أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - واثق الجابري - الجديد على الناصرية














المزيد.....

الجديد على الناصرية


واثق الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 5644 - 2017 / 9 / 19 - 22:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القتل والغدر ليس جديداً على الناصرية، مدينة الشعراء والأدباء والفقراء، والعُرفاء والمُعْدَمين والمعدومين والعلماء والشهداء، والجديد عليها أن يُقتل أهلها في عقر دارهم، وتعودوا الموت في ساحات الكرامة والشرف، ومقارعة الظلم والدكتاتورية.
في الناصرية للحوت سجن، وحيتان الفساد تسبح في دمائهم كبقية العراق، وفيها يقتل الأبرياء على موائد الغداء، و]الإرهابون في صالات التبريد وأجود الطعام.
في الناصرية سكت الكلام، وتكلم الجلاد والإرهاب، وأختلط دم الأطفال والنساء بالكباب، وصاح صوت ناعٍ على أجساد مرملة بترابها، توضح صورة كيف إنهمرت عليهم رياح الغدر بوابل أسود السحاب، في الناصرية طفل يحتضن أباه وأم تحمي الأطفال بجسدها، وشيخ اوقفت لقمته رصاصة جبانة.
وطني بحاجة الى وطني، وطني تُمزق جسده الأفاعي والذئاب والكلاب، وطني تداهمه المنايا والنوايا والخطاب، وطني مهدد بنهر ثالث للدماء ومخلفات صراع فاسدين وطامعين وحاقدين وخراب، وطني تقطعه المفخخات والمظللات والحِراب، وطني بلا وطني حفته تراب، وطني ابو الأيتام والأرامل والعاطلين من الشباب، وأجساده المقطعة تحاكي مآسي الماضي والحاضر والسراب، وطني حكمه النواب والنوام والناهبون والعصابات وأرباب السوابق والشذاذ، وطني ذبيح جزار داخلي ومن خارج الحدود.
مأساة ذي قار واحدة من بين آلاف الشواهد والقصص والمآسي، تتحدث عن إهمال المسؤول وسوء التخطيط وكم الحقد الدفين، تتحدث عن ما مضى وما سيأتي وما يؤل نتائج صراع الفاسدين والإرهابين والعصابات، مأساة الناصرية تعيد لنا التاريخ وكيف تحولت الزقورة الى بيت صفيح وخراب، وكيف مماليك الجهات الأربعة الى شعب لا يملك ما تحت قدميه، تسألنا عن التاريخ والقانون والحضارة، وماذا فعلنا بأول موطن للإنسان وبقعة من إشراقة شمس الى نيران تحمل أجساداً مقطعة، ودُخاناً يرسم لوحة سوداء خطها الإرهاب.
إن الوقوف عند الناصرية، جدلية التاريخ ومفاصل الإنعطاف بين الفضيلة والرذيلة، ودماؤنا على أطباق غذائنا يتناولها الغرباء والحقراء، وسماؤنا داكنة من تطاير أجساد بسياسات رعناء وعصابات هوجاء، وسَلَمنا السارقون الى قاتلينا، في لحظة نشوة بطون ملؤها السحت، وما عاد للمذاهب والوطن وجود بين رغباتهم، وهم يتقاسمون الأدوار هدماً بجدران بيوتنا، وينشدون معنا نشيد جنائزنا المرتلة لحن الخيبة والعزاء، وعذرهم أقبح فعل كنثر الأجساد على الطرقات، ومعاولهم تُقطّع أصل الوطن، وما عادت الصرخات تحرك قلوبكم السوداء، ووجوهم المغطاة بمساحيق التجميل وأنتم تنافسون العاهرات في الليالي الحمراء، وتتقاسمون وتبيعون وتباعون في الحانات الظلماء، وها انتم كالوحوش تنهشون خزينة الدولة وقوت المواطن ثم حياته.
لم يتكفوا بسرقة الناصرية والجنوب، وحتى الموائد في الطرق الخارجية لم ترتضوا أن يتناولها الجياع، ففضلتم لهم الموت من لحظة راحة وإستراحة.
القتل لا يغيض الناصرية، ولن يوقف عزيمة أبنائها وحبهم للوطن، ولكنهم يتحدثون من عمق التاريخ ولا أحد يسمع، وأنتم ضعفاء لا تفكرون ببناء حاضر على ماضٍ، والناصريون يسمعون الوطن يستغيث فلا يُغاث، ويحترق ولا من يطفيء، وأنكشفت إحاديثكم ووعودكم وجبنكم، وإرتفعت الدماء الى السماء تشتكي الى بارئها وتقول مظلوميتها، وسيتذكركم التاريخ في صفحاته السوداء، لأن فسادكم وصراعاتكم ومصالحكم هي من جلب الإرهاب، بل لو أن أحدكم حصل على دينار زيادة لباع غنائمه الى الإرهاب والعصابات، أن لم تكونوا أنتم الإرهاب والعصابة، لكنها الدماء ستنتقم وتلاحقكم اللعنات، وثرواتكم التي نُهبت من المواطن، كلها لا تساوي صورة ذلك الطفل وتلك المرأة المحتضنة الأجساد الهامدة.
نعم أنه وطني بحاجة الى وطني؛ يتعلم من الناصرية تلك التضحية والغيرة، التي تشهد لها ساحات الكرامة والعزة والفداء، وأنها المأساة، تتكرر، والشهداء يتلاحقون على قارعة الوطن.



#واثق_الجابري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم كوردستان فرصة لحكومة العراق
- المقاعد للكبار
- ماذا لو كان في النهروان مولاً؟!
- ماذا يُريد الخليج من العراق ؟!
- الشباب مصدر السلطات
- خطورة ذوي المهن الصحية ونتائج عدم إحتسابها
- قراءة آخرى لقانون الإنتخابات
- الحكمة؛ ولادة طبيعية لحاجة مستقبلية
- داعش الى أوربا بعد الموصل
- العراق وسيطاً بين المحاورالأقليمية
- الانتصار الميداني يحتاج الى انتصار سياسي
- إنعكاسات الخلافات الخليجية على العراق
- تمرد على القانون وحق الناخب
- قمة الرياض..صفقة وصفعة وبركان
- لكي لا تمتزج الدماء بالمرطبات
- نصائح عراقية عن مستقبل الإرهاب
- يستحق النائب أكثر
- سرقة في حقيبة ايفانكا ترمب
- ضوابط مجلس بغداد في تسعير الكهرباء
- إنسانية الفتوى وتطبيقاتها


المزيد.....




- ترامب يقول إنه سيحاول إعادة أراضٍ لأوكرانيا في محادثاته مع ب ...
- ترامب يمدد الهدنة التجارية مع الصين تسعين يوما قبل ساعات من ...
- حفتر يعين نجله صدام نائبا له
- ترامب عن خطة إسرائيل بشأن غزة: تذكروا السابع من أكتوبر
- ثلاثة خيارات صعبة أمام حزب الله
- اغتيال صحفيي الجزيرة.. هل تنجح إسرائيل في إسكات الحقيقة؟
- ترامب عن قمته مع بوتين: ربما خلال دقيقتين سأعرف ما إذا كان س ...
- بقيمة 7.7 مليار دولار.. -باراماونت- تبرم عقداً لبث -يو إف س ...
- جورجينا تستعرض خاتما.. هل تتزوج رونالدو أخيرا؟
- ليبيا: خليفة حفتر يعين نجله نائبا له - فما هي مهامه؟


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - واثق الجابري - الجديد على الناصرية