أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث عبد الكريم الربيعي - التألق الأبدي: افتراضات منطقية لعملية رصف الذكريات














المزيد.....

التألق الأبدي: افتراضات منطقية لعملية رصف الذكريات


ليث عبد الكريم الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1456 - 2006 / 2 / 9 - 10:23
المحور: الادب والفن
    


تستدعي محاولة الكتابة النقدية عن فيلم سينمائي إلى أولا مشاهدة الفيلم اكثر من مرة، الأمر الذي يثري ويعمق مثل هذه الكتابة في محاولة للوصول ثانيا إلى قراءة متأنية تؤشر الأبعاد الدرامية والفنية للفيلم وتبرز تمفصلاته ودوائره الدرامية، وكم الإحساس المنساب من بين مشاهده ولقطاته، وهو ما يشكل ردود فعل تستوجب على الكاتب الحصيف معاينتها وملاحقتها للخروج بقراءة أولية واعية.
فكثيرا ما يغفل أصحاب الكتابات النقدية لهذه الأمور البسيطة، فيسهبون في وصف قصة الفيلم، ويسطرون فيها ما يسطرون من عدم فهو وسذاجة في القراءة، متناسين بإصرار كشف الجهود الصورية المبذولة للخروج بفيلم ذي رسالة- على مستوى- مقرؤة من قبل الداركين.
وفي خضم ما يشهده الفن السينمائي من تجارب اثرائية جديدة ومجتهدة، اجدني مشفقا على الكتاب أولا لانهم لا يملكون للأسف القدر الكافي من المخزون المعرفي السينمائي- بالأفلام وبالأشخاص وبالأساليب-، وثانيا بالمشاهدين لانهم في الواقع بعيدين كل البعد عن الثقافة السينمائية، في ظل وجود الأسياد التقليديين من مخرجين ومنتجين وكتاب مهرة لا يفقهون في فن الصورة شيئا.
وبالعودة إلى فيلم (التألق الأبدي لعقل مشرق-ETERNAL SUNSHINE OF SPOTLESS MIND - 2004) الذي يدور حول جويل باريش (جيم كاري) الذي يصاب بصدمة وذهول وهو يرى انهيار قصة حبه أمام ناظريه بتخلي حبيبته كلامنتين كروسزينسكي (كيت وينسلت) عنه، اثر خلافات وفتور عاطفي تشهده علاقتهما، فتقرر كلامنتين الخضوع لعملية طبية عصبية يجريها الدكتور هوارد مايرزواك (توم ويلكنسون) تهدف لمحو أي ذكرى يحتفظ بها عقلها الباطن عن جويل، الأمر الذي يدفع جويل إلى خوض ذات التجربة في محاولة منه لمحو كل ما يتعلق بكلامنتين، لكن التجربة هذه تستوجب أن يتم محو ذاكرته بدءا بأخر ذكرى ثم التي تسبقها تبعا لخريطة رصف الذكريات زمنيا المرسومة مسبقا والمبنية على صور ومقتنيات وذكريات كلامنتين التي يحتفظ بها جويل، وكلما تم محو ذكرى من ذكرياته الأخيرة المؤلمة معها حلت محلها ذكرى جميلة، وهكذا للوصول إلى أيامهم الأولى، حيث علاقتهما في اوجها، فيعمد حينئذ إلى محاولة الهروب بذكرياته الجميلة مع كلامنتين حتى لا تدمر.
يطرق الفيلم بقصته هذه منطقة مظلمة وبعيدة عن تصورات الإنسان الاعتيادي، مفترضا حلولا واقتراحات مستند بعضها لعلم الأعصاب وفسلجة الدماغ، وكذلك اجتهادات فنية يفترضها كاتب السيناريو (تشارلي كوفمان) لتقريب الصورة للمشاهدين، والفيلم يشترك مع بقية أفلام كوفمان السابقة من حيث الفكرة، إذ يخاطب العقل الباطن وعملياته اللاشعورية لدى الإنسان، وتداعيات تلك المخاطبة الافتراضية على عمليات العقل الشعورية، فبينما يناقش في فيلم (كن جون مالكوفيتش- 1999) للمخرج (سبايك جونز) النوازع الشهوانية لدى الإنسان بشقيها الجنسي والسلطوي، ويراجع في فيلم (اعترافات عقل خطير- 2002) للمخرج (جورج كلوني) الأفكار التي يحتويها عقل قاتل مأجور لدى السي أي إيه. فانه في (التألق الأبدي لعقل مشرق) يبدو اكثر عاطفية، حين يتناول البناء العاطفي في العقل الباطن من خلال الصور العشوائية التي تحتفظ بها ذاكرة الإنسان خلال حياته.
ويتعرض الفيلم بإيجاز لمراحل جويل العمرية، من دون ترتيب، كما رسمت في عقله- حيث تقع معظم أحداث الفيلم- وليس كما يفترضها الترتيب الزمني والمنطقي للأحداث، مؤثرا ذات الوقت التعامل اللا نحوي مع آلة التصوير من حيث اللقطات وزواياها وحركاتها، مما يدفع إلى الاعتقاد بان المخرج غير كفء وغير مسيطر على أدواته، بالرغم من انه يتعمد مثل هذه اللا منطقية، في محاولة للوصول إلى وصف لعملية تنظيم ورصف الأفكار العشوائية داخل خلايا الدماغ.
ونتيجة لان القصة تغوص في الافتراضات، فان المعالجة جاءت شديدة التكثيف والتركيز والإيجاز من دون الغور في بحور الذكريات بعيدا، ويتعكز المخرج (مايكل غندوري) بعمله هذه كثيرا على عمل (ألين كوراس) مدير التصوير، و(فالديس اوسكارسدوتير) المونتير، وكذلك الموسيقار (جون بريون) للإيحاء وإيصال الفكرة.
يبقى أن أشير إلى الأداء الرائع للنجمة (كيت وينسلت) التي عودتنا باختياراتها الناضجة واجتهادها في إدارة أدواتها التمثيلية، إلى جانب أداء النجم الكوميدي (جيم كاري) رغم تفاوت مستوى أفلامه، لكن كاري يحذو في هذا الفيلم حذوه في أداء شخصية ترومان في فيلم (استعراض ترومان-1998) للمخرج (بيتر وير)، والى جانبهما هناك الممثلة الشابة (كريستين دونست) والنجم (اليجا وود) والممثل الكبير (توم ويلكنسون).
علما إن هذه التحفة البصرية ليست التعاون الأول بين السينارست تشارلي كوفمان والمخرج مايكل غندوري، حيث سبق وان قدما فيلم (طبيعة إنسانية- 1998) لكنه لم يلق أي نجاح يذكر.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسرار البنات... على المجتمع السلام
- آرارات... عمل يكشف مأساة الأرمن
- فيلم مركب، يغوص في المشاعر الإنسانية
- قراءة متأنية في تاريخ السينما العراقية 3-3
- في النقد البنيوي: تحليل مشهد من فيلم الشرف
- قراءة متأنية في تاريخ السينما العراقية 2-3
- قراءة متأنية في تاريخ السينما العراقية 1-3
- عازف البيانو....موسيقى من قلب المأساة
- لغة السرد في الفيلم المعاصر
- العِلاّقة بين الرواية العربيةِ الجديدة والفيلمِ العربي
- السينما الإيرانية تكسر حاجز الصمت وتثير أسئلة قلقةمن (سعيد) ...
- مشروع شامل للتكفل بقطاع السينما
- وقوف على أطلال السينما العراقية


المزيد.....




- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث عبد الكريم الربيعي - التألق الأبدي: افتراضات منطقية لعملية رصف الذكريات