أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - الموت شنقا














المزيد.....

الموت شنقا


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 5602 - 2017 / 8 / 5 - 16:56
المحور: الادب والفن
    


الموت شنقاً
لم يرُقْ ليَ التّحليق في يوم من الأيام، فأنا أنثى مولودة فلكياً في مدار برج (الدلو)، وهو برج ترابي يحتوي الماء ضمناً، أحب تلك الجبلّة ( تراب + ماء)، تسحرني رائحة طهر الأرض تيمّماً، فأراني ألاحق منابت خيراتها، كما أعشق يمّ البحرين وضوءاً، وأراني أشارك أسماكه طبقاتِه الطافية، أما السّماء، فأكتفي بالنّظر إليها، ليلاً أراقب القمر وهو يخون عشيقاته، يراقص كل نجمة منفردة ، يظن أنه بمنأى عن الأنظار، وأنا أهدّده دائماً بأنني سأشي به عند معشوقته الأزلية، الشمس، التي ما أحبّ حقاً غيرها، ولكن القدر حال دون التقائهما، إلى أجل رتّبه مالك الملك، أهدّد وأتوعّد، ولكن القمر يرشيني بجدائل من لجينه أزيّن بها مفرق رأسي يوماً ما، فأحجم، على معيار أن الرشوة من صغائر الموبقات مقارنة مع الوشاية، والفتنة نائمة ملعون من يوقظها.. يقال أن اللعنة لم يتحمّل شدّتها حتى إبليس، لذلك جازاه الله ووعده بها حين عصى ...
أما نهاراً، فأكثر ما يلفتني في عالم السّماء، تلك الليرة الذهبية التي تهب طاقة الحياة لكل من دبّ على سطح البسيطة، تتملّقها السحب بألوانها المختلفة، تستجدي منها نطافاً، تسوقها إليها من بخر ماء الأرض، تلقّحها فتحبل...
هذا جلّ ما أحب أن أنظر إليه في مملكة السّماء، إضافة إلى مرأى الرعيّة التي تسعى في مناكبها فتغدو خماصاً وتعود بطاناً، وأكره كل من زاحمهم على ملكهم، إِلَّا من كان بينه وبينهم معاهدة تبادل مؤقت لأغراض سلمية وأهداف نفعية، بموجبها، تغرّدالطيور على أغصان الشجر، وتأكل من حبوب الأرض، وتنام في أعشاشها آمنة مستقرة، وعلى الجانب المقابل، تطير مخلوقات الأرض عابرةً الأجواء إلى أصقاع أخرى، مستفيدةً من قلة الزحام في السّماء... وما غير ذلك، هو احتلال رسمي واستعمار وتعدّ على ممالك الغير، لفت نظري مؤخراً هذا المدّ الكبير من الاحتلال! وبدافع من الفضول وحب الاستطلاع بدأت برصد هذه الحالة، تحليق كثيف لمخلوقات غيبيّة، خرجت من قوالبها المحسوسة تنشد حريةً كحرية الطير، لكن هل طيران الطيور هو حرية ؟ أم هو سعي من سبيل الرزق لضمان الاستمرارية ؟!
المهم أنني قررت أن أراقب تلك الكائنات المنفلتة من قيودها، مالت رقبتي كثيراً عن مستوى أفقي، تراجعت للوراء، حتى ظننت أن عنقي ضلع عمودي على ظهري القائم، استسخفت نفسي، فما جدوى هذه المراقبة؟ فما هي إلا كائنات ناقصة، تحاول تقليد أهل السّماء، لكنها لا تتقن التوازن ، لا تملك البراعة، تهيم على وجوهها، كالخفافيش في كهف أضيء فجأة، حاولت استحضار المتعة التي ينشدونها، هل أرادوا الخروج إلى علٍ لمسح سطح الأرض بنظرة شاملة ؟ لكانت الطائرة وسيلة تكنولوجية متطورة وسهلة عن ذلك التّحليق المتعب الذي يفصل عنصرين عن بعضهما بعملية شطر مؤلمة، و قد تكون مميتة حين تعجز تلك الأرواح المحلّقة عن دخول مسكنها الترابي في رحلة الإياب، وإن كانت هروباً فالأحلام أولى بذلك، جعلها البارئ صمّام أمان في منظومة المخلوقات الأرضية العاقلة والغير عاقلة، تؤمّن عوداً حميداً وآمناً بعد تحليق نسبي، وأنا في سرحاني هذا، أحسست أن رقبتي قد عُلّقت إلى السّماء وأن حبلاً أحاط بها كمشنقة، وأن منصة اليباس تحتي أكلها جريان ماء زعزع استقرارها، حيث غدا التراب طيناً انزلقت عليها قدمي، ومت شنقاً ....
#دعبيرخالديحيي



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتران الإنساني بين الوطن والشاعر وبين العمق الأدبي والعمق ...
- السياب يبعث من جديد
- إشهار كتاب (الذرائعية في التطبيق)
- الصفعة
- قصيدة لم تكتمل
- شرعنة جنس أدبي جديد ( الموقف المقالي) ابتكار المنظر الأدبي ا ...
- إشهار المجموعة الشعرية ( ترانيم سومرية ) للمنظر العراقي عبد ...
- عندما يسكن الوطن في وجدان شاعر
- مقدمة مجموعة ( أجنحة المعاني) مجموعة موقف مقالي للأديب العرق ...
- فلسفة العشق والحياة في نصوص الشاعر الفيلسوف عبد الحبار الفيا ...
- مزدوجة المحسوسات العينية والمعنوية في قصيدة ( ساعير عينيك ان ...
- تلتقيني؟
- غزاة محلقون
- دراسة تحليلية ذرائعية لديوان الشاعر المصري الدوكتر سمير القا ...
- إشكالية السلوك الإنساني في نص الشاعرة العراقية سجال الركابي ...
- قرابين
- دراسة نقدية تحليلية براغماتية لقصيدة ( لوحة نجاة)للشاعر العر ...
- مقدمة ديوان ( لم أنا ) للشاعرة العراقية مقدمة ديوان
- مقدمة ديوان ( لم أنا) للشاعرة العراقية / ملاك قحطاني
- دراسة نقدية براغماتية للمجموعة القصصية / تجاعيد زمن / للكاتب ...


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - الموت شنقا