أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - زقاق الجن














المزيد.....

زقاق الجن


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5596 - 2017 / 7 / 30 - 06:35
المحور: الادب والفن
    


تحرر المكان.. هكذا تبدو الأمور. هل تحـرر الذهن من قيوده؟
ـ أتراها اللحية هي التي تلتهم الموائد و تستحم و تخرج نفايات الأكل من الجسد في بيت الراحة؟
صدفة عمياء أوقـفـته في قلب الطريق. كان جالسا في المقعـد الأمامي لسيارة التاكسي. كان يفكر بقلق في الالتحاق بصلاة الظهر في جامع الأكرمين الذي يمكن العبور إليه من زقاق الجن مثلما كان يفعل دوما قبل الثورة..
انه الزقاق المعروف بشدة انبعاث رائحة البول في فوهته. زقاق اللذة المحـرمة المقـترفة. الأبواب الخـشبـية المترعة على الزقاق مباشرة للتطلع على عـروض اللحم المسجى بين الشهوة و الألم، الاقـتراف شبه العادي لجـريمة ما..
المبغى العام الشرعي أو بالأحرى القانوني الذي كرسه الزعيم "حبيب بورقيبة" في إطار برنامج الصحة النـفـسية للشعب..
مسجد الأكرمين لا يبعـد عن زقاق الجن إلا لنحو نصف كيلومتر. يعتبرها مسافة قصيرة تـلتهمها خطواته عادة بعد صلاة الظهر صيفا و العصر شتاءا.
قبل الثورة كان يجد مبررا لتلك الزيارات. كان يقول لأصدقائه المقربين:
ـ إنها من باب التمويه على البوليس السياسي.
لم يزر الزقاق منذ اندلاع الثورة و لا مسجد الأكرمين. التحـق الآن علانية بالحزب المحظور سابقا، بل انه سافر إلى تونس ليكون من المستـقبلين للشيخ "راشد الغنوشي" في المطار، و كم كانت سعادته عظيمة حين تمكن من تـقبيل يد الشيخ.
وصف لي تلك اللحظة قائلا:
ـ كانت اشراقة الروح. كانت طمأنينة عظيمة. يا لدفئه و حنانه. كأني قبلت يد رسول الله صلى الله عليه و سلم. يا أخي أحسست بنور الجنة في قلبي..
ـ لأول مرة أعـرف أن للجنة نورا..
قال لي ذات مرة :
ـ يا أخي الظلم الذي تعرضت له لا سابق له. النحس يطاردني منذ ولادتي. تصور أن أبي تـنكر في أبوته لي و لم أكن أراه، و أعمامي حاولوا إخراج أمي من بيتـنا. منعوا أبنائهم من اللعب معي منذ الطفولة. كنت ملعونا لديهم. أبناء عمومتي أعـداء لي إلى اليوم. المجتمع ظالم و قاسي. الوحيدون اللذين احتضنوني هم الإسلاميون. وجدت في الشيخ الأب العـطوف الحنون الذي حُرمت منه. تعرضت إلى عـديد الأزمات النـفـسية. أمي أصيح عليها ثم ارتمي عليها لأقبلها و أبكي.. قدري؟ يا لهذا القدر.. كفرت بالله و آمنت.. استغفر الله. يا له من مجتمع ظالم.. الإسلام هو الحل..
ـ الحل لمشكلتك النـفـسية؟
ـ الحل لكل شيء..
ـ أتصور انك تعاني من شك مزمن في أبوة أبيك لك و بالتالي.. ( لم أتمكن من إكمال التصريح بالاستـنـتاج)
فرد علي قائلا بتـشنج:
ـ أمي صالحة و محجبة و تصلي، و أنا اشرف من كل هذا المجتمع الكافر البغيض...
بتـشنج أمر سائق التاكسي أن يتوقـف.. كانت صدفة عمياء قد رفعت عينيه إلى الأعلى في شباك إحدى البنايات المرتـفعة في منطقة "أريانة". وجه بدا له انه مألوف له. من وراء النافـذة، ظهر عاري و جانب من ثدي ضخم ابيض اللون..
توقـف أثـناء عبوره الطريق في منتصفه ليتـثبت من تواصل المشهد المثير..
حينها كانت مريلة بنـفـسجية اللون قد غطت الظهر الذي كان أبيضا ناصحا يؤشر إلى بشرة حليـبـية رطبة كالزبدة..
توقف على الرصيف العريض مسمرا دون أن ينسى مراقبة المؤخرات البارزة هنا و هناك..
نداء "الله و اكبر" يؤذن لصلاة الظهر و عيناه معلقـتان في الأعلى و جامع الأكرمين الذي قرر منذ الصباح أداء صلاة الظهر فيه بعيد عن المكان..
كـشف المستطيل السحري للشباك في الأعلى وجهها. تبين انه لا يعرفها. كانت تتحدث إلى شخص ما على ما يبدو. ما الذي لا يزال يسمره في المكان إذن و قد تأكد من عدم معرفته بالفتاة؟
.. كاد يفـقد الأمل في تعـريها من جديد و هو لا يزال مأخوذا بذاك البرق لعـريها الممتد إلى أعلى مؤخرتها و هو جالس في المقعـد الأمامي في التاكسي المتوجه به إلى جامع الأكرمين و رغبة يصارعها في زيارة زقاق الجن..
طارت المريلة البنــفسجية ومن جديد الصدر الناهد ناصع البياض يكتمل وضوحه هذه المرة ثم يخـتـفي قليلا، و مريلة وردية اللون، و ملامح وجه ذو نور مشرق يضحك..
و واقف بأمل في تعـري جديد. لكن صفعه انغلاق الشباك..
قال لي:
ـ أحسست بألم شديد.. كنت مندهـشا من نفـسي و كأن شيطانا يأمرني و أطيع دون تـفكير.. الحقيقة أن كلماتك هاجمتـني ساعتها و تسمرت أمامي كأنها تمثـلت لي بشرا..
" الأناس القلائل المخطئون معك و قد حولتهم إلى المجتمع ككل تجهد نفسك لافتكاك اعترافهم بك بتـفـنيد ما ينسبونه إليك حسب ما يعتـقدون.. الحقيقة انك لن تصلح المعوج و الخطأ هنا برغم انك تـتوهم ذلك. انك لم تـقيم الافكار و لم تـفكر انطلاقا مما تريده أنت فعلا من نفسك و بالتالي من الناس.. ما قاموا به هو سحق اعترافك بنفـسك و التـفكير فيها و محاولة إثباتها انطلاقا منها و ليس منهم.. دعك من المجتمع الذي في ذهنك لأنه سراب..أي لا يمكن أبدا أن نصل إلى فهم دقيق أو حقيقة المجتمع لأنه متـنوع.. لكن ما يمكنك فعله هو الانهمام على ذاتك و تصفيتها مما علق بها.."
قال انه في غمرة صدمة الافـتـقاد للشباك المفتوح، لم يفكر إلا في تدخين سيجارة.. ثم في الذهاب إلى اقرب قاعة حلاقة لحلاقة اللحية..
..هذه هي قصة حلاقته للحية.. فسألته عن أبيه و كنت متعمدا فتح الجرح الأساسي، إلا انه بلا مبالاة قال انه قد مات..
ـ هل اعترف بك؟..
ـ لم يعترف بي فقط و إنما اتكل علي في مرضه.. كم كان ضعيفا..
ـ بعدما كنت تعتـقده جبارا..
... و هكذا لا تصنع الكآبة لدينا إلا الأوهام المتأسسة على احتـقار الذات أمام المجتمع و المدينة و الدولة، حتى و إن ارتدى ذاك الاحتـقار شكل الرافض للمجتمع و المدينة و الدولة، و بالتالي يتـزين بتضخيم واهم للانا الذي يجاهد في نفس الوقت بملء طاقته كي لا يواجهها أمامه عارية مخافة تعريه امام ذهن مثـقـل بحضور مجتمع وهمي...



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأيادي القذرة
- نهاية الفصل الأول من الثورة
- الدوامة السورية إلى أين؟
- معركة -بدر-
- من يخون من؟
- ضرورة الانبعاث الفكري للثورة العربية
- انبعاث ثورية السلطة في تونس
- معركة -المصالحة- في تونس
- الأخلاق حرية
- يوم الإضراب العام
- دولة الثورة
- الهجوم الصاروخي الامريكي على سوريا
- الثورة المخاتلة
- الإصلاح التربوي ليس من مشمولات الوزير
- سلفنا السعيد المفقود فينا
- قراءة في الإصرار على إقالة وزير التربية
- المشهد الثقافي التونسي يعكس حقيقة ما يدور بالمشهد السياسي
- تونس أمام نهاية الانتقالي ام الثوري أم كليهما؟
- طبول الحرب تقرع من جديد في تونس..
- بين الاحتجاج و دوافعه في تونس


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - زقاق الجن