العقوبة المسلّطة على قطر ليست بصحوة لضمير راعي البقر

سيدة عشتار بن علي

الحوار المتمدن-العدد: 5549 - 2017 / 6 / 12 - 17:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كنت قد تركت الكتابة في السياسة وقطعت عهدا على نفسي بأن لا أعود الى هذا الجحيم الذي يستنزف العقل والرّوح لكن ما يجري اليوم مستفز ..مستفز للعقل ومهين ان نحن صدّقنا ظواهر الأحداث وما يطفو منها على السّطح ..أتحدّث عمّا يمكن اعتباره أكبر وأهم حدث حصل خلال العام والمتمثل في اعتبار قطر منبع الارهاب والرّاعي الرّسمي له وقد أتى المنقذ من الجحيم العظيم ترامب ليضع النقاط على الحروف ويرسم نهاية لعهد الارهاب والارهابيين وتخليص العالم من شرورهم ودمويتهم مستعينا بالسّعودية وبقية دول الخليج...غريب ..معنى هذا ان السعودية بريئة من الارهاب . هل انتهى عهد قطر حقّا ..من المضحك بل من المهين لنا أن نصدق أن قطر كانت مجرد دمية نفخ في صورتها وآن الأوان لفرقعتها لفشلها في أداء دورها ..هل فشلت قطر حقّا في المهمة التي كلّفت بها من طرف الشيطان الأمريكي ..اين يبدو هذا الفشل بعد كل هذا الدمار والهوان الذي مرت به أغلب الدّول العربية ...قطر لم تفشل في قيادتها لما يسمى بالربيع العربي بل نجحت نجاحا باهرا في زعزعة استقرار الدول العربية بل تحطيمها على جميع المستويات ثمّ ان العميل لا يقع التّخلّي عنه لفشله في أداء مهمّة ما ..لا يقع التخلي عنه او بمعنى أدق التخلّص منه الا في حالة تمرّده على سيّده أو خيانته له فهل تمرّدت قطر على سيدها ..طبعا لم يحدث هذا وقطر قامت بدورها على الوجه الأكمل فحمد قدم نصف امارته لتقام على ارضها أكبر قاعدة أمريكية بعد فشل السعودية في احتواء هذه القاعدة لما بات يتهدد المملكة من تمرد شعبي وغضب الجماهير وهم يرون نعال الجيش الصليبي تصول وتجول في الأرض المقدّسة ..أمريكا تعرف جيّدا ما تفعله حين نقلت القاعدة الى قطر الّتي نجحت في تحقيق موازنة كان مكن الصّعب على السعودية نفسها تحقيقها فهي صديقة الجميع صديقة ايران وسوريا وحزب الله وحماس مما أتاح لها حشر أنفها في كل ما يجري من أحداث في المنطقة وخارجها ..قطر كانت نعم الخادم لأمريكا ..خدمتها بالسياسة والاعلام والأرض والمال فهل يعقل أن يتخلّى السّيد عن خادمه الأمين فقط لأنه لم يدفع الجزية كما يروّجون ...صحيح أن ترامب حسب ما يبدو من سلوكياته وردود افعاله راعي بقر أصيل ..من النّوع الذي يستعملون أقدامهم في فتح الأبواب لكن هذا لا يعني أنه بامكانه سن قوانين واتباع سياسة حسب مزاجه الشّخصي بل هو مجرد منفّذ لما تمليه الادارة الامريكية وصحيح أن السعودية كانت ترقب بقلق وغيظ الصعود القطري الّذي قارب على سلبها صفة رئيس الخدم والشيطان الأمريكي له من الدهاء والذكاء ما يكفي ليعرف كيف يفكّر العربان وما يدور بخلد البدو وحتما يستغل ذلك لحلب ضروعهم واستنزافهم وثقة ترامب وهو يلقي بخطابه على الجماهير الأمريكية أكبر دليل على ذلك ..قالها بكل عنجهية أنه ذاهب لجلب الاموال من الخليج وان الخليج ما كان ليوجد لولا أمريكا فالسيد يعرف خدمه وواثق منهم والخدم لا يخرجون ابدا عن طوع بنانه وهؤلاء قد يغارون من بعضهم البعض وقد يتنافسون على كسب رضاء سيدهم راعي البقر وقد يعمل كل واحد منهم على ان يكون الاقرب له لكن ليس بامكانهم الافتاء في سياسة الادارة الامريكية أو مناقشة الأوامر والقرارات ولا حتى مجرد الاقتراح ..ينفذون ..فقط ينفّذون .. ومعروف عن الادارة الأمريكية أنها لا تتخلى عن استراتيجية الا بعد ان يكون في الدّرج استراتيجية جديدة جاهزة ..هذا ما علينا أن نفكر به ..ما هي الاستراتيجية الجديدة الّتي جهزتها امريكا لتسيير الأمور في المنطقة العربية ..علينا ان نتوقع ان كل ما يجري ماهو الا مجرد مسرحية محبوكة الاخراج ..علينا ان نتوقع اننا امام تكتيك جديد ..علينا ان نتساءل كيف لأردوغان أن يقدم على تحدّي ترامب بكل بساطة ويقرر ارسال دعم عسكري الى قطر وما مصير تلك القاعدة الامريكية المتصدّرة في قطر ..هل سيقوم ترامب باعادتها الى السعودية ام انه سينقلها الى الامارات ..علينا ان نتساءل هل دخل رئيس مصر عبد الفتاح السيسي في هذا الصراع بارادته ام وقع الزج به فيه وهل تتجاوز الادارة الامريكية وتنسى الهزيمة الفادحة التي عصفت بكل مشروعها بسبب مصر .الورقة الاسلامية لعبت عليها الادارة الامريكية وكانت حاضرة في اغلب مخططاتها بخصوص الدول العربية والاسلامية ولا أعتقد ان ترامب قرر أخيرا حرقها لانقاذ العالم والدول العربية خصوصا من الجحيم الذي عاشتهوالسنين العجاف التي تجرعت ويلاتها شعوبها ..طبعا قلب ترامب لم يحن علينا وضميره لم يمل عليه ان يرحم هذه الشعوب البائسة وينتشلها من عذاباتها ...ما يجري هو مجرد تجديد عهد وتلميع لوجه السعودية من تهمة رعايتها وتصديرها للارهاب والورقة الاسلامية آن الاوان لتجميدها بعض الوقت ثم اخراجها في حلّة جديدة ...الخليج هو نقطة انطلاق أمريكا ترامب القادمة كالعادة لكن في أيّ اتجاه ..ننتظر كعادتنا ولا بديل الا الانتظار

#سيدة_عشتار_بن_علي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل