابه يوضع العدل.




























الورقة الأربعون: العواصم الخمس الفذة

طهران

كيف تكون عاصمة إيران سيليكون فالي الشرق الأوسط؟ لا تكفي الإجابة بفتح فروع للشركات الأمهات في التكنولوجيا، وإن كان الأمر واردًا، إلا أن فتح فروع للشركات التكنولوجية العالمية لا يجعل طهران عاصمة تكنولوجية، ولا إيران كأمريكا ثلث استثماراتها منها. كما يجري في وادي السيليكون، يجب إنشاء شركات على شاكلة ديفيد باكارد وويليام هيوليت إتش بي، عمادها الكثير من خريجي الجامعات الأمريكية كجامعة ستانفورد وجامعة هارفارد اللتين هما بمثابة مكة لكل من يسعى إلى دراسة الهندسة، وجامعة نورث ويسترن، وجامعة كارنيجي ميلون، وجامعة ولاية سان خوسيه، وجامعة سانتا كلارا، هذه الجامعات التي تخرج أفواجًا من الطموحين الراغبين في العمل في المجال التكنولوجي، ينام بعضهم في العربات (على الحصيرة كما يقال عندنا)، ولا ينتظرون سوى إشارة صغيرة ليهرعوا إلى طهران مع مخططات مبتكرة لإنشاء شركاتهم الخاصة، تنقصهم فقط الأموال التي ستقوم إيران بتزويدهم بها، وستترك لهم حصصًا من الأسهم تكون حافزًا على العمل ومحفزًا على الابتكار. وعند أول نجاح للشركات، يكون الاكتتاب العام في سوق الأسهم، فتتدفق الأموال التي ستنفقها طهران في مجالات أخرى. بهذه الطريقة، وفقط بهذه الطريقة، تخرج إيران من تبعيتها لاقتصاد الريع، وتجلب في الوقت نفسه رؤوس الأموال الأجنبية التي سيستثمرها أصحابها في هذه الشركات أملاً منهم في تحقيق الأرباح، أو، في شركات أخرى، وهلمجرا. عندئذ، سيبلغ التنافس التكنولوجي مداه بطهران سيليكون فالي الشرق الأوسط، كسوق عذراء ممتدة من المحيط إلى الخليج، مع سان فرانسيسكو سيليكون فالي الولايات المتحدة، ويؤدي إلى التعاون والشراكة والاندماج.

الرياض

كطهران عاصمة للهندسة التكنولوجية، الرياض عاصمة للهندسة المالية، في الشرق الأوسط عند استقطاب رؤوس الأموال العربية والبنوك المركزية والبنوك الخاصة والمؤسسات المالية، وفي العالم عند جذب رؤوس الأموال العالمية والثروات الأجنبية والصفقات المتعددة الجنسيات، مما يجعلها تدير كلندن ثروات مالية تتجاوز خمسة ترليونات دولار، وتساهم ب عشرة بالمائة من الناتج المحلي، إضافة إلى أكثر من أربعمائة ألف وظيفة. كما وتقدر الصفقات المالية التي ينفذها حي المال (السيتي) في لندن بحوالي 2.7 ترليون دولار يوميًا، وتتم يوميًا المتاجرة في 70% من السندات العالمية و20% من الأسهم العالمية المسجلة في البورصة البريطانية. ولنذكر أن حي السيتي قد تقدم على حي الوول ستريت في نيويورك رغم الوزن الكبير للاقتصاد الأمريكي مقارنة بالاقتصاد البريطاني. ستكون الشراكة التجارية مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا، مقرات قوس قزح الرئيسية الثلاثة في عواصمها، أساسًا للتكامل التجاري بين السعودية (ومن يقل السعودية في هذا السياق يعن الشرق الأوسط) والغرب، تحت رموز شركات حي الديفنس في باريس وحي السيتي في لندن وبورصة الوول ستريت في نيويورك. كذلك من أهم ما يميز الرياض كعاصمة مالية عالمية عدم تقزيم الرأسمال العربي بين عواصم عربية كالدوحة وأبي ظبي وبغداد، أو تشريده إلى عواصم أجنبية كنيويورك ولندن وباريس. وهذا، بالطبع، يتوقف على قرارات اقتصادية ترمي إلى تحريك أداء السوقين الشرق أوسطي والعالمي، الشرق أوسطي عند تأسيس بنك للتكنولوجيا، وبنك للصناعة، وبنك للزراعة، وبنك للثقافة، تبعًا لاختصاص كل عاصمة من العواصم الخمس الفذة، والعالمي عند القيام بالاستثمارات العملاقة في مجالات البنوك السابقة، إضافة إلى قطاعات النقل التي في مقدمتها قطار الأورينت ستار من الدار البيضاء إلى طهران والتشعيب السككي الحديدي في سائر بلدان الشرق الأوسط ومشاريع الطاقة ومشاريع الإسكان ومشاريع غذاء العقل لا الكوفية والعقال وغيرها.

تل أبيب

طهران والرياض، بمعنى التكنولوجيا والمالية، ستكونان الركيزتين لتل أبيب كعاصمة فذة للصناعة، بعد أن أثبتت إسرائيل جدارتها في صناعة الأسلحة، وهذا على المستوى العالمي. مع الانكماش الاقتصادي العالمي، والأفق السلمي الشرق الأوسطي، سيتم تحويل مصانع الأسلحة، وإنشاء مصانع أخرى بدلها تتماشى والتوجه الجديد الرامي إلى تصنيع كل شيء، وعبر الشرق الأوسط من أقصاه إلى أقصاه، عن طريق الأتمتة والتجميع في الهندسة الميكانيكية أونلاين. لن أدخل في تفاصيل تقنيّة، لكن الصناعة، في بنية تحتية للاختصاصات الخمسة، ستتضافر مع غيرها لتواجه متطلبات العصر إقليميًا وعالميًا.

القاهرة

كعاصمة فذة للزراعة، الشيء نفسه بخصوص الصناعة، وإضافة إلى مكننة الزراعة وتحديثها في مصر وسائر بلدان الشرق الأوسط، تهيئة الشرق الأوسط كفضاء للطاقة المتجددة، خاصة وأن النفط والغاز ثروتان ليستا باقيتين إلى الأبد. من هذه الناحية، سنجعل من الصين لنا نموذجًا، فالصينيون يعرفون قيمة المستقبل ومتطلباته التي هي متطلبات وقيمة الطاقة المتجددة، إلى درجة أنهم بحدسهم الحضاري بدل الإسفلت رصفوا بعض الأوتوسترادات بالمأطورات الشمسية.

الرباط

ستكون عاصمة المغرب الفذة للثقافة من نواحٍ إبداعية ثلاث: السينما والتلفزيون عند إنشاء توائم لاستوديوهات هوليوود فيها، الكتاب والإعلام عند إنشاء توائم لكبريات دور النشر والصحافة فيها، المتاحف والمراكز عند إنشاء توائم للمتاحف العالمية فيها وعَبر الشرق الأوسط وتوائم للمراكز الثقافية.



































































الورقة الحادية والأربعون: تحذيراتي إلى حكام إسرائيل

في مقال لي

كتبته منذ عدة سنوات تحت عنوان "قوى العقل في إسرائيل والعالم العربي" قلت: كيف نفهم قوى العقل في العالم العربي؟ هل نفهمها على أساس انتمائها لديكارت أم على أساس كونها ممارسةً وفعلاً وتأثيرًا في الحدث؟ نظريًا آه! ما أشطرها وعمليًا لا شيء أو أنها رفلٌ من أرفال القوى الغيبية، فمن يترك القوى الظلامية تجول وتصول بلا رادع هو بشكل من الأشكال ذيلُ ثوبٍ تجره من ورائها، ومن يرى الحلول من زاوية ألا حل هناك تحت ادعاء الموضوعية التاريخية أو التاريخية الواقعية يسعى بإرادته إلى تكريس تلك القوى النقيضة القوى الغيبية، ويعمل على إدخال العقل معها في قمقم الميتافيزيقيا، فتصبح الأنظمة العربية أنظمة لا يمكن المساس بها، والاقتصاد العربي قيمة فائضة من قيم الرأسمال الغربي، وإسرائيل نجمة من ملايين النجمات التي مصيرها إلى الزوال مصير غيرها كما يقول علماء الفلك، متى وكيف؟ حتى بعد مليون سنة سيكون حتمًا زوالها، تجيب قوى العقل العربية. أنا لا أنتمي إلى هذه القوى، ولا أنتمي إلى هذا العقل، أنا لا أنتمي إلى دغل العلم الغيبي، لأني أرى في الواقع رؤية المتبصر لا الضرير، وأجد للصراع السياسي مع إسرائيل أفضل الحلول لا أسوأها، أرى أن إسرائيل اليوم تفرض نفسها عليّ بوجودها وغدا فأتعامل مع فرضها لنفسها عليّ اليوم وغدا أما بعد غد، فهذا ليس من شأني، هنا يمكنني القول إن هذا لمن شأن الواقع التاريخي الآتي، لأن حتى إسرائيل نفسها لا تعرف ما سيكون مصيرها مثلما لا أحد يعرف ما سيكون مصيره. اليوم تفرض كل الشروط الموضوعية على فلسطين وإسرائيل والعالم العربي التعامل مع ظروف الجميع الموضوعية بما تمليه هذه الظروف على الجميع، وعند مقاربة العقل لهذه الظروف يرى أن إسرائيل تقضي على غيرها وتقضي على نفسها. إسرائيل اليوم هي شمشون عصرنا شاءت أم أبت، القوة التي لها ليست الحل، والدسيسة ليست الطريقة، وسياسة الخطط والمخططات سياسة الضعيف والخرع والفاقد للبوصلة. لقد فَهِمَتْ هذا من عندهم بعض قوى العقل أمثال أبراهام بورغ وإيلان بابيه ويوسي سريد وغيرهم، ولا أحد من عندنا –نسيبة وعبد ربه وعباس يمثلون في التحليل السياسي والألسني قوى العقل الرثة وأعلام براز الوعي ومطايا التسليم والاستسلام- فطالبوا بإسرائيل جديدة لا بإسرائيل توراتية غيبية وغبية غيبت الإنسان إنسانهم وإنساننا، وجعلت منها مختبرًا تجريبيًا لهتلرية استيطانية تتعدى المستوطنات في الأراضي الفلسطينية إلى استيطان الإسرائيلي نفسه لنفسه وهذه أعظم كارثة بأنفسهم من كارثتنا بهم.

أين إسرائيل اليوم مما قلت؟

إسرائيل اليوم هي أشبه بمزرعة "أورويل" من الماء بالماء، فسادُ الحكمِ فيها على أيدي حكامها الذين يدمرون "حلمهم الصهيوني" المتمثل باليوتوبيا لدى الكاتب الإنجليزي، وذلك بجنون العظمة وهستيريا الانحراف والابتلاء باللامبالاة والغطس في مستنقعات الجهل والطمع في الكرسي ولا شيء غير الكرسي وقصر النظر شأنهم شأن جابوتنسكي الذي كان يجهل كل شيء عن مشاكل إسرائيل اليوم، مشاكل ستؤدي إلى وقوع فظائع اقتصادية، وبالتالي اجتماعية، وبالتالي سياسية، لن تخرج منها إسرائيل سالمة إن لم يجر تفاديها كما أقترح، ولو عاد هرتزل إلى الحياة في ثوبي لقال ما أقول: إسرائيل ليست قلعة للإمبريالية! أولاً أنا لا أرى أن هناك إمبريالية، هناك مواقع نفوذ أمريكية ومصالح اقتصادية، ثانيًا أنا لا أرى أن إسرائيل قلعة، إسرائيل مخزن سلاح أمريكي وخاتم في خنصر أمريكا مثلها مثل أي نظام عربي، هي هنا للتنفيذ وَرِجل أمريكا على رأسها. لهذا جاءت أمريكا بنتنياهو –إلى حين لظرف يلعب دورًا فيه- على شاكلة نابليون في رواية "مزرعة الحيوان"، شخصية شريرة، قليلة الكلام، كثيرة الطغيان، تتغطى بالدفاع عن الإسرائيليين، بينما تُراكم سلطتها بالاعتماد على "كلاب"، هي في سياقنا الأحزاب الدينية والأجهزة البوليسية والمصالح الاستخباراتية، ووسيلتها إلى ذلك غزو العقل الإسرائيلي بالدعاية المضللة، وبالإرهاب عن الإرهاب، حتى أنها استطاعت بإيديولوجيتها إفراغ الوصايا العشر كوصايا أورويل السبع من معانيها تحت ادعاء تطبيقها عند بناء المستوطنات من أجل دغدغة كبرياء مواطنيها، وهي بذلك تصرفهم عن أمورهم الحياتية الجوهرية، فلا تبقى سوى أمورها السياسية الميكيافلية.

هذه الطريقة

في الحكم غير منتجة وغير واقعية وغير زمنية، أطلق عليها اسم "سياسة الأقنعة"، وهي سياسة خسيسة لأنها تتخذ من الدفاع الكاذب عن مصالح الإسرائيليين هدفًا يقوم على الخداع السياسي والافتراء التاريخي واستغلال ثقة الناس. هو الشيء نفسه الذي تم مع الفلسطينيين بعد التوقيع على اتفاقات أوسلو التي، من خلف كل ديباجة السلام المزورة، لم يكن هناك من هدف آخر لها غير توفير ثلاثة مليارات دولار كانت تنفقها إسرائيل سنويًا لمواجهة الانتفاضة. وهو الشيء نفسه الذي تم مع الحكام العرب الذين تدعي إسرائيل تثبيت أقدامهم في الأرض بوصفها دراكولا الأمم –الدعاية العالمية الخسيسة كالعادة- مقابل مليارات تدفعها السعودية لإسرائيل سنويًا ويقال تدفعها أمريكا، ومقابل المعاهدات السرية العسكرية وغير العسكرية بينها وبين قطر وتركيا وباقي دول الكرتون في الخليج، والتي تكلف هذه الدول بعض المليارات الأخرى.

فهل الحمير تعمر طويلاً

كما يتساءل بنيامين في رواية أورويل؟ في سياقنا الشرق الأوسطي، لقد عمرت الحمير أكثر مما يجب، فكانت من وراء كل مصائبنا المشتركة نحن والإسرائيليون حتى ولو وقعت هذه المصائب في الرياض أو في عمان أو في القاهرة. هذا ما فهمه تمام الفهم شمعون بيريس عندما نادى، كما أنادي، بشرق أوسط متطور، شرق أوسط مشرق، شرق أوسط عماده الاقتصاد. إسرائيل بشرق أوسط كما أريد، شرق أوسط متطور، شرق أوسط مشرق، شرق أوسط الاقتصاد ربه، ستحصد بدل المليارات الثلاثة التي وفرتها على خزينتها بأوسلو ثلاثمائة، كدينمو صناعي المنطقة، وكدرع وقائي الديمغرافيا، مصر على كشحها الأيمن، وباقي العالم العربي على كشحها الأيسر، فكيف بعد عدة سنوات، أقل من عشر سنوات، ستقدر إسرائيل على حملهما؟ بالتحريب إلى ما لا نهاية؟ بالتفريق إلى الأبد؟ بتجاهل منطق الأشياء؟ إذن لماذا؟ لأن حكام إسرائيل مطاردون بعقدة الاغتصاب. فرويد أعطى لكل العقد علاجاتٍ ناجعة، ولعقدة الاغتصاب أعطى علاجًا استثنائيًا أخذه عني: الاستثمار!

الحل الاقتصادي

يوجب الحل السياسي وليس العكس، والحل السياسي كما أرتأي وحل سياسي سريع أن نبدأ بتعليق الإيديولوجيا في الخزانة، صهيونيتكم يا حكام إسرائيل، بعد ذلك كل شيء من أسهل ما يكون: إبقاء كل شيء كما هو عليه، إعلان صوري عن دولة فلسطينية للهوية ولذكر فلسطين في القاموس، إبقاء القدس موحدة تحت علم بلديتها وكعاصمة بعلمين مع إدارة المتدينين من الأديان الثلاثة للأماكن المقدسة، التعويض للطرفين تحت شرط العمل والسكن أينما أريد أي حرية التبادل وحرية التنقل كما هو ماشٍ في الاتحاد الأوروبي، المستوطنون جنسية مزدوجة، وانتهى الإشكال.

سلطة مراحيض رام الله

لم يعد زمنها، وكذلك سلطة تكايا غزة، فتح وحماس لا نريد أن نسمع بهما، نريد بنية سياسية جديدة تقوم على أساس منظمات المجتمع المدني، وتنهض على أكف العصر بنظام علماني، كما جاء في ورقتي "الديمقراطية الجديدة". الجديد في الفعل وفي الفكر، هذا هو أمر العصر علينا وعليكم وعلى باقي شعوب المنطقة، من أجل مستقبل أطفالنا وأطفالكم وأطفال العالم.

الورقة الثانية والأربعون: الرياض فرانكفورت الشرق الأوسط

إنشاء

البنك المركزي الشرق الأوسطي في الرياض يجعل منها العاصمة الفذة للمال شأنها شأن فرانكفورت مقر البنك المركزي الأوروبي، وذلك للاستقرار النقدي في الشرق الأوسط، وتنامي النمو الاقتصادي، والحد من التضخم وأخيه التقشف، وتنشيط سوق العمل. ولكن الأهم من هذا وذاك، تحقيق الأهداف الاقتصادية للعواصم الخمس الفذة عن طريق تمويل الاستثمارات والتبادلات التجارية.

لكن

الاقتصاد القوي هو الاقتصاد الموحد، والاقتصاد الموحد هو العملة الموحدة، ومقابل اليورو كعملة موحدة للاتحاد الأوروبي، أقترح الأورينتو (من أورينت، من شرق) كعملة موحدة لبلدان الشرق الأوسط. وبخلاف اليورو، أقترح ربط الأورينتو بالدولار، لسياسة الاندماج النقدي مع أمريكا. سيقول قائل، العملات المحلية مرتبطة بالدولار، إذن لماذا كل هذا اللف والدوران؟ الجواب بسيط: لتوفير مبالغ القومسيونات الهائلة، ولتعميم سياسة التضامن المالي بين بلدان فقيرة شرق أوسطية وأخرى غنية، عدا عن تطوير التبادل وتسهيل التنقل.

عن التضامن

على سبيل المثال، أعطي إسبانيا والبرتغال، بلدان كانا يعتبران من بلدان العالم الثالث، واليوم بسياسة الدعم النقدي التي تفرضها العملة الموحدة والقروض، البرتغال وإسبانيا تعدان من الدول المتطورة، بعد أن عملتا على تحديث بنياتهما التحتية.

مع الأورينتو

كأداة نقدية قوية، دولة فقيرة كتونس، مشاكلها مع بن علي أو غيره ظلت مشاكلها، إلا أن بالتضامن المالي الذي توجبه العملة الموحدة لن يكون لتونس أي مشكل: مكننة زراعتها ستجعل منها قوة زراعية كبرى تغطي كافة جيرانها من البلدان الإفريقية التي يسودها المحل والجفاف، تعميق استغلالها للبحر وثرواته سيجعلها قوة صناعية كبرى تستجيب لدعوات الأسواق الأوروبية، تطوير سياحتها بما يتلاءم مع أحلام السائح الغربي واستيهاماته، كازينوهات وكباريهات وباقي الفضاءات الترفيهية، سيضعها في موضع المنافس لمونت كارلو ونابولي وباهاماس، وكذلك تطوير صناعاتها الحِرَفية، وباقي الخصوصيات التونسية. بالطبع، شرط ازدهار تونس، وكل بلد شرق أوسطي فقير كالأردن أو موريتانيا أو الصومال أو أو أو غيرها، هو تأسيس العلمانية كنظام، وتعليق الدين في الخزانة.

هذه

ملاحظات عامة وعاجلة، تنتظر الدراسة والبحث والتعميق من لدن الخبراء الماليين والاقتصاديين، وكفانا الله شر السياسيين والتكنوقراطيين.
























الورقة الثالثة والأربعون: حوارات بين علي خامنئي وأفنان القاسم

1

علي: وكما تقول، دكتور، المرأة البيضاء، مثلك، لا أحبَّ إليَّ من ذلك، حَبَّ مَنْ حَبَّ وَكَرِهَ مَنْ كَرِهَ، من بين كل النساء.
أفنان: أحببناها.
علي: مهما يكن من أمر.
أفنان: فعنت بنا الأمور.
علي: هل تدري لماذا؟
أفنان: لأنها تعرف بأبيضها كيف تشعل أسودنا.
علي: لأنها تعرف بأسودها كيف تشعل أبيضنا.
أفنان: ذكاؤك يتكلم، سيدي المرشد الأعلى، بلسان من لا ينقض عهدًا.
علي: في الواقع، الثدي بأبيضه وأسوده حريق الشهوة، ونحن الرجال حَطَبُهُ بكل ألواننا، شاءت الأقدار أن نكون ما نحن عليه، شئنا أم أبينا.
أفنان: كلامك كلام الحكيم.
علي: كلامي كلام العشيق.
أفنان: أنت تعرفني أكثر من غيرك، غير باحث عن التأويل، لكني أولف، عندما أكون في حضرتك، بين الرجل الحكيم والرجل.
علي: أنا لست ظلي، وظلي ليس أنا، أنا أنا، في الحكمة أنا، وفي الحب أنا.
أفنان: حضورك إذن حضور الماء.
علي: على بطن المرأة البيضاء أم على كفلها؟
أفنان: في حضنها.
علي: في حضنها أنا البحر.
أفنان: وهي؟
علي: الله والشيطان.
أفنان: المهدي.
علي: لهذا أنا البحر في حضنها، فيكون موجي موجًا. دكتور، أنت كافكا ولينين، كما تردد، في مناسبة وغير مناسبة، لأنها لك الله والشيطان، مثلما هي لي.
أفنان: ومثلك هي لي المهدي.
علي: كلانا واحد على اختلافنا.
أفنان: كلانا واحد على اشتباهنا.
علي: أنا المشتبه عليه.
أفنان: أنا المشتبه فيه.
علي: لهذا أشبهك.
أفنان: كلانا متشابه الخواص.
علي: والوضع.
أفنان: أو الوضع.
علي: والوضع دكتور، اسألني لماذا؟
أفنان: أسألك لماذا؟
علي: لأن كلَّ واحدٍ منا جزيرة.
أفنان: شبه جزيرة.
علي: شبه قارة.
أفنان: شبه قارة هندية.
علي: فارسية.
أفنان: إذن لا شبيه لنا.
علي: عندما أنظر إلى النساء، تحت جنح الظلام، أرى البيضاء من بين ألف، فأقول إني أشابه أمي.
أفنان: وأنا أشابه أبي.
علي: كلانا متشابه الخواص والوضع.
أفنان: أو الوضع.
علي: لتبقَ على موقفك ولأبقَ على موقفي، هذا بعض شيء مما كانه الحسين.
أفنان: هل تعرف، يا شقيقي، أنني كلما أستمع إلى "الزحف الهنغاري" لبرليوز أعيش الملحمة، فأرى.
علي: ماذا ترى؟
أفنان: الثورة بين موقفين هما واحد.
علي: الثروة بين موقفين هما اثنان.


2

علي: سوريا كلفتني أربعمائة مليار، العراق ثلاثمائة مليار، اليمن مائتي مليار، لبنان مائة مليار. اجمعها دكتور.
أفنان: بفوائد أم بدون فوائد.
علي: بدون فوائد.
أفنان: ألف مليار، سيدي المرشد الأعلى.
علي: ترليون كلفتني، وأنت تطلب مني أن أتركها!
أفنان: أنا لا أطلب منك أن تتركها، أنا أطلب منك أن تترك الجبة والعمامة فيها، أقول فيها، وترتدي القميص والبنطلون، وأن تترك الصقور والنسور فيها، أقول فيها، وتربي الحمائم والخيول.
علي: ولماذا كل هذا التعب، والعينة واحدة على اختلافها؟
أفنان: اختلافها يستحق كل هذا التعب، كل هذا الثمن.
علي: الابن أسد محل الأب أسد، سيحل الإشكال في سوريا، وفي العراق؟ وفي اليمن؟ وفي لبنان؟
أفنان: العلمانية.
علي: وماذا عني أنا؟
أفنان: العلمانية هي أنت في القميص والبنطلون.
علي: بل هي أنت في الفيراري والبوغاتي والرولس رويس والبوينغ مع طن من الكافيار الإيراني وباقي لوحات الجت ست.
أفنان: شكليات لا بد منها، ليكونَ، بعد الشرقِ، الغربُ لك.
علي: تقول شكليات؟ قل كماليات!
أفنان: لتدخل العصر من أبواب الدولة العميقة.
علي: بيكاسو دخل العصر من أبواب غرنيكا.
أفنان: بل من أبواب آنسات آفينيون.
علي: سارتر دخل العصر من أبواب دروب الحرية.
أفنان: بل من أبواب شارع بيغال.
علي: إنجلز دخل العصر من أبواب فائض القيمة.
أفنان: بل من أبواب الفائض في الحساب.
علي: أخاف من شيء دكتور؟
أفنان: ما هو، يا شقيقي؟
علي: أن أعتاد على القميص والبنطلون.
أفنان: عندما تنهض الأمة على أكتاف الأمم تغدو العادة واحدة من بين عادات، تغدو القاعدة والاستثناء.
علي: الأمة، آه! الأمة.
أفنان: الأمة أم الأمم.
علي: الأمة أم الأحلام.
أفنان: الأحلام هي الحقائق عندي.
علي: الحقائق هي الأحلام عندي.
أفنان: ليس عند اجتراح المعجزات من باريس أو من لندن أو من واشنطن، ليس عند اقتحام حصون البورصات، ليس عند افتتاح الشركات التكنولوجية في سيليكون فالي الشرق الأوسط.
علي: كل هذه الحقائق غير أحلام.
أفنان: كل هذه الوقائع غير أحلام.
علي: أتعرف ما يعجبني فيك دكتور؟
أفنان: قربي من كل هذه الوقائع.
علي: بعدك عن كل هذه الوقائع.
أفنان: قربي من إيران الغد كبعدي عنها.
علي: إيران، آه! إيران.
أفنان: إيران مركز العالم.
علي: إيران مركز إيران.
أفنان: العالم هو إيران عندي.
علي: إيران هي العالم عندي.
أفنان: ليس عند تماري المرايا في الرياض أو في تل أبيب أو في القاهرة أو في الرباط، ليس عند تناهي الحكايا، ليس عند تنامي رؤوس الأموال.
علي: كل هذه الأحلام غير حقائق.
أفنان: كل هذه الأحلام غير وقائع.
علي: ماذا تريدني أن أقول لك؟
أفنان: لا تقل لي شيئًا غدًا.
علي: سأقول لك شيئًا اليوم.


3

علي: لماذا قوس قزح دكتور؟
أفنان: إن بقيت تفكر تفكير السياسي، سيدي المرشد الأعلى، فلن تستوعب لماذا.
علي: أن أفكر تفكير الفيلسوف تريدني؟
أفنان: أن تفكر تفكير الفيلسوف، نعم، الفيلسوف الاقتصادي.
علي: هذا لأن للاقتصاد فلسفة؟
أفنان: لكل واحد فلسفته في الاقتصاد.
علي: لكل واحد فلسفته في...
أفنان: ...الاقتصاد. كانت فلسفة عبد الرحمن الداخل في الاقتصاد أن يشيد جنة الأمويين في الأندلس، وبلغة الاقتصاد، الدولة المتطورة اليوم في الغرب تطور الدول، وكانت فلسفة كريستوفر كولومبوس في الاقتصاد أن يكتشف عالمًا جديدًا يغطي إسبانيا بالذهب والمال، وكانت فلسفة كل رئيس للولايات المتحدة الأمريكية في الاقتصاد أن يحتكر أقوياؤها الأسواق، ويجعلوا من ثروات العالم ثرواتهم. اختلفت طريقة الواحد عن الآخر، عبد الرحمن الداخل باللجوء إلى البربر في احتلال إسبانيا، كريستوفر كولومبوس بالمغامرة، رؤساء أمريكا بالحروب. لكل واحد في الاقتصاد فلسفته، ولكل واحد طريقته في الفلسفة، بينما هدفهم كلهم النجاح.
علي: بينما هدفهم كلهم الأرباح.
أفنان: هذا لأني أتكلم عن فلسفة الاقتصاد أقول النجاح ولا أقول الأرباح.
علي: كما أتكلم أنا عن فلسفة الدين، فأقول الإمام ولا أقول السلطان، أو، حتى عن فلسفة السياسة، فأقول المرشد الأعلى ولا أقول رئيس الدولة.
أفنان: تمامًا، سيدي رئيس الدولة، ولكن...
علي: أعرف دكتور، لن أبقى أفكر تفكير السياسي.
أفنان: فلسفتي التي لي هي تطوير إيران بالشرق الأوسط ومع الشرق الأوسط وعلى الشرق الأوسط، وطريقتي في الفلسفة "قوس قزح". أنا لا أقول أداتي في الفلسفة، فقوس قزح أكثر من أداة واحدة، أداة اقتصادية، وأداة ثقافية، وأداة سياسية، وأداة، وأداة، وأداة، أدوات كثيرة. أنا أقول طريقتي في الفلسفة، لأن قوس قزح طريقة في العمل، وتطرح نفسها، في الوقت ذاته، كبديل مؤسساتي لما عرفناه حتى اليوم في المحافل الدولية من مؤسسات، لم تنجح على كافة الأصعدة، وهذه هي أزمات العالم.
علي: الاقتصاد السياسي هو السبب، الاقتصاد السياسي هو البلاء.
أفنان: أنا أقول "أَسْيَسَةُ الاقتصاد" هي السبب، "أَسْيَسَةُ الاقتصاد" هي البلاء.
علي: وهل من الممكن فصل الاقتصاد عن السياسة إلى ما شاء الله؟
أفنان: بمؤسسة كقوس قزح من الممكن الفصل بينهما، لأن قوس قزح كتصور هي دولة دون دولة، حدودها العالم، تستمد قوتها من كونها الكيان المعاصر لما بعد الدولة بالشكل الكلاسيكي الذي اعتدنا عليه. ممثلوها، وإن شئت، سفراؤها، هم أعمدة الاقتصاد في كل عواصم العالم، وممثلو كل عواصم العالم هم عقول الاقتصاد في مقرها اللندني الناطق بلغة الكون، الواقع في قلب العالم. إنها هيئة أمم جديدة بأتم معنى الكلمة، قراراتها الاقتصادية لا خيار للعالم إلا تنفيذها، لأنها قرارات لبناء العالم، على عكس القرارات السياسية التي غالبًا لا تنفذ، وإن نفذت، فلهدم العالم، ولحساب الأقوياء.
علي: الأقوياء هم الضعفاء، مع قوس قزح، في المستقبل، أقول، فيطاردني تفكير السياسي، أعرف، أعرف، دكتور، لتعذرني.
أفنان: الأقوياء هم الأقوياء، والضعفاء هم الأقوياء، مع قوس قزح، في المستقبل، وفي كل مستقبل.
علي: روح الله كان يرمي إلى هذا، تحت مفهوم تصدير الثورة، يا عقل الله!
أفنان: في الواقع، مفهوم تصدير الثورة، مع قوس قزح، ومفهوم تصدير الثروة، جوهرهما واحد، سيدي المرشد الأعلى.
علي: ونحن، دكتور، حكام إيران وحكام العالم، مع قوس قزح، أين سيكون مكاننا؟
أفنان: حيث هو مكانكم، وأقوى مما أنتم عليه، لأننا نتعامل مع حكام الاقتصاد ببرامجنا لتمشي برامجكم، فتعيدون صياغة السياسة من وجهة نظر الاقتصاد، لا الاقتصاد من وجهة نظر السياسة، وتكون لكل واحد منكم فلسفته الخاصة بالاقتصاد، وطريقته في الفلسفة، بينما هدفكم كلكم الأرباح.
علي: النجاح.
أفنان: الأرباح، سيدي المرشد الأعلى.
علي: ألم تعد تتكلم عن فلسفة الاقتصاد؟
أفنان: لم أعد.
علي: دكتور؟!
أفنان: أنا أتكلم فلسفة الاقتصاد وليس عنها.
علي: كمؤسستك قوس قزح عنها وقوس قزح ليس عنها.
أفنان: تمامًا، سيدي المرشد الأعلى، قوس قزح في حقل المعاني هو تعدد ألوان القوس التي نقول فيها ما نشاء، وقوس قزح المؤسسة، هو برامجها الخلاقة المحدثة المعقدة لكن المحددة.
علي: دكتور، هل تعلم أن قزح كلمة فارسية؟
أفنان: لهذا السبب وقع اختياري على القوس و... لأسباب أخرى.
علي: أهم من هذا وذاك أن يكون قوس قزح لعالم جديد مؤسسة جديدة عالمية، من نوافذها نرى طهران، وباقي العواصم. وفي الليل الساجي، نسمع دقات بغ بن، وهمسات شهرزاد، وصلوات الإنسانية. آه! كم تمنيت أن أكون شاعرًا.
أفنان: أنتَهُ، سيدي المرشد الأعلى!
علي: يلزمك، دكتورنا، برج عال بين أبراج حي الستي تكون فيه لوفود العالم الحرية كما هم جديرون بها.
أفنان: الأبراج، نعم، الأبراج! تحيرني الأبراج، وأنا أرفع رأسي ناظرًا إليها، فيصيبني الصداع، ولا أجدني في برج الجدي برجي!
علي: الأبراج في علم التنجيم هي الأبراج وعلى ضفاف نهر التيمز هي غيرها!



4

علي: كلامك، دكتور، كلام الصديق الصدوق، لا سبيل إلى الشك فيه، والبرهان على ذلك إيران لك مما هي لي، عظماء أَرَادَتْنا، وأعظم منا أردناها، لكني جربت كمشروعك مشروعًا، فكان الفشل في اللحاق بالعظماء، وبالتالي أعظم منا إيران كيفها؟
أفنان: هل تعني مشروع صندول النقد الدولي الذي باء بالفشل، سيدي المرشد الأعلى؟
علي: قيل لنا معه يكون اندماجنا في النظام الاقتصادي العالمي!
أفنان: لو كانت إيران فرنسا، وإيران ليست فرنسا! بعبارة أخرى، الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي في الغرب اندماج بين دوله، ولباقي الدول التبعية والرضوخ. صندوق النقد الدولي هو أداة النظام الاقتصادي العالمي إلى استعمارنا بشكل يتماشى والعصر الحديث، إنه مؤسسة القهر المالي على أكمل وجه.
علي: القهر المالي، هذه هي العبارة دكتور!
أفنان: خَصْخِصُوا قيل لكم، وتقشفوا، فتكون لكم الاستثمارات، بينما الاستثمارات في إيران تكون بشروط أولها السلام الاجتماعي وثانيها السلام الإقليمي، الباقي كله أوهام. إيران كانت ضحية الأوهام التي يختفي صندوق النقد الدولي خلفها، لِيُخفي برامج قهره المالي.
علي: وهل يكفي السلامان؟
أفنان: لا يكفيان، سيدي المرشد الأعلى.
علي: ماذا تقول إذن دكتور.
أفنان: يجب أن يرافق السلامين توريش إيران كعاصمة من العواصم الخمس الفذة، وتوريش هذه العواصم معها، فالتوريش وحده هو من يفرض إيران والشرق الأوسط على النظام الاقتصادي العالمي، وبالتوريش يكون الاندماج، ووضعُ حدٍ للقهر المالي. الأمريكان والفرنسيون والروس يتكلمون عن إعادة بناء وتعمير الشرق الأوسط، بوقاحة لا مثيل لها، فهم يريدون إعادة بنائه على طريقتهم القديمة لشرق أوسط قديم، تابع، خاضع، مستَغَل، وليس هذا من مطامح إيران في المنطقة، وليس هذا من مطامح باقي دول المنطقة، كما نرى، أنا وأنت، سيدي المرشد الأعلى. وعلى العكس، مع مطامحنا في التغيير والتعمير والتطوير، ستمارس إيران القهر المالي على صندوق النقد الدولي.
علي: تحت أي معنى؟ أنا ضد كل أنواع القهر، كما تعلم.
أفنان: تحت معنى أن تفرض إيران على صندوق النقد الدولي هي شروطها، وأن تفرض إيران هي شروطها على صندوق النقد الدولي أن تلجأ إلى الخصخصة مع إنشاء شركات خاصة ذات رؤوس أموال مشتركة، فلا تكون الخصخصة صفعة للعمال، ولا يكون التقشف الطريق الوعر إلى جيوب الناس.
علي: من السهل قول شركات خاصة ذات رؤوس أموال مشتركة.
أفنان: الخطوة الأولى إلى تحقيق ذلك، سيدي المرشد الأعلى، كما سبق لي أن شرحت في ورقتي عن العواصم الخمس الفذة، أن نصنع من طهران سليكون فالي الشرق الأوسط، وبعد النجاح المؤكد للشركات التكنولوجية، لأن عصرنا عصر التكنولوجيا، ومن يعمل في التكنولوجيا اليوم لهو الرابح غدًا ودومًا، ستبيع إيران من السندات ما لا يصدق، فتهرع رؤوس الأموال الأجنبية، لتساهم، وخاصة لتستثمر. عند ذلك، إيران بالعظماء الذين أرادتنا، تكون أعظم منا نحن الذين أردناها.
علي: أنا لم أكن طوال عمري تشاؤميًا دكتور.
أفنان: ولا أنا، يا شقيقي.
علي: لا بد من آلية لكل هذا.
أفنان: تمامًا، يا شقيقي.
علي: يمكنني أن أحزرها.
أفنان: قوس قزح، يا شقيقي.
علي: كجزء من النظام الاقتصادي العالمي.
أفنان: كصندوق النقد الدولي الذي لنا ولكن بدون نقد.
علي: أعرف، فللمال عاصمته الفذة.
أفنان: قوس قزح هي المؤسسة التي تصنع المعجزات لنا وللغرب ولسائر شعوب العالم، ولكن لنا أولاً ثم للغرب ثانيًا ثم لسائر شعوب العالم ثالثًا، ببرامجها ومخططاتها ومشاريعها وامتداد ذراعها بعيدًا داخل سائر الدول العميقة، لِتَمُد، وتستمد، وهي بمدها واستمدادها، تكون الضامن للنجاح. عندئذ، تجربة إيران، مع صندوق النقد الدولي، ستغدو من مخلفات الماضي.
علي: أنت المستقبل دكتور.
أفنان: أنا المستقبل، سيدي المرشد الأعلى، وأنت المستقبلان.



5

علي: خلينا نتكلم جد دكتور.
أفنان: نتكلم جد، سيدي المرشد الأعلى!
علي: ما تزعلش مني دكتور، كل ما قلناه مهم، لكنه ليس الأهم.
أفنان: من النار حكمتك، ومن الماء حكمتك.
علي: أنت غالبًا ما تقول الثورة والثروة كمفردتين مترادفتين في تصديرهما، وما تقوله حق تحت كافة المعاني والأهداف التي أهمها تصدير الغاز، ثروة إيران الثانية في العالم بعد روسيا.
أفنان: معنى القول أنك في العراق وفي سوريا وفي لبنان للتابلاين.
علي: أنت واحد منا دكتور، إيراني في تفكيرك صرت.
أفنان: إيراني في تفكيري صرت، ومواطن عالمي في فكري أبقى.
علي: لهذا السبب.
أفنان: في السياسة، خط الغاز الإيراني من المستحيل تحقيقه، أما في الاقتصاد...
علي: لهذا السبب.
أفنان: في الاقتصاد، خط الغاز الإيراني من غير المستحيل تحقيقه، أما في السياسة...
علي: لهذا السبب.
أفنان: يا سيدي المرشد الأعلى، أنت تفهم الآن أن مستقبل إيران ومستقبل كل بلدان الشرق الأوسط، ليس المحور الجيو سياسي محوره، وإنما المحور الجيو اقتصادي، إضافة إلى باقي المحاور، المحور الجيو تكنولوجي، والمحور الجيو مالي، والمحور الجيو صناعي، والمحور الجيو زراعي، والمحور الجيو ثقافي، كل هذه المحاور التي تمثلها، في مشروعي الجبار، العواصم الخمس الفذة. بهذه المحاور نبني مستقبل المنطقة، وفي الوقت نفسه مستقبل أمريكا وروسيا وأوربا والعالم، وبأقل التكاليف.
علي: بأقل التكاليف كيف، بعد مئات المليارات التي أنفقتها. أوضح دكتور!
أفنان: السياسة ابنة كلب، يا شقيقي، السياسة تريد خطوط غاز أخرى غير خطك، خط غاز قطري، وخط غاز سعودي، وخط غاز روسي، وخط غاز تركي، وخط غاز، وخط غاز، وخط غاز، والكاسب الوحيد أوروبا، للتنافس بين كل هذه الخطوط بما فيها الخط الإيراني، وبالتالي لانخفاض الأسعار. بينما بحنفية واحدة وعداد لكل واحد مع خط واحد، واتفاق بين كافة الأطراف، بما فيها أوروبا، نحافظ على سعر واحد يرضي الجميع.
علي: نعم، السياسة ابنة كلب!
أفنان: الاتفاق بين كافة الأطراف اتفاق اقتصادي، سيدي المرشد الأعلى، لكن لتحقيقه لا بد من شروط شراكة بين الكل ولمصلحة الكل لا شروط عداوة بين الكل ولمصلحة لا أحد. فهمت فرنسا وألمانيا وكل بلدان أوروبا ذلك، فكان بناء أوروبا، وفهمت أمريكا واليابان وكل بلدان جنوب شرق آسيا ذلك، فكان بناء أمريكا، وكان بناء اليابان، وكان بناء باقي الدول المحيطة، والتي أهمها ماليزيا، سيدي المرشد الأعلى، ماليزيا البلد المسلم كإيران، فهمت، وأفهمت، لتكون بحدود 2020 أي بعد عامين من بين الدول المتطورة الكبيرة وهي الصغيرة.
علي: المحور السياسي كالمرأة التي تربط صدرها دكتور.
أفنان: المحاور الأخرى كالمرأة التي تطلق صدرها، سيدي المرشد الأعلى.
علي: كفينوس.
أفنان: كالمرأة الأمريكية.
علي: سيكون تكييف إنتاج الحرب في أمريكا إلى إنتاج سلمي.
أفنان: وفي أوروبا وفي روسيا وفي كل مكان، ولن يقتصر الإنتاج السلمي على المصانع الحربية، بل كل المصانع ستعمل 24 ساعة على 24 ساعة، في الوقت الذي يكون فيه التوريش في إيران وباقي دول الشرق الأوسط على قدم وساق، فيتم حل مشكل المشاكل في إيران قبل غيرها.
علي: تريد القول البطالة؟
أفنان: وهل هناك غيرها؟
علي: أعدك، يا شقيقي، ألا نقول للغرب لا، وذلك باستيعاب الأيدي العاملة العاطلة عن العمل في الغرب، وألا نقفل الأبواب في وجوه مهاجريهم.
أفنان: لن نقفل الأبواب في وجه أحد.
علي: سنتركهم يتوضأون بالنار كما نتوضأ بالماء.
أفنان: إذا كان ذلك تقليدًا فليكن.
علي: وإذا لم يكن ذلك تقليدًا فليكن.



6

علي: حدثني عن الشيطان الأكبر دكتور.
أفنان: تريد حديثي أم حديث غيري، سيدي المرشد الأعلى.
علي: في علم الفقه للشيطان حديث، وفي علم الأدب للشيطان حديث.
أفنان: لكنهم يقولون إني صبيّ، وإني الغبيّ المنافق للنبيّ.
علي: حديثك الذكيّ لن يفهمه إلا القليل، فاعذرهم دكتور، وحدثني.
أفنان: لأمريكا وجهان، سيدي المرشد الأعلى، الوجه الذي نحب والوجه الذي نكره، فعن أي وجه تريدني أن أحدثك؟
علي: الوجه الذي نحب لا نعرفه تمامًا، ونحن لهذا نحبه، والوجه الذي نكره لا نعرفه تمامًا، ونحن لهذا نكرهه.
أفنان: عن الوجه الذي نكره قيل لنا البنوك التي في أمريكا كل أموال الدنيا فيها، وهي من القوة بحيث لا قوة أخرى في الكون تقهرها، لنفتح أعيننا، منذ بضع سنين، عند الأزمة الأخيرة، على بنوك تنهار الواحد بعد الآخر، ولولا ضخ الخزينة الفدرالية للمال فيها لما قعدت على قفاها. وهذا المال، سيدي المرشد الأعلى، من ورق لا يغطيه ذهب، أو من دَيْن على دَيْن على دَيْن لا يغطيه ثوب.
علي: وعن الوجه الذي نحب؟
أفنان: علمها، تطورها، ذكاء بنيها، طيبتهم، جمال نسائهم، وكل شيء لا علاقة له بالبنوك فيها.
علي: أمريكا كما هي في الأفلام.
أفنان: لهذا، أمريكا هي الحُلم من ناحية والكابوس من ناحية.
علي: نعم، لهذا.
أفنان: ولهذا، الحُلم الأمريكي ليس في الواقع حُلمًا، والكابوس الأمريكي ليس في الواقع كابوسًا، فالحُلم الأمريكي تنقصه النقود ليكون بالفعل حُلمًا، والكابوس الأمريكي واحد من كوابيس هو أقلها هولاً.
علي: نحن لدينا النقود، أوروبا غنية بالديون، اليابان غنية بالديون، أستراليا غنية بالديون، إذن لِمَ لا نكون لأمريكا أستراليا واليابان وأوروبا، فنسدد عنها ديونها، ويكون حلمها حلمنا؟
أفنان: وكذلك، يكون كابوسها كابوسنا.
علي: أنت تفكر في الصين، في الهند، في البرازيل...
أفنان: تخيل، يا شقيقي، الكابوس الصيني معي: ثقافة السوجا، والحزب الواحد، والبسطار الأصفر! تخيل الكابوس الهندي معي: ثقافة البهارات، وأوساخ الغانج، والساري الأحمر! تخيل الكابوس البرازيلي معي: ثقافة المزابل التلفزية، والأطياز الاصطناعية، والرب الأسمر!
علي: من هذه الناحية، صدقت دكتور، الكابوس الأمريكي أقلها هولاً.
أفنان: الكابوس الأمريكي لا شيء أمام كل هذه الكوابيس التي لن نعتاد عليها، ولن يكون لنا منها حُلمٌ نصنع منه أحلامنا.
علي: في الوضع الراهن نسألنا: وهل نكون لأمريكا حلمها أم نظل لها كابوسًا؟
أفنان: في الواقع، الحُلم يُصنع، سيدي المرشد الأعلى، والكابوس يُصنع، صنعتنا أمريكا كابوسًا بالحروب در على بعضها بعض الربح لبعض الوقت، ويمكنها أن تصنعنا حُلمًا بالدروب يدر على كلها كل الربح ولكل الوقت، وهذه الدروب تعرفها هي تمام المعرفة، فتتردد في قطعها، لأنها غارقة في وحلها.
علي: حكامها في الوحل يغطسون، لكنهم لا يغرقون تمامًا.
أفنان: هل يعقل أن يكون حكام العالم حكامها وهؤلاء هم حكامها؟ هل يعقل ونحن على أعتاب القرن الحادي والعشرين، أن تكون لحكامها سياسة "أنا ضدك وأنت ضدي"، "أعمل كل ما في وسعي لسحقك وتعمل كل ما في وسعك لسحقي"، "إما أنا وإما أنت"، ثقافة "أنهي عليك أو تنهي عليّ"! بينما أمريكا ترتعش خوفًا في سخامها المالي، في سخامها الاجتماعي (أكثر من نصف سكانها فقراء وهذا هو كابوسها الأمريكي على كابوسها الشرق الأوسطي الذي لها)، في سخامها الاقتصادي، في سخامها اللست أدري، في سخامها اللست أدري، في سخامها اللست أدري...
علي: السياسيون في أمريكا، السياسيون في الشرق الأوسط، السياسيون في العالم، يجب تبديلهم كلهم، لكن تبديلهم لا يمنع غيرهم من التصرف مثلهم، تحت ذريعة الأمن الشخصي، أوه! معذرة، تحت ذريعة الأمن القومي.
أفنان: مثلما تقول، سيدي المرشد الأعلى، تبديل السياسيين لا يمنع غيرهم من التصرف مثلهم، تبديل النظام السياسي يمنع غيرهم من التصرف مثلهم، وتبديله حسب ورقتي التي تعرفها "الديمقراطية الجديدة"، إلا إذا بدلوا أنفسهم هم بأنفسهم بدافع الأمن القومي بالفعل.
علي: لتكن أمريكا حليفًا تصديقيًا لنا، فتقطع نصف الطريق إلى إنقاذها مما هي فيه، فلا الفهلوة نفعتها، ولا القدس سترت عورتها، وحسابات حكامها الخسيسة، عفا الله عنها، فلتعفُ هي عنها. وإيران مثلما التزمت بالمفاعل النووي مفاعلاً سلميًا، ستلتزم بالتكنولوجيا، وبالاستثمارات، ستلتزم بمحاور العواصم الخمس الفذة التي طهران على رأسها.
أفنان: نحن ننتظر انخراطها في مشروعي الجبار.
علي: إيران تنتظر... الشرق الأوسط ينتظر... العالم ينتظر...
أفنان: لكننا لن ننتظر أكثر مما انتظرنا؟
علي: صبرًا جميلاً، دكتور، صبرًا جميلاً!


7 وأخير

علي: روح الله الخميني مَضْرِبُ مَثَلِ كُلِّ حالمٍ عنيد دكتور.
أفنان: روح الله هو الحلم العنيد عينه، في مدينة قم سقاه من ينبوع إسقاط الشاه، فهدر الينبوع نهرًا في تركيا بعد منفاه، وفي العراق فاض، ثم ماج بحرًا في فرنسا. كانت شروطه من شروطي حتى اكتملت شروطه، فعاد إلى إيران منتصرًا، وشروطي اليوم من أكمل الشروط.
علي: لكن شروطي أنا لم تكتمل بعد، وَعَلَيّ إكمال ما بدأتُ في لبنان، ما بدأتُ في العراق، ما بدأتُ في سوريا، ما بدأتُ في اليمن، لأني حالم عنيد مثل روح الله ومثلك.
أفنان: في إيران هناك من الحالمين العنيدين ما لا يعد ولا يحصى، فهل نجعل لنا منهم كوابيسنا؟ وفي السعودية، وفي إسرائيل، وفي مصر، وفي المغرب، وفي باقي دول المشرق! شروطك من شروطي، سيدي المرشد الأعلى، تكتمل بشروطي. منذ رفسنجاني، وأنت تقول شروطي لم تكتمل بعد، فذهب تعب رفسنجاني في بناء حلمه العنيد سدى.
علي: ليس رفسنجاني وحده، في الماضي البعيد حُلم الحسين، أكبر حالم عنيد في التاريخ، ذهب ماله فيه سدى، وماله أمه وأمته وأبوه وأخوه، وماله نحن اليوم قبل أن نجيء إلى الوجود.
أفنان: يا سيدي المرشد الأعلى، وغير رفسنجاني في الماضي القريب هناك الكثيرون من الحالمين العنيدين الذين لم يحققوا أحلامهم، لأنهم قالوا، أو، قيل لهم، لم تكتمل الشروط، والظروف تملي علينا أن ننهي أولاً ما بدأناه، وبعد ذلك نتفرغ لِمَا ستبدأونه، فلم ينهوا ما بدأوه، ولم يتفرغوا لِمَا سنبدأ. بينما عناد الظروف أعظم من عناد الأحلام، وأقوى، كالفرس الحَرُون هي الظروف، إن لم تلجمها، تغلبت عليك، وبحوافرها هدمت كل الأحلام.
علي: أو بحوافرها جعلت من الحُلم العنيد كابوسًا أعند من عنيد لملايين البشر ولمئات السنين.
أفنان: إذن، أنت توافقني على رأيي، سيدي المرشد الأعلى.
علي: محمد بن عبد الوهاب كان حالمًا عنيدًا، فانظر أي كابوس حلمه!
أفنان: هرتزل، كذلك، كان حالمًا عنيدًا.
علي: هرتزل لم يفهم حلمه العنيد كما تفهم حلمك العنيد أنت، دكتور، ولم ير بعين عناده ما تراه، فوقع في خطأ عدم التوقع، بينما أنت تتوقع كل شيء، ووقع في خطأ عدم التبصر، بينما أنت تتبصر في كل شيء. لم يتوقع هرتزل أن يتصارع القوميون من عرب ويهود فيما بينهم، لِيَمَّحِي الجانب الديمقراطي من مشروعه، ولم ير إلا في نفسه من تطور ورقي في صالح العرب بعد اليهود، ليزيل غيره الجانب الحضاري من مشروعه. بينما أنت ضد كل صراع، ومع الحضارة للجميع، أنت إنسان بين إنسانيين.
أفنان: في مصر كان عبد الناصر حالمًا عنيدًا، وكان في نفس الوقت قوميًا عنيدًا، فذهب القومي بالحالم مع الريح.
علي: مانديلا كان كعبد الناصر حالمًا عنيدًا.
أفنان: لكنه لم يكن كعبد الناصر قوميًا عنيدًا، فتمكن من تحقيق حلمه العنيد، وهو حبيس.
علي: هل تعرف دكتور بمن أريد أن يُشَبِّهَنِي الناس كحالم عنيد؟
أفنان: كحاكم عنيد، سيدي المرشد الأعلى؟
علي: إذا شئت.
أفنان: بمن، سيدي المرشد الأعلى؟
علي: بلنكولن.
أفنان: بمن؟
علي: بأبراهام لنكولن.
أفنان: بأبراهام لنكولن؟
علي: يعرفه الناس كمحرر للسود من العبودية، وهو لم يكن كذلك.
أفنان: من كان لنكولن؟
علي: كان يريد تحرير أمريكا كل أمريكا من العبودية.
أفنان: أنت للشرق الأوسط ستكونه، سيدي المرشد الأعلى، ستكون لنكولن.
علي: عندما تكتمل الشروط، وتنضج الظروف.
أفنان: أنا أرى أن الشروط لا أكمل، وأن الظروف لا أنضج، يكفي أن تتأمل معي غليان الشباب. لوركا كان شابًا يغلي بالقصائد، غليان عبد الله مطلق القحطاني ورائف بدوي وعهد التميمي، فتحولوا، مثلما تحول، إلى رموز لمستقبل بناء عالم حر ليست فيه فروق بين أسود وأبيض إلا باللون، وليست فيه بروق بين سماء وأرض إلا بالشرر، لون الإنسانية، وشرر المعرفة. فهل تريدني أن أترك الشبيبة إلى الأبد مع عنادِ حُلْمِها، وأنا مثلها مع عناد حلمي، وحُلمي على قاب قوسين؟ لوركا قتلوه ليقتلوا الرمز الذي كانه، لكن رموز اليوم لن يمكنهم قتلها، لأنها تسري سريان الدم في الأوردة، ولأن الله تحت كل معانيه، معانيه المادية أولها، يقف إلى جانبها، ويحميها.
علي: الرموز، دكتور، قلتَ فيها خير قول، والشعوب؟
أفنان: الشعوب، أحلامها العنيدة تفوق كل الأحلام، أحلامها العنيدة يفهمها الوليد الأمريكي كالوليد الإيراني أو الوليد العربي أو الوليد اليهودي، وكل وليد يفهمها، لأنه يعرفها، وهو جنين: حلم الحرية، حلم العدالة، حلم الأخوة، حلم المساواة، حلم التقدم، حلم التنفس في عالم يخنقنا فيه دخان الحروب، حلم التنهد في عالم يضغط على صدورنا بحديدِ رؤوسِ أموالِه، حلم التأوه في عالم أطلقنا فيه كل الآهات حتى آهات اللذة في أحلامنا، واللذة في أحلامنا العنيدة لا طعم لها غير طعم النفط والغاز. الشعوب عيل صبرها، فهل نتركها للخراب أكثر؟ للتخريب؟ التخريب مهنة سهلة جربناها، ولم تنفع، والخراب لا يمشي. يمشي الخراب من بيت إلى بيت، ومن حارة إلى حارة، ومن بلد إلى بلد، الخراب لا جنسية له كالعمار، فهل العمار أفضل أم الخراب؟
علي: سؤال كهذا أجاب عليه عنيد فرنسي كان حالمًا مثلك تعرفه تمام المعرفة دكتور.
أفنان: دوغول.
الورقة الرابعة والأربعون: أنا لا أريد...

أنا لا أريد ابن سلمان
أنا لا أريد نتنياهو
أنا لا أريد المداسي الاسم الحركي للسيسي في حروب البلطجة المصيرية والقحبجة الوطنية والإرهاب العسكري
أنا لا أريد محمد السادس
أنا لا أريد عبد الله الثاني (من هو هذا الملك المعظم؟)
أنا لا أريد ابن ناقص
أنا لا أريد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم الأستاذ ذميم
أنا لا أريد آل صباح الشر (نقيض صباح الخير)
أنا لا أريد عباس بلا لباس مثلما يقول المثل الشعبي عندنا
أنا لا أريد حماس الغائط المقدس حماس الشخاخ
أنا لا أريد بوتفليقة خاصة بوتفليقة اللي مو بس فلقها اللي بقنبلة نووية هرشمها (من هيروشيما) ومن قبره بحكم الجنرالات باسمه
أنا لا أريد إردوغان
أنا لا أريد طاغية السودان
أنا لا أريد أرسنة جحش بريمر
أنا لا أريد...
أنا لا أريد...
أنا لا أريد...

أنا أريد إيران وحكام إيران
أنا أريد السعودية
أنا أريد إسرائيل
أنا أريد مصر
أنا أريد المغرب
أنا أريد الأردن
أنا أريد الإمارات
أنا أريد قطر
أنا أريد الكويت
أنا أريد الضفة
أنا أريد غزة
أنا أريد الجزائر
أنا أريد تركيا
أنا أريد السودان
أنا أريد العراق
أنا أريد...
أنا أريد...
أنا أريد...

أنا لا أريد الدين اليهودي
أنا لا أريد الدين المسيحي
أنا لا أريد الدين الإسلامي
أنا لا أريد كل الأديان

أنا أريد موسى
أنا أريد عيسى
أنا أريد محمد
أنا أريد كل الأنبياء

أنا لا أريد الكَنيسات
أنا لا أريد الكنائس
أنا لا أريد المساجد
أنا لا أريد كل المعابد

أنا أريد الكباريهات
أنا أريد الكازينوهات
أنا أريد بيوت المومسات الأوادم وغير الأوادم التي –أي البيوت- في روايات بروست وآراغون وبلزاك
أنا أريد كل علب الليل وكل علب السردين وكل علب التونة وكل علب الصبايا المحجبات

أنا لا أريد الرأسمالية
أنا لا أريد الشيوعية
أنا لا أريد الاشتراكية
أنا لا أريد كل الإيديولوجيات

أنا أريد المالية
أنا أريد الشيعية
أنا أريد الشَّراكية
أنا أريد كل الحريات
الورقة الخامسة والأربعون: أنا لا أحب...

أنا لا أحب دونالد ترامب
أنا لا أحب إيمانويل ماكرو
أنا لا أحب تيريزا ماي
أنا لا أحب أنجيلا ميركيل
أنا لا أحب باولو جنتيلوني
أنا لا أحب شارل ميشيل
أنا لا أحب ماريانو راخوي
أنا لا أحب أليكسيس تسيبراس
أنا لا أحب ستيفان لوففن
أنا لا أحب جوستن تريدو
أنا لا أحب مالكولم تيرنبل
أنا لا أحب فلاديمير بوتين
أنا لا أحب البسطار الأصفر
أنا لا أحب الساري الأحمر
أنا لا أحب الرِّدف الاصطناعي
أنا لا أحب...
أنا لا أحب...
أنا لا أحب...

أنا أحب نيويورك
أنا أحب باريس
أنا أحب لندن
أنا أحب برلين
أنا أحب روما
أنا أحب بروكسل
أنا أحب مدريد
أنا أحب أثينا
أنا أحب ستوكهولم
أنا أحب مونريال
أنا أحب سيدني
أنا أحب موسكو
أنا أحب شنغهاي
أنا أحب نيودلهي
أنا أحب ريو دو جانيرو
أنا أحب...
أنا أحب...
أنا أحب...

أنا لا أحب الديمقراطية على الطريقة الغربية
أنا لا أحب المافيوية على الطريقة الروسية
أنا لا أحب الماوية على الطريقة الميكافيلية ولا الغاندية على الطريقة الرأسمالية ولا المسيحانية على الطريقة الكرنفالية
أنا لا أحب كل الأنظمة الحميرية

أنا أحب برودوي وبيغال وبيكاديللي وجدار برلين –سابقًا- والكوليزيه وكل التماثيل في الساحات الأوروبية وكل السويديات الشقراوات والسمراوات والسوداوات في ساحات الفراش وكل المدخنين للحشيش في ساحات بروكسل وكل البنوك المفلسة في ساحات مدريد وكل العاشقات المدجنات المدخنات للنارجيلة على مقربة من الأوبرا في ميناء سيدني وكل شاربي الفودكا وشارباتها –خاصة شارباتها المؤدلجات- على أنغام البالالايكا ليس بعيدًا عن تماثيل لينين وكل مجانين بوذا وكل مجانين كونفوشيوس وكل مجانين زرادشت وكل مجانين الفروج المقدسة وكل مجانين البراكين المقدسة وكل مجانين الأنهار المقدسة وكل مجانين الناتو الأصفر وكل مجانين الناتو الأسمر وكل مجانين الناتو الأبيض من كل أبيض في أزقة مونريال في أزقة أثينا حيث يشحد أفلاطون وأرسطو في أزقة الوهم في أزقة العالم أبعد ما يكون عن قصور خمسمائة عائلة –عائلتي واحدة منها ستكون- تتحكم في أسعار وأزقة وساحات العالم
أنا أحب الساحة الحمراء
أنا أحب البورصة في شنغهاي وصناعة السينما في نيودلهي ولصوص الساعات الصغار في ريو
أنا أحب كل موسيقى الفرح وكل موسيقى الحزن وكل أدوات القتل التي تعزف عليها الإنسانية

أنا لا أحب الكونغرس
أنا لا أحب الاتحاد الأوروبي
أنا لا أحب الكرملن
أنا لا أحب كل المؤسسات السياسية التي تقمعنا بشباب شيخوختها

أنا أحب لوبيات الكونغرس عندما تراني كما ترى إسرائيل وبنما
أنا أحب دهاليز الاتحاد الأوروبي عندما تسميني باسمي ولا تكتفي بالنقل عني
أنا أحب عصابات الكرملن عندما ترتدي ثوبًا واحدًا على الأقل من أثوابي، فتضع الابن أسد محل الأب أسد، وكأمريكا، وكإيران، تعيد ترتيب أوضاع الشرق الأوسط كما أرتأي
أنا أحب كل ما لا أحبه في السياسة عندما نعلق السياسة في الخزانة

أنا لا أحب السياسيين ولا الصحافيين ولا المقاولين خاصة مقاولي الأكل الأكل الأكل مقاولي المعدة لا العقل
أنا لا أحب المتحجبين بالحداثة
أنا لا أحب المضاجعين للتاريخ
أنا لا أحب كل الأدعياء الشرفاء وكل ربطات العنق الحريرية وكل الكلام الحلو كل الكلام الحلو المر

أنا أحب نساء السياسيين والصحافيين والمقاولين في الفراش
أنا أحب أحجبة الحداثة الممزقة على الصدور البارزة منها الأثداء الخجولة
أنا أحب تماثيل نيرون المحطمة أصابعها
أنا أحب كل كلام يصدم كل كلام يشعل كل كلام يحرر

أنا لا أحب السلام
أنا لا أحب الشعوب
أنا لا أحب الوجود
أنا لا أحب كل ما يمت بصلة إلى الإنسان

أنا أحب الحروب
أنا أحب الدواب
أنا أحب العدم
أنا أحب كل ما يمت بصلة إلى الحيوان























































الورقة السادسة والأربعون: أنا لا أرغب...

أنا لا أرغب في خامنئي قوسًا
أنا أرغب في خامنئي قُزَحًا

أنا لا أرغب في ابن سلمان أبًا
أنا أرغب في ابن سلمان ابنًا

أنا لا أرغب في نتنياهو عدوًا
أنا أرغب في نتنياهو صديقًا

أنا لا أرغب في السيسي ماريشالاً
أنا أرغب في السيسي نفرًا

أنا لا أرغب في محمد السادس طبقًا
أنا أرغب في محمد السادس طباخًا

أنا لا أرغب في عبد الله الثاني رِبْقًاً
أنا أرغب في عبد الله الثاني سَكَّافًاً

أنا لا أرغب في ابن ناقص قضيبًا
أنا أرغب في ابن ناقص ماخورًا

أنا لا أرغب في الأستاذ ذميم مَنيًا
أنا أرغب في الأستاذ ذميم بولاً

أنا لا أرغب في آل الصباح رُضابًا
أنا أرغب في آل الصباح بُصاقًا

أنا لا أرغب في عباس سَفَّاحًا
أنا أرغب في عباس سِفاحًا

أنا لا أرغب في حماس ملاكًا
أنا أرغب في حماس شيطانًا

أنا لا أرغب في بوتفليقة قصرًا
أنا أرغب في بوتفليقة قبرًا

أنا لا أرغب في إردوغان جُرْمًا
أنا أرغب في إردوغان جِرْمًا

أنا لا أرغب في طاغية السودان رسامًا
أنا أرغب في طاغية السودان ألوانًا

أنا لا أرغب في حكام العراق دستورًا
أنا أرغب في حكام العراق إعدامًا




أنا لا أرغب في دونالد ترامب أرضًا
يسفوها رأس المال
أنا أرغب في دونالد ترامب شريكًا

أنا لا أرغب في إيمانويل ماكرو استحمارًا
أنا أرغب في إيمانويل ماكرو استثمارًا

أنا لا أرغب في تيريزا ماي بضائعَ
أنا أرغب في تيريزا ماي (وفي إيمانويل ماكرو) قطارًا

أنا لا أرغب في أنجيلا ميركيل وريدًا
أنا أرغب في أنجيلا ميركيل صنيعًا

أنا لا أرغب في باولو جنتيلوني موصليًا
كموسوليني
أنا أرغب في باولو جنتيلوني محبًا
كبازوليني

أنا لا أرغب في شارل ميشيل متمكيجًا
أنا أرغب في شارل ميشيل متحضرًا

أنا لا أرغب في ماريانو راخوي ماضيًا
أنا أرغب في ماريانو راخوي قادمًا

أنا لا أرغب في أليكسيس تسيبراس أوروبيًا
أنا أرغب في أليكسيس تسيبراس إغريقيًا

أنا لا أرغب في ستيفان لوففن قناعًا
أنا أرغب في ستيفان لوففن وجهًا

أنا لا أرغب في جوستن تريدو رائفًا
أنا أرغب في جوستن تريدو بدويًا

أنا لا أرغب في مالكولم تيرنبل لوردًا
أنا أرغب في مالكولم تيرنبل دُلْفينًا

أنا لا أرغب في فلاديمير بوتين صاروخًا
أنا أرغب في فلاديمير بوتين "لينينًا"

أنا لا أرغب في البسطار الأصفر موطئًا
أنا أرغب في البسطار الأصفر مضجعًا

أنا لا أرغب في الساري الأحمر بطنًا
أنا أرغب في الساري الأحمر بيرقًا

أنا لا أرغب في الرِّدف الاصطناعي جَرفًا
أنا أرغب في الرِّدف الاصطناعي جُرفًا




أنا لا أرغب في ملكة الإنجليز تاجًا
وهي تاجي
أنا أرغب في ملكة الإنجليز تاجي وتاريخي

أنا لا أرغب في كريستين لاغارد مالاً
وهي مالي
أنا أرغب في كريستين لاغارد مالي وثرائي

أنا لا أرغب في جوليانا جولي أختًا
وهي أختي
أنا أرغب في جوليانا جولي أختي وعشيقتي




أنا لا أرغب في عائشة فخرًا
وهي فخري
أنا أرغب في عائشة فخري وعزتي

أنا لا أرغب في مريم طهرًا
وهي طهري
أنا أرغب في مريم طهري وعفتي

أنا لا أرغب في سارة جمالاً
وهي جمالي
أنا أرغب في سارة جمالي وسحري




أنا لا أرغب في القمر نورًا
وهو نوري
أنا أرغب في القمر نوري وماسي

أنا لا أرغب في الشمس ذهبًا
وهي ذهبي
أنا أرغب في الشمس ذهبي وكَنزي

أنا لا أرغب في البحر موجًا
وهو موجي
أنا أرغب في البحر موجي ونَوْئي




























ملحقات























































الملحق الأول: الديمقراطية الجديدة

أولاً

ستكون الوشائج بين الدول العربية، في زمن العلمانية، كما كانت الوشائج بين الولايات المتحدة عند مولدها فدرالية من ثلاث عشرة دولة مستقلة، تتمتع كل منها بميزات معينة، وكالدول العربية تتقاسم نفس الثقافة ونفس الأهداف. سيحترم دستور الدول العربية احترام دستور الولايات المتحدة لهذه الفدرالية، وسيفصل بدقة وصرامة السلطات عن بعضها، السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية عن السلطة القضائية، فيتكلف مجلسا النواب والأعيان بسن القوانين، ويتكلف رئيس بتنفيذها، وتسهر محكمة عليا على احترام الدستور عند القرارات التشريعية والتنفيذية والقضائية. لكن منذ جورج واشنطن، أول رئيس أمريكي، بدأت تظهر التكتلات الإيديولوجية التي أدت إلى تشكيل الأحزاب، وفي البيت الأبيض أخذ الرؤساء الذين أعقبوا جورج واشنطن بتوسيع سلطاتهم، فالحروب تفرض اتخاذ قرارات عاجلة لا تحتمل الرجوع إلى منتَخَبين، بينما نحن، في زمن العلمانية، لن تكون لدينا حروب، وكذلك، ذرائع الأمن القومي كالحياة السياسية والدبلوماسية العالمية تجعل من السلطة المركزية التي هي سلطة البيت الأبيض سلطة ما فوق الدستور، ونحن، في زمن العلمانية، لن تكون لدينا حياة سياسية تطغى على كل حياة، ولا دبلوماسية عالمية تفرض رؤيتها على كل دبلوماسية.

ثانيًا

في الولايات المتحدة اليوم كالأمس لم يمنع الدستور مفاسد النظام الانتخابي، نظام ينكر على أصحاب الاختلافات الإنسانية الحق في التواجد والاستقلال والازدهار، ويجعل منها اختلافات سياسية حول مصالح حزبية هي في الواقع مصالح مافيوية ليس باستطاعتها أن تولد إجماعًا وطنيًا حول المسائل الحياتية للواقع، ليكون تقاسم "الغنائم" بين الحزبين الأساسيين طوال المدة التشريعية، هم يقولون بين اقتصاديي البلد، وهي في الواقع أوليغارشية، حكم القلة، لا حكم المواطنين، جماعة صغيرة نافذة همها الاستغلال.

ثالثًا

لما سبق، ستكون للفيدرالية العربية، في زمن العلمانية، طريقتها الدستورية الجديدة في الحكم، فتمنع الأحزاب، لأنها كتل مافيوية، ولأن أدواتها الإيديولوجية كالماركسية والدينية والليبرالية تقف عاجزة اليوم أمام الثورة الرقمية التي تجتاح العالم، والتي قسمت العالم بين منتجين ومستهلكين، وليس بين عمال وأرباب عمل، فغيرت هذه الثورة التكنولوجية في مرحلتها الرقمية الحالية الإنسان، وغيرت المجتمع بينما -ويا للمفارقة- تَغَيُّر المجتمع لم يغير طريقة الأحزاب في الحكم، التناوب في الغرب والاستبداد في الشرق. في حالة التناوب في الغرب الأحزاب هنا لإدارة أزمة رأس المال، فما يدعى باليسار وباليمين كالنبتة ذات الفلقتين، هما في جوهرهما واحد، لأنهما من نفس "العجينة"، وهما في مظهرهما غير واحد لبعض التدابير والإجراءات الشعبية التي يتغطى اليسار بها. في حالة الاستبداد في الشرق الملك أو الرئيس هو الحزب، وباقي الأحزاب، إن وُجدت، فليست إلا دمى متحركة.

رابعًا

لهذا نجدنا باحثين عن ممارسة سياسية جديدة لواقع اجتماعي جديد الأحزاب بأدواتها الإيديولوجية لا تؤثر فيه، لأن الواقع الاجتماعي الجديد تجاوز إلى الأبد هذه الأنماط القديمة في الحكم التي تنتمي إلى واقع اجتماعي قديم، ومع ذلك لم تزل تصر على تسلق عنق الواقع الاجتماعي الجديد، بينما تغمض الرأسمالية عينيها عنها طالما أنها في خدمتها، ومن بحثنا واجدين نمطًا جديدًا في الحكم محوره الإنسان، لا شيء غير الإنسان، لأن الإنسان اليوم هو القائم في قلب التطور التكنولوجي، كتقني بعد أن انتهى أن يكون عاملاً يبيع قواه العضلية، وكفاعل إنتاجي بعد أن انتهى أن يكون موضوعًا للاستغلال، على الأقل الاستغلال بصيغته المطلقة كما هو عليه في أدبيات الاشتراكيين الماديين والمثاليين على حد سواء، وصار هناك ما ندعوه "بالاستغلال المتفاوَض عليه" بعقد يرضي الطرفين التقني ومالك التقنية. هذا ما يحصل في الولايات المتحدة خاصة، وفي الغرب عامة، وهذا ما سيحصل عندنا في الشرق، في زمن العلمانية، مع تطبيق برامج التنوير والتجديد التي اقترحناها.

خامسًا

بناء على ذلك، سنؤسس لنظام سياسي جديد، فنخلق ديمقراطية جديدة تتواءم مع الواقع الاجتماعي الجديد عمادها منظمات المجتمع المدني، ومفهوم المجتمع المدني مفهوم يشمل كل المنظمات وكل البنيات غير التجارية وغير الدَّوْلِيَّة (من دولة) ينتظم الناس فيها لتحقيق أهداف ومُثُل عليا مشتركة. لهذا بدلاً من المضي عند الانتخاب بأحزاب ترشح من يصوت الناس له وتتنافس فيما بينها، ناسٌ اللاوعيُ يسيرهم في واقع ثقافي متدنٍ تسيطر عليه وسائل الإعلام، وتنافسٌ بالتالي غيرُ شريف، بدلاً من المضي عند الانتخاب بهذه الأحزاب، تقوم منظمات المجتمع المدني بترشيح من ثلاثمائة إلى ألف منتخِب، فإذا كانت لدينا ألف منظمة، كان لدينا مليون منتخِب يمثلون كل مواطني البلد، ومليون منتخِب وعيهم عالٍ بالنسبة لوعي غيرهم، ومن المليون منتخِب يكون المرشحون الذين يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب منهم، وهؤلاء ينتخبون من أعضاء مجلس النواب رئيس الدولة، الذي يعيِّنُ رئيسًا للحكومة، ولا يقوم بأي دور آخر في الحكم غير الضامن للدستور. إنه نظام مراتب المجتمع في أحسن صوره! النظام السياسي الحر الوحيد في العالم وللعالم، لأنه نظام كوني إنساني يتعدى الأحزاب والأقطار والأجناس ابن زمانه، شرطه شرط هذا الزمان، ومن شرطه حل كل الأحزاب، منعها، لكنه لا يمنع أفرادها من المشاركة في منظماته المدنية بصفتهم الفردية، بلا أي طموح شخصي، لأن طموح الواحد الوحيد هو بناء الوطن، وفي الحالة العربية منافسة الأمم في العلم والتقدم.






































































الملحق الثاني: الأنظمة العلمانية

أولاً

تصريح يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن، وفي واشنطن، حول ما تريده بلاده والسعودية ومصر والأردن والبحرين من "حكومات علمانية مستقرة ومزدهرة في الشرق الأوسط"، ليس ابن صدفة، فالنظام العلماني، وليس الحكومة العلمانية، هو ما نطالب بإقامته منذ سنوات عديدة، مما يدل بوضوح على استجابة البيت الأبيض لنا بعد فشل مشروع كوندليزا رايس "الشرق الأوسط الجديد" وفوضاه غير الخلاقة، ومما يدل بوضوحين اثنين لا بوضوح واحد على دفع الإمارات والسعودية ومصر والأردن والبحرين خاصة السعودية إلى قبول رؤيتنا لمستقبل شرق أوسط علماني، يقول السفير الإماراتي خلال عشر سنوات، للمناورة لا غير، فنحن نقول الآن وفي الحال.

ثانيًا

يجب أن تفهم السعودية ومصر والأردن والبحرين والإمارات ما فهمته واشنطن أننا لا نريد حكومات علمانية على شاكلة الحكومات في الأردن أو في مصر أو في سوريا، حكومات لا تعرف العلمانية إلا بالاسم، تتعامل والعلمانية على اعتبار أنها حكومة المجتمع، لا واجبًا من واجبات النظام. نحن نريد أنظمة علمانية، الدين فيها ليس قضيتها، الدين فيها مسألة شخصية، أمر خاص، اختيار فردي، وسفير الإمارات عندما يقول "حكومة علمانية" يحاول عبثًا إخفاء ما ترمي إليه هذه الأنظمة، إقرار السلام الديني في ميدانها الكبير الذي هو المجتمع، والذي خسرت فيه حربها السياسية، ليستقر لها الأمر إلى الأبد كأنظمة قمعية، لا كأنظمة علمانية، وهكذا يتحول مبدأ العلمانية عندها من النظام إلى الحكومة، تحت قراءة مزيفة لمفهوم العلمانية.

ثالثًا

مبدأ العلمانية يقول بإبطال النظام القديم، وإنهاء امتيازات رجال الدين، وتوكيد القيم الكونية التي في مقدمتها حرية المعتقد والمساواة في الحقوق. يكون التعليم فيه على أساس أخلاقي ومدني لا ديني، وكذلك رجال التعليم، والبرامج. ويكون تحرير الدولة المتمثلة بالنظام الجديد من قيودها الدينية وروابطها بالمساجد والكنائس، وخلق معايير سياسية واجتماعية جديدة عمادها العمومية، التي هي مذهب لا يعترف بأية سلطة إلا بالقبول العام، لا بالفردية أو الذرية، رافدها الأساسي الحداثة، لا الشريعة يا سعودية وخاصة لا الوهابية، ونحن بهذا المبدأ نقدم للشعب السيادة لا للحاكم، وتكون للشعب السيد عن طريق منظمات المجتمع المدني مهمة إعادة تحديد الأسس السياسية والاجتماعية المتمثلة بالسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتنظيم الدولة بمركباتها وممثليها البرلمانيين والسياسيين، التعليم، الحياة المدنية، الحقوق، الأخلاق، إلى آخره، وذلك بمعزل عن كل عقيدة دينية.

رابعًا

هذا يعني أن لا مكان هناك والنظام العلماني للنظام القديم، وأن السفير ابن أبي عتيبة كل ما كان يرمي إليه من وراء تصريحه يوم أمس في واشنطن هو إطلاق بالون تجارب يكون بداية النهاية للأنظمة التي ذكرها، خاصة وهي تجتمع في الوقت نفسه ضد قطر، وكل هذه الكوميديا الهزلية التي تريد أمريكا من ورائها التخلص من حكام قطر ومن الحكام الذين هم ضد قطر، فالسعودية الوهابية أكثر إرهابًا ومصر السيسية والمملكة الهاشمية وكل هذه البلدان الباطونات التي هي دول الإمارات ودولة البحرين.

خامسًا

هذا لا يعني أننا نطالب البيت الأبيض بطردها في الحال، قاعدته العسكرية في قطر هل هي عاجزة عن تنفيذ ذلك بخمس ثوان؟ فهو ربها لو قامت أو قعدت ولو آمنت أو ألحدت، لكننا على استعداد للدخول في مفاوضات معه ومعها اليوم قبل الغد، هكذا نؤسس جميعًا لشرق أوسط جديد بالفعل، ولزمن مزدهر تكون فيه فائدة للجميع.












الملحق الثالث: منع الأحزاب

منع الأحزاب لماذا؟

لأن أدواتها الإيديولوجية كالماركسية والدينية والليبرالية تقف عاجزة اليوم أمام الثورة الرقمية التي تجتاح العالم والتي قسمت العالم بين منتجين ومستهلكين وليس بين طبقة وأخرى تتصارع فيما بينهما، فغيرت هذه الثورة التكنولوجية في مرحلتها الرقمية الحالية الإنسان وغيرت المجتمع بينما -ويا للمفارقة- تَغَيُّر المجتمع لم يغير طريقة الأحزاب في الحكم، التناوب في الغرب والاستبداد في الشرق. في حالة التناوب في الغرب الأحزاب هنا لإدارة أزمة رأس المال، فما يدعى باليسار وباليمين كالنبتة ذات الفلقتين، هما في جوهرهما واحد لأنهما من نفس "العجينة"، وهما في مظهرهما غير واحد لبعض التدابير والإجراءات الشعبية التي يتغطى اليسار بها. في حالة الاستبداد في الشرق الملك أو الرئيس هو الحزب، وباقي الأحزاب، إن وُجدت أم لا، فليست إلا دمى متحركة.

لهذا أجدني باحثًا

عن ممارسة سياسية جديدة لواقع اجتماعي جديد الأحزاب بأدواتها الإيديولوجية لا تؤثر فيه، لأن الواقع الاجتماعي الجديد تجاوز إلى الأبد هذه الأنماط القديمة في الحكم التي تنتمي إلى واقع اجتماعي قديم، ومع ذلك لم تزل تصر على تسلق عنق الواقع الاجتماعي الجديد، بينما تغمض الرأسمالية عينيها عنها طالما أنها في خدمتها، ومن بحثي واجدًا نمطًا جديدًا في الحكم محوره الإنسان، لا شيء غير الإنسان، لأن الإنسان اليوم هو القائم في قلب التطور التكنولوجي، كتقني بعد أن انتهى أن يكون عاملاً يبيع قواه العضلية، وكفاعل إنتاجي بعد أن انتهى أن يكون موضوعًا للاستغلال، على الأقل الاستغلال بصيغته المطلقة كما هو عليه في أدبيات الاشتراكيين الماديين والمثاليين على حد سواء، وصار هناك ما أدعوه "بالاستغلال المتفاوَض عليه" بعقد يرضي الطرفين العامل التقني ومالك التقنية. هذا ما يحصل في الغرب، وهذا ما سيحصل عندنا في الشرق مع تطبيق برامج التنوير والتجديد التي اقترحناها.

بناء على ذلك سنؤسس لنظام سياسي جديد

فنخلق ديمقراطية جديدة تتواءم مع الواقع الاجتماعي الجديد عمادها منظمات المجتمع المدني، ومفهوم المجتمع المدني مفهوم يشمل كل المنظمات وكل البنيات غير التجارية وغير الدَّوْلِيَّة (من دولة) ينتظم الناس فيها لتحقيق أهداف ومُثُل عليا مشتركة. لهذا بدلاً من المضي عند الانتخاب بأحزاب ترشح من يصوت الناس له وتتنافس فيما بينها، ناسٌ اللاوعيُ يسيرهم في واقع ثقافي متدنٍ تسيطر عليه وسائل الإعلام، وتنافسٌ بالتالي غيرُ شريف، بدلاً من المضي عند الانتخاب بهذه الأحزاب، تقوم منظمات المجتمع المدني بترشيح من ثلاثمائة إلى ألف منتخِب، فإذا كانت لدينا ألف منظمة، كان لدينا مليون منتخِب يمثلون كل ناس البلد، ومليون منتخِب وعيهم عالٍ بالنسبة لوعي غيرهم، ومن المليون منتخِب يكون المرشحون الذين يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب منهم، وهؤلاء ينتخبون من أعضاء مجلس النواب رئيس الدولة، الذي يعين رئيسًا للحكومة، ولا يقوم بأي دور آخر في الحكم غير الضامن للدستور. إنه نظام مراتب المجتمع في أحسن صوره!

النظام السياسي الحر الوحيد في العالم

وللعالم، لأنه نظام كوني إنساني يتعدى الأحزاب والأقطار والأجناس ابن زمانه، شرطه شرط هذا الزمان، ومن شرطه حل كل الأحزاب، منعها، لكنه لا يمنع أفرادها من المشاركة في منظماته المدنية بصفتهم الفردية، بلا أي طموح شخصي، لأن طموح الواحد الوحيد هو بناء الوطن، وفي الحالة العربية منافسة الأمم في العلم والتقدم.

لهذا

أهلاً وسهلاً بكافة المشارب والأهواء، وخاصة أهلاً وسهلاً بالإخوان المسلمين قبل الشيوعيين، بالمؤمنين قبل الملحدين، فالإلحاد كالإيمان إيديولوجيا، والإلحاد في هذه اللحظة المتطورة من تاريخ الحضارة الإنسانية كالإيمان ليس له أي معنى سياسي، ليس له أي معنى اجتماعي، ليس له أي معنى اقتصادي، الإيمان كما أفهم هو الإيمان بالعلم، لأن الإيمان بالعلم كفر بالجهل، ولأن الصفة الاقتصادية هي صفة الإنسان، الصفة الاجتماعية هي صفة الإنسان، الصفة السياسية هي صفة الإنسان.






الملحق الرابع: دولة فاتيكان مكة والمدينة وقم والنجف

كل شيء جاهز لتأسيس

دولة الحَرَمين، فاتيكان مكة والمدينة، بعد أن أعيد بناؤهما بشكل يتناسب فيه الجهد المبذول مع النتائج، فها هو برج الساعة ثاني أضخم برج في العالم، سيكون مقرًا للدولة، وها هي المكتبة الكبرى حيث ولد الرسول، ستكون نورًا للإسلام، وها هي الشوارع بين المدينتين المقدستين، ستكون رابطًا للحضارة.

ولتحرير الإسلام من المسلمين

أي جعله فوق كل مذهب، وفي الوقت نفسه، جعل كل مذهب ينضوي تحت لوائه، سيضاف إلى دولة الحَرَمين السنيين حَرَمين شيعيين، النجف وقم، فيشكل الأحرام الأربعة أركان الدولة، وعن الأربعة أحرام تنبثق سلطة شرعية عظمى يتكون مجمعها من رجال دين يمثلون كافة المذاهب الفقهية، عند السُّنَّة المذهب الحنفي والمذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي والمذهب الظاهري والمذهب الإباضي، وعند الشيعة المذهب الزيدي والمذهب الجعفري، وهم بهذا يكونون في مجموعهم ثمانية، ومن عندي أضيف تاسعًا، رجل الدين العلماني، مما يتوافق مع الغايات الدستورية للدولة التي أولها الديمقراطية وليست آخرها الحرية في الكرسي القرآني (مقر السلطة العظمى)، ويضمن استقلال سلطته عن أية سلطة أخرى، سياسية في المقام الأول، عند ممارسة مهمتها في العالمين العربي والإسلامي والعالم، وهي سلطة أعضاؤها من كافة البلدان العربية والإسلامية وبلدان العالم، وذلك لرسالة الإسلام الكونية، سيتفق على عددهم وكيفية ترشيحهم وكيفية انتخاب رئيسهم وكيفية إقامة مجمع من الشيوخ والعلماء عليهم، وذلك حسب القانون القرآني.

تتمتع السلطة العظمى

بكافة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويقوم المجمع بمتابعة تنفيذ قراراتها، وكذلك يأخذ هذا المجمع، المنتخب ديمقراطيًا من طرف أعضاء السلطة العظمى، يأخذ على عاتقه مهمة تعيين سفراء وممثلين لدولة الحَرَمين في كافة دول العالم والمنظمات الدولية، ويأخذ على عاتقه مهمة تشكيل لجان حكم وتشريع في الحدود التي يسمح بها القانون، وتكون للمجمع إمكانية اللجوء إلى الخبراء في كل المجالات ومن كل الاختصاصات في العالمين العربي والإسلامي والعالم. ولا بد من ذكر أن للمجمع موظفيه المدنيين لا الدينيين، وحراسه، وميزانياته، فهو حكومة، لكل وزارة ميزانية، وأَهْلِيَّة كل وزارة بحكم القانون، لا بحكم الشيخ ولا الأمير ولا الملك أو الرئيس، سلطة صغرى داخل السلطة العظمى.

وللميزانية العامة لدولة فاتيكان مكة والمدينة وقم والنجف شرطان

الأول ما يدخل من أموال الحج يكون ميزانيتها، وما يخرج من أموال النفط تكون لها حصة فيه، فهي، وليست الدولة في النظام العلماني الذي سنؤسسه في كافة البلدان العربية والإسلامية، ستكون المسئولة مباشرة عن دفع رواتب الشيوخ والأئمة والإنفاق على صيانة المساجد، إنه شرط العلمانية على المتدينين، ألا يتدخل الدين في شئون الدولة وألا تتدخل الدولة في شئون الدين.

بينما

كل قضية مدنية أو قضائية يكلِّف المجمع فيها محكمة خاصة ليس بالضرورة أن يكون أعضاؤها من رجال الدين، وكل ما يتعلق من خلافات بين موظفي الدولة وعمالها وبين الإدارة يبت فيها مكتب العمل التابع للكرسي القرآني الذي هو مقر السلطة العظمى.

وسيكون

للدولة علمها الثلاثي الألوان، أخضر لون الخير، أبيض لون المحبة، أحمر لون التضحية.

وهكذا

نكون قد أبدلنا قانونًا بقانون، قانون الشريعة بقانون التشريع، وجعلنا من الإسلام دينًا حديثًا، ومن أماني روح الله في تصدير الثورة الإسلامية حقائق بالفعل.




الملحق الخامس: حافظ بشار أسد

كم من مرة

اقترحت أن يكون الفتى حافظ، ابن بشار، رئيسًا تحت الوصاية، فنرضي كل الأطراف عندما نبقي على نظام التوريث، ونحترم هذه الخصوصية السورية، وعندما نفتح أبواب السلم، ونرسي الحجر الأساسي للديمقراطية.

في إسبانيا فرانكو

تم الشيء نفسه مع خوان كارلوس، عندما عينه الديكتاتور ملكًا يخلفه، وهو لم يزل شابًا يافعًا، وبعد موت فرانكو، لمواجهة المظاهرات والإضرابات التي اجتاحت البلاد رغم القمع الدموي، ووضع حد للمقاومة المسلحة ضد الفاشية، مقاومة جمعت الأحمر والأسود في جبهة واحدة، أدرك الملك أن من المستحيل الإبقاء على النظام، وأن لا مفر من التغيير، فأصدر قوانين الإصلاحات الديمقراطية، التي أهمها قانون الإصلاح السياسي.

في الحالة السورية

بعد الهجوم الكيماوي الأخير (الغرب يقول أسد وروسيا تقول المعارضة) على كافة الأطراف أن تعلم أن من المستحيل الإبقاء على النظام، وأن لا مفر من التغيير، والتغيير كما أرى لا بد أن يمضي بالكل، بأسد وقد خلفه ابنه، وبالمعارضة وقد خلفتها المعارضة، أعني بذلك خلفت نفسها بنظام علماني لا مكان لِلِّحية السياسية فيه! وبانتظار سن بلوغ حافظ، ستشرف لجنة تأسيسية على إقامة القواعد الشرعية الضرورية لإصلاح المؤسسات الأسدية، قواعد تسمح بإجراء انتخابات ديمقراطية.

أمنيتي الغالية على قلبي

تطبيق ما عرضته في ورقتي "منع الأحزاب"، وذلك بإحلال منظمات المجتمع المدني محلها، والدخول من الباب الأوسع للعصر الحديث، في المرحلة القصوى للحضارة القائمة، مرحلة سميتها مرحلة "الديمقراطية الجديدة".


























































الخاتمة































































ورقاتي السابقة من أجل تغيير الإنسان والعالم كتبتها بحسب فيورباخ وكيف يرى في الدفة الثانية من قوله: "لقد اكتفى الفلاسفة بتفسير العالم بشتى الطرق غير ان الأهم هو العمل على تغييره".

أكثر ما تنطبق الدفة الأولى من قول فيورباخ على المحللين السياسيين الذين هم كمن يطحن الماء، فيخدمون غالبًا من حيث لا يشاؤون أطراف اللعبة السياسية، ويجعلون من أنفسهم أقلامًا دون مقابل.

في المسألة الشرق الأوسطية لم أتراجع قيد أنملة، وهم تراجعوا أميالاً، وفي المسألة الإيرانية لم أتخل عن الجوهري لا بقليل ولا بكثير، وهم تخلوا عن الجوهري وغير الجوهري، فالقليل لديهم في الكثير لا يَجْمَع.

الإنهاء لديهم أسهل حل، وفي المسألة الشرق الأوسطية أسهل حل هو الإنهاء على النظامين الإيراني والسعودي، يقولون إنهاء، ولا يقولون كيف الإنهاء، بينما العمل مع شيوعيي الدين ثوري، في السياق الذي رسمته، والعمل مع دراكولات الدين كارثي، في نفس السياق الذي رسمته، فيكون التقدم مع الإيرانيين، ويكون التقهقر مع السعوديين. هذا لا يعني أنني مع الإنهاء على هؤلاء الأخيرين، كل ما أريده تبديل النظام الوهابي بنظام علماني، تلعب فيه الأسرة المالكة دور الضامن للدستور وللحريات دور الحامي.

لكل فعل ثوري أداة ثورية، قوس قزح، نبهت إليها الحكام الإيرانيين، لينبهوا الرأي العام، بعد أن غرر المحللون السياسيون بالرأي العام، في حديثِ معظمِهِم، عن إيران "بعبعًا"، أو في تدبيج بعضهم –وهم الحمقى منهم الذين لا يرون الأشياء، كما تنطق الأشياء، بمستقبل زاهر لكل الأطراف، إسرائيل أولها- أو في تدبيج بعضِهِم إذن بعضَ أوراقٍ عما يدعونه "مقاومة"، مفردة آه! ما أسهلها، بينما المقاومة، كما أرى، مفردة آه! ما أصعبها، تتجسد في العواصم الخمس الفذة، في التحديث، وفي مؤسسة التحديث.

أمريكا (والغرب) تمثل لديهم الإمبريالية، كمفردة ميتافيزيقية عابرة للقارات والعصور، وبأقلامهم يحولونها إلى أداة لقمعنا وتيئيسنا وحرماننا من الدور الوجودي الذي نريد أن نلعبه في بناء الشرق الأوسط وأمريكا (والغرب) والعالم. أمريكا (والغرب) لديهم عدوة، ولدي شريكة، بل وأكثر، أمريكا لدي فضاء حضاري نذوب فيه، تكنولوجيا، ومال، وصناعة، وزراعة، وثقافة. الناحية الإنسانية، هي هذه التي لأمريكا، لا الناحية الإمبريالية، وهي –أي الناحية الإنسانية- من أعظم النواحي وأبسطها في الديمقراطية الجديدة، كما أرى في ورقتي عنها. وبهذا الخصوص، أنا لا أقصي روسيا، وغير روسيا، أنا لا أقصي أحدًا، لا ولا حتى الهنود، اعتمادًا مني على استراتيجية مواقع الاستثمار لا استراتيجية مواقع النفوذ.

أخيرًا،

ليعبر الأشقاء عن سلامة نواياهم، وعما ينوونه لشعوب الشرق الأوسط من خير، فهم في أعين هذه الشعوب "مطبوعون على الشر"، أقترح عليهم ترجمة هذا الملف الإيراني إلى الفارسية، فيقومون ببادرة جميلة، تعبر عن أصالتهم، ويكون ملفي الثمين بمثابة أداة عمل وتنوير للإيرانيين، بل وأكثر، يكون بمثابة عَقد حضاري بين إيران والمنطقة والعالم.















































أعمال أفنان القاسم

المجموعات القصصية

1) الأعشاش المهدومة 1969
2) الذئاب والزيتون 1974
3) الاغتراب 1976
4) حلمحقيقي 1981
5) كتب وأسفار 1988
6) الخيول حزينة دومًا 1995
7) كوابيس 2013

الأعمال الروائية

8) الكناري 1967
9) القمر الهاتك 1969
10) اسكندر الجفناوي 1970
11) العجوز 1971
12) النقيض 1972
13) الباشا 1973
14) الشوارع 1974
15) المسار 1975
16) العصافير لا تموت من الجليد 1978
17) مدام حرب 1979
18) تراجيديات 1987
19) موسى وجولييت 1990
20) أربعون يومًا بانتظار الرئيس 1991
21) لؤلؤة الاسكندرية 1993
22) شارع الغاردنز 1994
23) باريس 1994
24) مدام ميرابيل 1995
25) الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون 1995
26) أبو بكر الآشي 1996
27) ماري تذهب إلى حي بيلفيل 1999
28) بيروت تل أبيب 2000
29) بستان الشلالات 2001
30) فندق شارون 2003
31) عساكر 2003
32) وصول غودو 2010
33) الشيخ والحاسوب 2011
34) ماكبث 2011
35) ساد ستوكهولم 2012
36) شيطان طرابلس 2012
37) زرافة دمشق 2012
38) البحث عن أبولين دوفيل 2012
39) قصر رغدان 2012
40) الصلاة السادسة 2012
41) مدينة الشيطان 2012
42) هنا العالم 2012
43) هاملت 2014

الأعمال السينمائية

44) إرهابيون 2015
45) رعب 2016

الأعمال المسرحية النثرية

46) مأساة الثريا 1976
47) سقوط جوبتر 1977
48) ابنة روما 1978

الأعمال الشعرية

49) أنفاس (مجموعة قصائد أولى – ثلاثة أجزاء) 1966
50) العاصيات (مسرحية شعرية) 1967
51) المواطئ المحرمة (مسرحية شعرية) 1968
52) فلسطين الشر (مسرحية شعرية) 2001
53) الأخرق (مسرحية شعرية) 2002
54) غرافيتي (مجموعة قصائد فرنسية) 2009
55) غرب (ملحمة فرنسية) 2010
56) البرابرة (مجموعة قصائد أخيرة) 2008 – 2010

الدراسات

57) البنية الروائية لمصير الشعب الفلسطيني عند غسان كنفاني 1975
58) البطل السلبي في القصة العربية المعاصرة عبد الرحمن مجيد الربيعي نموذجًا (جزءان) 1983
59) موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح 1984
60) البنية الشعرية والبنية الملحمية عند محمود درويش 1984
61) بنيوية خاضعة لنصوص أدبية 1985 – 1995
62) دفاعًا عن الشعب الفلسطيني 2004
63) خطتي للسلام 2004
64) شعراء الانحطاط الجميل 2007 – 2008
65) نحو مؤتمر بال فلسطيني وحوارات مع أفنان القاسم 2009
66) حوارات بالقوة أو بالفعل 2007 – 2010
67) الله وليس القرآن 2008 - 2012
68) نافذة على الحدث 2008 – 2012
69) المشروعان مشروع التنوير ومشروع الدولة 2015
70) الله والزنزانة عبد الله مطلق القحطاني 2016
71) إيران والشرق الأوسط الحديث 2018














كلمة الغلاف


هناك تطور في المواقف وتطور في المشاريع، وهناك تنامٍ للأدوار وتنامٍ للأفكار. هناك احتضان لإيران واحتضان لباقي دول الشرق الأوسط، وهناك تآخٍ مع حكام إيران ورغبة في التآخي مع باقي حكام الشرق الأوسط. هناك التزام بإيران والتزام بباقي دول الشرق الأوسط، وهناك شراكة مع أمريكا وشراكة مع باقي دول العالم.

إيران عبقريتي. السعودية عبقريتي. إسرائيل عبقريتي. مصر عبقريتي. المغرب عبقريتي. فرنسا عبقريتي. إنجلترا عبقريتي. أمريكا عبقريتي. روسيا عبقريتي. الصين عبقريتي. الهند عبقريتي. البرازيل عبقريتي... العالم عبقريتي.


لا تهتموا كثيرًا بشكل بيوتكم وطريقة حياتكم وما شابه، بل اهتموا بما يحقق العزة الإنسانية، وبالمُثُل التي حققت لكم النصر.

روح الله الخميني



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران والشرق الأوسط الحديث الخاتمة
- إيران والشرق الأوسط الحديث المقدمة
- أنا لا أرغب أنا أرغب...
- أنا لا أحب...
- أنا لا أريد...
- حوارات بين علي خامنئي وأفنان القاسم 7 وأخير
- حوارات بين علي خامنئي وأفنان القاسم 6
- حوارات بين علي خامنئي وأفنان القاسم 5
- حوارات بين علي خامنئي وأفنان القاسم 4
- حوارات بين علي خامنئي وأفنان القاسم 3
- حوارات بين علي خامنئي وأفنان القاسم 2
- حوارات بين علي خامنئي وأفنان القاسم 1
- الرياض فرانكفورت الشرق الأوسط
- تحذيراتي إلى حكام إسرائيل
- العواصم الخمس الفذة
- ملاحظاتي إلى حكام إيران
- إيران وهيئة أمم انتهى زمنها!
- المظاهرات في إيران هذا ما توقعت!
- كلماتي إلى جان نصار
- الاتفاق الاقتصادي والتجاري بين إيران وأمريكا


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أفنان القاسم - إيران والشرق الأوسط الحديث النص الكامل