|
آمرو الأزمات والحروب والقتل في العالم
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 5641 - 2017 / 9 / 16 - 13:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثمة سؤال بقي معلقاً حول من أمر باندلاع الحروب وتأزيم الاقتصاد في العالم .. في السنوات الأخيرة . من هم .. من قرر وخطط .. ونفذ وقاد .. فوضى وحروب " الربيع العربي البشع " .. وأشعلوها حرباً لا هوادة فيها ، في بلدان عربية عدة .. بجيوش ، وجنود ، تدل همجية وتخلف أفعالهم ، أنهم ليسوا من حثالات الأنس والجن بشيء . .. واستباحوا سلام الشعوب المستهدفة .. وعمران مدنها هو إبداع حضارات ألفية .. واغتالوا أمان أرواح أناس مسالمين ، تتبارك بتنمية تمد نهم وإنسانيتهم .. وبراءة أطفالهم .. ودمروا مقدساتهم ، ومدارسهم ، ومشافيهم .. وجمال فنونهم .. ورموز ثقافتهم وحضاراتهم .
هل هم فعلاً ، من رؤساء وملوك ، هم بلا قلوب وضمائر .. وبلا مشاعر بشرية .. هم حفنة تضم رؤساء ، أميركا ، وفرنسا ، وبريطانيا ، وتركيا ، وإسرائيل ، وتضم ملوك بني سعود ، وآل نهيان ، وآل ثاني ، وبقايا بني هاشم . .. هم الذين أعطوا الأوامر ، ليحدث ما حدث ، وما سيحدث .. من تدمير وسلب وذبح ، وحرائق .. وتهجير .. وتشريد ، في ليبيا ، والعراق ، وسوريا ، ولبنان ، واليمن .. ويهددون بتفجيراتهم ، بنقل أفعالهم الهمجية ، وجرائمهم ، وخطاياهم ، إلى الجزائر ، ومصر ، وتونس ، وأرض الحجاز .
هل هؤلاء حقاً ، هم الذين أعطوا الأوامر ، ولماذا أعطوا أوامر هي أكثر همجية وتخلفاً من أفعال الغزو البربري والبدوي الأحمق الطائش .. بالحرق .. والسحق .. والإبادة ؟ .. قد يخطر بالبال ، أن الذي أعطوا الأوامر ، ما يبدوا عليهم أنهم أقوى أقوياء العال ..من الآمرين في الدول الصناعية الكبرى السبع .. أو مجموعة العشرين . لكن لا هؤلاء .. ولا أولئك ، تملك أشخاصهم ، وأدوارهم المالية والصناعية والاقتصادية ، حق إعطاء أوامر تزعزع العالم وتدمره .
وهنا يطرح سؤال مختصر نفسه : من يمثل آمرو العالم .. آمرو الملوك والرؤساء ، والقتلة ، واللصوص ، الذين يكتسبون الحصانة الرسمية ، والسياسية ز أيمثلون احتكارات الاقتصاد ، وصناع أدوات الحرب والموت ؟ . أيمثلون جبابرة القادة في قلاع العسكر ، التي توجه آليات التدمير والموت ، لحساب مالكي خزائن ثروات ، لا قاع .. ولا أبعاد لها .. وليس لأسهمهم وفوائدهم رقم محدد ؟ .. أيمثلون أهل اللحى ، الذين يدعون خدمة سيد الكون ، الذي لا مكان محدد له ولا لأتباعه ، وسلطاته .
والسؤال الوارد هنا .. من يأمر آمر الموت .. آمر آليات القتل ، والتدمير .. من السفن ، والطائرات ن والمدرعات ، والصواريخ ، وتلك التي تقاتل من تحت الماء ، ومن أعالي الفضاء . ؟ .. هل هم حقاً الآمرون الميدانيون ؟
من يأمر، آمر زيادة الإنتاج أو تخفيضه ، .. من يأمر بفتح التصدير .. وتحريك القوى الشرائية .. أو أوامر بالخزن والاحتكار .. من المسؤول عن رفع الأسعار .. وتخفيض مستوى المعيشة .. وزيادة عدد ومآسي الفقراء؟ . ومن يحرك مراكز العالم المدنية والعسكرية .. من يحرك " البنتاغون " و حلف الناتو؟ .. من يحرك البنك الدولي ، ومنظمة أوبك ، وأسعار الطاقة ؟ .. إن التركيب الهيكلي الهرمي ،، المبني على تشكيل هندسي ، يقضي أن يكون ، لكل آمر له آمر ، وكل رئيس له رئيس . وفي الشكل الذي تضمنه السؤال .. لا يساعد على فهم السؤال ، ومعرفة الخطوط الرئيسية للجواب ، وإنما يعقد معادلة مثل هذا السؤال ,
نحن بأمس الحاجة للإجابة العلمية على هذا السؤال ، وليس الإجابة الأدبية .ز المفقودة في بيادر الأدب . ما يدعو إلى السؤال الأهم الآن ، وهو على أي نظام ملكية تتحرك القيم الاقتصادية ، وتتطور . هل هي تتحرك ضمن ووفق مصالح الملكية الخاصة .. أم الملكية العامة ؟ ..
لقد شهد العالم في القرن الماضي ، نظامين من الملكية .. العامة .. والخاصة .. وكان من السهل قراءة الفوارق بين النظامين . لقد قدم نظام الملكية العامة .. العدالة في الأجور ، وعدالة التوزيع .. وعوائد الناتج الإجمالي .. وكانت الدولة هي " المليادير " الوحيد في البلاد .. وهي مالكة قرار الإنتاج ونسبة السعار .. واحترام ورفع مستويات المعيشة .. وتوفير التعليم والطبابة مجاناً .. وتغطية الحاجة المتصاعدة للسكن .. اولعمل . وفي الوقت عينه كانت بلدان نظام الملكية الخاصة ، فاقدة للعدالة الاجتماعية . والقوانين الاقتصادية المغشوشة فيها ، تتلاعب من خلال ما يسمى العرض والطلب ، والتجارة الحرة ، بمعدلات الأجور ، ومستويات المعيشة ، وتعبث فيها أزمات البطالة ، والسكن والطبابة المكلفة .
وبعد القضاء على تجربة ثنائية النظامين المتعارضين في المجتمع ، وسيطرة نظام الملكية الخاصة المطلقة على اقتصاد العالم ومقدراته . انقسم .. عالم الملكية الخاصة إلى عالمين . عالم الأغنياء ، وعالم الفقراء .. أي إلى طبقتين .. حسب مستوى الدخل ولاسيما النقدي . وإذا كان عدد سكان العالم الآن يتجاوز السبعة مليار شخص ، فإنه حسب هيمنة قوانين الملكية الخاصة ينقسم ، إلى مالكين ثروات " كافرة " بحجمها وفعاليتها ، وإلى فقر وحشي لغير المالكين . تقول الإحصائيات العلمية الدقيقة . إنه من أصل سبعة مليارات شخص .. يوجد سبعة أشخاص فقط هم أغنى أغنياء العالم . وهناك أقل من مئة شخص يملك الواحد منهم أكثر مئة مليار دولار . ومن بينهم الرئيس الأميركي " ترامب " الذي يملك " 544 " مليار دولار . .. بيد أنهم رغم أنهم يتنافسون فيما بينهم فهم يشكلون طبقة رأسمالية واحدة .
إذن سر إن اللغز في فقر العالم ، واستفحال أزماته .. وإشعال الحروب ، لاستمرار الهيمنة وللمزيد من الثراء، هو الفارق بين سبعة أ أشخاص هم أغنى أغنياء العالم وسبعة مليارات لا يملكون قوت يومهم بكرامة دائماً . وهذا الفارق ليس نقدياً فحسب ، وإنما هو فارق اجتماعي وسياسي واقتصادي وأخلاقي . وهذا الفارق هو اللص الذي رغيف الخبز من أفواه الكادحين الفقراء .. ويستبيح دم المناضلين المتمردين على عبودية الاستغلال والإذلال الاجتماعي .
هذا الفارق .. هو مركز الفارق الطبقي الكوني في عصرنا الراهن المعاش . المكون من سبعة أشخاص هم الأغنى في العالم ، وقاعدته من نحو مئة من المالكين أقل قليلاً منهم . وهو مصدر كل مآسي شعوب هذا الكون وكوارثها ، وأزماتها ، وحروبها ، التي تفتك بحقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية . وهو مركز التنسيق بين الاحتكارات الكبرى .. ويقرر الحرب واللا حرب .. هنا وهناك .. بما يخدم استراتيجية تواصل النظام القائم . وكان يطلق على هذا المركز القطبية الدولية .. في نظام العولمة ، الذي نشأ بعد انهيار نظام المعسكرين .
وفي هذا السياق يمكن أن يفهم ، أن طرح أزمة وحروب " ربيع العرب البشع " وأزمة أوكرانيا ، والتوتر في أميركا اللاتينية ، وفنزويلا خاصة ، وأزمة إيران ، والخليج ، إنما هو محاولات لحل التنافس الدولي المتصاعد لإعادة بناء نظام عالمي أحادي الطبقة .. متعدد المراكز القطبية . . وعلى ذلك تبنى القناعة العلمية ، أن إزالة الفارق الطبقي الكوني والمجتمعي ، شرط جذري أوحد ، لتحقيق العدالة والسلام بين الشعوب . ولمقاومة هذا الفارق ، ينبغي أن تقوم بذلك ، قوى وطنية ديمقراطية اشتراكية .. حاملة برنامج إضعاف وإزالة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ،وبناء مجتمع الملكية العامة ، ومستلزماتها من الثروات الوطنية .
ومثل هذا الثنائي المسار في بلادنا ، ينبغي أن يتضمن الآن ثلاثة أبعاد مترابطة ، في مهام تنظيم سياسي واحد أو تحالف سياسي .. وهي ,, الوطنية ، الديمقراطي ، والعدالة الاجتماعية . ويتضمن آفاقاً قومية .. لتعزيز المقدرة في مواجهة المخاطر الأجنبية .. وآفاق اشتراكية للارتقاء بالعدالة الاجتماعية إلى المستويات المطلوبة . وذلك لاستكمال التحرير ، وإقامة أفضل العلاقات المتمدنة في المجتمع ، وبين المجتمع ومؤسسات الدولة ، ولإنهاء الظلم الاجتماعي ، وإزالة الفارق الظالم في المجتمع . وإلغاء معادلة " مجتمع 7 أشخاص / مقابل 7 مليارات شخس ".إن على المستوى المحلي النسبي ، أو القومي ، والكوني .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا الحقيقة .. دورها .. اختفاؤها 2/2
-
لماذا الحقيقة .. دورها .. اختفاؤها -- 1 / 2
-
الهدف انتحار معارضة .. واغتيال دولة
-
ثقوب سوداء في الدار البيضاء
-
انتصاراً لفنزويلا البطلة
-
الشعب يريد إيقاف الحرب .. والتحرير
-
زبيدة
-
الحوار المتمدن صحافة ومنبر ومنارة
-
سوريا وطن الجميع ومسؤولية الجميع
-
حذار من ثقافة الفوضى الخلاقة الجديدة
-
هو .. الأ قصى
-
التفاهمات الدولية ومخاطر التقسيم
-
ثورة 14 تموز .. والمتحدة .. والمصير التاريخي
-
عودة ووحدة اليسار مطلب وطني وطبقي
-
خيار المقاومة وحتمية الانتصار
-
عالم بلا قانون دولي
-
في مواجهة غزو التحالف الدولي الأمريكي
-
الرقة العظيمة .. صامدة .. تقاوم .. وستنتصر
-
50 عاماً على حرب حزيران ثانية
-
خمسون عاماً على حرب حزيران
المزيد.....
-
معارضون خارج المملكة ينظمون مؤتمر -البحث عن الديمقراطية في ا
...
-
-حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مبنى في مستوطنة شتولا شمال
...
-
الشورة.. والمصالحة الصعبة
-
سويسرا تنظم مؤتمر -السلام في أوكرانيا- وروسيا تقلل من جدواه
...
-
فون دير لاين تدعو لاستئناف حل الدولتين
-
تجديد واسع في قيادات الجيش الإسرائيلي على خلفية الانتقادات ا
...
-
تونس.. إحالة 40 متهما على الدائرة الجنائية المختصة في الإرها
...
-
الخارجية الأمريكية تكشف عن مطلبين سعوديين قبل تطبيع علاقاتها
...
-
بزعم معاداة السامية.. قمع أمريكي لاحتجاجات طلابية تدعم غزة ب
...
-
أردوغان: نواجه ضغوطا من الصهيونية
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|