|
دودو و فتيقه
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 5577 - 2017 / 7 / 10 - 00:49
المحور:
الادب والفن
- أسمع ، يا عمّو دودو : لقد جرَّبت كل العطور ، و لكنني لم أفلح بالعثور على العطر المناسب لي . أنا في حيرة من أمري ، ساعدني ، أرجوك ! - و ما هي العطور التي جربتها ؟ - لا أعرف أسماءها ، عمّو ! و لكنها كثيرة ، و من مختلف الألوان : سوداء و حمراء و صفراء و فيروزي و ماروني و سمائي و بصلي و سكَّري ! حتى أن بعضها إشتريتها من مولات لندن و باريس و ميلانو بأغلى الأثمان ! - كم يبلغ عمرك ؟ - ستة عشر عاماً ، إلا شهراً واحداً فقط ، عمّو . هل تصدقني ؟ - معاذ الله إن شككت بصدقك ، يا بنيتي ؛ و لكنني لا أتذكر أنك قد شرَّفتني في محلي هذا سابقاً . من أين تبتاعين عطورك المحلية ؟ - من مكا مول ، و من خان بندر سلطان ، خصوصاً . - و لكن بندراً مشهور بتزييفه للعطور الأصلية . - صحيح ؟ و لكنه حلو اللسان . - عندما قصدت خان بندر سلطان ، هل كنت تريدين شراء عطر حلو منه ، أم شراء لسانه الحلو ؟ - لسان – أقصد عطره ، طبعاً ، عمّو . - و هل قمت بفحص تأثير عطوره على بشرتك قبل الشراء ؟ - عندما أشمها ، تبدوا لي ساحرة . و لكن رائحتها تتغير بعدئذ . - هذا لأن العطور تتأثر بالحرارة و الأوكسجين و شعاع الشمس . - أنا جسمي حار باستمرار ؛ و لا أعرف سبب كل هذه الحرارة ، عمّو ! - و هل فحصت تأثير كل عطر على لون بشرتك ؟ - لا . - كان يجب عليك أن تجربي تأثير لونه على بشرتك قبل الشراء . - كيف ؟ - تضعين قطرة منه على باطن رسغك ، و تنتظرين لحظات لتري كيف تتأثر بشرتك بها من ناحية اللون و التحسس ، علاوة على الأريج . بعض العطور تسبب اصفرار البشرة ، و أخرى اسمرارها أو احمرارها . و لهذا السبب فإن لكل فتاة عطرها الخاص ! العطر مثل البصمة ، يحتاج حبراً رهيفاً لإبرازها . - و أنا ما هو عطري ، عمّو ؟ - هل أستطيع فحص تأثير العطر على بشرة رسغك ؟ - لحظة ، سأدخل عندك كي لا يراني أحد . تدخل المحل مديرة ظهرها على واجهته الزجاجية ، و تفتح صدرها مؤشرة له . - شم هنا ، يا دودو ! - هاه ؟ هههنا ؟ ووو لكن – - قلت لك شم و لا تخف ، فأنت مثل جدي ! يشم . - رائحتك عطنة ! - كل هذا بسبب سلخ اللحم ، فأبي قصاب ، و لدينا معمل كبير لتعليب اللحوم في الدار ! - هل عطرتي نهديك هذين اليوم ؟ - نعم ، دودو ! - عجيب ! - لعل السبب يعود للحرارة ، دودوه ! - يجوز ، فالحرارة الزائدة تبدد العطور ، كما أن تَعَرُّق البشرة يفسدها . تمسك بيدها اليمنى كفه الأيسر ، و تضعه على نهدها الأيمن . - تلمَّس جيداً ؛ هل توجد حرارة شديدة هنا ؟ - نننعم . ننعم . هل أنت مريضة ، لا سمح الله ؟ - أبق ملامساً نهدي كله كي تقيس حرارته جيداً . تمسك بكفه الايمن و تدسه في ما بين فخذيها . - و هنا ، هل توجد حرارة أيضاً ، دودو ؟ - أوه ، هأ ، آآ ، ههنا المجمرة ! تمسك بعضوه و تسحبه إليها . - و جَمْرُ هذا يتحمّص على النار الآن ، أليس كذلك ، حبيبي دودوه ؟ - نننعم ، و و لكننن – - اغلق باب المحل بسرعة ، و تعال لتبرد حرارتي ، و تعطرني على كيفك ، يا أبا الشعر الفضي الساحر . يتحرك مثل الرابوط منفذاً أوامرها ، كمن يُسرنم . و يعجب و هو يكاد لا يصدق وضعه . لا عجب ، فالجنس إله حاكم حر ، يفتح كل الأبواب ، ليتسنى لمن يختار عبوديته غلقها عليه . من قال أن الشيب لا يصطاد المراهقات ؟ ** بعدما أفرغ تماماً كل خزينه المعتق من حشوات عشرة سنين أمضاها صائماً عن الجنس منذ وفاة زوجته ، إرتدى بسرعة – متلفتاً - قميصه الأبيض المكوي ، و بدلته النيلية الجديدة ، و رباطه الأحمر الأنيق ، و علق وردة الياسمين الذابلة على صدره . نظر إلى ساعته ، لقد أمضى خمساً و عشرين دقيقة في أطول جلسة جماع مارسها طيلة حياته ، و أول سفاح . بادرته بالسؤال : - قل لي أيها الحلو ، دودو ؛ أيهما كان أحلى : كسر الرقي ، أم البطيخ ، أم مص الرمان ؟ - ؟ - لماذا تلتزم السكوت ؟ أنطق ، يا دودو ! عكس القطة التي تموء ، الديك يفضل الصمت عند السفاد ! - دعك من هذا و خبريني : هل تستخدمين الواقي ؟ - طبعا لا ! و ما أدراني أنك ستغتصبني هذه الساعة ؟ لقد حصل كل شيء بسرعة طائرة لم أكن أحسب لها حساباً ، كما أنني لا تجربة لي سابقة في الحب ! - و لكنك لم تكوني باكراً ! - أوووه ، ألا تعلم يا دودوه ؟ لقد حصل هذا من زمان ، بسبب ولعي بركوب الدراجة الهوائية و أنا طفلة . - هذا يعني أن حملك قد أصبح أمراً وارداً الآن ! - الله يستر ! ما ذا أعمل لك ؟ تقول لي أولاً أنني عطنة ، ثم تغويني بتلمس مفاتني الحساسة ؛ بعدها ، تهجم علي كالوحش الكاسر و أنا في محلك . لم تُبق شيئاً لم تفعله بي ، و أنا لا حول لي و لا قوة . يبدو أن لكل عطن عطر ، ها ؟ هل أدركت عطري الآن بعد فعلتك السوداء بي ؟ - ننعم . أدركت ! - أعطني إياه بسرعة ، فقد طالت فترة خروجي من الدار ، و لا بد أن أخي الأرعن يبحث عني الآن في كل مكان . - هذه زجاجة فرنسية أصلية من ماء العطر تحتوي على باقة رائعة من خلاصة عدة أزهار تليق بك ، أسمها (جوْي) ، لجان باتو . جربيها الآن ، و قولي لي رأيك بها . - دعني أرى . هم . همممم . ليست سيئة ! يعجبني لونها الأصفر الشفاف و رأسها الأسود ، مثل رأس مزمارك السمين الجامح ! إسمع ، إذا حصل الحمل ، لا سمح الله ، فعليك أن تتحمل مسؤوليتك كرجل حقيقي ، فتتقدم لخطبتي ، و إلا فسيقطِّعك أخي المتهور إرباً إرباً بسوطه الحاذق و سيفه البتار ، ثم يحرق ما تبقى من جثتك بصواريخ توماهوك مثلما فعل الخِبِل ترامب بسوريا ، فلا تحصل حتى على قبر مثل بقية الآدميين ! أنه كائن من نوع مجنون من فصيلة ترامب ، لا يقف بوجهه أحد ! - و من هو أخوك ؟ - الدب الداشر : محمد ! ألا تعرفه ؟ - لا ! - كيف لا تعرفه و أنت جارنا ؟ إنه محمد بن القصاب سلمان ! - ها ؟ ننعم ، نعم . أنتم جارنا الجنوبي الجديد ، جئتم قبل سبع سنين ، أليس كذلك ؟ - عليك نور ، يا دودو الحمش ! ما ثمن هذا العطر ؟ - ستون ألفاً . - لا تقل لي أنك تريد مبلغه مني بعدما سلبتني أعز ما أملك ! - كلا ، بالطبع . إنه هدية . اعتبريه عربون تعارف . - أعطني زجاجتين إضافيتين منه لشقيقتيَّ : إماره ، و كُفَيته . و أرزم كل علبة بواحد من هذه الصناديق الخشبية المطعَّمة ، عمّو ! - صار . - ما نوع الخشب المصنوعة منه هذه الصناديق الجميلة ، عمّو ؟ - الأبنوس الأفريقي : أثمن و أجمل و أصلب خشب في العالم . - أسرع ، فقد تأخرت ! - صار ! ما اسمك ؟ - فتيقه سلمان ! ** عندما فتح الباب الزجاجي للمحل و خرجت فتيقه ، أغلق داوود الباب خلفها و أزلجه . فجأة أحس بالدوار ، فجلس على كرسيه الوثير ، و أمسك راسه بين يديه و هو يغالب التقيؤ . ثم قام ، و ذهب للحمام . خلع ملابسه و اغتسل ، ثم عقّم جسده ، ثم اغتسل ، ثم عقم . كرر الإغتسال و التعقيم ثالثة . أحس ببعض الراحة و هو يرتدي ملابسه الأنيقة ثانية ، و يقف خلف المرآة لترتيب ربطة عنقه و تمشيط شعره . نظر إلى وجهه في المرآة : التجاعيد تعلو كل مكان ، حتى أنفه . بصق على المرآة ، ثم نكَّس رأسه . فجأة ، فارت معدته ، فتقيأ و تقيأ و تقيأ . أحس بروحه تكاد تقفز خارجة من فمه . غسل وجهه و تمضمض طويلاً ، ثم تعطر بعطر الورد الفرنسي : سا ماجيست لا روز ، من سيرج لوتانز . سرح بذاكرته إلى الماضي البعيد . لقد تزوج بلا حب عندما بلغ الرابعة و العشرين من العمر . في ليلة الدخلة ، كان هو باكراً و زوجته باكر . بقي مخلصا لها حتى بعد وفاتها قبل عشرة سنين . . ذكرى إحداهن ندم لأحَدِهم . كيف سمح لنفسه أن تغويه طفلة و هو شيخ هرم عركته الحياة و عركها ؟ لقد اقتادته قود البعير للمسلخ . كيف خان الإخلاص لمبادئه و هو المشهود له بالالتزام ؟ كم هو غبي . وحده الغباء يفسد الإخلاص للمبادئ ؛ و لسوء الحظ ، فإن بوسع المرء الالتزام بكل الإخلاص في غبائه . هذه آخرتها : شيب و عيب . و لكن هل صحيح أن العفة شذوذ جنسي ، مثلما قرأ ؟ و هل صحيح أن الابداع في تركيب العطور يتطلب الفحولة ...؟ الأكيد مما حصل له اليوم أن عطر الجنس فوّاح . لعله قد جُنَّ ، و الجنون لا يعرف الناموس ! واقعة هذا اليوم جعلته يدرك وجود أشياء مرعبة لديه . لماذا لم يكتشفها إلا بعدما بلغ أرذل العمر ؟ كيف سيتصرف أن حصل الحمل فعلاً ؟ الستار الله ! ثم ، ألم يجد من هي أفضل من هذه العطنة ؟ صام دهراً ، و فطر على جريَّة ظهراً ! تحرَّك نحو باب المحل و فتحه . ** - مساء الخير ، حجّي ! - مساء الأنوار ، إبنتي العزيزة . أهلاً و سهلاً . كيف حال الأهل ؟ - بخير ، و الحمد لله . - سلّمي لي على الجميع : الوالد و الوالدة و أخيك الدكتور عباس و شقيقاتك الوردات. - يوصل . جئتك اليوم و اعتمادي على الله و عليك ! - خير ، إن شاء الله ؟ - أنت مثل والدي و أستطيع مصارحتك بلا حرج . لا أخفي عليك أنني قد بلغت التاسعة و العشرين من العمر دون أن يتقدم أحد لخطبتي لكوني غير موظفة ، رغم أن شكلي مقبول ، و أنا حاصلة على شهادة الماجستير في الهندسة الإلكترونية ! - أنت أجمل النساء . و تملكين فوق كل هذا الجمال ، الشرف و الأصل و الأخلاق السامية و التخصص العلمي الرفيع . - شكراً جزيلاً ، حجّي ! - وا أسفاه . لقد ذهب الرجال الشرفاء من أصحاب الذوق ، و بقي الانتهازيون فقط . هكذا أصبحت الحياة ، بلا ذوق ! - الحياة ليس لها أذواق ؛ كل شيء يمشي بها . - أحسنت ، يا ابنتي العزيزة . و هذه هي المأساة الاجتماعية التي ما بعدها مأساة . أكثر من نصف نسائنا في سن الخصوبة غير متزوجات . - صحيح . كل عام تخرِّج الجامعات الحكومية و جامعات أهل العمائم أكثر من ثلثمائة ألف خرّيج ، كلهم يتخرَّجون من الجامعة ليمضِّي الرجال نهاراتهم بذرع الشوارع ، و تُقْبِر النساء أنفسهن في البيوت . لا الدولة توظف الذكور كي يتزوجوا الإناث غير الموظفات ؛ و لا هي توظف الإناث كي يتزوجهن الرجال البطالين ! - لا حول و لا قوة إلا بالله ! و لكن الله كريم ! - الله كريم ؛ لكن الحكومة بخيلة على الشعب ، و كريمة مع الحرامية ! - صدقتِ . كيف أستطيع مساعدتك ، يا ابنة الأصول ؟ - شف ، حجّي . أخي الدكتور عباس تعرف مؤخراً على أستاذ جامعي مهجّر من الموصل . و هو شاب أربعيني أعزب ، و أنسان ملتزم مثلما يقول لي أخي . الليلة هو مدعو للعشاء عندنا للبيت ، و سأقدم الطعام أنا . أريد عطراً مناسباً يغريه بالتقدم لطلب يدي ! - و هل أعددت أطعمة تليق بهذه المناسبة ؟ أنت سيدة العارفين : الطريق إلى قلب الرجل يمر بمعدته ! - اطمئن من هذه الناحية ، لقد أمسكت أخواتي الثلاث الخفارات طوال اليومين الماضيين ، فكلهن خريجات عزباوات مثلي ، فأعددنا أشهى الأكلات : السمك المسقوف و الدجاج المحشي و البرياني و القوزي و الكبة بأنواعها و الكباب و الكفتة و أنواع المرق و أشهى المقبلات و الزلاطات ! و كذلك الفواكه و العصائر أنواع . و أعددنا البقلاوة و البرمة بالفستق الأخضر ، و الكريم كاراميل و الشوكولاتة و الكيك و الكنافة و البيتي بور و الكليجة ، أنواع ؛ و مثلها الموطا و المثلجات . كما أخرجت لي أمي كل أطقم أواني البلور الفرنسي و ملاعق شوكات الفضة الألمانية و العائدة للمرحومة جدتي لغرض التقديم . - سُفرة عامرة و دائمة أنشاء الله ! طيب . هل تستطيعين وصف طبيعته لي ؟ أقصد هل هو رجل يحب البساطة ، أم العمق ؟ - بصراحة ، حجّي ، أنا لم أره سابقاً ؛ و لا علم لي بطبيعته الحقيقية . كل الذي سمعته عنه من أخي عباس أنه استاذ جامعي دمث الأخلاق . - ما اختصاصه الأكاديمي ؟ - الرياضيات الحديثة . - بس ! لقد وصلنا ! إنه شاب يحب العمق ! - صحيح ؟ - أجل ، بالتأكيد . و العطر النسائي المفضَّل عند مثل هذا النوع من الرجال موجود عندي ، و هو من أنفس المناشئ العالمية . سأجعله يزحف كالجرو عند قدميك طالباً يدك ! - بشَّرك الله بالخير ! ألله يسمع من فمك ! - هذه هي أفضل ماركة فرنسية عندي للعطور الشرقية الأصلية ، إسمها (اوبيوم) ، من إيف سان لوران . شمّيه لتري كيف أن عبق مسكه و عنبره يفوح منهما عمق الشرق و سحره . - دعني أشمه ... إنه رهيب ! عاش ذوقك ! هل هو غال ؟ - مجاناً ، لابنتي العزيزة ! - لن أقبل بأخذه مجاناً . لقد جئت لمحلك كي أجعلك تربح ، و ليس لتخسر . - أسمعي يا ابنتي ، أعظم ربح حصلت عليه اليوم هو تشريفك لمحلي . و لن أقبل أن تدفعي فلساً واحداً . قابل الأيام آت بالخير الوفير ، إنشاء الله ، و هذا محلك ، و أنا بخدمتك دوماً . اعتبريها هدية الزواج مقدماً من أبيك الثاني . - زاد الله شرفك ! لقد أخجلني كرمك . عسى الباري أن يسمع من لسانك ! - هل تعرفين كيفية التعطر به حسب الأتيكيت ؟ - لا ! كيف ؟ - إسمعي . عبق هذا العطر يصّاعد من الأسفل إلى الأعلى . إبدأي ببخِّ قطرات منه على ساقيك ، ثم خلف ركبتيك ، ثم خلف وبطن ساعديك و سقف كفيك و مقدمة الرقبة و خلف إذنيك . ثم بخّي غمامة منه في الهواء و أدخلي فيها . قطرات قليلة في كل بخّة تكفي ، بلا تفريط و لا إفراط ، و أنت سيدة العارفين . واضح ؟ - واضح . رحم الله المرحومة زوجتك الشريفة ! - تعطري به قبل ربع ساعة من مجيء العريس ؛ حتى إذا جاء و رآك ، سيشم أرج قلب العطر العميق الأخاذ ، فتخلبين لبه ! بعد خروجه من البيت ، سارعي لأخذ حمام لئلا يهجم عليك العرسان من كل حدب وصوب ! - هاهاها ! ألله يسمع من فمك . لقد أبهجتني بكلامك اللطيف . إنني عاجزة عن شكرك ، حجّي . - هذا واجب . شايفه ألف خير ، ابنتي العزيزة ، و بالسلامة . - إن شاء الله خير ، مع السلامة . ** عند الغروب ، زاره جار العمر العزيز ، الخياط حسون ، صاحب المحل المجاور لمحله . ابتدره بالقول : - أنا زعلان جداً منك اليوم ، يا أستاذ داوود ! - لماذا ، لا سمح الله ، يا سيد حسون ؟ أنت غال عندنا ! - كيف تسمح لنفسك - و أنت الأنسان النقي صاحب المبادئ و التاريخ الشريف – الاختلاء بامرأة ساقطة مثل فتيقه في محلك ، و تقفل عليكما الباب ؟ ها ؟ - هي التي طلبت قفل الباب لتجربة العطور على رسغها ! قلت لي أنها امرأة ساقطة ؟ - أيها المسكين ، الا تعرفها ؟ أنها امرأة سيئة السمعة مشهورة منذ مجيء أهلها لمحلتنا قبل سبع سنين على الأقل ! - و لكنها لم تبلغ بعد سن السادسة عشرة ! - لقد أكلت برأسك الحلاوة ! عمرها ليس أقل من ثلاثين عاماً ، و أن كانت ناعمة البنية ! - صحيح ؟ - طبعاً صحيح ، فقد ولدتها أمها في صالة الولادة بالمشفى بنفس يوم ولادة أبني علي ! أي أكاذيب أخرى لفقتها لك ؟ - ها ؟ لا أعلم . أنا في حيرة شديدة من أمري ، أضرب أخماساً بأسداس ! - هل أغوتك ؟ - بصراحة ؟ نعم ! لقد قادتني قود البعير للمسلخ ! - لا ! لا على بختك ! لا حول ولا قوة إلا بالله ! كيف اصطادتك هذه الحقيرة و أنت الباز المحلق ؟ لا ! لا ! إسمع ، يجب أن تنتقل الساعة إلى بلدة أخرى بعيدا عن آل سلمان . على الأقل لبضع سنين ! - لماذا ؟ - يا لك من غرير ! هذه العاهر تريد زوجاً لها اليوم قبل بكرة ! إنها حامل ! و أهلها قوم مشهود لهم بالعدوان و الأذى . أبوها لديه معمل غير مجاز لتعليب اللحوم ، و كل لحومه إمَا من الفطائس ، أو من الحمير المسروقة ، أو الكلاب المتشردة ! و هو ما زال يحتفظ بالعبيد و يشغلهم عمالاً و سواقاً عنده ، و عائلته كلها ساقطة أخلاقياً : أباً عن جد ؛ رجالاً و نساء . كل عام تسافر نساء العائلة لأوربا ليدفعن هناك الأموال الطائلة للشبان الروميين الشقر كي يجامعونهن في غرف فنادقهن . لا يكفيهن سواقهن العبيد ! كما أن أبوها يستأجر المرتزقة المسلحين لقتل و تدمير بيوت كل جيرانه ممن لا يشترون لحم الفطائس منه . لقد قتلت مرتزقته جاره الرابع السيد الليباوي ، و دمرت دور جاريه الشماليين و جاره الجنوبي شر دمار . لا تقل لي أنك لست على علم بكل أفعالهم الدنيئة هذه ؟ - إطلاقاً ! كل هذه هي معلومات جديدة علي ! فقد أمضيت عمري كله : من البيت للمحل ، و من المحل للبيت ! كما أقلعت عن فتح التلفاز منذ وفاة زوجتي ، بعد أن شبعت طوال نصف قرن من سماع ثرثرة نشرات الأخبار التي ليس من ورائها طائل ! - يجب أن تغلق محلك الآن ، و تنتقل إلى مدينة أخرى حالاً ، و إلا أجبروك على أن تصبح قواداً لهم ، و أنت أرفع من هذا . ماذا قلت ؟ - إنا في حيرة من أمري ، دعني أفكر قليلاً ، فقد أمطرتني بوابل من فظائع لم أهضمها بعد . - لا وقت للتفكير . ستأتيك فتيقه صباح بكرة ، مع دزينة من أزلام أبيها المسلحين ، و تسوقك كالخروف لدار أبيها ، كي تطلب يدها منه ، و أنت صاغر . أحزم أمرك الآن ، و إلا ندمت و خسرت شرفك ، و لات ساعة مندم ! الشرف قارورة ليس لانكسارها جبر ! - بصراحة ، أنا في حيرة شديدة من أمري ، و ذهني مشوش ! **
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القمّاص محمد سلمان آل سعود
-
داعش ، و ما أدرك ما داعش
-
ناشا و شجر الحَور
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً /8-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً /7-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً /6-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 5-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 4-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 3- 20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 2-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 1 - 20
-
ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 8-8
-
ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 7
-
ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 6
-
حالةٌ من ملايينِ الحالات
-
قصيدة -ليلةً الشتاءِ- للشاعر الروسي : بوريس پاستِرناك (1890
...
-
نشيد المجرة
-
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها / 3
...
-
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها / 2
-
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها / 1
المزيد.....
-
أهم عشرة أفلام تناولت الانتخابات الرئاسية الأمريكية
-
مسلسل العبقري الحلقة 4 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
-المخبأ 42-.. متحف ستالين حيث يمكنك تجربة الهجوم النووي على
...
-
البعض رأى فيه رسالة مبطنة.. نجم إماراتي يثير جدلا بفيديو من
...
-
البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل
...
-
-لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم
...
-
بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب
...
-
إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
-
فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
-
-حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|