أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - انبعاث ثورية السلطة في تونس














المزيد.....

انبعاث ثورية السلطة في تونس


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 28 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انقلب المشهد السياسي في تونس بصورة فجائية ظاهريا. أصبحنا جميعا في مسرح الدولة و انتـقل الصخب من الغوغائية الهمجية الفوضوية على كل المستويات في البرية السائبة من دون أي رابط حقيقي و فاعل بين الجميع، إلى صخب من نوع آخر وسط داخل المسرح الذي فرضت الاوركسترا التي تعزف على ركحه سياقات هذا الصخب، الذي تـنطفئ شيئا فـشيئا مخلفات غوغائيته لصالح المشاركة في الغنائية حتى من باب إغناء الأصوات الصادرة من الأوبرا المركـزية الفاعـلة، و شيئا فشيئا تـنـتـظم أشكال الإصغاء لتـنـتـظم بدورها أشكال إبتـناء أنغام أخرى من وسط المسرح هي بدورها من وحي الاوركسترا الأصلية حتى و إن أوهمت نفـسها بكونها من رأس أمرها..
كانت الفوضى السياسية تسير حثيثا بالأمور نحو الفوضى العارمة. تلك التي حاول البعض بطريقة بهلوانية توصيفها بثورة ثانية دون إدراك واقعي لمتطلبات ثورة سياسية فعلية تـنـشئ دولة جديدة بما أن جميعهم يفتـقر إلى صورة دولة جديدة واضحة المعالم. الجدة بمنطق الانفصال عن الكائن الموجود برمته.
فالتعاطي السياسي قائم على نـقـد ما هو موجود و هذا النقد يقوم به الجميع بما فيهم الطرف الحكومي كأحزاب مكونة للحكومة. و المعارضة في نفـس الخط كانت تركز هجومها على محاربة الفساد و الحكومة تـقـول أنها جاءت لأجل محاربة الفساد. و الناس جميعا دائرون في فلك الحديث عن الفساد حتى أن البعـض ذهب بعيدا في تحليله من حيث أن الأغلبية مشاركة في الفساد بشكل أو بآخر.
طاحونة الكلمات بدت كأنها تطحن الحكومة، و الشارع يتململ و الاحتجاجات تـنـتـشر إلى غاية احتجاج "الكامور" في الجنوب التونسي و الذي كان سينـتهي إلى الفوضى التي تصورها البعض بثورة ستـتوجه حاكما بما انه عرض نفـسه بديلا عن الكل و مستـقلا عن الكل حتى انه رفض دعوة رئاسة الجمهورية لحضور خطابه الذي تم الإعلان عنه كخطاب تاريخي يمثل خطا فاصلا لتونس ما قبله و ما بعده.
و في البدء كانت الكلمة. بعدها و في ليلة واحدة تم القبض على اكبر الوجوه المشبوهة بالفساد و التي تغلغلت في مفاصل الدولة بل في الحزب الحاكم أي نداء تونس، و ليس بعيدا عنا فضيحة النواب اللذين باعوا أنفسهم لهؤلاء لأجل تمرير بعض القوانين لصالحهم، و هي المسألة التي اقتصرت على التـناول الإعلامي لها إلى غاية اليوم.
محاربة الفساد باعتباره مسا بأمن الدولة بصفة مباشرة و بصورة غير مباشرة، حتى أن بعض القراءات تـقول أن اعتصام "الكامور" كان افتعالا استباقيا لشبكة هؤلاء الفاسدين بارتباط مع الأحداث في ليبيا، و ذلك لتهديد الحكومة و إشغالها عن التحرك ضدهم. إلا أن التحرك الحكومي تأكد من وجوبية تحركه على أساس الحفاظ على أمن الدولة..
و كأن بالبلد قـد بُعـث فيها روح جديد هو روح الأمل. الأمل في عودة دولته إليه لأنه ما من حرية فعلية و ما من مستـقبل و حياة خارج الدولة. الدولة كروح مطلق يجسد اتحاد الأفراد في بنية أخلاقية و وجودية تعمل على تحقيق الفرد لذاتيته بالعمل و الترابط الاجتماعي الأخلاقي.
الترجمة الفعلية لذلك ابتدأت بالحرب على المفسدين. و يعمد البعـض إلى خلط الأوراق انطلاقا من سهولة تعميم الفساد. لكن و بدقة متـناهية. الفساد المقصود هو الذي عبرت عنه المعارضة منذ الترويكا و هي شبكات التهريب و الاقـتصاد الموازي، و ليس المقصود به رجال الأعمال بما هم قوة إنتاجية تمثل دعامة الدولة الأساسية.
و تحولت الثورة كـفوضى إلى ثورة في السلطة و الحكومة كعمل منظم للدولة يحفظ وجودها و يؤسس البنية الأساسية لتـقـدمها إلى دولة الحرية و العـدالة الاجتماعية. فالحرية و العدالة الاجتماعية لا إمكانية لهما خارج دولة قـوية مقـتـدرة فاعـلة.
الانجاز الثوري الحكومي الذي ابتدأ و الذي يستلزم معارضة متحركة من مربعاتها الاحتجاجية التي كانت و اغلبها غير حقيقي بمعنى مجرد "يافطة اشهارية" حتى انك تكاد تسمعه اليوم يدافع عن المقبوض عليهم، بطرحه جملة المسائل بخطاب إطلاقي مجرد لا علاقة له بالممكن المرحلي، و لا علاقة له بتصور فعلي للدولة. يعيشون في أوهام دولة أخرى منـقـرضة.
و الشعب التونسي الذي تحمسـت غالبيته الساحقة مع الانجاز الحكومي في القضاء على الفاسدين، عبر عن ما ذهب إليه الفيلسوف الألماني "هيجل" إلى "أن الأفراد لا يتخلون عن جزء من حرية أو حق للدخول في النظام السياسي، بل يتخلون عن الإرادة الهوجاء والعنف والهمجية الناتجة عن اختـفاء النظام السياسي. فليست هناك حريات أو حقوق قبل الاجتماع السياسي."
و بهذا المعنى فان تاريخية الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية يتـنـزل في مفهوم عودة الدولة و لكنها المتصالحة مع نفسها بالحرية المعقولة التي فرضتها ثورة الشباب و ليس أي حزب سياسي مثلما أعلن عن ذلك في خطابه...



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة -المصالحة- في تونس
- الأخلاق حرية
- يوم الإضراب العام
- دولة الثورة
- الهجوم الصاروخي الامريكي على سوريا
- الثورة المخاتلة
- الإصلاح التربوي ليس من مشمولات الوزير
- سلفنا السعيد المفقود فينا
- قراءة في الإصرار على إقالة وزير التربية
- المشهد الثقافي التونسي يعكس حقيقة ما يدور بالمشهد السياسي
- تونس أمام نهاية الانتقالي ام الثوري أم كليهما؟
- طبول الحرب تقرع من جديد في تونس..
- بين الاحتجاج و دوافعه في تونس
- في الذكرى 31 لتأسيس حزب العمال التونسي
- علاقة -دستويفسكي- بالتحرر الفلسطيني
- في الانتقام ل-شكري بالعيد-
- رسالة الى السوريين حكومة و معارضة
- الصفعة الروسية لايران
- تونس بين ديدان الأرض و ثورتها
- نظرة تونسية للجزائر اليوم


المزيد.....




- مدفيديف: الضربات الإسرائيلية على المنشآت النووية خطيرة وقد ت ...
- ما هي خصائص القنبلة الأمريكية الخارقة للتحصينات والقاذفة الت ...
- دوي انفجارات عنيفة في محيط مدينة رشت شمال إيران والمضادات تع ...
- الترويكا الأوروبية.. الانحياز لإسرائيل
- سخط إسرائيلي على مؤثرَين انتقدا -النفاق- والتباكي على قصف سو ...
- نتنياهو: سنقضي على التهديد الإيراني النووي والباليستي
- إيران.. توقيف 24 شخصا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل
- الكرملين: أي هجوم أميركي على إيران قد يشعل حربا إقليمية
- بعد خامنئي.. ما سيناريوهات الحكم في إيران؟
- وسط تصاعد التوتر.. دول تطلب مساعدة مصر لإجلاء رعاياها


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - انبعاث ثورية السلطة في تونس