|
دودو و فتيقه
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 5577 - 2017 / 7 / 10 - 00:49
المحور:
الادب والفن
- أسمع ، يا عمّو دودو : لقد جرَّبت كل العطور ، و لكنني لم أفلح بالعثور على العطر المناسب لي . أنا في حيرة من أمري ، ساعدني ، أرجوك ! - و ما هي العطور التي جربتها ؟ - لا أعرف أسماءها ، عمّو ! و لكنها كثيرة ، و من مختلف الألوان : سوداء و حمراء و صفراء و فيروزي و ماروني و سمائي و بصلي و سكَّري ! حتى أن بعضها إشتريتها من مولات لندن و باريس و ميلانو بأغلى الأثمان ! - كم يبلغ عمرك ؟ - ستة عشر عاماً ، إلا شهراً واحداً فقط ، عمّو . هل تصدقني ؟ - معاذ الله إن شككت بصدقك ، يا بنيتي ؛ و لكنني لا أتذكر أنك قد شرَّفتني في محلي هذا سابقاً . من أين تبتاعين عطورك المحلية ؟ - من مكا مول ، و من خان بندر سلطان ، خصوصاً . - و لكن بندراً مشهور بتزييفه للعطور الأصلية . - صحيح ؟ و لكنه حلو اللسان . - عندما قصدت خان بندر سلطان ، هل كنت تريدين شراء عطر حلو منه ، أم شراء لسانه الحلو ؟ - لسان – أقصد عطره ، طبعاً ، عمّو . - و هل قمت بفحص تأثير عطوره على بشرتك قبل الشراء ؟ - عندما أشمها ، تبدوا لي ساحرة . و لكن رائحتها تتغير بعدئذ . - هذا لأن العطور تتأثر بالحرارة و الأوكسجين و شعاع الشمس . - أنا جسمي حار باستمرار ؛ و لا أعرف سبب كل هذه الحرارة ، عمّو ! - و هل فحصت تأثير كل عطر على لون بشرتك ؟ - لا . - كان يجب عليك أن تجربي تأثير لونه على بشرتك قبل الشراء . - كيف ؟ - تضعين قطرة منه على باطن رسغك ، و تنتظرين لحظات لتري كيف تتأثر بشرتك بها من ناحية اللون و التحسس ، علاوة على الأريج . بعض العطور تسبب اصفرار البشرة ، و أخرى اسمرارها أو احمرارها . و لهذا السبب فإن لكل فتاة عطرها الخاص ! العطر مثل البصمة ، يحتاج حبراً رهيفاً لإبرازها . - و أنا ما هو عطري ، عمّو ؟ - هل أستطيع فحص تأثير العطر على بشرة رسغك ؟ - لحظة ، سأدخل عندك كي لا يراني أحد . تدخل المحل مديرة ظهرها على واجهته الزجاجية ، و تفتح صدرها مؤشرة له . - شم هنا ، يا دودو ! - هاه ؟ هههنا ؟ ووو لكن – - قلت لك شم و لا تخف ، فأنت مثل جدي ! يشم . - رائحتك عطنة ! - كل هذا بسبب سلخ اللحم ، فأبي قصاب ، و لدينا معمل كبير لتعليب اللحوم في الدار ! - هل عطرتي نهديك هذين اليوم ؟ - نعم ، دودو ! - عجيب ! - لعل السبب يعود للحرارة ، دودوه ! - يجوز ، فالحرارة الزائدة تبدد العطور ، كما أن تَعَرُّق البشرة يفسدها . تمسك بيدها اليمنى كفه الأيسر ، و تضعه على نهدها الأيمن . - تلمَّس جيداً ؛ هل توجد حرارة شديدة هنا ؟ - نننعم . ننعم . هل أنت مريضة ، لا سمح الله ؟ - أبق ملامساً نهدي كله كي تقيس حرارته جيداً . تمسك بكفه الايمن و تدسه في ما بين فخذيها . - و هنا ، هل توجد حرارة أيضاً ، دودو ؟ - أوه ، هأ ، آآ ، ههنا المجمرة ! تمسك بعضوه و تسحبه إليها . - و جَمْرُ هذا يتحمّص على النار الآن ، أليس كذلك ، حبيبي دودوه ؟ - نننعم ، و و لكننن – - اغلق باب المحل بسرعة ، و تعال لتبرد حرارتي ، و تعطرني على كيفك ، يا أبا الشعر الفضي الساحر . يتحرك مثل الرابوط منفذاً أوامرها ، كمن يُسرنم . و يعجب و هو يكاد لا يصدق وضعه . لا عجب ، فالجنس إله حاكم حر ، يفتح كل الأبواب ، ليتسنى لمن يختار عبوديته غلقها عليه . من قال أن الشيب لا يصطاد المراهقات ؟ ** بعدما أفرغ تماماً كل خزينه المعتق من حشوات عشرة سنين أمضاها صائماً عن الجنس منذ وفاة زوجته ، إرتدى بسرعة – متلفتاً - قميصه الأبيض المكوي ، و بدلته النيلية الجديدة ، و رباطه الأحمر الأنيق ، و علق وردة الياسمين الذابلة على صدره . نظر إلى ساعته ، لقد أمضى خمساً و عشرين دقيقة في أطول جلسة جماع مارسها طيلة حياته ، و أول سفاح . بادرته بالسؤال : - قل لي أيها الحلو ، دودو ؛ أيهما كان أحلى : كسر الرقي ، أم البطيخ ، أم مص الرمان ؟ - ؟ - لماذا تلتزم السكوت ؟ أنطق ، يا دودو ! عكس القطة التي تموء ، الديك يفضل الصمت عند السفاد ! - دعك من هذا و خبريني : هل تستخدمين الواقي ؟ - طبعا لا ! و ما أدراني أنك ستغتصبني هذه الساعة ؟ لقد حصل كل شيء بسرعة طائرة لم أكن أحسب لها حساباً ، كما أنني لا تجربة لي سابقة في الحب ! - و لكنك لم تكوني باكراً ! - أوووه ، ألا تعلم يا دودوه ؟ لقد حصل هذا من زمان ، بسبب ولعي بركوب الدراجة الهوائية و أنا طفلة . - هذا يعني أن حملك قد أصبح أمراً وارداً الآن ! - الله يستر ! ما ذا أعمل لك ؟ تقول لي أولاً أنني عطنة ، ثم تغويني بتلمس مفاتني الحساسة ؛ بعدها ، تهجم علي كالوحش الكاسر و أنا في محلك . لم تُبق شيئاً لم تفعله بي ، و أنا لا حول لي و لا قوة . يبدو أن لكل عطن عطر ، ها ؟ هل أدركت عطري الآن بعد فعلتك السوداء بي ؟ - ننعم . أدركت ! - أعطني إياه بسرعة ، فقد طالت فترة خروجي من الدار ، و لا بد أن أخي الأرعن يبحث عني الآن في كل مكان . - هذه زجاجة فرنسية أصلية من ماء العطر تحتوي على باقة رائعة من خلاصة عدة أزهار تليق بك ، أسمها (جوْي) ، لجان باتو . جربيها الآن ، و قولي لي رأيك بها . - دعني أرى . هم . همممم . ليست سيئة ! يعجبني لونها الأصفر الشفاف و رأسها الأسود ، مثل رأس مزمارك السمين الجامح ! إسمع ، إذا حصل الحمل ، لا سمح الله ، فعليك أن تتحمل مسؤوليتك كرجل حقيقي ، فتتقدم لخطبتي ، و إلا فسيقطِّعك أخي المتهور إرباً إرباً بسوطه الحاذق و سيفه البتار ، ثم يحرق ما تبقى من جثتك بصواريخ توماهوك مثلما فعل الخِبِل ترامب بسوريا ، فلا تحصل حتى على قبر مثل بقية الآدميين ! أنه كائن من نوع مجنون من فصيلة ترامب ، لا يقف بوجهه أحد ! - و من هو أخوك ؟ - الدب الداشر : محمد ! ألا تعرفه ؟ - لا ! - كيف لا تعرفه و أنت جارنا ؟ إنه محمد بن القصاب سلمان ! - ها ؟ ننعم ، نعم . أنتم جارنا الجنوبي الجديد ، جئتم قبل سبع سنين ، أليس كذلك ؟ - عليك نور ، يا دودو الحمش ! ما ثمن هذا العطر ؟ - ستون ألفاً . - لا تقل لي أنك تريد مبلغه مني بعدما سلبتني أعز ما أملك ! - كلا ، بالطبع . إنه هدية . اعتبريه عربون تعارف . - أعطني زجاجتين إضافيتين منه لشقيقتيَّ : إماره ، و كُفَيته . و أرزم كل علبة بواحد من هذه الصناديق الخشبية المطعَّمة ، عمّو ! - صار . - ما نوع الخشب المصنوعة منه هذه الصناديق الجميلة ، عمّو ؟ - الأبنوس الأفريقي : أثمن و أجمل و أصلب خشب في العالم . - أسرع ، فقد تأخرت ! - صار ! ما اسمك ؟ - فتيقه سلمان ! ** عندما فتح الباب الزجاجي للمحل و خرجت فتيقه ، أغلق داوود الباب خلفها و أزلجه . فجأة أحس بالدوار ، فجلس على كرسيه الوثير ، و أمسك راسه بين يديه و هو يغالب التقيؤ . ثم قام ، و ذهب للحمام . خلع ملابسه و اغتسل ، ثم عقّم جسده ، ثم اغتسل ، ثم عقم . كرر الإغتسال و التعقيم ثالثة . أحس ببعض الراحة و هو يرتدي ملابسه الأنيقة ثانية ، و يقف خلف المرآة لترتيب ربطة عنقه و تمشيط شعره . نظر إلى وجهه في المرآة : التجاعيد تعلو كل مكان ، حتى أنفه . بصق على المرآة ، ثم نكَّس رأسه . فجأة ، فارت معدته ، فتقيأ و تقيأ و تقيأ . أحس بروحه تكاد تقفز خارجة من فمه . غسل وجهه و تمضمض طويلاً ، ثم تعطر بعطر الورد الفرنسي : سا ماجيست لا روز ، من سيرج لوتانز . سرح بذاكرته إلى الماضي البعيد . لقد تزوج بلا حب عندما بلغ الرابعة و العشرين من العمر . في ليلة الدخلة ، كان هو باكراً و زوجته باكر . بقي مخلصا لها حتى بعد وفاتها قبل عشرة سنين . . ذكرى إحداهن ندم لأحَدِهم . كيف سمح لنفسه أن تغويه طفلة و هو شيخ هرم عركته الحياة و عركها ؟ لقد اقتادته قود البعير للمسلخ . كيف خان الإخلاص لمبادئه و هو المشهود له بالالتزام ؟ كم هو غبي . وحده الغباء يفسد الإخلاص للمبادئ ؛ و لسوء الحظ ، فإن بوسع المرء الالتزام بكل الإخلاص في غبائه . هذه آخرتها : شيب و عيب . و لكن هل صحيح أن العفة شذوذ جنسي ، مثلما قرأ ؟ و هل صحيح أن الابداع في تركيب العطور يتطلب الفحولة ...؟ الأكيد مما حصل له اليوم أن عطر الجنس فوّاح . لعله قد جُنَّ ، و الجنون لا يعرف الناموس ! واقعة هذا اليوم جعلته يدرك وجود أشياء مرعبة لديه . لماذا لم يكتشفها إلا بعدما بلغ أرذل العمر ؟ كيف سيتصرف أن حصل الحمل فعلاً ؟ الستار الله ! ثم ، ألم يجد من هي أفضل من هذه العطنة ؟ صام دهراً ، و فطر على جريَّة ظهراً ! تحرَّك نحو باب المحل و فتحه . ** - مساء الخير ، حجّي ! - مساء الأنوار ، إبنتي العزيزة . أهلاً و سهلاً . كيف حال الأهل ؟ - بخير ، و الحمد لله . - سلّمي لي على الجميع : الوالد و الوالدة و أخيك الدكتور عباس و شقيقاتك الوردات. - يوصل . جئتك اليوم و اعتمادي على الله و عليك ! - خير ، إن شاء الله ؟ - أنت مثل والدي و أستطيع مصارحتك بلا حرج . لا أخفي عليك أنني قد بلغت التاسعة و العشرين من العمر دون أن يتقدم أحد لخطبتي لكوني غير موظفة ، رغم أن شكلي مقبول ، و أنا حاصلة على شهادة الماجستير في الهندسة الإلكترونية ! - أنت أجمل النساء . و تملكين فوق كل هذا الجمال ، الشرف و الأصل و الأخلاق السامية و التخصص العلمي الرفيع . - شكراً جزيلاً ، حجّي ! - وا أسفاه . لقد ذهب الرجال الشرفاء من أصحاب الذوق ، و بقي الانتهازيون فقط . هكذا أصبحت الحياة ، بلا ذوق ! - الحياة ليس لها أذواق ؛ كل شيء يمشي بها . - أحسنت ، يا ابنتي العزيزة . و هذه هي المأساة الاجتماعية التي ما بعدها مأساة . أكثر من نصف نسائنا في سن الخصوبة غير متزوجات . - صحيح . كل عام تخرِّج الجامعات الحكومية و جامعات أهل العمائم أكثر من ثلثمائة ألف خرّيج ، كلهم يتخرَّجون من الجامعة ليمضِّي الرجال نهاراتهم بذرع الشوارع ، و تُقْبِر النساء أنفسهن في البيوت . لا الدولة توظف الذكور كي يتزوجوا الإناث غير الموظفات ؛ و لا هي توظف الإناث كي يتزوجهن الرجال البطالين ! - لا حول و لا قوة إلا بالله ! و لكن الله كريم ! - الله كريم ؛ لكن الحكومة بخيلة على الشعب ، و كريمة مع الحرامية ! - صدقتِ . كيف أستطيع مساعدتك ، يا ابنة الأصول ؟ - شف ، حجّي . أخي الدكتور عباس تعرف مؤخراً على أستاذ جامعي مهجّر من الموصل . و هو شاب أربعيني أعزب ، و أنسان ملتزم مثلما يقول لي أخي . الليلة هو مدعو للعشاء عندنا للبيت ، و سأقدم الطعام أنا . أريد عطراً مناسباً يغريه بالتقدم لطلب يدي ! - و هل أعددت أطعمة تليق بهذه المناسبة ؟ أنت سيدة العارفين : الطريق إلى قلب الرجل يمر بمعدته ! - اطمئن من هذه الناحية ، لقد أمسكت أخواتي الثلاث الخفارات طوال اليومين الماضيين ، فكلهن خريجات عزباوات مثلي ، فأعددنا أشهى الأكلات : السمك المسقوف و الدجاج المحشي و البرياني و القوزي و الكبة بأنواعها و الكباب و الكفتة و أنواع المرق و أشهى المقبلات و الزلاطات ! و كذلك الفواكه و العصائر أنواع . و أعددنا البقلاوة و البرمة بالفستق الأخضر ، و الكريم كاراميل و الشوكولاتة و الكيك و الكنافة و البيتي بور و الكليجة ، أنواع ؛ و مثلها الموطا و المثلجات . كما أخرجت لي أمي كل أطقم أواني البلور الفرنسي و ملاعق شوكات الفضة الألمانية و العائدة للمرحومة جدتي لغرض التقديم . - سُفرة عامرة و دائمة أنشاء الله ! طيب . هل تستطيعين وصف طبيعته لي ؟ أقصد هل هو رجل يحب البساطة ، أم العمق ؟ - بصراحة ، حجّي ، أنا لم أره سابقاً ؛ و لا علم لي بطبيعته الحقيقية . كل الذي سمعته عنه من أخي عباس أنه استاذ جامعي دمث الأخلاق . - ما اختصاصه الأكاديمي ؟ - الرياضيات الحديثة . - بس ! لقد وصلنا ! إنه شاب يحب العمق ! - صحيح ؟ - أجل ، بالتأكيد . و العطر النسائي المفضَّل عند مثل هذا النوع من الرجال موجود عندي ، و هو من أنفس المناشئ العالمية . سأجعله يزحف كالجرو عند قدميك طالباً يدك ! - بشَّرك الله بالخير ! ألله يسمع من فمك ! - هذه هي أفضل ماركة فرنسية عندي للعطور الشرقية الأصلية ، إسمها (اوبيوم) ، من إيف سان لوران . شمّيه لتري كيف أن عبق مسكه و عنبره يفوح منهما عمق الشرق و سحره . - دعني أشمه ... إنه رهيب ! عاش ذوقك ! هل هو غال ؟ - مجاناً ، لابنتي العزيزة ! - لن أقبل بأخذه مجاناً . لقد جئت لمحلك كي أجعلك تربح ، و ليس لتخسر . - أسمعي يا ابنتي ، أعظم ربح حصلت عليه اليوم هو تشريفك لمحلي . و لن أقبل أن تدفعي فلساً واحداً . قابل الأيام آت بالخير الوفير ، إنشاء الله ، و هذا محلك ، و أنا بخدمتك دوماً . اعتبريها هدية الزواج مقدماً من أبيك الثاني . - زاد الله شرفك ! لقد أخجلني كرمك . عسى الباري أن يسمع من لسانك ! - هل تعرفين كيفية التعطر به حسب الأتيكيت ؟ - لا ! كيف ؟ - إسمعي . عبق هذا العطر يصّاعد من الأسفل إلى الأعلى . إبدأي ببخِّ قطرات منه على ساقيك ، ثم خلف ركبتيك ، ثم خلف وبطن ساعديك و سقف كفيك و مقدمة الرقبة و خلف إذنيك . ثم بخّي غمامة منه في الهواء و أدخلي فيها . قطرات قليلة في كل بخّة تكفي ، بلا تفريط و لا إفراط ، و أنت سيدة العارفين . واضح ؟ - واضح . رحم الله المرحومة زوجتك الشريفة ! - تعطري به قبل ربع ساعة من مجيء العريس ؛ حتى إذا جاء و رآك ، سيشم أرج قلب العطر العميق الأخاذ ، فتخلبين لبه ! بعد خروجه من البيت ، سارعي لأخذ حمام لئلا يهجم عليك العرسان من كل حدب وصوب ! - هاهاها ! ألله يسمع من فمك . لقد أبهجتني بكلامك اللطيف . إنني عاجزة عن شكرك ، حجّي . - هذا واجب . شايفه ألف خير ، ابنتي العزيزة ، و بالسلامة . - إن شاء الله خير ، مع السلامة . ** عند الغروب ، زاره جار العمر العزيز ، الخياط حسون ، صاحب المحل المجاور لمحله . ابتدره بالقول : - أنا زعلان جداً منك اليوم ، يا أستاذ داوود ! - لماذا ، لا سمح الله ، يا سيد حسون ؟ أنت غال عندنا ! - كيف تسمح لنفسك - و أنت الأنسان النقي صاحب المبادئ و التاريخ الشريف – الاختلاء بامرأة ساقطة مثل فتيقه في محلك ، و تقفل عليكما الباب ؟ ها ؟ - هي التي طلبت قفل الباب لتجربة العطور على رسغها ! قلت لي أنها امرأة ساقطة ؟ - أيها المسكين ، الا تعرفها ؟ أنها امرأة سيئة السمعة مشهورة منذ مجيء أهلها لمحلتنا قبل سبع سنين على الأقل ! - و لكنها لم تبلغ بعد سن السادسة عشرة ! - لقد أكلت برأسك الحلاوة ! عمرها ليس أقل من ثلاثين عاماً ، و أن كانت ناعمة البنية ! - صحيح ؟ - طبعاً صحيح ، فقد ولدتها أمها في صالة الولادة بالمشفى بنفس يوم ولادة أبني علي ! أي أكاذيب أخرى لفقتها لك ؟ - ها ؟ لا أعلم . أنا في حيرة شديدة من أمري ، أضرب أخماساً بأسداس ! - هل أغوتك ؟ - بصراحة ؟ نعم ! لقد قادتني قود البعير للمسلخ ! - لا ! لا على بختك ! لا حول ولا قوة إلا بالله ! كيف اصطادتك هذه الحقيرة و أنت الباز المحلق ؟ لا ! لا ! إسمع ، يجب أن تنتقل الساعة إلى بلدة أخرى بعيدا عن آل سلمان . على الأقل لبضع سنين ! - لماذا ؟ - يا لك من غرير ! هذه العاهر تريد زوجاً لها اليوم قبل بكرة ! إنها حامل ! و أهلها قوم مشهود لهم بالعدوان و الأذى . أبوها لديه معمل غير مجاز لتعليب اللحوم ، و كل لحومه إمَا من الفطائس ، أو من الحمير المسروقة ، أو الكلاب المتشردة ! و هو ما زال يحتفظ بالعبيد و يشغلهم عمالاً و سواقاً عنده ، و عائلته كلها ساقطة أخلاقياً : أباً عن جد ؛ رجالاً و نساء . كل عام تسافر نساء العائلة لأوربا ليدفعن هناك الأموال الطائلة للشبان الروميين الشقر كي يجامعونهن في غرف فنادقهن . لا يكفيهن سواقهن العبيد ! كما أن أبوها يستأجر المرتزقة المسلحين لقتل و تدمير بيوت كل جيرانه ممن لا يشترون لحم الفطائس منه . لقد قتلت مرتزقته جاره الرابع السيد الليباوي ، و دمرت دور جاريه الشماليين و جاره الجنوبي شر دمار . لا تقل لي أنك لست على علم بكل أفعالهم الدنيئة هذه ؟ - إطلاقاً ! كل هذه هي معلومات جديدة علي ! فقد أمضيت عمري كله : من البيت للمحل ، و من المحل للبيت ! كما أقلعت عن فتح التلفاز منذ وفاة زوجتي ، بعد أن شبعت طوال نصف قرن من سماع ثرثرة نشرات الأخبار التي ليس من ورائها طائل ! - يجب أن تغلق محلك الآن ، و تنتقل إلى مدينة أخرى حالاً ، و إلا أجبروك على أن تصبح قواداً لهم ، و أنت أرفع من هذا . ماذا قلت ؟ - إنا في حيرة من أمري ، دعني أفكر قليلاً ، فقد أمطرتني بوابل من فظائع لم أهضمها بعد . - لا وقت للتفكير . ستأتيك فتيقه صباح بكرة ، مع دزينة من أزلام أبيها المسلحين ، و تسوقك كالخروف لدار أبيها ، كي تطلب يدها منه ، و أنت صاغر . أحزم أمرك الآن ، و إلا ندمت و خسرت شرفك ، و لات ساعة مندم ! الشرف قارورة ليس لانكسارها جبر ! - بصراحة ، أنا في حيرة شديدة من أمري ، و ذهني مشوش ! **
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القمّاص محمد سلمان آل سعود
-
داعش ، و ما أدرك ما داعش
-
ناشا و شجر الحَور
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً /8-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً /7-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً /6-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 5-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 4-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 3- 20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 2-20
-
ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 1 - 20
-
ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 8-8
-
ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 7
-
ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 6
-
حالةٌ من ملايينِ الحالات
-
قصيدة -ليلةً الشتاءِ- للشاعر الروسي : بوريس پاستِرناك (1890
...
-
نشيد المجرة
-
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها / 3
...
-
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها / 2
-
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها / 1
المزيد.....
-
“رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس
...
-
افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية
...
-
هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
-
-هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم
...
-
-بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
-
إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية-
...
-
على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي
...
-
الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
-
تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة
...
-
الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|