أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسني أبو المعالي - محنة العراق بين الإرهاب والاحتلال















المزيد.....

محنة العراق بين الإرهاب والاحتلال


حسني أبو المعالي

الحوار المتمدن-العدد: 1437 - 2006 / 1 / 21 - 08:23
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


طوبى لنا نحن العراقيين برجال أشداء عاهدوا الله والوطن علي تدمير هذا الوطن وحرق خيراته وتفجير بناه التحتية ونهب اقتصاده حتى لا يتمكن العدو المحتل ــ حسب ظنهم ــ من استثمارها واستغلالها لصالحه.
طوبى لنا برجال بسلاء أبت نفوسهم الشريرة وضمائرهم الميتة إلا أن يعملوا في الظلام تحت راية ما يسمي مجازا بالمقاومة، وهم أبعد ما يكونون عن المقاومة الشريفة، إذ يتوهمون بأنهم سيحمون العراق وأهله من الاحتلال والمحتلين بقتلهم لخيرة أبناء هذا الوطن من أطباء وشعراء وكتاب، عمال و شرطة ورجال قانون وفكر.
شكرا لكم، وأقولها علي لسان الشعب العراقي المقهور بأفعالكم التي لا تخدم سوى المحتل، أقولها بصفتي مواطنا عراقيا اكتوي بفجيعة مذابحكم التي قتلت فيمن قتلت أخي القاضي النزيه والمربي الكبير المفتش العام في وزارة التربية قبل وفاته، الشهيد مهدي أبو المعالي ونجله الشاب الودود المحامي الشهيد هاني أبو المعالي، لا لذنب سوى انهما فضلا خدمة الوطن بصمت، ورهانهما كان الثقة في انتصار الوطن، لا للمحتلين ولا للمخربين، أقول: نحن نصفق لكم بأشلاء قتلانا الأبرياء التي تتطاير وتتناثر في شوارع المدن العراقية كل يوم بفعل سياراتكم المفخخة وأحزمتكم الناسفة، شكرا لكم على شهامتكم الرجولية التي لا تضاهيها شهامة أخرى في العالم، عندما تتركون المحتل، العدو الحقيقي يسرح ويمرح، وتستهدفون أبناء جلدتكم من العزل، أطفالا ونساء وشبابا وشيوخا بحجة المقاومة، وشكرا لكم مرات ومرات لأنكم احتضنتم مجموعة من المرتزقة من الكفرة العرب والمدعين زورا بأنهم مسلمون وسمحتم لهم بأن يرتكبوا أفـظع الجرائم بحق الشعب العراقي الذي تنتمون إليه.
شكرا لكم لأنكم رفعتم اسم العراق إلي الهاوية عبر ممارسة الخطف والذبح الوحشي الهمجي للشخصيات المدنية، ورجال الأعمال ورجال الهيئات السياسية ورجال الصحافة، خصوصا مع النساء، عربا كانوا أم أجانب، تلك الممارسات اللاإنسانية والتي أساءت إلي سمعة العراقيين والعرب والمسلمين في الخارج بشكل لا نحسد عليه، فكل شعوب العالم العربي والأوروبي رفضت الحرب علي العراق ووقفت استنكارا وتظاهرت احتجاجا ضد أمريكا وحلفائها تضامنا مع العراق والعراقيين، فليس من الوفاء أن نتعامل مع أبناء تلك الشعوب بهذه الوحشية ونمارس فعل القتل معهم وهم ضيوف في بلادنا.
أما الاحتلال فقد مارس الإرهاب منذ الحصار الأمريكي الجائر على الشعب العراقي بعد حرب الخليج الثانية مارس الإرهاب منذ أول يوم دكت فيه طائراته أرض الوطن في الحرب الأخيرة، واستباحت صواريخه دماء الأبرياء الذين سقطوا صرعى وهم في بيوتهم آمنين، مارس الإرهاب عندما ترك اللصوص وقطاع الطرق والمرتزقة يعيثون في الوطن فسادا، بحجة الحرية الموعودة، وشجعهم علي سرقة أموال الدولة ودوائرها ومكاتبها وخاصة المتحف العراقي ولم يحافظ المحتل إلا علي وزارة النفط، الهدف الأساسي الذي جاء من أجله، مارس الإرهاب عندما كرس نظام المحاصصة الطائفية والعرقية في مجلس الحكم وبعدها في توزيع المناصب علي حساب الكفاءات العلمية والإدارية.
لا أحد يرضي بالاحتلال وقد جثم فوق صدورنا كأمر واقع مرير، فهو عنصر بغيض اقتحم أرضنا عنوة وأذل شعبنا بالرغم مما يقال عنه باعتباره جاء محررا من طاغية النظام السابق الذي له أكبر الفضل في مجيئ الاحتلال، ولكن بالمقابل لا يحق لنا أن نختلف علي جلائه بالاقتتال بيننا، فقد ذهب ضحية ــ حوار السلاح ــ المئات من أبناء هذا الشعب بشكل مجاني، وكأنه لا توجد وسائل أخري للحوار غير القتل والدمار، فقد اختلطت الأوراق بين ما يسمي بالمقاومة، وبين الفعل الإرهابي الذي تمارسه جهات مدفوعة من خارج الوطن أو من داخله، استهدفت الأبرياء من العراقيين، واستباحت دماءهم، عربا وأكرادا سنة وشيعة، صابئة ومسيحيين، فمن هو الإرهابي إذن ومن هو المقاوم؟
أستحضر هنا مثال تجربة المقاومة الإسبانية في زمن فرانكو، التي عرف عنها أنها كانت عندما ترصد العدو متحصنا في منطقة سكنية أو في كنيسة أو في متحف، كانت تتراجع حفاظا علي أرواح الأبرياء وحفاظا علي الممتلكات وبذلك كسبت ثقة الشعب الإسباني، وكذلك كسبت ثقة الشرطة الإسبانية التي أصبحت فيما بعد عمقا استراتيجيا للمقاومة بفضل حسن تصرف المقاومة الاسبانية، ونفس الأخلاقية مارستها المقاومة الجزائرية والمغربية ضد الاحتلال الفرنسي والليبية ضد الاحتلال الإيطالي و حتى المقاومة الفلسطينية ذات التجربة العريقة في ميدان القتال، لم تصطدم يوما بالسلطة الفلسطينية ورجالها بالرغم من مؤاخذاتها علي السلطة واختلافها معها، وفي تقديري فإن الجهة التي تستهدف الشرطة والجيش العراقيين والأبرياء من المواطنين وتفجر السيارات في الشوارع العامة بحجة مرور آليات عسكرية محتلة فيصاب جندي أمريكي واحد ويذهب ضحيتها عشرة مواطنين عراقيين، هي جهة لا تحمل صفة المقاومة الحقيقية طالما ترصد إخوانا لها في الوطن بالقتل العمد مع سبق الإصرار، وإن كان عن طريق الخطأ، إن الشرطة في كل العالم تمثل سلطة القانون التنفيذية وهي تعمل من أجل الحفاظ علي أمن المواطن من تجاوزات قطاع الطرق واللصوص والمحتالين وبدون هاتين المؤسستين إلي من سيلجأ المواطن العراقي في حالة الفوضى؟
والغريب أن نجد نسبة ضحايا الشعب العراقي بسبب التفجيرات والسيارات المفخخة أعلي بكثير من ضحايا المحتلين، فمن المخجل بمكان أن نسلط بنادقنا إلي صدور أخوتنا وأبنائنا في الوطن شرطة كانوا أم غير ذلك، عندما لا نتمكن من تسليطها إلي صدور المحتلين الغزاة.
وسواء" كان لرواية أبو مصعب ألزرقاوي أساس من الصحة أو لم يكن فإن الصحيح الذي لا يقبل الشك هو أن العراق مستهدف شعبا ووطنا من قبل جهة أو جهات مختلفة تعمل بوعي وتخطيط كبيرين في اتجاه خلق مناخ يساعد علي إغراق الوطن الغالي في حمامات من الدم علي يد أبنائه بعيدا عن مواجهة العدو المحتل، وصولا إلي حرب أهلية يواجه فيها العراقي صراعا عنيفا مع أخيه العراقي، وذلك من خلال دق إسفين الفتنة في هيكلة وحدته وزرعها بين أطيافه وطوائفه خصوصا بين السنة والشيعة، وما عمليات الاغتيالات وكذلك تفجير بعض المساجد والحسينيات إلا دليلا واضحا علي تنفيذ هذا المخطط الرهيب الذي دفع الكثير من الأبرياء من دمائهم وأرواحهم ثمنا رخيصا من جراء تلك الأحداث الأليمة ومازال في الأفق بقية.
إن جهلنا بالدين عبر ممارسات الأحزاب الطائفية جعلت المواطن العراقي فريسة سهلة لخصومنا فمن غير المنطق اختصار أفق رسالة الإسلام العظيمة في نفق الانتماء الشيعي أو السني الضيق، ومن غير المعقول أن نجعل المسائل الفرعية تحتل مقام المسائل الأساسية وأن نتمسك بالوسائل علي حساب الغايات، وأعتقد بأن كل من يستثمر الطائفية لأغراض سياسية فإنه لا محالة يسيء إلي الإسلام، ولعمري إن ما يجري في العراق اليوم ليس له علاقة بالدين ولا بالمقاومة، وإنما هو صراع علي السلطة وسباق لكسب المناصب بعيدا عن هموم الشعب العراقي.
لقد ساهمت العديد من القنوات الفضائية العربية - الأصولية والقومية -بشكل مقصود، للأسف، في ترويج الصراع الطائفي في العراق، واتخذت من جراح العراقيين مادة دسمة لتسويق برامجها، وإن كانت علي علم مسبق بأن مثل تلك البرامج ليست سوي معاول هدم لا تزيد العراق إلا خرابا كبيرا ولا العراقيين إلا جراحا أكبر، فعملت علي استضافة عناصر متطرفة من السنة والشيعة في إطار مواجهات كلامية واهية فيها من المهاترات والمزايدات أكثر ما فيها من النصح والإرشاد لتوحيد الصفوف، وعملت علي وخز تلك الشخصيات بمسامير التفرقة من أجل استشاطتها أمام الملايين من المشاهدين الذين رأي البعض منهم ــ الأكثر تخلفا والأشد مغالاة في الانتماء الطائفي من الجانبين ــ فرصة للتعبير عن هذا الانتماء بطرق سلبية وعدوانية.
نحن في ظل التكتلات الدولية التي أصبحت معها كل أوربا بمختلف أجناسها وقومياتها واختلاف لغاتها ومذاهبها دولة ذات عملة واحدة وسوق تجارية واحدة وربما حتى سياسة واحدة، لم نتمكن من توحيد صفوف شعب واحد لا يتجاوز عدد سكانه بضعة ملايين، إن المحنة الحقيقية التي نعيشها هي أننا نعلم علم اليقين بأن هناك محاولات كثيرة من قبل أطراف لا تتمنى الاستقرار للعراق تعمل باتجاه استدراجنا، إلي حلبة المصارعة لنتقاتل كالإخوة الأعداء، من أجل أن تتسلى بدمائنا وهي تسيل أنهارا، ونحن في مثل حالتنا المتوترة والمتشابكة هذه نشجعهم علي ذلك، فالجميع يتحمل وزر ما آل إليه عراقنا الغالي من هذا الوضع المتردي.
إن المسؤولية الكبيرة اليوم تقع علي عاتق القادة وأصحاب القرار السياسي والديني ورجال الثقافة وستكون مسؤولياتهم أمام الله جسيمة لو لم يتداركوا الأمر سريعا لوقف هذا الزحف (حرب الطائفية) الذي سيشعل نار الفتنة علي رؤوس الجميع ويعمل علي بلقنة العراق وتمزيقه، فعقلاء القوم في كل مجتمع هم الرأسمال الحقيقي لذلك المجتمع، فإما أن يوصلوه إلي بر الأمان وإما أن يرسلوه إلي الهلاك.
دعونا نفكر ونعمل بجدية أكثر من أجل الوطن قبل أن يضيع سدي، بعيدا عن الانتماءات العرقية والطائفية والحزبية وبعيدا عن المناصب والمكاسب الشخصية، دعونا نتحاور بالتي هي أحسن رحمة بالمواطن العراقي المقهور، دعونا نجد صيغة حضارية لممارسة الحوار البناء من أجل السلام والحرية والديمقراطية، وهذه ليست دعوة لمذهب جديد، إنها استغاثة صوت الوطن، صوت الشعب الذي تعب من المحن والحصارات والحروب علما بأن الاحتلال لن يزول إلا باتحادنا وبتماسكنا وبتكاتفنا، وسيبقي ويستمر بالبقاء مستفيدا من خلافاتنا وتمزقنا، ولا سبيل للعراقيين في الخلاص من مأزقهم المر في ظل ظروف الشدة سوي بالوحدة الوطنية.
رحم الله شهدائنا الأبرار



#حسني_أبو_المعالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود اللون وآفاق الكلمة
- فضيحة أبي غريب أهون من فضيحة اختلاف الأطياف العراقية
- ليت شعري هذا العراق لمن؟
- هموم التشكيل وأوهام الحداثة
- جاهلية المسلمين في زمن الانفتاح والعولمة
- العراق تحت رحمة الحرية والحوار والديمقراطية


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسني أبو المعالي - محنة العراق بين الإرهاب والاحتلال