حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 5679 - 2017 / 10 / 25 - 21:14
المحور:
الادب والفن
- السلام عليكم ، سيدي الجليل !
- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته . تفضلي ، يا أمة الله !
- سيدي الكريم : أنا زوجة العميد قائد فوج حمايتك .
- أهلاً و مرحباً بك .
- مولانا الجليل : لقد جئتك يا سيدي و كلي أمل بالله أولاً ، و بعطفك الكريم ثانياً .
- نستغفر الله العلي العظيم ! و ما هو الموضوع ؟
- أنا مديرة مصرف ، و لكنني مشمولة باجتثاث البعث !
- هممم . و هل أنتِ شيعية أم سنّية ؟
- أمي شيعية ، سيدي الكريم !
- عظيم ؛ و أبوك ؟
- سنيعي : سنَي مُركَّب على شيعي ، مولانا الجليل !
- و أنتِ ؟
- شيعية ، طبعاً ، مولانا الجليل .
- همم . و ما كانت درجتك الحزبية ؟
- عضو قيادة شعبة ، حاشا قدرك ، مولانا الجليل .
- أنت تعلمين أن قضيتك هذه مسألة قانونية ؛ فاجتثاث البعث قانون نافذ المفعول ؛ و القانون لا يقبل غير التطبيق . العراق هو دولة سيادة القانون ، مثلما تعرفين ..
- فدوة لعينيك الراقصتين هاتين ! أريد منك تزكية لوجه الله ، باعتبارك رئيس حزب الصندوق الرباني القريب من الله سبحانه و تعالى ، كي لا أخسر منصبي ، مولانا الكريم .
- هذا مرام مستحيل . قلنا لك بأن الموضوع يتعلق بتطبيق القانون ؛ الكل يخضع للقانون ، بلا استثناء .
- إستثنني من القانون ، مولانا الجليل ؛ و أنا مستعدة لإعطائك أثمن ما أملك ، و كل ما تريده يصير .
- ماذا تقصدين ؟ نحن سيد إبن رسول الله نصوم و نصلي و نخاف ربنا ، و قد كنا من أقطاب المعارضة الأبطال لحكم الصنم صدّام ! هل تريدين تشويه سمعتنا الممتازة و صفحتنا الناصعة البياض عند ربنا ، فتدخليننا في نار جهنم و بئس المصير ؟
تنتبه لضمير الجمع الأثير في خطاب السيد عن نفسه .
- أقطع الإصبع الذي يجرأ للنيل منكم بسوء . يا مولاي ، أنتم سيد شريف و منزه و رئيس أقوى حزب جليل ، وأنا حريصة على سمعتكم أكثر من حرصي على سمعتي . دعني أقبِّل يديكم و قدميكم ، يا تاج رأس العالمين !
تُسرع لتمسك بيده اليمنى لتقبيلها ، فيسحبها بسرعة .
- نستغفر الله العلي العظيم . ما هذا الذي تفعلين ؟
تُسرع بالقفز والتربع في حضنه و هو جالس على كرسيه ، و تقبل شفتيه قبلة فرنسية طويلة ، و هي تتأوه ممسكة فكه الأسفل بيد ، و قذاله بيد .
- أووووه . إن كيدكن لعظيم !
- لا فض فوكم ، سيدي الجليل ! ما ذا نعمل ؟ هذا هو أمر الله فينا ، و لا اعتراض على إرادة رب العالمين .
- أشهد أننا قد آمَنّا أخلص الإيمان بالله الواحد القهار !
تعود إلى لثم شفاهه ، ثم تعض شفته السفلى و هي تولج لسانها في فيه و تضغط بصدرها عليه ، و يد تمسد ظهره فيما تتنسم اليد الاخرى ما بين فخذيه .
- أمرُنا لله الواحد القهار . همم . رائحتك زكية ، و تجيدين المص و التقبيل و الملامسة ! عسل ! طيب ، سنتحمل المسؤولية لأجل عينيك ، فنحن كنا عضو شعبة في حزب البعث مثلك ، قبل الهجرة ، أيام زمان ! إذهبي و أقفلي الباب بالمفتاح و المزلاجين بسرعة .
- خادمة للسيد ، تاج رأسي و رأس الناس أجمعين !
راقب مشيتها الرياضية و كأنها لاعبة سلة تهرول مطبطبة بالكرة و هي تتلفت يمنة و يسرة و كل تضاريس جسدها تترجرج كأماليد الرمان و التفاح و الدرّاق وسط نفحات أنسام الخريف ؛ إنها بستان يانعة الثمار . ابتسم ، و هو متعجب من انتصاب عضوه كالحديد رغم الضعف الجنسي الشديد الذي ألم به قبل أكثر من عام و فشلت كل الأدوية في علاجه ، و حمد ربه الرزاق على نعمته لعباده المؤمنين الصالحين من غير إحتساب و لا حساب . و تمتم لنفسه : إن الله جميل ، يحب الجمال ؛ آه كم أعبد الدفع النقدي العاجل !
- لقد أقفلتُ الباب الخارجي حسب أوامركم السنية ، يا سيدي الجليل !
- هل أنت مستعدة لكل شيء ؟
- كل شيء ، يا سيدي . أؤمروني فأطيعكم !
- نحن نريد كل شيء لنا ، بلا تمنّعات ، مفهوم ؟
- مفهوم ، يا سيدي ! مفهوم : كل شيء لنيافتكم ، حسب الأصول ، سيدي الفاضل .
- و بلا شعرة مسؤولية علينا ، مفهوم ؟
- مفهوم ، حبيبي . أنا لا أريد منكم أي شيء سوى رضاكم الغالي عليّ ، فأنا خادمتكم المطيعة ، و أن أصبح مديراً عامّاَ فقط ، سيدي العزيز .
- مدير عام ؟ و كم هو عمرك ؟
- تسع وعشرون عاماً فقط ، يا تاج الراس !
- و ماهي شهادتك ؟
- دكتوراه دولة في : "حَفِّ شَعر الدِّبِر" ، مولانا الجليل !
- دكتوراه ! عظيم ! بارك الله بك ، و زاد في شرفك . مدير عام ، فقط ؟
- العافية درجات ، مولانا الكريم .
- صار : مدير عام اليوم ؛ و مستشارة أو نائبة أو وزيرة ، بكرة ! الخير الوفير أتٍ بمشيئة الله . و كل هذا مشروط بإثباتك لجدارتك في خدمتنا حسب الأصول ، إن شاء الله ! ما ذا تقولين ؟
ِ- و هل أبقى إعجازكم لخادمتكم بأبلغ الكلام قولاً للمزيد ، يا نيافة الرئيس ؟ زاد الله شرفكم و كرمكم ، و حشركم مع الصدّيقين و ملائكة الرحمن ، حبيبي الجميل .
- إسمعي جيداً : مُدّي يدك اليمنى ، و اقسمي بهذا القرآن الكريم بأنك ستواظبين على تسديد حقنا الشرعي عداً و نقداً بالتمام و الكمال كل شهر : نصف راتبك الشهري مع المخصصات ، بدون تأخير و لا معاذير ، من تاريخ استلامك للمنصب الجديد و حتى الموت .
- أقسم بالقرآن الكريم بأنني سأواظب على تسديد حقكم الشرعي عداً و نقداً بالتمام و الكمال كل شهر : نصف راتبي الشهري مع المخصصات ، بدون تأخير و لا معاذير ، من تاريخ استلامي للمنصب الجديد و حتى الموت .
- و إياك و اللعب بذيلك علينا ، فالعاقبة للأبرار المخلصين !
- مو يا زوغ ، تاج الراس ؟ أصير لكم ذهباً ، و أمنحكم كل ما تريدون ، و أكثر ، مولانا الجليل !
- فإن خنتِ أمانتنا و حنثتِ بالقَسَم ، فسننسفك نسفاً ، أنت و زوجك و أطفالك ! أنت تعلمين : حزبنا مليشياوي يشوي شوي !
- معاذ الله العلي العظيم أن أنكر أفضالكم الشريفة ، يا سيدي . اعتبروني من الآن فصاعداً عبدتكم المطيعة لمقامكم الطاهر العظيم .
- طيب . اسجدي أمامنا فوراً ، مسترخية مثل الكلبة على بركة الله ، كي نطهر نجاستك بمحضننا الشريف .
- صار ، مولانا الجليل . اوووه ! أنا كلبتكم الوفيّة ! خذني بعنف كما لو كنت تريد تقطيعي قطعة قطعة ، مولانا الحمش الجليل !
- لا بأس ، لا بأس ! انزعي لنا ملابسك كلها ، تماماً ؛ ربّي كما خلقتني ، مفهوم ؟
- تؤمرون يا تاج الرأس . أووه ! لقد جعلتموني أرتجف كالسعفة ! فحل أصيل ، و لا كل الفحول !
- بارك الله بك . ألحمد و الشكر لك على أرزاقكم لنا ، يا رب العالمين !
**
أستيقظ العميد قائد فوج الحماية من سباته العميق على سريره الكائن في غرفة الطوارئ لقائد الحماية الملحقة بغرفة رئيس الحزب . أحس بصداع رهيب غريب و بالغثيان .
سمع العميد رهز اللزِّ ، و تأوهات الكفز من خلف باب غرفته . غالب صداعه و غثيانه ، و سارع بالوقوف ، ثم خفَّ إلى الباب السري المؤدي لغرفة رئيس الحزب ناسياً التحزّم بمسدسه . فتح الباب ، دخل الغرفة ، فشاهد زوجته العارية تتقافز على محضن رئيس الحزب بذراعيها المستندين على كتفيه كما لو كانت تتسابق أولمبياً في لعبة القفز على الحبل ، و كلاهما يتأوهان مزقططين كسنورين جحيميين وسط جولتهما الثانية .
فار الدم برأسه الموجوع أصلاً . وقف مبهوتاً و قد جحظت عيناه و فغر فمه و ارتعدت فرائصه . مدَّ يده لا إرادياً لإشهار مسدسه الذي نساه . شدَّ على معصميه ، و كز على أسنانه لهول الفاجعة ، ثم هجم عليهما ينوي خنقهما بيديه المجردتين , و ليكن ما يكون . إلا أن هجمة ظلام الموت عليه كان أعجل ، فسدَّ عليه عينيه فجأةً ، و أدار رأسه ، فهوى أرضاً بلا حراك ، و قد عض على لسانه .
داوم المسافحان تلاحمهما الجنوني المتدافق في زمن الاحتلال الأمريكي الأغبر ، و كأن شيئاً لم يكن ، حتى تحولت تأوهاتهما إلى جئير ، ثم خوار ، فعواء و عض و دم .
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟