أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -2-















المزيد.....

كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -2-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5687 - 2017 / 11 / 3 - 00:20
المحور: الادب والفن
    


المقطع الثاني
*****
ملاحظة: لا يَتبنَّى مُؤلف هذه الحوارية المُتْعِبة الآراء المنقولة عن شخوصها.
*****
نظر الأب إلى سناء وقال: وأنت يا حبيبتي سناء، لماذا تستفزين أختك والشمس لم تشرق بعد؟ مع صباح كل يومٍ ومع كل حدثٍ جديد تتعمَّق الْهَوَّة بين السوريّين أكثر ويبلغ الشَّرْخ ذروة جديدة في طريقه للوصول إلى الذروة الأعظم التي ستتَسَبَّب في فصل الجسد الواحد إلى كتلتين متنافرتين، لن يكون بالإمكان لصقهما ثانيةً بشكلٍ متين.
تضايقت سناء من فلسفته الصباحية، حاولت تغيير الحديث: يا جماعة، لم يسألني أحد، لماذا تأخرت بالنوم؟
الأم: أخبرينا يا دكتورتنا عن السبب؟
سناء: هاجمتني الكوابيس طيلة الليل، حلمت بالدم والأشلاء، بانفجارات في باحة المدرسة حيث تتعلم بيلسان، حلمت بالهرب مع أصدقائي، حلمت باللجوء. وها هي كوابيسي قد تم تفسيرها على ما يبدو عن طريق هذا النقاش الذي بدأ دون نهاية تلوح في الأفق.
الأب مُتهكماً: لا عليك، الحلم والكابوس يلعبان دوراً مهماً بالتكيف مع الأوضاع السائدة في سوريا منذ عشرات السنين. لقد سمعت أحد أصدقائي يتكلم في إحدى مقابلاته مع الإذاعة عن أهميتهما. لكن ليس هذا حديثنا، لم تجيبي على سؤالي بعد. لماذا تستفزينها؟

سناء: لا أهدف لاستفزاز أي شخص، أحاول فقط أن أعبّر عن قناعاتي حول مفهوم الشهادة والشهيد والحرب وقتلاها وضحاياها ودمارها وأحذيتها وخُوَذها، بعضهم يريد تقبيل البوط والاِنحناء له وزراعة الورد الملّون في داخله، بعضهم الآخر يرغب في تقبيل الخُوذة وزراعة الورد في جوفها بديلاً عن السيد بوط.
قاطعتها الأم: لأنّهما أصبحا من الرموز المقدّسة بنظر معظم الناس، وهذا حق طبيعي، أليس كذلك؟
سناء: لكننا نستطيع أن نحترم العسكري الفقير الشريف، الأخلاقي حصراً، بطرقٍ ووسائلٍ تعبيريةٍ أُخرى، كأن نقدِّم له وردة من البراري أو هدية معنوية أو بَوْسة، أن نكتب له قصيدة أو قصة عن تضحياته، أو نرسم له وعنه لوحة. لم تُصنَّع الخوذة التي كان زملاؤنا الذكور جميعاً بلا استثناءٍ في معسكرات التدريب الجامعي والخدمة الإلزامية وما شابه يخجلون منها ويحقدون عليها ويكرهونها، لم تُصنَّع تلك السيدة الثقيلة في معامل الدم كي تصير أصيصاً لزراعة الورود، ألا يوجد مكان آخر في هذا العالم الرحب للعناية بالورود وزراعتها إلّا في جوف الخوذ والأبواط؟ وإذا كان السيد البوط مجرّد حذاء جلد برائحةٍ كريهة كما يقول بعض من يدافع عن الخوذة كأصيص، فهل رائحة الخوذة أكثر احتمالاً وهل هي سوى مجرّد واق معدني؟ في النتيجة لكليهما وظائفاً ميكانيكية عسكرية بحتة ولا حياة فيهما. الإنسان، كلمَةُ الشَّرفِ، احترام الوَعْد والعَهْد والوفاء بهما، السلام، العدالة هي بعض الرموز التي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى. أنت تعلم يا أبي قبل الجميع صحة ما أقوله، بحكم عملك كضابط مهندس في إدارة التدريب الجامعي.
لا عدالة، لا سلام يا أبي، لا عدالة، لا سلام يا أمي!

في تلك اللحظة عادت بيلسان وفي يدها كتاب التاريخ. بان الغضب والانفعال على وجهها البريء: اِسمع يا أبي ما كتبوه ويعلموه لنا في مدارسنا الحكومية.
جاء في الصفحة 115 حرفياً: نُحي الرئيس بورقيبة عام 1987 وأصبح زين العابدين رئيساً. في ربيع 2011 انفجرت انتفاضة شاملة ضد سياسته تنحى على إثرها عن منصبه. جاء في الصفحة 77 من نفس الكتاب: قامت حركة معارضة شعبية ضد رئيس اليمن علي عبدالله صالح وتنحى على إثرها. إضافة الى ذلك جاء في الصفحة 120: استطاعت بعض الفصائل المسلحة إنهاء حكم العقيد القذافي في تشرين الأول 2011.
ثم استأنفت: بابا، وتريدني أن أقرأ وأتفوق في الصف التاسع؟ أخبرني أولاً: أليس هذا إقرار رسمي تربوي بشرعية المسماة انتفاضات الربيع؟

أحضرت الأم أبريق الشاي وركوة القهوة.
تدّخلت قائلة: بلى، إنّه اِعتراف واضح وصريح من الحكومة الوزارية، لقد اِتفقت مع الزملاء والزميلات في المدرسة أن نتقدَّم بشكوى رسمية إلى وزارة التربية.
قالت سناء: مؤسَّسات التَّعْليم والتَّربية في سورِيا، المُستسلِمة في قَوْقَعتها الدِّكتاتوريَّة والإِسلاموية، تتحمَّل القِسْط الأكبر من المسؤوليَّة المباشرة وغير المباشرة لما حدَث وسيحدث من تشرذُم. والقادم أخطر!
ضحك الأب وقال: أما هنا يا بيلسانتي، فلدينا ثورة شرعية واحدة هي ثورة البعث، ثورة أوصلت البلد لما هو عليه، ثورة تسمح للمتظاهرين، خاصة مع قدوم الربيع من كل عام، بالرعي في كافة حدائق القصر.
اختفتْ ابتسامته، تغيرتْ معالم وجهه.
حاولت الزوحة تخفيف ألمه: يا أبو صلاح، أنت أول من يعلم بأنّ الفقر والأزمات الاجتماعية والسياسية ليسوا سبباً أو تبريراً لممارسة الإرهاب.
تمتم: بالتأكيد، معك حق.
قالت سناء بجديةٍ: كيف تكون الثورة نظيفة وهي التي تخرج من أحشاء الحاضر مُتّسخة به وتهدمه وتغتسل بوعدٍ أنّ الإنسان جميلٌ حراً؟
أجابها الأب: دعي الأُستاذ مهدي عامل بحاله، وابتعدي عن أوهامك ورومانسيتك.
سناء: لم يعد يجرؤ الكثيرون من المثقفين الأحرار اليوم بحضور بعض أمثالك من الوطنيين التقليديين حتى على فعل الكتابة عن الثورة ومعانيها والتمجيد بها كمحتوى نظري وهدف نضالي، هراواتهم المهترئة وتقاريرهم وأحكامهم التسفيهية الاِتهامية بالانتظار مثلما كانت في الماضي بانتظار كل من يتكلم مثلاً عن وطنيةِ شخصٍ ما بميولِ بعثية أو عسكرية، أو عن من يغير قناعاته السياسية لأسباب شخصية أو عائلية أو لضعف قدراته النضالية وحد الألم والتحمل لديه، لقد تحول مفهوم الثورة بفضل تقليديتهم وقلة ثقافتهم إلى مفردة تشبه في تكوينها تلك المفردة التي كانوا يستخدمونها ويسيطون الناس ويصطادونهم بها ألا وهي: مخبر.
بيلسان: ما يحدث لدينا ليس بثورة يا دكتورة، إنّما جنون وغباء مجموعة من الذكور العاطلين المُفلسين. غياب المرأة آخيل كلّ ثورة. هذا ما قاله لنا معلم التربية القومية محمد البارحة في حصة القراءة، الذي استلم مادة اللغة العربية، بعد أن فرّ معلمها الأصلي الحقود واِلتحق بثورته الميمونة.
*****
يتبع في المقطع الثالث



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -1-
- هكذا تكلَّمَ السيد قَرْوُّشْ
- مشايخ البيبا
- سوق العُنَّابة
- اليهودي حجر الجلخ
- حين تقع في غرام الرئيسة
- مسافة بؤرية
- شَذَرَات فيسبوكية
- إجهادات هصر
- المناضل السابق جهاد النِّمْس
- تاجر العيد
- نَوَافِذ مَفْتُوحَة على مَصَارِيعِها
- أيام في مدينة لايبتزغ
- هانسغروهي
- حفلة مُنَوَّعَات
- اِسْتِنْفار في مدينة حلب
- الحَكِيّ بسركم يا جماعة
- فاصولياء يابسة
- حوار ودّي
- مِنَ الرَّفْشِ إلى العَرْشِ


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -2-