|
مسرحيةٌ في مُنتهى البذاءة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5674 - 2017 / 10 / 20 - 21:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هنالك مسرحيات كوميدية ، تمتعك حينما تُتابِعها ... وهنالك أيضا مسرحيات تراجيدية ، فيها من الحبكة والدراما الراقية ، تجبرك على المشاهدة والتفاعُل . أما ما يجري من أحداث منذ فجر السادس عشر من هذا الشهر ، فأنهُ قائمٌ على سيناريو خبيث وإخراجٍ متهور ... يدعو إلى الغثيان . ومادامتْ هي مسرحية ، دعونا نُسّلِط الضوء على بعض الفصول : * لم يستمع السيد مسعود البارزاني ، لكلام ومقالات أمثالي ، الذين كُنا واثقين ، بأن إدارة الأقليم لم تبنِ أساساً جيداً ، للإستفتاء والإنفصال عن العراق ودعواتنا إلى تأجيله . بل لم يلتفت أيضاً إلى تحذيرات عراقية وأقليمية ودولية أيضاً . كُل العواصم من بغداد وطهران وأنقرة وبروكسل .. الخ ، في جهة . وواشنطن في جهةٍ أخرى .. لأن حتى المبتدأ في السياسة ، يدرك ، بأن أمريكا هي اللاعب الأساسي في المنطقة . وعندما رفض الإستماع إلى " نصيحة " الإدارة الأمريكية بتأجيل الإستفتاء . فأنهُ بهذا أغضب واشنطن كما يبدو . أعتقد أن أمريكا ، قرَرَتْ حينها [ مُعاقبة ] سُلطة الأقليم . والولايات المتحدة ، لم تعُد تُنجِز خططها مُباشرة ... فهنالك دَوماً مَنْ يقوم بذلك نيابة عنها . ودفعتْ العبادي إلى تنفيذ الأمر بكُل سهولة ، تحت غطاء " تنفيذ الفقرات الدستورية " والتقدُم نحو المواقع التي كانت تحت سيطرة الحكومة الإتحادية قبل 9/6/2014 . وتغاضَتْ عن إشراك الحشد الشعبي وحتى تحركات قاسم سليماني هنا وهناك . * سّرَبتْ الأوساط الأمريكية ، أن واشنطن بصدد إلغاء الإتفاق النووي مع إيران ، وأنها تسعى إلى إدخال الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس ، في قائمة المنظمات الإرهابية . فهّلَلَتْ الإدارة الكردستانية وبلعتْ الطُعم ، وأشاعتْ بين مُؤيديها ، ان الطائرات الأمريكية ستقصف أي قوة من الحشد الشعبي تتعرض للبيشمركة ... حيث أنهم يعتبرونها قوات إرهابية ! . * يبدو ان أجهزة الإستخبارات والمخابرات العائدة ، لطَرَفَي السلطة أي الديمقراطي والإتحاد .. لا تهتم كثيراً بجمع وتوثيق وتحليل المعلومات ، التي من المُفترَض أن تُجمَع عن تحركات الجيش العراقي والحشد الشعبي وجيوش ومخابرات تركيا وإيران .. ولا نوع وكمية التسليح عند تلك الاطراف التي يمكن أن تصطدم معها . بل ان إهتمامها يبرز في قمع كُل صوتٍ مُعارِض في الداخل . * فصلٌ " بايخ " فعلاً : هل تعتبر الإدارة في الأقليم ، أن الحكومة العراقية ( عدُوة ) للأقليم ؟ إذا كان الأمر كذلك ، فماذا يفعل قائد القوة الجوية ومدير الإستخبارات العراقية ورئيس الجمهورية في بغداد ؟ وهُم ممثلون للحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني حصراً ؟ ماذا يفعل السفراء وكبار الموظفين وأفواج الحماية في بغداد ، إذا كانت بغداد عدوة ؟ * لم تفشل الإستخبارات الكردستانية ، في القيام بعملها المُفترض بحماية الأقليم من المخاطِر ، فقط .. بل أن الحزب الديمقراطي ، فشلَ فشلاً ذريعاً في إبقاء حليفه الإستراتيجي " الإتحاد الوطني " قوياً مُتماسِكاً .. بل بالعكس من ذلك ، سعى بطُرِقٍ غير مُباشِرة إلى إضعافه أكثر وتفتيته ، على أمل بسط نفوذه تدريجياً في معاقل الإتحاد التقليدية .. وكانَ ذلك خطاً قاتلاً . * قوات البيشمركة مشهودٌ لها بالشجاعة والإقدام .. لكن بل لكن كبيرة وتحتها خطين : تعاملتْ إدارة أقليم كردستان ، مع البيشمركة ، بعقلية تقليدية متخلفة رغم كُل التحذيرات والصيحات . فلا تسليحها يُعتَد بهِ ولا تدريبها مقبول ولا هي مُوّحَدة أساساً ... حيث لا يمكن لقوات البيشمركة بهذه الحالة ، مُجابهة " جيش " لدولة ، حتى لو كانت هذه الدولة تُعاني من فوضى وفساد مثل العراق . كانتْ الإدارة في الأقليم مُقتنعة كما يبدو ، بأن الطائرات الأمريكية سوف تحميها في أي مواجهة مع الجيش العراقي أو الحشد الشعبي ، وأن مطار أربيل سيكتظ بطائرات نقل أوروبية تجهز البيشمركة بقاذفات ميلانو وغيرها .. لكن تبينَ ان كل ذلك أضغاث أحلام . في إعتقادي أن زَج البيشمركة في أي معركة ضد الجيش العراقي او الحشد الشعبي ، خطأٌ فادِح ... لا سيما ان أمريكا وبالتالي العالم كله وراءها ، أعلنتْ بأن مايجري في كركوك والمناطق الأخرى " شأن داخلي " وهم لا يؤيدون أي طرف ! . ..................... الولايات المتحدة أظهرتْ قسوتها في " معاقبة " إدارة الأقليم ، في الأيام الماضية ... أما إلى أي مدى سوف تستمر بالعقاب ، فذلك غير واضح في هذه اللحظة : إلى درجة الإضعاف الكُلي للإدارة بحيث ترضى بأية حلول حتى لو كانت مهينة ؟ إلى درجة التخلي الكُلي عن هذه الطبقة وإبعادها عن المشهد عموماً ؟ أم سوف تكتفي بما قامتْ بهِ لحد الآن ، وتترك بعض الفُتات لسُلطةٍ منهكة ؟ .................. بغداد غارقة في مستنقع الفساد ... والحشد الشعبي ملئٌ بعناصر طائفية متهورة تستلم أوامرها من قاسم سليماني ... والوضع في الأقليم أو ما تبقى من الأقليم ، مُهلهَل ومضطرِب ... والذي يدفع الثمن هُم : القتلى والجرحى من كُل الأطراف ... فهناك المئات من القتلى والجرحى وليست العملية بيضاء كما يتوهم البعض . الذي يدفع الثمن ... هُم النازحين من توزخورماتو وكركوك وغيرها الذين فقدوا كل شئ ... الذي يدفع الثمن حتى هذه اللحظة ، هُم المواطنين العاديين في كُل مكان ، من قلقٍ وهَمٍ وخوف على مستقبلهم ومستقبل أطفالهم ... نعم هؤلاء جميعا مَنْ يدفعون الثمن ... وليس الذين تسببوا في هذا الوضع المأساوي من كُل الأطراف .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- أحمد يونس - ... محطات من حياته
-
حمكو المجنون يقول : الإنتخابات ستُؤجَل
-
صِراعٌ على الحدود
-
بين أربيل وبغداد
-
رسالة إلى الشوفينيين العَرَب والكُرد
-
عَنْ وحَولَ إستفتاء كردستان
-
دعوةٌ إلى التعقُل والهدوء
-
مَعَ ... ضِد
-
القميص
-
إستفتاء الإنفصال .. مُلاحظات بسيطة
-
على هامش إستفتاء إنفصال كردستان
-
مُذكرات خَروف
-
مِن هُنا وهُناك
-
أني أحْتَج
-
خواطِر من روبار العمادية
-
- شيائِكة -
-
عن الموصل ، ثانية
-
فوضى اليوم ... فوضى الغَد
-
في إنتظار - العيدية -
-
- دَولة كردستان -
المزيد.....
-
قبل شن ضربة قطر.. ترامب يشعل تفاعلا بكشف اتصال إيراني وما قا
...
-
ترامب يشيد بالضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية
...
-
ترامب ينتقد محاكمة نتانياهو ويصفها بـ-الاضطهاد- ويشيد بدوره
...
-
تقرير: إسرائيل توقف إدخال المساعدات لغزة انتظارا لخطة الجيش
...
-
البيت الأبيض: يورانيوم إيران المخصب -تحت الأنقاض-
-
حزب الله: إيران حقّقت نصرا مؤزرا
-
كيف تطيل عمر مناشف الميكروفايبر وتحافظ على فعاليتها؟
-
16 قتيلا في احتجاجات بكينيا
-
اعتمد على المباغتة.. الجزيرة تحصل على تفاصيل كمين خان يونس
-
الموساد يشيد بعملائه داخل إيران وبدعم الـ-سي آي إيه- للهجوم
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|