أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابحة مجيد الناشئ - لُغتنا العربية تَحتَفل بيومها العالمي















المزيد.....

لُغتنا العربية تَحتَفل بيومها العالمي


رابحة مجيد الناشئ

الحوار المتمدن-العدد: 5730 - 2017 / 12 / 17 - 15:41
المحور: الادب والفن
    


اليوم العالمي للاحتفال باللغة العربية الذي يحل يوم 18 كانون الاول من كل عام.
مساهمتي لهذا اليوم تخص التحديات التي تتعرض لها اللغة العربية في دول المهجر.
وضعية اللغة العربية في فرنسا كَمثال

ان مشاكل المهاجرين في بداية هجرتهم تنتج بشكل اساسي من الانقطاع المفاجيء مع اللغة الأُم، حيث يجدون انفسهم مجبرين على التحدث بلغة البلد المستقبِل والتكيف مع البيئة الجديدة، وهذا بالطبع لا يحدث دائما بغير تصادم، حيث ان لكل مجتمع ثقافته وقيمه وانماط حياته التي قد تختلف أحياناً، بل قد تصل الى حد التناقض مع غيرها...وهذ الامر مشترك عند المهاجرين ومنهم المهاجرين من اصولٍ عربية. فالكلمات والتعابير اللغوية التي قد تكون مرغوبة ومحل تقدير عند شعبٍ من الشعوب، لربما تُعَد منبوذة او انحرافا عن المعيار عند شعوب اخرى. هذه الوضعية تدفع المهاجرين في الغالب لإعادة النظر في سلوكياتهم، وبضمنها بالطبع السلوك اللغوي، لكي يحققوا اندماجهم في المجتمعات الجديدة، وهذا لا يحدث دون صراع وتضحية وتبعات ومشاكل سايكولوجية تؤثر في نفسية هؤلاء المهاجرين وتنعكس على شخصياتهم.
اللغة هذه الوسيلة الانسانية للتواصل، هي ايضاً كالناس تولَد وتنمو وتتطور وتتغير وتشيخ، وقد يدركها الموت لتحل محلها لغات أُخرى اذا تغيرت الظروف الموضوعية لوجودها، كما حدث للغة اللاتينية القديمة، واللغة القبطية وغيرها من اللغات. فاللغة لا يمكن ان تصبح وسيلة للتواصل إ لّا اذا انتقلت عبر الاجيال. وعلى كل حال فإنَ لُغات المهاجرين في دول استقبالهم تكون في الغالب موضوعا للسياسات التي تقودها الى الاختفاء.
ومن اجل فهم وضعية المهاجرين من اصل عربي وموقفهم من لغتهم ومن اللغات الأُخرى، يجب الأخذ في الاعتبار طبيعة التغير الذي تخضع له هذه اللغات المفصولة عن وسطها الأصلي وخاضعة للاحتكاك مع لغة او لُغات أًخرى أكثرَ تقييماً واعتباراً من قبَل المجتمع ومن قبل العوائل المهاجرة نفسها.
لقد اظهرَ البحث الاحصائي للمعهد الوطني للإحصاء في فرنسا لعام 1999 ، والذي يُعتبَر اول احصاء مهم فيما يتعلق بالممارسات اللغوية للأقليات ، عدم الاحتفاظ بميراث لغوي للمهاجرين. فالبرتغالية والايطالية والاسبانية والعربية...كلها تراجعَت من جيلٍ الى جيل وأُزيحَت بواسطة اللغة الفرنسية، وبأنَ لُغات الأقليات منقولة أو مُحوِّلة بشكلٍ أقَل فأقَل :
1/5 من المبحوثين " البالغين ″ يستعمل في الوقت الحاضر في حديثه مع أقاربه من وقتٍ لآخر، لغة أخرى غير الفرنسية، 3/4 من هؤلاء كانوا يتكلمون الفرنسية فقط مع عوائلهم عندما كانوا في عمر خمس سنوات... وهكذا فان المهاجرين حين تطول اقامتهم، يستخدمون الفرنسية فقط في داخل العائلة وبالتالي لا تصبح العائلة إطاراً لتحويل اللغات.
فيما يتعلق باللغة العربية، أظهر هذا الإحصاء عدم نقل وتحويل هذه اللغة ، وفقدانها الكثير من قِبَل ثلاث جاليات مغربية : فنسبة الفقدان بالنسبة للجالية الجزائرية 65 % ، للتونسية 60 %، وللمغربية 30%. لقد تطابقت هذه النتائج تماماً مع نتائج بحثي الميداني الذي اجريته في فرنسا عام 2006 والموسوم ″ مكانة اللغة العربية في فرنسا " والذي كانَ جزءاً من اطروحتي للدكتوراه، حيثُ اظهر هذا البحث أنَ الغالبية من الأطفال والشباب المنحدرين من اصول عربية وعلى الأخص من اصلٍ مغربي " من الذين خضعوا للبحث ″، يستخدمون اللغة الفرنسية فقط في حياتهم اليومية ولا يشعرون بالحاجة لدراسة اللغة العربية، لا من اجل التواصل، ولا من اجل النجاح والارتقاء الاجتماعي. ان هذه الوضعية اللغوية للمهاجرين تَنوَجِد في باقي دول المهجر، كما أنها تنطبق على المهاجرين من دول عربية اخرى كالعراق وسوريا ومصر والاردن... وهي تختلف بالدرجة لا بالنوع. اما التركيز على المغاربة هنا ، فهو يعود الى انهم يشكلون اكبر الجاليات العربية في فرنسا، وأَنَ خاصية هجرة هؤلاء الى فرنسا تختلفُ عن غيرهم من الجاليات العربية ، وفي الحقيقة هم الاغلبية من الاجانب الذين يترددون على المؤسسات المدرسية الفرنسية، وفي الغالب النقاشات تدور حولهم. المغاربة يُظهرون تجمعا واضحا لثلاثة دول عربية ″الجزائر، المغرب و تونس "، وهي قريبة التجانُس من حيث الجوار والظروف المشتركة للهجرة والتشابه الحضاري والمشاعر الدينية...، وللثلاثة وضعيتهم الخاصة المرتبطة بالعامل التاريخي والسياسي، حيث ترتبط وضعيتهم اللغوية بالعلاقة مع الاستعمار وسيطرة اللغة الفرنسية بمواجهة لغتهم الام، اللغة العربية. أما الجماعات العربية الأُخرى، فأسباب وجودها مختلفة وليست بالضرورة لسببٍ اقتصادي او لعلاقةٍ تاريخية، فمنهم الطلاب ومنهم اصحاب الشركات ومنه طلبة اللجوء السياسي واللاجئين الذين أُجبروا على تركِ بلدانهم هرباً من الأخطار، كالحروب والاضطهاد والمجاعة والتمييز الديني والطائفي والكوارث الطبيعية وغيرها.
إنَ اللغة العربية تجتاز اليوم وضعية صعبة في دول المهجر، بسبب علاقات القوة ما بين اللغات المتواجدة في هذه البلدان، وبسبب الصورة المُقولَبة والتي لا تستند الى أُسسٍ موضوعية عن هذه اللغة. فاللغة العربية لا تجد استقبالا حاراً في الوسط المدرسي الفرنسي، ويُترَك التكفُل بتعليمها في الغالب للمنظمات التابعة للمهاجرين فقط، وهذا ما يُساهم في عُزلتها وفي تهميشِها والحكمِ عليها بعدَم النفع للمستقبَل الدراسي والمهني، ليس من قبل بلد الهجرة فحسب، بل من قبل العوائل المهاجرة نفسها. وكل هذا يقود الكثير من أبناء المهاجرين الى استدخال عدم التقييم للغة العربية، لغة الآباء والاجداد ولغة البلد الأصلي لهم، ومُحاولة البحث عن وسيلة للتخلص من هوية غير مُقَيَّمة، بتصريحهِ مثلا بأن اللغة الفرنسية هي لغته الأُم وليس العربية، كما اظهرت ذلك جلياً نتائج بحثنا الميداني. وفي نفسِ هذا السياق اظهرت نتائج هذا البحث، بأنَ الكثير من هؤلاء الأطفال لا يتردَد بإخفاء اسمه الحقيقي ويصرح باسم آخَر، وحين يُسأل عن السبب يعطي اسبابا لذلك، ومن هذه الاسباب على سبيل المثال ″ من أجل الحصول على اصدقاء ، من أجل الشعور بأنه طفل سوي كالآخرين، من اجل ان يكون محترما ، من اجل الحصول على وضيفة في المستقبل وغير ذلك من الأسباب والتي توضح الحالة النفسية لهؤلاء المبحوثين الذين يشعرون جيدا بعدم التقييم للغتهم ، اللغة العربية. وهكذا تصبح نادية " نادَج ″، وليد يصبحَ وِلي، مُراد يصبحَ موس ، ومنعِم يصبحَ ميشَل، وكريمة تصبحَ كرستين...الخ. ولتوضيح الصورة اكثر طرحنا بعض الاسئلة على آباء هؤلاء الأطفال والشباب الذين خضعوا للبحث ، منها :
- اذا استُحدثَ صف لتدريس اللغة العربية في مدرسة ابناءك، هل تفضل ان يدرس اللغة العربية كلغة ثانية او ثالثة، ام تفضل ان يدرس لغات أُخَرى ؟
أظهرَ الآباء بأجوبتهم مشاعر مزدوجة، فهم يتمنون ان يتكلم معهم ابنائهم اللغة العربية ولكنهم بنفس الوقت لا يرغبون باختيارها، ويتحدثون عن ذلك بمرارة بالغة، وفيما يلي بعض اجوبة الآباء :
- أُريدُ لأولادي النجاح في حياتهم ، اختيار العربية لا يجلب النجاح في هذا البلد.
- نحنُ مجبرون على اختيار لغات اخرى لمستقبلهم فلسنا في بلدنا.
- نحب ان يتكلم اولادنا العربية ولكن نخاف عليهم من الفشل في الدراسة.
- احب ان يختار اولادي لغات عالمية تنفعهم .
- العربية جيدة للعطل حتى يتحدثوا مع اجدادهم، للمستقبل لا...لا.
- جئتُ الى فرنسا حتى يكون لأولادي مستقبل وليس لدراسة العربية.
- دراسة العربية لا تنفع اولادنا، لا هنا في فرنسا، ولا في أوربا ولا حتى في البلد.
هذه بعض الأجوبة... فاذا كان المهاجرون انفسهم وابنائهم، يشعرون بعدم التقييم للغتهم العربية، واذا كانت الممارسة للغة الفرنسية تتميز بالاستعمال الواسع في داخل وفي خارج المحيط العائلي، وأنَ المهاجرين العرب لا يختارون دراستها حتى وأن وُجدَت ضمن لُغات اخرى في المدرسة...فكيف يكون الرد الحاسم على مستقبل هذه اللغة، واذا كانت وضعيتها تبدو الآن هكذا، فعلى اي شكل سوف تكون في المستقبَل ؟
هؤلاء الأطفال والشباب ابناء المهاجرين، هل يستطيعون نقل وتحويل هذه اللغة الى الجيل او الاجيال القادمة ؟
أعتقدُ بأنَ الجواب على هذه الأسئلة سيكون فيه الكثير من الإحراج. فمثل هذه المعطيات ستؤثر حتما على مستقبل هذه اللغة، اللغة العربية، وتضعف وجودها، حيثُ لا يمكن لأية لغة أن تحيا وتستمر إلّا اذا مارسها واستمر على ممارستها كلاماً وقراءةً وكتابة الشعب الذي اختارها لغة له.
اكتفي بهذا القدر من التوضيح لوضعية اللغة العربية في دول المهجر واترك المجال للمختصين في هذا المجال.



#رابحة_مجيد_الناشئ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعِر الروائي التشادي نَمرود ضيف بيت الشعر لمدينة بواتيه
- دور نشرٍ فرنسية في ضيافةِ بيت الشعر لمدينة بواتيه
- حينَ ينبثِقُ الأمَل مِن رَحمِ عيد اللومانتيه Quand l’espoir ...
- الشاعر الفَرَنسي فرنسوا دو كورنيَّر Le poète Français Franço ...
- دار النشر تارابست بضيافة بيت الشعر - ÉDITIONS TARABSTE ...
- إِضرابٌ وَمُظاهرات في 8 آذار بدلاً من الهدايا والأزهار Grève ...
- الشاعر والروائي المغربي عبد اللطيف اللعبي في ﭘﻭ ...
- احتفاء بالشاعرة – ﭬﺭونيك جوايو Hommage à la po ...
- ﭙاؤﻻ ﭘﯾﮕاﻧﻲ ...
- الشاعر صلاح جبار العوفي- حلم أطفال العراق - Le poète Salah J ...
- الشاعر الفرنسي فابريس ﮐﺎراﭬﺎ@ ...
- الشاعر العراقي ماجد عزيز الحبيب - Le poète Irakien Majid Azi ...
- شاعرتان بِضيافةِ بيت الشعر - Deux Poètes sont les hôtes de l ...
- الشاعر الفرنسي المعاصِر ميشَل ﺑﺎﮔ᥿ ...
- سوق الشعر الباريسي - إبداعٌ وَموَدَة Le Marché de la poésie ...
- شاعران بضيافة بيت الشعر في بواتيه
- احتفاء بكتابي الجديد الموسوم : ‹‹ دِراسة وَترجمة الى اللغة ا ...
- احتفاء بالشاعر الفرنسي – أَلن بورن Hommage au poète français ...
- شاعر النهرين – غابريَّل أوكوندجي - Le poète des deux fleuves ...
- صدور كتابي الجديد في فرنسا - مختارات شعرية: فرنسي - عربي


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابحة مجيد الناشئ - لُغتنا العربية تَحتَفل بيومها العالمي