أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد امباركي - النظارة السوداء لن تصمد أمام حراك الريف.















المزيد.....

النظارة السوداء لن تصمد أمام حراك الريف.


محمد امباركي

الحوار المتمدن-العدد: 5544 - 2017 / 6 / 7 - 16:48
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


النظارة السوداء لن تصمد أمام حراك الريف.
محمد امباركي

طبعا للنظارة السوداء فائدتها الصحية من حيث أن غرضها الأساسي هو الوقاية من الشمس والغبار وقد يكون ارتدائها يستجيب أيضا لضرورة طبية، لكن لما يرتديها المسؤولون ورجالات الدولة خاصة في الدول غير الديمقراطية تتحول هذه النظارة الى رمز سياسي يحول من جهة دون رؤية الواقع على حقيقته، ومن جهة ثانية يجعل الدولة لا ترى في الواقع إلا جانبه السوداوي الكئيب فيثير غضبها الشديد ويستنفر فيها الحاجة الى العنف. وفي كلتا الحالتين تصبح النظارة السوداء لما ترتديها الدولة حاجزا بينها وبين الواقع والناس.
نعتقد أن التوصيف أعلاه ينطبق على تعاطي النظام السياسي مع حراك الريف...كيف ذلك؟
إن التأخر الحاصل في التفاعل مع مطالب الحراك حيث ظلت الدولة و نخبها السياسية لأزيد من سبعة أشهر على انطلاق الانتفاضة مشغولة بتجاذباتها الفارغة التي يتم تصريفها بخطاب سياسي بئيس في سياق ما اصطلح عليه ب " البلوكاج الحكومي "، انعكس سليبا على الاستفاقة المتأخرة للدولة التي لما فطنت الى ضرورة التدخل لم تخرج معظم طرق تدخلها عن المنطق الأمني الصرف حتى أن النظارة السوداء حالت دون قيام المسؤولين بقراءة واعية لمطالب حراك الريف و استيعاب جدي للوثيقة المطلبية التي شكلت إحدى أقوى أسس الحراك و مصادر شرعيته الى جانب قيادته الميدانية، بمعنى أنها وثيقة تشبه أهلها ضحايا التهميش و الٌإقصاء و مستمدة منهجيا و من زاوية المطالب المسطرة من الواقع المعيش للساكنة على المستويات الحقوقية و القانونية و الاجتماعية و الاقتصادية، فبقدر ما عكست الوثيقة تشخيصا مكثفا لتجليات التهميش و الإقصاء في سياق تاريخي مليء بجراحات تسبب فيها عقاب المخزن ظلت محفورة في الذاكرة الجماعية و الفردية للساكنة بقدر ما عكست في نفس الوقت نهج الدولة لخيار اللاعقاب إزاء مافيا الفساد و الريع و تعطيل جزء كبير من توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة الخاصة بجبر الضرر الجماعي عن سنوات القمع السياسي بمختلف أساليبه و تلاوينه، بل إن خطاب المصالحة مع الريف تم تدشينه بمداخل مشوهة لم تقدر النظارة السوداء للدولة على حجبها من خلال محاولة إدماجه في بنية حزبية تستمد أسباب وجودها و بقائها من السلطوية و الريع، و هي بنية قادتها بعض النخب المتعلمة ذات ماض سياسي " ممانع " اعتقدت واهمة بالإمكان التاريخي لدمقرطة " المخزن " و تحديث " الأعيان " فانتهى بها الأمر الى إعادة إنتاج مدافعين جدد عن المخزن من خلال توليفة غير علمية و غير تاريخية بين التقليد و الحداثة. وهكذا أصبحت هذه البنية الحزبية عاجزة عن الحياة خارج تحالف السلطة والمال والجاه.
إن المتأمل بالدقة و الوضوح اللازمين في الوثيقة المطلبية لحراك الريف سيستنتج لا محالة البناء المحكم للوثيقة من خلال تشخيص حجم استفادة المنطقة من الثروة الوطنية عبر ربط المحلي بالوطني خاصة ما يتعلق بعائدات عمال الريف المقيمين بالخارج و مصير الثروة المائية، و كذلك احتواء الوثيقة على مطالب واقعية و غير تعجيزية تستبعد أي تأويل تعسفي للسقف السياسي للحراك، بل الملفت للانتباه هو منطق الأولويات و النفس الاقتراحي البناء اللذان ميزا الوثيقة المطلبية من بدايتها الى نهايتها حيث ظلت في كل مرة و حين تسطر على بعض المطالب بكونها مطالب مستعجلة و ملحة كإلغاء ظهير العسكرة، بناء مؤسسة جامعية، تأهيل المستشفى الإقليمي طبيا و بشريا مع تسييد حكامة التدبير، و بناء مستشفى خاص بالسرطان، و تعميم المستوصفات و الخدمات الطبية و ووحدات صحية في أقاليم أخرى و لفئات أخرى كذوي الاحتياجات الخاصة، توفير شبكات تطهير الواد الحار و تعميمها، مطالب خاصة بتطوير قطاع الصيد البحري و حماية البيئة و الثروة السمكية للمنطقة من لوبيات الريع و الفساد و كذلك القطاعات المتعلقة بالفلاحة و الضريبة و القطاع البنكي و مراقبة الأسعار خاصة ما يرتبط بتخفيض تسعيرة الماء و الكهرباء و مراقبة أسعار المواد الغذائية و الاستهلاكية....إلخ
من هنا ليس غريبا أن تشكل الوثيقة مرجعية أساسية للعديد من الدفاتر المطلبية لمبادرات احتجاجية و تضامنية في مناطق و أقاليم أخرى، و من الأكيد أن كل المطالب الواردة في وثيقة حراك الريف تكتسي ملحاحية بالنظر الى حجم الخصاص و التهميش و سوء التدبير الاقتصادي و السياسي الذي طال العديد من الملفات و المشاريع الخاصة بتنمية المنطقة مثلما طال أغلب مناطق بلادنا ،لكن في اعتقادنا كان من الممكن أن تشكل بعض المطالب ذات الطابع الاستعجالي أرضية حقيقية لحوار مسؤول و جدي يشكل فرصة حقيقية لضخ منسوب الثقة بين الساكنة و الدولة، و مرة أخرى تحول النظارة السوداء للدولة دون الرؤية الواضحة لتراتبية المطالب التي تشكل في حد ذاتها حافزا على تلبيتها من خلال جدولة دقيقة في الزمان و المكان و المسؤولية ، و بالتالي لجوء الدولة – خوفا من توسع الحراك مجاليا في الريف و خارج الريف – الى عنف متعدد الأشكال يتراوح بين منطقين : منطق العنف الرمزي القائم على التضليل و التشويه و إلصاق تهم الانفصال بنشطاء الحراك ( بلاغ الأغلبية الحكومية ) و الذهاب بعيدا في استثمار واقعة المسجد خلال خطبة الجمعة كمحاولة لنقل الصراع من حقله الاجتماعي الحقيقي الى حقل عقائدي تعي الدولة جيدا أنها تملك من الترسانة الأيدولوجية ما يكفي لربح هذا النزال و بالتالي تأليب الرأي العام و تعبئته ضد الحراك ( احتكار الحقل الديني، الزوايا، الكتاب، المساجد، التعليم الديني العتيق، الإعلام العمومي الذي فتح أبوابه لبعض الشراح و المنجمين ذوي قدرات خارقة على استكشاف مكنونات الضمير !!!... الخ)، ومنطق العنف الخالص عبر الملاحقات والاعتقالات والترهيب وتسخير ضحايا التفقير والتهميش في أعمال بلطجية دنيئة ضد الحراك ونشطائه بالعديد من المدن المغربية رغم أن دروس التاريخ تعلمنا أن التعبئة المجتمعية لن تتحقق في ظل عدم حماية كرامة المجتمع نفسه.
على أية حال، إذا كان الحراك الاجتماعي شكل من أشكال محاسبة السياسات و المشاريع التنموية التي رغم عجزها عن تحقيق الأهداف المعلنة على صعيد ضمان كرامة المغاربة جميعا و حماية حقوقهم في التوزيع العادل للثروة و العيش الكريم، فقد ظلت تلك المشاريع عبارة عن علب سوداء " مقدسة " بعيدة عن كل تقييم أو محاسبة كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية و المشاريع المهيكلة و المخططات الكبرى : الأخضر و الأزرق ، الرقمي ، الطاقي، و رواج و مشاريع إصلاح التعليم و القضاء ...الخ، فإن الإصرار على ارتداء النظارة السوداء و عدم نزعها خوفا من التوسع المجالي و السياسي للحراك رغم ارتفاع الواقع و تحولات اللحظة الاجتماعية و السياسية، لن يزيدا الوضع إلا احتقانا على اعتبار أن الانتصار للخيار القمعي الصرف لن يعود ببلادنا ليس فقط الى زمن ما قبل 20 فبراير، بل الى زمن ما قبل 2004 حقوقيا أي ما قبل تشكيل هيئة الإنصاف و المصالحة مما سيساهم في تبديد بعض التراكمات الإيجابية رغم هشاشتها ويضع العديد من الخطابات و الاطروحات و المشاريع موضع شك مجتمعي المستفيد الأكبر منه هو القوى المعادية للديمقراطية و التقدم و الحداثة، و بالتالي لا جواب إلا ما قالته أنديرا غاندي عن والدها الروحي " المهاتما غاندي " الذي ظل مرتديا لنظارة شفافة ميزته كثيرا عن باقي القادة أنه " كان ينظر بشفافية عدسات نظارته الى الواقع، و لم يكن ثمة حاجز أبدا بينه و بين الناس ".
وجدة 6 يونيو 2017



#محمد_امباركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الداعشية و - البلوكاج - الثقافي
- النساء في خدمة الرجال انتخابيا !! ... قراءة أولية في الحضور ...
- المرأة ليست قضية فقهية...
- ثلاث ملاحظات بصدد الوضعية السياسية في المغرب على ضوء الانتخا ...
- العلمانية.... حاجة متجددة و حوار مستمر...
- الانتقائية، عطب بنيوي في تنظيمات -الإسلام السياسي..-
- العلمانية و المرجعية الكونية لحقوق الإنسان
- حركة 20 فبراير : وجهة نظر عشريني...
- من حقكم الدفاع عن -مرسي-.. لكن ارحموا العلمانية من سوء الفهم ...
- الربيع المصري المفتوح...
- دفاعا عن العلمانية :
- تثاؤب البشر في زمن التيه..
- العلمانية ليست بالضرورة موقفا مضادا للدين..نحو تقويض بعض أسس ...
- حركة 20 فبراير : أسئلة من أجل الفهم و قضايا لنقاش
- في الحاجة إلى دليل المناضل
- المغرب: الديمقراطية قطرة - قطرة أو المأزق التاريخي للدولة ال ...
- محمد بوكرين: معتقل الملوك الثلاثة ...(مقال مترجم عن أسبوعية ...
- مساهمة في قراءة بعض رسائل السابع من شتنبر 2007 .
- السياسي والمقدس أو علاقة العنف المادي بالعنف الرمزي


المزيد.....




- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد امباركي - النظارة السوداء لن تصمد أمام حراك الريف.