أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهر العامري - - الأخبار في طوق الحمامة - 1















المزيد.....

- الأخبار في طوق الحمامة - 1


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1451 - 2006 / 2 / 4 - 06:57
المحور: الادب والفن
    


الأخبار في طوق الحمامة ( 1 ) سهر العامري

شكلت الأخبار التي كان يسوقها ابن حزم * في كتابه الشهير : طوق الحمامة في الألفة والألاف ، شهادات مهمة ، يريد من ورائها أن يبرهن للقارىء صحة ما توصل إليه من استنتاجات تضمنتها رسالته التي خص بها الحب ، وما يتشعب عنه ، بعد أن وزعها على ثلاثين بابا تعلقت كلها بذاك الموضوع الذي ظل الشغل الشاغل للبشرية منذ أن خطا إنسان على هذه الأرض .
لقد خاض ابن حزم هذا البحر اللجي رغم المخاطر الكبيرة التي تترتب على مجازفة مثل تلك المجازفة التي ركب هو موجها العاتي مبكرا ، وقبل غيره من الكتاب ، فحاز بذلك السبق على من تقدم منهم ، ومن تأخر عنه .
وهو رغم كونه من رجال الدين المتفقهين على المذهب الظاهري** ، لكن ذلك لم يمنعه من الكتابة في موضوع عدته بعض الدراسات الحديثة من مواضيع الأدب المكشوف ، حيث كتب هو فيه بقلم جريء ، وجنان ثابت ، دون أن يخشى قولة قائل ، أو لومة لائم ، أو دون أن يحاذر من الدجالين في الدين الذين عرفتهم العصور الإسلامية على مختلف أزمانها وألوانها ، هؤلاء الدجالون الذين يزداد عددهم كل يوم في زمننا الحالي ، هناك فيما يعرف الآن بالشرق الإسلامي .
لم يستطع أحد ممن درس طوق الحمامة أن يحدد بدقة الداعي الذي دعا ابن حزم الى كتابة كتابه هذا ، باستثناء ترديدهم لقوله في المقدمة من الكتاب ذاته من أنه كتبه نزولا عند رغبة صديق سأله عن تأليف رسالة في الحب ، فكتب ما نصه ( فإن كتابك وردني من مدينة المرية الى مسكني بحضرة شاطبة ، تذكر من حسن حالك ما يسرني ، وحمدت الله عز وجل عليه ، واستدمته لك ، واستزدته فيك . ثم لم ألبث أن اطلع على شخصك ، وقصدتني بنفسك ، على بعد الشقة ، وتنائي الديار ، وشحط المزار ، وطول المسافة ، وغول الطريق . وفي دون هذا ما سلّى المشتاق ، ونسّى الذاكر ، إلا من تمسك بحبل الوفاء مثلك ، ورعى سالف الأذمة ، ووكيد المودات ، وحق النشأة ، ومحبة الصبا ، وكانت مودة لله تعالى . . . . . . . . . وكلفتني ـ أعزك الله ـ أن أصنف لك رسالة في صفة الحب ومعانيه وأسبابه وأعراضه ، وما يقع فيه وله على سبيل الحقيقة . )
وهناك من يرى أن سبب كتابة الرسالة تلك هو أن موضوعها كان حاضرا في ذهن كاتبها قبل أن ترد إليه رسالة صديقه المفترض من مدينة المرية ، لكن هذا الزعم يدحضه ما كتبه ابن حزم نفسه في مقدمة الكتاب كذلك ، حين يكتب : ( ولولا الإيجاب لك لما تكلفته ، فهذا من اللغو ) ، وعلى هذا فإن ابن حزم ينفي صراحة أنه كان يعد نفسه للكتابة عن الحب الذي هو ، حسب اعتقاده ، موضوع لا يعدو عن كونه لغوا ، وإنما كتب فيه استجابة لطلب ذاك الصديق . هذا على الرغم من أن ابن حزم كان مهيئا تماما للكتابة في موضوع مثل هذا الموضوع ، أو في غيره من المواضيع الأخرى ، لما عرف عنه من اتساع معرفة ، وكثرة تأليف ، وإبحار في الفلسفة والعلوم ، مع تجربة حب عاشها هو ، وعاشها غيره ، والتي سطرها بصدق في طوق الحمامة كأخبار يثبت فيها ما يخلص إليه في كل باب من الأبواب الثلاثين التي اشتملت عليها تلك الرسالة . فعن تجربته بالحب يكتب : ( وعني أخبرك : أني أحببت في صباي جارية لي شقراء الشعر ، فما استحسنت من ذلك الوقت سوداء الشعر ، ولو أنه على الشمس ، أو على صورة الحسن نفسه ، وأني لأجد هذا في أصل تركيبي من ذلك الوقت ، ولا تواتيني نفسي على سواه ، ولا تحب غيره البتة ، وهذا العارض عرض لأبي رضي الله عنه ، وعلى ذلك جرى الى أن وافاه أجله . )
والذي يمكن قراءته من النص المتقدم أن حب فتاة على لون معين من الشعر يرد الى عامل الوراثة ، ذلك العامل الذي درسه مندل في قوانينه ، ثم مدارس علم النفس في العصر الحديث ، وهذا ما جعل بعض من كتب عن طوق الحمام أن يرى فيه مزيجا من علوم عدة ما كانت قد ظهرت على زمن ابن حزم بعدُ ، مثل علم الاجتماع ، وعلم النفس ، فقوله : ( وإني لأجد هذا في أصل تركيبي ) ، وهو ذات العارض الذي عرض لأبيه كذلك ، إنما يرد الى مباحث علم النفس في الوراثة ، فحب النساء الشقر ، مثلما يرى ابن حزم ، كان ميلا وراثيا ، متأصلا فيه ، وفي أبيه . ورب سائل يسأل من أين جاء هذا الميل لابن حزم ؟ وكيف حلّ في تركيبه ؟
المعلوم أن العرب قوم ميالون الى السمرة ، سود العيون والشعر ، ولكننا حين نتتبع محتد ابن حزم نجده فارسي الأصل ، وأن جده الأعلى دخل الإسلام زمن خلافة الخليفة الأموي الثاني ، يزيد بن معاوية ، واشتغل في خدمته قبل أن تنتقل أسرته الى الأندلس بعد أن قامت الدولة الأموية الثانية فيها ، وذلك حين سقطت الأولى في المشرق على أيدي العباسيين . والمعروف عن بلاد فارس أنها كانت ، ولا زالت ، تحتضن الكثير من النساء الشقر ، ذوات العيون الخضر ، مثلها في ذلك مثل بلدان الأقوام المنحدرة من العنصر الآري . وعلى ذلك يمكنني أن أسأل : هل كان ابن حزم يرمي في قوله ( أصل تركيبي ) الى محتده الفارسي ؟ نعم . أنا نفسي أرى ذلك .
وأني ، بعد ذلك ، أظن بثقة أن ابن حزم كان صادقا في حكاية الصديق الذي كلفه كتابة طوق الحمامة ، فهو لم يخترعه اختراعا أبدا ، مثلما زعم البعض من الذين تناولوا دراسة تلك الرسالة ، والذين اغفلوا ذكر جنس ذاك الصديق ، هل هو ذكر أم أنثى ؟ هذا السؤال الذي ما وجدت أنا جوابا له للساعة ، لكنني أعتقد أن ابن حزم قد أجاب عليه عفو خاطر ، ومن دون أن يقصد هو ذلك قصدا ، ويظهر من ذلك أنه كتبه لصديقة ( امرأة ) ، وليس لصديق ( رجل ) ، مثلما اعتقد البعض ممن كتب عن الطوق ، مأخوذين بطبيعة المجتمع الشرقي التي لا تنعقد فيها صداقة بين رجل وامرأة ، وأما الصداقة عندهم هي بين رجل ورجل ، أو امرأة وامرأة ، وفاتهم أن ابن حزم عاش في بيئة متحررة ، كانت فيها ولادة بنت قرطبة مدينة ابن حزم تظهر الى الرجال ، وقد خطت على أذيال ثوبها بماء الذهب بيتين من شعرها ، تقول فيهما :
أنا والله أصلح للمعالي . . . . . . . وأمشي مشيتي وأتيه تيها
أمكن عاشقي من صحن خدي . . . وأعطي قبلتي من يشتهيها
لقد ألف ابن حزم هذه البيئة المتحررة التي تحدثت فيها النساء للرجال عن ممنوعات لا يمكن للكثير من رجال هذا الزمن أن يتحدثوا عنها ، والى الحد الذي يصعب فيه على كتاب في هذا الوقت أن يسطروها في كتاباتهم ، ويحضرني مثال هنا ، هو كيف أن الدكتور سامي الدهان قد أظهر ترددا بينا في حاشية تحقيقه لرسالة ابن فضلان عن كتابة كلمة هي فرج المرأة التي دونها ابن فضلان دون تردد أبدا في رسالته تلك ، فهو ، أي ابن فضلان ، يعلم أن الكلمة هذه قد ذكرها القرآن قبله ، فعلام يتردد هو ؟
يبدو أن التحرر في العلاقة ما بين الرجال والنساء في الأندلس قد حدث لأسباب كان من أهمها اختلاط أجناس كثيرة فيها ، ثم مجاورتها للبلاد الأوربية ، فقد نقل ابن حزم لنا هذا الخبر ، فكتب ( لقد أخبرني ثقة صدق من أخواني من أهل التمام في الفقه ، والكلام ، والمعرفة ، وذو صلابة في دينه ، أنه أحب جارية نبيلة أديبة ذات جمال بارع ، قال : فعرضت لها فنفرت ، ثم عرضت فأبت ، فلم يزل الأمر يطول ، وحبها يزيد ، وهي لا تطيع ألبتة ، الى أن حملني فرط حبي لها ، مع عمى الصبا على أن نذرت أني متى نلت منها مرادي ، أن أتوب الى الله توبة صادقة . قال : فما مرت الأيام والليالي حتى أذعنت بعد شماس ونفار . فقلت له : أبا فلان وفيت بعهدك ؟ فقال : إي والله ، فضحكت . وذكّرت بهذه الفعلة ما لم يزل يتداول في أسماعنا ، من أن في بلاد البربر التي تجاور أندلسنا ، يتعهد الفاسق على أنه إذا قضى وطره ممن أراد يتوب الى الله ، فلا يُمنع من ذلك ، وينكرون على من تعرض له بكلمة ، ويقولون له : أتحرم رجلا مسلما التوبة ! ؟
قال : ولعهدي بها تبكي وتقول : والله لقد بلغتني مبلغا ما خطر قط لي ببال ، ولا قدرت أن أجيب إليه أحدا . )
أما النساء الأندلسيات فقد روى عنهن ابن حزم ، مثلما روى له الرجال عن علاقاتهم الجنسية ، ففي خبر آخر يروي هو عن صديق له عن سليمان بن أحمد الشاعر عن امرأة اسمها هند فيكتب ( حدثتني امرأة اسمها هند كنت رأيتها في المشرق ، وكانت قد حجّت خمس حجات ، وهي من المتعبدات المجتهدات ، قال سليمان : فقالت لي : يا ابن أخي ! لا تحسن الظن بامرأة قط ، فإني أخبرك عن نفسي بما يعلمه الله عز وجل : ركبت البحر منصرفة من الحج ، وقد رفضت الدنيا ، وأنا خامسة نسوة كلهن قد حججن ، وصرن في مركب في بحر القلزم ، وفي بعض ملاحي السفن رجل مضمر الخلق ، مديد القامة ، واسع الأكتاف ، حسن التركيب ، فرأيته في أول ليلة قد أتى على أحدى صواحبي ، فوضع احليلة في يدها ، وكان ضخما جدا ، فمكنته في الوقت من نفسها ، ثم مر عليهن كلهن في ليال متواليات ، فلم يبق له غيرها ، تعني نفسها ، قالت : فقلت في نفسي : لانتقمن منك ، فأخذت موسى ، وأمسكتها بيدي ، فأتى في الليل على جاري عادته ، فلما فعل كفعله في سائر الليالي سقطت الموسى عليه ، فارتاع ، وقام لينهض . قالت : فأشفقت عليه وقلت له ، وقد أمسكته ، لا زلت أو أخذ نصيبي منك . قالت العجوز : فقضى وطره ، واستغفر الله . )
= = = = = = = = = = = = = = =
* هو محمد بن علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ، المعروف بابن حزم ، ولد في قرطبة سنة 348 هـ ، وتوفى سنة 456 هـ . والنازل بقرطبة اليوم يراه تمثالا واقفا في الجنوب الغربي من المدينة القديمة فيها ، وقريبا من أحد أبوابها المعروف بباب العطارين الذي كان على عهده مجمعا لنساء تلك المدينة . زرته أنا وحدقتُ فيه مليا ، مثلما زرت الفيلسوف ابن رشد الجالس على منبر منصوب على بعد أمتار عنه ، حيث يمر الأسبان والإسبانيات من أمامه جيئة وذهابا ، وربما أطال هم وغيرهم من السواح الوقوف أمامه .
** كان أبو سليمان ، داود الظاهري المتوفي سنة 884 م ، هو صاحب المذهب الظاهري الذي كان يعتمد ظاهر النص في التشريع ، ويترك ما دونه ، وقد تعهده ابنه ، محمد ، بعده ، ثم انتصر له ابن حزم فيما بعد .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرام تجسيد للوطنية العراقية ونبذ للطائفية والعنصرية !
- العراقيون : هجرة أخرى الى دول اللجوء !
- نديم الجابري : الوزارة أم الموت والانسحاب !
- نديم الجابري : الوزارة أم الموت والانسحاب* !
- الإيرانيون يقتلون العراقيين في شط العرب !
- الدفاع عن البيضة الإيرانية !
- الكل ينادي : حكومة وحدة وطنية !
- ظهور مئة وخمسين إماما منتظرا في طهران وحدها !
- ملامح الحكومة الأمريكية القادمة في العراق !
- الانتخابات العراقية خسارة للعراق وفوز لإيران ! سه ...
- مرحى شيوعيي الناصرية !
- البصرة تحت ظلال صدام !
- أهداف إيران من احتلال البصرة !
- الشيوعيون ضمير الشعب !
- عملاء ايران والحزب الشيوعي العراقي !
- اطلاعات تقتل العراقيين وتعذبهم في عقر دارهم !
- كوندليزا في الموصل وسترو في البصرة !
- ما يجمع الجلبي بالطوشي !
- عملاء إيران والقائمة العراقية الوطنية 731 !
- أبو نؤاس في مصر 3


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهر العامري - - الأخبار في طوق الحمامة - 1