أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد الخميسي - في المرأة يكتمل ظهور الحقيقة














المزيد.....

في المرأة يكتمل ظهور الحقيقة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5531 - 2017 / 5 / 25 - 22:30
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يقول محيي الدين بن عربي " في المرأة يكتمل ظهور الحقيقة" ويالها من عبارة لذلك الشاعر القطب المتصوف تحدد بدقة أنه ما من حياة ولا حقيقة ولا خيال ولا شعر ولا نغم من دون المرأة، وفي بحيرة عيني المرأة وحدها يرى الرجل صورته، وجوده، يوقن أنه حي، وأن لحياته أهمية، ثم يدرك أن الحب الذي يلد الأكوان بعد الأكوان، والسحاب بعد السحاب، والشموس بعد الشموس هو رسالة الوجود ورقته وعطره التي تجمع أطرافه الي بعضها. عن ذلك الشاعر المتصوف وحياته كتب المؤلف السعودي الشاب محمد حسن علوان روايته البديعة " موت صغير " التي فازت بجائزة البوكر العربية هذا العام من بين 186 عملا. ويستشهد المؤلف بأقوال ابن العربي في روايته ونظرته إلي المرأة ومنها قوله " كل مكان لا يؤنث لا يعول عليه". وقد عاش محيي الدين بن عربي أواخر القرن الثاني عشر وتوفي أواسط القرن الثالث عشر ميلادي في دمشق ودفن في جبل قاسيون. وترك العديد من الكتب وتفاسير القرآن الكريم وديوانا هو" ترجمان الأشواق" جعله للتغزل في محبوبته " نظام " بنت الشيخ أبي شجاع. يصل ابن عربي مبكرا في القرن الثالث عشر إلي أن " الحقيقة تكتمل بظهور المرأة"، وأن الحقيقة من دون المرأة تصبح مشوهة وناقصة. وكان ابن رشد في ذلك الوقت أيضا يدعو إلي أن الحكم والحرب وأفعال الشجاعة كلها من قدرات المرأة واستطاعتها. لكننا على مدى قرون طويلة من الوخم الفكري فقدنا تلك النظرة إلي المرأة، بدلا من أن نطورها، وأضعناها بدلا من أن نرتكز إليها وننطلق منها إلي الأمام. وأصبحت المرأة في معظم شوارعنا " عورة " يجب أن نداريها ونحجبها ونلزمها البيت ولا نسمع حتى صوتها! بذلك أهدرنا الحقيقة، وألحقنا الضرر بعقولنا ووجداننا حين ألحقناه بعقل المرأة ووجدانها، وعندما قمنا بطعن نصفنا المؤنث لم يبق لنا سوى أن نجر النصف الآخر نازفا جريحا. وكل من يؤذي المرأة في حريتها إنما يؤذي نفسه أولا وقبل كل شيء، ومن يؤذي المرأة في كرامتها إنما يؤذي كرامته. ضاعت نظرة ابن العربي ، وابن رشد، وغيرهما، وتم اختصار روح المرأة وعقلها وذكاءها في جزء صغير وحيد يسمى " أعز ما تملك" ! ونحن لا نقول إذا ما أصيبت فتاة بالجنون إنها فقدت " أعز ما تملك"! هذا لأن العقل عندنا ليس أعز ما تملك المرأة، أما إذا جن الرجل فإننا نتأسف ونتحسر على عقله قائلين : " خسارة الرجل جن"! ضاعت نظرة الفلاسفة الأوائل الذين قدروا أن العقل والقلب هما أعز ما يملك الانسان سواء أكان امرأة أو رجلا. لقد أصبحنا في أمس الحاجة لتغيير نظرتنا إلي المرأة، بل وأمست المرأة ذاتها في أمس الحاجة لتغيير نظرتها إلي نفسها وهي التي تعد نفسها في حالات كثيرة " ست بيت"، أهم فضائلها أنها " لا ترفع صوتها على زوجها". ولتغيير تلك النظرة ، ولإدراك أن الحقيقة تكتمل بظهور المرأة، ومعها ، وبجوارها، ينبغي أن نبذل الكثير من الجهد لتعديل برامج التربية والتعليم. وقد كان للكاتب الروسي العظيم أنطون تشيخوف رأي خاص بكيفية تغيير وضع المرأة ينطلق من ضرورة تربيتها بصورة مختلفة، وقد صاغ رأيه هذا في قصة له بعنوان : " أريادنا " ويقول فيها على لسان إحدى الشخصيات : " ينبغي أن تتربي الفتيات ويدرسن مع الفتيان . ينبغي أن يكون هؤلاء وأولاء معا دائما . ينبغي تربية المرأة بطريقة تستطيع معها ، كالرجل، أن تدرك خطأها وإلا فسوف تعتقد أنها على حق دائما. قل للفتاة منذ الطفولة إن الرجل ليس قبل كل شيء فارسا ولا خطيبا أو زوجا، بل قريبها المتساوي معها في كل شيء. علمها أن تفكر وتعمم منطقيا ولا تقل لها إن وزن دماغها أقل من دماغ الرجل ومن ثم فليس في قدرتها أن تهتم بالعلوم والفنون والشئون الثقافية .. ينبغي أيضا تنحية التذرع بفيزيولوجيتها وبحملها وولادتها، نظرا لأن المرأة لا تلد كل شهر، وثانيا ليس كل النساء يلدن، وثالثا فإن المرأة القروية العادية تعمل في الحقل حتى عشية ولادة طفلها. كما ينبغي أن تكون هناك مساواة تامة في الحقوق في الحياة، فإذا كان الرجل يقدم الكرسي للسيدة أو يناولها منديلها الذي سقط منها، فلتعامله المرأة هي أيضا بالطريقة نفسها ". كتب تشيخوف كلماته هذه عام 1895 وانقضى عليها أكثر من قرن ومازلنا نرى المرأة بصفتها ملحقا بالرجل، إما أن يكون ملحقا جميلا ممتعا، أو ملحقا قادرا على العمل الخشن طول النهار في البيت، أو ملحقا كأداة للانجاب! لكنها في كل الأحوال ليست زميلة روح ورحلة وحياة. هذا يعني أننا مازلنا نقوم بتربية البنات بشكل غير صحيح، وأن مدارسنا مازالت تفصل البنات عن الأولاد ، ومن الطبيعي حينئذ أن تتحول الفتاة إلي كائن غريب ، تحمي طوال الوقت " أعز ما تملك" في الشارع والبيت والعمل، فلا يتبقى لها وقت للدفاع عن عقلها أو شعورها أو شيء آخر تعتز به كشهادة علمية، أو قيمة نفسية إنسانية، أو اختراع علمي، أو كفاح برلماني، أو مشروع تتولاه لمحو أمية أطفال الحي. يقول محيي الدين ابن عربي مخاطبا كل منا : " أنت غمامة على شمسك، فاعرف نفسك"! ونحن في أمس الحاجة إلي أن نعرف أننا لن نعرف شيئا من دون المرأة، وأنه من دونها " لن يكتمل ظهور الحقيقة"، فلننزع الغمامة عن عقولنا وعيوننا ولنرى بانبهار وحب ذلك الكائن البديع الذي يمضي بجوارنا وعلى وقع خطواته يصبح للحياة مغزى وطعما وروحا، وبفضله تولد كل القصائد والأغاني وأهازيج العشق العذبة.
***
د. أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبقرية عبد الوهاب وتهمة السطو الفني
- مازن معروف .. نكات للمسلحين
- أبناء الورق والانترنت
- تحرش - قصة قصيرة
- الصحافة .. بداية ولا نهاية
- بيسا - قصة قصيرة
- الغنيمة - قصة قصيرة
- عرفانا ومحبة في عيد المرأة
- طاهر البرنبالي .. انتصار المستحيل
- هل نطالب الأزهر بتكفير داعش؟
- على ربوة - قصة قصيرة
- أماني الخياط دعوة إلي إبادة الشعب !
- أبو المعاطي أبو النجا .. كل كلمات الوداع مرة
- أبو المعاطي أبو النجا .. سلامتك !
- محمود عبد العزيز .. ألفة النجوم
- وداعا دكتور محمد محروس
- في البحرين أزمة من الطبل والزمر !
- من الذي لم يبصق في وجه الشعب المصري؟
- لوقا وأحمد .. خانة الوطن لا الديانة
- لا تنس أن تتذكر !


المزيد.....




- قوة روسية تنقذ امرأة وأطفالها من قصف مدفعي ومسيّرات أوكرانية ...
- مقتل امرأة عراقية مشهورة على مواقع التواصل.. وأجهزة الأمن تح ...
- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد الخميسي - في المرأة يكتمل ظهور الحقيقة