أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني أبو المعالي - رنين العود أنين العراق














المزيد.....

رنين العود أنين العراق


حسني أبو المعالي

الحوار المتمدن-العدد: 1445 - 2006 / 1 / 29 - 12:01
المحور: الادب والفن
    


لامَسَتْ جذوره الأولى في الإبداع أنامل عراقية، وأضاءت أوتاره الرقيقة على مدى الأزمان والدهور ليالي السّمار والنّدامى، وحركت أنغامه العذبة وجدان المحبين والعشاق، وقيل في أساطير العرب بأن ـ لامك ـ وهو من أبناء الجيل السادس بعد آدم، أول من اخترعه، دقيق في صناعته، عريق في شرقيته، رفيق إذا عز الصديق، أنيس إذا طال الطريق، ذلك هو العود، سلطان الطرب وسيد الآلات العربية وأرقاها رنيناً وأحلاها نغماً وأشوقها سمعاً، اختزل في موسيقاه أحلى معلقات الشعر العربي، يتنفس أجمل قصائد الحب والغزل برئة قيس بن الملوح ورئة جميل بثينة وتنبض ألحانه بقصائد الفخر والرثاء بقلب كل من المتنبي والجواهري يستعين في رناته بأنين الحلاج ووجع السياب، فجزلت أناته طرباً•
عُرف بالمزهر والمعزاف والكران والموتر، وصُنع من أنواع الخشب، الجوز، والاسفندان (شجرة العرب) وخشب الزان والموجانو (الأبيض والأحمر) ومن خشب الزعرور والصندل والأبنوس•
كان أفلاطون لا ينازعه أحد في فن العزف عليه، يؤثر في قلوب متلقيه كما يشاء، ويسكن حواسهم متى يشاء، يقود عواطفهم إلى البكاء مرة وإلى الفرح مرة ثانية، يسحرهم بنغمة فينامون ويطربهم بأخرى فيستيقظون، وكذلك كان الفارابي•
أسرار العود لبّت نداء اسحق الموصلي أشهر العازفين في العصر العباسي إلى جانب إبراهيم المهدي، فسلم مفاتيح تلك الأسرار إلى تلميذه زرياب وشد على أنامله، فسعت الشهرة إليه من أقصى الدنيا إلى أقصاها، بعد أن اهتدى إلى نظرية الزمن في تطوير تلك الآلة، ورحل زرياب لكنه ظل حاضرا بشهرته التي قلما حظي بها عازف قبله أو بعده•
كان العراق كلما أنجبت أرضه عازفا بارعا قالوا هو ذا زرياب، حتى أن العود اقترن منذ أقدم العصور بوادي الرافدين، وكأني أجد العراق اليوم في حدوده الجغرافية يأخذ شكل العود، لكنه عود لا يحتوي إلا على وترين اثنين امتدا إلى عمق التاريخ، هما دجلة والفرات، وتران لم يعزفا من الألحان والأنغام إلا حزينها، فأصبح الحزن عبر العصور توأما للعراق وزادا للعراقيين، كان سميرهم في زمن زياد بن أبيه ونديمهم في زمن الحجاج، وكان سلواهم عند غزو هولاكو لبغداد الرشيد، وعزاءهم في زمن الطاغية صدام وحرب الخليج التي مافتئت وحرب الحصار آثارها تفتك بالأطفال والشيوخ والنساء جوعا وموتا•
الفرح استوطن في الدموع والسعادة في الأنين، والحزن احتضن العراق الكبير الذي كلما أنشد لحنا بكى واستبكى، فكان دليله في مقام (العُشَيْران) جراح العاشق في زمن الحب، وفي مقام (النوا) نُواح المُغترب في زمن الأوطان، وفي (الصبا) تفيض دموع الثكالى، وفي (الحُجازين) الكبير والصغير لوعة مابعدها لوعة•
فأي رنين لا يطربنا أيها العود؟ وأي أنين لايوجعنا أيها العراق؟



#حسني_أبو_المعالي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد الحرية في ظل الاحتلال
- الإبداع والمدينة
- محنة العراق بين الإرهاب والاحتلال
- حدود اللون وآفاق الكلمة
- فضيحة أبي غريب أهون من فضيحة اختلاف الأطياف العراقية
- ليت شعري هذا العراق لمن؟
- هموم التشكيل وأوهام الحداثة
- جاهلية المسلمين في زمن الانفتاح والعولمة
- العراق تحت رحمة الحرية والحوار والديمقراطية


المزيد.....




- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني أبو المعالي - رنين العود أنين العراق