الدين وتلبيته لمتطلبات التطور

عمار جبار الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 5601 - 2017 / 8 / 4 - 01:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الدين وتلبيته لمتطلبات التطور
عمار جبار الكعبي
ما اعتبرناه تقدماً يوماً وثورية ، اصبح اليوم تخلفاً ورجعية ، التطور قلب جميع الموازين ، ولم تسلم بديهية منه ، التطور الحق ضرراً بالغاً بجهلنا وعقولنا ، التي ما انفكت مؤمنة بالخرافات والانحرافات التي كان عليها آباؤنا ولا يزال بعضهم عليها ، اذ تسرب التطور الى ابسط مجالات حياتنا ليضيء العتمة الموجودة فيها ، ولم يقتصر على الجوانب المادية التي تحيط بنا ، وانما وصل الى داخل عقولنا ، ليعيد صياغة نظرتنا الى الواقع ، ويعيد ترتيب الافكار داخلها ، الافكار التي لم تنسجم مع التطور وان كانت مبررات وجودها قوية ازيلت رغم هذه الحاجة ، بتنا نخاف من الإطلاق في الحديث ، وانتقلنا الى النسبيات كتعبير عن التطور الفكري الذي يرفض الإطلاق ، حتى بات يدعى داء التعميم
تطورت المنظومات الامنية لضبط حركة المجتمع ، فالكاميرات تملئ جميع اركان حياتنا ، ومسألة الهروب من العقاب بسبب مخالفة القوانين باتت مستحيلة ، مما دفع البعض للتفكير بالاستغناء عن وسائل الضبط الدينية ، القائمة على التخويف والترهيب من عقاب الله ، وسيطرة رجال الدين واستغلالهم للعامة ، وما بتنا نحتاج الى عقوبة يوم القيامة ، لان لا احد سيستطيع الافلات من عقوبة الأجهزة الامنية الدنيوية المتطورة !
مهما تطورت وسائل الضبط الخارجية ، فإنها ستغيب او تتوقف في لحظة ما او ظرف ما ، ولن يكون هنالك من حاكم لتصرفات الانسان غير ذاته ووسائل ضبطه الذاتية ، مهما تطور الانسان فانه سيبقى بحاجة الى مجموعة الاعتقادات الدينية والغيبة لانها توفر له الاتزان الداخلي ، الذي لم يمنحه له التطور ، الدين كما يذهب الى ذلك جملة من علماء الاجتماع وعلماء النفس ، يعتبر ذروة التطور البشري ، لانه يجعله يلتزم بذاته ويقيدها بقيود ومحددات لا تفرضها عليه اي سلطة حكومية او خارجية ، لان محدداته الاخلاقية التي تمنعه من إساءة التصرف ، لن تغيب عنه بسبب انقطاع تيار كهربائي ، او غياب الرقيب ذو السلطة ، وهو ما حصل في عام 1977 في مدينة نيويورك الامريكية ، حينما انقطع التيار الكهربائي في احدى الليالي ، مما أدى الى توقف الكاميرات وغياب الرقيب الامني ، لتحدث حوادث لم يكن يتوقعها احد في هكذا مجتمع متطور ، فكانت الاعتداءات والسرقات وحالات الاغتصاب بأرقام مهولة ، لم يكن يتوقع احد حدوثها ، لان هذه المجتمعات تخلصت من سيطرة الدين على تفاصيل حياتها ، وأغناها التطور عن هذه الافكار الرجعية التي قيدت حرية الانسان لعقود ! .

#عمار_جبار_الكعبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل