أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال مجاهدي - عقلنة الحقل الديني – إشكالية تحديد المجال -














المزيد.....

عقلنة الحقل الديني – إشكالية تحديد المجال -


جلال مجاهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5528 - 2017 / 5 / 22 - 20:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العلاقة بين الدين و العقل كانت و لا زالت من بين أكثر الموضوعات إثارة للجدل , و التقييم الموضوعي و البحث الفكري في المجال دائما ما يتأثر بالمنطلق , على اعتبار أن المتدين دائما ما يحاول أن يبخس من قيمة العقل لترجيح كفة التسليم بما يؤمن به و العقلاني على عكسه , يقوم بإعمال العقل في تمحيص ما يقدمه الدين من تفسيرات للوجود و ما يقرره من تعاليم.

الاختلاف البين و الصدع الكبير بين ما هو عقلي و ما هو عقدي , من الصعب رأبه , فالأول يحيل على أشكال الادراك العقلي و المنطقي للمعطى و الثاني يحيل على التسليم و القبول بالاقتناع الوجداني الإيماني بما يقتضيه الدين , هذا التمايز و التضاد يجعل من كل طرف يطلق أحكاما قيمية على الطرف الآخر , فالعقلي يصف العقدي بالمتوهم و الخرافي و العقدي يصف العقلي بالكفر و الفسق و ما إلى ذلك.

على مر الأزمان تكون الجهاز المفاهيمي الخاص بكل دين و تطور و أصبحت له آليات تفسيرية و دفاعية خاصة و ميكانيزمات تعقيلية داخلية , كما تكون و تطور الجهاز المفاهيمي العقلي من جهته في استقلال تام عن العقدي , و هكذا وصلا إلى مرحلة متطورة يستعصي معها إيجاد تقارب بينهما , فالعقلي خرج بخلاصات مفادها أنه من العبث البحث عن أدلة عقلية على وجود الغيبيات كالآخرة و الملائكة مثلا و من اللاعقلانية البحث عن مبررات عقلية للطقوس و الممارسات الدينية كما قال كانط , في حين يقرر الديني أن العقل البشري قاصر عن إدراك الحقائق و ما عليه في هذه الحالة سوى التوقف و التسليم و القبول و بأن الدين لا يعاني من أي خلل بل العقل هو الذي يعاني من النقص .

غير أن هذا الانفصال بين العقلي و الديني , إنما هو في حقيقته اشتراك في هدف التفسير أملاه لغز الوجود , و للحقيقة فقد حاول كل منهما فك هذا اللغز بطريقته إلا أن كليهما وقفا في مرحلة معينة , فالعقلي و لحد الآن لم يخرج من دائرة الإنكار إلى الإثبات و لم يقدم أي تصور عن الكون و نشأته و عن الهدف من الحياة و الوجود و غيرها من الأسئلة و اكتفى بالنقد و الانكار و الحال أن عقل الانسان نفسه لا يقبل المكوث في حالة الإنكار , أما العقدي فبرغم تفوقه في هذا الشأن و تمكنه من ملأ الفراغ , فإنه قد انكمش على نفسه كآلية دفاعية بسبب تبنيه دغمائية الحقيقة المطلقة و لم يقم بتطوير نفسه في اتجاه الالتقاء بالعقلي .

الفصل بين العقيدة كعقيدة و العقل كعقل إن كان لا يطرح إشكالات على مستوى التجريد لكون الأمر هو معطى فكري و اعتقادي , إلا أنه يصبح معضلة حينما يحاول الديني نقل تصوراته على الواقع , تعميم التصور الاعتقادي و الممارسة الدينية على كل المجالات بما في ذلك التي هي خارجة عنه , هو ما يجعل العقدي يتعدى حدود نفعه, عقلنة الحقل الديني لا تعني القيام بمحاكمة العقائد في حد ذاتها من حيث هي عقائد أو غيبيات, بل فقط المسائل التشريعية الدينية التي تمتد للواقع متى كانت هذه التشريعات تمس بالحياة الخاصة للناس أو سلامتهم و بالحياة العامة , العقلنة تقتضي تحديد المجالات , فمجال الدين يبقى عقديا و مجال العقل يبقى دنيويا .

الدول العربية و الاسلامية هي من أشد الدول حاجة إلى عقلنة الحقل الديني و تحديد مجاله , مع إعادة قراءة الموروث الديني بشكل عقلاني و نخله و جعله يساير تطور الزمان و العلوم و لا يصادمهما و هو ما يحتاج منها إلى شجاعة و جرأة بالغتين خاصة و أن المجتمعات العربية و الاسلامية أصبحت في العقود الأخيرة متأثرة بفكر أشباه المثقفين و أشباه المتدينين الذين ملأوا الفضائيات و مواقع الانترنيت سخافة و ضجيجا و أفضل شيء هو السير في هذا الاتجاه تدريجيا في حدود الممكن .



#جلال_مجاهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف الاتحاد الافريقي من الحق في تقرير المصير في علاقته بمبد ...
- شخصنة الحكم و السلطة ورم من أورام الدولة
- الأحزاب الاشتراكية المغربية و التغييرات المفاهيمية
- ما بعد المحاولات الفلسفية لتفسير الوجود - مقاربة خاصة -
- على ضفاف مفهوم الديموقراطية
- الاصلاح السياسي كمفهوم و كضرورة
- تشييء الانسان
- مساحة الفراغ بين الواقع و الإدراك
- العقلانية بين مفهوم العلم و مفهوم المعرفة
- ثقافة المجتمعات من التثاقف إلى التثقيف إلى ثقافة العولمة
- المذهب الوهابي منبع إرهابي سطر تاريخه بالدماء
- ما وراء التعثر المؤقت في تشكيل الحكومة المغربية
- البوليزاريو و انعدام الشرعية و الصفة لتمثيل الصحراويين
- إصلاح القضاء في المغرب و الأركان المظلمة المسكوت عنها
- الخطاب القومي الأمازيغي المغربي و ضرورة إعادة الصياغة
- استخدام و توظيف مفهوم القيمة و فائض القيمة لكارل ماركس
- توصيات الصناديق الائتمانية الدولية و عرقلة الاقلاع الاقتصادي ...
- ضوابط استعمال رجل الشرطة لسلاحه الوظيفي في مواجهة مسلحي الشو ...
- نظام الحكم المخزني المغربي في مواجهة تفاعلات الحراك الفكري ا ...
- أمازيغ المغرب و الاستعراب و إشكالية الانتماء


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال مجاهدي - عقلنة الحقل الديني – إشكالية تحديد المجال -