أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نادية خلوف - دراسة حول تراجع الفكر والأدب في سورية-3-















المزيد.....

دراسة حول تراجع الفكر والأدب في سورية-3-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5590 - 2017 / 7 / 24 - 21:46
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


عصر شعراء الزعماء
إنه العصر الذهبي للشعر الفلسطيني، والقومي، والتّغني بالنّضال.
من منّا لا يذكر قصيدة سجل أنا عربي لمحمود درويش المليئة بالتّحدي لإسرائيل.
العصر سياسيّ بامتياز، والفكرة القومية تحت شعارات أممية هي الطّاغية.
لم يأت الشعراء، والعلماء من فراغ. لديهم مخزون من المعرفة يرغبون في تفجيره، وتعجب بالكلمات حتى لو لم تعجبك الأفعال، كلّ من أكتب له. قرأت قسماً مما كتب، وأعجبت كثيراً أو قليلاً بما كتب، بل يمكنني القول أن كلّ من سوف أتحدّث عنهم يحظون بإعجابي لناحية ، وما أكتبه لا يتعدى البحث الذي ربما يكسر الحواجز، ويجعلنا ننظر للإنسان ليس كإلهاً فهو في النهاية يتأثر بظروفه، ومع هذا فإنّ الظروف سوف لن تكون مواتية لأغلب النّاس كونهم ولدوا فقراء، أو مهمشين، لأن يكونوا مبدعين، وحتى لو أبدعوا فلن يعرفهم أحد، فالشهرة هي تسويق الموهبة، وتسويقها يحتاج لمال أو سلطة. ولا يمكن أن نستشهد بحكايات نادراً ما تحدث عن الجد والاجتهاد، فالاجتهاد قد يمنحك الشهادة، وترغب بعدها في مدخل يجعلك تعطي من ذلك العمل الذي بذلت جهدك فيه كي تتطور من حيث المبدأ ، فالإنسان الطبيعي لديه طموح شخصي على الدّوام.
يمكنني القول أن المراكز التي احتلها أصحاب الفكر في الغرب كإدوار سعيد مثلاً لم تكن ناتجة في البداية على الأقل إلا عن المركز الاجتماعي ، المال، العلاقات السّياسيّة التي لم تنقطع مع الزعماء والحكام ، فوالد أدوار الأمريكي الفلسطيني ، والذي عمل في الحرب العالمية الأولى تحت إمرة جون بيرشنغ، وانتقل للعيش في القاهرة قبل ولادة إدوارو، وحسب وصفه ادوارد نفسه بمقال له عن العاصمة المصرية في كتابه “تأملات حول المنفى”
: في قاهرة داخل قاهرة داخل قاهرة. الأولى هي وسطه الاجتماعي والعائلي المنكفئ على نفسه، والثانية قاهرة الأثرياء والأقليات الأجنبية، والثالثة قاهرة المصريين، أو كما كان يصفهم الخطاب الغربي المتعالي" المحليين"
إدوارد إذن غربي الجنسية ثريّ النشأة .ويصف حياته:
في القاهرة الأولى انضباط صارم -بل خانق- لمشيئة الأب الذي رغم انتمائه إلى وسط الأثرياء الأجانب إلا أنه كان يرفض اختلاط أفراد عائلته بهم سوى في أضيق الحدود، أما القاهرة الثانية فكان أناسها يترددون من حفلات الأوبرا، إلى حفلات الباليه، ومن عروض الكوميدي فرانسيه، إلى فرقتي برلين وفيينا السمفونيتين، ومن دورات التنس إلى ملاعب الغولف، ومن الأفلام البريطانية إلى الأفلام الأميركية"
كانت القاهرة تمثّل لإدوارد" فردوساً الطّفولي"وقد أصبح حسب قوله ناصريّاً معادياً للإمبرياليّة "
.
كانت علاقة الأب مع الغربيين، والثراء هي الحاضن الأوّل الذّي مهّد لتفتّح مواهب إدوارد ، وليس بالضّرورة أن يكون الفرد كأبيه، فقد انخرط ادوارد سعيد بالنّضال الفلسطيني، وكان عضواً في المجلس الفلسطيني لعدة سنوات، وعلاقاته مع القادة الفلسطينيين الذين كانوا يشرحون قضيتهم في مختلف الدّول- والتي شاركهم في أغلبها- كان لها السّبب الأكبر في نجاحه، وقد استمعت إلى مقابلته الأخيرة قبل وفاته، وقال أنه عرض عليه منصب وزير في حكومة ياسر عرفات
ل ما نسمعه بأنّ لكل مجتهد نصيب لا يلامس الحقيقة في الواقع، فقد كان لوالد إدوار الفضل في الإنفاق عليه في أمريكا، ولمنظمة التّحرير الفضل في شهرته وترويج كتبه، وحتى في الجوائز التي منحت له، وكان له الفضل في اجتهاده.


لا أتحدّث عن الإنجاز، والفكر سوى كراصد ، عندما يمضي الوقت سوف يعيد التّاريخ كتابة الأسماء، والأفعال بطريقته، وهذا لا يعنّي أنّه لا يمهني التّمتع بالفنّ الجميل، و الأدب الجميل حتى لو كان لصاحبه وجهة نظر سياسيّة مغايرة، لكن ما يدهشني كيف يمكن لنا أن نضع حنظلة كرمز، وقصائد محمود درويش كرمز أيضاً ، وهما العدّوان الذين كان أحدهما أقوى وهو الشاعر الثوري محمود درويش ، وناجي الأضعف أمنياّ ، وحين نترحم على ياسر عرفات علينا أن لا ننسى أنه كان يتوعد من يأتي على ذكره بالسوء من الكتاب والرسامين ، وقد توعّد بحرق أصابع ناجي بالأسيد، وقد كتب سيرة حياته شاكر النابلسي في كتابه " أكلة الذّئب" ، ويُذكر أنه حتى بعد أن نفي ناجي إلى لندن تلقى تهديدات ، ومن ضمن الحوارات التهديديّة"

((محمود درويش: آه.. بس انت مش قدي يا ناجي.
ناجي العلي :شو يعني ..مش فاهم..الشغلة صارت شغلة قدود..قدك وقد غيرك..والله أنا لما برسم ما بحسب قد لحدا.. وأنت عارف يا محمود؟
محمود درويش: هلا مش وقت المزح..بدي ياك تفهم يا ناجي منيح اليوم..إني أنا محمود درويش..إللي قادر يخرجك من لندن في أية لحظة"
وقتل ناجي عن طريق شخص مجهول في لندن، واتهم الموساد الإسرائيلي. من المؤكّد أن الموساد الإسرائيلي لديه العلم، لكن اغتياله كان سياسياً لأن رسوماته تمسّ القيادات ، ومن المؤكّد أن محمود درويش أوصل رسالة لا أكثر، ومن اغتاله ليس الموساد. بل ربما دولة عربية متحالفة مع عرفات. لم يكن ناجي بعيداً عن معرفة مصيره، وهو القائل" اللي بدو يكتب لفلسطين واللي بدو يرسم لفلسطين بدو يعرف حالوا أنو ميت" .
هذه الصراعات السّياسية في عهد سابق تمثّلت في الكتابات الأدبية، وربما أغلب من انجرفوا إلى اللعبة كانوا يفهمونها، لكنّ الحاكم العربي لا يتقيد بالمفردات، فعندما تنتهي صلاحيتك قد يطلق عليك رصاصة الرّحمة ، ومن منا لا يتذكر " قصيدة حبّ إلى سيف عراقي" التي كتبتها الشاعرة الشيخة سعاد آل الصّباح وألقتها أمام صدام حسين في بغداد، والتي أزيلت من دواوينها، وهي قصيدة طويلة اخترت مقطعاً منها:
لماذا تقاتل بغداد عن أرضنا بالوكالة
وتحرس أبوابنا بالوكالة
وتحرس أعراضنا بالوكالة
وتحفظ أموالنا بالوكالة
لماذا يموت العراقي حتى يؤدي الرسالة
وأهل الصحارى
سكارى وماهم بسكارى
يحبون قنص الطيور
ولحم الغزال ولحم الحبارى
لماذا يموت العراقي والآخرون
يغنون هنداً ويستعطفون نوارا ؟
لماذا يموت العراقي والتافهون
يهيمون كالحشرات ليلاً ويضطجعون نهارا ؟
لماذا يموت العراقي والمترفون
بحانات باريس يستنطقون الديارا ؟
ولولا العراق لكانوا عبيداً
ولولا العراق لكانوا غبارا
سواء كنّا من أنصار ادوارد، أو محمد، أو ناجي، أو لسنا من أنصارهم. علينا أن ندرك أنّ المعادلة التسويقيّة وحصد الجوائز يتوقّف على السلطة، والمال، فكلاهما يشتري الآخر. بشكل عام. أمّا في سورية ، فالوضع مشابه، ومختلف، كلّ الأمسيات الأدبية، والصّحف، والروايات المنشورة في سورية تمرّ من قبو أمني، لذا كان مظفر النّواب مرحباً به في سورية، والجواهري، لأنهما ضد صدام، وتلك القصيدة التي مدح فيها الجواهري حافظ الأسد بكلماتها الجزلة تجعلك في حالة دهشة حقيقة، وقد اخترت مقطعاً منها.
دِمَشْقُ صَبراً على البَلْوى فَكَمْ صُهِرَتْ
سَبائِكُ الذّهَبِ الغالي فما احْتَرَقا
على المَدى والعُروقُ الطُّهْرُ يَرْفُدُها
نَسْغُ الحياةِ بَديلاً عن دَمٍ هُرِقا
وعندَ أَعْوادِكِ الخَضْراءِ بَهْجَتُها
كالسِّنْدِيانَةِ مهما اسَّاقَطَتْ ورَقا
و(غابُ خَفَّانَ) زَئَّارٌ بهِ (أسَدٌ)
غَضْبانَ يَدْفَعُ عن أَشْبالِهِ حَنِقا
يا (حافِظَ) العَهْدِ، يا طَلاّعَ أَلْوِيَةٍ
تَناهَبَتْ حَلَباتِ العِزِّ مُسْتَبَقا
، وأما مظفّر والذي لقي شعبية كبيرة في سورية في شعره الزجلي المغنى، وكان له صلاحية تأليف مسرحيات لعرضها، إضافة إلى حريّة الحركة، وكان أكثر من استضافه من السوريين أولئك الذين يدّعون أنّهم مثقفون ثوريون، ولكن، ورغم ماضيه الكفاحي لا يمنع أنّه قبل ان يكون تحت رعاية الأسد، وعندما قال أولاد القحبة في أمسية في دمشق، تلك الجملة المشهورة التي أحبّها السوريين لأنها وصفت أنثى بالقحبة، فقد كان حضورها أمني بعثي جبهوي، وأشار بإصبعه إلى الجميع فضحكوا له وصفّقوا. . .
قصة ناجي ومحمود تتكرّر في سورية بطريقة أخرى، لم يعد الوضع الثوري هو أن تقف مع سورية، وكما قال ناجي العلي لكن مع اختلاف الاسم" كل شيب يكتب عن سورية أو يرسم عنها بدو يموت" وأعني هنا. كل سوري محايد يكتب بقلمه، أو يرسم بريشته، فللعبة قوانين، وللمنابر أسياد، ولن تكون حالتك استثنائية. عليك ان تعرض خدمات لأصحاب السلطة والمال، -السلطة في سورية متعدّدة فقد تكون مليشيا مثلاً- ويوافقون على خدماتك ، وإما أن تملك المال فتشتري خدماتهم، ولكل تاريخ صلاحيّة.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة حول تراجع الفكر والأدب في سوريّة -2-
- دراسة حول تراجع الفكر والأدب في سورية -1-
- دراسة حول تراجع الفكر، والأدب في سوريّة
- ارتزاق
- كأنّه أبي-الجزء الأخير-
- كأنّه أبي-الفصل الخامس-4-
- كأنّه أبي -الفصل الخامس-3-
- كأنّه أبي-الفصل الخامس-2-
- كأنّه أبي-الفصل الخامس-1
- سارقة شينوار
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع -5-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع-4-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع-3-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع -2-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع-1-
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-5-
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-4-
- العلمنة في ظلّ تعدّد الأئمّة
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-3-
- ماقبل جيل النّعم، وما بعده


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نادية خلوف - دراسة حول تراجع الفكر والأدب في سورية-3-