أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نادية فارس - الطريق إلى .. أبي غريب















المزيد.....

الطريق إلى .. أبي غريب


نادية فارس

الحوار المتمدن-العدد: 1468 - 2006 / 2 / 21 - 11:39
المحور: حقوق الانسان
    


أبو غريب .. حالة ٌ عراقيّة ٌ جداً! لاجديد َ فيها غير أنّ أعمال َ التعذيب تخصخصت ! تماما ً كما تخصخصت بقية ُ أعمال البزنس الأخرى في العراق .. وبدلا ً من أن تكون الأدارة ُ قطّاع حكومي عام .. أصبح للأميركان حصة فيها .. مثلما يحصل ُ في بقية منشآت الدولة .

هل استحدث الأميركان .. أبو غريب؟

لا



هو سجن ٌ كان أشبه بكابوس ٍ ليلي .. دُفِنت فيه الالاف ُ من الآمال الشابة العذبة .. وتمرمطت على أبوابه آلاف الأمهات والشقيقات .. ودارت أختامه على سواعدنا فردا ً فردا ً ..

فهل سننسى رحلاتنا الى أبو غريب .. حيث الليالي المشفوعة بالخوف والبرد والترقب والأذلال؟

هل ننسى أن ّ أبو غريب أنشأته ُ عقول ٌ عراقية .. وأدارته سواعد عراقية .. وعاثت بكرامتنا فيه حكومة ٌ عراقية؟



ليس دفاعا ً عن الأميركان .. وليس شماتة بالسنّة .. وليس مظاهرة ً للشيعة ! كما يحلو للبعض أن يفسّر.. لكننا .. وحتى نصل َ الحقيقة .. يجب أن نبحث في جذورها .. لأن ّ الهرولة مع المهرولين .. عمياوي .. قد لاتؤدي اإلاّ الى الأيغال ِ في تشظ ٍ مريع.



في الثمانينات من القرن الماضي .. حيث الحرب ُ تحصد ُ الالاف من الأرواح .. كنا نعيش ُ حالة إنذار ٍ قصوى .. فطلبة ُ جامعة البصرة كانوا بين مطرقة أجهزة الأمن وميليشيات الاتحاد الوطني لطلبة العراق !



فجأة اختفى أخي من كلية الهندسة .. خرج ولم يعد!

ولمدة ِ عام ٍ كامل .. لم تبق َ دائرة أمن إلا وسألنا فيها .. ولم يبق َ مركز شرطة إلا وراجعناه .. ولامستشفى ولاثلاجة أموات .. ولا محافظة .. ولامقر جيش شعبي .. ولا .. ولا .. إلا وبحثنا فيها!



لكن ّ أثر أخي ضاع .. وكأنه ُ ماولدته أمه!



كيف سيكون شكل ُ الحياة لعائلة ٍ .. تبحث في دهاليز مظلمة .. ووجوه جامدة وخالية من التعابير .. تخفي وراءها قلوبا لاتعرف الرحمة أو الأنسانية؟



عراقيون كانوا .. وليسوا بأميركان .. للتذكير فقط!



بعد عام ٍ .. وجدناه !

وصلتنا الأخبار أنه كان سجينا ً في أبي غريب! وحتى ذلك الحين .. لم تجلس أمي في غرفة فيها مبرّدة صيفا .. أو مدفأة شتاءاً .. فقد كانت تجلد نفسها وتعذب روحها .. كي لايتعذب َ وحده!



وكان يوم المواجهة الأولى .. احتفالنا الذي جعلنا نحمد الله ملايين المرات لمجرد أننا لم نستلم جثته وندفع ثمن الأطلاقة المغروسة في رأسه أو قلبه.



هذه السادية .. عراقية كانت



كان القطار المتوجه من البصرة الى بغداد مزدحما ً .. وكعائلة ٍ ضمّت الصغار والكبار .. حديثي الولادة كما العجائز .. الطعام المجمد وقنينة الغاز السائل وطبقة البيض وخمسين رغيف خبز خبزتها أمي قبل السفر مباشرة .. أثرنا انتباه العوائل الأخرى المحمّلة بمثل أمتعتنا .. متضمنة قنينة الغاز السائل أيضا!



تعارفنا .. واكتشفنا أن ّ الجميع في القاطرة .. كانوا متوجهين الى .. أبو غريب!



كم يبلغ عدد سكان أبي غريب ياترى؟ كيف هو شكل أبي غريب ؟

كنت أتساءل في سرّي عن ماهية هذا الرعب الذي يدعى .. أبو غريب.

وقطار البصرة .. بطئ قاتل.. قذر ومتعفن ! رائحة بساطيل الجنود فيه مختلطة بعفن بقايا الطعام المتعفنة في علب النفايات!



حين وصلنا بغداد .. كنا قد عقدنا صداقات مع زوار أبي غريب الاخرين ..فعرفنا كيف الطريق اليه ! حيث أننا كنا لم نزر من محافظات العراق سوى بغداد .. والنجف المدينة الأكثر كآبة في العالم .. وكربلاء!



حين وصلنا السجن .. وأفرغت .. أو تقيأت.. سيارة الكوستر كل ّ مااحتوته من ركّاب بؤساء .. أتحدى فيكتور هيجو إن كان قد وصف بؤساءا ً أكثر بؤسا ً منا في روايته الشهيرة .. فقد كانت السماء ماطرة بشكل لايصدق ! كأن ّ أنهارا ً فاضت علينا من رحمة الله .. هاي فوكَاها وفوكَ مصيبتنا .. حتى أنّ أرديتنا صارت تسحل خلفنا سيولا من الماء دون أن نعصرها.. وانغرست أحذيتنا في الطين والأوحال مرات ومرات.. واختلط خبز أمي بالطين .. أما قنينة الغاز .. فهي مصيبة ٌ قائمة بحد ذاتها!



الطابور طويل على بوابة سجن أبي غريب .. وعلينا أن ننتظر التفتيش والختم على سواعدنا قبل السماح لنا بالدخول. . وخليط من الشعور بالشوق لأخي والحذر من الحرس والبهذلة التي سببها المطر .. ومراقبة !



نحن نراقب الحرس وهم يراقبوننا ! نحن نتصنع ُ عدم الكره وعدم الأشمئزاز .. وهم يتصنعون النظام! نحن نتصنع الأبتسامة .. وهم يتصنعون القوة!



حين مررنا .. لم نجد سجيننا في القاعات ولا الممرات!

عالم ملئ بالسجناء السياسيين !

وحين سألنا عن إمكانية وجود قاعة لم نذهب اليها ..وجدنا أننا لم نبحث في الساحة الخارجية للسجن .. مباشرة تحت سماء الله الواسعة وتحت رعايته الكريمة !



مئات الخيام التي خاطها السجناء لأنفسهم ! بقايا أقمشة مخاطة باليد ومفتوحة من أكثر من جانب .. وفي منتصف كل خيمة كانت هناك سطلة ليتجمع فيها المطر فيخرج أحد سجناء تلك الخيمة ليلقي بالماء عند بابها !



كان جسد أخي يحمل آثار بقع سوداء منتشرة على كل جسمه.. ولسذاجتي تساءلت إن كانت دمامل أو حالة مرضية جلدية ..وبابتسامة حزينة أجابني

هذا تعذيب .. جزء من التعذيب !



الان ..

أحمل معي ذكرياتي عن أبي غريب !



هل كان ذلك السجن حالة حضارية .. فحوّله الاميركان الى حالة همجية؟



لماذا لانعترف بأننا شعب ٌ يأكل القوي ّ فينا .. ويشبع ويتريع .. بدماء الضعفاء؟



لماذا لانعترف بأننا جرّبنا الكثير من سياسيينا وفشلوا في تجاربهم أمام لوائح حقوق الأنسان؟



لماذا لانعترف بأن السياسي العراقي فاشل في السياسة .. ولذا فأنه يلجأ لتعذيب معارضيه ومناوئيه؟



لماذا لانعترف بأن ّ لدينا تقاليد سياسية مافيوية .. وساسة ٌ حرامية وبلا أخلاق .. ووزارات داخلية لاتوظف ُ إلا عديمي الضمير والأخلاق ؟



لماذا لانعترف بأن أحزابنا العراقية وحكوماتنا العراقية .. تشجع أنصارها واعضاءها على العهر السياسي؟



لماذا لانعترف بأن السجون العراقية لم يتم إنشاؤها للمحافظة على السلوك الأجتماعي السوّي .. وإنما لتعذيب المعارضين السياسيين؟



لماذا لانعترف أن ّ الديكتاتوريات في العراق تولد وتكبر .. بسواعد رجالنا الأغبياء سياسيا ً؟



لماذا لانعترف أن الدين والطائفة هما أفضل أدوات سياسيينا لتأكيد هيمنتهم السياسية وإغراق حساباتهم البنكية بأموال العراق المسروقة؟



لماذا لانقولها بصراحة .. إنهم جميعا حرامية!



أبو غريب ليس وليد ساعته .. والتعذيب فيه ليس جديدا !



أنا .. لست مندهشة ً مما يجري في سجن أبي غريب ..فلاجديد فيه سوى أنّ التعذيب َ الان يتعاون فيه العراقي مع الأمريكي .. إنتاج مشترك يعني / بطولة ميليشيلت بدر والقوات الامريكية !



لكني أتساءل .. مالذي يجعل التعذيب الان .. المخصخص .. مختلفا عن التعذيب الذي كان يجري سابقا .. قطاع حكومي؟



هؤلاء هم رجال العراق وساسته قادته ..



دعوهم يبيدون بعضهم بعضا .. فلافائدة من وجودهم .. أمس واليوم وغدا!

نارهم تاكل حطبهم ..



عسى تتوفر للأبرياء فرصة أن يعيشوا بسلام وبلا سجون بعد انقراض المافيات.



بعد ذلك.. قد نطالب بتغيير التقاليد التي اتبعها نظام صدام في سجونه ..ونظام حكومة التحمير الوطني في سجونها.. وسنطالب بتطبيق قوانين حقوق الانسان هناك.



#نادية_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيّدُها صدّام .. سيُّدها العاشق ..سيّدُها الطالباني .. سيّدُ ...
- هل نسعى لتغيير ِأنظمة الدولِ المانحةِ للجوء؟
- قمرجي بغداد في دولة الحرام والحلال والفتاوى
- كيف اكتسحَ الشوفينيون الأكرادُ .. العراق؟
- همزين ماراح الولد.. ربّك ستر!
- الأنتخابات .. في حارة كلمن إيدو إلو
- صلوات في معبد الضمير .. هُنّ! 2 نادية محمود تخترق السقف الزج ...
- نساء ..في مهب الريح 14 / إعكَالك .. جلّب باللوري
- حضارة ُ المقابر ِ الجماعية ِ .. والتعذيب ِ الجماعي
- صلوات ٌ في معبدِ الضميرِ.. هُنَّ 1
- الكاتب العراقي وقضية التمييز الجندري 13 نساء في مهب الريح
- ناهدة الرماح .. أسيرة ً للإحباط
- نساء في مهب الريح 12 خذلوا المرأة العراقية
- نساء في مهب الريح -11- ساقوهن .. الى حتفهن
- من أجـل دســــتور مــدنـي ...ويســـتمر الاعـتـصــام
- نساء في مهب الريح (10) الدستور العراقي ---أم المهازل
- وظائف شاغرة في ايران
- نساء في مهب الريح (9) وهبَ الأمير ُ .. مالايملك
- نساء في مهب الريح (8) إن كانت تلك خطيئة ٌ-- فهي خطيئة ُ الرج ...
- نساء في مهب الريح 7 النسبة -- وعدم التناسب


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 80 ألف شخص فروا من رفح منذ كثفت إسرائيل عمليا ...
- بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد ...
- الأونروا: لن نتمكن من إيصال المواد الغذائية لأهل غزة غدا بسب ...
- ماسك: انتخابات 2024 قد تكون الأخيرة بالنسبة للأمريكيين بسبب ...
- نادي الأسير: اعتقال 25 فلسطينيا في الضفة بينهم أسرى سابقون
- السعودية تدين اعتداء مستوطنين إسرائيليين على مقر الأونروا في ...
- التصويت على عضوية كاملة لفلسطين بالأمم المتحدة غدا
- كنعاني: من المعيب ممارسة التهديد والضغط ضد المحكمة الجنائية ...
- هيومن رايتس تتهم الدعم السريع بارتكاب -تطهير عرقي- في غرب دا ...
- 80 منظمة حقوقية تدعو للإفراج عن الناشط المصري محمد عادل


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نادية فارس - الطريق إلى .. أبي غريب