أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد امباركي - تثاؤب البشر في زمن التيه..














المزيد.....

تثاؤب البشر في زمن التيه..


محمد امباركي

الحوار المتمدن-العدد: 3934 - 2012 / 12 / 7 - 20:44
المحور: الادب والفن
    


صــمـت الكــلام..
تثاؤب البشر في زمــــــن التيــــه..

عندما يجف القلم أو يضرب عن النزيف ينتاب كل مولع بحرقة السؤال إحساس عميق بتوقف نبض القلب و خلود خلايا الدماغ الى راحة تنبئ بنهاية قلق هو الذي يمنح للحياة معنى..آنذاك فقط تبدو أمامك- أيها المجنون بعشق الكتابة و نسج حروف هامش ممزق- هذه البسيطة صحراء جرداء عارية من كل لوحات الخصوبة و يغطيها صمت رهيب عدا نهيق خفافيش غارقة في الحلكة، فوق ظهرانيها جلد النوق و على رؤوسها عباءات سوداء و تنتظر العواصف و الزوابع القادمة من بعيد لتخفي قبحها و نزوعها النرجسي إلى صنع فتاوى القصاص باسم تعال الهي خادع سرعان ما يكشف عن عاهاته أثناء موسم الهجرة إلى أوكار التراشق بالنبيذ و الجسد و الرقص حيث تصرف عائدات الذي سموه "ذهبا اسودا " فتشيد قصور على جنبات الأوكار تلك..
لما –تعجز أيها الحالم بخلاص " سيزيف " من عذاب الصخرة الأبدي – عن التفكير و فك رموز حيرة زمن الفسيفساء هذا و تداخل حروف اليسار بحروف اليمين، تشعر أنك ولدت رغما عنك و في مكان وزمان لم تختر هما فتمتطي قوارب موت غير معلن..و يخيل إليك آنذاك أنك تسير بخطى بطيئة في شوارع مدينة منغمسة في الصخب و الرقص الجنوني و الإدمان بمختلف فصيلاته سوى فصيلة "السؤال"..مدينة تشبه " الهونغ كونغ" كما تشيدها فلموغرافية " العم "سام" حيث العنف يعانق العنف..
و السماء تضم بين ذراعيها أرضا يغطيها دخان ينبعث من السيجارة و الحانات الجوفية و السيارات
و القطارات السريعة و فوهات المسدس..و الجثث المحروقة و تثاؤب البشر..
تذهب إلى المقهى –كعادتك – أيها الحامل ل "مشروع حلم جماعي " كما تسعى دائما إلى إقناع نفسك..تطل من نافذة صغيرة و أنت تتلذذ بفنجان قهوة معصورة عصرا تكتمل لذتها حين لا تفارق السيجارة شفتيك الرماديتين..تتأمل المارة معتقدا أنك تفكر بكل قواك الذهنية بحثا عن خلاص لبشر غير منسجم.. يلهث لهثا وراء معدته..وراء اقتناء آخر "موديلات" الاستهلاك و الكلمات المتقاطعة و قنوات
و برامج الجنس و الدين..أنظر لهوية البتر ودولار و أنظمة البداوة النفطية.. فليس هناك أية مشكلة أن يكون مالك قناة " الفتوي الفضائية " و " التدين الرقمي " هو نفسه مالك قنوات العري و استنهاض الهمم الجنسية لهذا البشر المصاب بجوع تاريخي الى الديمقراطية..
لكن فجأة تبدو ابتسامة غريبة تغطي شفتيك -أيها الشبيه بالمثقف - كأنك انتصرت ووجدت ما يريح قلقك .. فتخاطب نفسك قائلا " هذه الهوية صاغها تاريخ مركب من الحروب المقدسة و المؤامرات و المكائد العريبة الإسلامية و الفكر الميت..أو ليس تاريخ العرب هو تاريخ حروب العرب سواء في الشعر أو في ساحة الوغى؟..تاريخ حروب العرب ضد العقل و العقلانية و الرؤية المنسجمة للعالم؟.." بهذا القول تتأهب بزهو و تنتشي بارتشاف السيجارة ثم تنظر إلى ساعتك و فجأة تصيبك رعشة شديدة الوقع..لأنه مر عليك وقت طويل تكتشف عبر "طفاية" مملوءة عن اخرها بعقاب السيجارة أنك لم تقل شيئا ..لم تكتب شيئا..كنت فقط تحلم ، بل تتوهم..و أنك لست مختلفا عن الكائنات المحيطة بك و هي منهمكة في احتساء القهوة و استهلاك سلطة الرصيف الخامسة..لتتأكد أخيرا أن غضب القلم منك و فقدان ولع الكتابة عن صراخ نساء و أطفال صبرا و شاتيلا و تل الزعتر و دير ياسين و معسكر أنصار.. و شباب و شيوخ بابل..و "ديمقراطية السياح " في بلدك..يجعلان منك عرضة لقمامات "الفكر المأجور" و يعيدانك إلى صخب "الهونكونغ" ..بل هذه المرة الى "بومباي" حيث تلتقي بعبقرية و نبي هذا الزمن الرديء "فوكوياما" فتسأله على التو كالبلهاء " ما الذي يحدث ؟" ..وبدعابة العم "سام" و ثقة قارئة الفنجان يجيبك : " ألم أقلها؟ ..نهاية التاريخ..
محمد امباركي
الناضور فبراير 1994



#محمد_امباركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية ليست بالضرورة موقفا مضادا للدين..نحو تقويض بعض أسس ...
- حركة 20 فبراير : أسئلة من أجل الفهم و قضايا لنقاش
- في الحاجة إلى دليل المناضل
- المغرب: الديمقراطية قطرة - قطرة أو المأزق التاريخي للدولة ال ...
- محمد بوكرين: معتقل الملوك الثلاثة ...(مقال مترجم عن أسبوعية ...
- مساهمة في قراءة بعض رسائل السابع من شتنبر 2007 .
- السياسي والمقدس أو علاقة العنف المادي بالعنف الرمزي


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد امباركي - تثاؤب البشر في زمن التيه..