أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - نصير شمّة…. تِهْ موسيقى














المزيد.....

نصير شمّة…. تِهْ موسيقى


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5643 - 2017 / 9 / 18 - 07:13
المحور: الادب والفن
    


نصير شمّة…. تِهْ موسيقى
=============

عزيزي "نصير شمّة": "تِهْ موسيقًى فأنتَ أهلٌ لذاكَ… وتحكَّمْ فالفنُّ قد أعطاكَ".
ولستُ أدري لماذا واتاني "عمر بن الفارض" لأشتبك مع أحد أبياته بتصرّف، وإن كسرتُ شيئًا في شطره الأول، وأنا أُنصِتُ إلى هذا العراقيّ المبدع، قبل عام، وهو "يرتجل" أمامنا نغمًا من تأليفه ليشرح لنا مسألة موسيقية دقيقة في "بيت العود" بأبي ظبي! ثم باغتني البيتُ الصوفيّ الجميل نفسُه، وأنا أنصتُ إليه الخميس الماضي في المجلس الأعلى للثقافة، يشرح لنا، أمام لجنة المحكّمين، رسالته العلمية المبتكرة حول "الأسلوبية في الموسيقى”. هل ارتبط اسمُ هذا الموسيقار في ذهني بالتصوّف لأن له منزعًا صوفيًّا في العزف والتأليف الموسيقي لا تُخطئه الأذن؟ أم هل بسبب ولعه المدهش، وتواصله العميق، بالمتصوفين الشعراء كالحلاج والسهروردي وابن عربي وغيرهم، مما نلمس في حواراته وموسيقاه، ما يجعلني أضعُ موسيقاه دائمًا في خانة التصوف الموسيقي؟ أم لأن إغراقه في قراءة الأدب بشكل عام، والشعر بشكل خاص، جعله "يغار" من غزارة المدارس النقدية الأدبية، في مقابل "شُحّها" في دنيا النغم، ما جعله يحفر جدولا، لم يسبقه إليه أحد، يغذيه بماء البحث والترصّد والتربّص بعظماء الموسيقى، يطارد ظلال الأسلوبية والفردانية في نغماتهم؛ حتى ينحت في معجم الأدبيات الموسيقية مادةً علمية جديدة؛ أطلق عليها اسم: "الأسلوبية موسيقيًّا"، سوف تنمو مثل شجرة وارفة، مع تواتر الباحثين والدارسين من أبناء النغم الجميل؟ لماذا هناك بنيوية وتفكيكية وإحصائية وأسلوبية، وغيرها من "مخالب" النقد الأدبيّ، التي تنشب نِصالَها في أجساد النصوص لتفكك أوصالها وتُشرِّح مفاصلها حتى تُخرج نُسغَها ورحيقَها، بينما لا نجد مثل تلك المخالب القنّاصة في غابات الموسيقى المشتجرة؟! هكذا تلفّت الفتى حوله في حقول النغم، فلم يجد! فراح يفتّش في المدونة الموسيقية منذ قرون باحثًا عن "مخلب" الأسلوبية. واعترف المايسترو أن ما استفزّه وأثار غَيرته من الآداب والشعر، كتابٌ وقع في يده لكبير النقّاد العرب د. "صلاح فضل" حول "علم الأسلوب"، فحاول أن يطبّق منهجه الأدبي على الموسيقى، علّه يجد طريدتَه أو يلمح ظلالها. اختار ثلاثةً من أساطين النغم تُمايزُ بينهم الجغرافياتُ والتاريخ، وتجمعُهم الريشةُ والوتر. فريدريك شوبان من بولاندا يمثل الغرب، ناظم الغزالي من العراق، ورياض السنباطي من مصر، يمثلان الشرق. كلٌّ منهم عظيمٌ فارقٌ عابرٌ للأزمان والأمكنة. ولكلٍّ منهم نغمةٌ لا تخطئها الأذنُ السليمةُ لأن لكل منهم أسلوبًا موسيقيًّا يعزُّ نظيرُه؛ نكادُ في حضرتهم نقول: “نعم، غادر الموسيقيون من مُتردّم"، مع الاعتذار لعنترة بن شداد، وبيته الشهير.
تربّص بأولئك الموسيقيين الكبار، فتى الموسيقى العراقيُّ العالمي "نصير شمّة" ليدرس "أساليبهم"، و"أسلوبياتهم" في نحت النغمة والسكون، فكانت رسالةُ الماجستير التي تقدّم بها بإشراف د. حسين الأنصاري، ونوقشت في القاهرة قبل أيام أمام اثنين من رموز الموسيقى في مصر هما: د. إيناس عبد الدايم، رئيس دار الأوبرا المصرية وعازفة الفلوت الساحرة، و د. زين نصّار، المؤرخ الموسيقي وأستاذ النقد الفني، ورئاسة فارس النقد الأدبي د. صلاح فضل. واتفقت اللجنةُ على منحه درجة "الدكتوراه" بدلا من "الماجستير"؛ ليس فقط لأن للباحث منجزًا موسيقيًّا وتعليميًّا هائلا شهده العالم منذ عقود في المجال الموسيقي، بل كذلك لأن هذا البحث يُعدُّ فتحًا لكوّة غير مطروقة في حقل النقد الموسيقي، وإزالةً لحائط عثرٍ كان يقفُ بين الأدب والموسيقى دون مبرر، ثم لإدخاله مصطلح "الأسلوبية" في أدبيات النقد الموسيقي لأول مرة، ومن ثم تُحسبُ له الريادةُ والسبقُ في هذا.
وبعدما ضجّت القاعةُ بالتصفيق الحادّ والمستمر، فرحًا بهذا القرار، بمنح الفنان نصير شمّة درجة الدكتوراه، أوضح لنا د. صلاح فضل أن هذا عُرفٌ جامعيٌّ شهير فى عديد من جامعات العالم مثل جامعة "مدريد" الإسبانية التى درّس بها، وجامعة السوربون الفرنسية، وغيرهما، إذا ابتكر الباحثُ جديدًا في علم ما، كما فعل نصير شمة حين شق طريقًا لعلم الأسلوبية في الموسيقى، في سابقة لم يسبقه إليها أحد.
نصير شمّة ليس موسيقيًّا مدهشًا وحسب، عزف فوق كبريات خشبات مسارح العالم قبل تخرّجه من معهد الموسيقى في بغداد، وليس باحثًا لا يهدأ في علم الموسيقى، وقنّاصًا لطرائد النغم الهاربة، إنما هو "صانعٌ" و"صائغٌ" يبحث عن اللآلئ البرعمية بين رمال البشر وبحارهم، لتنمو في قواقعه العلمية الأكاديمية التي أطلق عليها اسم: “بيت العود"، الذي أنشأه في مصر عام 1998، برعاية د. رتيبة الحفني والفنان فاروق حسني، ثم في قسطنطينة والجزائر والإمارات. ينتخب فرائده من الأطفال الموهوبين من مختلف جنسيات العالم، من عمر ست سنوات، يصنع لهم أعوادًا وقوانينَ صغيرة تناسب أجسادهم النحيلة، ودون سقف عمريّ، ليتعلّموا العود والقانون على أيدي خبراء نوعيين، يدرسون أربعة وعشرين شهرًا حتى يتخرّجوا عازفين مهرة، فردًا فردًا، وليس جماعيًّا كما يحدث في المعاهد الموسيقية التقليدية. لهذا استحق جائزة "أفضل مشروع لتنمية الشباب العربي" التي منحتها له الجامعة الأمريكية.
هكذا المثقف العضوي والفنان الحقيقي الذي يعمل على صنع كوادر نوعية تخلُفه في فنّه وعلمه. الحقُّ أن اسم "نصير شمّة" يكبُر أية درجات علمية ينالها. والحقُّ كذلك أنني حين صافحته لأبارك له حصوله على الدكتوراه، شكرته على اختياره مصرَ الطيبةَ ليناقش فيها رسالته، فنظر لي بعتاب قائلا: “يا عزيزتي، إنها مصرُ!” يتبقى أن أقول إنني كتبتُ قصيدة في 20 مارس 2003، عنوانها "نصفُ نوتة"، طرحتُ فيها حزني قائلة إن نصير شمة مسح نصفَ نوتته الموسيقية اعتراضًا على سقوط بغداد. تقول خاتمةُ القصيدة: “وحدَه "نصير شمّة/ مَن أفسدَ الخُّطةَ/ إذ اعترضَ على اختيارِ هذا المساءِ تحديدًا/ فحذفَ نصفَ النوتةِ/ ردًّا على قصفِ بغدادْ.”



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثلثُ التفوق والإنسانية
- لماذا اليابانُ يابانُ؟
- قطعةٌ من الفرح في صندوق الحَزَن
- أسئلة (مفيد فوزي) الحرجة! العيل بيجي برزقنا!
- السماءُ حزينةٌ ونحن نضحك!
- معايدةُ العيد من ألدّ خصومي!
- (مسافة السكة) ل المنيا الشقيقة يا ريّس!
- محفوظ عبد الرحمن ... خزّافٌ يبحث عن الزمن المفقود
- الحبُّ على طريقة -أمّ الغلابة-
- رفعت السعيد … ورقة من شجرة الوطن
- رسالة غاضبة إلى أمينة ثروت أباظة
- أطهر صبايا العالمين … سيدة الحزن النبيل
- ماذا تعرف عن مدارس الأقباط يا شيخ عامر؟
- أبجد هوز … وخفة ظلّ العميد
- الشيخ عبد الله نصر بين التراث والموروث
- حطّموا الأصنامَ …. يرحمُكم الله
- سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة
- جريمة -الشيخ عبد الله نصر-... بين التراث والموروث
- علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي
- أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي


المزيد.....




- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
- “شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا ...
- تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - نصير شمّة…. تِهْ موسيقى