أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد على حسن - موسى التاريخ















المزيد.....


موسى التاريخ


أحمد على حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5655 - 2017 / 9 / 30 - 20:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة
موسى التاريخ هو البحث عن النبى موسى فى "التاريخ" خارج سيطرة وسطوة النص الدينى، وأقصد بالتاريخ تلك الدراسات المتعلقة بعلم الأركيولوجي وهو علم الآثار المختص بالبحث فى حضارات الشعوب القديمة من الآثار التي يجدها العلماء في الحفريات، بمعنى أوضح فعلم الأركيولوجى هو العلم الذى يبحث فى كل ما يخص تاريخ الإنسان فى العصور القديمة: اللغة ــ الدين والعقائد ــ الأساطير المنتشرة فى تلك الحقبة ــ شكل الحياة الإجتماعية وحتى السياسية ــ الأدوات المستخدمة ــ وهلمجرا، وقد تطور علم الأركيولوجى منذ القرن التاسع عشر وإتسعت إكتشافاته منذ ذلك الحين، وإستطاع فد رموز وشفرات وإختصارات اللغات القديمة والمنقرضة "كالفرعونية مثلا" كما أمدهم العلم الحديث بأساليب علمية متطورة كالكشف الكربونى لمعرفة العمر الحقيقى لتلك الإكتشافات الأثرية وبمعامل خطأ ضئيل جداً لا يتعدى الخمسين سنة، بحيث إستطاعوا فى النهاية إعطاء صورة عن حياة تلك الحضارات القديمة ومنذ نشأة الإنسان الأول حتى الآن، وتم تقسيم تاريخ الإنسان لحقب تاريخية، وصولاً لتكوين للحضارات القديمة المعروفة فى التاريخ البشرى.
المدرسة العقلية فى فهم النص الدينى

لم يكد القرن الهجرى الأول قد إنقضى إلا ونشأت مدرسة عقلية لتفسير والتفاعل مع النص الدينى، وعرف أصحاب تلك المدرسة بالمعتزلة، وبصرف النظر عن الأسباب السياسية التى أسهمت فى ظهور تلك المدرسة فى التفسير، فلعل ظهورها كان بسبب بداية إنتشار الخرافة وتغييب العقل الإسلامى وإنتشار الأحاديث المكذوبة عن النبى محمد، فقدم أصحاب تلك المدرسة العقل على النقل، والمقصود بالنقل ذلك التراث الشفوى المنقول عن النبى فى صورة الأحاديث النبوية أو فى آراء وإستدلالات الصحابة او التابعين المتقدمين ، ثم خطوا خطوة أخرى بتقديم العقل على النص ذاته، ليس بمعنى نفى قدسية النص، ولكن بتأويل النص ليتناسب مع ما يقبله العقل أو الثابت من التاريخ او العلم، ومن أمثلة ذلك تأويلهم لقصة هزيمة جيش أبرهة عام الفيل بسبب "الطير الأبابيل التى ترميهم بحجارة من سجيل" فتفسيرهم ليس كما ذهب المفسرون بالتمسك بالنص الحرفى للقصة، ولكن أولوا النص وجعلوا سبب هلاك جيش أبرهة بإصابته بمرض الجدرى، فالعقل فى رأيهم هو المكلف، فمن غير المقبول أن يصدق ما يرفضه، وقد عاش المعتزلة طوال ثلاثة قرون معركة شبه دائمة بغرض الإنتصار لمدرستهم العقلية وخصوصاً مع الحنابلة فى قضية خلق القرآن، ومع أصحاب مدرسة الجبرية لقول المعتزلة بحرية إختيار الإنسان ومسئوليته عن أفعاله، وهكذا فقد رفض المعتزلة كل ما يتنافى مع حرية الإنسان أو يرفضه عقله
انحسار المدرسة العقلية

إنتشرت أفكار المعتزلة ومدرستهم الفكرية العقلية فى العصر العباسى طوال مايزيد عن قرن من الزمان، وخصوصاً فى عهد الخليفة "المعتزلى" العباسى المأمون ومن بعده، حتى جاء الخليفة "الحنبلى" المتوكل والذى إضطهد المعتزلة لصالح أصحاب مدرسة الحديث "الحنابلة"
تراجعت المدرسة العقلية فى التاريخ الإسلامى منذ ذلك التاريخ لصالح المدرسة التقليدية المتشددة التى يمثلها الحنابلة، وكرد على ذلك فقد نشأت مجموعة من المدارس التى حاولت التقريب بين المدارس الفكرية الإسلامية كالأشاعرة بعيداً عن التشدد، وكما أدت لظهور طائفة الصوفية الموغلة فى الخرافة والبدع ومزاعم الكرامات التى لم يعرفها عصر النبى وصحابة رسول الله، والتى ماكانت لتنتشر لولا تراجع المدرسة العقلية، وكان من أهم نتائج إنحسار المدرسة العقلية الرجوع للتفسير الحرفى للنص الدينى ونبذ التأويل العقلى، وسيطرة مدرسة الحديث بل وتقديمه أحياناً على النص القرآنى، إنتشار التشدد الدينى من جه والذى يمثله الحنابلة والمذاهب التى تفرعت منه كالوهابية فى عصرنا الحالى، والخرافة التى تمثلها الصوفية من جهة أخرى، أما أهم نتائج إنحسار المدرسة العقلية فكان قفل باب الإجتهاد فى الإسلام!!.

المعتزلون الجدد

إنحسرت المدرسة العقلية فى التاريخ الإسلامى كما بينت منذ النصف الثانى من القرن الثالث الهجرى، وإستمر ذلك طوال عشرة قرون كاملة، بخلاف بعض الأصوات الخافته والمعارك الفكرية الجانبية هنا وهناك، وإستمر ذلك حتى عهد الإمام محمد عبدة 1266"هـ –1849م – 1323هـ ــ 1905م" .. ولنا أن نتخيل ماذا أنتجت تلك القرون من كتب وأفكار بل وفتاوى هدفها وهمها الأساسى تحقير العقل، وبدلاً من أن يتم تأويل النص ليتناسب مع العقل فقد تم إلغاء العقل وتحقيرة فوصف الشيوخ العقل بالدابة التى يمتطيها الإنسان للوصول للحق وهو الإسلام .. فمتى وصل للدين الحق فقد إنتهت وظيفة تلك الدابة .. وعليك هجرها والنزول عنها .. وربما الأفضل قتلها!!.
وقد أسس الأستاذ الشيخ الإمام محمد عبده مدرسته أو بالأحرى أحيا مدرسة الإجتهاد والتأويل العقلى منذ نهاية القرن التاسع عشر الميلادى وعلى دربه سار تلاميذ كثر، وهم هؤلاء الذين إما عاصروه أو هؤلاء الذين تأثروا به فيما بعد، والقائمة طويلة وسيأتى ذكر بعضهم لاحقاً.

العودة لصلب الموضوع " موسى التاريخ"

أرجو إلتماس العذر للإطالة .. فقد رأيت إستحسان إعطاء نبذة تاريخية عن بداية ظهور ثم إنحسار .. ثم الظهور الثانى للمدرسة العقلية فى الإسلام لمزيد الفهم والإيضاح .. وسوف أكتفى فى الفقرتين الباقيين فى إستعراض أقوال بعض الشيوخ والأساتذة والباحثين ، مع بعض التعليقات.
ما يهمنا الآن هو ما يخص إنتاج تلك المدرسة الفكرية العقلية والقصص فى القرآن أو الحديث النبوى وسوف نستعرض فى هذه الفقرة بعض أقوال رواد المدرسة العقلية مما يمكن تسميتهم بالمعتزلين الجدد بخصوص القصص القرآنية .. ثم فى الفقرة الأخيرة سوف نتناول قصة النبى موسى "كمثال لا على سبيل الحصر" وأقصد بها قصة موسى التاريخ كما وردت فى الأبحاث الأركيولوجية.

# الأستاذ الإمام محمد عبده

ـــ من تفسير المنار للشيخ رشيد رضا نقلاً عن أستاذه الإمام محمد عبده فى الجزء التاسع صـ 374 طبع سنة 1343 "إن الله تعالى أنزل القرآن هدى وموعظة، وجعل قصص الرسل فيه عبرة وتذكرة لا تاريخ شعوب ومدائن ولا تحقيق وقائع ومواقع"

تعليق 1: ( أى أن القرآن لا يؤرخ لتاريخ الأمم السابقة ولا مدنها ولا ينقل وقائعها .. ولكن تلك القصص لمجرد الهداية والموعظة).

تعليق 2: (ثم يعود الشيخ رشيد رضا فى موضعين فى مجلة المنار التى كان يشرف عليها ليقرر بشكل أكثر وضوحاً أن القصص فى القرآن ليست تأريخاً و ليست دليلاً على صحة تلك القصص التى رواها الله فى القرآن، ويعطى مثالاً على ذلك بقصة هاروت وماروت).

ـــ الشيخ رشيد رضا فى مجلة المنار : "بينا مراراً أن أحداث التاريخ وضبط وقائعه وأزمنتها وأمكنتها ليس من مقاصد القرآن، وأن ما فيه من قصص الرسل مع أقوامهم فإنما هو بيان لسنة الله فيهم وما تتضمنه من أصول الدين والإصلاح".

ـــ الشيخ رشيد رضا فى مجلة المنار ينقل عن أستاذه الإمام محمد عبده بمناسبة «هاروت وماروت» التى وردت فى سورة البقرة، فيقول محمد عبده كما نقل رشيد رضا: "بيّنا غير مرة أن القصص جاءَت فى القرآن لأجل الموعظة والاعتبار، لا لبيان التاريخ، ولا للحمل على الاعتقاد بجزئيات الأخبار عن الغابرين. وإنه ليحكى من عقائدهم الحق والباطل، ومن تقاليدهم الصادق والكاذب، ومن عاداتهم النافع والضار، لأجل الموعظة والاعتبار. فحكاية القرآن لا تعدو موضوع العبرة".

تعليق: (إذن هاهو الشيخ رشيد رضا وبشكل أكثر وضوحاً وفى موضعين من مجلة المنار التى أسسها وكان يشرف عليها الشيخ رشيد رضا ليقرر بشكل أكثر وضوحاً أن القصص فى القرآن ليست تأريخاً وليست دليلاً على صحة تلك القصص التى رواها الله فى القرآن، ويعطى مثالاً على ذلك بقصة هاروت وماروت).

# الدكتور طه حسين

" للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل, وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا, ولكن ورود هذين الإسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي, فضلا عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل إلى مكة ".
ــ كتاب فى الشعر الجاهلى ص 27 والصادر سنة 1926".

تعليق: ( أى أنه ببساطة فى البحث العلمى التاريخى والأركيولوجى لا يصح الإحتجاج بورود القصة فى النص القرآنى .. وطه حسين رغم ما أثير من ضجة حول كتابه فهو يتفق مع الإمام محمد عبده، فالقصة القرآنية ليست شاهداً على التاريخ ولا دليلاً عليه).

# الدكتور محمد أحمد خلف الله

"أن ورود الخبر فى القرآن الكريم لا يقتضى وقوعه، فالتاريخ ليس من مقاصد القرآن وإن التمسك به خطر أى خطر على النبى عليه السلام وعلى القرآن، بل هو جدير بأن يدفع الناس إلى الكفر بالقرآن كما كفروا من قبل بالتوراة".
ــ كتاب الفن القصصى فى القرآن الكريم الصادرسنة 1947

تعليق: ( هنا كان الدكتور محمد أحمد خلف الله من الذكاء بأنه أبعد القصص فى القرآن من إشكاليات التاريخ، ونبه لخطوره ذلك فإخضاع القصص القرآنية لميزان التاريخ هو بنفس خطورة إخضاعه لميزان الإعجاز العلمى المزعوم وكلاهما خطر على القرآن، فالقرآن يحكى القصة ليس من باب التاريخ وإلا لوجدنا تعارضاً بينهما).

# الشيخ أمين الخولى

فى المقدمة التى كتبها الشيخ أمين الخولى لكتاب الفن القصصي في القرآن الكريم: "إن الإسلام وكتابه القرآن يحدِّث عن الأشياء والواقعات بما يشاء، ويستغلها في ترويج الدعوة الإسلامية كما يشاء، دون أن يكون حقًّا مُلزِمًا للمؤمنين. وهو ما أذيع وتقرَّر ودُفِعَ به في مصر منذ ثلث قرن في أزمة الشعر الجاهلي لطه حسين"

تعليق: ( إنه ما ذهب له الإمام محمد عبده بكل وضوح على لسان الشيخ أمين الخولى، مع إضافتين: أولاً الإشارة لأزمة كتاب فى الشعر الجاهلى لطه حسين وموقف أمين الخولى المؤيد له، وثانيهما وهو الأهم أن القصص هى للهداية وترويج الدعوة الإسلامية (( دون أن تكون ملزمة للمؤمنين)).

ــ وعلى هذا الأساس، يستطيع المثقف الراقي، حين يتدين، أن يعتقد في تسليم مطمئن بحديث القرآن الفني في قصصه، ومع ذلك، يحقِّق ويحلِّل في عمق ووضوح تاريخ هاتيك الأحداث، وأشخاصَ أصحابها، وينفي في ذلك ويثبت، مطمئنًا إلى أن هذا لن يصادم بحال ذلكم العرض الفني الآخر، وأن هذا العرض الفني، مهما يقل التاريخ في أحداثه، لن يمسَّ سلامةَ القرآن وصدقَه. وهكذا لا يضطر العالم المؤمن إلى أن يعاند العالم وأهله بأن للقرآن أن يقول ما يشاء، وأن يستغل الأحداث كما يشاء، دون أن يُلزِمنا ذلك بشيء، لأننا مؤمنون بوجداننا، – ثم باحثون بعقلنا، – وفي أنفسنا هذان التياران المتخالفان والمتجاوران معًا. لن يقول المستنير ذلك، بل سيقول، بعد أن يفهم خطة الدرس الفني لقصص القرآن الكريم: إن للقرآن أن يسلك من السبُل الفنية في عرضه لقصص السابقين ما يشاء، دون أن يقصد إلى مساس التاريخ بشيء، لأنه إنما يعرضها العرض الفني الذي لا يقوم على التفاصيل أو الروايات والتحديات، بل يقصد ما قرَّر أن يقصده بصراحة، ألا وهو العِبْرة: لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب.

تعليق: ( قدم بذلك الشيخ أمين الخولى حلاً لقضية إشكالية القصة فى القرآن وتعارضها "أحيانا أوحتى فى كثير من الأحيان" مع الدراسات التاريخية، فهو يرى أن للمؤمن كما وصفه "المثقف الراقى" أن يقرأ القرآن دون أن يمنعه ذلك من البحث والتقصى فى التاريخ، ثم يثبت أو ينفى وجود تلك الأحداث التى حدثنا بها القرآن أوأشخاص أبطالها، دون أن يقلل ذلك من قدسية النص القرآنى، لأننا كما يقول الشيخ أمين الخولى بشكل واضح لأننا مؤمنون بوجداننا ثم باحثون بعقولنا، وفى أنفسنا هذان التياران المتخالفان والمتجاوران معاً).

موسى فى الدراسات التاريخية والأركيولوجية

حسب القصة التوراتية فقد عبر موسى وقومه البحر وعددهم ستمائه ألف دون حساب النساء والأطفال، مما يجعل العدد الإجمالى قد يتعدى المليونين من الرجال والنساء والأطفال بخلاف حيوانتهم التى إصطحبوها معهم، ثم حسب القصة الدينية فقد عانوا من التيه لمدة أربعين عاماً كاملة فى صحراء سيناء، ورغم ما عرف عن الحضارة الفرعونية وولعها الشديد بالتسجيل، بحيث لم تبق شاردة أو واردة دون أن تسجلها، فقد أغفلت عن تسجيل كل تلك الوقائع بما فى ذلك أنطباق البحر على فرعون مصر وغرقه، وهوسليل الآلهة، وليس هو فقط وجنود جيشه ولكن ووزرائه ورجال حكمه، مما سيسبب "حال حدوثه" فراغاً هائلاً فى أركان الدولة وسنوات طويلة ربما تمتد لعقود من الأزمات والقلاقل السياسية والإجتماعية وإضطراب إقتصادى، لكننا لا نجد أثراً لذلك فى التاريخ الفرعونى، بل حتى صحراء سيناء التى لجأ لها قوم موسى كانت نفسها تحت حكم فرعون مصر، بما فى ذلك اجزاء من الشام و شمال الجزيرة العربية، بما يعنى أنه كان يمكن أن يعيد الفرعون "أو الذى تلاه بفرض غرق الأول" الكرة فيقضى على هؤلاء المارقين، وخصوصاً أنهم حسب القصة التوراتية خارجين على القانون ونهبوا كنوز مصر وحتى حلى النساء قبل عبروهم البحر، أما المدهش فى الدراسات التاريخية فإن كل الدراسات لم تجد أى أثر لإقامة كل هذا العدد الذى يقدره البعض بمليونين و يصل به البعض لثلاثة ملايين، فلا أى أثأر وجدها العلماء تدل على إقامتهم كل تلك المدة التى إمتدت لأربعة عقود كاملة، كما طرح الباحثون إشكالية اخرى عن ندرة الموارد الطبيعية فى تلك المنطقة الصحراوية التى من المفترض أن تكفل غذاء كل هؤلاء وحيوانتهم التى لا يقل عددها عن عدد البشر أنفسهم وطوال تلك السنين، فأين مصادر المياة الكفيلة بشرب كل هؤلاء وحيوناتهم وأين الحقول لسد إحتياجات غذاء البشر والمراعى لغذاء الحيوانات!!.... كما نبه الباحثين أنه بإنتهاء سنوات التيه الأربعين فلا نجد أى اثر لهجرة هؤلاء وعددهم لاشك قد تعدى الثلاثة ملايين على أقل تقديرلأأرض الميعاد، فلم تسجل الدراسات التاريخية والأركيولوجية أى هجرة من سيناء وبهذا العدد الضخم جداً "وخصوصاً بمقاييس ذلك الزمن" من سيناء لأرض فلسطين..... كل ذلك جعل علماء الأركيولوجى إما ينكرون وجود موسى عبر التاريخ .. وخصوصاً عندما وجدوا تشابهاً بين بعض تفاصيل قصة موسى التوراتية وبين بعض الأساطير الاشورية كإلقاء موسى فى النهر، أو بين بعض تعاليم الشريعة اليهودية وبين قوانين حمورابى .... أما الحل الثانى فإنهم حاولوا البحث عن موسى فى أماكن أخرى غير تلك التى حدثتنا عنها التوراة، كأن يقول البعض بأن موسى كان فى وسط أسيا أو فلسطين أو شمال الجزيرة العربية وبعضهم ذهب انه كان فى اليمن، وذلك بعد أن أعياهم البحث عن النبى موسى فى الأماكن التى جرت فيها الأحداث نقلاً عن الكتب المقدسة.

وسأكتفى هنا "بدون تعليق" بعرض ماقال به علماء التاريخ فى قضية موسى التاريخ وهو ما عبرت عنه تلخيصاً فى الفقرة السابقة.

# زينون كوسيدوفسكي

" يواجه العلماء في أيامنا هذه مصاعب كبيرة في استنباط نواة الحقيقة من الأسطورة رغم الجهود الكبيرة التي تُبذل في هذا المجال. فإنه لا يوجد رأي واحد متفق عليه حول ما وقع في التاريخ فعلًا وحول ما إذا كان وجود موسى في التاريخ حقيقة أم خيالًا.. موسى برأي بعض العلماء أغرب شخصية في التاريخ التوراتي، فحول شخصيته تكونت أساطير كثيرة.. لكن هل يجب الانطلاق مما ذُكِر الاستنتاج أن موسى لم يوجد أبدًا كشخصية تاريخية واقعية؟ كلاَّ بالطبع! والعلم الحديث صار حذرًا جدًا في إصدار مثل تلك الأحكام.. وتبين أن كثيرًا من الشخصيات التي اعتبرت لوقت طويل أسطورية لا وجود لها، ما هي إلاَّ شخصيات حقيقية لزعماء وقادة أثروا على مجرى الأحداث التاريخية."
“إننا لا نستطيع أن نذكر واقعة هروب موسى وقومه من مصر لأن الوثائق المصرية وغيرها من المصادر الأخرى لا تشير إلى تلك الأحداث قط. ”
- كتاب الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ــ ترجمة الدكتور محمد مخلوف.

# الباحثة البريطانية ” كاثلين كينيون

"وفق المعطيات الأثرية فلم يحدث دخول أقوام جديدة إلى فلسطين في فترة بين عصر البرونز الأخير وعصر الحديد، فلا يوجد في هذه الفترة تغيير حضاري يشير إلى حلول أقدام جديدة في فلسطين سواء في المناطق الهضبية أو غيرها
ــ كتاب اختلاق موسى التوراتي ومعجزاته من زاوية الحقائق العلمية – د. بشار خليف.

# الأب سهيل قاش

" أنه لو كان هناك شخصية تاريخية حقيقة باسم موسى فإن هناك تشابهًا بين قصته وقصة سرجون، فيقول عن موسى " يشابه كثيرًا ما رواه البابليون في أساطيرهم عن حياة " سرجون الأول " ملك أكاد المُسمى " شارغاني-شار-ألي " Shargani- shar-Ali الذي ظهر وأُضطهد، ونجا وعاش، ومازال يجد ويسعى حتى غدا ملكًا على بابل بأجمعها، وغزا السومريين واحتل بلادهم وقضى على دولتهم"
" أن هناك حقيقة مهمة يجدر التطرق إليها، لقد نحتت على قمة الحجر الذي حُرّرت عليه قوانين حمورابي، صورة الملك (حمورابي) وهو يتسلم السلطة من إله الشمس، وهذا متجانس تمامًا مع الحادثة المذكورة في التوراة، وهي تسلُّم موسى قانونه من إله العبرانيين على جبل سيناء".
ـــ وأيضًا يرى الأب سهيل قاشا أنه من ضمن المتشابهات أن كل منهما ينتهي بالإنذار والوعيد لمن يعصى أحكامهما(3) وأن الإسرائيليين دعوا شريعة العهد القديم بشريعة العدل أو الأحكام " ميتشباتيم " Mishpatim وهي عين الكلمة البابلية Dinani أي الديانة في العربية لأن حمورابي دعى شريعته بالديانة العادلة، كما أن صاحب المزامير دعى هذه الأحكام بأحكام عدل" (مز 119: 7) وهذا دليل على أن شريعة موسى قد أخذت من شريعة حمورابي.
ــــ كتاب بابل والتوراة ــ الأب سهيل قاشا

# الباحث “سارنا ” sarna

“إن خلاصة البحث الأكاديمي حول مسألة تاريخية قصة الخروج، تشير إلى أن الرواية التوراتية تقف وحيدة دون سند من شاهد خارجي، كما أنها مليئة بالتعقيدات الداخلية التي يصعب حلها. كل هذا لا يساعدنا على وضع أحداث هذه القصة ضمن إطار تاريخي. يضاف إلى ذلك أن النص التوراتي يحتم محددات داخلية ذاتية ناشئة عن مقاصد وأهداف المؤلفين التوراتيين، فهؤلاء لم يكونوا يكتبون تاريخاً وإنما يعملون على إيراد تفسيرات لاهوتية لأحداث تاريخية منتقاة. وقد تمت صياغة هذه الروايات بما يتلاءم مع هذه المقاصد والأهداف. ومن هنا فإننا يجب أن نقرأها ونستخدمها تبعاً لذلك."

# الدكتور كمال صليبى الاستاذ الجامعى والمؤرخ اللبنانى
"ان تاريخ اليهود بالكامل يقع فى منطقة عسير شمال شرق جزيرة العرب قائلا : اثناء البحث فى احداثيات هذه المنطقة وقع بالصدفة على كل الاماكن التى ذكرتها التوراه من اسماء بلدات ومدن ، اى انه وجد الجغرافيا ، ولكن ماذا عن التاريخ ؟ يقول ان اليهود عاشوا فى تلك المنطقة وبعد العودة من السبى البابلى وجدوها خرابا فاتجهوا شمالا الى ارض الكنعانيين ( فلسطين).
ـــ كتاب التوراة جاءت من بلاد عسير ــ الدكتور كمال صليبى.

# الباحث زياد متى يقول ان مصر المذكورة فى التوراه ليست مصر الفراعنه ولكنها اقليم صغير يقع شرق سيناء وكان حكامة يطلق عليه فرعون .

# سيحموند فرويد عالم النفس الشهير

"إن الرواية اليهودية لقصة موسى لا تنسجم ومنطق الامور، ففرعون قد حلم بان أحد أبناء العائلة المالكة سينجب طفلا سيكون خطرا على عرشه فالقي به في النيل ليتلقفه اليهود ويتعهدوا بتربيته، وليس العكس.. ويستنتج فرويد أن موسى مصريا وليس يهوديا ، ورغم أن الاسفار اللاهوتية اليهودية تقول أن الله فرض على إبراهيم (عليه السلام) ختان الاطفال كميثاق بينه وبين شعب الرب .. الا أن فرويد وبالإستناد على عدد كبير من المراجع وأهمها المومياءات يؤكد على أن الختان هي عادة مصرية موغله في القدم للتميز بين من هو مصري وغير مصري ، ويتسائل : كيف لموسى اليهودى وقومه الفارين من عبودية فرعون ان يفرض عليهم الختان الفرعونى.
ـــ كتاب موسى والتوحيد ـــ سيجموند فرويد

# البروفسور زئيف هرتزوغ، وهو عالم يهودى يعمل في جامعة تل أبيب
"إن سنوات السبي الطويلة للشعب اليهودي في مصر، والهروب الخارق بقيادة موسى عبر البحر الأحمر، ومكوثهم 40 عاما هي سنوات التيه في صحراء سيناء، والتصديق على وعد الرب للشعب اليهودي على جبل طور سيناء، وصولا إلى غزو أرض الميعاد. كل هذه القصة مجرد أسطورة، هذه هي الخلاصة التي توصل إليها. ويضيف: "لم يكن بنو إسرائيل في مصر. وما يذكر عن ذلك هو إعادة تركيب لتاريخ لم يحدث مطلقا".

# إسرائيل فنكلشتاين" عالم الآثار من جامعة تل أبيب والذي يعرف بأبي الآثار
"أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة بما في ذلك قصص الخروج والتيه في سيناء وانتصاريوشع بين نون على كنعان"
ونعود الى مصر بعد حل رموز اللعة الهيروغليفيه التى لم يعثر فيها على اى اثر لموسى التوراتى ولا خروجه ولا غرق فرعون وهو يطارده" .



#أحمد_على_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل العربى المقيد
- أمام المرآة ...... المأزق -التاريخى- فى مواجهة داعش
- قراءة لرفاعة الطهطاوى ........ عن التدين الشكلى وصعود السلفي ...
- الدرر السنية والنصائح الذهبية لشيوخ السلفية ..... المعروفة ب ...
- المنظومة الأخلاقية .... بين الدين وحاجات المجتمع
- المنظومة الأخلاقية .. والدين .. وحركة المجتمعات
- بائع الحمام ... و المادة 219 من الدستور المصرى
- أيها الفقه .. كم من الجرائم ترتكب - أحياناً بإسمك !!؟
- مغامرة رأس المملوك - باسم - !!!!؟
- المتأسلمون ........ من الأتباع و المتبوعين
- العريان يرقص ....... عارياً
- الفلول و ضبط المصطلح ... و حكايتان حقيقيتان عن صديقين عزيزين
- اليموقراطية أصلاً حرام ........ المعركة الفاصلة
- المرأة فى مسودة الدستور المصرى
- قراءة عصرية -عربية خالصة- لمسرح العبث......... مسرحيتى-سوء ت ...
- العالم الذى وعدت به - لمى - ........... مهداة لروح الطفلة ال ...
- الإلتفاف على النص الدستورى فى مسودة الدستور المصرى
- الفقه الذكورى
- هستريا جماعية فى جمعة تطبيق الشريعة


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد على حسن - موسى التاريخ