نحو اصلاح النظام الصحي في العراق 2 (تجربة الولايات المتحدة الامريكية)

جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 5621 - 2017 / 8 / 26 - 19:18
المحور: الطب , والعلوم
    

في مقال سابق لي تناولت تجربة بريطانيا في اصلاح النظام الصحي http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=538524
حيث يبرز دور تاتشر في دفع النظام الصحي نحو القطاع الخاص وقتها لتفتح ابواب التغير المستمر. ويعاني النظام الصحي الامريكي مشكلة تتوضح في الانفاق العالي لا ينعكس ايجابا على المؤشرات العامة للمجتمع اسوة بالبلدان عالية الدخل. كما ان تعدد برامج الخدمة في النظام الصحي الامريكي جعل التعامل معه صعبا.
عارض الجمهوريون بحماس قانون الصحة في الولايات المتحدة الامريكية Affordable Care Act او اوباماكير Obamacare خلال سنوات اوباما في الحكم، وبذلوا جهودا لاسقاطه. ويحاول ان يقدم الجمهوريون قانون الرعاية الصحية American Health Care Act بديلا عن اوباما كير. وخلال اشهر من المناقشات والمداولات بين الفريقين (الحزب الجمهوري والديمقراطي) في الكونكرس، يتاسف الجانبان على الفقراء وكبار السن و24 مليون امريكي يفقد غطاء التامين الصحي.
واللعقبة الاكبر تتجاوز التصويت السياسي، بل بالموضوع الذي تنبه له اوباما، حيث لاول مرة 60% من الشعب الامريكي يعتقد بان مسؤولية الحكومة في توفير خدمات الرعاية الصحية، ورغم سيطرة الجمهوريين على الحكومة الا ان هناك صعوبة في معارضة فلسفة عامة الشعب.
واذا ما فشل الجمهوريون في الاطاحة بقانون اوباما كير، سيظهر سؤال كيف ستصف ادارة ترامب عيوب النظام الصحي الامريكي. وكيف ستحسن الرعاية الصحية دون الاخلال بالتغطية الواسعة بالتامين في الخدمات. وكان الجواب في اصلاح اوباما كير بدلا من تقديم بديلا عنه.
يواجه المسؤولون ازمة النظام الصحي التي يتمثل في كلفة عالية للخدمات. فقد انفقت الولايات المتحدة 18% من الناتج القومي الكلي لعام 2016 للخدمات الصحية. وهذا الانفاق فشل في تحسين مخارج الخدمات الصحية. فالولايات المتحدة تتخلف عن مثيلاتها من دول الدخل العالي في مؤشرات عديدة اهمها عمر الانسان المتوقع، ووفيات الاطفال الرضع ووفيات الامهات وغيرها، وكذلك في نسب انتشار الامراض المزمنة.
هذا التناقض بين الانفاق والمخرجات واضح حتى على المستويات المحلية. واشارت العديد من البحوث، انه حتى في المستشفيات والاطباء تتصف بانفاق كبير، ليس لديهم مرضى سعداء او مخرجات صحية افضل. وبالتالي فان مزودي الخدمات الصحية بامكانهم تقليل النفقات وتحسين نوعية الخدمات. وتحاول المستشفيات في الولايات المتحدة الامريكية تقديم خدمات افضل بكلفة اقل. وابان سنوات اوباما وزع مستشفى اطفال بوستر حول الرعاية الصحية للطفل، ويحث الناس على الاستثمار في الخدمات الوقائية، ويغير طريقة الدفع لتقليل كلفة برنامج صحة امريكي Medicare (برنامج فيدرالي للتامين الصحي لكبار السن والمعوقين، ويشمل تامين للرقود في المستشفى وتامين مستلزمات صحية وطبية ومؤخرا شمل الادوية)، وهناك برنامج Medicaid (برنامج فيدرالي يقدم المساعدة الطبية للعوائل ذات الدخل المنخفض، وكبار السن والعميان، وافراد العوائل التي تضم اطفال والحوامل والاطفال).
وقللت بعض المستشفيات الادخال لغرف الطواريء، وركزت على نوعية عالية من الرعاية الاولية، لتشكل منظور لخدمة المستهلك. وهناك عصبة تستلهم القانون Affordable Care Act لجمع المرضى او الناس عموما مع الكادر الطبي من اجل تسويق خطط تامين صحي مختلفة.
وتقديم بديل عن Obamacare يعني كبح جماح تزايد كلفة الخدمات الصحية وتحسين نوعيتها، ولذلك التركيز على اشاعة النشاطات التي تم ذكرها. كما يتم تعزيز الحوافز لانشاء مزودي خدمة ذات قيمة عالية اخرين للتوسع في المشاركة في السوق، كما يتم تحرير قوى السوق للمساعدة في تشكيل مجهزي خدمة جدد.
لن ينجح جهد يشجع على رعاية صحية عالية الجودة بدون اسناد من المرضى، وبالتالي يصبح هدف الساسة تشجيع الطلب على خدمات رعاية طبية عالية المستوى والجودة من خلال تزويد المرضى بالمعلومات والمكافئات وكذلك المساعدة في اتخاذ قرارات افضل حول صحتهم.
في 2011 نفذ المجلس الامريكي للطب الباطني حملة لتسهيل مشاركة المرضى في اتخاذ قرارات حول رعايتهم الصحية، وشارك عدد من شركات التامين في تحويل بعض الكلف للمرضى. وكان تاثير الحملة معدوما مقارنة بالجهد الذي بذله المجلس الامريكي للطب الباطني!. وبقيت كلفة الخدمة الصحية ترتفع بوتيرة اسرع من التضخم في الولايات المتحدة الامريكية. ان تعدد جهات تقديم الخدمة انتج نظاما صحيا معقدا يصعب التعامل معه للحصول على الخدمات او مراقبة مخرجات العمل به اي تقييمه. يتبع

#جواد_الديوان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل