أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم القيّم - قصة ( البعث و الحِساب ، و العقوبة و الثواب ) .. في الميثولوجيا المصرية ..!















المزيد.....

قصة ( البعث و الحِساب ، و العقوبة و الثواب ) .. في الميثولوجيا المصرية ..!


هيثم القيّم

الحوار المتمدن-العدد: 5726 - 2017 / 12 / 13 - 16:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قـصة ( البعث و الحِساب ، و العقوبة و الثواب ) .. في الميثولوجيا المصرية ..!

نتداول جميعنا أحد الأمثال المعروفة : ( هو أنتَ على راسك ريشة ..؟) .. لكن ربما الكثيرين لا يعرفون حكايتهُ ..! حكاية المثل مأخوذة من فكرة ( الحق و العدل و النظام ) عند المصريين القدامى .. و لنبدأ القصّـة مِن البداية :
في الألفيّة الثالثة قبل الميلاد أو في عصر الدولة القديمة ما بين (2780 - 2263 ق.م ) كان المصريين القُدامى يضعون على جدران المقابر أو على تابوت المتوفي تمائم و تعاويذ و معها تعليمات إرشادية تُمكّن الميت من تخطّي العقبات والمخاطر التي ستصادف روحه في أثناء رحلته إلى الحياة الأخرى ، وتدُلهُ أيضا على الوسائل التي يتعين عليه أن يستخدمها ليتمّم هذه الرحلة بنجاح من دون أن يتعرض لأي سوء..! سُمّيـت هذه التمائم و التعليمات و التعاويذ بـ ( كتاب الموتى ) ..! أي كل ما يتعلّق بالمتوفي من معلومات و من سلوك و أداء قامَ بهِ في حياتهِ ..!
وهو يشبه الى حد كبير فكرة ( المَلكَيـّـن ) عند المسلمين ، ألذان يجلسان على كتفي المسلم يُسجّلان كل ما يفعلهُ و يقولهُ في حياته ..!
في العصر الوسيط ما بين ( 2134 - 1069 ق.م ) وما بعدهُ ، تمّ تحويل هذه النقوش و الكتابات مِن الجدران و التوابيت الى برديّـة توضع مع المتوفي في قبره .. فيها معلومات شخصية عن المتوفي مِن قبيل أسمهُ / وظيفتهُ / عُمرهُ / ألقابهُ ..ألخ و فيها أيضاً معلومات سيُسأل عنها الميت عند الحِساب مثل أسماء الألهة و عليه حفظها أثناء رحلتهِ من القبر الى يوم الحساب ( حياة البرزخ ) عند المسلمين ..!
و يتضمّن كتاب الميّت هذا أيضاً أعمالهُ و سلوكهُ خلال حياتهِ تُدرج في البرديّة ..! تُـلفّ البرديّة و توضع مع جثة المتوفي أو توضع داخل تمثال صغير من الخشب للرمز ( أوزوريس ) وهو الأله ألذي يرأس قُضاة المحكمة ألـ (42) و هذا العدد هو نفس عدد المدن و الأقاليم المصرية القديمة ، وأحياناً كانت تُدسّ البرديّة بين لفائف المومياء على الصدر تحت الذراعين المطوييّن، أو توضع بين ساقي المومياء ..!
و يوجد نموذج من هذه البرديّـة عُـثرَ عليها في أرض طيبة سنة 1881، ودوّنت أبان الأسرة التاسعة عشر ( 1350 ق.م ) في المتحف البريطاني تحمل الرقم ( 10470) ، وتسمى هذه البرديّة باسم صاحبها ( آني ) وهي على شكل لُفافة يبلغ طولها 23 متراً و60 سنتيمتراً ، وعُرضها 39 سنتيمتراً ، وتتزيّن فصولها برسوم ملونة غاية في الدقة ..! فكرة ( كتاب الموتى ) تعكس فلسفة المصريين القدامى في الرؤية للحياة و الموت ، أذا كانوا لا يعتبرون الموت جزء مُـنفصل عن الحياة بل هو مكمّل للحياة و يستعدّون لهُ كما يجب للعبور نحو الحياة الأخروية .. و دور ( كتاب الموتى ) هنا بما يحتويه من تعاويذ و توجيهات و تعليمات تُساعد الميّت على البعث من جديد و الأنتقال الجنّة حيث يعيش فيها مثلما كان يعيش على الأرض ، لكن بدون أمراض ولا تعب ولا كُبر في السن .. بل يكون رفيقاً للآلـهة يأكل و يشرب معهم في العديد من المناسبات ..!
----
( ماعت ) :
ماعت هي فكرة أو مبدأ ( الحق و العدل و النظام و الأخلاق ) في الحياة المصرية القديمة .. و هي أروع ما أنتجتهُ الحضارة المصرية القديمة ، عن طريق تأسيس فكرة أحقاق الحق و ترسيخ العدالة في الحياة و ما بعد الموت ، واعتُبرت القانون الإلهى الكونى الذى يرسى قواعد الخير والحق و العدل في مواجهة قوى الشر والظلم ..!
ماعت ( Ma et ) جسّـدتها الأسطورة المصرية بشكل آلهه أنـثـى جميلة تتميّز بوضع ( ريشة ) على رأسها أشبَه بـ ريشة النَعام بحيث أصبحَت الريشة رمزاً للـ ( ماعت ) ( الصورة الأولى ) .. و ماعت هي أيضاً أبنة آله الشمس ( رع ) الذي يحكم طبقا لمبادئ راسخة من الحق والعدالة قرّرها هو كناموس عام ، ولذلك نرى هذه الربّة دوما وهي تقف في مقدمة مركب الشمس المقدسة بصحبة ( رع ) خلال رحلته عبر السماء ..!
و يتكوّن نظام ألـ ( الماعت ) مِن 42 فقرة هي عبارة عن أعترافات أو أقرار مِن المتوفي عن ما فعلهُ في حياتهِ مِن قبيل :
- أنا لم افعل أي ضرر للإنسان أو الحيوانات .
- أنا لم اتسبب في ذرف الدموع .
- أنا لم اظلم الشعب ، ولا أضمر لهم أي نية في الشر.
- أنا لم اسرق ، ولا آخذ تلك الآشياء التي لا تنتمي لي .
- أنا لم آخذ من بلادي أكثر من حصتي العادلة من المواد الغذائية .
- أنا لم اتلف المحاصيل والحقول أو الأشجار .
و يُـنسب للمعبودة ( ماعت ) أيضا التحكم في فصول السنة وحركة النجوم ، لهذا سُـميَت مصر قديما : ( أرض النيل والماعت ) ..!
----
تبدأ عملية مُحاسبة المتوفي حين يحين موعد الحساب ، بأن يـقودهُ الآله ( أنوبيس ) يداً بـيد الى قاعة المحاكمة .. و يبدأ الـقُضاة بتوجيه الأسئلة له و أستجوابهُ عن أفعاله في الدنيا ، وهل كان مُتبعاً للـ ماعت أي (الطريق القويم) أم كان من المُذنبين..؟ و يبدأ الميت في الدفاع عن نفسه ويقول مثلاً : لم أقتل أحداً ، ولم أفضَح أنساناً ، ولم أشكو عاملا لدي رئيس عمله ، ولم أسرق ، وقد كنتُ أُطعم الفقير، وأعطي ملبس للعريان ، وكنت أساعد اليتامى والأرامل ، وكنت أعطي العطشان ماءً ..ألخ ثم يبدأ القضاة في سؤاله عن معرفته بالآلهة ، فكان عليه أن يـتذكّر الآلهة بأسمائها من ( كتاب الموتى ) الذي رافـقهُ في قبرهِ .. وحذار أن ينسى واحدا منهم ..!
يُدقّـق الـقُضاة اجوبتهُ مع ( كتاب الموتى ) المرافق له .. بعدها يؤخذ للمرحلة الثالثة من يوم الحساب وهي مرحلة ( البعث ) أو الفناء ..! حيث يقودهُ الآله ( أنوبيس ) ثانيةً إلى عملية وزن القلب أي ( قلب المتوفي ) أمام ( ريشة ماعت ) للفصل في الأمر و للتأكّد هل كان صادقاً بأجوبتهِ أم كاذباً ..! حيث يوضع قلبهُ في كـفة الميزان و توضع ( ريشة ماعت ) في الكفـّة الأخرى ( الصورة الثانية ) .. فإذا نجَح في عملية الوزن أي أن الريشة كانت أثقل من قلبه عندها يُسمّى ( صادق القول ) بمعني ( المغفور له ) مِن الغفران و عندها يُسمَح له بالحياة من جديد .. ويُعيدوا تركيب قلبه في جسمه ( المحنّط ) ويُعطوه ملابساً بيضاء زاهرة ويدخل حديقة الجنة أو الفردوس ، حيثُ الحياة المرفهة و الأنهار و الأشجار و الفواكه ليعيش فيها راضياً سعيداً أبد الآبدين ، يُساعده فيها خدَم يسمّون ( أوجيبتي) أي مُجيبين يُلبـّـون كافة طلباتهِ ..!
وإذا لم ينجح و كان قلبهُ أثـقل في الميزان ، يكون هالكا حيث يكون ( عمعموت) وهو رمز الفناء النهائي بانتظاره .. و ( عمعموت ) هو عبارة عن حيوان خرافي رأسهُ رأس تمساح و جسدهُ جسد أسد و ذيلهُ بشكل فرس النهر ، و يكون واقفا بجانب الميزان مُنتظرا كي يُلقوا إليه قلب المذنب فيلتهمُه على الفور ، ويكون ذلك المصير النهائي للفقيد ..! وفي أثناء ذلك يقوم الآله ( تحوت ) آله الحكمة الذي علّـمَ المصريين القدماء الكتابة و الحساب .. يقوم بتسجيل نتيجة الميزان في سجلّـهِ الأبدي ..!
( عمعموت ) يُمثّل الجحيم في الأديان الأبراهيمية .. لكن لو لاحظنا الفارق المهم بينهما ، هو أن المُذنب في الحياة و حين يكون مصيرهُ الجحيم يؤكل قلبهُ و يفنى مرّة واحدة .. لا أن يبقى يُعذّب طوال الدهر و يُستَـبدَل جلدهُ كلما نضج بجلد آخر أمعاناً في القسوة و العذاب ..!!
من هنا جاءت قصة المثل ( هو أنتَ على راسك ريشة ) أي هل أنتَ على راسك ريشة ماعت ..؟ بمعنى مُميّز و أعمالك كلها صالحة و الآلهة راضية عنك و لن تدخل الجحيم ..؟؟

هيـثم الـقيّم
13 / كانون الأول / 2017



#هيثم_القيّم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أشكالية العلاقة بين الأخلاق .. و الدين ..!
- لماذا التديّن .. ماهو الدِين
- اللعب و التلاعب بورقة التوت .. عمّار الحكيم نموذجاً
- عرض مُبسّط .. ل قصة الخلق البابلية ( الأنوما أليش ) ..!
- مسرحية برلمانية .. عراقية ..!
- ورود من بُستان العَلمانية .. - ( 7 - 9 )
- ورود من بُستان العَلمانية .. - ( 3 -6 )
- ورود من بُستان العَلمانية .. - ( 1-2 )
- موجز عن خلفية العلاقة بين تنظيم الأخوان المسلمين و حزب الدعو ...
- تقديس الأنثى في الميثولوجيا الأولية ...
- كلام من الضرور أن يُقال
- ميثولوجيا الطوفان في الحضارات القديمة ..!
- موجزحول أشكاليّة العلاقة بين العَلمانية و الألحاد
- رؤية لأحداث اليمن
- المختصر المفيد في موضوعة الدولة العلمانية و الدولة الدينية
- أما آن الأوان ...
- لماذا الدولة العَلمانية هي الحل
- كلام لابد أن يُقال ... في ذكرى أربعينيّة الأمام الحسين
- مشكلة الوزارتين ( المُقدّستين ) ..!
- هل لازال شعار ( الأسلام هو الحل ) صالحاً ..؟


المزيد.....




- مجانية.. نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات الان
- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على الأقمار الصناعية مجانًا ...
- ترامب ينشر صورة -مثيرة للجدل- بزي بابا الفاتيكان
- ترامب ينشر صورة له بلباس بابا الفاتيكان بعد -مزحة- أنه يرغب ...
- أحدث تردد قناة طيور الجنة للقمر الصناعي نايل سات 2025 “نزلها ...
- استعدادا لانتخاب بابا جديد... الفاتيكان يثبت المدخنة فوق سقف ...
- جهود سياسية - دينية لمنع تمدد -الفتنة الطائفية- من سوريا إلى ...
- ألمانيا.. زعيم يهودي يدعو لاتخاذ موقف حازم من حزب البديل من ...
- استعدادا لانتخاب بابا جديد.. شاهد لحظة تركيب المدخنة على سطح ...
- الغويري في بلا قيود: حظر جماعة الإخوان ليس موجهاً للعمل السا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم القيّم - قصة ( البعث و الحِساب ، و العقوبة و الثواب ) .. في الميثولوجيا المصرية ..!