|
لحظاتُ صِدق
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5725 - 2017 / 12 / 12 - 22:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كُل إنسانٍ ، سواء كانَ مسؤولاً كبيراً أو شخصاً عادياً ... لا بُدّ أن تمُرَ بهِ ( لحظاتٌ صادقة ) . قد تكون هذهِ اللحظات شيئاً عادياً ومُتكرِراً لدى بعض الناس الأسوياء ، لكنها على الأغلَب ، نادرة عند المسؤولين عندنا ، بل رُبما نادرة جداً ! . ولقد إقتنصتُ بعض هذهِ اللحظات الصادقة النادرة : * قبلَ يومَين ، مَرَ السيد " قُباد طالباني " نائب رئيس حكومة أقليم كردستان ، بلحظة صِدق ، قالَ فيها أشياء في مُنتهى الخطورة : .. أننا شّكَلنا لجان للتحقيق في قضايا فساد ، وتبينَ أن هذهِ اللجان نفسها فاسدة ! / ان مفوضية النزاهة لا تستطيع لوحدها ان تحُد من الفساد / ان هنالك مسؤولين عسكريين كِبار ، يتبخترون في الإعلام ، لكنهم ينهزمون أثناء المعارك الحقيقية ، بل ويبيعون السلاح والعتاد في السوق السوداء ! / هنالك مسؤولون مهمون يقولون في الفضائيات بأنهم يحاربون الفساد وهُم أنفسهم يقودون مافيات كبيرة للنهب وفَرض الأتاوات / هنالك مسؤولون يتشدقون بالديمقراطية وحقوق الإنسان ويقومون بنفس الوقت بإغتيال الصحفيين ! . ياسيدي يانائب رئيس الحكومة ... هل حقاً إكتشفتَ الآن فقط ماحدث ويحدث ؟ أنا والعشرات من زملائي الكُتاب والناشطين ، قُلنا هذا الكلام مِراراً وتكراراً ... لكن أحداً منكم أنتم المسؤولين الكِبار لم يُكن يصغي إلينا .. لكن على أية حال ، شكراً لهذا الإعتراف رغم تأخُرِهِ كثيراً . * قبل سنتَين ، وصلَ سعر برميل النفط إلى أدنى مُستوياته ، إذ بلغ 24 دولاراً ، فتفاقمت أزمة الرواتب في الأقليم ، وأصبح المُوظف يستلم نصف أو ثُلث الراتب كُل أربعين يوماً تقريباً ، ثم بعد ذلك بأسابيع ، إرتفع سعر برميل النفط ليبلغ حوالي الخمسين دولاراً للبرميل ... فتنفسَ الناس الصُعداء وتوقعَ الجميع ، بأن تعود الأمور كما كانتْ ، لكن وزير الموار الطبيعية " آشتي هورامي " ظَهرَ حينها في مُؤتمرٍ صحفي ، وعندما سُئِلَ : .. بعد بلوغ سعر برميل النفط 50 دولاراً ، هل ستُحَل أزمة الرواتب ؟ أجابَ : .. حتى لو تجاوزَ سعر برميل النفط 100 دولار ، فأن الأزمة ستستمر بل وستتفاقَم !! . عندها تفاجأ الكثير من الناس والمُحللين أيضاً ، من جواب السيد الوزير وتشاؤمهِ وسوداويتهِ ... لكن في الحقيقة ، كان الرجُل يَمُرُ بلحظة صِدق ! . ولو أنهُ لم يشرح ولم يسهب في التفاصيل ، لكنهُ كانَ يقصد : حتى لو بلغَ سعر برميل النفط أكثر من مِئة دولار ، فأنهُ مع عَدم الشفافية الحالي / ومع الفساد الشنيع المُستشري / ومع سوء توزيع الثروة / ومع العدد الهائل من مُستلمي الرواتب ... فأن الأزمة ستستمر وستتفاقَم . ياسيدي ياوزير الموارد ... لطالما قُلنا هذا الكلام ولكنكم لم تستمعوا لنا .. على أية حال شُكراً لإعترافكُم ولو أنهُ كان غامِضاً وغير صريح ... ولا تنسى جنابك بأنك جُزءٌ مِنْ آلة الفساد وعدم الشفافية وما وصلنا إليهِ ! . * قبلَ سنين عديدة .. زارَ رئيس الأقليم السيد " مسعود البارزاني " ، جامعة دهوك للإطلاع عن كَثب على سَير التعليم العالي ودَعماً لهذهِ المؤسسة . وفي قاعةٍ ضّمَتْ الأساتذة والأكاديميين الذين يُمّثلون نُخبة المجتمع ، بادرَ أحدهم نيابةً عن الآخرين ، مُخاطِباً مسعود البارزاني : .. أن تشريفكم لنا هنا ، هو يومٌ تأريخي ، واُطالب ان يكون هذا اليوم من الآن وصاعداً ، مُناسَبة للإحتفال بيوم جامعة دهوك ! . ولكي يُزايِد عليهِ " أكاديمي " آخَر ، نهضَ أحدهم وقال : يا سيدي ان جامعتنا تتشرف بمنحك شهادة فخرية ! . من مَحاسن الصُدَف ان السيد البارزاني كانَ يمُر بلحظة صِدقٍ صافية ، فرَدَ عليهم : ... أولاً ، أنا كمسؤول ، أقومُ بواجبي المفروض عليّ .. وزيارتي هذهِ روتينية ، ولا تستدعي هذه الضجة .. وان يوم تأسيس الجامعة هو التأريخ المعقول ليكون يوم الجامعة ، وليس يوم زيارتي . إبتعدوا عن أساليب نظام صدام البائِد ولا تصنعوا بتصرفاتكُم الإنتهازية ، طُغاة جُدُد !! . ثانياً .. أما منحي شهادة فخرية ، فأرجو إعفائي من ذلك التكريم ، فأنا حتى لستُ خريج إعدادية ولن أرضى لكُم ذلك ولن أرضى لنفسي ذلك !! . ياسيدي ... كان ذلك قبل سنين عديدة ... ياليتكَ إستمريتَ في إسكات وعدم إفساح المَجال للمُطبلين والمُنافقين والطُفيليين ، مِنْ حَولِك . لكنكَ لم تفعَل ! . كَمْ نحنُ بحاجة أن يَمُرَ مسؤولونا بلحظات صِدقٍ كثيرة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن السِلم الداخلي في أقليم كردستان
-
الدولار .. والهَيْمنة
-
حِوارٌ مع الذات
-
إغتيالُ حلم
-
خّلِصوا أنفُسَكُم !
-
إرفعوا إيديكُم عن كُردستان
-
سوفَ نَرى
-
- خطوة إلى الأمام .. خطوتَين إلى الوراء -
-
كفى لحُكامِ بغدادَ وأربيل
-
مسرحيةٌ في مُنتهى البذاءة
-
- أحمد يونس - ... محطات من حياته
-
حمكو المجنون يقول : الإنتخابات ستُؤجَل
-
صِراعٌ على الحدود
-
بين أربيل وبغداد
-
رسالة إلى الشوفينيين العَرَب والكُرد
-
عَنْ وحَولَ إستفتاء كردستان
-
دعوةٌ إلى التعقُل والهدوء
-
مَعَ ... ضِد
-
القميص
-
إستفتاء الإنفصال .. مُلاحظات بسيطة
المزيد.....
-
أوقفت عمليات التوصيل ليومين.. أمازون تستأنف عملها بعد اصطدام
...
-
الموافقة أو -الجحيم-.. ترامب يُحدد الموعد النهائي لحماس للرد
...
-
نزلة برد أم إنفلونزا أم كوفيد؟ هكذا نميّز بينها
-
والدة علاء عبد الفتاح:- لم أخش الموت، بل خفت على أبنائي-
-
الفل اليمني… عبق يزين الأعراس وينعش الأسواق
-
أمنستي: العدوان الوحشي على غزة أطلق نزوحا كارثيا جديدا
-
الكويت تدعو للإفراج عن معتقليها بأسطول الصمود ومسقط تعلن إيق
...
-
من سيفوز برئاسة وزراء اليابان؟.. مجلة إيكونوميست تجيب
-
وفاة مؤثر صيني شهير بعد سقوط مروحيته خلال بث مباشر
-
لميس تحدثكم من الجحيم
المزيد.....
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
المزيد.....
|