أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ناجح شاهين - إنه زمن عالمية المقاومة















المزيد.....

إنه زمن عالمية المقاومة


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 323 - 2002 / 11 / 30 - 03:17
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


رام الله ـ فلسطين المحتلة

 

 

كان كارل ماركس قد لاحظ أن الرأسمالية تطمح إلى رسملة العالم أجمع. ولقد ذهب ماركس حد تصور أن الرأسمالية ستخلق عالماً على شاكلتها وفي كتابات مبكرة مثل البيان أوضح أن نمط الإنتاج الرأسمالي ينتشر في كل مكان وأنه لي يمضي وقت طويل قبل أن يتحد رأسمال المال العالمي في واحد ولذلك بدا له أن طرح الشعار الشهير " يا عمال العالم اتحدوا " هو أمر مسوغ تماماً.

 

والحقيقة أن كل ما هنالك كان يوحي بذلك إذ بدا في تلك اللحظات من منتصف القرن التاسع عشر أن دولاً كثيرة خارج أوروبا مثل مصر واليابان هي على طريق الرسملة الصناعية. غني عن البيان أن ذلك لم يحدث، وقد اقترحت مدرسة التبعية مثلما اقترح بعض المبدعين العرب في وقت مبكر مثل سمير أمين والشهيد مهدي عامل أن النظام الرأسمالي تجسد عالمياً في نموذجين: النموذج السائد في المركز، والنموذج السائد في الأطراف، أو بلغة مهدي عامل: نموذج الرأسمالية الإمبريالية ونموذج الرأسمالية الكولونيالية. ويبدو واضحاً بالنسبية لأصحاب الفكرتين أن رأسمالية المركز أو العالم الإمبريالي تعيد إنتاج التخلف في الجنوب، وتحتجز تطوره عن وعي وعن غير وعي على السواء. إذ ليس من مصلحة الدولة المرسملة أن يترسمل الآخرون، اللهم من حيث نزعة الاستهلاك الشره التي يتم رعايتها على أوسع نطاق، لأن الاستهلاك بالطبع هو مفتاح الغاية الأسمى بالنسبة للرأسمالية وذلكم بالطبع هو الربح من أجل المزيد من الاستثمار والمزيد من الربح. إن وجود منافسة على صعيد الإنتاج هو أمر ضار بالتوسع الاستثماري للمركز، ومن هنا فلا بد من منع إقلاع الأطراف ـ أو المحيط لا فرق ـ بأي ثمن.

 

وعلى الرغم من نجاح روسيا في الانفكاك من السوق العالمي لمدة تجاوزت السبعين عاماً بل واتساع التجربة لتشمل شرق أوروبا ككل وكذلك قطاعات واسعة من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتأسيس منظمات واسعة معادية للسيطرة الرأسمالية الإمبريالية من نوع منظمة عدم الانحياز، على الرغم من ذلك كله، فإن الكثيرين قد ساورتهم شكوك عميقة من البدايات. وقد أوضح الصينيون تحت قيادة ماو شكوكهم في أن موسكو تبني رأسمالية قومية بمعزل عن السوق العالمي الذي لا يسمح بمزيد من الرأسماليات. وقد ذهب سمير أمين أبعد من ماو نفسه في نقد ما يجري مقترحاً نظريته العامة في التطور اللامتكافئ وضرورة انبثاق الثورة في الأطراف_ الجنوب. ولكن الشكوك المشار إليها لا تنفي أن مقاومة عنيفة وواسعة للسيطرة الاستعمارية والنهب كانت تجري على قدم وساق في كل أنحاء عالم المستعمرات القديم إلا أن حلول عقد السبعينات قد كشف أن الرياح لم تجر بما لا تشتهي السفن. وأن نموذج التنمية المنفصل عن المركز لم يكن في الحقيقة منفصلاً. وقد انهارت عدم الانحياز ثم انهارت المنظومة الاشتراكية وولدت جمهوريات المافيا في كل مكان على أنقاض التجارب الاشتراكية والتنموية على السواء. وبدا للحظة أن العصر الرأسمالي السعيد قد أطل برأسه أخيراً ليحسم مرة وإلى الأبد ـ كما ظن فوكوياما ـ مساعي البشرية لبناء النماذج الأفضل لحياتها.

 

لكن بسرعة اتضح أن عالم القطب الأمريكي الواحد يوشك أن يعيدنا إلى عصر روما بأسياده وعبيده مع غياب سبارتاكوس. غير أن البشر برهنوا أنهم عصيون على الاستعباد، وأن المقاومة قد بدأت بالفعل بعد وقت قليل ـ وربما قبل وقت قليل ـ من الإعلان عن العصر الجديد الذي تزامن مع إعلان الحرب على العراق سنة 1991 من أجل " تحرير الكويت ". وبسرعة بدأت الأحداث تتوالى، ودخل أناس لم يكونوا في وارد التوقع الثوري في العقد السابق، الباب من أوسع أبوابه، ومن هؤلاء الإسلاميون الذين ربما شاركوا في زمن معين في حروب الرأسمال العالمي ضد الشيوعية الروسية التي اعتبرت رمز العلمنة والإلحاد في مقابل الرأسمالية المسيحية المؤمنة. ولكن الأمر  لا يقتصر على الشر الإسلامي بإرهابه المجنون كما يذهب بعض المدعين، فالواقع أن حركات مقاومة العولمة في أوروبا تحديدا تحشد مئات الآلاف من البشر لمقاومة عالم القطب الواحد الذي رغب في إعادة البشرية إلى زمن الاستعمار الصريح. وقد اتضح ذلك في عديد المناسبات. وبعد ذلك ظهرت أعراض أخرى للتنغيص على السيطرة التامة للقطب الأمريكي، ومن ذلك مطاردة المصالح الأمريكية في كل مكان. ولعل التقلص الواضح في نشاطات ماكدونالدز وكنتاكي وكوكاكولا هي مؤشرات على كل ما يجري من نشاطات شعبية مقاومة في العالم أجمع. وتترافق الظاهرة حتى مع نوع من المقاومة المسلحة التي قد نختلف أو نتفق معها، لكنها بدورها تعبر عن رفض الإنسان في كل مكان الاستسلام للرغبات الأمريكية. ومن أبرز ملامح ذلك الأعمال المسلحة ضد المطاعم والشركات الأمريكية، خصوصاً في العالم الثالث. وإن الهجوم على تلك المصالح يشمل اليوم طيفاً واسعاً من الدول والشعوب.

 

نعم إن التفوق الأمريكي العسكري هو تفوق ساحق لم يشهد له التاريخ مثيلاً من أي نوع كان، ولا بد أنه تفوق كمي ونوعي هائل بكل معنى الكلمة. ولكن ذلك التفوق بالذات يخنق الإنسان وإحساسه بالكرامة والعدالة إلى درجة إخراجه عن طور العقلانية إلى طور الجنون. ولعل ما جرى في نيويورك بحق التوأم المشهور يأتي في باب الرفض الانقلابي للغطرسة الأمريكية. وسواء وعى الأمريكيون ذلك  أم لا، فإن بشراً كثيرين عقلاء ومجانين سوف يكررون التجربة؛ إذ أن دفع الناس إلى الجدار الأخير سوف يقودهم إلى اجتراح أكثر أشكال العنف تدميراً وتوجيه المقاومة إلى كافة الأهداف باعتبارها جميعاً مشروعة دون تمييز لمدني من عسكري. ويضاف إلى ذلك توسع أشكال المقاومة الأخرى ـ والتي قد تكون هي الخيار النهائي للمقاومين ـ ومنها المقاطعة الشعبية وفك الارتباط الطوعي بالرأسمالية عن طريق تعزيز حركة شعبية واسعة وفي كافة أرجاء المعمورة.

 

ربما أن كل شكل من أشكال المقاومة سوف يجر المزيد من الابتكارات القمعية لرأس المال الذي يتحول إلى وحش دموي هائل عند درجة معينة من الأرباح على حد ما رأى ماركس في " رأس المال ". لكن البربرية الرأسمالية ـ كما اتضح حتى اللحظة ـ قادت إلى المزيد من أشكال المقاومة العنيفة وغير العنيفة، والتي يشترك فيها البشر في كل القارات وفي نفس الوقت تقريباً. إنه زمن يذكر بفكرة ماركس عن اتحاد الرأسمال العالمي ـ أو ليس هذا في نهاية المطاف محتوى العولمة ـ الذي يؤدي إلى، ويستلزم اتحاد عمال العالم ومتضرريه ومنهوبيه وشرفائه، وكل أصحاب الحلم الإنساني الذي طمح إلى بناء عالم للإنسان وليس عالما يستعبد فيه البشر لمصلحة حفنة من مهووسي الربح المنزرعة في أبراجها العالية في عواصم الدنيا السبع. إنه على الأرجح زمن ولادة المقاومة العالمية الإنسانية بوصفها رداً ضرورياً ومشروعاً على البربرية الرأسمالية في طورها الذهبي. 



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نتجه نحو البربرية الشاملة؟ قراءة تاريخية للأزمة الكونية ا ...


المزيد.....




- السعودية.. تداول فيديو -إعصار قمعي- يضرب مدينة أبها ومسؤول ي ...
- أبرز تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول غزة وهجمات إيران وال ...
- مصرع 42 شخصا بانهيار سد في كينيا (فيديو)
- رئيس الوزراء الإسباني يقرر البقاء في منصبه -رغم التشهير بزوج ...
- -القاهرة الإخبارية-: مباحثات موسعة لـ-حماس- مع وفد أمني مصري ...
- مستشار سابق في البنتاغون: بوتين يحظى بنفوذ أكبر بكثير في الش ...
- الآلاف يحتجون في جورجيا ضد -القانون الروسي- المثير للجدل
- كاميرون يستأجر طائرة بأكثر من 50 مليون دولار للقيام بجولة في ...
- الشجرة التي لم يستطع الإنسان -تدجينها-!
- ساندرز يعبر عن دعمه للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ويدين جميع أش ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ناجح شاهين - إنه زمن عالمية المقاومة