أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - حسام تيمور - 20 فبراير..مشاهدات عدميّة















المزيد.....

20 فبراير..مشاهدات عدميّة


حسام تيمور

الحوار المتمدن-العدد: 5574 - 2017 / 7 / 7 - 00:42
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


1.سمع نداء الخروج فقال : لا بأس بالخروج, اليوم عطلة و لن يثير خروجي أي شبهة. استيقظ كالعادة عند منتصف النّهار, شرب قهوته و تحسس مُحيطه ليتأكّد أنّه غير ملاحق..ثم قصد نقطة الانطلاق. الجموع غفيرة, ولا أثر للرّصاص أو القمع و التعنيف, لكنّه رغم ذلك أصرّ على توخّي الحذر, و حرص على إيجاد مكان "ذكيّ" وسط تلك الجموع, يُظهره من جهة في صور عدسات التصوير الهاوية, و يُسعفه في الهروب بجلده في حال انزلاق الأمور من جهة أخرى...لم يسبق له أن شارك في مظاهرة, كما أن ثقافته السياسية شبه منعدمة.., لكنه لم يجد صعوبة تذكر في الاندماج و الانسجام مع المسيرة الاحتجاجية.. شاهد فتية أقرب إلى "أهل الكهف" يتصدّرون المسيرة و يوجّهون شعاراتها بأعلى صوت, فرفع صوته معهم اسوة بباقي المتظاهرين, من لا يُريد نصيبه من ثروات البلد؟؟ فجأة شرع الفتية في التّصعيد من لغة الشّعارات و السقوط في المحظور, فولّى منهم فرارا و مُلئ منهم رُعبا..!

2.كان أحمد, الطّالب الجامعي, أكثر وعيا بضرورة التغيير و إسقاط شيء مّا إسوة بالجيران..شارك منذ البداية بحماس منقطع النّظير.., ردّد كلّ الشعارات, ابتسم لكلّ الكاميرات و المتطفّلين و المُخبرين و الفضوليين "أهل كهف من نوع آخر", ثمّ قصد بيته مُسرعا ليتسمّر أمام القناة المعلومة, كتلميذ ينتظر تنقيط المعلّم. لا خبر في برامج المساء, و لا في الحصاد.., و لا في الشّريط الإخباري...انتظر لوقت متأخر من الليل النشرة المغاربية, ليسمع بخبر "غير عاجل", عن أناس خرجوا بالآلاف, مُطالبين بلاشيء. !!

3.مناضلون موسميّون, بعضم لاينتمي و بعضهم مطرود و بعضهم لا شيء..وجدوا في "الرّبيع" فرصة ذهبية للخروج من سنوات العطالة.. كانوا مؤمنين بالثورة المستمرّة بتكتيكاتها و ترحالها و استرزاقها المستمرّ أيضا..تجنّدوا منذ البداية لفضح المؤامرة و نسفها لكي يُنجزوا ربيعا على مقاس مُتعهّديهم, هكذا استبسلوا في كشف علاقة البوعزيزي بالموساد الاسرائيلي, و 6 أبريل برايس و ابليس أيضا..كما أخذوا حذرهم من مؤامرة "شعبية" مُحتملة, فاعتكفوا في الساحات حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود, و احتكروا النطق باسمها, حسبما تقضي الأوامر..
بعد خطاب و تفجير, سيشعر "الثوّار" بالبساط يُسحب من تحت ثورتهم المجيدة, و سيهدّدون بدورهم بالانتحار...بعضهم فعلا انتحر, و الباقي ظفر.. شقّة مفروشة و مُناضلة يمينيّة كعروس مدفوعة الأجر, عفوا المهر.."ما ودّعك ربّك و ما قلى"..

4.اجتمع الرّفاق بعد منتصف الليل, و هم في حالة ذهول و استنفار شديدين..لقد ودّع أغلبهم تلك اللقاءات المشبوهة المرهقة الى غير رجعة..و استبدل أجواء تدبيج البيانات النارية المشحونة بطقوس السّهرات الهادئة..كما أنّ بعضهم انفتح على صالونات الاعتناء بالنفس, و فتح صدره و أماكن أخرى لأصابع التدليك اللزجة بعد أن كان يزايد بفتح صدره للرّصاص الحي أيّام الجاهلية.. لعنوا أمّ هذا الرّبيع الذي أيقظهم من مرقدهم بعد سبات طويل, و بعثر سير حسن السلوك المودعة لدى الدّوائر في انتظار توشيح أو تعيين...استنجدوا بمثقّفي "المخرج", أو الطّريق الثالث, فأقرّوا بالاستثناء, و فطنوا للمؤامرة الكونية.. تم تبرير "الموقف" بالمزايدة على الإيديولوجيا المتفشية منطقا و أسلوبا, و بالتخفّي وراء مفاهيم إيديولوجية غاية في الغموض و الالتباس من قبيل "الاصلاح", و "الاستقرار"...حتى الشيطان ضاع بين التفاصيل, وقال إني أرى ما لا ترون...

5.شيّد الرّفاق أول معبد يساريّ وضع للناس ليشهدوا فيه منافع كثيرة, و البقية تأتي.., حَدّدت مكانه أو احداثيّاته ناقة ارستقراطية قيل أيضا بأنها كانت مأمورة, و في رواية أخرى "مخمورة"..و سُقّف المعبد بجريد النّخل "الملكية البرلمانية", قبل أن تُقام داخله صلاة تجديد البيعة و الولاء, خلف الأكبر سنّا.., رغم اشاعات عن اصابته بمرض الزّهايمر السياسي.. بعد الصّلاة, انتشر الرّفاق في المقاهي و الصّالونات لمناقشة ما تبقى من القضية الفلسطينية, و الانحرافات المعلومة في الصين و كوبا و جزر الهملايا..

6.كالعادة, اختلس ساعتين من دوام العمل, ليقصد بسرعة المقهى...لا يستطع فهم سبب هرولته نحو المقهى, رغم أن لا شيء ينتظره هُناك الا الذباب المتلحّق حول حبيبات السكّر و شبكات الكلمات المتقاطعة, و مباريات كرة قدم معادة.. لكن الأمور تغيّرت قليلا مؤخّرا, حيث صارت المقاهي مشغولة بالرّبيع و أحاديثة, و أيضا خرافاته و أساطيره...دسّ رأسه داخل جريدة قديمة لكي يتجنّب مشاهدة عدّاد الموت الذي صار يُخيّل اليه من سحره أنّه هو من يقتل المُتظاهرين... بعد ساعتين سينضم إليه رهط من زملائه, ليشرعوا في استهلاك القهوة و السّجائر و الكلام, حول موضوع السّاعة طبعا, حول الثورة و الحراك, و قصة طالب جامعي ذهب ولم يعد... كان يُبدى لامبالاة مقصودة, سرعان ما انفضحت أمام اصرار أصحابه على مشاركتهم بالحديث...قال مزهوا بسيجارة بين أصابعه التي تُشير الى "الخراب العربي" على الشاشة : هذه عاقبة الفتنة, هذه عاقبة الطّيران, إنّها السقوط..شباب طائش عديم التجربة, دون أن يعرف الأرض, يتطلّع للسّماء...لقد شاركت في هذا الهراء, كنت مخدوعا في البداية, سرت في مظاهرات و رفعت لافتات, و ذقت هراوة السّلطة, لكنّي لم أنكسر, لم أسقط, بل تعلّمت الدّرس, و لن يخدعني الأوباش مجددا..ليسوا إلا حفنة يساريين ملحدين, أو اسلاميين متطرفين, ليسوا أهلا للحياة...ثمّ ألا تعود الطّيور, كلّ الطيور, للأرض خاشعة ذليلة لتموت؟ لماذا العناء إذن؟؟
نسي ربّما أنّ : "من وُلد ليزحف, لا يستطيع أن يطير"

7. برجوازي صغير, أو تاجر كبير بتعبير أدقّ, سيعلن انضمامه للحراك و دعمه له, و سيشرع في امداد قياداته بأموال و حواسيب و آلات تصوير, دون نسيان قنينات الماء المعدني لترطيب الحناجر و تجويد الشّعارات...

بعد ست سنوات, سينضم التاجر لحزب النّاقة, الذي سيوسّع بدوره معبده المتواضع ليصير "كاتدرائية" اليسار...قبل ذلك بسنتين سيُستدعى الشيخ الذي أمّ الرّفاق في "صلاة البيعة", لحفل التوشيحات الملكيّة لينال وساما مُحترما... تماما, كما كان يتقوّل العدميّون...
و ختامه "سيلفي" يضم كلا من الناقة, الشيخ, التاجر.., و مناضلون يُصفقون و يستبشرون باشتراكيّتهم العلمية تحت شعار "و لا تنسى نصيبك من الدّنيا".

فسارع إلى عزلتك يا رفيق, فأينما ولّيت وجهك تجد عُهرا...سارع قبل أن تُحذف أيضا من قائمة الحلول الرّاديكالية...
لا تُهاجر", لا تهرب", لا تتسوّل مقعدا في السّفينة", و لا تاوي الى الجبل", لا عاصم من الذّل و العُهر إلا العَدَمْ, و لا معصوم إلا من مات مقتولا أو انتحرْ !!!



#حسام_تيمور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقدّميّون رجعيّون أكثر من المخزن... بحث في اشكالية السّلطة
- عودة من الجحيم..2
- قضايا و بغايا..
- عودة من الجحيم...تقرير أوّلي
- الإفطار العلنيّ في رمضان, بين ارهاب الدّولة و ارهاب المُجتمع ...
- العلمانية هي الحلّ؟
- كلام حول الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي
- مسلم.., و لكن...
- إلى ملك المغرب: سَلْ أسيادكَ .., أأنتَ الوطنيّ أم أنا
- خريف الدّكتاتور, أو بداية نهاية النظام الملكي المغربي
- تُحفة من الغباوة
- التّاريخ لا يرحم!!
- بعد الحماية الفرنسية سنة 1912, المقيم العام العَلَوِيّ بالمغ ...
- هل مات الشعب المغربي؟
- على درب -البوعزيزي-, -فتيحة- المغربية تهزم الجلاّد!!
- قضية الأساتذة المتدربين بالمغرب, تمخّض الجبل فولد فأرا
- المغاربة: أذكى شعب, أم أغبى شعب؟
- تبرير التسوّل و تسوّل التبرير, غلمان و جواري حزب الأصالة و ا ...
- مهزلة البدويّ و عبيده في أمستردام
- إدارة التوحّش و توحّش الإدارة


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - حسام تيمور - 20 فبراير..مشاهدات عدميّة