أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ناجح شاهين - حقوق الإنسان بين الخصوصية والعالمية















المزيد.....

حقوق الإنسان بين الخصوصية والعالمية


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 414 - 2003 / 3 / 3 - 04:03
المحور: حقوق الانسان
    


 

تبرز مقولة حقوق الإنسان والمواطن بوصفها المحتوى الفعلي لكل ما نقصده بالمجتمع المدني. فاستقلال الفرد وحرياته الخاصة، والديمقراطية كلها تعبيرات مختلفة عن موضوعة حقوق الإنسان. ومع ذلك فما زلنا أبعد ما نكون عن تبني مفهوم موحد لفكرة حقوق بشرية يجمع عليها المجتمع الدولي وترعاها جميع الدول. وللتدليل على ذلك نقدم مثلاً معبراً تماماً. في ذات القارة الأفريقية تم احتجاز مثقف من المحسوبين على المجتمع المدني وهو د. سعد الدين إبراهيم صاحب مؤسسة ابن خلدون للبحث الاجتماعي. وقد قامت الحكومة المصرية بالتحقيق معه في تهم تتعلق بتعاونه مع المخابرات الأمريكية سي.آي.ايه ويبدو أن الرجل قد تعرض لمعاملة غير نزيهة، فقامت منظمات وحكومات من كافة أرجاء العالم _ وخاصة الحر_ بمتابعة القضية وعلى كافة المستويات. وتشكلت حالة ضغط عارمة أدت إلى الإفراج عن الرجل في نهاية عام 2002. والواقع أن المحاكمة ستتواصل، ولكن الاحتجاز الذي يمكن الظن بتعسفه قد توقف بالفعل. إلى هنا لا يستطيع أحد أن يقول إلا أن إحقاق حقوق المواطن واجب إنساني يتجاوز الحدود والثقافات، وأن عالمية الحقوق قد وجدت تطبيقاً فعليا لها. لكن ذات القارة تقدم نموذجاً مناقضاً بزاوية مستقيمة. فقد اعترضت منظمات حقوق الملكية وتجار الدواء لأن بعض الدول مثل البرازيل أنتجت أو أنها تحاول إنتاج علاج الإيدز بأسعار مخفضة. علماً بأن سعره الأوروبي يصل إلى خمسة عشر ألف دولار أمريكي بينما متوسط دخل المواطن الأفريقي لا يزيد عادة عن سبعمائة دولار وهو ما يعني أن كل عشرين أفريقي يمكن أن يشتروا_ إذا وفروا كل نقودهم وهو أم محال بطبيعة الحال_ حاجة مريض واحد من مرضى الإيدز. وإذا تذكرنا أن دولاً في أفريقيا يصل مستوى انتشار المرض فيها إلى ما يزيد على ربع السكان أدركنا بوضوح قسوة المعادلة التي يعانيها الأفارقة أفراداً وشعوباً وحكومات. في هذه الحالة تم تفضيل حقوق الملكية على حق الحياة وحق الرعاية الصحية. وقد تم ملاحقة البرازيليين وطلب منهم التوقف عن إنتاج أدوية رخيصة تسيء إلى استقرار الأسعار وهكذا فإنه من الواضح في هذه الحالة أن مزاعم اليسار بخصوص تشيؤ الحياة وتصنم السلعة لتتعالى على الفرد لها ما يسوغها. كلا إن السلعة أصبحت مع قيمتها التبادلية والربح الذي تجلبه على صاحبها منتجاً أو تاجراً في وضع أعلى من وضع الإنسان الذي تتوقف حياته عليه. وهنا يجب أن نتذكر مقولة اليسار بأن كل اهتمام حقوق الإنسان الليبرالية لا يجعلها في أحسن أحوالها أكثر من حقوق نصف فردية تهتم بحقوق التعبير والضمير والحق في الانتخابات والديمقراطية وحقوق لتنقل..الخ دون أن تصل أبدا إلى ذكر حق الإنسان جدياً في عيش معقول كريم لا يمكن من غيره التفكير في كل الحقوق الليبرالية التي هي في الواقع بترف يقتصر على بالبرجوازيين وأصحاب الدخول المرتفعة من عناصر البرجوازية الصغيرة أما بالنسبة للجمهور من الفقراء فإن من المؤكد أن هذه الحقوق تبدو لهم فائضة عن الحاجة وفي العالم الأفريقي الذي يفتك به الأمراض من كل شكل ولون وآخرها في الواقع هو الإيدز يصعب أن نتوقع أن يعطي الناس كبير اهتمام لموضوعات اللبرلة التي تتطلب ثقافة عالية ومستوى رفاهية وأوقات فراغ تسمح بالاهتمام بما يتجاوز تلبية احتياجات العيش الأساس من نوع المأكل والملبس والصحو ومن البين بذاته أن التعليم الذي يعد في معظم أرجاء العالم حقاً أساسياً ويطلب اعتباره إجبارياً ما يزال في أجزاء شاسعة من أفريقية ترفاً لا حاجة للناس به. وبهذا المعنى فإن أصوات الناس في الجنوب ترتفع بالصراخ بأن حقوق الإنسان كما تتجلى في الإعلان العالمي والعهود الدولية الثلاثة لعام 1966 إنما تقصد جمهوراً ضيقاً لا يتجاوز القارة الأوروبية وربيبتها الولايات المتحدة مع بعض الجيوب الصناعية في آسيا. أما بقية الناس فلم يقصدوا مطلقاً بهذه الحق. ولعل مما يؤسف له أن التطبيق السياسي من أكبر الدول شأناً يمكن أن يسمح بالفعل بمثل هذه الأفكار. وقد لاحظت العفو الدولية في مطلع السنة الجديدة 2003 أن الولايات المتحدة ما تزال تحتجز منتهكة كل القوانين أسرى أفغان وعرب دونما وجه حق. ولنا أن نتذكر كيف قامت نفس الدولة بقصف أسرى القاعدة وهم في قيودهم الثقيلة وقصفت المرضى في المشفى في كابول وقندهار على التوالي. بدا لأصحاب الانتقادات المتعلقة بانتقائية حقوق الإنسان وكونها تقتصر على نصف الكرة الشمالي أن هذه أمثلة لا لبس فيها وأعادوا إلى الأذهان قصف اليابان بالقنابل الذرية على الرغم من عدم الحاجة إلى ذلك، وهو ما كشف عن توجهات عنصرية يصعب إنكارها. بالضبط يصعب على المرء أن يظن أن حقوق الإنسان في عالمنا شيء بسيط ومتجانس وبسبب هذه الانطباع الواضح ربما يجدر بنا أن نفحص بعمق أكبر محتوى فكرة العالمية والخصوصية بالنسبة لهذا الموضوع.
في مشرقنا العربي هناك خوف دائم من الغرب على هويتنا وخصوصيتنا وهو خوف مشروع دون أدنى شك بالنظر إلى تاريخ طويل من الصراع توج باستعمار بلادنا لفترة طويلة. ويضاف إلى ذلك اشتداد موجة العولمة وما يرافقها من مخاوف جدية من انتهاك الأسوار الدفاعية الثقافية المتبقية وهو ما يعني استسلامنا الثقافي والحضاري أمام زحف الرأسمالية في مرحلة نهاية التاريخ على حد تعبير فوكوياما أو اندحارنا في الصراع الحضاري بحسب طبعة هنتنغتون.
ولعل ما يزيد المخاوف انفراد قوة واحدة بالعالم تملك بمشاركة الدول الصناعية الكبرى كل أدوات العولمة مثل البنك الدولي وصندوق النقد ونادي باريس. كما وتمتلك المصادر المالية وغيرها من وسائل مكنتها من تعميم اقتصاد السوق على العالم في سرعة مذهلة. وقد جاءت اتفاقية التجارة الخارجية لتضفي الشرعية على حالة الأمر الواقع التي تم فرضها.
والغريب أنه إذا كان اقتصاد السوق هو أهم تجليات العولمية الاقتصادية فإن حقوق الإنسان هي أهم تجلي أيديولوجي على الإطلاق. وهناك إصرار _ معلن على أقل تقدير_ على اعتبار حقوق الإنسان مقياساً لشرعية أي نظام حاكم. وباسمها يتم انتقاد الأنظمة والدول الأخرى التي ما عاد مسموحاً لها أن تتذرع بسيادتها لتمنع الآخرين من توجيه اللوم لسياساتها في ميدان حقوق المواطنين.
عالمية حقوق الإنسان
" فقد يجب علينا إن ألفينا لمن تقدمنا من الأمم السالفة نظراً في الموجودات واعتباراً لها بحسب ما اقتضته شرائط البرهان أن ننظر في الذي قالوه من ذلك وما أثبتوه في كتبهم : فما كان منها موافقاً للحق قبلناه منهم وسررنا به، وشكرناهم عليه ، وما كان منها غير موافق للحق نبهنا عليه وحذرنا منه وعذرناهم"
ابن رشد، فصل المقال.
لا بد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يدشن عهداً جديداً تتأسس على هديه فكرة أن الحقوق تشمل كل من ولد إنساناً بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى. وفوق ذلك فإن المعاهدات الدولية المختلفة بهذا الخصوص تصب جميعها في خانة أن الحقوق لم تعد شأناً داخلياً على الإطلاق. وهذين الأمرين يصطدمان في رأينا بعقبتين كأداوين: فأولاً لا يمكن لدولة أن تعتبر التدخل في شؤونها أمراً عادياً. سيظل في كل الحالات بالنسبة للدول القوية انتهاكاً للسيادة _ أما الضعيف فإنه يمكن أن يخضع للاحتلال المباشر كما تكشف الوقائع التاريخية السياسية الأخيرة.
في الأوضاع العادية يقع الإنسان فريسة الوهم أن جماعته: طريقة حياتها وقيمها ومعتقداتها تشكل الحالة الطبيعية الصحية للبشر، وأن المختلفين مخطئون على أقل تعديل. هذا إن لم يكونوا خطاة عصاة. ويتطلب الأمر جهداً كبيراً لإدراك أن الجماعات البشرية كلها ودون استثناء جماعات تاريخية. وهي بهذا المعنى نسبية لا تحوز المطلق لتفكر في احتكاره. وإذا توصلنا إلى هذا الفهم يصبح من المتاح حقاً أن نحاور الآخرين بانفتاح، غير واثقين أن الحق كله إلى جانبنا. وبذلك يصبح بالإمكان فحص رؤى الغير بحسب عبارة ابن رشد التي صدرنا بهذا هذا العنوان.
يخشى البعض من التباس معنيي العالمية والعولمة في هذا الزمن الذي تشتد فه العولمة بشكل يعصف بكل شيء بحيث وضع كل مقدرات المعمورة تحت تصرف الدولة العظمى الوحيدة. وعلى الأرجح فإن مفهوم العالمية يشير إلى اشتراك معظم دول العالم وثقافاته في صياغة مفردات حقوق الإنسان حتى وإن بدا لوهلة أن الدول الأوروبية والثقافة الرأسمالية المعاصرة لها الباع الأشد طولاً في ذلك. من هنا فإن عالمية الحقوق تعني فيما تعني أنها كل لا يتجزأ بحيث لا يسمح بالقفز فوق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو الاكتفاء بالحقوق السياسية والمدنية التي تؤكد عليها الفلسفة الليبرالية.
ومن ناحيته يشير مفهوم العولمة فيما يخص موضوعة حقوق الإنسان إلى تعميم مفهوم حقوق الإنسان في الثقافة الأمريكية باعتبارها ثقافة الأمة الصاعدة والساعية للهيمنة على العالم كله. وفي هذا السياق لا يخفى على المراقب الموضوعي أن موضوع الحقوق يستغل ذريعة للتقليل من هيبة الدولة في العالم الثالث بغرض اختراق آخر الحصون التي تخفف من بطش العولمة وتشديدها الحصار على إمكانات وثروات الشعوب الضعيفة، لوضع اليد عليها نهائياً، كما يتجلى في هذه اللحظات التاريخية بصورة واضحة لا يمكن لأحد أن يخطئها.
لاحظنا فيما سبق أهمية ارتباط الديمقراطية وحقوق الإنسان، إذ أن الحقوق تتضمن بشكل أساس استحقاقات ديمقراطية. لكن لنفرض أن الديمقراطية ذاتها وحق تقرير المصير للشعوب أفرزا نظاماً لا يريد الديمقراطية، أفلا نقع في تناقض؟ بمعنى أن نعتبر الديمقراطية طريقة لإلغاء ذاتها أم هل نعتبر الديمقراطية حقاً غير قابل للتصرف بحال من الأحوال؟ هذه في الواقع عينات من الأسئلة التي تثيرها خصوصيات ثقافية معينة عندما تقرأ موضوعات حقوق الإنسان. وهو ما قد نحاول تبينه في مقاربة قادمة.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق وأوروبا وخروج العرب من التاريخ
- السيف والنار في فتح السودان
- حول تأسيس المجتمع مدني
- المجتمع المدني والديمقراطية
- حول الكل الاجتماعي
- المجتمع المدني بين النظرية والممارسة - نموذج: فلسطين
- إما عالم نظيف أو عالم مسلح
- يدقون طبول الحرب، فنرفع رايات الإقليمية
- هل ينقلب سحر الأنكل سام عليه؟
- حرية الفكر والتعبير
- ليس العرب أمة، إنهم مشروع أمة- 2
- ليس العرب أمة، إنهم مشروع أمة -1
- رحلة العذاب عبر الجسور
- عيد بلا فارس ولا جواد
- فنتازيا الدولة السيادية منزوعة السلاح
- إنه زمن عالمية المقاومة
- هل نتجه نحو البربرية الشاملة؟ قراءة تاريخية للأزمة الكونية ا ...


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يدين تشريع البرلمان العراقي قانونًا يجرم -ا ...
- مسئول إسرائيلي يدعو بايدن لمنع مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وجال ...
- هيئة الأسرى الفلسطينيين: سياسة الاحتلال بحق الأسرى لم تشهدها ...
- أيرلندا تهدد بإعادة طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة
- مصدر: المملكة المتحدة لن تستعيد طالبي اللجوء من أيرلندا حتى ...
- القوات الإسرائيلية تقتحم عدة مناطق في الضفة الغربية وتنفذ حم ...
- الأمم المتحدة توقف أعمالها في مدينة دير الزور حتى إشعار آخر ...
- في غضون 3 أشهر.. الأمم المتحدة تكشف أعداد اللاجئين السوريين ...
- حميدتي: قواتنا ستواصل الدفاع عن نفسها في كافة الجبهات ومستعد ...
- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ناجح شاهين - حقوق الإنسان بين الخصوصية والعالمية