أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالخالق حسين - فوز حماس في صالح العلمانية والديمقراطية!















المزيد.....

فوز حماس في صالح العلمانية والديمقراطية!


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1444 - 2006 / 1 / 28 - 10:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


لست مازحاً ولا متهكماً بالعنوان أعلاه، بل هو الحقيقة بعينها. ولا أعني أن حماس حزب علماني، بل إني عارف تمام المعرفة أن حماس حزب إسلاموي حد النخاع، وكأي حزب إسلاموي، دستوره القرآن وشعاره (الإسلام هو الحل) ومن برنامجه تحرير فلسطين من النهر إلى البحر ويعتبر العلمانيين كفرة ضد الدين يجب قتلهم أو يعلنوا التوبة ويعودوا إلى الإسلام رغم أن العلمانيين ليسوا ضد الأديان.

انتصار الديمقراطية
في البدء، أود أن أهنئ الشعب الفلسطيني المناضل على نجاحه في خوض الانتخابات بمنتهى الحرية والهدوء وفي جو مفعم بالأمن. فقد عبر الشعب الفلسطيني عن رأيه بإرادته الحرة، وعلى العالم احترام هذه الإرادة. إذ تفيد الأنباء أن "حركة حماس حققت فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ووفقا للنتائج الأولية (والنهائية) حصلت حماس على 76 مقعدا في البرلمان الفلسطيني مقابل 43 لفتح، الأمر الذي وفر لحماس الأغلبية في المجلس النيابي الذي تبلغ عدد مقاعده 132 مقعدا. وقد بلغ معدل الاقبال على مراكز الاقتراع 77 بالمئة." وهذا بحد ذاته نصر للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ودليل على أن الديمقراطية بدأت تثبت أقدامها والناس صاروا يؤمنون بصناديق الاقتراع واحترام نتائجها بدلاً من الرصاص في تعبير عن إرادتهم وتحقيق أهدافهم السياسية. كما وأتمنى على العرب أن لا يطعنوا بشرعية هذه الانتخابات بحجة أنها جرت في ظل الاحتلال الإسرائيلي كما هو ديدنهم مع الانتخابات العراقية. فقد أثبت التاريخ أن الانتخابات في البلاد العربية في ظل الاحتلال تكون أكثر نزاهة وشرعية ومصداقية من تلك التي تجري في ظل الحكومات الوطنية الثورجية، صاحبة الفوز بنسبة 99.99%.

ولكن لماذا يعتبر فوز حماس انتصاراً للعلمانية؟
إن أهم وسيلة لكشف الأحزاب الإسلامية في البلاد العربية وغيرها على حقيقتها هو أن تتسلم هذه الأحزاب مقاليد الحكم من أجل وضعها أمام الأمر الواقع وجهاً لوجه ولتعرف كما وصفهم الدكتور شاكر النابلسي بالحكمة الشعبية "أن الذي يده في النار، ليس كمن يده في الماء." وليواجهوا الشعب فيما إذا كانوا فعلاً قادرين على حل مشاكله. ففي صباح يوم 26/1/2006 وأنا أستمع إلى تقرير من مراسل بي بي سي، وهو يسأل إحدى السيدات الناخبات في قطاع غزة، لمن أعطت صوتها؟ فأجابت (لحماس). ولما سألها (لماذا حماس وليس فتح)، أجابت السيدة بإنكليزية جيدة وباندفاع وحماس وثقة، أنه طالما حركة حماس هي حركة إسلامية، لذا فلديها القدرة والحل الصحيح، ليس للقضية الفلسطينية فحسب، بل ولجميع مشاكل العالم التي تعاني منها شعوب الأرض!! فإذا تحقق الحكم الإسلامي فإنه لقادر على حل جميع مشاكل العالم!! هذه الفكرة مغروسة ليس في عقل تلك السيدة الفلسطينية فقط، بل وفي عقول جميع الذين يؤيدون الأحزاب الإسلامية في العالمين، العربي والإسلامي. كما يجب أن نعرف أنه ليس بالإمكان إقناع الناس خلاف ذلك إلا بالطريقة العملية وذلك بتسلم الأحزاب الإسلامية للحكم لنرى كيف يحلون مشاكل العالم. ولا شك فإن المشاكل التي تعاني منها الشعوب العربية عامة والشعب الفلسطيني بخاصة، ليست هينة وليس بإمكان الأحزاب الإسلامية حلها بعصا سحرية كما يدعون، بل ونتيجة لديماغوجيتها واعتمادها على المتافيزقيا والحلول الطوباوية، فإنها ليست محكومة بالفشل في حل هذه المشاكل فحسب، بل وستفاقم منها، وأفضل مثال هو السودان وإيران وما آلت إليه أفغانستان في عهد طالبان. وبذلك سوف يتأكد الناخبون أن الشعارات التي رفعتها (حركة حماس) والتي اجتذبت إليها الملايين، ما هي إلا شعارات ديمغوجية وعاطفية وخيالية غير قابلة للتطبيق والتنفيذ على أرض الواقع. لذلك أعتبر فوز حماس انتصار للعلمانية والديمقراطية على حد سواء لأن حماس ستفشل في هذا الامتحان القاسي ما لم تتخلى عن شعاراتها الخيالية وتقبل بسياسة الأمر الواقع وهو في أغلب الأحوال ما نتوقعه، وإذا حصل فهذا يعني أن حركة حماس ستتحول إلى العلمانية الديمقراطية أو تختفي بعد سنوات.

إن فوز حماس كان نتيجة حتمية لمنطق التاريخ. كل شيء يؤدي إلى شيء آخر، والخطأ يصحح نفسه تلقائياً عن طريق مبدأ الإختيار الطبيعي والبقاء للأصلح ولكن بثمن باهظ يدفعه الناس من أرواحهم وأموالهم. إن شعبية الإسلامويين ناتجة عن فساد أحزاب التيار القومي العروبي الذين بقوا في الحكم لمدة طويلة. وفساد هؤلاء ناتج عن غياب الديمقراطية والنقد. فكما يقول برتراند راسل " السلطة تُفسد، والسلطة المطلقة تُفسد إفساداً مطلقاً". وفتح تنظيم ثوري عروبي وعلماني بقي في السلطة مدة طويلة أصابه الفساد إلى أن تعفن. ونظراً لبقائه في حكم الضفة والقطاع لفترة طويلة دون أن يكون قادراً على حل المعضلة الفلسطينية، إضافة إلى استشراء الفساد في مفاصل هذا الحكم بشكل يزكم الأنوف أسوة بالحكومات العربية العلمانية الأخرى، لذا توجهت الشعوب العربية إلى الأحزاب الإسلامية التي ملأت الدنيا خطباً وصخباً ليل نهار تسب الفساد والفاسدين وتوعد الجماهير بأنها سوف تملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً من قبل العلمانيين، لذلك وضعت الناس كل بيضهم في سلة الأحزاب الإسلامية ولسان حالهم يقول، لننتخب الإسلاميين ونجرب حظنا ماذا سنخسر غير حكومات فاسدة. لذا فالمرحلة هي مرحلة الإسلامويين ويجب أن يأخذ هؤلاء دورهم، وكأصحاب آيديولوجية شمولية، فلا بد من أنهم سيفشلون كما فشلت الآيديولوجيات الأخرى، القومية والشيوعية من قبل، ولا بد أن يأتي بعد هؤلاء دور العلمانيين الديمقراطيين والليبراليين. لذا، ففي انتصار الإسلاميين تعجيل لقدوم العلمانيين.
قلت في مناسبة سابقة أن العقل الجمعي للشعب دائماً على حق حتى وإن بدا لنا هذا "الحق" خطأًً. إذ يجب أن نعرف مسبقاً أنه ليست هناك حقيقة مطلقة وأن الحقيقة نسبية وكما يصفها الوردي أشبه بالهرم، لها عدة وجوه، ونحن نرى وجهاً واحداً فقط من الهرم ولا يعني أن ليس للهرم وجوه أخرى، فهناك غيرنا واقف أمام الوجه الآخر لهرم الحقيقة وهو أيضاً يعتقد أن لا يوجد وجه آخر. فمن حق الشعب أن يختار الحزب الذي يعتقد به وفيه خلاصه، وإذا كان على خطأ فمن حق الشعب أن يخطأ، وإذا كان فعلاً على خطأ فهو مستعد لتحمل نتائج أخطائه ودفع الفاتورة. يجب أن نعرف أن هتلر جاء عن طريق الانتخابات الديمقراطية، وإذا كان الشعب الألماني على خطأ فقد دفع الثمن باهظاً مع الشعوب الأخرى التي تعرضت لعواقب هذا الخطأ. وهذه هي الطريقة الوحيدة في هذه المرحلة التاريخية من التطور الاجتماعي التي تتعلم بها الشعوب والأحزاب لعبة الديمقراطية ويحصل التقدم، أي عن طريق التجربة والخطأ trial and error.

خسارة فتح فائدة لها
كذلك هناك فائدة كبرى أخرى من فوز حماس، ألا وهو أن تعيد منظمة فتح النظر في سياساتها وقياداتها وتتعلم الدروس والعبر من إخفاقاتها وتصلح ذاتها. فالشعب الفلسطيني ينظر إلى إدارة فتح طيلة هذه المدة أنها إدارة فاسدة نتيجة لغياب الديمقراطية وغياب النقد وحرية التعبير لفضح الفاسدين كما أسلفنا. والآن شاءت الديمقراطية أن تضعهم في المعارضة وتضع حماس، المعارضة بالأمس، في موقع السلطة والمسئولية اليوم، وكل جانب يتعلم الدرس جيداً. وبهذه الطريقة ولعلها الوحيدة، التي يتعلم الشعب من خلالها لعبة الديمقراطية، وبهذه الطريقة أيضاً، تتعلم فتح العلمانية، دروس الديمقراطية وكيف تتخلص من الغرور والفساد وأن الشعب الذي انتخبهم بالأمس هو نفسه الذي رفضهم اليوم وكذلك يمكن أن يرفض حماس غداً إذا فشلت هذه في تحقيق ما وعدت به.
وحسناً فعل قادة فتح برفضهم المشاركة في تشكيل الحكومة مع حماس. لأنه من المفيد أن تتحمل حماس المسئولية لوحدها طالما فازت بأغلبية المقاعد في البرلمان (76 من 132)، وبذلك تجد نفسها أمام الأمر الواقع لتتحمل وحدها نتائج وعواقب قراراتها. كما وإن قواعد اللعبة الديمقراطية تحتم وجود معارضة في البرلمان لمراقبة أعمال السلطة ومحاسبتها على أخطائها، وبذلك يمكن فضح الأخطاء ومحاسبة المسئولين عنها. كذلك يمكن لحركة فتح أن تستغل هذه الفرصة وهي في المعارضة فتبدأ حملتها الانتخابية من الآن وإصلاح نفسها لخوض الانتخابات القادمة بعد أربع سنوات.

حماس أمام امتحان
تعتبر حركة حماس منظمة إرهابية من قبل الدول الأوربية والولايات المتحدة وإسرائيل وذلك لتبنيها سياسة العنف الثوري وإلغاء إسرائيل من الوجود. ولكنها وصلت إلى الحكم عن طريق إرادة الشعب من خلال صناديق الاقتراع. وهكذا شعارات لا تتناسب مع عالم اليوم المتحضر والذي يخوض حرباً ضروساً على الإرهاب. كما ويسعى العالم، وخاصة أوربا وأمريكا، إلى مساعدة الشعب الفلسطيني في حل صراعه مع إسرائيل بالطرق السلمية وإقامة دولته المستقلة لتعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل بسلام. وقد أشاد زعماء العالم بمن فيهم الرئيس جورج بوش بالانتخابات الفلسطينية ونجاح الديمقراطية. ولكن في نفس الوقت ناشدوا حماس أن تعيد النظر في شعاراتها وأن تدين العنف وتتخلى عنه واعتماد العمل السياسي السلمي في حل القضية الفلسطينية وإلا لا يمكن التعامل معها.
ويبدو أن الجيل الجديد من قادة حماس أدركوا هذه الحقيقة، أن الشعارات الديماغوجية لن تجلب على الشعب الفلسطيني سوى الكوارث. لذلك أطلقوا تصريحات واعدة، القصد منها الخروج من هذا المأزق مع الحفاظ على ماء الوجه. فقالوا نحن في هدنة مع إسرائيل لمدة عشر سنوات من الآن. وهذا يعني أنهم يعرفون جيداً أنه خلال العشر سنوات القادمة ستصبح هذه الشعارات بالية وفي خبر كان.
كذلك بدأ بعض المسئولين في حماس يهيئون الجو للتراجع عن شعاراتهم من الآن من أجل الانخراط في العمل السياسي السلمي. لذا فوضع حماس في الحكم وموقع المسئولية هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها فطام هذه الحركة من شعاراتها الخيالية وتخليها عن العنف وتبنيها الديمقراطية وسياسة الأمر الواقع، وليس فقط تبني الديمقراطية للوصول إلى السلطة ثم التنكر لها.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيحاء ضحية نجاحها
- على هامش مؤتمر المغتربين العراقيين في اوربا
- لماذا حكومة الوحدة الوطنية في العراق؟
- أحمدي نجاد والأسد على خطى صدام حسين
- المرشَّحان المناسبان للداخلية والدفاع في العراق
- نتائج الانتخابات العراقية والاستقطاب الطائفي
- بلاد العرب أوطاني!! مجزرة اللاجئين السودانيين في القاهرة مثا ...
- الأخوان المسلمون في ضوء نتائج الانتخابات المصرية
- نتائج الانتخابات العراقية بين الرفض والقبول
- البقاء للأصلح..الديمقراطية مثالاً
- لا استقرار في المنطقة إلا بزوال النظامين الفاشيين، الإيراني ...
- التجربة الديمقراطية في العراق
- دور المنافقين في صنع المستبدين
- المقاومة والإرهاب وجهان لعملة واحدة فاسدة
- ماذا يعني البعث في ذاكرة العراقيين؟
- مؤتمر القاهرة يخدم أعداء العراق
- رسالة من العراق إلى أنظار حكومتنا الرشيدة
- مؤتمر الأقباط العالمي الثاني انتصار للمظلومين
- إقرار الدستور إنتصار لكل العراقيين
- ماذا هيأتم للانتخابات القادمة؟


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالخالق حسين - فوز حماس في صالح العلمانية والديمقراطية!